فحكت شمسا عن متون غمامة فوقفنا متحيرين ننظر إليها فقال لها يزيد بن المهلب يا أمة الله هل لك في أمير المؤمنين فنظرت إلينا ثم أنشأت تقول:
فإن تسألاني عن هواي فإنه ... يحول بهذا القبر يا فتيان
وإني لأستحييه والترب بيننا ... كما كنت أستحييه وهو يراني
قصة أحمد اليتيم
ومن ذلك ما ذكره عبد الله بن عبد الكريم قال: أن أحمد بن طولون وجد عند سقاية طفلا مطروحا فالتقطه ورباه وسماه أحمد وشهره باليتيم فلما كبر ونشأ كان أكثر الناس ذكاء وفطنة وأحسنهم زيا وصورة فصار يرعاه ويعلمه حتى تهذب وتمرن فلما حضرت أحمد بن طولون الوفاة أوصى ولده أبا الجيش خمرويه به فأخذه إليه فلما مات أحمد بن طولون أحضره الأمير أبو الجيش إليه وقال له أنت عندي بمكانة أرعاك بها ولكن عادتي أني آخذ العهد على كل أحد أعرفه أن لايخونني في شيء فعاهده ثم حكمه في أمواله وقدمه في أشغاله فصار أحمد اليتيم مستحوذا على المقام حاكما على جميع الحاشية الخاص والعام والأمير أبو الجيش بن طولون يحسن إليه فلما رأى أحواله متصفة بالنصح ومساعيه متسمة بالنجح ركن إليه واعتمد في أمور بيوته عليه فقال له يوما يا أحمد أمض إلى الحجرة الفلانية ففي المجلس حيث أجلس سبحة جوهر فائتني بها فمضى أحمد فلما دخل الحجرة وجد جارية من مغنيات الأمير وحظاياه مع شاب من الفراشين ممن هم من الأمير بمحل قريب فلما رأياه خرج الفتى وجاءت الجارية إلى أحمد وعرضت نفسها عليه ودعته إلى قضاء وطره فقال معاذ الله أن أخون الأمير وقد أحسن إلي وأخذ العهد علي ثم تركها وأخذ السبحة وأنصرف إلى الأمير وسلمها إليه وبقيت الجارية شديدة الخوف من أحمد بعدما أخذ السبحة وخرج من الحجرة لئلا يذكر حالها للأمير فأقامت أياما لم تجد من الأمير ما غيره عليها ثم أتفق أن الأمير اشترى جارية وقدمها على حظاياه وغمرها بعطاياه واشتغل بها عمن سواها وأعرض لشغفه بها عن كل من عنده حتى كاد لا يذكر جارية غيرها ولا يراها وكان أولا مشغولا بتلك الجارية الخائنة العاهرة فلما أعرض عنها اشتغالا بالجارية الجديدة وصرف لبهجة محاسنها وكثرة أدابها وجهه عن ملاعبة أترابها وشغلته بعذوبة رضابها عن ارتشاف رضاب أضرابها وكانت تلك الجارية الأولى لحسنها متآمرة على تأميره لا تخاف من وليه ولا نصيره كبر عليها أعراضه عنها ونسبت ذلك إلى أحمد اليتيم لاطلاعه على ما كان منها فدخلت على الأمير وقد ارتدت من الكآبة بجلباب نكرها وأعلنت بين يديه لاتمام كيدها وقالت أن أحمد اليتيم راودني عن نفسي فلما سمع الأمير ذلك استشاط
Sayfa 256