Nurların İkisi Osman bin Affan
ذو النورين عثمان بن عفان
Türler
أما في البادية فقد كان الحساب كله على شريعة الثأر والانتقام وإغارة القبيلة الكبيرة على القبيلة الصغيرة، وكان الغالب على الفرد أن يعيش في كنف قبيلته، تحميه إن استطاعت، أو تخلعه إن عجزت عن حمايته. وقد شاع في العصور الحديثة كلام كثير عن الحرية البدوية، ولم تفهم على حقيقتها مع كثرة الكلام فيها، فما كانت الحرية البدوية قط قائمة على حق إنساني تحميه الشرائع والآداب، ولكنها كانت أشبه شيء بانطلاق المادة حيث لا عائق لها مما حولها، ومثل هذه الطلاقة طلاقة العصفور في فضائه، والحيوان الآبد في صحرائه، طلاقة المادة حيث لا حواجز ولا سدود.
وأما الحكومات التي قامت في الجزيرة العربية، على نحو من نظام الملك والإمارة، فقد كانت شريعتها - على خلاف المظنون - طغيانا مطلقا من جميع القيود، وكان بعض ملوكها يتخذ من أهوائه ونزواته شعائر يدين بها الناس في مسائل الحياة والموت، فكان المنذر بن ماء السماء يجعل له يوم نعيم ويوم بؤس، ويقتل كل من يسوقه إليه الحين في يوم ولو كان عابر طريق، وكان يسكر ويأمر بالقتل فينفذ لساعته، ولا يدرى بعد إفاقته فيم كان هذا العقاب إن صح أن يسمى بالعقاب، وحدث أن حجر بن الحارث فرض على بني أسد إتاوة ثقيلة؛ فتمردوا عليها فاستباح أحياءهم، واعتقل رؤساءهم، وأقسم ليقتلنهم بالعصا؛ هوانا بهم عنده أن يقتلهم بالسيف أو السلاح، فسموا من أجل ذلك بعبيد العصا، وقال شاعرهم عبيد بن الأبرص يستشفع فيهم:
ومنعتهم نجدا فقد
حلوا على وجل تهامه
إما تركت تركت عف
وا أو قتلت فلا ملامه
أنت المملك فوقهم
وهم العبيد إلى القيامه
وكان عمرو بن هند يكلم الناس من وراء ستور، وكانوا يضربون المثل بكليب وائل في عزته، فيقولون عن العزيز البالغ في العزة: «إنه أعز من كليب وائل» ... لأنه كان يحمي الكلأ فلا يقرب حماه، ويمر بالمكان يعجبه فيرمى عنده بكليب وينادى بين القوم: إنه حيث بلغ عواؤه كان حمى لا يرعى ... وكانوا يقولون: «لا حر بوادي عوف»؛ لأنه كان من عزته يقهر كل من حل بواديه، فكلهم عنده كالعبيد.
وأقبح من ذلك ما روي عن عمليق ملك طسم وجديس، فإنه كان يأمر ألا تزف الفتاة إلى بعلها قبل أن تزف إليه، وفي ذلك تقول إحدى هؤلاء الفتيات:
Bilinmeyen sayfa