Dhayl Takmilat al-Ikmal - Ibn al-Amadiyya
ذيل تكملة الإكمال - ابن العمادية
Araştırmacı
عبد القيوم عبد رب النبي [ت ١٤٤١ هـ]
Yayıncı
جامعة أم القرى
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٩ هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
المملكة العربية السعودية - وزارة التعليم العالي
جامعة أم القرى - معهد البحوث العلمية
مركز إحياء التراث الإسلامي - مكة المكرمة
ذيل تكملة الإكمال
تأليف
الحافظ وجيه الدين منصور بن سليم الإسكندراني
المعروف بـ ابن العمادية (٦٠٧ هـ - ٦٧٣ هـ)
تحقيق
الدكتور عبد القيوم عبد رب النبي
١٤١٩ هـ
1 / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ لله رَبّ العَالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على أشرف الأنبياء والمُرسلين، وعلى آلِه وأصحَابِه والتَّابِعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين. وبعدُ:
فإنّ من أهم خَصَائص هذه الأمّة أن قَيّض الله ﷾ لها رِجَالًا يَخْدمُون دينَه، أتْعَبُوا لأجله أبدانَهم، وأجهدوا قواهم الجَسَدِيّة والفِكرية، وتَحَمّلوا فى سبيله كل ما يعترضهم من المشاقّ والمَتَاعِب، وحَرِص العلماءُ على ضبط نُصُوص هذا الدّين وألفاظه، وكل حَرفٍ يَتَّصل به، وَوَضَعُوا قَواعِد وضوابط وأصولًا لهذه الغَاية النَّبِيلَة، وَطَبّقُوها فى كُتُبِهم الكَثِيرة التى ألّفوها.
والأَخْطاء والتّحريفَات الّتي تَقَع في الكُتُب العَربِيّة المَطْبوعة، ليست التّبِعَة فيها على الخَطّ العَرَبِيّ، فقد أُعِدّت له قَوَاعِد لو رُوعِيت لما وقع الخطأ والتَّحْرِيف، ولا يكفي فى تدارك هذه المُشْكِلَة مَعْرفة المُصَحِّح وكونُه عالمًا بل لا بُدّ من أمورٍ أُخْرَى تجِب مُرَاعاتها، ولذلك كُلّ من كَتَب فى عُلُوم الحديث تَعَرَّض للاهتمام بِهذه القَوَاعد، ونَبَّه على الآثار السَّيِّئة المُتَرتبة على عَدَم العِنَاية بها.
قال ابن الصَّلاح: ثم إنّ على كَتَبَة الحَدِيث وطَلَبَته صَرْف الهِمَّة إلى ضبط ما يكتُبونه أو يَحْصُلونه بِخَطِّ الغير من مَرْويّاتهم على الوَجْه الّذي رَوَوه شَكلًا ونَقْطًا بحيث يؤمَن معهما الالتباس، وكثيرًا ما يَتَهاون بذلكَ الوَاثِق
1 / 5
بذهنه وتيقُّظه، وذلك وَخِيم العاقبة، فإنَّ الإنسانَ مُعَرَّض للِنِّسيان، وأَوَّلُ نَاسٍ أوَّل النَّاس، وإعجام المكتوب يَمْنع استعجامه وشكلُه يَمْنع إشكاله (^١).
ونَقَل العَسْكري عن الأوزَاعِيّ قال: إعجام الكتاب نُورُه (^٢)
وذَكَر ابن الصَّلَاح أمورًا أخْرَى بعد ما تَقَدَّم من أهَمها ما مُلَخصُه:
- استحباب تكرار الضَّبط فى الألفاظ المُشكِلة، بأن تُضْبَط فى متن الكتاب، ثم تُعَاد كتابتها قُبَالَة ذلكَ فى الحَاشِية مفردةً مَضْبُوطةً.
- كَراهِية الخَطّ الدَّقِيق من غير عُذْرٍ يقتضِيه، ونقل عن بعض المَشَايخ أنَّه إذَا رأى خَطًّا دقيقًا قال: "هذا خَط من لا يوقن بالخلف من الله".
- اختيار خَطّ التَّحْقِيقِ دُوْن المَشْق والتَّعْلِيق (^٣)، ونَقَل عن عُمر ﵁ قال: شَرُّ القِرَاءة الهَذْرمة (^٤) وأجود الخَطّ أَبْيَنهُ.
- ضَبْط الحُرُوف المُهْمَلة بِعَلَامة الإهمال، كَضَبْطِ الحُرُوف المُعْجَمة بالنقط (^٥) فإذا لُوحِظ فى الخَطّ الأُمور الَّتي ذكرها أهل العِلْم والمُحَدِّثُون فهي كَفيلة بإبعاد الأَغْلَاط والتَّحْريف، وكان سَلَفَنا يَهْتَمُّون بذلكَ حَقَّ الاهتمام، يَقُولُ عبد الله بن
_________
(^١) مقدمة ابن الصَّلَاح ص: ١٦٢.
(^٢) شرح ما يَقَع فيه التصحيف والتحريف ص: ١٤.
(^٣) قال السَّخَاوِيّ فى فتح المغيث ٢/ ١٥١: المَشْق: بفتح أوَّله وإسكان ثَانِيه، وهو خِفَّة اليد وإرسالها مع بَعْثَرة الحُرُوف وعدم إقامة الأَسنان، والتَّعْلِيق: خَلْط الحُروف التى ينبغى تفرقتها وإذهاب أسْنَان من ينبغى إقامة أسنانه وطمس ما ينبغى إظهار بياضه.
(^٤) الهذرمة: السُّرْعة، فَسَّر بذلك ابن الأثير فى النهاية ٥/ ٢٥٦ (هَذْرم).
(^٥) راجع مقدمة ابن الصلاح ١٦٣ - ١٦٦ وانظر فتح المغيث ١/ ١٤٢ أيضًا.
1 / 6
إدريس: لمَّا حَدَّثَنِي شُعْبَة بحديث أبى الحَوْراء السَّعْدِيّ عن الحَسَن بن عَلِيّ كتَبْتُ أسفَلَه "حُوْرُ عِيْن" لِئَلَّا أغلِط، يعنى فيقرأه أبو الجَوْزَاء (^١) لشبهه به فى الخَطّ (^٢).
وكَان بعض أئمتنا يترك حديثَ من لا يَضْبط، فيقع فى الخَطَأ والتَّحْريف، فقد نَقَل العَسْكَريُّ عن أبي عُبَيْد الآجُرِّيِّ عن سُلَيْمان بن الأشعث قوله: قال لي أحمد بن صَالِح المِصْرى، حَدَّثَنَا سَلَامة بن رَوْح فى حديث السَّقِيفَة "بَعْرَة أن يَفِيلَا" تصحيف "تَغِرّة أن يُقْتَلَا" وكان أحمد بن صَالِح كَتَب خمسين ألف حَدِيث فَتركه (^٣)، وذكر السُّيُوطِيّ فى تدريب الرَّاوِيّ: قيل: إنَّ النَّصَارَى كَفَروا بلفظة أخطَأوا فى إعجامها وشكلها، قال الله فى الإنجيل لعيسى ﵇: أنتَ نَبيِّيّ وَلَّدتُّكَ من البَتُول، فَصَحَّفُوها، وقالوا: أنْت بُنَيِّيّ وَلَدتُّك من البَتُول، ويقالُ: إن أوَّل فِتْنَةٍ وَقَعَتْ فى الإسلام سَبَبُها التَّصْحيف أيضًا، وهي فِتْنَة عثمان رَضى الله عنه، فإنَّه كَتَبَ لِلَّذِي أرسَلَه أميرًا إلى مصر: إذا جَاءَكم فَاقْبَلُوه، فصَحَّفوه، وَقَالُوا: فَاقْتُلُوه، فَجَرى ما جَرَى (^٤) وقد ذكر العَسْكَرِيّ في كتابه "شَرْحُ مَا يَقَع فيه التصحيف" أمثلة في التصحيفات فى القرآن الكريم، والحَديث النَّبَوِيّ،
_________
(^١) أبو الجوزاء: بالجيم والزَّاي، وهو أوس بن عبد الله الرَّبَعِي، وأبو الحَوْراء: بالحَاءِ المُهْملة والرَّاء، وهو ربيعة بن شيبان السَّعْدِي، وكلاهما من التابعين الثقات ضبط به الأمير فى الإكمال ٢/ ١٦٦.
(^٢) الإلماع ص: ١٥٥ وانظر كذلك تدريب الراوى ٢/ ٦٧.
(^٣) تصحيفات المحدثين ١/ ١٧ - ١٩، أمَّا حديث "تَغِرّة أن يُقْتَلَا" فأخرجه البخارى فى ٨/ ٢١٠ (مع الفتح) وعبد الرازق فى مُصَنَّفه ٥/ ٤٤٥ والخَطَّابِي فى غريب الحديث ٢/ ١٢٣ بألفاظ متقاربة، وشرحه الخَطَّابى فى كتابه شرحًا وافيًا، وكذا الحافظ ابن حجر فى الفتح ٨/ ٢١٠.
(^٤) تدريب الراوي ٢/ ٦٨.
1 / 7
والفِقْه، والشِّعْر، والمُكَاتَبات وغير ذلك. وهكذا لم يَسْلَم من التصحيف فَنٌّ من الفنون مِمَّا دَفَع العلماء إلي إحكام الحِصَار حَوْلَه خَشْية أن يَتَفَشَّى فى النُّصُوص، بيد أنَّ أكثر العُلَماء عِنَايةً بهذا الأمر وأشدّهم احتراسًا من هذا الخَطَر هم المُحَدِّثون وإنَّما ازدادوا من عنايتهم بِضَبْط الأعلام، لأنَّ التَّصحيف الَّذِي يتَسرَّب إلى أسماء الرُّوَاة وأنسابهم وألقابهم ذو خُطُورة بَالِغَة فقد نَقَل عبد الغَنِيّ بن سَعِيد الأزدى عن إبراهيم بن عبد الله النَّجِيرَمِيّ قال: أَوْلَى الأشياءِ بالضَّبط أسماء الناس لأنَّه شئ لا يَدْخُله القِياس، ولا قبلَه شئٌ، ولا بعدَه شيءٌ يَدُلّ عليه (^١) وهناك سَبَبٌ آخر يَدْعُو المُحَدِّثين إلى العِنَاية بهذا الأمر، هو أَنَّ رُوَاة الأحَاديث ونَقَلَة الأخبار هم من جملة أَرْكان الحُكْم على صِحَّة تلك الأحَادِيث والآثار، وهم يختلفون ضَبْطًا وحِفْظًا وعَدَالةً وَوَرَعًا فقد يشتبه اسمُ راوٍ بآخر، أحدُهما موثوق الرِّواية والآخر مَطْعُون فى روايته، وبِالتَّالي يختلف الحكم على هذه الأحاديث صِحَّةً وضَعْفًا حسب الحكم على الرَّاوِي ثِقةً وضَعْفًا.
ومن مَظَاهر عناية المُحَدِّثِين فى الاحتراز من هذا الخَطَر:
أوَّلًا: أنَّهم مَنَعُوا أخذَ العِلْم من الصُّحُف والمُصَحِّفِين، وألزَمُوا بأخذِه عن أهله المُتْقِنِين له تَلَقِّيًا ومُشَافَهةً ومُزَاحمة لهم بالرُّكب مع الصُّحْبَة الطَّويلة، لأنَّ من تَلَقَّاه عن أستاذٍ رَشِيدٍ خَبيرٍ إنَّما يَتَلَقَّى عنه عُصَارَة جُهْده، بالإضافة إلى ما تَلَقَّاه هذا الأستاذ عن شُيُوخِه السَّابِقِين، ومن تَلَقَّى العِلْم عن الشُّيُوخ المُتْقِنِين ولَازَمَهم فَلَن تَصِلَ الغَفْلَة، مَهْمَا يكن مُغَفَّلًا إلى حَدِّ أن يروي حَدِيثًا (عن جِبريل عن الله عن رَجُلٍ) فَقيل له: مَنْ هَذَا الَّذي يَصْلح أن يكون شيخًا لله تعالى، فإذا هو صَحَّف "﷿" فَقَرأها "عن رَجُلٍ".
_________
(^١) المؤتلف والمختلف للأزديّ ص: ٢.
1 / 8
ثَانِيًا: أنَّهم بَدَأوا يُقَيِّدُون ما يَكْتُبُونه عن شُيُوخِهم ويَضْبِطُونه بالشكل والنَّقط وبِعَلَامات الإعجام والإهمال، وبقواعد الكتابة والمقابلة والإلحاق والتَّضْبيب ونحو ذلك.
ثَالِثًا: تأليف الكُتُب فى هَذَا الشأن، وهى نَوْعَان:
النَّوع الأوَّل: كتب التَّرَاجم عَامَّةً مُرَتَّبة على حُرُوف المُعْجَم، ثم عَلَى أبواب مخصَّصَة لكل اسم، كما هو حال كتاب "التَّاريخ الكبير" للإمام البُخَاريّ و"الجَرْح والتَّعديل" لابن أبى حَاتِم و"كِتاب الثِّقَات" لابن حِبَّان وغير ذلك. وَلَا شَكَّ أنَّ تأليفهم على هَذَا النَّمَط يدفع كثيرًا من التَّصْحِيف والتحريف.
النَّوع الثَّانِي: وهو أجَلَّها وأنفعها، وهو تأليف الكُتُب الخاصَّة بضبط ما يُخشَى الخَطَأ والتحريف فيه، وجَعَلُوه فَنًّا خَاصًّا، هو "المؤتَلِف والمختلف" وقبل أن أذكر أسماء الكُتُب الَّتي أُلِّفَت فى هَذَا الفَنّ وأسماء مُؤَلِّفِيها أرِيد أن أبَيِّن مَعْنَى المؤتلف والمختلف لُغَةً واصطلاحًا وأهَمِّيَّته، لأنَّ هَذَا هو مُوضُوع كتابنا هذا.
المؤتلف والمختلف لُغَةً:
المؤتلف من الألفة، ومنه ألَّف بينهما تأليفًا، أوقع الألفة وجمع بينهما بعد تَفَرُّق، وَوَصَلَهُما (^١) وتألّف فُلَانٌ فُلَانًا، إذا دَارَاه وآنَسَه وقارَبَه ووَاصَلَه وتَأَلَّفَ القَوْم تأَلُّفًا اجتمعوا كائتلفوا. (^٢)
_________
(^١) تاج العروس ٦/ ٤٤ مادة (الف).
(^٢) تاج العروس ٦/ ٤٥ مادة (الف).
1 / 9
والمختلف من الاختلاف، و"اختلف" ضِدَّ "اتَّفَقَ" ومنه الحديث "سَوُّوا صفوفكم ولا تختلفوا فَتَخْتَلف قلوبكم" أى إذا تَقَدَّم بعضهم على بعض فى الصُّفُوف تأثَّرت قلوبهم، ونَشَأ بينهم خلاف فى الألفة والمَوَدَّة. (^١)
قال السَّخَاوِيّ: المؤتَلف اسم فاعِلٍ من الائتلاف بمعنى الاجتماع والتلاقي، وهو ضِدّ النفرة، والمختَلِف اسم فاعل من الاختلاف ضِدَّ الاتفاق. (^٢)
المؤتَلِف والمُخْتَلِف اصطِلَاحًا:
قال ابن الصلاح: هو ما يأتلِف أي تتفق في الخطِّ صُورتُه، وتختلف في اللَّفْظ صيغتُه (^٣).
وقال النَّوَوِيّ: هو ما يَتَّفِق فى الخَطّ دون اللَّفْظ (^٤)
أهمية فَنّ المؤتلف والمختلف:
كل من كتب فى هذا الفَنِّ ذكر أنَّه فَنٌّ جَلِيل، لا ينبغى جهله، من ذلك قول ابن الصلاح: هذا فَنٌّ جليل، من لم يعرفه من المحدِّثين كَثُر عِثَارُه ولم يعدم مُخْجلًا (^٥).
_________
(^١) تاج العروس ٦/ ١٠٣ مادة (خلف) وحديث "سَوُّوا صفوفكم" أخرجه عبد الرزاق فى مصنفه ٢/ ٤٥ والدارمي فى سننه ١/ ٢٨٩ فى باب إقامة الصفوف.
(^٢) فتح المغيث ٣/ ٦٧.
(^٣) مقدمة ابن الصلاح ص: ٣١٠.
(^٤) تقريب النووي (مع تدريب الراوي) ٢/ ٢٩٧.
(^٥) مقدمة ابن الصلاح ص: ٣١٠.
1 / 10
وقال النَّوَوِيّ: هو فَنٌّ جَليلً، يقبح جَهْله بأهل العِلْم، لاسيّما أهل الحديث ومن لم يعرفه يكثر خطؤه (^١).
وقال الحافظ ابن حجر: معرفة المؤتلف والمختلف من مهمات هذا الفَنّ (^٢).
وقال الحَافِظ العِرَاقيّ: من فُنُون الحَدِيث المُهمّة مَعْرفة المؤتلف خطًّا والمختلف لَفْظًا من الأسماء والألقاب والأنساب ونحوها، وينبغى لِطَالِب الحديث أن يَعْتَنِي بمعرفة ذلك، وإلَّا كَثُر عِثَارُه، وافتضح بين أهله (^٣).
ولأهَمّية هذا الفَنّ وشِدَّة حَاجَة المشتغلين بِالحديث إليه، كَثُرَت المؤلّفات فيه، وفيما يلى أذكر بعض أسماء الكُتُب التى ألّفت فيه مع ذكر اسم مؤلف كل منها.
١ - المختلف من المؤتلف لأبى الفَضْل أحمد بن أبى طَاهِر طَيْفُور المَروزي المتوفى سنة (٢٨٠ هـ) (^٤).
٢ - تَصْحِيفات المُحدّثين لأبى أحمد الحَسَن بن عبد الله العَسْكَرِيّ المتوفى سنة (٣٨٢ هـ) (^٥).
٣ - المؤتلف والمُخْتَلف للإمام أبى الحَسَن عَلِيّ بن عُمر بن مَهْديّ الدَّارقُطني البَغْدادِي المتوفَّى سنة (٣٨٥ هـ) (^٦).
_________
(^١) تقريب النووي ٢/ ٢٩٧ مع تدريب الراوى.
(^٢) نزهة النظر شرح نخبة الفكر ص: ١٣٤.
(^٣) التبصرة والتذكرة ٣/ ١٢٨.
(^٤) ذكره ياقوت فى معجم الأدباء فى ترجمته ٣/ ٨٧ والصَّفَدِي في الوافي ٧/ ٩.
(^٥) الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور محمود أحمد ميرة عام ١٤٠٢ هـ.
(^٦) هذا الكتاب القيم طبع بتحقيق جَيِّد من الدكتور موفق بن عبد الله بن عبد القادر سنة ١٤٠٦ هـ.
1 / 11
٤ - المؤتلف والمختلف لأبي الوَلِيد عبد الله بن محمد بن يُوسُف الفَرَضِيّ المتوفَّى سنة (٤٠٣ هـ) (^١).
٥ - المؤتلف والمختلف للإمام أبى محمد عبد الغَنِيّ بن سَعِيد الأزديّ المتوفَّى سنة (٤٠٩ هـ) (^٢).
٦ - المؤتلف والمختلف لأبى سَعْد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله المَالينيّ المتوفَّى سنة (٤١٢ هـ) (^٣).
٧ - المؤتلف والمختلف لأبى القاسم يَحْيَ بن عَلِيّ بن محمد بن إبراهيم الحضرميّ المِصْرِي المَعْرُوف بابن الطَّحَّان المتوفَّى سَنَة (٤١٦ هـ) (^٤).
٨ - الزِّيَادَات في كتاب المؤتلف والمختلف لعبد الغَنِيّ الأزدِيّ، لأبى العَبّاس جعفر بن محمد بن المُعتَزّ المستَغْفِرِيّ المُتَوفَّى سنة (٤٣٢ هـ) (^٥).
٩ - المؤتَلِف والمُخْتَلف فى الأسماء، لأبى حَامِد أحمد بن مَامَا المامائيّ المتوفَّى سنة (٤٣٦ هـ) (^٦).
١٠ - المُعْجَم في مُشْتَبه أسَامي المُحَدِّثين، لأبى الفضل عبيد الله بن عبد الله بن
_________
(^١) ذكره ابن بشكوال فى الصِّلة ١/ ٢٥٤ والذهبي فى تذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٧٧.
(^٢) الكتاب مطبوع بالهند سنة ١٣٢٧ هـ بعناية محمد مُحْيِ الدّين الجَعْفَرِي.
(^٣) ذكره الحافظ فى لسان الميزان ٤/ ٢٦٧ وذكره فى التبصير ٤/ ١٥١٢ أيضًا.
(^٤) ذكره الأمير فى الإكمال ١/ ٩، ٣٣٨ وذكره الزركلي في الأعلام ٩/ ١٩٦.
(^٥) ذكره السخاوي فى فتع المغيث ٣/ ٢١٤ والزركلي في الأعلام ٢/ ١٢٣.
(^٦) ذكره السمعانى فى الأنساب ١٢/ ٥٨، وانظر معجم المؤلفين ٢/ ٧٩ أيضًا.
1 / 12
أحمد الهَرَويّ الّذي كان حَيًّا سنة (٤٣٨ هـ) (١) وله أيضًا.
١١ - الزّيادات المَوجُودات من كتاب المُعْجَم فى مشتبه أسماء المحدثين (^١).
١٢ - المؤتَلِف والمُخْتَلِف لأبى نَصْر عبد الله بن سَعِيد بن حَاتِم البكريّ السِّجْزيّ المتوفَّى سنة (٤٤٤ هـ) (^٢).
١٣ - مُشتبه الأسْماء ومُشتبه النِّسْبة، لأبى الوَليد يُوسف بن عبد العزيز الأنْدِيّ المتوفى سنة (٤٤٤ هـ) (^٣).
١٤ - المؤتلف والمختلف، لأبى محمد عبد الله بن الحسن بن الطَّبَسِيّ المتوفَّى سنة (٤٤٩ هـ) (^٤).
١٥ - المُؤتَنِف فى تكملة المؤتلف والمختلف للدّارقُطْنِي، لأبى بكر أحمد بن عَلِيّ بن ثابت المَعْرُوف بالخَطِيب البغدادي المتوفّى سنة (٤٦٣ هـ) (^٥) وله أيضًا.
١٦ - تَلْخِيص المُتَشابه فى الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم (^٦).
_________
(^١) تاريخ التراث ١/ ٥٦٥، ومعجم المؤلفين ٦/ ٢٤٠، وقد طبع كتاب "المعجم فى مشتبه أسامي المحدثين" ولم أعرف عن طبع الكتاب الثاني "الزيادات الموجودات. . . . .".
(^٢) ذكره ابن نَاصِر الدين فى التوضيح فى عِدّة مواضع، منها فى (٢/ل ٢٥٦) وانظر معجم المؤلّفين أيضًا ٦/ ٢٣٩.
(^٣) ذكره ابن نقطة فى تكملة الإكمال فى مواضع منها فى ١/ ٢٠٣.
(^٤) ذكره ابن الصلاح فى كتابه "صيانة صحيح مسلم" ص: ١٨٣.
(^٥) ذكره الأمير فى الإكمال ١/ ١ والقاضِي عياض فى الغنية ص: ٧٧، وله نسخة خطية فى ليدن، أوّلها ناقص، ومنها نسخة فيلمية فى قسم مخطوطات المركز برقم (١٤٤٧).
(^٦) ذكره ابن الصَّلَاح فى مقدمة علوم الحديث ص: ٣٦٥ والحافظ فى نخبة الفكر ص: ١٣٦ وقد طبع هذا الكتاب.
1 / 13
١٧ - الإكمال فى رَفْع عارض الارتياب عن المؤتلف والمختلف من الأسماء والكُنَى والأنساب، للإمام أبى نَصْر عَلِيّ بن هبة الله المَعْرُوف بابن مَاكُولَا المتوفَّى سنة (٤٧٥ هـ) أو (٤٧٦ هـ) أو (٤٧٨ هـ) (^١) وله أيضًا.
١٨ - تَهْذيب مُسْتَمِرّ الأوهام على ذوى المعرفة وأولي الأفهام (^٢).
١٩ - المُعْجَم فى المشتبه، لأبى محمد عبد الله بن يُوسُف الجُرجَانيّ المتوفى سنة (٤٨٩ هـ) (^٣).
٢٠ - المؤتَلِف والمُخْتَلف، لأبى المُظَفَّر محمد بن أحمد الأُمَوِيّ الأَبِيْوَرْدِيّ المتوفى سنة (٥٠٧ هـ) (^٤).
٢١ - حديث مختلفى الأسماء، أو مشتبه الأسماء، لأبى الغنائم محمد بن عَلِيّ بن مَيْمُون المعروف بأُبَيّ النَّرسِيّ، المتوفى سنة (٥١٠ هـ) (^٥).
٢٢ - مُتَشَابه أسامى الرُّوَاة أو مشتبه النِّسْبة لأبى القَاسِم محمود بن عُمر المعروف بجار الله الزّمَخْشرِيّ المتوفَّى سنة (٥٣٨) (^٦).
_________
(^١) الكتاب مَطْبُوع بتحقيق الشيخ عبد الرحمن المُعَلّمي سنة ١٣٨١ هـ ما عدا الجزء السابع فإنه طبع بتحقيق الأستاذ نَايف العَبّاس.
(^٢) طبع الكتاب فى بيروت سنة ١٤١٠ هـ بتحقيق سَيّد كسروى حسن.
(^٣) ذكره ابن نَاصِر الدين فى الإعلام بما وقع فى مشتبه الذهبي من الأوهام ص: ١٢٥.
(^٤) ذكره ابن خَلّكان فى وفيات الأعيان ٤/ ٤٤٤ وياقوت فى معجم الأدباء ١٧/ ٢٣٤.
(^٥) ذكره ابن نقطه فى مواضع: منها في تكملة الإكمال ١/ ٤٣٩ وابن نَاصِر الدّين فى التوضيح (٢/ ل ٢٦٢ و٣/ل ٨١).
(^٦) ذكره الحافظ فى التبصير فى مواضع، منها فى ٤/ ١٥١١ والسَّخَاوِي فى فتح المغيث ٣/ ١٢.
1 / 14
٢٣ - تكملة الإكمال، لأبى بكر محمد بن عبد الغَنِيّ المَعْرُوف بابن نُقْطَة المتوفى سنة (٦٢٩ هـ) (^١).
٢٤ - المؤتَلف والمُخْتَلف، لابن النَّجَّار محمد بن محمود البَغداديّ المتوفى سنة (٦٤٣ هـ) (^٢).
٢٥ - هدَاية المعْتسف فى المؤتلف والمختلف، لأبى عبد الله محمد بن عبد الله القُضَاعِي المعروف بابن الأبَّار المتوفى سنة (٦٥٨ هـ) (^٣).
٢٦ - ذيل تكملة الإكمال لأبى المُظفَّر مَنْصُور بن سَلِيم الهَمْدانيّ المَعْرُوف بابن فُتُوح الإسكندرانيّ المتوفَّي سنة (٦٧٣ هـ) (^٤).
٢٧ - تكملة إكمال الإكمال، لمحمد بن عَلِيّ بن محمود الصَّابُونِيّ المتوفَّى سنة (٦٨٠ هـ) (^٥).
٢٨ - مُشْتبه النِّسبة، لأبى العَلَاء محمود بن أبى بكر الفَرَضِي المُتَوفَّى سنة (٧٠٠ هـ) (^٦).
_________
(^١) وقد حققتُ هذا الكتاب القيم وصدر منه أربعة أجزاء والجزءان الخامس والسادس تحت الطبع وهو من مطبوعات مركز إحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
(^٢) ذكره الذهبي فى سير أعلام النبلاء ٢٣/ ١٣٣ فى ترجمته.
(^٣) ذكره ابن الأبّار نفسه فى كتابه المُعْجَم فى أصحاب أبى عَلِيّ الصَّدَفِي ص: ٧٤.
(^٤) وهو كتابنا هذا الَّذِي وَفّقَنِي الله لإتمام تحقيقه.
(^٥) الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور مصطفى جَوَاد فى بغداد سنة ١٣٧٧ هـ.
(^٦) ذكره السخاوي فى فتح المغيث ٣/ ٢١٤ وأشار إليه الذهبي فى مقدمة المشتبه أيضًا.
1 / 15
٢٩ - المؤتلف والمختلف لابن الفُوَطِيّ عبد الرَّزَّاق بن أحمد، المُتَوفَّى سنة (٧٢٣ هـ) (^١).
٣٠ - المشتبه، للحَافِظ الذَّهَبِيّ المتوفَّي سنة (٧٤٨ هـ) (^٢).
٣١ - توضيح المشتبه لابن نَاصِر الدين الدمشقي المُتَوفَّى سنة (٨٤٢ هـ) (^٣) وله أيضًا.
٣٢ - الإعلام بما وَقَع فى مشتبه الذَّهَبِي من الأَوْهَام (^٤).
٣٣ - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه للإمام ابن حجر العَسْقَلانيّ المُتَوفَّى سَنَة (٨٥٢ هـ) (^٥).
٣٤ - تُحْفَة النَّابِه فى تَلْخيص المُتَشَابِه للإِمام السُّيُوطيّ المُتَوفَّى سنة (٩١١ هـ) (^٦).
٣٥ - المُغْنِي فى ضَبْطِ أسماء الرِّجَال ومعرفة كنى الرُّواة وألقابهم وأَنْسابِهم للمحدث محمد بن طَاهِر بن عَلِيّ الفَتَّنِيّ الهِنْدِيّ المُتَوفَّى سنة (٩٨٦) (^٧).
_________
(^١) ذكره السَّخاوِيّ فى فتح المغيث ٣/ ٢١٤.
(^٢) الكتاب مطبوع بمصر بتحقيق الأستاذ على محمد البَحَاوي سنة ١٩٦٢ هـ.
(^٣) ذكره السَّخَاوِيّ فى فتح المغيث ٣/ ٢١٥ وقد طبع الكتاب بتحقيق محمد نعيم العرقسوسي سنة ١٤٠٧ هـ.
(^٤) طبع الكتاب بتحقيق عبد رب النَّبِيّ محمد الجزائرى سنة ١٤٠٧ هـ.
(^٥) الكتاب مَطْبُوع فى أربعة أجزاء بتحقيق الأستاذ على محمد البحاويّ سنة ١٣٨٣ هـ.
(^٦) راجع مقدمة المحقق لتوضيح المشتبه ١/ ٤٣.
(^٧) الكتاب مطبوع عام (١٣٩٩ هـ) بدون تحقيق.
1 / 16
هذه أسماء بعض الكُتُب الَّتى ألّفت فى المؤتلف والمختلف وأسماء مؤلِّفِيها وقد ذكر العلَّامَة المُعَلِّمِي فى مقدمته للإكمال للأمير أبى نَصْر بن مَاكُولا قائمة الكتب المؤلَّفَة فى هَذَا الفَنّ، وأضَاف الدكتور موفق بن عبد الله بن عبد القادر عِدَّة كتب أخْرَى فى مقدمته لكتاب الدَّارقُطنِي "المؤتلف والمختلف" وكذا فى كتابه الجديد "توثيق النصوص وضبطها عند المحدثين".
كما ذكر الأستاذ محمد نعيم العرقسوسي أيضًا قائمة للكتب الموْلَّفَة فى هذا الفن في مقدمته لتوضيح المشتبه، فمن شاء أن يستزيد فى المَوْضُوع فليرجع إلى هذه الكتب.
هذه العناية بفَنّ المؤتلف والمختلف تَدُلّ دَلَالةً وَاضِحَة على أهميّة هذا الفَنّ وخطورته.
1 / 17
الحالة السياسية فى عصر المؤلف (٦٠٧ - ٦٧٣)
عَاشَ مؤلِّفُنا مُعظم القَرْن السَّابِع، ويَعْتَبر المؤرخون هذا القَرنَ من النَّاحِية السِّيَاسِيَّة مُكملًا للسّياسة الَّتى كَانَ يَمرّ بها العَالَم الإسلامِيّ فى القَرنَين السَّابِقَيْن "الخَامسِ والسَّادِس" لأنَّ العَالَم الإِسلاميّ فى هذه القُرُون قد استُهدِف من قبل الأعداء الصَّلِيبيين الحَاقِدِين والمَغول العَابثِين ومَنْ تَبِعهم من المُنَافِقين، وذلك أنَّهم رَأوَا الفُرصَة مُتَاحَة لهم لانْشِغَال المُسْلمِين واختلافهم فيما بينهم ونشوب النزاعات المُسَلَّحة بين دويلاتهم التى تعَدَّدت وضعفت ورأوا أنَّ الخَليفة لَيْسَ له إلَّا الرُّسُوم إلَّا أن يكون فى عاصمة الخلافة بغداد.
واستعراض حَالة المُسْلمِين فى القُرُون الثَّلَاثة أمرٌ يَطُول، ولذا أُريد أن أستعرض الفَتْرة التى عَاشَها مؤلِّفُنا مَنْصُور بن سَلِيم الهَمْدَانيّ المَعْرُوف بابن فُتُوح وبابن العِماديَّة بالاختصار، وقد حَفِلت هذه الفترة بكثير من الأحْدَاث، خَاصَّة النّصف الأَوَّل من هذه الفترة من حَيَاتِه، وذلك أنَّ السُّلْطان الملك النَّاصرِ صَلَاح الدِّين يُوسُف بن أَيُّوب لَمَّا مَاتَ سَنَة (٥٨٩) تَقَسم ملكه بعده بين أبنائه، واختلفت كَلِمتُهم على المُلك، والأعداءُ بدأوا يَطْمَعُون فى أخذ الثَّأر من المسلمين والتَّشَفِّي من إهراق دمائهم، لَولَا أنَّ الله تَعَالَى جلّت قدرتُه تَدَاركَهُم بقدرته ولُطْفه على يد المَلكِ العَادِل سَيْف الدِّين المُتَوفَّى سنة (٦١٥) الَّذِى استطاع أن يُوَحِّد كَلِمةَ المسلمين (^١).
_________
(^١) انظر البداية والنهاية ١٣/ ٢ وما بعده.
1 / 18
وبعد وفاة سَيْف الدين المَلِك العَادِلِ تَحْركت التَّتَار من الشَّرْق، وهم نوع من التُّرك، مَسَاكنِهم جِبال ضمعاج من نحو الصِّين، يسجدون للشمس عند طلوعها، ولا يُحَرِّمون شَيئًا، ولا يُحْصَون كَثْرَة، وبَدَأ تَحَرُّكُ الصَّلِيبِيِّين من الغرب، وكانوا ينتظرون انتهاء مدة الصُّلْح الَّتى كانت بينهم وبين المسلمين، والصَّليبيُّون فى أثناء الهُدْنَة يُهَيِّئُون أنْفسهم، ويُجْمِعُون جموعَهم لِشنِّ حَمْلَةٍ كُبْرَى على المُسْلِمين عند انتهاء الهُدنة وكانت مصْرُ عَاصِمَةً آنذاك فلذا حَوَّلوا وجهتَهم هذه المَرَّة إلى مصر بدل الشام فَاتَّجهوا إلى دميَاط، واستَوْلَوا عليها بعد مَعَارك ضارِيَة عام (٦١٦) (^١) وبقيت فى أيديهم حتى استنقذها الملك الكامل محمد بن عادل بن أيُّوب سنة (٦١٨) بعد مَوْت أبيه، ورَدَّهم على أعقابهم مُكْرَهين خَاسِرين (^٢).
وفى المشرق استَولَى التَّتَار على سَمَرقَنْد، وهَزَمُوا السُّلْطَان عَلَاء الدِّين، ومَلَكُوا الرّيّ وهَمَذَان وقَزْوِين، وحَارَبُوا الكَرَج، ومَلَكُوا فَرْغَانَة والتِّرمِذْ وخُوَارِزْم، وخُرَاسَان، ومرو، ونَيْسَابُور، وطُوس، وهَرَاة، وغَزْنَة (^٣).
وفى عام (٦٢٥) خَرَج التَّتَار إلى بلاد الإسلام، فكانت لهم عِدَّة حُرُوب مع السُّلْطان جَلَال الدِّين خوارزم شاه، كُسِر فيها غير مَرَّة، ثم ظَفِر أخيرا بهم، وهَزَمهم، فلما خَلا سره فيهم سَارَ إلى خِلَاط من بِلاد الأَشْرف، فَنَهَب وسَبَى الحَرِيم واسْتَرَقَّ الأَولَاد، وقتل الرِّجال، وخَرَّب القُرَي، وفعل ما لا يَفْعَله أهل الكُفْر، ثم عَادَ إلى بِلَادِه (^٤).
_________
(^١) البداية والنهاية ١٣/ ٨٠ وشذرات الذهب ٥/ ٦٥.
(^٢) الكامل لابن الأثير ١٢/ ٣٣٠ والشذرات ٥/ ٧٩.
(^٣) السلوك للمقريزي ١/ ١/ ٢٠٥ والبداية والنهاية ١٣/ ١٢٣ أيضًا.
(^٤) راجع السلوك للمقريزى ١/ ١/ ٢٢٨.
1 / 19
ثم فى سنة (٦٢٨) وَصَل التَّتَر إلى إربل وإلى الجَزِيرَة ودِيَار بكر فَعَاثُوا بالفَسَاد يَمِينًا وشِمَالًا، وقَتَلُوا من المسلمين ما لا يُحْصي عَدَدَهم إِلَّا خَالِقُهم وفى عام (٦٢٩) تَمَّ استيلاءُ التَّتَر على إقليم أَرمِينِيَة وخِلَاط وسَائِر ما كان بِيَد الخوارِزمي (^١)، وبَقيت مَنَاطِق أخرى من بِلاد المُسْلِمين فى اضطِراب وتقلُّبات عَنيفة بين أُمراء المسلمين، حتى إنَّ الأفرنج طَمَعُوا فى المسلمين، واطمأنُّوا على ضَعْفِهم، فَعَمَّر الأفرنج فى القُدْس قَلْعَة، وجَعَلُوا بُرْج داود أحد أبراجها، فلما بَلَغ المَلِك النَّاصِر داود خَبَر بِنَاء هذا البُرج سَارَ إلى القُدْس، ورَمَى عليها بالمَجَانيق، حتى أخَذَها بعد واحدٍ وعشرين يومًا عَنْوَةً، وتأخر أخذ بُرْج داود أيامًا، ثم أخَذَ البُرْج من الأفرنج صُلْحًا على أنفسهم دون أموالهم، وهَدَم النَّاصِر برج داود، واستولى على القدس وأخرج منه الفرنج، فساروا إلى بلادهم، وهكذا رَجَعت القُدْس إلى حوزة المسلمين (^٢).
وفى عام (٦٣٧) أيضًا وَقَعَ بين الأَفْرنج وبين العَسْكر المصرىّ المسلم المُقيم بالسَّاحِل حَرْبٌ، وانكسر فيها الأفرنج، فقتل منهم حَوَالى ألفى شخص بينما لم يَتَعَدَّ عَدَد شُهَدَاء المسلمين العشر (^٣).
وفى عام (٦٥٦) مَلَك هلاكو سلُطان التَّتَار بغداد، وقَتَلُوا أكثر أهلِها، حتى الخَلِيفة، وهو المُستَعصم بالله عبد الله، وانقَرَضت بموته دَوْلَة بنى العَبَّاس منها، وقد تَكَلَّم ابن كَثِير عن سُقُوط بغداد فى يد التَّتَار وَتَسَلُّطِ هلاكو على بغداد، وكَيْفَ كانَت حَالةُ المسلمين وخليفتهم فى بغداد، ثم قَال: وذلك كُلُّه عن آراء الوَزِير ابن
_________
(^١) راجع السلوك ١/ ٢٤١ - ٢٤٢.
(^٢) راجع السلوك ١/ ٢/ ٢٩١.
(^٣) راجع البداية والنهاية ١٣/ ٢٠٠ والسلوك ١/ ٢/ ٤١٠.
1 / 20
العَلْقَمِيّ الرَّافِضِيّ، وذَلك أنّه لَمّا كان فى السنة الماضِية بين أهل السُّنَّة والرَّافِضة حَرْب عَظيمة، نُهِبَت فيها الكرخ ومحلّة الرّافِضة، حتى نُهِبت دُوْر قَرَابات الوَزِير، فاشتَدَّ حنقهُ على ذَلك، فكان هذا مِما أهَاجَه على أنْ دَبَّر على الإسلام وأهْلِه ما وَقع من الأمر الفَظِيع الّذي لم يؤرّخ أبشع منه منذ بنيت بغداد، ثم ذكر الحَافِظ ابن كَثير ما يَدُلّ على أنّ هلاكو خان استعَدّ لِلصُّلح مع خَلِيفة المسلمين على أن يكون نِصْف خِراج العِرَاق لهم ونصفه لِلخَلِيفَة، إلَّا أنّ مَلأ من الرَّافِضَة وغيرهم من المُنَافِقين أشَارُوا على هلاكو خان أن لا يُصَالح الخَليفَة، وَقَال الوَزير، وهو العَلْقَمِي الرّافِضِي وزير خَلِيفَة المسلمين: متى وقع الصلح على المُنَاصَفَة لا يَسْتَمِر هَذَا إلّا عامًا أو عَامَيْن، ثم يَعُود الأمر إلى مَا كان عليه قبل ذلك، وحَسَّنُوا له قتل الخَلِيفَة، ويُقَال: إنّ الّذي أشَارَ بقتله الوَزير ابن العَلْقَمِى والمَوْلَى نَصِير الدِّين الطُّوسِّي (^١).
وفى عام (٦٥٨) حَاصَرَ التَّتَار مَدينة حَلب سَبْعَة أيَّام، ثم افتتحوها بالأمَان ثم غَدَرُوا بأهلها، وقتلوا خلقًا كثيرًا، وأسروا النساء والذريّة، ونَهَبوا الأموالَ واستَبَاحُوا فيها دِمَاء الخَلْق، وامَتَلأت الطُّرُقَات من القَتْلَى، وَصَارت عَسَاكِر التَّتَار تَمشِي على جيف من قُتِل، وأُسِرَ أكثر من مائة ألْفٍ من النساء والصِّبْيَان (^٢) وبعد أن مَلَك هلاكو حَلب، اتّجَه نَحْوَ دمشق، ليفعلُوا فيها نحو ما فَعَلُوا فى بغداد وحَلب، فقام الأمير سليمان بن المؤيّد وأغلق أبواب دمشق واستَشار مَنْ بَقِي بها
_________
(^١) راجع البداية والنهاية ١٣/ ٢٠٠ - ٢٠١ انظر ترجمة ابن العلقمى المبير الرافضي فى سير أعلام النبلاء ٢٣/ ٣٦١.
(^٢) السلوك للمقريزي ١/ ٢/ ٤٢٢ والبداية والنهاية ٣/ ٢١٨.
1 / 21
وقَرَّر معهم تَسلِيم المدينة إلى هلاكو، وأظهروا له الانقياد والطَّاعَة، ودَخَل المغول المدينة دون إراقة دماء، فتسلمها منه فخر الدين المردغائي وابن صاحب أرزن والشريف عليّ، فَكَتَبُوا بذلك إلى هلاكو، فأوصَاهُم بأهل دمشق ونَهَاهم أن يأخُذُوا لأحد درهما فما فوقه. (^١)
ولقد تَشَجَّع النَّصَارى فى عهد التَّتَار، لأنّهم سَلّمُوا البلد إلى أمير منهم يقال له: ابل سَيَّان، وكان لعنة الله عليه - مُعَظِّمًا لدين النَّصَارَى فَكَانَ يُعَظِّم أسَاقِفَتَهم وقِسّيسَهم ويَزُور كَنَائسَهم، فَصَارَت لهم دولة وصَوْلَة بِسَبَبِه.
وكانت النَّصَارَى فى عهده يُنَادُون بِشعارهم الخَاصّ، ويَقُولُون: ظَهَر الدِّين الصَّحِيح دينُ المَسيح، ويَذُمُّون دينَ الإسلام وأهلَه، وكانوا يُنَظِّمون مَوَاكب عَامّة يُنْشِدُون فيها الأنَاشِيد ويحملون الصّلبان، ويُجْبِرُون المُسْلمِين على أن يَقُومُوا احتِرامًا لها، ومن أبَى تَعَرّضَ لِلسَّبِّ والشَّتْم والإهانَة، كما أنَّهم يَحْمِلُون الخَمْر يرشُّونَه على ثِيابِ المُسْلِمين ويَصُبُّون على أبواب المَسَاجد، ولما وَقَع هَذَا اجتمع قُضَاة المسلمين والشُّهُود والفُقَهاء ودَخَلُوا القَلْعَة يَشْكُون هذا الحَال إلى مُتَسلمها أمير التَّتَار "ابل سيَّان" ولكنه أهَانَهم وطَرَدَهم وقَدَّم كلَام رؤساء النّصَارَى عليهم، بدل أن يُنْصِفَهم ويَمْنَع النَّصَارَى عن فِعْلَتِهم النكْراء، فَإنّا لله وإنا إليه راجعون (^٢).
ولم يكتفِ هذا العابثُ بما فَعَل فى العِراق، وحَلَب والشام إضافة إلى ما سبق له فى البِلَاد الأخرى الَّتى دَخَلَها، بل أمر قَائدَه (كتبغانوين) بِتحريض من الصَّلِيبِيّين أن يَغْزُوا أرض مصر عَاصِمة المُسْلِمين بعد سُقُوط
_________
(^١) السلوك ١/ ٢/ ٤٢٤.
(^٢) البداية والنهاية ١٣/ ٢١٨ - ٢٢٠ وعيون التواريخ ٢٠/ ٢٢٢ - ٢٢٧.
1 / 22
بغداد فَاتّجَه إليها بِجيشِه المُكَوَّن من عَشْرة آلاف مقاتل، فأرسَل رسالة إلى المَلِك المُظَفّر قطز يُهَدِّده إن لم يُسَلِّم البلاد طَائعًا بنحو ما فعل فى بغداد، وحلب، ودمشق، وغيرها من الأرض، إلّا أنَّ تَهْدِيدَه لم يُحَرِّك سَاكِنًا عند قطز، بل قَتَل رُسلَه، واستَعَدَّ لِلِقائه، وبَادَرهم قبل أن يُبَادِروه، وأقْدَم عليهم قبل أن يُقْدِموا عليه، وسَارَ بجيشه فى قِيَادَة قائدِه "بيبرس البندقدارِيّ"، فَالتَقَى الجَيْشان عند عين جالوت فى الخامس والعشرين من رمضان، فَاقْتَتَلوا قِتَالًا شديدًا، فكَانت النّصرة للإِسلام وأهله - ولله الحمد، فهَزَمهم المُسْلِمون هَزِيمَة نَكراء، وقتل أمير المَغُول (كتبغانوين) ولم يَنْجُ من سُيُوف المسلمين أحدٌ من الصَّلِيبِيّين والمغول إلّا من وَلّى الأدبار وفَرَّ إلى وكره (^١).
فلما انجلَى غُبَارُ هذه المَعركة بالنَّصْر المؤزّر، دخل المَلِك المظَفَّر بلاد الشام دمشق، وحلب، وغيرها دخول الظّافر من غير مُنازع ولا مُنافس، بل دخلها فى أبّهة عَظيمة، فرح به النّاس فرحًا شديدًا ودعوا له دعاء كثيرا.
ثم جعل عليها وُلَاتَه وقُضَاتَه، ثم اتَّجَه بعد ذلك إلى مصر عاصِمة دولته فلم يكتب له الوُصُول إليها، بل أدركَتْه المَنِيَّة فى الطَّريق شَهيدًا على يد قائده الظّاهِر بيبرس، لما لَمْ يُكَافِئه على انتصَارِه الساحق على التَّتَار بولاية حَلَب حَسب ما كان قد وعده بها، وبعد ذلك اعتلى بيبرس البندقدَارِيّ عَرْش السلطنة بمصر، وَتَلَقّب بالمَلِك الظَّاهر، فَحَكم وعَدَل، وقَطَع، ووَصل، وولى، وعَزَل، وكان شَهْما شُجَاعًا، ونَظّم الأمُور، وأرسل العَسَاكر بالأسلحة لِحفظ الثُّغُور وَالمَعَاقِل، فلم
_________
(^١) راجع المختصر فى أخبار البشر ٣/ ٢٠٥ والبداية والنهاية ١٣/ ٢٢٠ - ٢٢١.
1 / 23