İnsan Dini
دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني
Türler
Skala Shiva ، حيث تعني سكالا القمر التام والبدر الكامل الأجزاء، أما السفلي فيدعى شيفا نشكالا
Nishkala ، حيث تعني نشكالا القمر الفاقد الأجزاء أو المظلم. فشيفا العلوي والحالة هذه هو المطلق المتحقق في الزمان والمكان، وشيفا السفلي هو المطلق المفارق، الهاجع الساكن؛ جملة الإمكانات الخبيئة؛ ولهذا يبدو الشكل العلوي في هيئة الإنسان الصاحي، فهو في حالة التحقق لاتصاله بطاقته الذاتية الصادرة عنه، وهي الطاقة التي تجسدها الإلهة التي تقوم فوقه، والتي تعين الإله على إظهار نفسه على أنه الكون. أما الشكل السفلي فيبدو مغمض العينين مسترخيا غائبا عن الوعي؛ ذلك أن المطلق في استقلاله عن القوة هو فراغ ومفارقة مطلقة.
إن الأشكال الثلاثة المتوضعة فوق بعضها في جزيرة الدرر، يمكن قراءتها من الأسفل إلى الأعلى أو بالعكس؛ فشيفا الهاجع السفلي هو الجوهر القدسي في حد ذاته ولذاته، أما شيفا الصاحي العلوي فهو المطلق في حالة إظهار إمكاناته غير المحدودة على التمايز وإظهار نفسه على أن الكون. وهذا الكون هو مايا-شاكتي المتربعة فوق الاثنين، قدرة الإله على تشكيل المادة، وعالم المادة نفسه أيضا؛ وبذلك يتجلى المطلق عبر ثلاث مراحل، من العطالة التامة والفراغ، إلى التمايز الدينامي والحركة الشاملة. غير أن هذه المراحل الثلاثة، ينبغي ألا تظهر لبصيرة السالك في استقلالها وتتابعها إلا مؤقتا؛ ذلك أن العرفان الأعلى هو الذي تتبدى فيه الأطوار الثلاثة كجوهر واحد. فالحقيقة هي خواء وامتلاء، كل شيء ولا شيء في آن معا. ومن خلال التركيز على هذه الحقيقة، يتوصل العارف إلى اكتشاف تطابق ذاته الفردية أتمان مع الذات الكلية براهمن. أما قراءة هذه الأيقونة من الأعلى إلى الأسفل، ابتداء من الأم الكبرى شاكتي، فيؤدي إلى النتيجة نفسها، ولكن ابتداء من ملاحظة ظواهر الطبيعة والقوة المنبثة في هذا العالم (مايا). ولكن تركيز الوعي على عالم الظواهر هذا ما يلبث أن يقود السالك إلى الخروج من ذاته، والانطلاق من الوعي الفردي القائم على الخبرة المباشرة للحواس، إلى الوعي الكوني الذي يمثله شيفا الصاحي، وأخيرا إلى الاستغراق في شيفا الهاجع، حيث الصمت المطلق، وانعدام الفكر والعمل.
إلى جانب هذه الأعمال التشكيلية من رسم ونحت، هناك أشكال تخطيطية تجريدية لا وجود فيها إلا للخطوط والأشكال الهندسية، تدعى يانترا
Yantra ، وتستخدم في تقنيات الاستغراق الداخلي
Meditation ، من شأنها أن تعين البصيرة الداخلية لمتأملها على الوصول إلى مستويات أعمق للإحساس بالوجود الإلهي المجرد. وهي بإزاحتها لكل الأشكال المشخصة الشفيعة، تضع السالك وحيدا أمام الحضرة الكبرى، حيث لا وسيط ولا شفيع يفصل بينهما. من هذه الأشكال، اليانترا المعروفة باسم
Shri Yantra ، وترسم على طريقة المندالا؛ أي إنها تتألف من عدة مستويات تتدرج من محيط الدائرة إلى مركزها. والوحدة الأساسية للرسم هنا هي المثلث الذي يتكرر في وضعيتين؛ فهناك خمسة مثلثات رأسها نحو الأعلى، تتداخل مع أربعة مثلثات رأسها نحو الأسفل. وهذا التداخل يعطي لعين الناظر انطباعا بتماوج حركتين؛ حركة صادرة من المركز نحو الأطراف، وأخرى مرتدة من الأطراف نحو المركز، فيما يشبه انطباع الحركة المتناوبة الذي تتركه دائرة اليانغ-ين الصينية. ولكن بينما تعطي دائرة اليانغ-ين انطباعا بتناوب دوراني، فإن دائرة اليانترا هذه تعطي انطباعا بتناوب نبضي، مع تركيز أقوى على التوتر الذي يخلقه خداع النظر الذي يولده تداخل المثلثات. تمثل المثلثات الخمسة المتجهة رءوسها نحو الأعلى القوة الكونية الأنثوية، أما المثلثات الأربعة المتجهة نحو الأسفل فتمثل القوة الكونية الذكورية. والأشكال التسعة في حركتها وتداخلها، تعبر عن التكشف التدريجي لممكنات المطلق الساكن، من خلال حركة القطبين السالب والموجب المتولدين عنه، واللذين يعطيان بحركتهما هذه مظاهر العالم الحيوي والمادي. ونلاحظ هنا أن المطلق نفسه لم يشر إليه في الشكل بأي رمز من الرموز، فهو النقطة المتلاشية عند المركز، حيث تنطفئ الحركة المرتدة، أو تبدأ الحركة الصادرة.
بعد هذه الجولة في الميثولوجيا والفنون الهندية، بحثا عن الوحدة في الشتات الظاهري للمعتقدات الهندوسية، لا بد لنا من التوقف عند ذروة الفكر الفلسفي والديني الهندي، وأعني بها كتاب الأوبانيشاد. ولسوف يرجع بنا تقليب صفحات الأوبانيشاد من القص الأسطوري إلى التأمل الذهني مرة أخرى. (1) الأوبانيشاد، حكمة الهند الخالدة
في التصوف الإسلامي، هناك تمييز بين نوعين من المعرفة؛ يطلق على الأول علم السطور والثاني علم الصدور. يؤخذ علم السطور عن الكتب ويكتسب بالدرس والتعلم وتحصيل المعلومات، أما علم الصدور فيجري نقله عبر الأجيال من الشيخ إلى مريده دونما حاجة إلى رقاق وكراريس؛ لأن هذا العلم مختزن في صدور أهله لا يباح به إلا لمن هو أهل لتلقيه. وهذا هو بالضبط ما تشير إليه تسمية الأوبانيشاد، فالكلمة تعني المعرفة القريبة؛ أي تلك التي يجري تلقينها عن قرب من المعلم (= الغورو) إلى السالك في طريق الانعتاق.
يعود الأوبانيشاد إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وهو يختتم الأسفار المقدسة التقليدية المعروفة بالفيدا، والتي تشكل نخاع الديانة الهندوسية. ويتألف الكتاب من أحد عشر سفرا صاغها حكماء متفرقون، ولكنها تنتظم في سياق فكري واحد؛ فهي تأملات عميقة في النفس الكونية براهمان وفي النفس الإنسانية أتمان. ويطلق على كل سفر من هذه الأسفار اسم أوبانيشاد مضافا إليه الاسم الخاص بالسفر؛ مثل كين- أوبانيشاد، وإيش-أوبانيشاد. ورغم صغر هذا الكتاب مقارنة بأسفار الفيدا السابقة عليه، إلا أن تأثيره على فكر الهند كان أقوى من تأثير أي كتاب آخر.
Bilinmeyen sayfa