أخي لن تنال العلم إلا بستة
سأنبئك عن تفصيلها ببيان [1]
ذكاء وحرص وافتقار وغربة
وتلقين أستاذ وطول زمان
قرأت في كتاب «الفنون» لأبي الوفاء علي بن عقيل الفقيه الحنبلي بخطه قال: قدم علينا أبو المعالي الجويني ببغداد أول ما دخل الغزالي [2] ، فتكلم مع أبي إسحاق وأبى نصر بن الصباغ وسمعت كلامه، وقال ابن عقيل أيضا: ونقلته من خطه. قال الشيخ أبو القاسم الأسدي المعروف بابن برهان العكبري النحوي- وكان متفننا في العلوم علامة في النحو والنسب وفي علوم القرآن والأصول- عند عميد الملك وقد كان قابسه [3] الشيخ أبو المعالي الجويني وكان قدم علينا سنة تسع وأربعين شابا، أشقر اللحية، فجرى منه مقاولة للشيخ الإمام أبي القاسم في العباد: هل لهم أفعال؟ فقال:
إن وجدت في القرآن آية تقتضي [4] ذلك فالحجة لك، فقال الشيخ أبو القاسم:
(ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون)
، ومد صوته وجعل يقول: (هم لها عاملون)
وأصرح [من] [5] هذه الإضافة لا يكون (كفارا حسدا من عند أنفسهم)
(لو استطعنا لخرجنا معكم)
[يهلكون أنفسهم] (والله يعلم إنهم لكاذبون)
أي قد كانوا مستطيعين، فأخذ أبو المعالي يستروح إلى التأويل، فقال:
والله! إنك بار [6] وتتأول [7] صريح كلام الله لتصحح بتأويلك كلام أبي الحسن الأشعري وأكله بالحجة، فبهت ابن الجويني، وكان أيضا في دولة عميد الملك نوع عصبية على الأشعرية وأصحاب الحديث فقبض أبا المعالي عن الانبساط وإلا فقد كان أحسن الناس لفظا وأقواهم منه في النظر.
Sayfa 45