أحرام على بلابله الدو
ح حلال للطير من كل جنس؟!
وكنت أدعى للمؤتمر السنوي لحوار الأديان الذي يعقد في روما كل عام، وأجد عز الدين إبراهيم من مصر، وزين العابدين السماك من لبنان، نجتمع فيما بيننا ونتحاور؛ فلا حوار مع الآخر إلا لمن هو قادر على الحوار مع النفس أولا، ونصلي، ثم نسير بالشموع في الطريق الطويل المؤدي إلى الفاتيكان، وبعدها تعقد عدة ندوات. ورأيت مرة شيخ الأزهر حاضرا في وفد رسمي؛ فقد حول الأزهر نفسه إلى كهنوت إسلامي. وأنا حاضر كالعادة في لاهوت التحرير والعقيدة والثورة أمام دهشة المسلمين واستعجاب المسيحيين. وبعد عمر طويل في حوار الأديان أدركت أن الهدف البعيد هو الإقلال من التوتر بين الاستعمار والتحرر، بين الغرب والإسلام باسم الدين، التخفيف من العداوة بين الشعوب المتحررة حديثا والشعوب الاستعمارية القديمة. تأتي المبادرة من القوي، وليس من الضعيف، وليس على الضعيف إلا مصافحة اليد الممدودة وإلا اتهم بالتعصب والإرهاب. ويتم ذلك على مستوى الشكليات، أداء الشعائر، حمل الشموع، المسيرات، الغناء، حشد الجماهير وكأنها مظاهرة إسلامية. فإذا ما طلبت أن يتحول ذلك إلى مساعدة الفقراء والمساكين واليتامى وتخصيص بعثات تعليمية، وفك الارتباط بين التبشير والاستعمار كان ذلك سياسة، والحوار لا سياسة فيه. يبدأ الحوار مع المحتاجين حتى تمد لهم يد العون وبالتالي قد يحدث تحول في الاعتقاد كما حدث لعبد الجليل المسلم الجزائري الذي تحول إلى راهب مسيحي لاعتباره مكتشفا للحقيقة. وقد تكرر نفس الشيء مع محمد عثمان السوري الذي كان باحثا بالمركز الوطني للبحث العلمي في باريس والذي قضى حياته في دير الآباء الدومينكان لنشر «الفتوحات المكية» لابن عربي، نشرة جديدة موثقة في عشرات المجلدات كي يعرف مزايا الرهبنة.
ولما أتى رئيس وزراء تركيا السابق مع داود أوغلو وكنت أعرف الاثنين من القاهرة، وأساهم معهما في الانتقال من التوجه نحو الغرب، حلف الأطلنطي، إلى التوجه نحو الشرق، العرب والمسلمين، رفضت الرياسة أن أجلس على المائدة الرئيسية، وجلست مع موظفي الخارجية في البلدين على مائدة مجاورة، فقام داود أوغلو ليجلس بجواري فمنعه البروتوكول.
وكبر الأنجال، وقاربوا على الزواج؛ فتزوج حازم خريج العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية بعد أن قضى في جامعة بولدر عاما دراسيا يحسب له، وماجستير من لندن في موضوع الفيدرالية. وهو ناصري قومي عربي، ثم عاد وأصبح موظفا بالخارجية المصرية. من مستشار ثان إلى مستشار أول إلى وزير مفوض، ثم أصبح قنصلا عاما لمصر في بورسودان هذا العام. لم يوفق في زواجه الأول، وانفصل بعد عام، وهو الآن على استعداد لزواجه الثاني. هوايته الغطس، يذهب تقريبا كل نهاية أسبوع من الخميس مساء إلى الأحد صباحا إلى دهب لممارسة هوايته، ويريد أن يصل فيها إلى أعماق منافسة. ذهب إلى سفاراتنا في نيبال وسيدني وطرابلس-ليبيا وعمان وصوفيا-بلغاريا. أراد أن يؤسس مركزا للدراسات الفيدرالية في سيناء أشبه بابن خلدون بالقاهرة، ثم حاول تأسيس المركز في الدور الثاني في المنزل الذي نسكن فيه بجوار مركز والدته لتاريخ السينما المصرية، ولكن الغطس الآن هوايته الأولى.
أما حاتم فهو خريج هندسة عين شمس، مهندس اتصالات، تعرف على التيار الإسلامي هناك، إسلامي الاتجاه هو وزوجته، عمل في شركة سويرس، ثم تركها لما أغلقت. كان مسئولا عن الاتصالات الخارجية وامتداد الشركة في باكستان، وبعد بيع شركة سويرس لشركة روسية ظل يبحث عن عمل آخر حتى جاءه عمل بالسعودية ثم تركيا التي استقر بها هو والأسرة، وأسس هو وصديق له شركة اتصالات صغيرة للاستيراد والتصدير. وهو الآن سعيد بإستانبول، نذهب لزيارتهم بين الحين والآخر. وهو متزوج وله ثلاثة أطفال: أنس في الثانوية، وعلي في الإعدادية، وخديجة في الابتدائية. وهو أكثر الأولاد التزاما بالقضية التي اختارها مثل ما اختاره أبوه في أول حياته، الفكر والسياسة.
وأما حنين الصغرى فهي خريجة الجامعة الأمريكية، قسم الأدب العربي، والماجستير علوم سياسية. أرادت أن تتزوج عن تجربة حب؛ فالزواج بالطريقة التقليدية بارد لا طعم له، ووجدت ذلك في رئيسها في شركة للتنمية البشرية، وهو دكتور أطفال. وهي ما زالت مليئة بالحيوية، وعمرها الآن ثمانية وثلاثون عاما، أنجبت طفلة «لارا» أربع سنوات الآن حبيبة كل الأقارب. هي وزوجها ماركسيا الاتجاه . سافرت إلى عدة بلاد أوروبية وعربية، وهي ملتزمة مثل أخيها الأوسط لولا الزواج وأعباء الحياة والإعداد للدكتوراه ورعاية الابنة «لارا» والبحث عن عمل بعد أن أغلقت الحكومة معظم المنظمات الأهلية المتعلقة بالتنمية البشرية. وقد كان لمنظمتهم حضور كبير في الريف، وتقوم بأبحاث ميدانية حتى تقدم الأحكام النظرية على تحليلات إحصائية وموثقة.
وكانت زوجتي أمينة مكتبة بالجامعة الأمريكية، خريجة قسم اللغة العربية بآداب القاهرة، وماجستير من قسم الأديان من جامعة تمبل بالولايات المتحدة. والآن هوايتها السينما، النقد والتوثيق. وحصلت على بكالوريوس المعهد العالي للسينما، ثم أسست مركزا لتوثيق السينما العربية في الدور الثاني في منزلنا الجديد «البيت العربي»، ونشرت من قبل أعمال حسن جمعة في ثلاثة أجزاء. بدأت ليبرالية وانتهت ليبرالية إسلامية. والأب يساري إسلامي. نتعايش سويا في حوار مستمر؛ فعندي في المنزل كل الاتجاهات السياسية ممثلة، والكل مسموح له أن يمارس نشاطه بحرية تامة. مرة حاول الابن الأصغر أن يضع على باب الشقة السكنية «لا إله إلا الله»، فمنعته لأن هذه الشقة بها تيارات مختلفة، توضع فقط على باب غرفتك، وعلى الحائط معلق «يا يهود، يا يهود، جيش محمد سوف يعود»، «إن الأقصى قد نادانا: من سيعيد القدس سوانا؟» وفي حجرة ابني الأكبر صورة عبد الناصر فوق خريطة الوطن العربي. وفي حجرة ابنتي الوحيدة صورة ماركس ولينين. والأب يساري إسلامي يجمع بين الإسلام والتقدم، وهو ما سمي علميا «التراث والتجديد».
وإذا كان قد تم اللجوء إلى نظام الفصلين الدراسيين منذ أيام عبد الناصر لإشغال الطلبة بعيدا عن المظاهرات، فإن الجامعة تحولت من النظام الفرنسي في الدراسات العليا، كتابة رسالتين لدكتوراه الدولة إلى النظام الأمريكي، الساعات المعتمدة مع بحث صغير، فأصبح هم الطالب أن يجمع أكثر من
A
Bilinmeyen sayfa