ففي كل غفار خلال ذميمة
وأخلاق نذل ساقط الأصل داعر
أباظة أسمى منكمو في نجارها
وأندى أكفا في صلات العشائر
وأذكر أنني كنت في صباح ذلك اليوم واقفا بجانب أبي، وهو يحلق ذقنه في حجرته على عادته، ولم يكن عندنا أي فكرة طبعا عما حدث لأحمد باشا، وإذا بالتليفون يضرب ويخرج إلى أذني صوت أحمد باشا عنيفا، ودون تحية الصباح، ودون أن يسألني من أنا، فقد كان يعرف صوتي من كثرة ما أجبته في التليفون: «فين أبوك؟»
وأعطيت السماعة لأبي، وظل صوت أحمد باشا يصل إلى أذني، وكأنني أضع السماعة على أذني: «إنت باعت لي الواد بتاعك يشتمني على الصبح.»
وعجب أبي وقال: «واد مين؟»
وروى أحمد باشا لأبي القصة، ولم يكن محتاجا أن يؤكد أبي له أنه لا يعرف شيئا عن هذه الحكاية، ولكن أحمد باشا قال له: «دي أخرة تدليعك للعيال الشعرا بتوعك دول.»
وراح أبي بعد أن وضع السماعة يضحك، ويضرب كفا بكف، وهو يقول لنا في مرح ضاحك: «بس أنا مالي! ما دخلي أنا؟»
ورحنا نحن أيضا نضحك مما فعله الشاعر عبد الحميد، وبما أنني رويت عنه، فإنني أحب أن أثبت هنا ما وصلت إليه في شأنه. لقد كان هذا الشاعر يستعذب الفقر والصعلكة. وكان يخشى أن يجري المال في يده فلا يقول شعرا. وهو فعلا لا يستطيع أن يجيد إلا في شكوى الزمن، أسمعه يقول:
Bilinmeyen sayfa