الأحاديث للنبي ﷺ، وهي صادقة في ذلك، وحاشاها أَنَّ تدعي ذلك نصرة لرأيها، وليس فيما رفعته للنبي ﷺ أي إشكال بحمد الله:
أما قولها إن النبي ﷺ قال: "إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا"، فهذه قصة أخرى لا علاقة لها بحديث عمر بن الخطاب، وابنه، ﵄، ولا تعارض بينهما، بل ما ذكرته هو حقيقة كل من مات على الكفر؛ فإنه يُعذب في قبره سواء بكى عليه أهله أم لا، بل إن تعذيب الكافر في قبره يُعد من الأمور المسلمة التي تضافرت النصوص على إثباتها.
وأما قولها إن النبي ﷺ قال: "إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، فهذا الحديث على مذهبها يكون معارضًا للآية؛ لأن فيه زيادة في عذاب الكافر بسبب ذنب غيره، والحق أَنَّ هذا الحديث موافق لحديث عمر، وابنه، ﵄، وليس هو مخالفًا له؛ لأن حديثهما عام يشمل كل ميت، وأما حديثها ففيه ذكر بعض أفراد هذا العام، والتنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص، كما تقدم. (١)
ثانيًا: مذهب الجمع بين الآية والأحاديث:
ذكر أصحاب هذا المذهب عدة تأويلات للجمع بين الآية والأحاديث، وهي في جملتها لا تخلو من تكلف، غير أَنَّ من أقواها القول الرابع، والخامس، والتاسع، وقد ذكرت الإيرادات والاعتراضات التي أوردت على كل قول، ومما يمكن إضافته هنا من إيرادات:
أولًا: مذهب الإسماعيلي وابن حزم:
هذا المذهب يَرِدُ عليه:
١ - أنه خلاف الظاهر والمتبادر من الحديث.
٢ - أَنَّ هذا القول فيه تخصيص لعموم الحديث؛ إذ يلزم منه أنه لا يعذب إلا من كانت له أعمال يستحق عليها العقوبة، والحديث كما تقدم لفظه عام ولا يصح تخصيصه إلا بدليل.