قبل أن تقرأ
شكر واجب
ذات
قبل أن تقرأ
شكر واجب
ذات
ذات
ذات
تأليف
صنع الله إبراهيم
قبل أن تقرأ
واكبت سنوات مراهقتي نهاية العهد الملكي في مصر. كانت البلاد تموج بدعوات التحرر الوطني من الوجود الإنجليزي العسكري، والتحرر الاجتماعي من سيطرة الإقطاع، ومن الأمية والمرض والحفاء! .. وشكلت هذه البيئة وجداني، وخاصة الحديث عن أن المعرفة هي كالماء والهواء يجب أن تكون للجميع وبالمجان.
وفي مغرب يوم من سنة 1951م، كنا أنا وأبي عائدين من زيارة لأحد أقاربنا في شرق القاهرة. توقفنا في ميدان العتبة لنأخذ «الباص» إلى غربها حيث نقطن. اتخذنا أماكننا في مقاعد الدرجة الثانية. نعم! كانت مقاعد «الباص» آنذاك - والترام أيضا - مقسمة إلى درجتين بثمنين متفاوتين للتذاكر التي يوزعها «كمساري» برداء أصفر مميز أثناء مروره على الركاب.
جلسنا أنا وأبي خلف الحاجز الزجاجي الذي يفصل الدرجتين، وتابعت في حسد ركاب الدرجة الأولى، بينما كان أبي غارقا في أفكاره التي تثيرها دائما أمثال هذه الزيارات.
قلت بحماس طفولي: «سيأتي اليوم الذي يزول فيه هذا الحاجز، بل ويصبح الركوب بالمجان.»
تذكرت الروايات التي أعشق قراءتها فأضفت: «والكتب أيضا!»
تطلع إلي باستياء من سذاجتي: نعم! الكتب بالمجان؟ يا لها من سذاجة!
ولم أتصور وقتها أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه كتبي أنا متاحة للقراءة بالمجان! وذلك بفضل مبادرة جريئة من مؤسسة مصرية طموحة، فشكرا لها!
صنع الله إبراهيم
شكر واجب
للأساتذة
ليلى عويس ،
محمد برادة ،
باسم القاضي ، الذين أنارت لي
ملاحظاتهم الطريق، و
حسين حمودة ، الذي
تكرم بمراجعة المخطوطة بالدقة التي يتميز
بها، كاشفا عن عديد من الأخطاء، والتناقضات،
ولأسرة
دار المستقبل العربي
التي والتني بالتشجيع والمودة،
وللأساتذة
أحمد نبيل الهلالي ،
محمد صبري مبدي ،
فوزي حمزة ، المحامين؛ لما تكرموا
به من نصح وإرشاد.
ص. إ.
ذات
1
نستطيع أن نبدأ قصة ذات من البداية الطبيعية؛ أي من اللحظة التي انزلقت فيها إلى عالمنا ملوثة بالدماء، وما تلى ذلك من أول صدمة تعرضت لها، عندما رفعت في الهواء، وقلبت رأسا على عقب ، ثم صفعت على أليتها (التي لم تكن تنبئ أبدا بما بلغته بعد ذلك من حجم من جراء كثرة الجلوس فوق المرحاض). لكن بداية كهذه لن يرحب بها النقاد؛ لأن الطريق المستقيم، في الأدب والأخلاق على السواء، لا يؤدي إلى شيء ذي بال، ولن يتمخض عنه في حالتنا هذه سوى إضاعة وقت كل من القارئ والكاتب، وهو الوقت الذي يستطيعان استغلاله مع التليفزيون على سبيل المثال، من موقعين مختلفين، بما يعود عليهما بفائدة أكبر بكثير مما قد تجلبه مئات الصفحات الورقية، وبالإضافة إلى هذا فإن النظرة العصرية لفن القص هي نظرة حسية ذكورية تماما، تساوي بين المداخل المختلفة من حيث أهميتها للعملية إياها؛ أي القص، ومن حيث الخاتمة المحتومة التي تنتهي أو لا تنتهي بها، وتشجع الكاتب على أن ينتقي ما يروق له منها، وما يتفق مع مزاجه وقدراته، فيقتحمه مباشرة، وينتهي من الأمر كله بعد عدد محدود من الصفحات.
تحفل حياة ذات بالكثير من هذه المداخل التي اقترنت بصدمات لا تقل شأنا عن صفعة الألية الأولى، وبعضها نمطي تماما، مثل اللحظة التي اكتشفت فيها أن ما ظنته جرحا عارضا، إنما هو خاصية جديدة اكتسبها جسمها، فأصبح قادرا من الآن على إفراز مياه ملونة بغير اللون الذهبي، فلم يهيئها أحد لهذا التطور (لأن الأب، ككل الآباء، دأب على تجاهل أمثال هذه الأمور وتركها للأم، التي دأبت بدورها، ككل الأمهات، على تأجيل لحظة المكاشفة خشية أن يترتب على تفجر النبع الأحمر من مكان، نضوبه من مكان آخر).
البعض الآخر من هذه المداخل المقترنة بالصدمات يمثل تنويعا على النمط السائد لا يخلو من طرافة، من قبيل ما حدث عندما أمسكوا بها وفتحوا لها فخذيها عنوة، ثم اجتثوا ذلك النتوء الصغير الذي سبب إزعاجا شديدا للمصريين من قديم الزمان. وإن كان من الأمانة أن نسجل أن الاجتثاث، لحسن الحظ أو لسوئه (حسبما تكون وجهة النظر)، لم يكن تاما؛ فالأم التي جردت مبكرا من العضو المزعج، كانت - على عكس ما يتوقع المرء - حريصة على ألا تتمتع ابنتها بفرصة التسلية (قبل الزواج)، ثم التعويض (بعده) التي حرمت هي منها. أما الأب فكان، عكس ما يتوقع المرء أيضا، راغبا في إعفاء ابنته من العملية التقاليدية، متصورا (إن صوابا أو خطأ) أنها المسئولة عما آل إليه أمر نتوئه الخاص. ولما كان توازن القوى النتوئي في قمته، كان لا بد من حل وسط. هكذا سمح بالإبقاء على جزء من النتوء الجليل مما أتى بنتيجة عكسية؛ فبدلا من أن يصبح تعويضا عن الجزء الضائع، صار تذكرة دائمة به.
لماذا نذهب بعيدا ولدينا مدخل طبيعي، محمل بقدر عال من الدراما، بل الميلودراما، ونقصد بذلك لحظة الصدمة الكبرى، ليلة الدخلة؟
هذه الليلة الفاصلة جاءت بعد شهور طويلة من التقارب التدريجي بين ذات وعبد المجيد حسن خميس، تم خلالها ارتياد أماكن الفسحة المتاحة في ذلك الحين (منتصف الستينيات)؛ كازينو فونتانا وسط النيل، كازينو قصر النيل، الهيلتون، حديقة الأسماك، جزيرة الشاي، برج الجزيرة (الذي أقامه عبد الناصر، بديلا عن حركة الأصبع الشهيرة، بالملايين الثلاثة من الدولارات التي حاول الأمريكان شراءه بها)، كما تم ما هو أهم، ونقصد بذلك التعرف على الطفل المعجزة نفسه، الذي استوى عملاقا بمجرد مولده؛ أي التليفزيون، الذي سيلعب دورا رئيسيا في حياتهما المشتركة إلى أن يصبح الرابطة الوحيدة التي تجمع بينهما (وهو المصير الذي لم يتوقعه والد ذات لنفسه عندما أحضر الجهاز إلى منزله متحملا عبء أقساطه الشهرية، على أمل أن يتمكن بواسطته من تجنب أي شكل من أشكال الرباط بأمها).
كانا يجلسان - ذات وزوج المستقبل - أمام الجهاز بالساعات، تحت عيني الأم الساهرة، واهتمامهما موزع بين تمثيل عبد الغني قمر في المسلسل، والمحافظة على الوسائد في أماكنها؛ فقد كان ذلك هو عصر الميني الساحر، الذي خلق للوسائد وظيفة جديدة إلى جانب وظائفها المعروفة (البريء منها وغير البريء)؛ فبوضع واحدة صغيرة فوق الركبتين صار بوسع ذات أن تسترخي في جلستها كما تشاء، دون أن تكشف ما لم يحن الوقت بعد لكشفه، وأمكن للأم أن تتفرغ لمتابعة أحداث المسلسل، مكتفية بنظرة جانبية بين الحين والآخر تطمئن بها على ثبات الوسادة في موضعها، وإن كانت هذه النظرة السريعة كفيلة بتشتيت انتباهها إذا حدث وامتدت، بالرغم منها، إلى فخذي العريس المرتقب والوسادة المماثلة التي استقرت فوق حجره؛ إذ تحار في معرفة الغرض منها طالما أن عبد المجيد يملك ساترا طبيعيا ممثلا في بنطلون بذلته الأنيقة. وبمرور الوقت توصلت المرأة الساذجة التي تتميز بضآلة التجربة وسعة الخيال، بقدر يماثل ما لديها من ضيق أفق وتحجر في المشاعر، إلى قناعة ملأتها بالإشفاق على ابنتها؛ فقد تصورت أن احتياج خطيب ابنتها إلى ساتر إضافي، مبعثه ضخامة ما هو مضطر لحجبه عن الأنظار.
ما لم يكن عبد المجيد مضطرا إلى حجبه كان أكثر ضخامة، ونقصد بذلك أليته أو مؤخرته أو عجيزته (فالمعجم لا يمدنا بوصف يقارب في الدقة والإحكام المورفولوجيين ذلك الذي تؤديه الكلمة البذيئة الموجودة الآن على طرف لسان القارئ أو القارئة)، وهو الجزء الذي تضاءل وانكمش على مر الزمن في تناسب عكسي مع ازدهار قرينه لدى ذات.
فيما عدا ذلك لم يكن هناك ما يعيبه؛ كان وسيما، أنيقا، مسلحا بالضروريات الذهبية؛ علبة السجائر والولاعة (رونسون)، الخاتم، عطر أولد سبايس، الحذاء الضيق المدبب، معرفة بأنواع الطعام وبروتوكولاتها، شكوى دائمة من سياسة الدولة المتحيزة للقطاع العام والتصنيع، طريقة متعالية في الإشارة لسائقي التاكسي تجبرهم على التوقف، وتملأ ذات بالزهو، أهمية بالغة يضفيها على كل حرف يخرج من بين شفتيه، آراء قاطعة في مختلف الأمور يدلي بها في ثقة تجبر الآخرين (أو على الأقل ذات) على الاقتناع بها، وتنتهي عادة بالكلمة التي حيرتها طويلا هي وأبيها المحدود الثقافة، إلى أن أنست إليه، بعد الزفاف بالطبع، ووجدت الشجاعة لأن تستفسره، فرفع حاجبيه في دهشة أخجلتها، وتكرم موضحا: «أوف كورس؟ بالطبع.» وبالإضافة إلى ذلك كانت هناك مواقفه العنترية ومعارك الدفاع عن العزة والكرامة، فضلا عن الحق، التي لم يتح لها أن تشهد شيئا منها؛ لأنها كانت تجري إما في البنك الذي يعمل به، أو في العمارة التي يسكنها، أو في الجامعة التي «لا» يتردد عليها.
نعم، غيمة واحدة في سماء عبد المجيد الصافية؛ إنه لا يحمل شهادة جامعية، لكن بينه وبينها امتحان واحد حال مرضه دون التقدم إليه، وهو يتقاضى الآن مرتبا مرضيا، وأبواب المستقبل مفتوحة أمامه على مصراعيها.
كانت تلك فترة الآمال العريضة، والتطلعات الجسورة والأحلام؛ أحلام النوم وأحلام اليقظة بكافة أنواعها (الجاف منها والمبتل). أمام بركة البط في حديقة الميريلاند قالت له: غسيل الملابس لم يعد مشكلة بفضل الأومو. قليل منه في طبق ماء من البلاستيك، ويقلب حتى يصنع رغوة كبيرة، ثم تلقي الواحدة فيه بالقميص أو البلوزة وتنصرف لعمل الشاي أو الطبيخ. وبعد ذلك دعكة أو دعكتين، ولا حاجة إلى هري الأصابع أو الغسالة (تقصد المرأة التي تغسل وليس الآلة، التي لم يكن عصرها قد حل بعد).
استقبل عبد المجيد هذا الإعلان عن النوايا بغير حماس؛ ذلك أن صورة الغسالة الجالسة أمام الطشت كاشفة عن فخذيها وأحيانا ثدييها عندما تنحني لتقبض بحزم على ياقة القميص أو قعر الكيلوت، وتدعك أيا منهما في أناة أولا بقطعة صلبة من صابون «الميزان»، ثم بقبضة اليد. هذه الصورة كانت تعشش في ركن من رأسه، ليس فقط كذكرى أول إطلالة على العالم المثير إياه، وإنما أيضا كإمكانية محتملة في المستقبل المديد.
إلى جانب الأومو كانت هناك أصابع مزيل العرق وحبوب منع الحمل، بالطبع، وأخيرا الثالوث المقدس الذي لم يعد من الممكن أن يستغني عنه المنزل العصري، والذي جعله عبد الناصر في متناول الجميع؛ السخان وبوتاجاز المصانع الحربية، وثلاجة إيديال. هكذا وصلنا إلى بيت القصيد؛ العش.
رسم عبد المجيد الحدود بلهجته القاطعة؛ ثلاث غرف وصالة (فكري في الأطفال)، بلكونة على الشارع (لا بد أن نكون على وش الدنيا)، الطابق الثاني (خير الأمور الوسط)، عمارة جديدة وجيران محترمون، حي نظيف وراق، أوف كورس، لا يكون بعيدا عن البيت الكبير (قاصدا، بالطبع، بيت أهله لا أهلها؛ مما خلق الشجار الأول الذي لم يتوقف منذ ذلك الحين ولا حتى بعد انتقال سكان البيتين الكبيرين جميعا إلى بارئ الكل).
كان الحديث، بالطبع، عن شقة للإيجار (فلم تكن بدعة التمليك قد ظهرت بعد)، لكن جمال عبد الناصر، المنتشي بهتاف الجماهير ومطالبتها بالمزيد، أجرى تخفيضين متعاقبين لإيجارات المساكن، جلبا له تصفيق الساكنين الفعليين وسخط أقرانهم المحتملين؛ لأنه ترك للبيروقراطيين من أصحاب المؤخرات الكبيرة العناية بالتفاصيل، وهكذا أذاب عبد المجيد عدة أزواج من الأحذية الضيقة المدببة قبل أن يحالفه الحظ.
ففي أحد أطراف حي مصر الجديدة، على مسافة متساوية من منزل أهله في العباسية ومنزل أهلها في الزيتون، وفي شارع داخلي قريب من خط الترام الملقب بالمترو، الذي كان ما يزال مفخرة الحي في الانتظام والنظافة (لقرب العهد بالوجود الأجنبي، قبل أن يضفي عليه المصريون الأصلاء طابعهم القومي الصميم، فتنوء عرباته بوطأة الزحام، وتختفي قضبانه أسفل أكوام القمامة)، عثر عبد المجيد على مقاول طيب من فئة غير المستغلين، بنى لنفسه عمارة، وشغل شقتين منها، وأجر الشقق الباقية، دون خلو، لمستأجرين محترمين، بينهم واحد من الشرطة وآخر من الجيش، يشتركون جميعا في أنهم حديثو عهد بالزواج، وأن أبواب المستقبل مفتوحة أمامهم على مصاريعها.
رحب عبد المجيد بالسكنى في عمارة العرسان رغم السلبيات؛ فالشقة الوحيدة المتاحة كانت في الطابق الرابع، ولا تطل على مدخل العمارة. هذه الخاصية الأخيرة دفعت بالدموع إلى عيني ذات؛ إذ داهمها يقين بأنها قد حرمت إلى الأبد من الإطلال على وجه الدنيا. على أنها لم تلبث أن تبينت الإيجابيات على ضوء السباق القائم بينها وبين أختها الكبرى زينب (التي تحطم زواجها على صخرة الشقة)، وابنة خالتها عفاف (التي تقيم مع زوجها المحاسب في بدروم)، وأعز صديقاتها هناء (التي تعيش مع زوجها الضابط في غرفتين بناهما له أبوه فوق سطح منزله)، وصفية (التي هاجرت إلى الإسكندرية لتقيم مع زوجها عند أهله)، ومنال التي تعيش أيضا مع أهل زوجها في انتظار حصوله على بعثة الدكتوراه، وأخيرا أبوي ذات نفسها اللذين يقيمان في شقة رطبة مظلمة بالطابق الأرضي.
تضاعفت الإيجابيات عندما تسلما الشقة جاهزة للسكنى (ففي تلك الأيام لم يكن المستأجر ملزما بدهان الحوائط وتبليط الأرضيات وتركيب الحنفيات والمواسير؛ لأن الملاك وقتها كانوا من الغفلة بحيث يقومون هم أنفسهم بكافة التشطيبات الضرورية، بل إن مالك عبد المجيد الطيب تقبل بصدر رحب الطلب الذي تقدم به كشرط لتوقيع عقد الإيجار، وهو تركيب مصباح أحمر فوق باب غرفة النوم يضيء تلقائيا عند إغلاق بابها من الداخل بالمفتاح (مما يعطينا فكرة عن الأهمية التي كان عبد المجيد يعلقها على هذه الغرفة في مطلع حياته الزوجية). انشرح صدر ذات، وأخفى عبد المجيد رضاه خلف تقطيبة صارمة، وهما يطوفان بأرجائها يتشممان رائحة الطلاء الطازجة، ويتأملان الجدران الناصعة؛ لا صراصير وفئران، وآثار أيد فوق دواليب المطبخ، وأجزاء مكسورة من بلاط الحمام، وحفر مسامير متناثرة فوق الجدران، ومقابض أبواب منزوعة، وأسلاك مدلاة من الأسقف وقد تراكمت عليها الأتربة ومخلفات الذباب. قطيعة كاملة مع ماض مليء بالأركان المهملة والوساخة المتراكمة لصالح مستقبل مفتوح الأبواب على مصاريعها، سينقلهما في الوقت المناسب من ظهر الدنيا إلى وجهها.
بكت ذات بدموع غزيرة وهي تغادر منزل أبويها لآخر مرة في رداء الزفاف المقترض من ابنة خالتها، معتمدة على ساعد عبد المجيد المتألق في بذلته السوداء، لتقلهما إلى منزل الزوجية سيارة أجرة، يتبعهما الأهل والأقارب وأخلص الأصدقاء والصديقات في عدد من السيارات المماثلة (ما زلنا نتحدث عن عصر لم يكن فيه امتلاك سيارة خاصة أسهل من الحصول على شقة). تفقد الجميع الشقة وأثاثها وسط الضحكات الخجولة، ثم انسحبوا بعد أن تجرأت زينب وأطلقت زغرودة عالية تشهد بها العالم على الظلم الذي حاق بها، أو تستعطف بها الحظ، وتبعتها منال المشهورة برعونتها؛ مما أثار استنكار عبد المجيد المصمم على بداية جديدة تماما لا مكان فيها لما هو مبتذل وبلدي. وأصبح العروسان أخيرا بمفردهما.
تمنعنا ظروف النشر الراهنة من التعرض بالتفصيل لواحدة من أخطر اللحظات في حياة كل من ذات وعبد المجيد؛ لهذا سنتركهما بعض الوقت، وقد انهمك عبد المجيد في فض زجاجة ويسكي ليهدئ ما انتابه من روع، ثم نعود إليهما بعد حوالي الساعة، لنجدهما جالسين على حافة الفراش، عاريين تماما، وهما يبكيان.
الذي حدث أن عبد المجيد اكتشف، أو ظن أنه اكتشف، أن البضاعة التي أنفق عليها كل مدخراته، ورهن بها مستقبله، لم تكن سليمة تماما، وأن آخر، وربما آخرين، سبقوه للعبث بمحتوياتها أو على الأقل بغلافها. هل هذا يدعو للبكاء؟ ربما، لكن المسيل الأساسي لدموعه لم يكن الاكتشاف وإنما الشك؛ فقد أقسمت ذات بكل يمين، أمام الملاءة البيضاء من كل سوء، أن أحدا غيره لم يلمسها، وقامت تبحث عن كتاب الله لتعزز القسم، فأتيحت له الفرصة ليرى البضاعة من الخلف في كامل عريها، وسره ما رأى فجفت دموعه. أما ذات فقد تبينت أنها غفلت عن إحضار المصحف الذي أهداه أبوه إليهما (ربما لهذا السبب بالتحديد، أو لأننا ما زلنا في الستينيات، وعلى أية حال فإن هذا السهو سيتم تداركه في المستقبل إذ ستمتلئ الشقة بكافة أنواع المصاحف)، فعادت إلى مكانها بجواره واستأنفت البكاء. لماذا؟ لأنها اكتشفت أن الشيء الذي عانت كثيرا من أجل المحافظة عليه لم يكن موجودا من الأصل.
سنقفز الآن عبر مجموعة من اللحظات الهامة في حياة ذات، تصلح كل منها مدخلا لقصتنا؛ الأيام الحزينة التي تبين فيها أن الجيش المصري لا يتقدم في سيناء شرقا وشمالا، وإنما جنوبا وغربا، الانسحاب الدرامي الذي قام به جمال عبد الناصر ومن بعده فريد الأطرش وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، اللحظة التي وقعت فيها عيناها على الفخذين العاريين المبهرين لجارتها الشابة، وتلك التي أصبحت فيها، أو ظنت أنها أصبحت شيوعية، والأخرى التي اكتشفت فيها طريقة مبتكرة لعمل دريسنج للطورطة من مواد محلية رخيصة.
سندع كل هذه اللحظات المصيرية جانبا، الآن على الأقل، ونتوقف عند واحدة لا تقل عنها أهمية.
ففي زمان بركة البط في حديقة الميريلاند أعلنت ذات، التي كانت تستعد للمرة الثانية لامتحان أول سنة في كلية الإعلام، أنها تنوي مواصلة الدراسة لتعمل بعد التخرج، في إحدى الصحف، أو إذا ما أسعدها الحظ، في التليفزيون.
اصطدم إعلان النوايا الثاني بالرفض القاطع من جانب عبد المجيد، الذي كان قد نجح لتوه في عدم التقدم لامتحان التخرج من كليته، وأعلن بلهجته الحاسمة، وهو يصوب إليها نظرة صارمة ذكرتها بأبيها فألجمتها، أن البيت سيحتاج إلى كل وقتها خصوصا بعد أن تبدأ المفرخة عملها، فضلا عن أنه قادر على تلبية كل احتياجاتهما من الآن، فما بالك بعد أن يحصل على الليسانس الموعود؟ ومن جديد رسم عبد المجيد الحدود؛ داخل البيت لها وخارجه له.
استقبلت ذات الحدود المقترحة بشيء من الارتياح؛ فقد استكانت إلى المظلة المتينة المهداة إليها والتي مثلت امتدادا طبيعيا لمظلة أبيها. ووجدت فيها فرصة لتسجيل نقطة على ابنة خالتها التي أجبرها زوجها على العودة إلى العمل منذ اليوم الأول لزواجهما كي يتمكنا من الصعود إلى سطح الأرض، كما أنها لم تكن متحمسة كثيرا لمواصلة الدراسة، فبسبب محدودية العملية التقاليدية التي أجريت لها في طفولتها، كانت تجد صعوبة بالغة في التركيز، وتنتابها حالة غريبة عند القراءة أو الكتابة، تمتطي فيها الكلمات ظهر بعضها البعض، فتختلط الألفاظ والمعاني.
انقطعت ذات عن الكلية، واستراحت من مشاكل المواصلات ومضايقات الزحام، وتفرغت لرعاية بيتها وتشغيل الحضنة، وواصل عبد المجيد عدم التقدم لامتحان التخرج السنوي، بينما لم تتوقف تكاليف المعيشة عن الارتفاع، إلى أن جاء اليوم الذي أعلن فيه بنفس اللهجة القاطعة أن بقاءها في المنزل ليس له «ميننج»، وأنها لا بد أن تعمل كالأخريات.
كيف؟! وهي لم تعد مؤهلة لأي عمل، بل وأوشكت أن تنسى مبادئ القراءة والكتابة، ولا تجيد غير أعمال المنزل، بل إن هذه كثيرا ما تختلط عليها تحت وقع نظرات عبد المجيد الصارمة (فتضع الملح بدلا من السكر، أو الخل بدلا من ماء الورد، أو تتجمد أمام حلة اللبن أو كنكة القهوة، مترددة بشأن اللحظة الملائمة لإبعادهما عن النار إلى أن تفور محتوياتهما).
لكن مجيد، كما ألفت أن تدعوه في لحظات الصفاء، القادر على كل شيء، أوجد لها عملا في صحيفة يومية، عن طريق أحد مديريها الذي كان من عملاء البنك، وفي قسم لا يتطلب أي موهبة على الإطلاق؛ لأنه كان مسئولا عن متابعة وتقويم عمل الجريدة كله.
كان عمل القسم يتلخص في مراجعة المواد المنشورة لاكتشاف الأخطاء المطبعية واللغوية والسياسية والمهنية، ثم مقارنتها (المواد لا الأخطاء) بما تنشره الصحف الأخرى لتعيين أوجه السبق أو التقاعس، وإثبات هذا كله في تقرير يومي يرفع إلى رئيس التحرير ليرفعه إلى رئيس مجلس الإدارة. ولما كانت الصحف اليومية كلها تستقي أنباءها من نفس المصدر، والأخطاء المطبعية واللغوية، فضلا عن غيرها، أفدح من أن يكتشفها العاملون في القسم الذين لا يتعدى تعليمهم مرحلة الجامعة، والذين جاءوا إلى القسم من مناح شتى، كما جاءت ذات فيما بعد، ولما كان رئيس مجلس الإدارة يلقي بالتقارير في سلة المهملات بيده اليسرى؛ لأن اليمنى لا تفارق سماعة التليفون التي يتلقى عبرها التعليمات الخاصة بما يجوز وما لا يجوز نشره من أقل العاملين شأنا في مكتب وزير الإعلام أو رئاسة الجمهورية بعد أن يبلغه بآخر الأنباء والإشاعات، فإن رئيس القسم، وهو رجل أربعيني طيب القلب يحمل اسما مصريا صميما له عبق التاريخ، هو أمينوفيس فلتس قلته، ويعمل منذ سنوات في إعداد موسوعة ضخمة للشخصيات المعروفة التي زارت القاهرة (بصفتها عاصمة حركات التحرر في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية)، توصل إلى طريقة عملية لإنجاز مهام القسم تسمح له بالتفرغ لسجله الهام، فأعد بنفسه سبعة تقارير نموذجية لأيام الأسبوع السبعة، وبينما ينهمك معاونوه في قراءة الصحف والتلفنة والثرثرة، وازدراد السندوتشات والشاي والقهوة، ثم يتسللون إلى الخارج واحدا بعد الآخر، يعمل هو في صمت، فيخرج أحد التقارير السبعة النموذجية من حقيبته، وينسخه في الورق المخصص لأعمال القسم (فلم تكن ماكينات تصوير المستندات قد انتشرت بعد)، ثم يضع عليه تاريخ اليوم ويبعث به إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة، وينصرف إلى مؤلفه الجليل. وفي اليوم التالي يختار تقريرا آخر حتى ينتهي الأسبوع ويبدأ أسبوع جديد، فيعيد الكرة بنفس التقارير مبدلا في ترتيبها بحيث لا يتكرر أحدها في يوم معين إلا مرة كل 49 يوما، طبقا لجدول دقيق أعده لذلك.
أحرزت خطة أمينوفيس نجاحا باهرا ، وأصبح القسم مضرب المثل في الإنجاز، إلى أن استدعاه رئيس مجلس الإدارة في أعقاب الانقلاب الذي قام به السادات ضد أعوان عبد الناصر، وقال له وهو يتفحصه بإمعان: «أوشى بك أحدهم يا أمينوفيس.»
بوغت الرجل الطيب وظن أن خطته افتضحت، لكن رئيس مجلس الإدارة أضاف أن المباحث استفسرت عنه وعما إذا كان عضوا في التنظيم السري الذي شكله عبد الناصر، في السنوات الأخيرة قبل وفاته، من أعضاء تنظيمه العلني ليجعلهم في حيرة من أمرهم.
أقسم أمينوفيس بالأب والابن والروح القدس أنه لم يهتم بالسياسة في يوم من الأيام، وأن عضويته في الاتحاد الاشتراكي عضوية روتينية، عادية، شأن بقية المصريين.
أطرق رئيس مجلس الإدارة، الذي كان هو نفسه من كبار المسئولين عن التنظيم السري داخل التنظيم العلني، ثم قال: «عارف يا أمينوفيس، عارف. نفس ما قلته لهم.» وأضاف أنه شهد لصالحه مستندا إلى تقاريره النموذجية التي سيتم تدريسها يوما ما بكليات الصحافة والإعلام، وأن الواشي في رأيه ليس إلا مجرد طامع في رئاسة القسم الذي يتولاه أمينوفيس بكفاءة.
تعدد الطامعون، وتكررت الوشايات، لكن أمينوفيس صمد في موقعه وازداد تشبثا به، فرغم أنه كان يواصل الترقي حتى أصبح في درجة نائب رئيس التحرير ومن حقه أن يرأس صالة التحرير، إلا أنه رفض التخلي عن قسمه؛ إذ انحصر كل طموحه في الحياة في إنجاز موسوعته التي ازدادت ضخامة نتيجة تدفق الأعلام والمشاهير على البلاد بعد انفتاحها على حركات التحرر في أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
خلال ذلك كانت ذات، التي لم يفارقها شعورها بالتطفل على مجتمع من العاملين المؤهلين جيدا للعمل الذي يتفانون في عدم أدائه، تدفن رأسها بين الصحف والمجلات، لا ترفعها إلا حين تحين فرص التلقي. فبسبب الهدوء الذي يسود المكان؛ نتيجة انهماك أمينوفيس ومساعديه في عملهم، أو نتيجة لغلبة النساء بينهم على الرجال؛ وبالتالي وجود فائض قابل للتصريف، أو لمجرد الملل الذي يعانيه من يبذلون جهدا خارقا في عدم العمل، فإن القسم صار ملتقى لعدد من المحررين يعقدون فيه جلسات البث المتبادل التي تحرمهم منه صفحات الجريدة، بينما تجلس ذات صامتة، مبحلقة العينين، تتلقى الصدمات تلو الأخرى، وخاصة من مصور سمين خفيف الدم يدعى منير زاهر، ظهر في القسم أول مرة حاملا مسجلة، ودون أن يعبأ بأمينوفيس الذي كان مستغرقا في مراجعة كشوف ركاب الترانزيت في مطار القاهرة الدولي، أدار أحد الأشرطة. عدوية؟ ولا حتى الشيخ إمام: «يا أهالي أجهور، أنا سعد إدريس حلاوة، منكم وفلاح زيكم. بازرع أرضي بإيدي وعرقي. ما سبتهاش ورحت أبيع الجاموسة، أو أرهن البيت واستلف بالفايظ عشان أشتري تذكرة سفر، أو عقد عمل مزور للعمل في ليبيا أو السعودية .. النهارده 26 فبراير 1980، النهارده بالذات السادات فتح لإسرائيل سفارة في الدقي ورفعوا عليها علمهم. يا أهالي أجهور .. أنا خلاص قررت أدفع دمي عشان نبقى فوق .. أنا معايا اتنين رهاين من أفراد الشعب الغلبان .. وإذا كان الخديوي السادات خايف على حياتهم؛ يطرد السفير الإسرائيلي فورا من القاهرة خلال 24 ساعة وإلا أقتل الرهاين وأقتل نفسي.»
الصدمات كانت متنوعة؛ آلة الطباعة بالغة الحداثة التي أمر رئيس مجلس الإدارة بشرائها بعشرات الآلاف من الدولارات، ثم أودعت البدروم بعد أن تبين عدم الحاجة إليها، وبعد قليل تم تكهينها وبيعت لأحد أقاربه بعشرات المئات من الجنيهات. صاحب العمود اليومي الذي شن حملة على اختفاء قطرة للعين، ثم قام برحلة لأوروبا على حساب الشركة التي تنتجها. المحرر الذي تخصص في تزويد رئيس التحرير لا بالأخبار وإنما بالفتيات، والآخر الذي يزود السيدة الأولى بالأخبار والتبرعات، والثالث الذي يحج كل عام إلى بيت الله الحرام على حساب خادمه (البيت لا الصحفي)، والرابع الذي ترقى من كتابة تقارير المباحث إلى إعداد خطب رئيس الجمهورية.
حصيلة وافرة لا تحلم بها واحدة من ماكينات البث المنتشرة في البيوت والمكاتب والتجمعات؛ مما دفع ذات، بعد أن استعادت ملكة القراءة، إلى محاولة التغلب على صعوبة تحريك اللسان التي لازمتها منذ الصغر وتفاقمت على يدي، أو بالأحرى عيني عبد المجيد (فما إن تبدأ في محاولة ترتيب الحروف فوق لسانها، وصياغتها في كلمات ، حتى يرميها بإحدى نظراته الصارمة، ويقاطعها بلهجته الحاسمة مؤكدا لها خطأ ما تنوي قوله، «أوف كورس»، فتتبعثر الحروف، وتمتطي ظهر بعضها البعض). وساعدها الحظ؛ إذ بدأت تظهر على عبد المجيد آثار اتساع الهوة بينه وبين أحلامه (فالحلم الرأسمالي الذي كان يبدو قريب المنال في ظل اشتراكية عبد الناصر، صار للعجب مستحيلا في عهد رأسمالية السادات).
استمع عبد المجيد دون مقاطعة لنبأ الشريط إياه، ثم علق باقتضاب قائلا إن صاحبه مجنون أو شيوعي (الأمر الذي أثار قلقها لأسباب تتعلق بأيام الدراسة)، وتلقى بغير مبالاة أنباء الفضائح والمباذل، وباهتمام واضح قصص الثروات الضخمة التي تتكون بين يوم وليلة (إذ وجد فيها شيئا من الإشباع رغم أنها كانت تتكون بعيدا عنه). وبالتدريج أخذت ذات تحمل معها يوميا جعبتين؛ واحدة للسندوتشات والمخللات تذهب بها إلى العمل، وأخرى لمواد البث تعود بها إلى المنزل وتستعين بها على مد قنوات الاتصال، التي دب إليها الوهن، مع عبد المجيد، وعلى مواجهة المنافسة الشرسة أثناء الزيارات العائلية. وسارت الأمور على هذه الوتيرة إلى أن وقعت حادثة الصورة.
فعندما مات جمال عبد الناصر وأصبح السادات رئيسا للجمهورية، أراد البيروقراطيون أن يضعوا صورة الأخير مكان صورة سلفه على جدران المكاتب الحكومية والمؤسسات المختلفة، لكن السادات رفض ذلك الإجراء، مقدما لمواطنيه درسا قيما في الوفاء؛ فقد روي عنه قوله، إن الأفضل من رفع صورة عبد الناصر تركها حتى تقع من تلقاء نفسها. هكذا استقر الوجه المتبتل ذو الزبيبة إلى جوار سلفه الباسم ذي الفودين الأشيبين حتى تحققت نبوءة السادات وأخذت صور عبد الناصر تتساقط من تلقاء نفسها (وقد بدأت هذه الظاهرة في الشركات التي تأسست طبقا لقانون الاستثمار الجديد، ثم انتقلت منها إلى بقية المؤسسات). لكن الغرفة التي تضم قسم متابعة الأخبار وتقويمها احتفظت بالصورتين متجاورتين بفضل ذات التي كانت تتلقى زيارات ليلية من العملاق الباسم ذي الفودين الأشيبين بالتناوب مع أبيها (الذي انضم إلى عبد الناصر، في السماء لا على الجدار)، إلى أن اغتيل السادات.
أصبح لدى البيروقراطيين خبرة بتغير الرئاسة ، فجرى على الفور توزيع صور الرئيس الجديد المؤطرة على المكاتب والمؤسسات. وطبقا لمبدأ الوفاء الذي أرساه الرئيس المقتول كان يتعين الإبقاء على صورته إلى جوار صورة الرئيس الجديد. ولم يتسع جدار غرفة قسم المتابعة والتقويم لصور الرؤساء الثلاثة الكبيرة بإطاراتها السميكة، فسنحت بذلك فرصة التخلص من أولهم. لكن ذات لم تقبل الإطاحة برئيسها المحبوب، وفي شجاعة نادرة لم تبدر منها من قبل أو من بعد قالت: «إذا كان لا بد أن يذهب أحد فليكن السادات.»
أدرك أمينوفيس الخطر الكامن في هذا الموقف؛ إذ سيحيي من جديد الاتهام الموجه إليه بعضوية التنظيمات السرية؛ مما قد يؤدي إلى الإطاحة به من رئاسة القسم، خاصة وأن أحدا لم يكن يعرف بعد أين يميل الرئيس الجديد، رغم أنه أعلن أكثر من مرة: «ماي نيم إيز حسني مبارك.» ولكي يخلي نفسه من المسئولية كتب تقريرا بالأمر (هو أول تقرير جديد له منذ التقارير السبعة التاريخية)، رفعه إلى رئيس مجلس الإدارة. وأسفرت القصة كلها عن الإطاحة بشخصين؛ عبد الناصر وذات.
نقلت ذات إلى الأرشيف الذي يحتل الطابق الأخير من مبنى قديم مجاور، يصعد إليه درج مظلم وكئيب، وتتصدره صالة طويلة ضيقة غصت بالمكاتب الخشبية والمعدنية المتلاصقة، والمقاعد الخالية، وحملت جدرانها المدهونة حديثا بلون أخضر قاتم، بصمات الأيدي وحواف المقاعد، بالإضافة إلى صورة واحدة، للرئيس الجديد بالطبع، يجلس أسفلها رئيس القسم (من غيره؟) وهو رجل ضئيل الجسم، تخلل شعره الشيب، لم يحلق ذقنه منذ أيام، يرتدي قميصا متسخ الياقة. تأملها بعينين أشبه بالمكحولتين، وأشار لها بيد التوت أصابعها الرفيعة على نفسها نحو الكف كالمخالب؛ لتجلس فوق مقعد قريب منه، ثم دفن رأسه في إحدى المجلات، وتجاهلها تماما، لا عن خجل أو ضغينة، وإنما لأنه لم يكن يعرف ماذا يفعل بها.
هكذا أتيحت لها الفرصة لأن تتأمل، من موقع الرئاسة، مسرح عملها الجديد؛ الملفات المكومة فوق المكاتب تعلوها الأتربة، الصحف والمجلات المتناثرة في إهمال، أرفف المجلدات المصفوفة في نظام يحول دون الاستدلال إلى أحدها، والسدنة؛ شاب هادئ يقرأ كتابا مستعينا بقلم يخطط به السطور؛ مما يقطع بأنه طالب في إحدى الكليات، وعدة نسوة قبيحات الوجوه؛ اثنتان في حجاب الرأس (إحداهما في بلوزة رمادية وجيبة سوداء، والثانية في فستان من قماش مستورد صارخ الألوان كمكياجها وأثقال من الذهب حول رقبتها ومعصميها وفي أصابعها وأذنيها)، والثالثة في حجاب كامل، بمنكبين عريضين وملامح أسيانة، والرابعة في فستان عادي، ماكسي، أسود اللون، سواد الشامة التي تزين خدها، والخامسة بوجه يشبه وجه الأرنب، وجيبة مزركشة مع بلوزة وردية اللون.
مرت لحظة التأمل في صمت، وما إن اكتشف السدنة أن زميلتهم الجديدة، التي سبقتها دعاية واسعة، تبدو (كما ستبدو لهم دائما) ضئيلة الشأن قليلة الحيلة، حتى انصرفوا إلى العمل. انطلقت وجه الأرنب إلى الركن الذي تجلس به الشامة السوداء إلى جوار الطالب الجامعي، ووضعت يدها على قلادة من حلقات كبيرة الحجم تتدلى فوق صدرها، هاتفة: «إيه رأيكم في الإكسسوار ده؟ العقد والحلق. بتوع بنت أختي. عندها شنطة مليانة.» وبسطت صاحبة المنكبين العريضين صحيفة اليوم فوق مكتبها، وأخرجت من أحد أدراجه لفافة السندوتشات وعلبة المخللات، ثم وجهت الدعوة إلى الرئيس، والزميلة الجديدة، والأخريات اللاتي لم يستجب منهن، طبقا لاتفاق سابق، سوى الشامة السوداء ووجه الأرنب، التي انتهزت الفرصة لتقدم عرض الإكسسوار الصباحي في الركن الآخر من الغرفة.
الماكينات العاكفة على مضغ الفول والمخلل، ثم ابتلاع الشاي (الذي أعدته صاحبة المنكبين العريضين فوق سخان صغير على الأرض بجوار ملفات قديمة بالية)، كانت من الكفاءة بحيث لم تتوقف عن البث لحظة واحدة:
الشامة السوداء : «سعد جاب لنا زيتون يقرف.»
وجه الأرنب (متثائبة) : «سعد مين؟»
الشامة السوداء : «الله! جوزي.»
وجه الأرنب : «آه صحيح. لازم جابه من الجمعية.»
المنكبان العريضان : «مرة جبت من بورسعيد زيتون يجنن. غطا العلبة فيه كاوتش.»
من الزيتون إلى أسعار الجوارب، في بورسعيد أيضا، وأفضل أنواع أغطية المائدة، ثم أدوية الصداع وعسر الهضم، والاحتمالات المختلفة لتأخر الدورة الشهرية (بصوت خافت بعض الشيء ونظرات مختلسة إلى معسكر الرجال)، وسر الآلام المباغتة في منطقة بين المعدة والعانة ، وكيفية إجبار الأطفال على شرب اللبن، والأزواج على استبدال الأنتريهات. والأصوات عالية، قوية النبرة، تقطر صحة وعافية، لا تعترف بفترات الصمت أو الراحة، وتربط بينها خيوط غير مرئية من الألفة والتعادي، تستبعد الغرباء، مثل ذات، التي شعرت فجأة برغبة في البكاء، عاودتها عند الانصراف، وبعد أن وقفت أكثر من ساعة في انتظار سيارة السرفيس، وحققتها بمجرد عودتها إلى البيت، وأثناء إعداد الطعام، وعندما تهربت الصغيرة «دعاء» من غسيل الأطباق، وعندما طلب منها عبد المجيد فنجانا من القهوة، وخلال الفرجة على التليفزيون، وقبل النوم، وبمجرد أن اقترب منها عبد المجيد مستثارا (وقد ارتبطت الدموع بمشاعره الشبقية منذ ليلة الصدمة الكبرى، الأمر الذي سيدفعها إلى الالتجاء إلى المرحاض عندما تريد إطلاق العنان لها).
تعودت ذات أن تحمل في حقيبة يدها منديلا صغيرا من القماش المطرز الحواف، تمسكه في يدها عندما تعرق، أو ترتبك، وتمسح بطرفه ما قد يتجمع في ركني عينيها من إفرازات، أو يسيل حولهما من كحل في الأيام الحارة. وقد ظلت متمسكة بهذه المناديل الصغيرة رغم انتشار بدائلها الورقية؛ إذ كانت عاجزة عن تمثل نفسها في صورة أخرى غير السيدة ذات المنديل القطني الصغير، لكنها اضطرت أخيرا أن تحني رأسها أمام زحف الحضارة، عندما عجزت المناديل التراثية عن مواكبة غددها الدمعية، فملأت حقيبة يدها بكتل من البدائل الحديثة، واحتفظت بعلبة كاملة منها في درج مكتبها. وبهذا صار في إمكانها أن تتخلص سريعا من أية إفرازات غير مناسبة؛ لتنكب على لصق وتضبير القصاصات التي يختارها الرئيس في الأيام التي يتصادف وجوده فيها (لأن موسوعته على عكس أمينوفيس تتطلب الحركة)، وعلى تصفح مصادرها الأصلية التي تتراكم في الأركان قبل أن تباع بالكيلو؛ صحف ومجلات لا حصر لها. استجابت للضيق الشائع بالخطاب السياسي الفارغ وبالشعارات الطنانة، فقدمت خدمة صحفية جديدة بالمرة، احتل فيها النبأ الخاص بأن الأرز ليس مسئولا عن البدانة، مكان المانشيت القديم الممل عن الاعتداءات الإسرائيلية، أو المرحلة الجديدة (دائما جديدة) التي تواجه العمل القومي. وبمرور الوقت بدأت تشارك في جلسات الأكل والبث، التي تلقت خلالها فيضا من المعارف المفيدة، فماذا قدمت هي؟
ذات الطيبة لم تكن تملك غير براعتها في التنظيم والإدارة التي اكتسبتها على يد الأم الصارمة؛ فهي تحتفظ في الفريزر بكمية من البصل المبشور والثوم المهروس، وفي الثلاجة بنحو كيلو ونصف من اللحم المسلوق، وصلصة مطهية. وقبل النوم تعكف على تنظيف الخضراوات وهي تتفرج على التليفزيون، ثم تغسلها وتودعها الثلاجة. وفي الصباح تخرجها وتتركها على طاولة المطبخ (الفورمايكا)، وبهذا يكون كل شيء معدا عندما تعود من العمل بعد الظهر، بحيث يجري إعداد وجبة تكفي يومين أو ثلاثة، بينما تقوم بغسيل الأطباق والأكواب المتخلفة من الإفطار، ولم الأشياء التي تبعثرت في الصباح (قميص نوم دعاء، وجورب متعفن لعبد المجيد)، ونقع الملابس المتسخة في المياه استعدادا لتشغيل الغسالة بعد الظهر. وفي المساء تقوم بتنقية الأرز أمام التليفزيون، وتغسله في الصباح وتطهوه عند عودتها من العمل، وبهذا يتوفر لها الوقت في اليوم الثالث لإعداد طبق إضافي أو بعض الحلوى (كريم كرامل أو جيلي) أو ترتيب دولاب الملابس، أو تنظيف دواليب المطبخ، أو رتق الجوارب وتثبيت الزراير، أو، أو، إلى آخر أعمال البيت التي لا تنتهي.
تتميز ماكينات الأرشيف بالشراهة؛ ولهذا فخبرة مثل هذه لا تصلح إلا لمرة بث واحدة، تحول اهتمام الماكينات بعدها إلى قنوات أكثر إثارة، فتورطت ذات في سباق لم تكن مؤهلة له؛ جربت ما يحدث لها في يومها فألفته تافها غير جدير بالماكينات الجليلة، وحفظت عن ظهر قلب نكات دعاء وزينب وعفاف وهناء، فوجدت أنها تنساها بمجرد أن تدخل القاعة وتتجه إلى مقعدها (بخطوات متعثرة ووجه مذعور) وسط خطوط البث المتشابكة، واستعانت بأحد أفلام عبد المجيد (الذي تعرض فيه لتهديد ثلاثة من اللصوص المسلحين بالمدى، فلكم أحدهم بيده اليمنى، والثاني بساقه اليسرى، ونال الثالث بضربة قاضية من مقدمة رأسه)، فارتفعت الحواجب ومصمصت الشفاه.
هل تسرب إليها اليأس؟ أبدا؛ فما إن تنتهي من ذرف الدموع المناسبة، حتى تحاول من جديد.
2
إضافة اسم
أنور السادات
إلى النصب التذكاري الذي أقامته إسرائيل باسم «ضحايا حرب الظلام والصمت».
جريدة
الأخبار
القاهرية: «إنقاذ مصر من أزمتها الاقتصادية يتحقق عند صحوة الضمير.»
ردا على اتهام مساعد المدعي الاشتراكي لأحد المسئولين الكبار بتسهيل عملية النصب على بنك قناة السويس،
عثمان أحمد عثمان ، نقيب المهندسين ورئيس لجنة التنمية الشعبية بالحزب الوطني الحاكم، ووزير الإسكان والتنمية الشعبية السابق يقول: «وفيها إيه؟ دي فلوسنا واحنا أحرار فيها.»
الشيخ الشعراوي : «إذا رأينا مثلا عمارة تدر دخلا كبيرا، فعلينا ألا نحسد صاحبها بل ندعو له بالبركة في الحلال من المال؛ لأنه لم يستغل أحدا لأنه أنفق ثمنها كغذاء في بطون أفقر العاملين، وكساء على جسد أفقر العاملين.»
تكوين شركة إنتراكو للاستيراد والتصدير من
مدحت التونسي ، و
عمر حامد السايح (29 سنة)، ابن وزير الاقتصاد ومدير سيتي بنك الأمريكي، والأولاد القصر ل
صحفي كبير .
المشير أبو غزالة ،
وزير الدفاع ،
يتحدث إلى الصحفي صلاح منتصر :
صلاح منتصر : «سيادة المشير .. لقد كان من نتائج حرب أكتوبر أننا أصبحنا نشترك مع إسرائيل في التزود بسلاحنا الرئيسي من مصدر واحد هو أمريكا، وأنا لا أخفيك أن في فكري السياسي الكثير من الأسباب والأفكار التي تجعلني مؤمنا بأهمية وقوف أمريكا مع مصر وإسرائيل في خندق واحد ... لكني أريد أن أضع نفسي مؤقتا في موقع الرأي الآخر وأسألك: كيف يمكن أن نعتمد في تسليحنا على نفس المصدر الذي يسلح إسرائيل؟»
أبو غزالة : «السؤال يمكن أن يكون: لماذا ترضى أمريكا أن تسلح مصر وإسرائيل معا؟ إن هذا يعني أن أمريكا لها استراتيجيتها العليا التي تتفق مع ذلك، وتتمثل في هدفين كبيرين؛ استمرار تدفق البترول من المنطقة وبأسعار مقبولة، وطرد النفوذ السوفييتي منها. أما موضوع الاستعمار فأنا أشك في أن يكون هدفا أمريكيا. إن هدفهم هو أن تكون صديقهم الحميم ولست صديقا للسوفييت.»
وكالة الأنباء الفرنسية في ذكرى
الغزو الإسرائيلي للبنان : «ضحايا الغزو من 4 يونيو إلى نهاية سبتمبر 1982 هم 19 ألف قتيل و32 ألف جريح، بالإضافة إلى ضحايا مذبحتي صبرا وشاتيلا الذين يقدرون ب 328 قتيلا وألف مفقود.»
اتهام
جلال السادات
باستخدام نفوذه لدى الدكتور
مصطفى أبو زيد ، المدعي الاشتراكي السابق؛ للحصول على خمس شقق في عمارة تحت الحراسة.
الدكتور
مصطفى أبو زيد
في المحكمة: «الحقيقة أن
جلال السادات
أخذ شقة واحدة فقط، والشقق الخمس بيانها كالآتي: ... الشقة الثالثة قيل إنها أجرت لمواطن اسمه أحمد عباس، وهو عديل جلال السادات. وفعلا نحن أجرنا لهذا الشخص، ولكن لمكانة اجتماعية خاصة وهي أنه مستشار في محكمة الجنايات. وهذا التأجير تم طبقا لقاعدة وضعتها، وهي أن المستأجرين يجب أن يكونوا حسني السمعة. والشقة الرابعة قيل إنها أجرت لسهير السادات، وهي لها زوج ضابط بالقوات المسلحة، وكنا قد وضعنا بعض الضوابط أن الشقق توزع على طوائف المواطنين جميعا، وكما خصصنا شققا لأعضاء الهيئات القضائية خصصنا شققا لضباط القوات المسلحة. والشقة الخامسة أجرت لجلال السادات باسم زوجته هدى عبد اللطيف. وعندما أتممنا تأجير الشقق تناقشنا في أمر الجراج، وعندها تقدم جلال السادات. أما واقعة أنه قام بتأجير الجراج بمبلغ 200 ألف جنيه لسيدة، فلم أكن وقتها مدعيا اشتراكيا.»
رئيس المحكمة : «أليس هناك أسس للاختيار؟»
د. مصطفى أبو زيد : «الاختيار كان يتم على أساس أخذ أحسن الشخصيات إشراقا.»
يوسف إدريس : «هل كان أنور السادات حسن النية في داخله، غبيا، أو حتى متخلفا عقليا أمام خصوم في غاية الذكاء؟ أم هو لم يكن غبيا وإنما كان يعرف حقيقة الدور الذي يقوم به، وكان واعيا تماما بما يراد للأمة العربية على يديه؟ هل كان وعي السادات لدوره هذا وقبوله القيام به، بل وحماسه الغريب في تنفيذ المهمة لأسباب مبدئية؟ أي إنه كان يحب إسرائيل وأمريكا ويكره العرب ويكره الشعب المصري؟ أم إن إيمانا لم يكن هناك بالمرة، وإن السادات قام بدوره تماما وهو مدرك لقذارة ذلك الدور، ولكن قوة عاتية مركبة هي التي ساقته طائعا مختارا ليفعل ما فعل، وربما جشع ذاتي مريض كان كامنا وموجودا، بل ومعروفا، بالذات لعبد الناصر؟»
الشيخ الغزالي : «تطبيق الشريعة في السودان كان إلهاما جليلا من الله سبحانه وتعالى للمسئولين. وللسودان أن يهنأ بهذه المرحلة النقية الطيبة .»
موسى صبري ، رئيس تحرير جريدة الأخبار، ينشر نماذج من مقالات قديمة ليوسف إدريس عن بطولة السادات، وصفه فيها برب العائلة الأكبر.
المشير أبو غزالة : «لو نظرنا إلى دائرة المشرق العربي المنتجة الرئيسية للبترول، والتي بها 60 بالمائة من كل ما لدى العالم من بترول، نجد أن أساسا رئيسيا من استراتيجيتها هو سلامة علاقاتها مع الغرب باعتباره الزبون المشتري لبترولها؛ وبالتالي هناك مصلحة مؤكدة في تنمية علاقاتها مع هذا الغرب؛ تورد له البترول، ومقابل ذلك تحصل منه على المال، وأيضا على التكنولوجيا التي تستطيع أن تبني بها مقومات اقتصادية جديدة تستعد بها من الآن لمستقبلها بعد أن ينضب البترول من حقولها. فإذا أضفنا إلى ذلك أن الدول العربية بحكم إيمانها بالرسالات السماوية والأديان يجعلها أقرب إلى الغرب من الشرق؛ لوجدنا أن جميع هذه الأسباب تنفي قطعيا وجود التعارض والصدام بين الاستراتيجيتين العربية والأمريكية.»
الشيخ الشعراوي
عن الإسلام بين الشيوعية والرأسمالية: «العداء بين الإسلام وأهل الإلحاد هو عداء في القمة، لكن الخلاف بين الإسلام وما بين المسيحية واليهودية هو خلاف في تصور الإله.»
وزير الزراعة الأمريكي : «المواد الغذائية هي أفتك سلاح نملكه، وستكون قوة فعالة في غضون العقود القليلة المقبلة؛ لأنه يتزايد اعتماد بلدان عديدة على صادراتنا من المواد الغذائية، وعليها أن تحترس من ضجرنا.»
وزير التخطيط المصري : «الديون الخارجية لمصر 13 مليار دولار؛ أي 400 دولار على كل مواطن مصري بما فيهم الأطفال.»
وزير التخطيط المصري : «ديون مصر 15 مليار دولار؛ أي 648 دولارا على كل مواطن بما في ذلك الأطفال.»
وزير الاقتصاد المصري : «الديون الخارجية لمصر 44 مليار دولار.»
رئيس الوزراء المصري كمال حسن علي : «ديون مصر لا تتجاوز 24 مليار دولار.»
البنك الدولي : «ديون مصر الخارجية 30 مليار دولار غير الديون العسكرية.»
انهيار زواج تاجر السلاح السعودي
عدنان خاشوقجي
من الإنجليزية ساندرا بعد ما تردد عن علاقتها بالرئيس السوداني
جعفر النميري .
الشيخ كشك : «الحملة التي يتعرض لها الرئيس
النميري
الآن بسبب تطبيق الشريعة الإسلامية تعرض لها من قبل سيد الأنبياء والمرسلين، وتعرض لها جميع دعاة الإصلاح.»
بعد أن سددت
شركة الفنادق المصرية (قطاع عام) التي يرأسها أمين الجرواني مبلغ مليون و358 ألف دولار ونصف مليون جنيه مصري لشركة إن. إم. بي. الألمانية، أفادت السفارة الألمانية بالقاهرة أنه لا وجود لمثل هذه الشركة، وتبين أنها عبارة عن مكتب هندسي يملكه مقاول للصرف الصحي اسمه
نعيم محفوظ بسطاوي ، وأن الحروف المذكورة هي الحروف الأولى من اسمه.
أسرار صفقتي اللحوم والصلصة التي أبرمت مع
طلعت السادات .
محكمة القيم تقدر ثروة
عصمت السادات ، التي كونها في 12 سنة من عمله سائقا، بمبلغ 125 مليونا و640 ألفا من الجنيهات.
د. مصطفى السعيد
وزير الاقتصاد: «الاقتصاد المصري في ظل حكم السادات كان مجرد قنطرة لعبور الموارد المالية الهامة من النقد الأجنبي إلى الخارج.»
الهيروين
يعود إلى مصر بعد انقطاع دام منذ الحرب العالمية الثانية.
منظمة
الأونكتاد
بالأمم المتحدة: «ما أودعته الدول العربية المنتجة للنفط في البنوك التجارية الغربية بعد 1974، يساوي إيجاد فرص عمل لحوالي مليون شخص في البلدان الصناعية سنويا على مدى السنوات من 1973 حتى 1977.»
الملك فهد
ملك السعودية
يلقب نفسه بخادم الحرمين.
الرئيس الأمريكي السابق
كارتر : «لم تقدم دولة في العالم دليلا على تعاونها مع أمريكا كما فعلت السعودية.»
الرئيس
مبارك
يصافح فضيلة
الشيخ الشعراوي
عند تسليمه وسام الجمهورية.
البوليس الفرنسي يكتشف شبكة دعارة في نيس ينظمها عبده خواجه سكرتير الملياردير السعودي
عدنان خاشوقجي ، الذي كان يقدم فتياتها إلى
شخصيات سعودية ورجال الأعمال المتعاملين معه .
حسين عنان ، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري، يفتتح عددا من مشروعات الإنتاج الحيواني والتليفزيوني للملياردير السعودي صالح كامل صاحب شركة دلة.
الرئيس
مبارك
في زيارة مزرعة
التونسي .
التونسي
يقول للرئيس إنه يملك أكبر مزرعة في العالم، وأبقارها تأكل بالكمبيوتر، وإنه الوحيد الذي ينتج بيضا خاليا من الكولسترول وبيضا مصنعا طول الواحدة 30 سم، وإن المرحوم السادات أمر بإعطائه أرضا وقروضا فلم تعطه محافظة الجيزة أكثر من مائتي فدان، ولم يقرضه البنك الأهلي سوى 25 مليون جنيه.
مجلة دير شبيجيل الألمانية:
شركة «سيبا جايجي
السويسرية للأدوية قامت بتجربة المبيد الحشري
جاليكرون
على أطفال وشبان مصريين بعد أن ثبت أنه يسبب أوراما سرطانية لفئران التجارب.»
وزير الإعلام: «الرئيس أمر بحل جميع المشاكل أمام التونسي، سواء من ناحية التمويل أو تخصيص الأراضي الزراعية اللازمة.»
شركة
سيبا جايجي
السويسرية للأدوية تعترف: «بعض الأطفال المصريين أصيبوا بالسرطان نتيجة استخدام مبيد
جاليكرون
عام 1976.»
محكمة أمن الدولة العليا في قضية «الحركة الشعبية»: «المتهمون تعرضوا للتعذيب البدني في سجن القلعة على يد مباحث أمن الدولة.»
تكوين مجموعة عمل مشتركة من وزير الزراعة ووزير الاقتصاد ووزير شئون مجلس الوزراء ومحافظ الجيزة؛ لدراسة إمكانيات التوسع في استثمارات التونسي ومزارعه.
تقرير أمريكي يسجل ظهور نزيف دموي في بول الفلاحين المصريين في نفس اليوم الذي استخدم فيه مبيد «جاليكرون».
الشيخ
صالح كامل
والأمير
سعود بن فهد
يستقيلان من عضوية مجلس إدارة
بنك فيصل
احتجاجا على إلغاء التوكيل الصادر ل
محمد سيد عبد المنعم .
وزارة الصحة المصرية تؤكد أنها لا تسمح بإجراء تجارب على أي مواطن تعرض حياته للخطر، وأن تجارب استخدام
الجاليكرون
كانت على دودة القطن وليس على المواطنين.
ماس كهربائي
من سلك عار يحرق المحول الكهربي لقرية الإنشا (غربية) فتحترق القرية بكاملها.
استبدال الدكتور
عبد العزيز حجازي
بحامد محمود في عضوية مجلس إدارة
بنك فيصل الإسلامي .
محمد حسنين هيكل
ينشر وثائق تثبت أن الصحفي
مصطفى أمين
الذي قبض عليه سنة 1965 أثناء اجتماعه بمندوب المخابرات الأمريكية، وأفرج عنه صحيا سنة 1974 بطلب من جولدا مائير وهنري كيسنجر، عمل جاسوسا منذ الأربعينيات لحساب السفارة الإنجليزية، وأنه كان ينقل للرئيس عبد الناصر معلومات مضللة مدروسة يتلقاها من المخابرات الأمريكية في القاهرة.
وزارة الصحة المصرية تؤكد أنها قامت بالمتابعة الصحية على العمال والأطفال في منطقة رش مبيد
جاليكرون ، ولم تظهر أية آثار ضارة على المواطنين بعد ذلك، كما أن الأبحاث الجديدة على المبيد أثبتت خلوه من الآثار الضارة على الحيوان والإنسان؛ ولهذا أعيد تسجيله.
الشيخ متولي الشعراوي
يحذر المساهمين في
بنك فيصل الإسلامي
مما يدبره أعداء الإسلام لهدم البنك. «في 12/ 11/ 84 قبض على ابني وصدر الأمر بحبسه لأنه لا يحمل بطاقة هوية، ومع استمرار حبسه 7 أيام استمر الضابط الذي اعتقله في تعذيبه بكل صنوف التعذيب من ضرب بالكراسي على أم رأسه، إلى إطفاء السجائر في جسده النحيل حتى لقي حتفه بنزيف داخلي صباح 19 /11/ 84، وفي اليوم التالي أخفوا جثته، ولا أعرف مكانها حتى الآن، وحسبي الله ونعم الوكيل. مصطفى بلتاجي.»
سيارة
أوتوبيس
تنحرف عن الطريق بسبب إظلامه وكشافات السيارات المواجهة، فتقتحم سرادق عزاء بالأقصر وتقتل 13 سيدة.
نائب رئيس شركة
سيبا جايجي
السويسرية بالقاهرة:
مبيد «جاليكرون
سبب أضرارا صحية للأطفال المصريين بسبب جريهم في الحقول وراء طائرات الرش، إلا أنه لم تحدث إصابة بالسرطان؛ فكل ما حدث هو متاعب صحية.»
يمكنك الآن أن تحصل على عملات ذهبية فئة مائة جنيه باسم
الكعبة الشريفة. للحجز والسداد اتصل
ببنك فيصل الإسلامي
عبد الله عبد الباري
رئيس مجلس إدارة جريدة
الأهرام
يرد على هيكل: «أشهد الله على أن
أنور السادات ، البطل والرجل والعملاق، لم يكن في يوم من الأيام يهرب من ماضيه أو تؤرقه ذكرى فقره ... ولو كان معقدا بسبب لونه كما قال هيكل، ما جلس بالساعات كل يوم في الشمس.»
حريق مروع في
الباخرة
10 رمضان ببحيرة السد العالي يذهب ضحيته أكثر من 300 مصري وسوداني.
د. فكري يونان
مسئول الدعاية في شركات الأدوية الأجنبية: «الرئيس السادات رحمه الله كان يحب أن يعيش سعيدا ويجعل الآخرين من بقية الشعب سعداء بجانبه. وهذا المبدأ الكريم استغله بعض الحاقدين والمنحرفين عن المسيرة الوطنية ذوي النفوس الضعيفة التي تحمل في صدورها الضغينة والحقد، وهي قلة ما تزال تعيش بين صفوفنا.»
مساهمون في بنك إسلامي : «البنك يودع أمواله في بنوك أمريكية وسويسرية بفائدة 18 في المائة، ويحاسب المساهمين على فائدة لا تتجاوز ثمانية بالمائة.»
مخزون من الأقمشة في شركات القطاعين العام والخاص بربع مليار جنيه بعد فتح
الاستيراد
للأقمشة والملبوسات المعفاة من الجمارك.
شركة فرنسية تنفق مائة ألف جنيه على وضع أساسات
المستشفى الجامعي
بطنطا، ثم تكتشف عدم ملائمة الموقع.
قمر صناعي أمريكي
يرسل صور المنشآت العسكرية في مصر وسوريا إلى إسرائيل، فتلتقطها محطة استقبال مصرية بطريق الخطأ.
الرئيس
مبارك : «وأخيرا أقول لهم إن كلا منكم يفاخر بأنه ولد في مصر وشب ونما في مصر، ولكن فخركم أن كل ما تنتجه بلادكم صنع في مصر، وبسواعد عمال مصر، ولن نمل الحديث عن مصر ورفعة مصر .. مصر الاستقرار .. مصر الأمان .. مصر تقديس الحرمات .. مصر المجتمع المترابط .. مصر الصامدة رغم الطعنات في النور والظلام .. مصر الكرامة واليقين رغم كل وجيعة وأنين .. مصر الحياة ولا حياة إلا عليك يا مصر، ولا حياة إلا لك يا مصر.»
مدرس وخطيبته يلقيان مصرعهما عندما سقطت عليهما بلكونة
عمارة جديدة
في شبرا.
إبعاد
بهي نصر
عن شركة الشرق الأوسط للاستثمارات السياحية والفندقية إثر إفلاسها.
في حفل توقيع عقد إنشاء أكبر مشروع إسكاني تعاوني باسم
مدينة معادي جدير
تحت رعاية المهندس
عثمان أحمد عثمان ، أكد
محمد ربيع جدير
رئيس الشركة الدولية للاستثمار، أن المشروع الجديد يستلهم روح الرئيس محمد أنور السادات من أجل بناء مصر المستقبل.
وزير الاقتصاد
مصطفى السعيد
يصدر قرارا بوقف حسابات تجار العملة في البنوك المصرية طبقا لقائمة من 55 اسما أعدتها المباحث، على رأسها سامي علي حسن (35 سنة)،
أحمد توفيق عبد الفتاح ،
محمد توفيق عبد الفتاح ،
أشرف سعد .
مثل السيد
طه زكي
وزير الصناعة الأسبق شركة
كلورايد
الإنجليزية في احتفال تأسيس شركة جديدة مشتركة بين الشركة الإنجليزية والشركة المصرية العامة للبطاريات (قطاع عام) على أساس أن تتوقف الشركة المصرية الأصلية عن إنتاج البطاريات السائلة التي تغطي احتياجات القوات المسلحة وقناة السويس والنقل العام، ويباع مصنع البطاريات السائلة التابع لها في الجيزة إلى شركة البلاستيك، وتقتصر على إنتاج البطاريات الجافة.
شركة الفنادق المصرية (قطاع عام) ترفض عرضا من شركة عربات النوم الدولية باستئجار فندق كتاراكت منها مقابل مليونين ونصف المليون جنيه في السنة (ضعف أرباح الفندق في عام).
اتهام بعض المسئولين في بنك ال... الذي اشترك في تأسيسه
عثمان أحمد عثمان
و
حسام أبو الفتوح ، بتسهيل استيلاء عدد من العملاء على سبعة ملايين دولار.
فؤاد سلطان ، وزير السياحة، ينتدب
بهي نصر رئيسا لشركة الفنادق المصرية (ق.ع).
تأسيس فرع لشركة
يونيون كاربيد
الأمريكية بمصر لإنتاج 187 مليون
بطارية جافة
باسم
إفر ريدي .
حسام أبو الفتوح
بعد أن رشح نفسه لانتخابات مجلس الشعب: «أنا كونت نفسي في السعودية ونسلي من نسل رسول الله، وعندي عزبة خيول في أبو رواش، ومنطقة حرة في العامرية، و14 مصنعا وشركة وتوكيل تجاري. وقد جئت إلى مصر لأخدم مصر بكل فلوسي، والدليل هو ثمن الصورة الملونة الذي انخفض بعد أن أدخلت توكيل تيودور إلى مصر.»
في محاكمة تجار العملة:
سامي علي حسن
أعطى
فؤاد الصواف
رئيس بنك فيصل الإسلامي توكيلا يسمح له بالتصرف في أعماله.
المليونير الهارب
محمد ربيع جدير
استولى على أراضي الدولة بالمعادي وباعها لألف وخمسمائة مواطن بعشرة ملايين جنيه.
حسام أبو الفتوح : «أنا شفت بعيني أثناء جولتي الانتخابية ناس تحت خط الفقر يسكنون المقابر ويعيشون في أقفاص؛ ولهذا فكرت حينما أصل للبرلمان سأجعلهم يقولون ربنا يدي المليونيرات أكثر وأكثر.»
مقتل وإصابة أربعين شخصا في
تصادم
قطار الإكسبريس المسافر من القاهرة إلى الإسكندرية بقطار الديزل القادم منها بعد ثلاثة شهور من تصادم مماثل في نفس المنطقة، ذهب ضحيته عشرون شخصا وأصيب أكثر من مائة.
في محاكمة تجار العملة: اتهام بنك ال... الذي أسسه
أبو رجيله
و
حسام أبو الفتوح
بتهريب خمسمائة مليون دولار إلى خارج البلاد.
بهي نصر ، الرئيس الجديد لشركة الفنادق المصرية، يقبل عرضا من شركات عربات النوم الدولية باستئجار فندق كتاراكت مقابل 830 ألف جنيه في السنة.
حسام أبو الفتوح : «لعلمك أنا أحس بالفقير أكثر مما يحس هو بنفسه. الفقير عايش في الهموم ولهذا لا يحس بها ولا يستطيع أن يعبر عنها. أما أنا في النعيم اللي ربنا ادهولي عايش متهني؛ لهذا أحس بالفقير أكثر، وأعبر عنه أكثر من نفسه.»
في محاكمة تجار العملة: وكيل محافظ البنك المركزي الذي عين عضوا منتدبا بالبنك الوطني بمرتب عشرة آلاف جنيه في الشهر، ضارب هو ومدير عام البنك على الذهب لحساب
تجار العملة
بأكثر من مليار جنيه في سنة واحدة.
54 في المائة من
أطباء الامتياز
يجهلون أسماء المطهرات ولا يعرفون كيف يحقنون المريض أو يسعفونه أو يضعون الأربطة على جرح بسيط.
مصرع 19 وإصابة 8 في انقلاب أوتوبيس
بترعة الإبراهيمية (بني سويف).
السجن خمس سنوات والعزل من الوظيفة ل
عميد كلية طب أسنان
طنطا وثلاثة من أساتذة الكلية سهلوا حصول شركة أجنبية على الأموال العامة مقابل رشاوى.
هيئة السلع الاستهلاكية الحكومية ترفض تسويق منتجات
الشركة العامة للبطاريات (ق.ع) من البطاريات الجافة وتقوم بتوزيع منتجات شركة «إفر ريدي» الأمريكية.
في محاكمة تجار العملة:
عبد الله الجمال
كان يعقد صفقاته فوق يخته الفاخر في النيل وفي حضور ... مساعد رئيس الجمهورية السابق وكبار المسئولين.
44 مليون جنيه خسائر في الشركة العامة
للبطاريات (ق.ع).
الشركة الدولية للإنشاءات
هيديكو مصر
مع شركة «المغتربين»: نجحنا في تنفيذ 80 بالمائة من مشروعاتنا في زمن قياسي. 750 أسرة في مشروع مدينة هيديكو الذهبية. الدكتور
أحمد سلامة ، وزير الحكم المحلي، يوقع عقود الشركة وفي الصورة حلمي عبد الآخر رئيس اللجنة التشريعية لمجلس الشعب والدكتور
ماهر مهران
رئيس الجهاز القومي للسكان.
سامي حسن ، المدرب الرياضي بنادي الشمس الذي أصبح أكبر تاجر عملة في البلاد، يعترف بأن كل عملياته كانت تتم بينه وبين المشترين في مكاتب مديري البنوك الذين كانوا يأخذون عمولة عن كل عملية تصل إلى ألفي جنيه في العملية الواحدة.
قطع متر ونصف من
أمعاء رجل
أثناء إجراء عملية الزائدة الدودية له.
اختيار
د. عبد العزيز حجازي
رئيس مجلس الوزراء الأسبق، رئيسا لمجلس إدارة شركة
كلورايد
الإنجليزية المصرية المشتركة.
انهيار جزء من حائط
نفق الجلاء
الذي شيدته شركة
عثمان أحمد عثمان .
قرارات خطيرة لوزير الاقتصاد مصطفى السعيد
وضع حصيلة النقد الأجنبي لدى البنوك تحت تصرف البنك المركزي لإعادة توزيعها وفقا للسياسة الاقتصادية للبلاد.
إلغاء الاستيراد بدون تحويل عملة بحيث يقوم المستوردون بدفع قيمة السلع المستوردة بالجنيه المصري، وتتولى البنوك تدبير قيمتها بالنقد الأجنبي.
يذبحون عجوزا ويعبئون جثته في أكياس بعد تمزيقها لأنه طالب أحدهم بتسديد مبلغ 600 جنيه .
السلام شوبنج سنتر
أول بيوت الأزياء المتخصصة في ملابس المحجبات.
وجها لوجه مع سيدة هيديكو المرأة الفولاذية
في البداية نسأل السيدة هدى عبد المنعم: في بريطانيا يطلقون على مرجريت تاتشر اسم المرأة الحديدية، وفي مصر لماذا يسمونك بالمرأة الفولاذية؟
تقول
المرأة الفولاذية : «حكاية طويلة أو تاريخ طويل. بداية لا أطيل عليك، لكن أقدمه بإيجاز بسيط؛ فقد نشأت على طاعة أبي الذي كان يضع إيمانه بالله في حبه للعمل وتقديسه له. وفجأة سقط الأب ورحل عن عالم الدنيا إلى الآخرة بسبب العمل المتواصل، ووجدت قدري أن أتحمل عبء إدارة مشروعات كبيرة في شمال أفريقيا وعدد من دول الخليج العربي، وفوق كل ذلك لم ننس مصر. كانت في بالنا وقلبنا وخيالنا ولم تنقطع. وبعد مرور سنوات بدأت مصر تدخل أزمة اقتصادية جعلتنا نعيد حساباتنا في الخارج ونعود بكل أموالنا وخبراتنا الطويلة للمشاركة في حل الأزمة لأننا لا نعلو إلا بفضل مصر.»
دكتور
عبد العزيز حجازي ، رئيس «كلورايد»، يطالب بمد فترة الإعفاء الضريبي والجمركي للشركة والامتناع عن إنشاء مصانع مصرية جديدة لإنتاج البطاريات.
انهيار الأعمدة الخرسانية ل
عمارة
بشارع الأشول بالهرم.
مصادر أمريكية: مناورات
النجم الساطع
التي اشترك فيها تسعة آلاف جندي أمريكي وألف جندي مصري، كلفت القوات المصرية 75 مليون دولار.
رئيس الوزراء المصري
كمال حسن علي
يعلن بعد ثلاثة شهور من قرارات وزير الاقتصاد: «مصطفى السعيد
خدعنا، وما أصدره من قرارات يغاير تماما ما قام بعرضه في مجلس الوزراء.»
موسى صبري
رئيس تحرير جريدة «الأخبار»: «مصطفى السعيد
لم يكن أمينا مع مجلس الوزراء ولا مع رئيس الوزراء؛ إذ إنه عرض قراراته بصياغة فاتت على رئيس الحكومة.»
يوجين بلاك : «برامج المعونات الخارجية الأمريكية يوفر أسواقا هامة للمنتجات الأمريكية، وييسر إيجاد أسواق جديدة للشركات الأمريكية.»
تعيين
أشرف غربال ، سفير مصر السابق في الولايات المتحدة، وكيلا لشركتي
وستنجهاوس وجنرال إلكتريك
الأمريكيتين في مصر.
محكمة القيم
في قضية تجار العملة:
قرار «مصطفى السعيد
بإغلاق حسابات تجار العملة في البنوك. كان نكبة اقتصادية، وجاء مشوبا بالقصور، وأحاط الشك بملابسات إصداره من كل جانب. نتج عنه ارتباك في سوق النقد وقصور في ورود العملات الأجنبية وارتفاع أسعارها.»
وساطات لتعيين ابن أحد الوزراء وكيلا لشركة أمريكية كبرى.
الولايات المتحدة تقوم بتطوير توربينات
السد العالي
بتكلفة مائة مليون دولار تشمل ألف دولار في اليوم لكل واحد من خبرائها.
المرأة الفولاذية : «نجاحي بمصر في فترة وجيزة جاء بفضل الدولة؛ حيث إنها تعفي جميع المستثمرين من الضرائب لمدة من خمس إلى عشر سنوات.»
د. مصطفى السعيد : «حصيلة مصر الضخمة من العملات الأجنبية التي تحققت خلال الفترة من 1975 حتى 1981 تم تبديدها بالكامل في استيراد سلع كمالية بدلا من سلع أساسية ومستلزمات إنتاج، أو استخدامها في سداد ديون البلاد.»
انخفاض مفاجئ في طاقة التوربينين الأمريكيين الجديدين للسد العالي بعد تركيبهما بشهور.
ضابط مباحث في
سنورس (الفيوم) اعتدى بالضرب على صاحب كشك سجائر اتهمه علنا بأنه يفرض عليه إتاوة، ثم احتجزه بقسم الشرطة وألبسه ملابس نسائية ولطخ وجهه بالمساحيق الملونة، وطوف به شوارع المدينة مغلولا من يديه، والضرب ينهال عليه ليعلن أنه لا يوجد رجال في المدينة.
رئيس الجمهورية في الاحتفال بأول مايو وإلى يمينه
كمال حسن علي
رئيس الوزراء وإلى يساره
سعد محمد أحمد
وزير العمل ورئيس الاتحاد العام للعمال.
د. مصطفى السعيد : «ما تم استيراده في ظل نظام الاستيراد دون تحويل عملة بالنسبة ل 14 سلعة فقط، قفز من 51,3 مليون دولار في 1981 إلى 443 دولارا في عام 1983؛ أي إن وارداتنا تضاعفت سبع مرات في عامين فقط.»
محاكمة
مدير أمن رئاسة الجمهورية
بتهمة تكوين ثروة عن طريق الكسب غير المشروع.
صحيفة معارضة: «في الوقت الذي نستورد فيه جبنا أبيض من الدانمارك ب «51» مليون دولار، يلقي منتجو الألبان به في المصارف لأن
شركات تصنيع الألبان
تفضل شراء المساحيق المستوردة (بقرش واحد للكيلو)، ثم تخلطها بالسمن.»
النيابة تتهم
المرأة الفولاذية
بأنها جمعت في سبع سنوات سبعين مليونا من الجنيهات واقترضت أربعين أخرى من البنوك، وأعلنت عن مشروعات فوق أراض لا تملكها، واستخدمت تراخيص بناء مزورة.
جنود
الأمن المركزي
يفضون بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع مظاهرة شعبية أمام قسم شرطة سنورس، احتجت على ما فعله ضابط المباحث بصاحب كشك السجائر.
د. ماهر مهران
مقرر المجلس القومي للسكان، ورئيس جمعية أسرة المستقبل، رئيس أقسام أمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس، وصاحب مستشفى مهران للولادة أثناء إدلائه بمحاضرة عن القيم الطبية في مؤتمر مكافحة الإيدز.
المدعي العام الاشتراكي
عبد القادر أحمد علي
يتهم وزير الاقتصاد المستقيل
د. مصطفى السعيد
بتسخير منصبه لتحقيق مكاسب له ولأقاربه.
الصحف الحكومية تشن حملة على وزير الاقتصاد المستقيل وتكشف ملكيته لمكتب استشاري بالاشتراك مع وزير الحكم المحلي
محمد حامد محمود
و
د. عاطف صدقي
رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والدكتور
رفعت المحجوب
رئيس مجلس الشعب، ويحمل المكتب الاستشاري اسم المركز العربي لاستشارات التنمية والتكنولوجيا
بيونيرز ، وينص عقده على أن من يشغل من الشركات منصبا عاما كالوزارة يحتفظ بعشرة في المائة من الأرباح.
فؤاد سلطان
وزير السياحة: «السوق السوداء لتجارة العملة تخدم المجتمع لأنها تخدم المستثمرين والمستوردين.»
الشيخ الشعراوي : «المرأة يجب أن تكون محجبة حتى لا يشك الرجل في بنوة أبنائه منها.»
اتهام زوجة
د. مصطفى السعيد
بمشاركة
رشاد عثمان
و
عثمان أحمد عثمان
و
حامد محمود
في شركة
ديرب نجم .
وزير الري والمهندس
عثمان أحمد عثمان
نقيب المهندسين يسلمان نوط الامتياز من الطبقة الأولى للدكتور محمد الهاشمي رئيس جامعة عين شمس.
ظهور آثار للمياه في سقف
نفق الشهيد أحمد حمدي
الذي أقامته شركة
عثمان أحمد عثمان
بتكلفة 105 مليون جنيه بعد أن تعاقدت على إقامته أثناء توليه لوزارة الإسكان بتكلفة مقدارها 31 مليون جنيه.
اختفاء
المرأة الفولاذية
بعد تقديمها للمحاكمة.
د. مصطفى السعيد :
المدعي الاشتراكي «عبد القادر أحمد علي
استخدم نفوذه في الحصول على تسهيلات ائتمانية له ولزوجته وبعض أقاربه من البنوك وبدون أي ضمانات.»
تعليمات من رئيس الوزراء
كمال حسن علي
بعدم التعرض لتجار العملة داخل وخارج صالات البنوك.
جريدة معارضة:
الوزير الذي كان مستشارا ل «المرأة الفولاذية
بعشرة آلاف جنيه في الشهر هو الذي سهل لها الهرب بعد أن اتفق مع بعض العاملين في مطار القاهرة الدولي على تعطيل الكمبيوتر الذي يسجل قائمة الممنوعين من السفر لحظة مرورها إلى خارج البلاد.»
مجلة حواء تزور الدكتور
أحمد سلامة
وزير الحكم المحلي في بيته ليتحدث عن القيم التربوية التي اهتدى بها في تنشئة أولاده.
المدعي العام الاشتراكي
عبد القادر أحمد علي : «القروض التي تحدث عنها
مصطفى السعيد
حصل عليها نجلي لتمويل مشروع للأمن الغذائي بضمان رهن حيازي.»
توقف التوربينين الأمريكيين الجديدين
للسد العالي
عن العمل، وإهدار مئات المليارات من الأمتار من مياه بحيرة ناصر.
تعيين
كمال حسن علي
رئيسا للبنك المصري الخليجي بعد خروجه من الوزارة.
الصحف الحكومية تشيد بمسيرة
كمال حسن علي
الطويلة في السلك العسكري، التي شهد خلالها ثلاثة حروب وتولى رئاسة المخابرات العامة في 1975، ووزارة الدفاع في 1978، ثم وزارة الخارجية وأخيرا رئاسة الوزارة، وكان مسئولا عن المفاوضات العسكرية والسياسية مع إسرائيل بعد اتفاقية كامب ديفيد.
الرئيس
مبارك : «التنمية الشاملة سارت في كل نواحي الحياة بسواعد من عملوا في كافة مواقع الإنتاج بروح الفريق الواحد المتكامل وتحت شعار الإخلاص.»
3
لم يكن ماراثون البث وحده هو المسئول عن تدفق إفرازات ذات الدمعية؛ فالغدد الدقيقة القابعة خلف عينيها (اللتين طالما أطرى عبد المجيد جمالهما أيام بركة البط) كانت تنشط بفعل عوامل كثيرة متنوعة من قبيل صعود ابنة خالتها عفاف من شقة البدروم الرطبة إلى أخرى تدخلها الشمس وتطل على البحري، وزواج زينب بلا شقة وسفرها إلى الخليج مباشرة، ثم عودتها بسيارة فارهة وديب فريزر يتسع لاحتياجات مطعم كامل. وانتقال منال من أمريكا إلى جنيف بعد أن أصبح زوجها الدكتور من خبراء الأمم المتحدة. وتغيير هناء لفرش شقتها تغييرا شاملا، ابتداء من ورق الجدران الملون إلى استبدال إيديال 10 قدم بوستنجهاوس 20 قدما، وتليمصر 16 بوصة بناشيونال 26 بوصة.
ولماذا نذهب بعيدا في البحث؟ فالشارع الذي كان هادئا ظليلا عندما قطنته؛ امتلأ بالدكاكين وورش السيارات، وغطته مياه المجاري والقاذورات، والأرض الفضاء المجاورة التي كان مخططا لها أن تصبح حديقة صارت مزبلة، والعمارة نفسها اسود لون جدرانها، وتحطم زجاج منورها، واحتلت القطط سلمها.
فبسبب هجرة العمالة سعيا وراء قمامة الخليج الثمينة، تراكمت القمامة المحلية في الصفائح المتروكة أمام أبواب الشقق؛ مما أتاح للقطط إقامة مهرجانات صاخبة تستمر طول الليل، وتتبعثر محتويات الصفائح على أثرها (على نطاق أكبر مما يحدثه الزبال أثناء تفريغها)، وبصورة تجبر السكان على توخي الحذر أثناء الصعود والهبوط، والسير فوق أطراف الأصابع، مع شد ذيول البناطيل والفساتين، دون أن يفكر أحد منهم في التعرض لرزق القطط، فيما عدا ذات.
علينا أن نفترض (من منطلق الأمانة لتراثنا القومي) أن ذات مريضة، أو على الأقل غير طبيعية، أو أنها، بضغط الظروف، قررت أن تعمل بالقاعدة الذهبية للبث، التي تنص على صناعة مادته ولا انتظارها. المهم أنها تحدثت إلى البواب الكهل (القادم من أقاصي الصعيد حيث يتمتع بمكانة مبعثها منصبه في القاهرة) عدة مرات؛ في المرة الأولى أعلن أنه ليس مسئولا عن تنظيف السلم إلا مرة واحدة في الأسبوع، وفي الثانية اقترح وضع السم للقطط فرفضت بشدة، وفي الثالثة اتفقا على أن يتم استبدال الصفائح المعدنية بجرادل بلاستيكية مزودة بالأغطية، وفقا لبرنامج زمني تمكنت القطط خلاله من التدريب على إزاحة الأغطية، وفي الرابعة قررا الدعوة إلى اجتماع عام لبحث الأمر من كافة جوانبه.
بعد تحضير طويل واتصالات مكثفة، انعقد الاجتماع الأول والأخير في تاريخ العمارة، بشقة ضابط الشرطة (فتهيأت له بذلك حصانة كافية في مواجهة قانون الطوارئ)، وحضره كافة السكان (من الرجال بالطبع)، عدا أصحاب الشقة المفروشة وقاطنيها، وموظف وزارة الزراعة الذي رفض الحضور دون إبداء الأسباب، كما شارك فيه عم صادق البواب واقفا (وعاتب عبد المجيد فيما بعد على أن أحدا لم يدعه للجلوس)، واستمر عدة ساعات أسفرت عن اتفاق كامل على ثلاث نقاط؛ عدم وضع بقايا الدجاج والأسماك للقطط أمام أبواب الشقق (وهو ما كانت ذات تفعله بدافع من منهاجها في التنظيم والإدارة الذي يقضي بتقليل عنصر الهالك لأقصى حد). الامتناع عن تقديم رعاية خاصة للقطط الحوامل والوليدة على صورة أقفاص موسدة بورق الصحف أو الخرق (وهو ما كانت ذات تفعله بدافع من طيبة قلبها). دق مسامير ملوية على شكل حرف اللام (اللاتيني لا العربي بالطبع) فوق جدران السلم، إلى جوار كل شقة، وعلى علو مناسب، وتعليق جرادل القمامة فيها بحيث تصبح بعيدة عن متناول القطط.
قامت لجنة خاصة من عبد المجيد وضابط الجيش وموظف بشركة مقاولات بشراء المسامير المطلوبة وتركيبها، بينما تولى عم صادق الإشراف على استبدال الصفائح والجرادل الموجودة بأخرى تتميز بأغطية لها مقابض تسمح بتعليقها في المسامير، وفقا لجدول زمني تمكنت القطط خلاله من التدرب على القفز إلى داخل الجرادل المعلقة بعد إزاحة أغطيتها.
على أن الضربة القاصمة لقرارات المؤتمر جاءت من جهة غير متوقعة بالمرة؛ ففي أثناء ممارسة عم صادق لمهامه في الإشراف على تنفيذها، لاحظ أن تفريغ صفيحة الجبن القذرة الصدئة التي اتخذتها زوجة ضابط الشرطة لقمامتها، (والتي لم يكن البرنامج الزمني للاستبدال قد لحق بها بعد) يترك حولها كمية من القمامة أكثر من التي يحدثها عبث القطط بها وهي مليئة، فقرر أن يصاحب الزبال أثناء قيامه بتفريغها، ظانا أن إهماله هو السبب. وعندما وقف إلى جواره يتابعه بدقة وهو يرفع الصفيحة ليفرغها في مقطفه، فوجئ بمحتوياتها تتساقط من تلقاء نفسها على السلم؛ لأنها كانت بلا قعر.
وجد عم صادق أن الصلاحيات المخولة له في الاجتماع الذي عقد تحت مظلة ضابط الشرطة، تعطيه الحق في التخلص من الصفيحة المهترئة، ففعل باندفاع لا يتفق وحكمة سنه، ودون حساب للنتائج.
فعندما اكتشفت زوجة الضابط فعلته اتصلت بزوجها بالتليفون اللاسلكي أثناء وجوده في سيارة الشرطة، فحضر بها على الفور، ومن مدخل العمارة، حيث وقف يحيط به جنوده، أصدر أمره بإعادة الصفيحة إلى مكانها.
لم يفكر أحد من السكان في الاجتماع مرة أخرى؛ إذ أدركوا بالتليباثي عبث التغلب على القطط، فعادوا يقدمون إليها بقايا الدجاج والأسماك على أوراق خاصة مفضضة، ويهيئون للحوامل منها أقفاصا موسدة، وأنزلوا صفائح القمامة من عليائها، بل وانتزعوا المسامير الملوية، واستأنفوا التدرب على شد ذيول البنطلونات والفساتين، والتسلل بحذق بين القاذورات. أما ذات فوجهت اهتمامها إلى قضية أخطر، ونقصد بها مسيرة الهدم والبناء.
فقد أبدى السكان - شأنهم شأن بقية المصريين - انصياعا تاما للتوجيه الذي تلقوه عبر جهاز البث المركزي في صورة ربة منزل تنهال بالمطرقة على جدران مطبخها المغطاة إلى منتصفها بطلاء زيتي قاتم، فتحطمها هي والدواليب الخشبية المليئة بالصراصير، أو دواليب الصاج التي أكلها الصدأ، وما إن تنتهي حتى يظهر المطبخ في صورة أخرى زاهية وقد اكتست جدرانه وأرضيته بالسيراميك الملون المستورد، ودار بها تشكيل متناسق من الدواليب والرفوف، تحتضن فيما بينها الثلاجة والأفران وأحواض الصلب الذي يصدأ، ثم تمتد يد المطرقة إلى جدران الحمام وأرضيته؛ ليتغطيا بعد ذلك بالسيراميك الفتان، وإلى حوض الاستحمام المستطيل الضخم، فتستبدله بآخر مربع صغير أو العكس، وإلى حوض الاغتسال فتضع مكانه واحدا ذا قاعدة انسيابية، يؤلف مع المرحاض وصندوق السيفون وحدة واحدة متناغمة مادة ولونا. وخلال ذلك بالطبع يتم استبدال المواسير والحنفيات البالية، محلية الصناعة، بأخرى إيطالية، ذات لمعان سوبر ديوتي أو طويل المفعول.
بدأت مسيرة الهدم والبناء في العمارة على يد موظف الزراعة عندما فتح الله عليه إثر اشتعال المنافسة بين شركات المبيدات الحشرية الأجنبية الموردة للوزارة، وانتقلت الراية من بعده إلى المدرس العائد من الكويت، ثم الحاج فهمي، الجزار الذي انضم إلى سكان العمارة في مرحلة متأخرة وبالأسلوب العصري؛ أي الامتلاك لا الاستئجار، إلى أن تلقفها العسكر؛ ضابط الشرطة بعد عودته من مهمة أمنية في سلطنة عمان، وضابط الجيش بعد عودته من مهمة تدريبية في الولايات المتحدة. على أن القائد الحقيقي كان باشمهندسا مهذبا ناعم الملمس، ليست له مهنة محددة غير زواجه من مدرسة سليطة اللسان، عظيمة الصدر، يسكن معها فوق شقة ذات مباشرة، قام بزيارة موظف الزراعة عندما لاحظ فتح الله عليه، مرتديا أفخر ملابسه، مدليا من رقبته سلسلة ذهبية، ومؤرجحا في يده مفتاح سيارة (عهد بها صاحبها إليه ليتولى بيعها) ليعرض عليه خدماته بوصفه مهندسا للديكور. وبفضل جهود الباشمهندس انضمت العمارة كلها إلى المسيرة، عدا الطابق الذي تقيم به ذات (والذي يضم شقة مفروشة، وأخرى مغلقة، وثالثة سكنها حديثا زوجان منعزلان)، وذات نفسها التي تابعتها باهتمام، من خلال المعالم الواضحة؛ شكائر الأسمنت والجبس والرمل وعلب الطلاء، وضجة التكسير التي تزود السيمفونية المؤلفة من نداءات الباعة وزمامير السيارات وتكبير المؤذنين بالإيقاع الخلفي الضروري، ثم أحواض المياه ولفائف الموكيت وألواح الأخشاب، وأخيرا المخلفات؛ علب فارغة، وأحواض مكسورة، ومواسير ملوية، وبقايا طوب وخزف وخشب وأسمنت وأتربة، تتكوم فوق السلالم حتى تتولى الأقدام توزيعها على الجيران المنتظرين لدورهم في تلهف.
حافظ سكان العمارة على الجدول الزمني للمسيرة بنجاح؛ فلم يحدث أن التحقت بها شقتان في آن واحد، أو تغير موعد انطلاقها (تم ذلك دون اتفاق مباشر وبنوع من التليباثي)؛ فهي تبدأ كل عام مع حلول موعد رش القطن؛ إذ يقوم موظف الزراعة بتغيير ورق الحائط بلون أكثر حداثة، أو تدعيم نظام التكييف، وعندما ينتهي يتلقف المدرس العائد من الكويت الراية، فيستبدل الموكيت، أو يضيف جهازا كهربائيا جديدا إلى مجموعته النادرة، ثم يتلوه الذي إلى جواره أو فوقه، حسب الجدول. وعندما يحل موعد الرش التالي تكون الجولة قد اكتملت وعادت الراية إلى موظف الزراعة، فيستبدل ورق الحائط بالأخشاب، وهلم جرا.
كانت هناك، بالطبع، حالات استثنائية محدودة، انتقلت فيها المبادرة من موظف الزراعة إلى ضابط الشرطة (مرة واحدة عندما أعير مؤقتا لمباحث مكافحة المخدرات)، وإلى ضابط الجيش (مرتين؛ الأولى عندما حصل على شقة جديدة من مشروع إسكان تابع للقوات المسلحة وباعها في الحال بضعف ثمنها، والثانية عندما انتقل إلى جهاز الخدمة المدنية العسكري، حيث أصبح على احتكاك مباشر بسوق البناء العظيم)، وفيما عدا ذلك حافظت المسيرة على دورتها المنتظمة التي تقفز فيها دائما من الطابق الثالث إلى الطابق الخامس دون أن تتوقف عند ذات؛ مما يؤدي إلى هياج غددها، وخاصة عندما تضطر إلى لف قطعة من القماش حول ماسورة الحمام لمنع تسرب المياه، أو عندما تقع عيناها على طبقات الدهون والدخان المترسبة فوق جدران المطبخ، وبوجه أكثر خصوصية عندما تعلق أختها زينب على السيفون القديم المصنوع من الحديد الزهر والمعلق قرب السقف، تتدلى منه سلسلة معدنية تستقر عادة على رأس الجالس فوق المرحاض، قائلة ببراءة مصطنعة: «معقول يا ذات! .. إنت لسه عندك حاجة زي كده؟»
لم تغفر ذات لزوجها مسئوليته عن أمثال هذا الموقف؛ فبطريقته القاطعة رفض عبد المجيد الالتحاق بالمسيرة دون إبداء الأسباب، ثم تعطف بعد قليل وشرح لها الاعتبارات العملية التي تحتم الانتظار إلى ما بعد الحصول على الليسانس الذي لا يتقدم لامتحانه أبدا، أو عقد العمل في رأس الخيمة الذي لم يأت أبدا.
تعددت الزيارات الليلية التي تتلقاها ذات والتي كانت قاصرة على أبيها وجمال عبد الناصر؛ فقد انضم إليهما زوج منال بعد حصوله على الدكتوراه، وزوج هناء بعد انتقالها إلى شقة الهرم، وزائر قديم من أيام الجامعة، بلا مناسبة، هو عزيز، زوج صفية، بالإضافة إلى زيارة مفاجئة لم تتكرر من منير زاهر، الصحفي البدين. وتميزت هذه الزيارات بدرجة كبيرة من الرقة والعذوبة، إلى أن تسلل إليها العنف؛ فقد دأب جمال عبد الناصر على أن يتحول عنها فجأة وينطلق إلى المطبخ فيتناول مطرقة وينهال بها على جدرانه ودواليبه، ثم ينتقل إلى الحمام. وتهب ذات من نومها مفزوعة وهي تهتف: «المطبخ .. الحمام ..» فيهرع عبد المجيد ليجلب لها كوبا من الماء، منزعجا من فكرة تردد جمال عبد الناصر على شقته، متبينا في سلوكه إزاء الجدران إضافة منطقية لسجله الحافل بالجرائم والاعتداءات على حقوق الغير وأملاكهم. وعندما يعود بالكوب يكون بعض الأمل قد خامره، فيسأل زوجته: «أنت متأكدة أنه عبد الناصر وليس السادات؟»
نجحت عدوانية عبد الناصر في إجبار عبد المجيد على التخلي عن بعض عنته. فسمح لذات أن تقتاده في جولة تفقدية بين دكاكين الأدوات الصحية، توقفت فيها طويلا أمام طاقم حمام من الرخام الصناعي يتألف من تسع قطع؛ حوض استحمام بالسلم طراز فرساي (سألته: يعني إيه يا عبد المجيد؟ فتمتم غاضبا)، حوض ورد بالعامود، بيديه، كومبينشين، رف لوضع الشامبو والبلسم، فواطة عمود، وراقة، زوايا زخرفية، بالإضافة إلى أربع قطع لفرش الأرض، حوض للزهور، خلاط مياه ودوش على هيئة تليفون. والثمن؟ ضعف راتبه (بالحوافز) لمدة سنة.
أفلحت هذه الجولة في إغلاق ملف المسيرة مؤقتا، لكنها لم تفعل شيئا لمواسير الحمام وحنفياته السيالة، فاضطر عبد المجيد لأن يلتجئ إلى أحد السباكين. حصل على إجازة عارضة، وذهب إلى السباك في الموعد الذي اتفقا عليه، وانتظره إلى أن هل بعد ساعتين بوجه مقلوب، وبالفعل قال: «خليها لبكرة لأنه مليش مزاج.» ثم استجاب لرقة عبد المجيد واستعطافه فسأله: «معاك إيه؟»
لم يفهم عبد المجيد للوهلة الأولى ما يعنيه السباك، ثم أدرك أنه يستفسر عن طراز السيارة التي جاء بها، فاحمر وجهه من الخجل وهو يجيب بأنه ليس معه شيء، الأمر الذي أثار تعجب السباك: «طب وحارجع ازاي؟!»
السباك الذي دخل شقة عبد المجيد بالفعل أثار فيه الروع عدة مرات؛ عندما ركع ببنطلون من القطيفة الثمينة على أرضية الحمام ليفحص ماسورة المرحاض، وعندما خاض بحذاء من طراز «كوتشي» في المياه القذرة المندفعة من البالوعة، وعندما أعلن تكلفة الإصلاحات المطلوبة والتي تضمنت، بتشجيع من ذات، إزالة البلاط والقيشاني، الذي لم يعد يستخدم، حسب قول السباك، ولا حتى في المباول العمومية، واستبدالهما بالسيراميك الخلاب، والمرة الأخيرة عندما رفض باستعلاء الجنيهات الخمسة التي عرضها عليه عبد المجيد مقابل جهده في الفحص والتقدير، وأعلن من مقعد ارتمى عليه ببنطلون القطيفة المبتل أنه لا يقبل أقل مما يتقاضى الطبيب عند فحص المريض ووصف العلاج.
ظهر مهندس الديكور في اليوم التالي مباشرة أمام شقة ذات، مؤكدا فعالية شبكة التليباثي المحلية، عارضا خدماته في أدب جم، مقترحا القيام بعملية محدودة للغاية تتمثل في استبدال ماسورة المرحاض والحنفيات، إلى أن يفتح الله على عبد المجيد أو ذات أو الاثنين معا. وفي نفس الليلة انضم إلى زوار ذات السريين، وظل يتردد عليها إلى أن انتهت العملية المحدودة، فاختفى ليظهر من جديد عندما اشتكى الحاج فهمي الذي يسكن تحتها مباشرة من رشح سقف حمامه بالمياه. وبالرغم من الشواهد الواضحة، نجح مهندس الديكور في إقناع الضحيتين - عبد المجيد والحاج فهمي - بأن الأمر يتعلق بالعهد القديم؛ أي قبل أن يقوم بإصلاحاته المحدودة. والحل؟ أن يقوم، هو نفسه، بعملية جديدة محدودة، يتم فيها تعرية السقف ليجف، ثم إعادة دهانه، على نفقة عبد المجيد، بالطبع.
الاعتراض الوحيد على هذا الحل جاء من جانب ذات، التي انتابتها الشكوك (رغم الزيارات الليلية وربما بسببها) في كفاءة مواسير الباشمهندس، فتهورت وأبدت رأيها في أن الطريق إلى سقف حمام الحاج فهمي يبدأ من أرضية حمامها. أزاح عبد المجيد اعتراضها كعادته، وتشبثت هي بوجهة نظرها؛ ذلك أن ذات تغيرت ولم تعد تلك المستمعة المبهورة المأخوذة، وبفضل تمرينات البث لم تعد الكلمات تتعثر على لسانها، وتمتطي حروفها ظهر بعضها البعض، الأمر الذي أثار غضب عبد المجيد فاتهمها بأنها لا تفهم شيئا، «أوف كورس»، ثم خاصمها لمدة أسبوع، أنجز الباشمهندس خلاله عمليته المحدودة، وتأملت هي في عمق مسيرة الهدف والبناء، فتوصلت إلى قناعة جديدة بشأن المستقبل.
تتميز المرأة المصرية، كأغلب النساء في كل زمان ومكان، بقدرتها على تدبير احتياجاتها بنفسها، كما يشهد على ذلك شارع الهرم. لكن هذا الطريق ذي الشهرة العالمية (في بلاد القمامة الثمينة على الأقل) كان مغلقا في وجه ذات لاعتبارات عديدة، يتعلق بعضها بالاقتصاد وقوانينه (مثل قانون العرض والطلب)، ويتصل البعض الآخر بالخوف الغريزي الذي أثارته تجربة مدام سهير، ساكنة الشقة المفروشة؛ ذلك أن موظف الزراعة غضب لتردد الإخوة الخليجيين على مدام سهير، فأقدم على خطوتين متزامنتين؛ جمع براز القطط المتناثر على السلم ودهن به باب شقتها، وقام بتركيب جهاز بث وتلق (إنتركوم) إلى جوار باب شقته.
لم تكن ثمة علاقة بين الأمرين، كل ما في الأمر أن موعد رش القطن كان قد حل. لكن العلاقة نشأت بعد ذلك؛ فقد دأب الإخوة الكويتيون والسعوديون، ذوو الخبرة الواسعة بأرقى العواصم العالمية، على التوقف أمام شقة موظف الزراعة، وطرق بابها، ظنا منهم أنهم أمام مكتب الاستقبال (رسبشن) الخاص بالمؤسسة التي يقصدونها، مما دفعه إلى القيام بخطوتين متزامنتين جديدتين؛ إلغاء خط الإنتركوم، وإبلاغ الشرطة.
لم تسفر الخطوة الأخيرة ، بالطبع، عن شيء ذي بال، لكنها كانت كافية لتبديد ما يكون قد خالج ذات من آمال وأوهام، وتوجيهها إلى مجالات الاعتماد على النفس الأخرى من قبيل توزيع قمصان النوم المهربة من بورسعيد، والاتجار في المواد التموينية. لكن عائد هذه المجالات لم يكن مجزيا بالدرجة المرجوة؛ بسبب تعدد حلقات سلاسلها، الأمر الذي دفع ذات إلى الترحيب بمشروع الحلة عندما عرضته عليها جارتها سميحة.
كانت سميحة شابة صغيرة لم تكمل بعد ربيعها العشرين، كما يقول الأدباء، شاحبة الوجه من جراء سوء التغذية في الطفولة، حديثة عهد بالزواج وبسكنى العمارة. فزوجها، وجدي الشنقيطي، الذي يكبرها بعشرين ربيعا أخرى، كان مهندس بناء في مدينة ميت غمر، ومتزوجا من قريبة له متخصصة في إنجاب البنات، فقرر أن يتزوج ابنة ملاحظ البناء؛ لتتخصص في إنجاب الأولاد، وجاء بها إلى القاهرة حيث حصل على وظيفة بمجلس حي مصر الجديدة، وعلى الشقة المجاورة لذات بعد أن دفع فيها كل مدخراته؛ ولهذا خلت من كافة أنواع الأجهزة، مما حال بينه والتقاط البث التليباثي، فعجز عن الالتحاق بمسيرة الهدم والبناء.
اقتصرت العلاقة بين سكان الشقتين المتجاورتين على تحية اللقاء على السلم؛ فأوجه الاتصال اليومي المألوفة التي يتم فيها تبادل رغيف خبز ببصلة أو قليل من الملح كانت محظورة على سميحة؛ لهذا يمكن أن نتصور دهشة ذات عندما فتحت باب شقتها استجابة لدق الجرس، لتجد الشنقيطي أمامها مضطربا شاحب الوجه: «المدام محتاجة لك.»
لبت ذات النداء، وتبعت الشنقيطي إلى صالة مزدحمة بأثاث متواضع ذي قطع كبيرة الحجم؛ مائدة سفرة مركونة لصق الجدار، مقاعد موسدة بلون وردي لامع ومغطاة بالبلاستيك، أنتريه من الإسفنج دموي اللون موزع في الأركان، لوحات الكانافاه المحتومة على جدران تلطخت بآثار الأصابع والرءوس وحفر المسامير وزوايا المقاعد. سميحة نفسها كانت ملطخة بآثار من نوع آخر؛ ففي غرفة النوم وفوق الفراش رقدت منفرجة الساقين وقد استقرت بينهما قطعة قماش ملوثة بالدماء. هكذا كانت الإطلالة الأولى على فخذي سميحة المبهرين.
أحضر الشنقيطي طبيبا نجح في وقف النزيف، وفشل في الحيلولة دون تكراره، فتكررت الاستعانة بذات، وتعمدت العلاقة بين المرأتين بالدماء؛ فسميحة المتفرغة لشئون مفرخة فشلت محاولات تشغيلها، والمحرومة من أي نشاط اجتماعي غير زيارات الأهل في المواسم والأعياد وجدت في ذات الناضجة نافذة على عالم لا تعرفه إلا في التليفزيون، وذات وجدت فيها متلقيا جديدا متلهفا، في حالة دهشة دائمة، ومصدرا طازجا للبث، محيطا بأنواع المواد التموينية التي تحملها العربات العسكرية إلى ذوي الحاجة من سكان العمارة، والأطعمة الجاهزة التي تجلبها يوميا زوجة موظف الزراعة ومدام سهير، وتطورات مسيرة الهدم والبناء.
فالعزلة التي عاش فيها الشنقيطي وزوجته لم تمنعهما من تأمل المسيرة إياها في عمق واستخلاص النتائج الضرورية. وفي زيارة شبه رسمية لذات وزوجها حملا ابنة أفكارهما؛ حلة واسعة من الألومونيوم تتألف من قطعتين متماثلتين، تقوم إحداهما بدور الغطاء للثانية؛ ولهذا تحمل مقبضا خشبيا بالإضافة إلى مقبس كهربائي متصل بشبكة من الأسلاك الداخلية.
جرت تجربة الابتكار الجديد في مشهد احتفالي؛ قطعت دجاجة إلى نصفين وسدا متجاورين في قاع الحلة، ثم وضعت فوق نيران البوتاجاز بعد إغلاقها، وأولج القابس في المقبس، ووصل الغطاء بالتيار الكهربائي. وبعد ربع ساعة بالضبط تصاعدت رائحة الشواء. وعلى الرائحة حسب الشنقيطي وعبد المجيد بقلم وورقة التكلفة والربح للإنتاج بالجملة.
أصبح الأربعة في الأيام التالية من حاملي الحلل؛ تعاون الرجلان في الإشراف على تصنيعها في دكان قريب لتصليح الغسالات. وباع عبد المجيد واحدة في البنك لرئيس قسم الأوعية الادخارية، وباع الشنقيطي أخرى في مجلس الحي للمسئول عن إعطاء تراخيص المنشآت الصناعية، وباعت ذات اثنتين في الأرشيف وثالثة لصديقتها هناء، واحتفظت لنفسها بواحدة، ثم اشترت أخرى من الطراز المعدل الذي لم يقيض لعامة المستهلكين أن يحصلوا عليه؛ إذ توقف المشروع بعد أن ارتفع عدد القطع المنتجة إلى سبع، ووصل السوق إلى درجة التشبع.
الذين يتذوقون لذة الابتكار والخلق، لا يسلونها. هكذا ظهر الشنقيطي وزوجته في زيارة رسمية جديدة، وقالت سميحة بانفعال: «مدام ذات .. ما رأيك في أن تدفعي عشرين جنيها الوقت، وتاخدي خمسة آلاف بعد شهر؟» اعتبرت ذات الأمر نكتة، فضحكت وهي في سبيلها لإعداد الشاي، لكن الشنقيطي الذي لا يعرف المزاح قال في صرامة: «الموضوع جد.»
بسط المشروع الجديد القادم من ألمانيا (كما قال): تدفع الجنيهات العشرين في صورة حوالة بريدية لشخص تعرفه، وتقنع خمسة أشخاص آخرين بأن يدفع لك كل منهم نفس المبلغ على نفس الصورة، ويكرر كل واحد منهم الأمر مع خمسة أشخاص آخرين، وهلم جرا.
لم يستوعب عبد المجيد (فضلا عن ذات) العملية الرياضية المعقدة التي شرحها زائره؛ فقد شرد عدة مرات، لا في أوجه تحصيل المبلغ الضخم، وإنما في أوجه إنفاقه؛ يشارك أحدا في شراء سيارة أجرة وتشغيلها؟ يستأجر كافيتريا؟ أو ميني ماركت؟ أما ذات فقد تسمرت عيناها على جدران المطبخ، ولاح لها شبح جمال عبد الناصر منهمكا في تكسيرها، وخلفه عكف أنور السادات، في عناية شديدة، على تثبيت قطع السيراميك الملون الفاخر.
ظهر الباشمهندس في اليوم التالي (وقد وصلته الأنباء بالتليباثي) عارضا خدماته، مؤكدا ضرورة فتح ملف الحمام لمعالجة الآثار الجانبية للعملية المحدودة التي قام بها في سقف الحاج فهمي، مقترحا القيام بعملية محدودة أخرى يتم خلالها تبييض الشقة كلها. ولم يكد ينصرف حتى طرق الباب زائر جديد، كهل فوق الستين، يتحسس خطواته في حذر من خلف نظارته السميكة؛ عم محروس الحلاق.
لم يكن محتاجا لتقديم نفسه؛ فهو مستأجر الدكان الوحيد في العمارة منذ إنشائها، وتربطه علاقة طيبة بذات وعبد المجيد رغم أنهما لم يستعينا بخدماته؛ لأنه متخصص في الحلاقة النسائية، ولأن ذات ظلت أمينة لحلاقها القديم، ولأنه غالبا ما يهجر مهنته الأصلية بين الحين والآخر إلى تجارة السيارات المستعملة، وسمسرة الشقق المفروشة.
سأل عم محروس بعد أن شرب الشاي: «الباشمهندس كان هنا النهارده؟»
رد عبد المجيد بالإيجاب.
واصل عم محروس: واقترح عليكم تغيير الأدوات الصحية (نعم)، وبياض الشقة (نعم)، وعمل ديكورات (نعم)، وإزالة هذا الحائط (نعم)، واستبدال العفش ...
هنا اعترض عبد المجيد: «لا. اقترح فقط تنجيد الأنتريه.»
أطرق محروس: «مفهوم. وعرض عليكم شراء الثلاجة؟»
قالت ذات : «قال بس إنه يقدر يساعدنا في الحصول على واحدة جديدة.»
قال محروس: «مفهوم، مفهوم. حيعرض عليكم شراء الأثاث كله.»
احتج عبد المجيد: «لكن إحنا مش عايزين نبيع.»
كان هذا أمرا مفهوما أيضا من جانب عم محروس، الذي كان بوسعه أن يدبر لهم أمر بياض الشقة بمعرفته ليجنبهما الوقوع في شباك الباشمهندس الذي سيحضر العمال ويأمرهم بإزالة هذا الحائط أو تبييضه بسرعة دون أن يعنى بحماية الأثاث، ثم يبدي أسفه لإهمال العمال واستعداده لتحمل مسئولية جريرتهم بشراء العفش كله. وفي اليوم التالي يحضر شخصا يقوم بتثمينه. وهيلا هوب يأخذ العفش بتراب الفلوس، ويجدده ثم يبيعه من جديد.
تذكرت ذات: «فعلا .. لما كنا نتكلم في موضوع البياض كان يتحسس المقاعد والسفرة والثلاجة».
أبدى عبد المجيد ضبطا رائعا للنفس أمام نظرات ذات الشامتة (ألم أقل لك؟) ودهاء بالغا إزاء توقعات عم محروس، فأكد له أنه سيستعين بخبرته عندما يشرع في البياض، لكنه بدأ في اليوم التالي مباشرة البحث عن سباك صادق وأمين، يأخذ الآلاف الخمسة، وشاركته ذات البحث، حتى حالفهما الحظ، وعثرا على واحد، وإن كان من تخصص مختلف بعض الشيء.
فقد ذهبت ذات إلى طبيب الجريدة تشكو من سعال مزمن، فنصحها بأن تعرض نفسها على جراح متخصص «من باب الاطمئنان». وفي المساء ذهبت مع عبد المجيد إلى ميدان الجامع لشراء حذاء، وأثناء عبور الشارع بالقرب من ميدان صلاح الدين لمحت مبنى حديث البناء من طابق واحد مقسم إلى عيادات طبية في مختلف التخصصات، حملت إحداها اسم جراح مشهور طالما لهج أبوها بذكره.
صعدا إلى عيادة ما زال العمل يجري في دهان جدرانها، لكن الطبيب رحب بالكشف عليها، معترفا بأنه ليس هو الجراح الشهير، وإنما قريب له من بعيد.
خضعت ذات لكشف دقيق ومستفيض لدرجة أثارت شكوكها؛ إذ ظل الطبيب يتحسس ثدييها ويضغط عليهما إلى أعلى وإلى أسفل ويعتصرهما ويفعص حلمتيهما. كان واقفا أمامها ورأسها في مستوى بطنه، وقاومت أن تهبط بعينيها إلى أسفل لتحسم الشك، وحسم هو الأمر عندما هز رأسه في وجوم، ثم أعلن لها أن العناية الإلهية ساقتها إليه في الوقت المناسب (له بالطبع)، وأنه سينتظرها في الصباح ليستأصل أحد ثدييها في محاولة لإنقاذ حياتها.
لم تضمن ذات برنامج البث المسائي المشترك مع سميحة شيئا عن زيارتها للطبيب؛ لأن سميحة سبق أن أعربت، مرارا، عن إعجابها بثديي ذات المتكورين وأسفها لأن ثدييها هي لم يتجاوزا حجم الليمون؛ وبهذا لم تدرك فداحة الكارثة إلا عندما لجأت إلى الفراش، فانهمرت دموعها، وشاركها عبد المجيد البكاء (لأول مرة منذ ليلة الدخلة)؛ ذلك أنه لم يفقد حرصه على سلامة البضاعة، بالرغم من أن سنوات الحياة المشتركة قد ارتقت بها إلى مستوى إنساني.
من هذا المنطلق (سلامة البضاعة) رفض عبد المجيد اقتراح الاستئصال، ولم تتقبله ذات بالمثل، فرغم عدم استخدام الثديين بالكثرة الملائمة (الرضاعة بكافة أشكالها)، فإنهما كانا جزءا من صورتها الخارجية، ومن جهاز لم ينته بعد عمره الافتراضي. هكذا توصل الاثنان في الصباح إلى قرار حاسم؛ لا عملية.
بدأت رحلة التفعيص على أيدي كبار الأطباء (لا في الثديين وحدهما) بعد الانتظار عدة ساعات تحت الإشراف الصارم لعدسات الفيديو، في قاعات مكيفة، مكتظة بخليط من بنات العائلات والبيروقراطيين والسباكين؛ أي بخلاصة الكريمة، ومزينة بالآيات القرآنية والصور الفوتوغرافية المكبرة للقطب الشمالي، واللوحة الروسية للطفل الباكي، والشهادات الأجنبية بالعالمية التي لا تشهد في الحقيقة على أكثر من الاشتراك في المؤتمرات (التي تنظمها شركات الأدوية لترويج بضاعتها).
تضمنت الرحلة الكابوسية زيارات لأماكن عديدة متباعدة لأسمائها رنين يبعث على الرهبة؛ مستشفى المعادي العسكري حيث رآها طبيب أمريكي من تكساس، عجز عن القطع برأي في شأنها، فنصحها بالاستئصال قائلا إنه أصبح في أمريكا إجراء عاديا مثل استئصال اللوزتين «أو النتوء إياه عندكم». ومستشفى عين شمس التخصصي حيث ذهبت لعمل الأشعة وجلست تنتظر دورها برفقة الفنيين إلى أن تذكر أحدهم المريض الراقد تحت الكاميرا فهرع إليه وهو يردد: «ربنا يستر. مفيش حاجة إن شاء الله.» وعندما استدعوها توسلت إليهم ألا ينسوها تحت الكاميرا، واعترضت على المحقن المستعمل الذي أرادوا ضخ المادة الملونة به في أوردتها، وعلى الملاءة القذرة التي بسطوها لها، فتوسلوا هم إليها: «سلمي أمرك لله سبحانه وتعالى.»
هكذا فعلت هي وعبد المجيد الذي عرف هو الآخر طريق الله، فبدأ يصلي بانتظام، لا من أجل خلاصها، وإنما من أجل خلاصه هو؛ ففي الركن الجنوبي الغربي من رأسه الأصلع، تجمعت خيالات غامضة، احتلت فيها امرأة أخرى أكثر قابلية لفنون الرضاعة المختلفة، مكان ذات التي أصبح اختفاؤها متوقعا، الأمر الذي كان يدفعه إلى الاستماتة في الدعوة لها بالشفاء، واللهاث وراء أنباء الاكتشافات الجديدة، ومعجزة الفليبيني الذي يستخرج الورم بيديه دون جراحة، وقصص الذين نجوا، والذين لم ينجوا.
خاتمة المطاف جاءت في معهد السرطان، أو الأورام، كما يلقب نفسه تحشما، وسط الفلاحين والفلاحات القادمين من أقاصي النجوع، ببطون وأعناق ومثانات وأرحام وأثداء متورمة، المقرفصين إلى جوار جدران قاعة انتظار مظلمة وباردة، كفيلة وحدها بإحداث أخبث الأورام، حيث رحب عدد من الأطباء الشبان بالتفعيص فيها مقابل نصف جنيه، وتحت إشراف أستاذ كبير غاضب من غرام الناس بالتدخين، أعطاها حكم البراءة دون أن يتخفف من غضبه، كأنما عز عليه إفلاتها؛ ولهذا أرشدها إلى طريقة التفعيص الذاتي، لتبدأ به يومها كي تأتيه المرة القادمة في اللحظة المناسبة.
خلال ذلك كانت حكاية الجنيهات العشرين التي تتحول إلى خمسة آلاف جنيه قد طواها النسيان، وحل محلها الأمن الغذائي؛ سيارة كارفان مجهزة بالأرفف والبوتاجاز والثلاجة، تقف في ميدان روكسي لتبيع السندوتشات للعابرين ورواد السينما. حسب الشنقيطي التكلفة والربح بالقلم والورقة، وبدأ يقوم هو وسميحة بزيارات ليلية سرية لذات التي تحمست للمشروع الجديد، وتطوعت لمسئولية المخللات، فملأت المطبخ والصالة بل والطرقة المؤدية إلى غرفة النوم، ببرطمانات كبيرة من الزجاج والبلاستيك، عبئت بالخيار والليمون والفلفل والبصل.
لم تمض أيام حتى بدت على المخللات علامات النضج، وسرعان ما أصبح كل شيء جاهزا فيما عدا السيارة التي تطلبت وقتا أطول. وكان الشنقيطي هو الذي نجح في الحصول عليها، لكن المشروع لم يقدر له التمام؛ فمن ناحية كانت المخللات قد انقرضت على يد أصحابه ، ومن ناحية أخرى كانت السيارة لا تسمح بوقوف أحد داخلها ولا تتسع لأي تجهيز؛ لأنها كانت من نوع نادر هو الفيات الصغيرة التي يرجع عهدها إلى بداية الستينيات، لكنها كانت كافية على أية حالة لأن تدفع عم صادق البواب (الذي يتقاضى خمسة جنيهات في الشهر من كل ساكن كي ينظف له سيارته كل فجر ليجدها لامعة متلألئة عندما يهبط في الضحى) لأن يستوقفها على السلم قائلا في إشفاق دفع بالدموع إلى عينيها: «ما فاضلش إلا إنت يا ست من غير عربية. يالله شدي حيلك.»
شد الحيل قامت به سميحة الشنقيطي؛ فبعد تشكيلة من البلوزات والقمصان الفاخرة، وسترات الشامواه والجلد، والجيبات الحديثة والأحذية الغالية والعدسات اللاصقة والنظارات الكارتييه، ظهرت الأعراض المألوفة؛ علب الدهان وصناديق السيراميك، وحوض الصلب الذي يصدأ، ومجموعة الحمام الملونة. وازدحمت الطرقة المفضية إلى الشقتين بلفافات الموكيت، وتم استبدال الأنتريه الإسفنجي المتهالك بآخر جديد، وغسالة إيديال البائسة بواحدة فول أوتوماتيك (وستنجهاوس)، والسفرة المستطيلة بأخرى دائرية لها مقاعد أنيقة (ستيل) مدثرة بالقطيفة الزرقاء.
هكذا اقتربت المسيرة من باب ذات، وقسرتها على الانخراط في ركابها، رغم معارضة عبد المجيد. وبعزيمة عززتها خيانة الشركاء طبقت سياسة اقتصادية رشيدة، وعملت على سحب أكبر كمية نقود من عبد المجيد، وأخفت ما تتلقاه من علاوات ومكافآت (وهو أمر لم يغب عن فطنة عبد المجيد فأخذ يخفي ما يحصل عليه هو الآخر)، ثم كونت جمعية ادخار محدودة في الأرشيف من عشرة أشخاص (اشتركت فيها سميحة بنصيبين) يقبض كل منهم ألف جنيه في شهر معين. وما إن حل شهرها الموعود حتى توكلت على الله، بعد أن أمدتها ماكينات الأرشيف بالسباك المطلوب، واضعة عبد المجيد أمام الأمر الواقع؛ مما أشعل غضبه ودفعه إلى مخاصمتها ومقاطعة الأمر كله، لا من قبيل المعارضة للمبدأ وإنما للإجراءات.
لم تكف الألف جنيه لمواجهة المهام المطروحة، فاقتصرت ذات على استبدال مرحاض الحمام بواحد حديث (كومبيشان كما أصرت هي والسباك رغم المحاولات التصحيحية التي تبرع بها عبد المجيد من وراء حواجز المقاطعة)، ثم أولت اهتمامها للمطبخ؛ فأطاحت بجدرانه، وغطتها هي والأرضية بالسيراميك المصقول الفاخر وردي اللون.
توقف جمال عبد الناصر عن المجيء حاملا معول الهدم، لكن أنور السادات واصل زياراته الليلية وفي يمينه قطع السيراميك المعهودة؛ ذلك أن جعبة ذات المالية نفدت قبل أن يصل السيراميك إلى السقف بمسافة شبرين، واضطرت إلى استكمال المساحة الباقية بدهان الزيت المألوف.
4
الرئيس
مبارك
يشكر الولايات المتحدة ويؤكد أن مساعداتها ليست مغرضة وأنها لا تأخذ شيئا مقابلها.
جريدة الأهالي: «
السفن النووية الأمريكية
تمر بقناة السويس منذ عام 1984 بقرار سياسي من الحكومة المصرية رغم معارضة الخبراء.»
مناورات ل
حلف الأطلنطي
على صحراء مصر.
مجلس الشئون العامة الأمريكي: «الشركات الأمريكية
صدرت إلى العالم الثالث 2,4 مليون قطعة ملابس أطفال معالجة بمادة كيميائية محظورة في الولايات المتحدة.»
جريدة واشنطون بوست: «شركة أمريكية يرأسها عضو سابق في وكالة المخابرات الأمريكية تقوم بالإشراف اليومي ومراقبة 11 وزارة حكومية في جزيرة «مسندم» بسلطنة عمان.»
استقبال حافل من الأوساط الحاكمة البريطانية ل
ملك السعودية
في أعقاب الإعلان عن أكبر صفقة سلاح بريطانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تدفع فيها السعودية عشرة مليارات دولار لشراء طائرات التورنادو، مما يعتبر بمثابة هدية لحزب المحافظين ومسز تاتشر في حملتها الانتخابية.
الرئيس
مبارك
يدعو إلى صناعة
سيارة شعبية
بأيد مصرية مائة في المائة.
الجنيه الإسترليني
يرتفع من دولار إلى دولار ونصف.
الولايات المتحدة تدعو
إسرائيل
إلى الاشتراك في برنامج حرب الكواكب.
وزارة الصناعة المصرية تطرح مناقصة دولية لإنتاج
السيارة الشعبية
المصرية.
بعد انتهاء زيارته الرسمية لبريطانيا،
خادم الحرمين
ينتقل إلى القصر الذي اشتراه بثلاثين ملايين جنيه إسترليني في حي هامستيد.
الرئيس
مبارك : «أمريكا استجابت لكافة مطالبنا وقدمت لمصر منحا دون مقابل. والسوفييت كانوا يفرضون علينا قيودا وشروطا تؤثر على مستوى معيشة المواطن المصري، وكشفت التجربة أن التعاون مع الروس يؤدي إلى حروب لا طائل من ورائها.»
جريدة نيويورك تايمز: «أدت
المعونة الأمريكية
لمصر إلى زيادة الاعتماد على الولايات المتحدة في الطعام والمساعدات العسكرية. ومن المؤكد أن القادة المصريين سيفكرون مرتين قبل الإقدام على أي موقف يؤدي إلى وقف المعونة الأمريكية.»
جريدة الهيرالد تريبيون: «هيئة المعونة الأمريكية صدرت إلى مصر مبيد
الفوسفيل
الحشري الممنوع استخدامه في أمريكا، والذي تسبب في مقتل بعض الفلاحين المصريين ومواشيهم.»
المشير
أبو غزالة
وزير الدفاع: «لا بد من دعم قوة الانتشار السريع الأمريكية وإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة الخطر السوفييتي.»
المناقصة الدولية لتصنيع
السيارة الشعبية
المصرية مائة في المائة تميل لصالح المجموعة اليابانية.
الملك فهد
خادم الحرمين
يهدي للرئيس ريجان بيضة ضخمة من الذهب الخالص تحتوي على العلمين السعودي والأمريكي، وأصغر أبنائه يتبرع بمليون دولار لمدرسة أمريكية.
المشير
أبو غزالة : «الجندي الأمريكي يتكلف 150 ألف دولار في السنة إذا جاء إلى المنطقة، أما الجندي المصري فيتكلف 1200 دولار فقط في السنة؛ أي أقل من 1 في المائة من تكاليف الجندي الأمريكي.»
جريدة
الواشنطون بوست : «مجلس الأمن القومي الأمريكي وضع خطة على أساس أن تهاجم مصر ليبيا وتستولي على نصف مساحتها بدعم أمريكي وتستخدم ذلك في الإطاحة بالقذافي.»
الرئيس
مبارك
قبل سفره إلى واشنطون: «نحصل على 850 مليون دولار سنويا معونة من الولايات المتحدة، ندفع منها 500 مليون دولار فوائد سنوية على ديوننا العسكرية لها.»
الرئيس
مبارك
في تكساس: «معظم الشركات الأمريكية التي قامت بالاستثمار في مصر تمتعت بنسبة عالية من
الأرباح ؛ فلدينا أكبر سوق في الشرق الأوسط ونملك الأيدي العاملة الرخيصة.»
التحقيق سرا مع 11 من العاملين بإحدى المؤسسات الهامة لاشتراكهم في لجنة التعاقدات التي اشترت
29 طائرة معطوبة
من مصانع بريطانية وصل منها 17 طائرة، وانفجرت اثنتان منها، ولقي قائداهما مصرعهما، خلال 4 أيام وحسب.
الحكومة الكندية تتهم
شخصيتين مصريتين كبيرتين
بتقاضي ثلاثة ملايين دولار من صفقة طائرات هليكوبتر لمصر.
نيويورك تايمز: «مصر قدمت وثيقة سرية قبل زيارة الرئيس مبارك لواشنطون بعنوان: الحاجة إلى
الاعتماد المتبادل
بين مصر والولايات المتحدة، عددت فيها الحالات التي سمحت فيها مصر للولايات المتحدة باستخدام منشآتها لأغراض عسكرية.»
مكتب استشاري أمريكي
يستولي على 17 مليون دولار من أموال مشروع المجمع السكني الجديد بحلوان الذي تكشف بعد بداية البناء عن طبقة طفلية من التربة.
مدير مركز التخطيط الفرنسي بوتولو: «مقابل كل فرنك تنفقه
فرنسا
على مساعدة الدول النامية تحصل على ستة فرنكات من التجارة.»
مبارك لريجان : «لا أعتقد أنه يوجد زعيم أكثر قدرة منك على أن يقوم بدور تاريخي وأن يحقق رسالة مقدسة في الشرق الأوسط، وقد اختارك القدر لأن تقود هذه الأمة العظيمة في وقت تسنح فيه فرصة ذهبية من أجل السلام.»
دبابات
جيش الدفاع الإسرائيلي
تقوم أثناء اجتماعي الرئيسين المصري والأمريكي في واشنطون باقتحام قرية الزرارية جنوبي لبنان وقتل عشرات الضحايا.
المندوب الأمريكي في مجلس الأمن يستخدم
الفيتو
ضد مشروع قرار لبناني بإدانة العدوان الإسرائيلي على سكان الجنوب.
الملياردير السعودي
عدنان خاشوقجي : «أفخر بأني أنقذت شبكة التليفونات المصرية بالتعاون مع الدكتور
مصطفى خليل
عندما كان في الوزارة.»
واشنطون بوست: «المكتب الاستشاري للدكتور
مصطفى خليل
حصل على خمسة ملايين من الجنيهات لدراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع التليفونات قبل توليه رئاسة الوزارة، وتفاوض مع وزارة المواصلات المصرية بوصفه وكيلا لشركة أمريكية في الصفقة التي حصل منها
عدنان خاشوقجي
على عمولة كبيرة.»
الرئيس «مبارك»:
أتحدى من يقول إن الإرادة المصرية ليست حرة.
أول دفعة من طائرات ميراج 2000 تصل مصر خلال أيام.
قائد القوات الجوية المصرية : «تنويع طائرات القتال في قواتنا الجوية يرهق العدو. نحصل على كل متطلباتنا من السلاح الحديث من أمريكا وفرنسا دون أية مشاكل.»
وزيرة الشئون الاجتماعية المصرية في الاحتفال بمرور 15 سنة على بدء
التعاون المصري الأمريكي : «التعاون مع أمريكا مثل أعلى للتغلب على مشاكلنا.»
د. محمود عبد الله، وكيل وزارة الزراعة وعضو مجلس الشعب: «كل الشكر لمقدمي
المعونة
لمصر ولكل مندوب معونة يعمل في مصر. فهل يعض الإنسان اليد التي تمتد له؟»
شحنة قمح فاسدة
من الولايات المتحدة في ميناء الإسكندرية منذ شهرين تحمل شهادة صلاحية من وزارة الزراعة الأمريكية وتكلف الخزانة المصرية ثمانية آلاف دولار يوميا.
خبير اقتصادي: «
المعونة الأمريكية
ليست غير قروض للشركات المصرية كي تشتري بها منتجات أمريكية.»
قائد سلاح البحرية الأمريكية: «مشروعات مشتركة بين
إسرائيل
وأمريكا لإنتاج أنواع جديدة من الصواريخ والغواصات والزوارق البحرية.»
الرئيس
مبارك
عن نتائج زيارته للولايات المتحدة: «المعونة زادت وكلها منحة لا ترد. مين حيديني 2315 مليون دولار منحة لا ترد؟ حتقولوا بياخد منحة .. أنا مش بدافع عن أمريكا .. لكن إنت بتديني .. بتساعدني .. أمد إيدي والا أرجع عنك؟ طيب باديله إيه؟»
نائب في مجلس الشعب المصري: «عدد
الخبراء الأمريكان
في مصر 1116 خبيرا يحصلون على 267 مليون دولار سنويا، وهو مبلغ يفوق ميزانية وزارة التربية والتعليم.»
مجلة أمريكية: «
أرباح
البنوك والاستثمارات الأجنبية في مصر المصدرة للخارج سنة 1985 بلغت 7,6 مليار دولار، وكل دولار تستثمره البنوك الأجنبية في مصر تحصل مقابله على 18 دولارا؟»
4 فلسطينيين يختطفون سفينة إيطالية في المياه المصرية
السفير الأمريكي يطلب تدخلا مسلحا و
اقتحاما عسكريا
للسفينة والسلطات المصرية ترفض. مصر تتوصل مع سفراء الدول الذين لهم رعايا على السفينة إلى
اتفاق
بمقايضة أرواح الرهائن بحرية الخاطفين وتسليمهم لمنظمة التحرير الفلسطينية لمحاكمتهم.
المقاتلات الأمريكية تعترض الطائرة المصرية المدنية المقلة ل
مختطفي السفينة الإيطالية
بصحبة ممثل منظمة التحرير، والتي أقلعت سرا إلى تونس، وتجبرها بالقوة على الهبوط في قاعدة عسكرية تابعة لحلف الأطلنطي في جزيرة صقلية الإيطالية.
السفير الأمريكي في القاهرة يوجه السباب إلى مسئول مصري كبير
واشنطون بوست: «
المخابرات الأمريكية
وضعت أجهزة تنصت في مكتب الرئيس المصري واستطاعت الحصول على المعلومات التي مكنتها من إرغام الطائرة المصرية على الهبوط في القاعدة الأمريكية بإيطاليا.»
الرئيس
مبارك
يطالب باعتذار أمريكي علني للإهانة التي لحقت بالشعب المصري.
الولايات المتحدة تجمد 150 مليون دولار من
المعونة
الإضافية التي كانت قدمتها إلى مصر وتطالب بأقساط فوائد الديون.
صحف المعارضة: «الخبير الأمريكي
في مصر يتقاضى مرتبه في أمريكا + 207 في المائة + 13 في المائة أرباح للجهة التي أعارته + إيجار شقة يتراوح بين ألف و1500 جنيه + بدل سيارة 2500 جنيه + 20 في المائة.»
ضغوط أمريكية مكثفة على مصر لتنشيط التطبيع مع
إسرائيل .
الصحف المصرية تعلن عن توقيع عقد
السيارة الشعبية
المصرية مائة في المائة مع شركة جنرال موتورز الأمريكية.
الحكومة الأمريكية تشترط تخصيص 200 مليون جنيه من
المعونة
الأمريكية لضمان استثمارات شركة
جنرال موتورز
الجديدة في مصر.
وزير الصناعة المصرية: «مصر
لم توقع
عقدا مع جنرال موتورز.»
الأمين العام للحزب الوطني يوسف والي: «وقعنا
العقد مع جنرال موتورز.»
وزير الصناعة المصرية يؤكد من جديد:
لم نوقع.
جنرال موتورز تعلن في الصحافة الأمريكية: «العقد تم توقيعه.»
خبراء وزارة الصناعة المصرية: «عقد
جنرال موتورز
يؤدي إلى إهدار ملايين الجنيهات التي أنفقت على بناء شركة النصر المصرية لصناعة السيارات (ق.ع) وضياع خبرة ربع قرن في تصنيع السيارة الإيطالية
فيات
وتغيير كل شيء.»
اختفاء قطع غيار بمليون جنيه من مخازن
شركة النصر للسيارات .
نيويورك تايمز: «فيما يبدو أنه محاولة للضغط من جانب شركة فيات الإيطالية. سربت المخابرات الإيطالية الخبر الذي أذاعته محطة أي بي سي الأمريكية للتليفزيون بأن
مسئولا عسكريا
هو الذي قدم للحكومة الأمريكية معلومات عن موعد إقلاع الطائرة المصرية التي أقلت مختطفي السفينة الإيطالية مما مكن الأمريكان من اختطافها.»
مجهولون يختطفون طائرة مصرية ويهبطون بها في مالطة
الطائرة المختطفة هي نفسها التي اختطفها الأمريكان في حادث السفينة الإيطالية.
الرئيس
مبارك
يكلف المشير
أبو غزالة
بمسئولية إنهاء الاختطاف.
المشير أبو غزالة يعلن: «
ليبيا
هي المسئولة.»
إسرائيل والولايات المتحدة
يتهمان ليبيا بتدبير حادث
الطائرة
وليبيا تنفي .
وحدة كوماندوز مصرية تقتحم الطائرة المخطوفة فيسقط
60 قتيلا و26 جريحا .
بعد 15 ساعة من
اقتحام الطائرة ، بيان طويل للحكومة المصرية عن نجاح الاقتحام يلقي مسئولية الضحايا على المختطفين.
راكب أسترالي: «المقتحمون لم يكونوا يعرفون من هم الخاطفون، فأطلقوا النار على كل شيء أو شخص يتحرك.»
صحيفة أمريكية: «لم يكن لدى الوحدة المصرية معلومات تتعلق بخصائص الطائرة المخطوفة ومن هو الخاطف ومن هو الضحية.»
وزارة الدفاع الأمريكية: «ثلاثة ضباط من البعثة الدبلوماسية الأمريكية بالقاهرة رافقوا القوة المصرية التي اقتحمت
الطائرة المخطوفة .»
مسئول أمريكي: «هجوم الكوماندوز المصريين الذي أنهى اختطاف الطائرة سيوطد التحسن الملحوظ في علاقات القاهرة وواشنطون.»
المشير
أبو غزالة : «المصالح القائمة بين الدول البترولية والدول الصناعية تحتم على الجانبين استقرار أمن الخليج ضمانا لوصول البترول إلى مناطق استهلاكه عبر شرايين المواصلات التي تتمثل في خطوط أنابيب البحر الأحمر وقناة السويس؛ وبذلك يدخل في نطاق المصالح المصرية المباشرة
تأمين نقل البترول ، ومعروف أن الغرب ينتج 10 في المائة من احتياجاته البترولية والباقي يحصل عليه من منطقة الخليج. وبالتالي لا بد من استقرار هذه المنطقة. وهكذا نرى أن مسئولية مصر مسئولية رئيسية وليست ثانوية.»
الملياردير السعودي
عدنان خاشوقجي : «الشرق شرق والغرب غرب، ومتى حدث لقاء بينهما في أي مكان فهناك
عمولة
لي.»
شاب مصري
يسأل الرئيس مبارك في اجتماع شباب الحزب الوطني: «لماذا لا تسمح مصر بتأجير أرضها قاعدة عسكرية يسهم عائدها في علاج الأزمة الاقتصادية؟»
مستشار ريجان للأمن القومي يعرض على الرئيس مبارك خطة للهجوم على ليبيا .
44 قاذفة أمريكية من طراز 1110 تقصف مقر القذافي في طرابلس فتقتل 39 شخصا بينهم ابنة القذافي وتصيب ابنه.
المشير
أبو غزالة : «ليس معقولا أن تدفع مصر 80 بالمائة من المساعدات الأمريكية لسداد الديوان؛ فهي تأخذ من أمريكا 780 مليون دولار منحة اقتصادية سنوية، وتدفع لها 600 مليون دولار سنويا فائدة للديون العسكرية السابقة.»
المشير
أبو غزالة
يطير فجأة إلى واشنطون لمباحثات حول
ديون مصر العسكرية (4,5 مليارات دولار)، بينما يصل إلى القاهرة رئيس
جنرال موتورز
ليجتمع بالرئيس مبارك.
صحيفة أمريكية:
عمولات
صفقات السلاح الدولية تصل إلى أكثر من نصف ثمنها.
اقتصادي أمريكي: «
جنرال موتورز
تحققت من أن تكلفة العمل في مصر بما في ذلك الأجور والمزايا تمثل دولارين في الساعة مقابل 15 دولارا في أوروبا؛ ولهذا فإن مشروعها المصري سيجعل منها قوة تنافسية وينقذ مصانع «أوبل» المهددة بإنهاء أعمالها في أوروبا.»
ارتفاع جديد في
الأسعار
بسبب إلغاء الدعم الحكومي سرا عن بعض السلع الأساسية.
هيئة الاستثمار المصرية تعلن أنها وافقت على عرض
جنرال موتورز
لإنتاج الأوبل في مصر.
د. رفعت المحجوب
ينهي دورة مجلس الشعب بطريقة متعمدة قبل النظر في طلب إحاطة للمعارضة حول مشروع جنرال موتورز.
وزارة الخارجية الأمريكية تعلن: 110 ملايين دولار نقدا لمصر
المبلغ هو جزء من المعونة الاقتصادية المقررة لمصر وكان محتجزا في انتظار بعض الإصلاحات الاقتصادية التي طلبت الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي تنفيذها في مصر.
الصحف المصرية: «الولايات المتحدة رفضت زيادة المساعدات العسكرية بمقدار النصف، وإعفاء القاهرة من أعباء ديونها العسكرية، وخفض سعر الفائدة على الديون من 15 بالمائة (السعر السائد عام 1979) إلى 7,5 بالمائة (السعر السائد حاليا).»
الحكومة الأمريكية تخصص 3 مليار دولار مساعدات لإسرائيل و2,3 مليار لمصر .
المعارضة المصرية: «عقد جنرال موتورز يعني تسليم قاعدة إنتاج السيارات المصرية إلى شركة أمريكية كبرى.»
الاحتفال بعودة سوني
ثمرة التعاون المشتركة بين سوني اليابانية والشركة الإسلامية الدولية للكمبيوتر (كمبيولاند) والمصرف الإسلامي الدولي وشركة بنها للصناعات الالكترونية (ق.ع).
الأستاذ محمد سمير عليش، رئيس مجلس إدارة الشركة الإسلامية الدولية للكمبيوتر يلقي كلمته في الاحتفال بعودة سوني الذي أقيم في فندق أوبروي الهرم (مينا هاوس سابقا).
الأستاذ محمد سمير عليش: «الحمد لله والشكر لله .. إن وراء هذا الحدث الكبير جهودا هائلة استمرت سنوات متصلة، عمل دائب في هدوء وصمت، واليوم نجني حصاد العمل والعرق، ونرى الحلم واقعا وحقيقة .. نعم
أصبح سوني في الأسواق المصرية .. لقد التقينا مع مجموعة من الرواد في أواخر السبعينيات وانعقدت إرادتنا في إعلاء كلمة الله وشرع الله في كل مناحي الحياة .. فقواعد الإسلام ليست طقوسا تؤدى فقط، لكنها منهاج صالح للحياة .. بجهد وإمكانيات البشر .. وها نحن نرى اليوم .. الشركة الإسلامية الدولية لتكنولوجيا المعلومات (كمبيوتم) والتي تعتبر الوليد الجديد لشركة (كمبيولاند) تحقق أهدافها باقتحام عالم المستقبل .. عالم المعلومات الذي كان حكرا على عدة دول تعد على أصابع اليد الواحدة.»
بشرى لكل من يحب مصر :
سوف تخرج كل مركبة من خطوط الإنتاج حاملة شعار
صنع في مصر.
جنرال موتورز مصر
تبني لمصر المستقبل .
الصحف: «
جنرال موتورز
تطلب من بنوك القطاع العام الأربعة قرضا قيمته
مائة مليون جنيه مصري
لتمويل عمليتها في مصر.»
5
لم يكن ثمة ما يجذب عبد المجيد في فخذي الشنقيطي، وهو على أية حال لم يتح له التملي منهما قط، ولو كان هذا قد حدث ما تغيرت النتيجة؛ إذ إنه تجاوز من زمن بعيد المرحلة التي تتوهج فيها هذه الاهتمامات (والتي كان يجري خلالها مقارنة الأحجام والأشكال والملامس في ملاعب المدرسة ودورات مياهها، وربما تطور الأمر إلى أشكال من المساعدات المتبادلة، اختفت الآن تماما من ذاكرته بفضل طول مقامه بين الفخذين الشرعيين).
ومع ذلك توطدت العلاقة بين الرجلين - رغم فارق السن الذي يبلغ عقدا ونصف عقد - بحكم الاتفاق في المشارب والاهتمامات؛ فإذا كانت الظروف لم تسمح لعبد المجيد - كما سمحت لذات - بالتملي من كامل بهاء الفخذين اللذين يحوزهما الشنقيطي، فإن القليل الذي لمحه عبد المجيد منهما في المناسبات المختلفة (وخاصة الفترة التي قضاها راقدا على ظهره بعد أن كسرت ساقه عندما انزلق فوق أرضية المطبخ المسرمكة)، كان كافيا لإثارة اهتمام تغذى على أجنحة الخيال (وهو أمر لم يغب عن فطنة ذات وأثار لديها مشاعر مختلطة يمكن تسميتها بالغيرة المركبة أو المتعددة الأطراف، أو باستخدام المصطلحات الدقيقة: الغيرة عبر الأطراف).
إلى جانب ذلك، كان الاتفاق تاما بين الرجلين فيما يتعلق بالأمور العامة؛ فقد رحبا سويا بالسلام وكامب ديفيد، واشتركا في توجيه اللعنات إلى الاشتراكية وعبد الناصر والعروبة وفلسطين والسوفييت، وفي الشكوى من الأسعار والمدارس والمواصلات، وفي استعراض سلبيات مشاريع الدواجن والتاكسي، وفي تقديم الحلول الناجحة لمسابقات الفوازير، وفي عدم الفوز بجوائزها.
الرغبة في مد الجسور ودعمها دفعتهما إلى التدرج في فنون المسامرة. وكانت المبادأة من نصيب الشنقيطي الذي قضى خدمته العسكرية في التدرب على إقامة الكباري، فبادر عبد المجيد ذات مساء بكلمة السر المصرية الصميمة: «سمعت آخر نكتة؟» أجاب عبد المجيد في اهتمام مصطنع: «لا. إيه؟» قال الشنقيطي في أناة مكنته من تذكر التفاصيل التي تدرب طول اليوم على حفظها وإلقائها: «واحد كان يشرب خمرا فسأله صديقه لماذا تشرب؟ أجاب: لكي أنسى. سأله: تنسى إيه؟ فكر الآخر قليلا، ثم قال: مش فاكر.»
انفجر عبد المجيد ضاحكا وعاد في اليوم التالي من البنك بكلمة سر مماثلة: «واحد اسمه حمار زهق من اسمه فغيره، وذهب إلى صديق له سعيدا: مش أنا غيرت اسمي؟ قال الصديق: مبروك. خليته إيه؟ أجاب : سمكة. سأله الصديق مستغربا: تعرف تعوم؟ قال: لا . قال الصديق: تبقى حمار.»
انفجر الشنقيطي ضاحكا، بل وضرب فخذيه براحتيه، مفتتحا فترة من ضرب الأفخاذ لم تستمر طويلا؛ إذ سرعان ما نضب المعين الذي نهلا منه؛ فالتقدم التكنولوجي الذي حققه المصريون أدى إلى تراجع قدراتهم الإبداعية في المجال الوحيد الذي تميزوا به تاريخيا على سائر الأمم، وقل عطاؤهم بالتدريج كما وكيفا، إلى أن استنفدوا تيماته المحدودة؛ السياسية (البقرة الضاحكة)، والطائفية (الصعايدة).
الزوجتان الراغبتان في الانفراد للبت في أمور بالغة الخصوصية، أجبرتا الرجلين على تطوير ماكينتيهما، ومرة أخرى كانت المبادأة من نصيب الشنقيطي الذي لم يجد من سبيل لملء الثغرات في بثه - دون التطرق إلى حياته السابقة في ميت غمر - إلا بالاغتراف من تاريخه العسكري: «(بأسى) بدلا من سنة التجنيد المألوفة وقعت في حرب الاستنزاف. سبع سنوات ضاعت من حياتي في خنادق القناة من منتصف 1967 - بعد الهزيمة مباشرة حتى أكتوبر 1974 - بعد النصر مباشرة. (بحماس) عندما حلت ساعة الصفر يوم 6 أكتوبر كنا قد أصبحنا مثل الياي المضغوط المنكمش المستعد تماما للامتداد. الكل متحفز. الجميع متفائلون؛ فلأول مرة نأخذ المبادأة بعد تدريب وإعداد، وفي الساعة الثانية ودقيقتين، قبل ساعة الصفر ب 18 دقيقة، مرت من فوق رءوسنا أربع طائرات ميج 21 منخفضة جدا، فوق الأرض تقريبا، عبرت القناة نحو الشرق، ودوت صيحتنا فوق القناة كلها: الله أكبر. بعد كده هدرت المدفعية، وبدأ نفخ القوارب وإعداد الكباري. بعد ساعة واحدة كنا على الضفة الشرقية، وبعد خمس ساعات كنا حطمنا خط بارليف الشهير الذي تكلف مليارين دولار، واعتبره الإسرائيليون خطا أبديا. (ضاحكا) فاجأنا إسرائيل من غير كيلوت زي ما قالوا. (باعتزاز) المهندسون كانوا عصب كل شيء؛ فك الكباري وتركيبها، فتح الثغرات في حقول الألغام وفي السواتر الترابية، فتحنا 44 ثغرة في الساتر الترابي الهائل لخط بارليف.»
لم يلتقط الشنقيطي النكتة التي حاول عبد المجيد صياغتها، مجربا قدرته الإبداعية لأول مرة، عندما أشار إلى ثغرة الدفرسوار باعتبارها إحدى الثغرات التي ساهم الشنقيطي في فتحها، غير أنه وجد فيها فرصة لنكتة من طراز آخر: «القائد المسئول كان سليط اللسان ، وكانت عنده خطة لإغلاق الثغرة، لكن قائده الأعلى الذي كان يتميز بمؤخرة ضخمة للغاية رفضها، فصاح به الأول في التليفون بصوت سمعه الجميع: أظن ناوي تقفلها بطيزك؟» (ها نحن قد قلناها).
تلمس عبد المجيد طريقه إلى نكتة أخرى: «والملائكة؟ شفتها؟ كانت تقاتل معكم في لباس أبيض؟»
هز الشنقيطي رأسه نفيا (فلم يكن قد وقع بعد في براثن الشيخ سلامة): «لم نكن في حاجة إليها. كان الجنود يهاجمون دبابات العدو بأيديهم وأجسامهم. هل تذكر عبد العاطي وبيومي؟ في يوم واحد أصاب كل منهما 11 دبابة. هل تذكر سعيد خطاب الذي تطوع ليوقف تقدم دبابات العدو فألقى بنفسه أمامها ومعه أربعة ألغام، ونجح في تعطيلها باللغم الذي انفجر في جسمه والدبابة؟ واحد آخر رأيته بنفسي .. عريف اسمه السيد الشحات، وغيره، وغيره. (بانفعال) كان هجومنا صاعقا حطم أسطورة التفوق الإسرائيلي. رأيت بعيني الدبابات الإسرائيلية تدور حول بعضها في فوضى وتصطدم ببعضها البعض، ورأيت جنودهم يجرون أمامنا في رعب، ورأيت هجماتهم تتحطم وترتد حاسرة. (بأسى) كان بإمكاننا أن نلحق بهم هزيمة ساحقة تهدد وجودهم في الأساس. (برصانة) لكن أمريكا أنجدتهم، زودتهم بالطائرات والدبابات والصواريخ والقنابل التليفزيونية والمنزلقة ومعدات التدخل الإلكتروني وصور الأقمار الصناعية.»
كشفت المسامرة العسكرية عن وجه آخر من أوجه التقارب بين الرجلين، هو فهمهما الواقعي لحقائق الحياة، وما يتحليان به من تسامح وسعة في الصدر والأفق (فضلا عن أماكن أخرى). تجليا عندما جاء ذكر الولايات المتحدة، وكان من الممكن لعلاقتهما أن تزداد تعمقا لو أسعفتهما اللغة الإنجليزية؛ فقد حصل الشنقيطي من مضيف جوي في مصر للطيران (خط نيويورك) على كتاب بهذه اللغة، تضمن رسوما أجرت الدماء في عروقه، لا بسبب ما اتسمت به من إباحية، وإنما لأنها صورت رجلا يضرب معشوقته العارية بالسياط في أماكن مختلفة من جسدها.
لماذا (التأثير لا الضرب)؟ الإجابة تتطلب معرفة عميقة بالسيكولوجيا، لا يتبقى أمامنا من دونها سوى السطح البارز؛ فبسبب النزيف المتكرر، دأبت سميحة على التهرب مما كان الشنقيطي (ومعه عامة الفقهاء والأطباء ومحررو رسائل القراء) يعلون منزلته بإضفاء صفة الواجب المقدس عليه.
حمل الشنقيطي الكتاب إلى منزله، وعكف على محاولة اجتلاء النص المكتوب بلغة لم يعد يذكر شيئا من مفرداتها بسبب السنوات التي ضاعت منه في حرب الاستنزاف. وكان هذا شأن سميحة التي خفت إلى معاونته بعد أن أثارت الرسوم قلقها المشروع، فلم تتذكر شيئا من إنجليزيتها (بسبب السنوات التي أضاعتها في محاولة تعلمها). ولما كان من الصعب على الشنقيطي أن يقر بعجزه في مواجهة جاره، تعين على سميحة أن تحمل الكتاب إلى ذات، وهذه عرضته بدورها على عبد المجيد أوف كورس.
اعتقدت ذات في البداية أن عبد المجيد معرض عن الكتاب بسبب ما به من عهر، ثم اكتشفت بالتدريج أن الأمر مرتبط بما ضاع منه في حروب استنزافه العديدة، وظل الكتاب مغلقا دونهم، فضاعت بذلك فرصة توثيق العلاقات بين الرجلين، وربما بين الأسرتين، وعلى الأقل بين أفراد كل أسرة على حدة، وهي الفرصة التي سنحت بعد قليل - لحسن الحظ - بفضل عشاق سميحة.
فسميحة هي الأخرى كانت تتلقى زيارات ليلية وإن اقتصر زوارها على نجوم السينما المصرية، وعندما فتح الله على الشنقيطي تفتحت شهيتها للزيارات النهارية. هكذا تلقت ذات الدعوة لتتفرج على الشنقيطي وهو يقوم بتوصيل جهاز الفيديو بالتليفزيون، وفي نفس الليلة قام بزيارة سرية خاطفة لذات، وفي اليوم التالي صحبت ذات عبد المجيد، في زيارة رسمية للجارين؛ للتهنئة والفرجة على عشاق سميحة في الفيلم الذي استعارته من نادي الفيديو القريب، وحملته طول الطريق بأطراف أصابعها؛ حتى يسهل أرجحته أمام العيون المطلة من النوافذ والشرفات، تحقيقا لشروط الإشهار العلني في هذه الحالات.
لزم عبد المجيد الصمت في الأيام التالية، منزويا أمام تليفزيونه، في روبه الصوفي (الذي حال نسيجه بعض الشيء عند المرفقين)، وإلى جواره علبة السجائر السوبر، وابنتاه (فعندما لم تحقق «دعاء» المطلوب منها؛ أشفعها ب «ابتهال»)، بينما ذات في شقة سميحة تتفرج على عشاقها، وبين الواحد والآخر تأتي لمتابعة ابنتيها أثناء أدائهما لواجباتهما التليفزيونية، وكان الشنقيطي هو الذي أخرجه من صمته وانزوائه.
فقد وجد الأخير في الفيديو فرصة لتعويض بعض ما فقده في حرب الاستنزاف؛ عن طريق الأفلام إياها التي تتميز لغتها البصرية بوضوح يغني عن لغتها المنطوقة. ومن هنا كان التجاؤه إلى جاره، لا من أجل العرض الجماعي لأحد هذه الأفلام (لو كان هذا قد حدث لمضت التطورات في اتجاه آخر أقل مأساوية وأكثر تحضرا)، وإنما من أجل عرض خاص، للذكور فقط.
لم يكن بوسع الشنقيطي أن يقبل عرضا كهذا في شقته، تنزوي سميحة خلاله في غرفة النوم، بينما يجلس هو وجاره في الصالة يتفرجان (حتى مع إلغاء الصوت وهو أمر غير مستحب)، لكن كان بوسعه أن يتصور وضعا مماثلا في شقة عبد المجيد بالرغم من وجود ذات وابنتيها. ولأنه كان ينطلق من مركز قوة، كما كان عبد المجيد متلهفا إلى تعويض ما فاته في حروب استنزافه، فإن هذا هو ما تم التوصل إليه. وتحددت ساعة الصفر بعد منتصف ليلة محايدة، وسط الأسبوع.
فبعد أن اطمأن عبد المجيد إلى استغراق ابنتيه في النوم، وأنصت إلى شخير ذات المنتظم، فتح باب شقته في هدوء، وطرق باب جاره، الذي استجاب في الحال. وتعاون الاثنان على نقل جهاز الفيديو إلى شقة عبد المجيد وتوصيله بالتليفزيون. وبعد تجارب عديدة تم التوصل إلى درجة الصوت المناسبة والكفيلة بعدم إيقاظ النائمات.
كانت التجربة مثيرة وتثقيفية في آن؛ فعندما انتهى العرض وتعاون الرجلان على إعادة الجهاز إلى شقة الشنقيطي، أطفأ عبد المجيد الأنوار وتأكد من إغلاق النوافذ وصنبور الغاز، ودون أن يعبأ بغسل أسنانه، هرع إلى غرفة النوم المظلمة وإلى زوجته النائمة.
وقف بالقرب من رأسها ينصت إلى صوت تنفسها المنتظم، وعندما ألفت عيناه الظلام تبين عينيها المغمضتين. لكنها لم تكن نائمة.
وهبت بعض الكائنات الضعيفة قدرات حسية متباينة تعوض بها مواضع النقص لديها. وكانت ذات على غرار هذه الكائنات؛ فهي تتمتع بحاسة سمع مرهفة بالنسبة لأصوات التردد المنخفض، تزداد إرهافا بعد منتصف الليل، عندما تخفت أصوات التردد المرتفع (الصادرة من الباعة الجائلين ، والأولاد اللاعبين، والشيوخ المؤذنين، والسائقين المزمرين، والسكان المتصايحين )؛ ولهذا فشلت التحركات المرتبطة بلم شمل الفيديو على التليفزيون في إيقاظها من سباتها، بينما نجحت التأوهات الخافتة التي تلتها في ذلك.
بالإضافة إلى السمع المرهف، كانت ذات تتمتع بنفاذ البصيرة؛ ولهذا لم يكد العرض ينتهي، ويغادر الشنقيطي الشقة بجهازه، ويقترب عبد المجيد من مكانها حتى تظاهرت بالاستغراق في النوم.
تدرجت محاولات عبد المجيد لإيقاظ زوجته من فتح النافذة ثم إغلاقها، إلى التعثر في ساقيها أثناء صعوده إلى الفراش ليحتل مكانه المعهود إلى جوار الحائط، ومن جذب الغطاء المشترك من فوقها ليندرج تحت لوائه، إلى الارتطام عفوا بأليتها المتضخمة. وعندما فشلت كل هذه المحاولات انتقل إلى الوسائل المباشرة؛ فأحاطها بذراعه محاولا تقبيلها، لكن شفتيه لم تتمكنا من لمسها؛ إذ انغرز في حاجبه الطرف المدبب لأحد المسامير البلاستيكية البارزة من بكر شعرها، فاشتعل غضبه وقرر أن يأخذها عنوة، وهنا لم تجد ذات بدا من الاستيقاظ.
التجأت ذات أول الأمر إلى الحجج المعهودة في الترسانة النسائية (والرجالية أيضا في الواقع) من التعب والصداع، إلى الأطفال والوقت المتأخر، لكن عبد المجيد ازداد تصميما، فلم يعد أمامها سوى الاستسلام. ولأنها لم تشأ لتضحيتها أن تذهب هباء، وأيضا كي تسهل له الأمر، وتجنب نفسها أية مضاعفات، فقد استنجدت بالفيديو الداخلي، وقامت بمونتاج خلاق حقا من الفيديو المجاور، تداخلت فيه مشاهد القبلات المستهيمة في أفلام الستينيات العربية، مع لقطات مكبرة (كلوز أب) للنتوء الرجالي (دون أن تغفل الاستعانة - خلسة - بالآخر المبتور)، وفي صحبة موسيقى تصويرية من الأصوات التي التقطتها بسمعها المرهف، وبذلك أمكنها أن تحقق درجة من المشاركة سمحت لعبد المجيد أن يبدأ العرض، الذي احتملته في صبر المرأة المعهود. ولم تطل معاناتها؛ لأن عبد المجيد، في غضبه وانفعاله، كان سباقا إلى تيتر النهائية. نفس ما وصل إليه الشنقيطي مع بعض الفوارق التقنية البسيطة.
سميحة كانت غارقة، حقا، في النوم بين أحضان عشاقها، وكانت صغيرة السن، غير مقدرة للعواقب؛ مما أمدها بجرأة تفتقد ذات إليها. فما إن حاول الشنقيطي إيقاظها، وقد جثم فوقها كالثور، حتى صرخت فيه بحدة: «نام يا وجدي.» واستدارت فوق جانبها جاذبة الغطاء فوقها، فتدحرج بعيدا عنها دون أن يفقد وضعه المتحفز.
استسلمت سميحة لعشاقها، بينما جثم زوجها إلى جوارها يتملى خطوته التالية. كان يعرف من حرب الاستنزاف أن فتح الثغرات يتطلب أن يكون المهاجم في وضع دفاعي، ومسيطرا على مواجهات واسعة، ثم يركز هجومه على مواجهة صغيرة إلى أن تنضم إليه وحدات دعم، لكنه كان في وضع هجومي وليس دفاعيا، ولم يكن مسيطرا على أي مواجهات، ولا يتوقع دعما من أي وحدات؛ لهذا لم يبق أمامه سوى الانسحاب. وكان الانسحاب تكتيكيا، لا يعني التخلي عن الهدف الاستراتيجي.
مضى إلى المطبخ فأعد لنفسه كوبا كبيرة من القهوة، حملها إلى الصالة ووضعها على مسند المقعد الوثير المواجه للتليفزيون، ووضع علبة السجائر إلى جوارها، ثم أعاد الشريط إياه إلى بدايته، وحرك المقعد قليلا بحيث يكون قادرا على رؤية سميحة إذا ما غادرت غرفتها إلى الحمام، ثم أدار الشريط واستقر في المقعد وبدأ يعتمد على نفسه.
تكررت العروض الفيلمية، وتكرر انسحاب الشنقيطي واعتماده على نفسه، كما تقاعست ذات عن المشاركة ولو في مرحلة الاستهلال؛ ولهذا فسرعان ما لحق عبد المجيد بجاره، فما إن ينتهي العرض، ويعود كل منهما إلى موقعه حتى يعد الشنقيطي كوب القهوة ويضعه إلى جوار علبة السوبر، بينما يكون عبد المجيد قد حذا حذوه، وجلس على بعد خطوات، موليا ظهره لظهر جاره، لا يحول بينهما سوى الحائط الفاصل بين الشقتين، ثم يدير كل منهما جهاز الفيديو الخاص به، ويبدأ في الاعتماد على نفسه.
وسواء تم الأمر بالتليباثي أو بدونه، فإن تكنيك «الانسحاب والاعتماد على النفس» انتشر بين سكان العمارة من الجنسين، ومختلف الأعمار (ابتداء من سن المراهقة بالطبع)؛ فما إن ينتهي البث التليفزيوني الرسمي بعد منتصف الليل حتى يكرسوا أنفسهم له، ويبرزون من شققهم في الصباح بعيون محمرة ووجوه متجهمة، وأعصاب مشدودة؛ ذلك أن التكنيك الجديد لم يكن مشبعا تماما، وخاصة بالنسبة للأزواج والزوجات الذين طالت إقامتهم بين الأفخاذ الشرعية؛ فقد تلونت مشاعر هؤلاء وأحاسيسهم بحيث صاروا يفتقدون حرارة المشاركة ولو كانت سلبية، وهو ما يجعلنا نفهم سلوك كل من عبد المجيد وذات يوم حادثة سنجر.
في ذلك اليوم كان عبد المجيد واقعا تحت ضغط شديد مبعثه أمران متباعدان لا رابطة بينهما (كالعادة في هذه الأحوال)؛ أولهما خاص بسيرة عبد الرحيم مبروك، والثاني يتعلق بوديعة نفيسة أبو حسين.
فمنذ بعض الوقت أصبح الموضوع اليومي للبت بين أقران عبد المجيد هو فضيحة البنك الذي قام بتهريب أكثر من نصف مليار دولار (600 مليون دولار) إلى الخارج تحت سمع السلطات وبصرها، بل وبموافقة رسمية من البنك المركزي. وتداول العاملون بالطبع الشائعات المتناثرة عن السيرة الشخصية لعبد الرحيم مبروك، مدير البنك المفضوح، والتي لم يعرها عبد المجيد اهتماما إلى أن قرأها بعينيه هذا الصباح في إحدى صحف المعارضة.
تخرج عبد الرحيم مبروك من كلية التجارة عام 1971، والتحق بالجيش ضابطا احتياطيا، مشاركا بذلك في حرب الاستنزاف الأولى، حتى عام 1975 عندما التحق بالبنك الأهلي ليشارك في حرب الاستنزاف الثانية، مقابل خمسين جنيها في الشهر، ارتفعت فجأة إلى مائتين عندما انتقل إلى البنك العربي المحدود، حيث تعرف على الأردني حليم السلفيتي، الذي كان يحتكر عمليات تصدير البنكنوت الأجنبي (اسم الشفرة لعمليات تهريب النقد للخارج بصورة رسمية). وفي عام 1981 انتقل إلى البنك المفضوح مديرا عاما بمرتب 2000 دولار شهريا (ألفي دولار شهريا) تصل إلى الضعف بعد إضافة البدلات والحوافز. وبعد الفضيحة انتقل إلى بنك هونج كونج (الذي يرأسه الدكتور حامد السايح) بمرتب 3800 في الشهر عدا البدلات والحوافز.
أجرى عبد المجيد المقارنات الضرورية مستعينا بحرفي «لو» (دون أن يغفل الدور الذي لعبه عم لعبد الرحيم كان وزيرا للري ثم رئيسا لبنك المهندس)، واستخلص النتائج الطبيعية بصحبة فنجان قهوة وسيجارة، وعندئذ طلب منه رئيسه البيانات الخاصة بوديعة نفيسة أبو حسين.
استخرج عبد المجيد أوراق الوديعة المحررة بواسطة أبو حسين نفسه، والمحولة من بنك الرافدين العراقي، وراجع بياناتها، ثم قام بالمقارنات الطبيعية (بمصاحبة الحرفين العتيدين)، ولم يكد يشرع في استخلاص النتائج الضرورية حتى فرضت عليه نفيسة أبو حسين بنفسها مقارنات ونتائج من نوع آخر.
مثلت أمامه بالصورة التي توقعها؛ عطر أجنبي أخاذ، فستان من قماش ثمين ذي ألوان متناسقة (لم يستبعد أن ينتهي من أسفل بشبشب زنوبة)، وجه أبيض (البياض التركي المشرب بالحمرة وليس الأوروبي الشاحب) تحيط به طرحة سوداء رقيقة، وتطل منه عينان خجولتان تتجنبان الاصطدام بعيون الآخرين، بالإضافة إلى ذلك كان ثمة ما لم يتوقعه.
محركات الشهوة لدى عبد المجيد أثناء العمل لم تتأثر بالحواجز العديدة التي أقيمت في وجهها؛ فالسواتر الأمامية التي أضيفت إلى المكاتب، لتحول دون الإطلال على سيقان الجالسات خلفها، تم تعويضها في حينها بفتحات الصدور الواسعة، وثورة الحجاب التي انتشرت بين العاملات انتشار النار في الهشيم حتى انضوت المسيحيات تحت لوائها، عوضت بتكديس متعمد للمكاتب في مساحة ضيقة تسمح بما هو أكثر جدوى من الإطلال، ونقصد بذلك الاحتكاك بالحواف والزوايا البارزة، لكن كل هذا يمكن وضعه في كوم، وما أطل عليه عبد المجيد في وجه نفيسة أبو حسين في كوم آخر.
فالصدمة الكبرى التي تلقاها عبد المجيد في مطلع حياته الزوجية لم تكن قاصرة على سلامة البضاعة، وإنما شملت أيضا عزوفها عن ممارسات معينة في الحلال، وبالتحديد أشكال من الرضاعة الشرعية لا تحتاج إلى مجهود كبير، تعلمها في المقاعد الخلفية لسينما أوديون أيام أن كانت متخصصة في عرض الأفلام الروسية، مما تمخض عن أشكال مبتكرة لتمضية الوقت؛ لهذا بوسعنا أن نتصور الضغط الذي تعرض له عبد المجيد، العائد لتوه من رحلة الحرفين العتيدين، وقد ألفى نفسه مطلا على ثغرة ذات ضفتين عريضتين، ناعمتين، مكتنزتين، صبغهما أصبع الروج الداعر بلون الدم القاني.
في مساء نفس اليوم جلس عبد المجيد أمام التليفزيون يتابع مباراة كرة بغير تركيز نتيجة الضغط الذي كان يعانيه، بينما وزعت ذات اهتمامها بين مشاركة ابتهال في حفظ آية قرآنية والانفراد بكي زيها المدرسي، في ضجة صاخبة مبعثها الجغرافيا؛ فبسبب عطل المقبس الكهربائي في غرفة البنتين، أقامت ذات طاولة الكي في الصالة، بينما احتفظت ابتهال بموقعها أمام طاولة الدرس في غرفتها، وجرى الحوار بين الاثنتين عبر باب الغرفة المفتوح، وبمشاركة نشطة من دعاء، ودعم قوي من باعة الفول وحب العزيز وغزل البنات.
انتهى الحفظ والكي، فتولت ذات، كالعادة، إعداد العشاء وهي تستمع شاردة إلى ثرثرة ابنتيها، حتى احترق منها رغيف الخبز أثناء تسخينه. وبعد العشاء جاء دور الاغتسال، والشكوى من حنفية الحمام، ومن نفاد معجون الأسنان. وأخيرا توارت البنتان في غرفتهما، وساد الهدوء، وبطرف عينه رأى عبد المجيد زوجته تنقل طاولة الفورمايكا الصغيرة إلى مدخل البلكونة، ثم ترفع ماكينة الحياكة من مكانها في الركن، وتضعها فوق الطاولة، ثم تجر كرسيا وتقتعده وتبدأ في تشغيلها.
لم تكن الحياكة التي من هذا النوع تتفق والسيناريو الذي أعده عبد المجيد في رأسه للسهرة. وعندما قامت ذات لتعد كوبا من الشاي، كان الضغط الذي يعانيه قد صعد من أسفل إلى أعلى، وهدده بالاختناق، فقام إلى البلكونة ليستنشق الهواء النقي، وكان لا بد وأن يزيح طاولة الفورمايكا من مكانها، وقد فعل ذلك بعصبية أدت إلى انزلاق سنجر إلى الأرض.
جاءت ذات مسرعة من المطبخ على الصوت، ووقفت مبهوتة أمام المنظر الذي طالعها، وكان عبد المجيد قد هرب من الموقف إلى البلكونة وقد اشتعل غضبه؛ على سنجر لأنها وقعت، وعلى نفسه لأنه لم يتوخ الحذر، وعلى ذات لأنها السبب في الأمر كله.
تقدمت ذات من الماكينة وانحنت فوقها تتلمس ما أصابها، ثم ارتمت على المقعد، وانفجرت بالبكاء.
لم تصب الماكينة بأذى، فيما عدا طيران الغطاء البلاستيكي الصغير لمخزن الإبر والخيوط، وتناثره أشلاء فوق الأرض. هل يكفي هذا لتنشيط الغدد الدمعية لدى شخص حساس مثل ذات؟ بالطبع، ولا يمنع أيضا من وجود أسباب أخرى.
على عكس زوجها، لم تكن لمحركات الشهوة علاقة مباشرة بالأمر، بفضل انتظام الزيارات الليلية وتزايد عددها في الآونة الأخيرة، فذات كان لديها محركات من نوع آخر.
فتكنيك «المشاركة بالمادة المصنوعة» الذي التجأت إليه في تعاملها مع ماكينات الأرشيف، وحقق نجاحا لا بأس به في البداية، فقد فاعليته بمرور الوقت؛ ذلك أنه كان بطبيعته محدودا، لا يسمح بكثير من التجديد والابتكار، كما أن الماكينات الشرهة، التي لا تتوقف فتحاتها عن الحركة بثا ومضغا وابتلاعا، لم تستطع صبرا على طريقة ذات في البث، فعندما شعرت هذه بأن الفرص المتاحة لها في انكماش مستمر، أخذت تتعمد الإطالة بقدر ما تستطيع، عن طريق المقدمات المستفيضة، وألوان التشويق الأخرى التي تعلمتها من المسلسلات التليفزيونية العربية. وبالإضافة إلى هذا، كانت ذات عاجزة، بطبيعة الحال، عن المساهمة في الموضوعات المفضلة لدى الماكينات؛ وهي مشاكل السيارات، والفروق الدقيقة بين أكثر من أربعين نوعا منها تجري في شوارع القاهرة، والسرمكة والمدارس الأجنبية وأسواق الخليج (الحرة وغير الحرة)، وعقود العمل في الخارج، وشرائط الفيديو، إلخ. هكذا تدحرجت بالتدريج من خطوط البث إلى خطوط التلقي.
وبالتدريج أيضا بدأت توقن أن الماكينات تتجاهلها عن عمد، فتتجنب توجيه تحية الصباح إليها، وتتناسى دعوتها إلى الشاي المشترك، وتتغافل عن أخذ رأيها في أمور العمل. ولم تلبث أن وصلت إلى قناعة محددة بوجود مقاطعة منظمة ضدها. لماذا؟
ظنت في البداية أن السبب هو جمال عبد الناصر، فكفت عن الإشارة إليه في أحاديثها (وإن كانت لم تتمكن من وقف زياراته)، وأعادت شرائط عبد الحليم حافظ إلى منزلها (وكانت قد اشترت أغانيه الوطنية، المرتبطة بذكريات طفولتها، عندما سمح بتداولها إثر مقتل السادات بعد أن كانت ممنوعة في عهده، وأحضرتها إلى الأرشيف لتتسلى بالاستماع إليها على مسجلة وجه الأرنب، ولتجعل منها ومن الذكريات المرتبطة بها موضوعا للبث)، بل وأخفتها في ركن قصي من خزانة الملابس بعيدا عن متناول ابنتيها، اللتين ما كانتا تحفلان بمثل هذه الأغاني البالية على أية حال، لكن المقاطعة لم تتوقف.
وفي أحد الأيام انضمت إليهن زميلة جديدة تدعى نادية، ضئيلة الحجم، ضامرة، منطوية على نفسها وخجولة، بدا كأنها جاءت مطرودة من قسم آخر مثل ذات، فتعاطفت معها، وأخذت على عاتقها تعريفها بواجباتها غير الواضحة، واندفعت في هذه المهمة بحماس، وقد وجدت فيها متلقيا صاغرا صابرا لإعادة من شرائط البث القديمة ففاتها أن تلحظ المقاطعة الفعلية التي تعرضت لها صديقتها الجديدة. واكتشفت الأمر عندما تغيبت نادية مرة، فأرادت أن توقع باسمها في دفتر الحضور، كما جرت العادة التضامنية بين العاملين، وإذا بوجه الأرنب تنفجر فيها وقد ارتفع حاجباها المزججان: «مبقاش إلا المسيحية دي كمان نمضيلها!»
ذات الطيبة السمحة كانت ابنة مخلصة لثورة جمال عبد الناصر، تربت على أن البشر متساوون، لا يفرقهم دين أو جنس أو مال أو جاه أو منصب؛ لهذا فاتها أن تتقصى لقب نادية لتتعرف على هويتها، وهو الأمر الذي لم تغفله الماكينات اليقظة. ولكي تكفر عن خطئها أقبلت تراجع قناعاتها، وتستعيد في ذهنها صور المسيحيين الذين عرفتهم؛ أشكالهم الخارجية، ملابسهم، لهجتهم، أنواع أكلهم وشرابهم، تصرفاتهم؛ بحثا عن سر هذا الإجماع الغريب ضدهم. لم تجد غير وشم أخضر برسم الصليب في باطن الرسغ الأيسر لنادية، وصليب ذهبي يتأرجح بين ثديي إحدى المحررات، وتمثال برونزي للعذراء يستخدمه أمينوفيس في حماية أوراق موسوعته، لكنها كانت جبانة، فكفت عن زيارة أمينوفيس في مكتبه، وقاطعت نادية.
لم تتقبل الماكينات، فيما يبدو، القربان المسيحي، واستولى القنوط على ذات عندما فشلت في إدراك سر الاضطهاد الذي تتعرض له، وضاعف من يأسها أن المقاطعة لم يكن لها منطق؛ فقد كانت تخف أحيانا وتتلاشى كما حدث أثناء الصعود الظافر لألواح السيراميك فوق جدران مطبخها، وعندما نجحت دعاء في امتحان الإعدادية، وفي أحيان أخرى تشتد وتتعاظم. عندما توقفت السرمكة قبل بلوغ السقف، وعندما رسبت ابتهال في الابتدائية، وإثر التحاق سميحة بالمسيرة، وحصولها على الفيديو، وعقب أن ثبت موظف الزراعة الإنتركوم على باب شقته، وأضاف مدرس الكويت جهاز تكييف جديد إلى مجموعته، واستبدل ضابط الجيش سيارته ال 131 القديمة بواحدة مازدا على الصفر، وفي كل يوم تتخلص فيه مدام سهير، ساكنة الشقة المفروشة، من علب الكباب والجاتوه الضخمة. باختصار، كانت هناك علاقة خفية بين اشتداد المقاطعة ونوبات البكاء التي تنتابها.
العلاقات الخفية في قصة ذات لا تنتهي؛ فعندما خرج عبد المجيد من ملجئه في البلكونة ورآها تبكي ؛ انفثأ غضبه، واشتعلت مكانه المشاعر إياها، المرتبطة بليلة الدخلة الباكية، فتقدم منها ومد ساعديه ليحتضنها، فإذا بها تصيح في وجهه لأول مرة في حياتها: «ما تلمسنيش!»
لم يخطر على بال سنجر عندما اخترع ماكينته أكثر من تسهيل مهمة الحياكة على المرأة، لكن الماكينة الملقاة على جانبها فوق الأرض مكنت ذات مما هو أكثر أهمية؛ التعبير عن النفس الذي تدرج من اتهام عبد المجيد بالهدم (بالنظر إلى سوابقه في كسر الأكواب الزجاجية، والطاجن المصنوع من الفخار، وطبق البايركس الذي كان جزءا من عفش الزوجية، ومسئوليته عن ضياع البطانية التي تركها على حافة البلكونة فأطارها الهواء)، والتخريب (فلولاه لكانت أكملت تعليمها وصارت الآن صحفية أو مذيعة)، والأنانية (المتمثلة في اهتمامه بنفسه وأسرته وتجاهل احتياجاتها من أحذية وسيراميك وخلافه)، والبلادة (وإلا فبماذا يوصف تقاعسه عن السفر إلى الخارج لتحسين حياتهم التعسة؟)
سيل منهمر من الاتهامات أصاب عبد المجيد بالذهول، لا من قصر المسافة التي تقود من سنجر إلى هوفر (غسالة الملابس الكهربائية نصف الأوتوماتيكية التي تقيد من يقوم بتشغيلها إلى جوارها على عكس زميلاتها كاملة الأوتوماتيكية الموجودة لدى زينب وفتحية وسميحة)، وإنما من ذاكرة ذات الحديدية؛ فهذه المرأة التي تعجز عن تذكر بضعة أسطر في جريدة الصباح إلا إذا تدربت على حفظها، لا تتذكر فقط عدد الأكواب الزجاجية التي تسبب في تحطيمها، وإنما تفاصيل المناسبات التي تم فيها ذلك، وما قاله بالحرف منذ خمس سنوات عندما كان يفك رباط حذائه، بل وما كان يفكر فيه آنذاك.
انسحب عبد المجيد (بغير اعتماد على النفس هذه المرة) إلى فراشه، بينما التجأت ذات إلى المرحاض، وانقضت الأيام التالية في حوار صامت بين الاثنين، يستعرض فيه كل طرف الحجج المدعمة لوجهة نظره، في انتظار الفرصة الملائمة لمواجهة الآخر بها، وهي الفرصة التي أتاحتها كارثة سيارة الرحلات.
ففي يوم الجمعة التالي نظمت مدرسة ابتهال رحلة إلى منطقة الأهرامات وحديقة الحيوانات. وفي طريق العودة أراد سائق السيارة أن يختصر الطريق بعبور الخط الحديدي المتجه إلى المرج، من فتحة شقها المواطنون بأقدامهم المستقلة قبل سنوات (لأن المسافة بين كل معبر شرعي وآخر تصل إلى أربعة كيلومترات)، وأسموها (بسبب النتائج): مزلقان الموت. لكن القمامة المكومة في تلال فوق القضبان، عاقت السيارة وعطلتها إلى أن أطاح القطار بها وبحياة سبعين طفلا مرة واحدة.
لم تشترك ابتهال في الرحلة بسبب ارتفاع مفاجئ في درجة حرارتها؛ ولهذا لم تسمع ذات بالكارثة إلا صباح اليوم التالي في الأرشيف؛ إذ كان الحادث على رأس موضوعات البث، بعد أن نشرته الصحف تحت عنوان يطمئن فيه مأمور قسم مصر الجديدة الجمهور بأنه تمكن من السيطرة على الموقف وإزالة جميع المعوقات الخاصة بدفن الجثث. وأثناء عودتها إلى منزلها في نهاية اليوم شاهدت بنفسها أمهات الضحايا، القادمات من مساكن الحلمية والمطرية والزيتون والقبة، يزحفن مولولات على مستشفى هليوبوليس، التي استقبلت بناتهن. ولم تكد تبلغ منزلها حتى انفجرت في العويل هي الأخرى.
بعد توسلات عدة من جانب عبد المجيد أوضحت ذات أن عويلها ليس من باب التضامن مع أمهات الضحايا، وإنما لأنها هي نفسها كان من المفروض أن تكون من بينهن. أما المسئول عن ذلك فهو عبد المجيد بالطبع؛ لأنه ترك ابنتيه للمدارس الحكومية، ولم يلحقهما بمدارس اللغات، الأمر الذي سيحرمها أيضا من الفرص التي يستمتع بها أبناء هناء ومنال وعفاف وزينب.
المواجهة الجديدة أتاحت لذات التلميح بغلطة العمر التي ارتكبتها، فضلا عن تحديد الثوابت؛ أنها أضاعت عمرها في المطبخ وتربية البنتين ورعاية عبد المجيد، وأن المهام العاجلة لا تتوقف على اللحاق بالمسيرة وإنما تتعداها إلى الاستعداد من الآن لزواج البنتين.
اختتم عبد المجيد دفاعا تقليديا عن النفس بسؤال: «أعمل إيه؟ .. أسرق؟»
وردت ذات على الفور: «وما له؟ .. فيها إيه؟» ثم عالجته بسؤال آخر حسم الجولة (لأنه لم يتمكن من الإجابة عليه): لماذا لا يسافر مثل الآخرين للعمل في الخارج؟
انفضت جلسة الحوار بالتجاء كل منهما إلى قاعدته؛ هو إلى الفراش وهي إلى المرحاض. وفوق حلقته البلاستيكية (التي فقدت إحدى مفصلتيها في واحدة من عمليات عبد المجيد التخريبية) وجدت أن دموعها جفت، فشعرت بحاجة ملحة للبت، ولم يكن هناك من يصلح للتلقي سوى واحدة؛ سميحة لا، صفية.
6
محكمة القيم تعيد تقدير أموال
عصمت السادات
المطلوب مصادرتها بمبلغ 78 مليونا من الجنيهات بدلا من 126 مليونا.
جريدة الأهالي: محامي
عصمت السادات
هو ابن عم المليونيرة الفولاذية الهاربة
هدى عبد المنعم .
جلسة ساخنة بمجلس الشعب حضرها د. رفعت المحجوب،
رئيس المجلس، من مقاعد الأعضاء
وزير :
بالنسبة للاستجواب المقدم حول مشروع إعادة بناء مستشفى قصر العيني، أؤكد أن إجراءات العقد مع الجانب الفرنسي سليمة، وأن هذا العقد يوفر للخزانة العامة 72 مليون فرنك فرنسي.
وزير آخر :
الحكومة جادة في مراقبة المال العام من أجل مصلحة شعب مصر.
نائب :
في أواخر السبعينيات هدم المستشفى وأعلنت الحكومة عن التقدم بعروض مبدئية للدخول في عملية إعادة بناء المستشفى، وتقدمت العديد من الشركات العالمية بعروضها، وتم تصفية العروض إلى عشر شركات لم يكن من بينها المجموعة الفرنسية، وبقدرة قادر دخلت المجموعة الفرنسية بعطائها وفازت لأنها عرفت من أين تؤكل الكتف؛ دخلت من الباب الخلفي في يناير 1981. وأمامي وثيقة تبين التدخل المشبوه؛ عبارة عن خطاب لوزير التعمير يقول: إلحاقا بالمحادثة التليفونية أتشرف بأن أرسل إليكم كتاب الشركة الفرنسية والتي تشير فيه إلى عرضها للجنة البت. والتوقيع
السكرتير الخاص لحرم رئيس الجمهورية ، أحمد فوزي. وهو نفس زوج المذيعة المعروفة ... وتشكلت لجنة البت من رئيس المجلس و3 أطباء أساتذة ومعهم مستشار لمجلس الدولة وآخرون من كلية الهندسة، ولم يكن بينهم واحد متخصص في بناء المستشفيات. وبالمقارنة نجد العرض الفرنسي يعادل 76,4 مليون جنيه، وعرض المجموعة الأوروبية 73,9 مليون جنيه؛ أي إن هناك فرقا. ...
النائب :
تم تشكيل لجنة للعمل مع المجموعة الفرنسية تضم الدكتور
رفعت المحجوب ، وهناك خطاب من المجموعة الفرنسية لرئيس الجامعة يقول إن الفرنسيين خصصوا خمسين ألف جنيه لصالح هذه اللجنة، لكن لن تدفع الفلوس إلا إذا تم توقيع العقد. وخلال أسابيع تم توقيع العقد. وأعضاء لجنة البت هم الذين يحررون العقود، ووضعت الشركة الفلوس في البنك؛ عشرة آلاف جنيه ل
للدكتور رفعت المحجوب ، وسبعة آلاف للدكتور ثروت بدوي، و7500 للدكتور علي رأفت. والدكتور المحجوب معترف بأنه صرف المبلغ ... لقد ارتفعت قيمة العقد من 600 مليون جنيه إلى 700 مليون جنيه.
وزير :
الدكتور المحجوب أخذ المبلغ ليس بصفته عضوا في لجنة البت، وإنما كمحام صاحب مكتب محاماة تولى كتابة العقد. ومن يقول إنه كتب العقد لوجه الله تعالى؟ ثم إن البنك المركزي أكد أن شروط العقد مناسبة، وكل الهيئات أيضا. وقبل البنك الأهلي خطاب ضمان العقد.
د. المحجوب :
لقد كان الموضوع بيد أمينة بدأت بالدكتور
فؤاد محيي الدين
ونهاية بي. وأقول للأخ المستجوب: لقد غشك من قدم لك المستندات يا أخ عبد المنعم؛ لأنه كان يرغب في أن يكون عضوا في لجنة البت، لكنه لم يرق إلى مستوى الأكابر ... لقد خصص الجانب الفرنسي عشرة ملايين فرنك لتمويل دراسات الجدوى لهذا المشروع، وأنا حصلت على أتعابي من هذه الشركة وقدرها عشرة آلاف جنيه؛ فقد كان هذا نتيجة عمل متواصل لمدة عام، وهذا الرقم يعتبر أتعابا بسيطة.
إن كل شيء في هذا العقد كتب بحكمة وأمانة. وأقسم لكم غير حانث إنه عقد شريف كتبه الشرفاء. نهاية قولي: أيها الخجل أين حمرتك؟ والسلام عليكم (تصفيق) .
تعيين
إبراهيم نافع
رئيس تحرير الأهرام مستشارا صحفيا للمصرف العربي الدولي الذي يرأس إدارته
د. مصطفى خليل
بأكثر من ألف دولار شهريا.
د. هلودة
رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء: «عثمان أحمد عثمان
يحتفظ بملف كامل عن كافة إمكانيات الثروة الطبيعية في مصر أعده له الجهاز في ستة شهور بناء على طلبه عندما كان وزيرا للإسكان والتنمية الشعبية، ويعتبر مصدرا هائلا للثروة؛ إذ عن طريقه يمكن وضع دراسات وعقد صفقات ضخمة.»
اتهام
عبد الخالق المحجوب ، شقيق رئيس مجلس الشعب، ورفعت البشير، وكيل وزراء الاقتصاد، و16 متهما آخرين بالحصول على رشاوى مقابل تزوير توقيعات د. مصطفى السعيد وزير الاقتصاد السابق على أوراق تسمح بإعادة المبالغ التي صودرت من تجار العملة إليهم.
من 54 طفلا تلقاهم
مركز رعاية الطفولة والأمومة
بأسيوط من مراكز الشرطة خلال ثلاث سنوات، لم يبق على قيد الحياة غير سبعة أطفال.
الرئيس يفتتح
مستشفى المطرية ، أكبر وأحدث مستشفى تعليمي في الشرق الأوسط، والذي أقيم بقرض فرنسي مقداره 70 مليون فرنك.
المكاتب الاستشارية الأمريكية تعلن أن تكاليف مشروع الإسكندرية ل
الصرف الصحي
في البحر مليار و160 مليون جنيه، أما الصرف في الصحراء فيتكلف مليارين و14 مليون جنيه.
مستشفى المطرية
الجديد يحول مرضاه إلى مستشفى الدمرداش لأن أجهزته لا تعمل. وكانت إدارة المستشفى قد أخرجت هذه الأجهزة من صناديقها عند الافتتاح ليكتمل التصوير التليفزيوني له، وبذلك لم يتم تركيبها وفقا للتعاقد تحت إشراف الفرنسيين وأفلتوا من الضمان ومن إعادة التركيب، وأصبحت أجهزة أحدث مستشفى تعليمي في الشرق الأوسط هياكل من الخردة.
المجلس الأعلى للقضاء يوافق على انتداب
القضاة ورجال النيابة
للعمل في الشركات الاستثمارية.
صاحب شركة
رامادو إنترناشيونال
أمام محكمة القيم بتهمة الاستيلاء على عشرين مليون جنيه من البنك العقاري والوطني ومصر والعربي الأفريقي.
دكتور
حسن متولي
أستاذ هندسة الصرف بمعهد الصحة بالإسكندرية: «
الصرف الصحي
في البحر أرخص البدائل ولا يسبب أضرارا.»
المليونير
هنري زيدان
ينجح في مغادرة البلاد بالرغم من وجود قرار بمنعه من السفر بعد أن اقترض من البنوك المصرية 35 مليون جنيه دون سداد.
الشيخ
الشعراوي : «الذين ينامون على صوت موسيقى بيتهوفن لا يعرفون الله.»
محمد سيد عبد المنعم ، العضو المنتدب في مجلس إدارة مستشفى السلام، يتقاضى من المستشفى خمسة آلاف جنيه شهريا.
الآن!
المصحف الشريف بالذهب على ورق البردي.
للحجز والسداد
بنك فيصل الإسلامي.
تخصيص فيلا المليونير الهارب
هنري ميشيل زيدان ، التي تحتوي على حمام سباحة، سكنا خاصا ل
شخصية دينية مسئولة ، بعد أن تم ترميمها بتكلفة 190 ألف جنيه.
تعيين شقيق مسئول كبير مستشارا لشركة
مونت أديسون
الإيطالية مقابل أربعة آلاف دولار شهريا.
د. فاروق جرانة عضو مجلس الشعب: «المكاتب الاستشارية ل
للصرف الصحي
تقاضت مائة مليون جنيه دون داع، ونجحت في إقصاء رئيس هيئة الصرف الصحي بالإسكندرية لأنه عارض مشروع الصرف في البحر.»
فضيلة
شيخ الأزهر : «لا يجوز أن يرى من المرأة المسلمة إلا وجهها وكفاها.»
تسمم
28 مواطنا أثناء تناولهم وجبة غداء.
أفراد
الجماعات الإسلامية
في أسيوط ينزعون لحية مواطن مسيحي.
مهندس بشركة
ميفلاند : «الشركة حصلت على موافقة وزارة الصحة ومعهد صحة الحيوان التابع لوزارة الزراعة على تصنيع لحوم مجمدة انتهت مدة صلاحيتها ثم طرحتها للبيع بمدة صلاحية جديدة.»
اختفاء 2908 ملفات من جملة 7300 ملف بمأمورية
ضرائب الجيزة .
لجنة حكومية محايدة من أكاديمية البحث العلمي، وجامعة عين شمس تدافع عن ضرورة
الصرف في الصحراء
لا في البحر والاستفادة من مياه المجاري بعد تنقيتها في زراعة 54 ألف فدان.
اتحاد
ملاك برج الشيماء
التجاري والسكنى برئاسة
عبد المنعم جابر .
وحدات سكنية، محلات تجارية،
أرضيات موكيت، واجهات ألومنيوم،
سيراميك، إنتركوم
الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء: «في مصر 1,8 مليون
شقة مغلقة
قيمتها 40 مليار جنيه.»
قريبا
واحة آسيد الخضراء
فيلا سكن وحمام سباحة وحديقة خاصة
بأقل من سعر شقة.
حريق في الماكينات الجديدة المستوردة لشركة
مصر حلوان للغزل والنسيج (ق.ع).
محاكمة رئيس شركتي «تريكونا ودقهلتكس للملابس» (ق.ع) بتهمتي الرشوة والإضرار بمال الدولة.
ملابس شركة الإسماعيلية
تجدونها في المحلات الآتية في مصر:
مونت كارلو (الشرقية)،
دكتور إن (الإسماعيلية)،
نيو بامبولا (طنطا)،
دبليو إم (أسيوط)،
بنجوان (بورسعيد)،
فامي دي ،
ميس ريهام (الإسكندرية).
لجنة تقصي الحقائق بمجلس الشعب تطالب بوقف تصميم المصب البحري ل
الصرف الصحي
بالإسكندرية، وسرعة تحديد الأراضي الصحراوية التي ستنصرف إليها المجاري.
الشيخ
متولي الشعراوي
في المستشفى بعد أن شعر بهبوط مفاجئ وإرهاق شديد نتيجة جهوده المتواصلة في خدمة الدعوة الإسلامية.
الجماعات الإسلامية
تقتحم مقر جمعية «خلاص النفوس» المسيحية بوسط مدينة أسيوط وتحطم محتويات مكتبتها وجهازي تليفزيون وفيديو.
وزير الثقافة يشكل لجنة لتطوير
مسرح الأزبكية
بالجهود الذاتية ويخولها الاستعانة بمن تشاء.
تحسن صحة الداعية الإسلامي فضيلة
الشيخ الشعراوي
بعد أن أشرف على علاجه فريق من كبار الأطباء.
الاعتمادات المقررة لتطوير
مسرح الأزبكية
ترتفع إلى خمسة ملايين من الجنيهات بزيادة ثلاثة أضعاف عن التقدير الأصلي.
خسائر 200 مليون جنيه في
مستشفى السلام الدولي
الذي تشترك الدولة في رأسماله بمقدار الربع عن طريق بنك ناصر وهيئة الأوقاف وشركة الشرق للتأمين.
رئيس الوزراء يفتتح
الخط البحري للصرف الصحي
بالإسكندرية.
محافظة
القليوبية
تتنازل عن ثلاثة آلاف جنيه لمقاول مشروع مياه الخانكة.
محافظة
أسوان
تخسر 328 ألف جنيه نتيجة توقف العمل بمشروع المجمع السياحي.
مياه المجاري تسيل من حنفيات الشرب في منازل
شبرا الخيمة .
الرئيس الجديد لشركة
بتروجيت
للإنشاءات البترولية يعين 9 لواءات وعميدا و6 عقداء و5 مقدمين من الشرطة بمرتبات تتراوح بين 500 و700 جنيه في الشهر.
تكوين أسرة من طلبة كلية الإعلام باسم
الطيور المهاجرة .
محافظة الإسكندرية تخصص خمسة ملايين من الجنيهات لتعميق واستصلاح أول
مزرعة سمكية
بمصر فوق 130 فدانا.
الرقابة الإدارية: «دكتور
محمد مجدي
مدير
مستشفى السلام الدولي
قام بتحويل 400 ألف دولار إلى شركة إنجليزية مقابل توريد مستلزمات الديكور، فلم تورد سوى ما قيمته 37 ألف دولار، ثم تبين أن الشركة وهمية أنشئت خصوصا للتعامل مع المستشفى، ويملك الدكتور مجدي 30 في المائة من أسهمها، بينما يملك شريكه
محمد سيد عبد المنعم
40 في المائة أخرى منها.»
الديدان والحشرات تملأ
شواطئ الإسكندرية ، والإفرازات الآدمية تسبح إلى جوار المستحمين.
بدلا من تعميق وتطهير الأرض المخصصة ل
المزرعة السمكية
في الإسكندرية، الشركة المسئولة تقوم بتجفيفها وردمها ردما كاملا.
المعهد العالي للصحة العامة بالإسكندرية: «نتيجة تحليل العينات أثبتت انخفاض نسبة الميكروبات في مياه البحر بعد بدء
الصرف الصحي
به، وإن نسبتها أقل من نسبة التلوث المسموح بها في الولايات المتحدة.»
محافظ الإسكندرية يعلن عن مشروع لإنشاء قرية لحديثي الزواج فوق أرض
المزرعة السمكية
تضم 120 ألف أسرة.
محافظ الإسكندرية
يصحب أسرته في رحلة علاج واستجمام إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بدعوة من هيئة المعونة الأمريكية وهيئة تطوير المجتمعات المحلية والريفية.
الرقابة الإدارية تتهم
د. مجدي رئيس مستشفى السلام الدولي
بالتعاون مع شركة المعادي للاستثمارات والسياحة في استئجار مبنى لهيئة التمريض التابعة للمستشفى مقابل 608 آلاف جنيه سنويا ومليون جنيه تأمين، ثم اتضح أنه يملك 20 في المائة من أسهم الشركة المذكورة باسم زوجته، بينما يملك شريكه
محمد سيد عبد المنعم
40 في المائة أخرى باسم زوجته.
محافظة الإسكندرية تتخلى عن مشروع مدينة العرائس فوق أرض
المزرعة السمكية
بعد أن تبين أنها لا تصلح للبناء، وتقرر تحويلها إلى أحواض للقمامة.
انفجار
ماكينة النتروجين السائل بمركز التلقيح الصناعي بمحافظة الغربية المستوردة من إنجلترا بثلث مليون دولار بعد تركيبها بثلاثة أيام.
احتراق قرية الضهرية بإيتاي البارود وتشريد 30 ألف مواطن
النار تشتعل لأكثر من 30 ساعة في
الضهرية . الحريق بدأ في أحد المنازل نتيجة الإهمال. سيارات المطافئ وصلت بعد ساعات وتبين أن معظمها معطل، كما أن الكهرباء كانت مقطوعة عن ماكينة رفع المياه. جثث الأهالي تتناثر في الشوارع.
النيابة تفرج عن
محمد سيد عبد المنعم
العضو المنتدب لمستشفى
السلام الدولي
بأكبر كفالة في تاريخ القضاء المصري مقدارها 760 ألف جنيه.
د. محمد مجدي رئيس مستشفى السلام الدولي يهرب إلى لندن.
استجواب في مجلس الشعب حول عدم توفر «السكر» في الأسواق.
مدير تموين الإسكندرية يصرف 3500 كيلو «سكر» لحلواني سعد زغلول الذي لا تزيد حصته عن 240 كيلو.
أنا مصرية الجنسية مقيمة بالولايات المتحدة وقد جئت إلى مصر لقضاء بعض الوقت مع أهلي وأصدقائي، ولا أخفي عليك أني لمست تقدما كبيرا في البرامج الثقافية في مصر. ومن أجمل ما رأيت برنامج تليفزيوني عن الأمراض التي يسببها الإفراط في تناول «السكر» للشعب المصري، وقد حمدت الله لوجود هؤلاء العلماء العظماء، ونرجو في المرات القادمة عند قدومي إلى مصر أن أرى مزيدا من تلك البرامج الثقافية لزيادة توعية الشعب المصري.
مدير تموين الإسكندرية يصرف 150 طنا من
الدقيق
الفاخر المدعوم لمصنع مكرونة يملكه المليونير عبيد شيبوب الذي كان بقالا بسيطا في عام 1978.
صحيفة «الشعب»: مجموعة من كبار المسئولين السابقين والحاليين يستولون على أراضي البحيرات المرة بأسعار زهيدة رغم أنها مملوكة للدولة وممنوع بيعها قانونا وبها منطقة عسكرية.
حفظ التحقيق مع الدكتور
نعيم أبو طالب
محافظ الإسكندرية السابق الذي اتهم بارتكاب عدد من الجرائم خلال توليه لمنصبه كمحافظ؛ من بينها أنه حصل لنفسه ولأفراد أسرته على 11 شقة بمساكن المعمورة، ورفع نسبة الاستثناءات في شققها من 10 في المائة إلى 25 في المائة، علما بأن ثمن الشقة الواحدة 70 ألفا من الجنيهات، وتباع للاستثناءات بنصف هذا المبلغ. كما اتهم بمعاونة
رشاد عثمان
عضو مجلس الشعب السابق، الذي أوصاه السادات بمدينة الإسكندرية في ارتكاب معظم جرائمه.
وكالة التنمية الدولية الأمريكية
تقدم مائة مليون دولار ل
مشروع تطوير مياه الشرب والصرف الصحي
في محافظات الفيوم وبني سويف والمنيا، على أن يتم صرف مياه المجاري في بحيرة قارون ونهر النيل.
حفظ التحقيق مع الدكتور
عبد الرازق عبد المجيد
نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد الأسبق الذي اتهم بمساعدة
رشاد عثمان
في الحصول على 4 ملايين جنيه إعفاءات جمركية.
حفظ التحقيق مع
حلمي عبد الآخر
الوزير السابق ورئيس اللجنة التشريعية لمجلس الشعب.
عبد الرحمن البيضاني
صاحب مكتب
إيجيكون : «بعد الثورة اليمنية أدركت أن دوري السياسي والوطني على الساحة اليمنية قد أكمل رسالته، فكان من الطبيعي أن أنتقل إلى دوري الأساسي القومي على الساحة العربية؛ لأني أدرك عن يقين أن الدفاع عن الأمن القومي الإقليمي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الدفاع عن الأمن القومي العربي، وقديما تفرغ أفلاطون لنشر الوعي بعد أن شعر أنه قد أدى دوره السياسي. من هذا المنطلق سهرت على جمع أكبر حشد من زملائي الخبراء المتخصصين في كافة المجالات الحضارية، وكونت اتحاد المستشارين المصريين إيجيكون الذي يضم الآن 390 خبيرا في مختلف التخصصات؛ بينهم عدد كبير من لواءات الجيش والشرطة يتميزون بخبرات تنظيمية عالية، ويتولون إدارة مشاريع الصرف الصحي في ثلاث محافظات، وهي مشاريع عملاقة يتراوح عقد كل منها بين خمسين وأكثر من مائة مليون جنيه.»
الرئيس مبارك ينعي المغفور له اللواء
فوزي معاذ
محافظ الإسكندرية: «إن الراحل فقد حياته وهو يؤدي واجبه نحو وطنه بكل صدق وإخلاص وحماس حتى آخر لحظة من حياته. وقد تدرج الفقيد في مختلف مواقع العمل العام منذ فجر شبابه حتى منصب محافظ الإسكندرية عن جدارة وتفان، وكان في كل هذه المراحل يعمل وفقا للصالح العام. لم يبخل بجهد أو عرق في أدائه للمسئولية بضمير خالص متصل والتزام تام .»
رئيس الوزراء
علي لطفي : «جميع شواطئ الإسكندرية نظيفة تماما وخالية من التلوث طبقا لما أكدته تقارير الهيئات العلمية.»
صحيفة
الوفد : «
عبد المنعم جابر
مليونير الإسكندرية الهارب حصل على 12 مليون جنيه من البنك الوطني بضمان محافظ الإسكندرية المرحوم
فوزي معاذ .»
علي لطفي
يعلن عن مشروع جديد عاجل للصرف الصحي في الأحياء الشعبية بمدينة الإسكندرية.
انفجار مواسير الصرف الصحي بالإسكندرية ليلة عيد الفطر
الأحياء الشعبية في الإسكندرية تغرق في مياه المجاري بعد بدء تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الصرف الصحي العاجل الذي رصدت له الدولة أكثر من ستين مليون جنيه. الأهالي يذهبون إلى المحافظ فيحتجز بعضهم ويأمر باعتقال البعض الآخر.
هيئة الصرف الصحي
بالإسكندرية: «الشركة المنفذة فتحت وصلات المنازل على الخطوط الفرعية قبل أن تنتهي من إنشاء الخطوط الرئيسية؛ فتسربت المياه إلى الشوارع.»
أجر الخبير الأمريكي في مشروع
الصرف الصحي
بالإسكندرية وصل إلى ثلاثة آلاف دولار في الساعة.
أهالي الإسكندرية يغوصون في مياه المجاري داخل منازلهم وأمامها في أول يوم من أيام عيد الفطر.
غرق أطفال في البالوعات المفتوحة أسفل مياه المجاري في الإسكندرية. الأهالي يتظاهرون في ثالث أيام العيد ويهاجمون قسم المنتزه ويقذفونه بالطوب. قوات
الأمن المركزي
تحاصر المتظاهرين وتفرقهم بالقوة.
الجهاز المركزي للمحاسبات: «مكتب إيجيكون الاستشاري الذي يملكه
عبد الرحمن البيضاني
حصل على 60 بالمائة من قيمة القرض الأمريكي المخصص لتنفيذ المشروعات العاجلة ل
الصرف الصحي
بالإسكندرية بالتواطؤ مع هيئة المعونة الأمريكية، ثم ثبت عدم صلاحية التصميمات التي أعداها.»
عبد الرحمن البيضاني
صاحب مكتب إيجيكون يضع مع كبار المسئولين حجر الأساس في مشروع تجديد شبكة
الصرف الصحي بالقاهرة .
7
استقبلتها رائحة العفونة المألوفة المنبعثة من الملاحات عند مشارف الإسكندرية، لكنها استمرت بل وتضاعفت كلما اقتربت السيارة البيجو بركابها الثمانية (بزيادة واحد رفيع حشره السائق في المقعد الأمامي قائلا في وداعة مصطنعة: بيت الحبايب يساع خلايق) من سرة المدينة، وكانت في انتظارها عندما غادرت السيارة في سيدي جابر، وحفت بها وهي تسير إلى جوار شريط الترام، ثم تنتقل إلى الشوارع الجانبية الضيقة، خائضة في أكوام القاذورات، غائصة في أرض رخوة مطينة، وتلكأت معها في مدخل المنزل المتواضع، وصاحبتها على السلم الذي تكدست القمامة فوق درجاته، ولفحت وجهها عندما فتحت لها صفية الباب.
صفية عباس، التي تكبرها بعدة سنوات، صاحبة الشفتين الناعمتين، اللتين كان لهما مذاق سكري في أيام «أكتب إليك بالقلم الأحمر علامة الحب المشتعل»، والمواثيق المؤكدة بالصداقة الأبدية، التي تحققت بدخول نفس الكلية، وأحلام الزواج من شقيقين، والسكنى في شقتين متجاورتين، التي لم تتحقق؛ لأن الاثنتين وقعتا، بالطبع، في غرام نفس الشخص؛ عزيز عبد الله، الشيوعي، زميل صفية في الصف الدراسي وضيف المعتقلات، الذي تزوجها بمجرد تخرجهما وانتقل بها إلى الإسكندرية، مما دفع ذات إلى قبول الزواج من عبد المجيد أوف كورس، مستريحة إلى نجاتها من مصير محفوف بالخطر، ومكتفية بالزيارات السرية من عزيز، بصحبة صفية في أغلب الأحيان.
من خلال الأحضان، وبقبلات على الوجنات وحدها، تجنبت الشفاه، ليس هربا من المذاق السكري، وإنما من روائح الطعمية التي التهمتها ذات في موقف أحمد حلمي، والتهاب اللثة المزمن الذي تعاني منه صفية، بدأ البث: «معقول. والله فيكي البركة. عرفتي ازاي؟» - «عرفت إيه؟» - «عصام.» - «ما له؟» - «جاي بكره.»
عصام شقيق صفية الأصغر، والرفيق الصغير - بالشورت - لأيام الدراسة، وحامل الرسائل الملتهبة في غيرهما. «أخذ الليسانس والماجستير مع بعض.»
في ماذا؟ لا غير الفلسفة.
مناسبة أخرى لمزيد من قبلات الوجنات ولتأمل آثار الزمن؛ الخيوط البيضاء في الشعر الملموم، بشائر الجيوب أسفل العينين، الثديين المتهدلين تحت الجلبية الكستور، بالإضافة إلى شيء آخر في نظرة العينين أو مسحة الوجه أو لون البشرة، لا علاقة له بصفية القديمة، أو لعله الحركة البطيئة المتمهلة لمن كانت تمشي وكأنها تقفز.
التي جاءت تحكي كان عليها أن تستمع إلى قصة طويلة، مروية على طريقة الروايات السائدة؛ أي بالتفصيل الممل، الذي يتجنب كل ما هو جوهري، وبمساحة واسعة لأكاذيب صغيرة بدأت بنفس الإجابة (الحمد لله) عن كل سؤال، ثم انكمشت بالتدريج لحساب الحقائق؛ عزيز لم يعد صحيا كما كان من قبل، التردد المستمر على المعتقلات وأقسام الشرطة (آخر مرة عندما انفجرت مواسير المجاري في العيد) أصابه بالسكر والضغط، وبسبب عزيز فصلت من عملها (العلاقات العامة) بشركة الكروم، وهناك قضية أمام المحاكم سيستغرق الفصل فيها عدة سنوات؛ ولهذا اضطرت للعمل في التدريس، وحصلت على عقد للعمل في السعودية، لكن عزيز غير موافق (رغم أنه من الممكن إيجاد عمل له هناك أيضا)، والأولاد كبروا؛ آخر العنقود تريد أن تتعلم البيانو، ومصطفى يحتاج إلى دروس خصوصية، أما الأكبر؛ عادل، فيطالب بسيارة يذهب بها إلى الجامعة («عندنا واحدة متهالكة 128، وأنت؟» بخجل: «لسه»)، ثم الشقة، انظري حولك.
كانت ذات قد نظرت حولها بالفعل عدة مرات، والتقطت التفاصيل الضرورية؛ قروح الجدران، مفرش المشمع المتآكل فوق المائدة الخشبية المائلة والمزنوقة في الحائط كي لا تتهاوى، ثلاجة إيديال (8 قدم) تقشرت زواياها، حشرت حشرا بين المائدة وباب الشقة. وبنظرة إضافية استجابة إلى طلب صديقتها أحاطت بأباجورة مكسورة في الركن وستارة متربة من الدانتلا فوق شباك الصالة، تحت إشراف نظرة فاحصة من صاحبة المنزل، تتقصى أي أثر للشماتة والارتياح المتوقعين، لكن ذات أخفت مشاعرها ببراعة، وبدافع من إحساسها بالذنب عرجت على درب الذكريات؛ عندما طلب منها عزيز الاشتراك، مع صفية، في برنامج صيفي لمكافحة أمية الكبار (في دور المعلمة بالطبع)، وكيف انسحبت من أول جولة: «كنت سأجن من عدم قدرة رجال محترمين بشوارب على التمييز بين هذا وهذه»، ناسية أنها هي نفسها ما زالت تخلط بينهما.
التمعت عينا صفية لأول مرة: «وأمين الاتحاد الاشتراكي .. فاكراه؟ اللي رفض تعليق لافتة مكافحة الأمية .. (مقلدة صوت الحكمة) يا بنتي .. لو علمناهم القراءة والكتابة فمن يعمل في الحقول والنظافة؟»
ضحكت ذات: «خبطتيه بيتين شعر للراجل ده اللي اسمه .. اسمه زي البيض نصف سوا .. تصوري نسيته.»
صفية لم تنس: بريخت .. فاكرة البيتين؟ .. تعلم أبسط الأشياء فلم يفت الأوان بعد.»
لم تتمكن من الإكمال لأن الدموع انهمرت فجأة من عيني ذات، لا بسبب بريخت، وإنما تمهيدا للفقرة التالية في البث. واستمعت صفية في فضول لقصة المقاطعة الغامضة، ثم لشكوى مرة من عبد المجيد انتهت بجملة درامية: «خلاص .. ما عدتش أطيقه.»
قامت صفية بالدور المطلوب منها ، فاستعرضت قائمة طويلة بحسنات عبد المجيد (فهو لا يجري وراء النساء، ولا يلعب القمار، ولا يتعاطى المخدرات، ولا يجلس على المقاهي، بالإضافة إلى أنه يحبها ولا يهينها ولا يضربها)، مقابل العيوب التي أبرزتها ذات (الهدم والتخريب والأنانية والبلادة. باختصار؛ خيبته). وبالنتيجة كشفت عن تناقضها: «إما أسيبه أو أحبل منه تاني.»
وجهت صفية سؤالا منطقيا: «قوليلي .. فيه حد تاني؟» تلقت عنها إجابة منطقية؛ بالنفي، في إباء؛ فذات الفاضلة تعلمت من الصغر أن هناك أشياء لا يعترف المرء بها ولا حتى لنفسه، وأن طوق النجاة في الحياة هو تجنب ذكر الحقيقة في أي حال.
هكذا لم تكتم ذات فحسب أن هناك العشرات وليس مجرد «حد تاني»، وإنما أخفت أيضا، وربما عن نفسها أساسا، الدافع الحقيقي الذي أتى بها إلى الإسكندرية؛ وهو إشعال إحدى الجمرتين الخامدتين في حياتها الروحية القاحلة، الأمر الذي تبين من الوهلة الأولى عدم جدواه.
فصفية، بسحنتها الذابلة المهمومة، وجلبابها الكستور فوق ثدييها المتهدلين، والإشارب الذي حال لونه حول شعرها الملموم، ألقت جردلا من المياه الباردة فوق واحدة، وتكفل عزيز بالثانية عندما وصل في المساء بوجه شاحب ملأته التجاعيد وجللته الفضة قبل الأوان.
كان في صحبة ماكينة بث من نوع آخر؛ شيخ العرب، عجوز قصير القامة، أبيض شعر الرأس، ناري النظرات، باسم الوجه، دائب الحركة، يتيه بنفسه إعجابا، يرتدي قميصا مفتوحا يكشف عن صدر عريض امتلأ بغابة من الشعر الأبيض الكثيف، ابتدر المرأتين في مرح: «السلام على من اتبع الهدى.»
في المطبخ، أمام براد الشاي، وبين جدران غير مدهونة حتى بالزيت، ولا شبر واحد، تساءلت ذات هامسة: «شيوعي؟» فقالت صفية: «إنه شخص طيب .. لكن لا يمل الحديث عن أمجاد الماضي. حتاخدي نصيبك.»
وما كان شيخ العرب ليصمد أمام إغراء مستمع جديد: «سنة 46 كنت أعمل في مصنع نسيج في شبرا، وخرجنا في مظاهرة كبيرة حتى باب الحديد، وحملني العمال على أكتافهم. واستمرت المظاهرة حتى ميدان الإسماعيلية، التحرير الوقت. وكان عندي صورة وأنا أهتف والرصاص يتطاير حولي لكن المباحث خدتها، وكان صوتي قويا يرن في الميدان بدون ميكروفون. كنا نهتف بكفاح الطبقة العاملة والطلبة والشعب المصري وسقوط بريطانيا. وجاء عمال شبرا الخيمة وطلبة الأزهر والموظفون وكل الطوائف، والشوارع بقت عمم وطرابيش. ثم اشتدت المظاهرات وبدأ ضربها بالرصاص من ثكنات قصر النيل، مكان الهيلتون الوقت، فردينا عليهم بالحجارة وكرات النار. كان معنا عامل في قسم تشحيم الماكينات، خلع جاكتته ولفها وأشعل فيها النار وطوحها على الثكنات، وبدأت قوات الشرطة تطلق النار علينا، وحاصرتنا بالنيران، فألقى كثيرون بأنفسهم في النيل، واستشهد العديد من المتظاهرين، لكن الجيش الإنجليزي انسحب بعد ذلك من معسكرات القاهرة؛ قصر النيل والزيتون والعباسية ومن الإسكندرية وغيرها إلى منطقة القناة.»
الإنجليز تركوا خلفهم الإقطاعيين والرأسماليين، و46 تلتها سنوات أخرى أغلبها في السجون، لكن صفية اعترضت التسلسل الزمني بتعلية التليفزيون ليسمعوا نشرة الأخبار، وفقد شيخ العرب مستمعيه لصالح رئيس الجمهورية الذي كان يقول: «خفض دولار واحد في سعر برميل البترول معناه خفض 75 مليون دولار في إيراداتنا، ومع ذلك أوضاعنا مستورة والحمد لله»، ومن بعده وزير الحكم المحلي: «المرحلة القادمة بداية لتطور جذري في ديمقراطية التخطيط والتنفيذ»، ثم تمثيلية، زيادة، بطلها عمر الحريري. خلال ذلك أدرك شيخ العرب أن الليلة ليست له، فانسحب في وقار.
بانسحاب شيخ العرب ألفى عزيز نفسه وحيدا؛ فالمرأتان اللتان تجلسان على بعد سنتيمترات منه، وتربطه بهما خيوط موغلة في الزمان فضلا عن المكان (في حالة إحداهما على الأقل)، أصبحتا تبعدان عنه بمسافة ضوئية وقد استغرقتهما أحداث التمثيلية التليفزيونية. حاول أن يسخر من عمر الحريري الذي كان يمثل دور موظف مطحون، بينما كان شعره الفضي مكويا، فاحتدت صفية مؤكدة أن شعره هكذا في الحقيقة، ومرة أخرى سخر من الحماة الطيبة التي تحب زوجة ابنها وتحرص على سعادتها، فاحتدت ذات مؤكدة وجود نماذج من هذا النوع. وفي أثناء ذلك أصيب طفل الموظف المطحون بورم في المخ، بينما عهد إليه رئيسه بأربعة آلاف جنيه يحتفظ بها حتى الصباح، فهتف عزيز منتصرا: «سيضطر لإنفاقها على علاج طفله، ثم يذهب إلى السجن.» لكن المرأتين كانتا تبكيان فعلا أمام المأساة، فلزم الصمت، وأشعل السيجارة الأخيرة المسموح له بها.
بعد عشاء من الجبن والحلاوة، حملت ذات حقيبتها إلى الحمام الصغير، الذي تعاون الجميع على إغلاق بابه المصنوع من خشب الأبلكاش؛ لأن لسان المزلاج النحاسي الصغير كان بعيدا عن بيته. خلعت السوتيان والكيلوت، وكورتهما في كيس من البلاستيك دسته في حقيبتها وأخرجت منها آخرين نظيفين، ثم انحنت فوق حوض غسيل الأيدي تحدق في مرآة رخيصة، متوسطة الحجم، ثبتت بمسمار علاه الصدأ والتوى بتأثير اليد التي دقته. مرت بأصبعها على الجيوب التي برزت تحت عينيها، وعلى ندبة تشق شفتها العليا ويعجز الروج عن إخفائها، وتأكدت من أن تأثير آخر صبغة لشعرها لم يتلاش بعد، ثم خطت إلى ركن الحمام؛ لتقف أسفل الدوش الذي تتدفق مياهه على الأرض مباشرة، دون حوض كبير أو صغير، وغسلت شعرها بالمياه ثم بشامبو صفية الذي ظنته أجنبيا لأنها لم تنتبه إلى
Made in Egypt
كتبت بخط دقيق للغاية في قعر الزجاجة؛ ولهذا دعكت شعرها مرتين وكومته فوق رأسها، ثم دعكت جسمها جيدا بالصابون، وهنا اكتشفت بضع خيوط بيضاء في شعر عانتها، الذي أهملت إزالته في الآونة الأخيرة، فحاولت انتزاعها بطريقة تساعدها على الاختيار بين البديلين المطروحين أمامها بشأن علاقتها بعبد المجيد، باستبعاد كل منهما بالتتابع مع كل شعرة تخرج من منبتها، لكنها لم تنجح في انتزاع شعرة واحدة، فأسلمت نفسها لمياه الدوش، وقد ضاعت عليها فرصة اتخاذ القرار.
أعدت لها صفية مكانا للنوم فوق مرتبة صلبة مليئة بالنتوءات، ووسائد مشبعة برائحة العرق. وقبل أن تفرغ من استعراض أحداث اليوم كانت الزيارات الليلية قد بدأت، باختلاف بسيط عن السابق، فرضته، بالطبع، هذه الأحداث نفسها.
رأت نفسها تسير في أحد شوارع الإسكندرية عندما شعرت برجل يخطو إلى جوارها، ثم يقترب منها حتى أوشك أن يلتصق بها. رمقته بنظرة جانبية، فطالعها صدر عريض وقميص مفتوح عند العنق يكشف عن شعر أسود كثيف ، فضلا عن انبعاج تحت العانة لا يحتمل أكثر من قراءة واحدة. تراءى لها أنه معجب بنفسه، يستعرض رجولته، فقررت أن تسخر منه. وفجأة ارتطم فخذه بساقها، فالتفتت إليه تريد أن تقول له إنها تدرك ما يسعى وراءه، وإذا بها تلمح عبد المجيد في صحبة امرأة لا تعرفها. وهنا تغير المشهد، لا في اتجاه تراجعي، وإنما في الاتجاه العكسي تماما.
ها هي واقفة في صالة انتظار ما، إلى جوار الرجل ذي القميص المفتوح، وقد بدا الآن شبيها بعصام، العائد في الغد، بينما يقف عبد المجيد ورفيقته على بعد خطوات، وها هي ومرافقها يستديران قليلا بحيث يتواجهان، ويضغط انبعاجه على فخذيها فيبتلان وتشرع في الالتذاذ، لكن شيئا يحدث قبل أن تهزها الرعشة المبتغاة؛ تستيقظ.
عندما استأنفت النوم بعد لحظات كانت تحت سيطرة الرادع الداخلي فلم تتمكن من استعادة اللحظة المراوغة، وألفت نفسها بدلا من ذلك، أو ربما بسبب ذلك مع أبيها، الذي كان عائدا من غيبة طويلة، في ملابس جديدة وطربوش لامع الحمرة. عتبت عليه غيابه دون إعلان أو حتى ورقة صغيرة، ولم يستمر هذا الحوار طويلا؛ لأن الرادع الداخلي لم يكن قويا بما فيه الكفاية، فسرعان ما ألفت نفسها مستلقية على فراش منزل الطفولة المواجه للميدان، تفكر، للعجب، في المطبخ وشكله الآن بعد السنوات التي انصرمت، وكيف أن محتوياته المتداعية قد استبدلت بالتأكيد بالبلاكارات وأحواض الصلب الذي يصدأ، فضلا عن الخلاطات والعصارات. ولتتأكد من الأمر نادت أباها، فجاءها في جلبابه البيتي الناصع البياض، لكن ملامح وجهه هذه المرة لم تكن واضحة، توطئة لما حدث بعد ذلك؛ إذ انحنى عليها وقبلها، لا قبلة المساء المعهودة فوق خدها، وإنما أخرى ألذ، متأنية، في شفتيها، حثتها على أن ترفع جسمها إلى أعلى كي تلمس بقية جسمه، وعندئذ تبينت وجهه بوضوح؛ شيخ العرب.
ألاعيب الرادع الداخلي؟ لكنها على أية حال أدت الهدف المنشود؛ إذ تحولت مغامراتها في اتجاه مغاير تماما، وانهمكت في حديث حاد مع فتاة رائعة الجمال، لا تشبه أحدا تعرفه، تكلل بلمسة ودية من يد الفتاة في المكان إياه، ثم بغزوة أصبع مفاجئة، جلبت الرعشة المتمناة.
لم يتبق من هذا النشاط المحموم، عندما استيقظت في الصباح الباكر، سوى إحساس بالرضا والراحة، تبدد على الفور عندما وقع بصرها - وهي في الطريق إلى الحمام - على ابن صفية المراهق، الراقد فوق كنبة في الصالة، وبالتحديد على الخيمة المشرعة التي صنعها الغطاء بين ساقيه؛ فقد تذكرت كل شيء، عندما استعاذت بالله من الشيطان الرجيم. وكان مقدرا لها أن تتذكر الاثنين؛ الله والشيطان، عدة مرات خلال اليوم.
ففي السابعة تماما كانت سيارة عزيز ال 128 المتهالكة تقلهم جميعا إلى الميناء، وخلفها سيارة نصف نقل أتى بها أحد معارف عزيز من العمال. جلست صفية بالطبع في الأمام إلى جوار عزيز، واستقرت ذات في الخلف مع الطفلين، لكن الطفل الذي جاورها مباشرة كان هو نفسه صاحب الخيمة، وبعثت ساقه التي التصقت بساقها بصورة طبيعية سخونة محببة تضاعفت في المرات التي قامت فيها الطفلة الأخرى بقفزة مفاجئة في صراع الحدود الذي نشب بينها وبين أخيها، أو عندما قامت ذات نفسها باحتضانه لإبعاده عن شقيقته، مما أدى إلى احمرار أذنيه.
لم تخل الرحلة من البث؛ فالأبراج السكنية الجديدة استدعت من عزيز قصة عبد المنعم جابر، الذي تحول في عشر سنوات من عامل نسيج إلى مالك لخمسة أبراج وشركة مقاولات وأخرى للسياحة، قبل أن يهرب بالملايين المقترضة من البنوك، والرائحة الجاثمة في كل الأركان أتاحت لصفية أن تروي مسلسل الصرف الصحي الذي تحولت الإسكندرية في ظله، خلال شهور قليلة، من عروس إلى مباءة.
حملت صفية معها مبلغين من المال؛ واحدا أكبر لجمرك السيارة والعفش اللذين أحضرهما عصام معه أودعته حقيبة يدها، والثاني أصغر للمصروفات النثرية، وزعته على جيوبها، وبدأ استهلاكه على الفور؛ تصريحات الدخول، المنادي الذي انبثق فجأة في ساحة الانتظار القريبة من المرسى، الصبي الذي هنأهم بسلامة الوصول المتوقع، وآخر بشرهم بتمام الوصول الفعلي، وثالث أبدى استعداده لأي خدمة، وعندما تجاهلته صفية مد يده قائلا: «الحمد لله على السلامة.» ورابع انشقت عنه الأرض عندما رست السفينة إلى جوار الرصيف وتطوع لأن يصعد إليها وينبه عصام - الذي يرونه ولا يراهم - إلى وجودهم، ثم رجل أنيق يرتدي قميصا فاخرا وردي اللون ونظارة مذهبة الإطار، يخطو في وقار واعتداد، تجاهل عزيز إذ تبين على الفور موقع الخزانة، فقدم لصفية بطاقة لامعة السطح امتلأت بأرقام التليفونات قائلا: «كامل الرشيدي .. مخلص سيارات .. تحت أمركم.» وأخيرا عزيز نفسه الذي مد يده قائلا: «أعطيني حاجة للحمالين.»
عاد عزيز بملف يضم ورقتين أعطاه لصفية: «السيارة عليك وسأهتم أنا بالعفش.» واتجه إلى موقع الجمرك ساحبا الولد والبنت خلفه، بينما تأبطت صفية ذراع ذات قائلة: «تعالي ندور على الرشيدي.»
جرى البحث حول المبنى المخصص لجمارك السيارات، بين عشرات الرائحين والغادين والمتسكعين، الذين كانوا جميعا مستعدين لأي خدمة بوجوه باسمة، إلى أن تذكر صفية اسم الرشيدي، فتتلاشى الابتسامات وتلتوي الرءوس نافية أي معرفة بالاسم وصاحبه. واحد فقط كان موقفه مختلفا؛ كان كهلا ضامر الصدر، منتفخ البطن، يرتدي بنطلونا قديما متهدلا، وقميصا مكويا في عناية هدفت لإخفاء قدمه، ونظارة طبية مشروخة الإطار، وترتعش يده بصورة مستمرة. اقترب منهما في تردد وعينه على الملف الذي تحمله صفية في يدها: «خدامكم كمال، مخلص سيارات. أي خدمة؟» ثم قادهما بعد تفكير إلى ممر صغير بين مبنيين وقال: «استنوه هنا. جاي بعد شوية.»
وفعلا هل الرشيدي بعد لحظات بخطواته المعتدة، فأخذ منهما الملف، وتقدمهما إلى أحد المبنيين مرورا بكمال الذي جلس القرفصاء إلى جوار الحائط مع عدد من زملائه المخلصين، ولم يشأ أن يدع الفرصة تمر، فخاطب الرشيدي قائلا: «أنا اللي قلت لهم عليك.» ودون أن يبطئ هذا من سيره رد عليه مؤنبا: «يا وسخ. كان عندي موعد معهم.»
انبرت ذات، صاحبة المواقف الإنسانية، للدفاع عن الكهل المظلوم، الذي لمست فيه شيئا مألوفا، كأنما التقت به من قبل، أو يذكرها بشخص تعرفه جيدا، فأكدت للرشيدي أنه الوحيد الذي ساعدهما على الوصول إليه، لكن هذا لم يتراجع عن موقفه: ده دني. كل همه نص جني وبس.»
دناءة المخلص الكهل كان لها أوجه عديدة؛ فهو مريض بالسكر، ويفقد أعصابه بسهولة، ويسيء معاملة الزبائن، وبالإضافة إلى ذلك: «خدي مثلا حالة مثل حالتك. هل يتم التخليص من غير الرش؟ لو اديته أوراقك ومعاها عشرين جنيه للمصاريف؛ أي للرش على الموظفين، يحجز نص المبلغ على الأقل لنفسه، والنتيجة على رأس الزبون.»
استوعبت صفية ما ظنته رسالة غير مباشرة، فأخرجت مادة الرش. وداخل صالة واسعة، صفت بها عشرات المكاتب في صفوف غير منتظمة، وحولها عشرات الأشخاص الذين يتكلمون في آن واحد؛ ولهذا يتنافسون في المقدرة على الإسماع، أتيح لذات أن ترى المخلص الكهل مرة أخرى على الطبيعة.
كان يحمل ملفا أزرق اللون، ويحاول الحديث عبثا إلى أحد الموظفين. وتقدم الرشيدي بملف صفية إلى نفس الموظف، فاستقبله في ترحاب وتناول منه الملف على الفور. واستدار الكهل إلى شاب عابس الوجه، فغمز له بعينه، بطريقة تآمرية، وأشار بيده إلى فضيلة الصبر، ثم اتجه إلى موظف آخر لم يعبأ به، فوقف لحظة جامدا يتطلع إلى الفضاء بين المكاتب ويده اليسرى لا تكف عن الارتعاش. وبعد لحظة استدار وعاد إلى صاحب الملف، وسمعته ذات يخاطبه قائلا: «لا بد أن ننتظر قليلا فهناك مشكلة في ورقك. لكن لا تقلق. سأحلها لك.» وتركه متجها إلى موظف آخر.
خلال ذلك كان الرشيدي قد حصل، بالطبع، على التوقيعات والأختام المطلوبة، ولم يبق سوى توقيع رئيس الإدارة الذي لم يكن، بالطبع، في مكتبه، ولا يعلم أحد أين ذهب، لكن الرشيدي المدرب عثر عليه في مكتب جانبي غارقا في حديث تليفوني عن خطوط السفن ورحلات العطلات، سرعان ما انتقل إلى قطع غيار السيارات وعيوب الميكانيكيين قبل أن ينتبه إلى وجود الرشيدي ومرافقتيه، فتناول منه الملف وفتحه وشرع يقرأ محتوياته، مواصلا الحديث، أو بالأحرى التلقي، بينما يقلب الأوراق، تتابعه عيون المرأتين المتلهفتين، في انتظار أن يبلغ الصفحة الأخيرة ويمهرها بتوقيعه، لكنه لم يكن بهذه السذاجة، فقبل أن يصل إلى النهاية عاد إلى البداية، ودق قلبا المرأتين وهما تتابعان أصابعه في رحلة تقليب الصفحات ذهابا وإيابا، حتى اكتشفتا أنه يفعل ذلك بصورة ميكانيكية دون أن يقرأ شيئا.
انتهت المكالمة أخيرا، وأعاد الرئيس السماعة إلى مكانها، شارعا في بداية جديدة مختلفة؛ إذ ركز بصره على أحد السطور متمعنا فيه، ودق قلب ذات في عنف عندما تناول السماعة وأدار رقما بنفس اليد، ثم رفع رأسه للرشيدي وقال وهو يناوله الملف باليد الأخرى: «فؤاد بيه.»
خارج الغرفة تطلع الرشيدي إلى سماعته في تقطيب، وتطلعت إليه المرأتان في قلق، وصح ما توقعتاه؛ ففؤاد بك انصرف فعلا، كما أن الخزانة تغلق في الواحدة والنصف، ولا بد من دفع الرسوم وتقدير الأرضية: «سيبي الملف معايا وتعالي بكره.»
في الطريق إلى جمرك العفش التقتا بالمخلص الكهل الذي حرص على تجنبهما، رغم أن ذات رغبت في الحديث معه لتكتشف سر الألفة التي تشعر بها نحوه، وهو السر الذي شغلها طوال الساعتين التاليتين من الانتظار بين الحمالين والسائقين المستعدين لأي خدمة، إلى أن خرج إليهم عزيز والفيلسوف الذي خلعت عليه صفية لقب الدكتور، ومن خلفهما العفش (مكتب وسرير ومقاعد وثلاجة وغسالة وتليفزيون؛ مبررات اللقب العلمي) الذي بدأ تحميله فوق سيارة النقل، فهل انتهت المحنة؟ كلا.
أحاط الحمالون بعزيز يجادلونه في أجرتهم. وسبق الآخرون إلى ال 128، حيث انبثق المنادي فجأة لينبههم إلى أن أحد إطارات السيارة نائم، عارضا استعداده لأي خدمة وتركيب الإطار الاحتياطي، مستحقا بذلك الجنيه الذي أخذه، ومتيحا لذات فرصة التعبير عن إيمانها بالنوع الإنساني: «لا يا شيخة»، عندما أسرت لها صفية شكها في أن الأمر لا يعدو أن يكون تمثيلية من إخراج المنادي من أجل مضاعفة دخله بطريقة مشروعة.
جلست ذات في المقعد الخلفي إلى جوار الدكتور الذي بدا حائرا في كيفية مخاطبتها، وقد ألف أن يناديها أيام طفولته ب «الأبلة». وانضم إليهم عزيز أخيرا، لكنه لم يكد يدير موتور السيارة حتى لحق بهم، جريا، أحد الحمالين الذين كانوا يحاصرونه، وهو يجر صبيا صغيرا من خلفه، ومال على النافذة مشيرا إلى الصبي: «ده حمادة.»
تساءل عزيز في دهشة: «حمادة مين؟»
قال الحمال: «ابني.»
أخذ الابن نصيبه قبل أن يتحرك الموكب في اتجاه بوابة الميناء، حيث استوقفهم عند الكشك الزجاجي للحاجز كهل مهيب يرتدي نظارة طبية سوداء، وضع يده على مقدمة السيارة، وانحنى على النافذة قائلا: «حمد الله على السلامة. كل سنة وانتم طيبين.»
أخرجت صفية من جيب سترتها جنيها وقدمته إليه، فأعاده إليها في كبرياء: «لا. خليه لك. يمكن تحتاجيه.»
انفجرت صفية ثائرة وهي تخرج جيبي سترتها الفارغين، وتفتح حقيبة يدها تحت بصره: «معدش معانا ولا مليم.»
أخرجت ذات جنيها آخر من جيبها أعطته للكهل، فأشار إلى شرطي عجوز بعدة شرائط يقف على بعد خطوتين وقال: «هو كمان يستاهل.»
دار البحث في جيوب ركاب السيارة جميعا، بما فيهم الطفلة، حتى تم جمع ثلاث ورقات من فئة ربع الجنيه، قبلها الشرطي في امتعاض، وعندئذ رفع الكهل المهيب يده عن مقدمة السيارة، سامحا للركب بالخروج.
علق الدكتور الذي كانت دراسته ذات طابع نظري، كما أن غربته طالت: «لم أكن أتصور العودة صعبة هكذا»، قاصدا مجموعة من الصدمات لم يكن هو الوحيد الذي تعرض لها؛ فبسبب ضيق المقعد الخلفي في ال 128، والضخامة التي اكتسبها عاصم في الغربة، فضلا عن نتائج كثرة تردد ذات على المرحاض، لم يكن ثمة مفر من التماس الذي حدث. وعلى عكس ما جرى في رحلة الذهاب، كانت حمرة الأذنين هذه المرة من نصيب ذات؛ إذ كان مفعول الساق القوية الصلبة أقوى من سابقتها المراهقة.
تسبب عصام في مضاعفة حمرة أذني ذات عندما وضع حقيبة صغيرة أنيقة من الجلد فوق ركبتيه، وفك شفرة قفلها، وتناول من داخلها إطارا لنظارة طبية قدمه إلى ذات قائلا: «إيه رأيك في ده؟»
تضاعفت حمرة أذنيها مرة أخرى عندما أعاد ما ظنته هدية إلى الحقيبة بعد أن أبدت استحسانها، وأخرج مجموعة من الإطارات المتنوعة، عرضها عليها متسائلا: «تفتكري لها سوق في مصر؟ معايا توكيلها.»
كانت الحقيبة الجلدية تحتوي بالإضافة إلى الإطارات على أشرطة فيديو من نوع جديد يتميز بقوة تحمل أكثر من الأنواع السائدة؛ لأن محوره الدوار صنع من المعدن بدلا من البلاستيك، وأجهزة إلكترونية صغيرة لمكافحة الناموس، أمن الجميع على حاجة كل بيت في مصر إليها.
في هذه اللحظة أدركت ذات - مستغربة - بمن كان مخلص السيارات الكهل يذكرها؛ عبد المجيد.
8
مصرع 15 طالبا وطالبة وإصابة 25 في حادثة
أوتوبيس
على الطريق من طنطا إلى المحلة.
مشروع المبنى الجديد ل
بنك مصر
يستقر في مناقصة على مقاول بثمانية ملايين من الجنيهات.
سمو الأمير الدكتور الشيخ
الفاسي
في زيارة أكاديمية الشرطة المصرية، وفي استقباله السيد الدكتور اللواء عبد الكريم درويش نائب وزير الداخلية.
عبد الهادي قنديل
وزير البترول يدافع في مجلس الشعب عن شراء ناقلتي بترول ثم بيعها، وينفي أن يكون هذا الإجراء قد أدى إلى تبديد عشرة ملايين دولار.
بيان من السفارة السعودية في القاهرة: «
الفاسي
ليس أميرا.»
أوتوبيس
يقتحم مدرسة كفر الحاج بالسنبلاوين ويقتل 16 تلميذا.
هيئة السكك الحديدية تشتري
قطارات نفاثة
يتجاوز ثمن الواحد منها مليون جنيه لتقطع المسافة بين القاهرة والإسكندرية في ثمانين دقيقة.
سمو الأمير الدكتور
الفاسي : «تلقيت تعليمي الابتدائي والثانوي في جدة وبيروت، والجامعي في أمريكا، وحصلت على الدكتوراه من إسبانيا باللغة الإسبانية.»
إرساء مشروع المبنى الجديد ل
بنك مصر
على مقاول جديد مقابل أربعين مليون جنيه.
التواء القضبان الحديدية الخاصة ب
القطارات النفاثة
بسبب عدم مطابقتها للمواصفات.
بسم الله الرحمن الرحيم
دار تعدين الأمة المحدودة
صكوك المرابحة الإسلامية الأولى لاستخراج الذهب (تنزانيا)
هدية عيد الفطر إلى أمة المسلمين
60 ألف دينار ذهبي إسلامي صك في سويسرا
الحد الأدنى للاكتتاب صك مرابحة لحامله قدره عشرون دينارا ذهبيا إسلاميا، وقيمته 862 دولارا أمريكيا. يتم استلام الدينارات الذهبية على عشرين دفعة متساوية بواقع دينار واحد كل ثلاثة شهور، وعلى خمس سنوات عن طريق البنك السويسري المعتمد.
حلال لا يشوبه الربا
اربح واضمن الزكاة
سباكان
يتنافسان في المزاد المقام لبيع قصر الملكة السابقة والذي قدر ثمنه بمليونين ونصف مليون من الجنيهات.
القطارات النفاثة
الجديدة تقطع المسافة بين القاهرة والإسكندرية في ثلاث ساعات مثل قطارات الديزل بسب حالة القضبان والإشارات.
إيجبت كلينتك
تقدم الجديد دائما
من ألكس شوبنج كومبلكس
دسبنسر، كلارك سي 16، هاند دراير، السانور، تايم مست وندو، كويك كلين ، بوليش، كولار أند كتس أوفن، لوندرال كلينتك، فابريك سوفتنر، بليدج، مارثون 15، إس تي 100، بودر بور، دراي رنز، فوم.
جريدة الشعب تتهم ... وزير البترول بأنه اتفق مع الشركة الإيطالية الدولية للنفط على استرداد قيمة آلات ومعدات بستة ملايين جنيه رغم استخدامها في البحث والتنقيب.
عمال
أتيكو
يعتصمون
لم يتقاضوا أجورا منذ 18 شهرا بعد أن توقفت الشركة عن العمل، وهرب رئيسها عبد الفتاح إسماعيل إلى أمريكا.
تعيين 14
لواء وعميدا
متقاعدين بشركة القطاع العام للإسكان والمقاولات بمرتب شهري قدره 600 جنيه إضافة إلى معاشاتهم من القوات المسلحة.
المعارضة: «مجلس محلي محافظة
سوهاج
يتنازل عن مليون جنيه لشركة سياحة يرأسها وكيل مجلس الشعب، وساهم في تأسيسها أربعة من أسرة المحافظ ووزير سياحة سابق و11 فردا من أسرة أحد المسئولين.»
الحجز على ممتلكات شركة
ألكس شوبنج كومبلكس
بعد أن اقترض صاحبها محمود إسماعيل 17 مليون جنيه من بنك مصر، و17 مليونا أخرى من بنك القاهرة، و2,4 ملايين من المصرف العربي الدولي، ثم هرب إلى الخارج.
جريدة الشعب تتهم ... وزير البترول بمسئوليته عن مشروع مجمع البتروكيماويات الذي تكلف ألف مليون جنيه ويحقق خسارة سنوية قدرها 70 مليونا، فضلا عن إهدار آلات ومعدات بعشرة ملايين دولار.
سرقة 400 كيلو رصاص من الدرع الواقي ل
جهاز نووي
ملقى خارج غرفة التخزين في كلية العلوم بجامعة القاهرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين .
صدق الله العظيم
الزهراء للإعلام العربي
تطلب الوظائف الآتية: (1) رئيس لمجلس إدارة شركة لتوظيف الأموال، ويفضل وزير سابق من وزراء المجموعة الاقتصادية. (2) مدير مسئول لمدارس إسلامية ويفضل وزير تربية وتعليم سابق.
ملحوظة: نشاط الشركات واستثماراتها يقوم على نظام المشاركة الإسلامية مع الهيئات والأفراد، والله الموفق: أحمد رائف.
الجهاز النووي
في كلية العلوم هدية من الجامعة الأمريكية وسبق رفضه لوجود خلل في جهاز التشغيل الأوتوماتيكي الخاص به، مما حدا بالجامعة الأمريكية إلى التخلص منه لتتهرب من نفقات دفنه.
جريدة الشعب تتهم ... وزير البترول بالتستر على أخطاء الشركة الإيطالية المنفذة لمشروع الإثيلين وتحميل الجانب المصري لقيمة المعدات والآلات التي استوردتها بالإضافة إلى 4,5 ملايين دولار فرق تكاليف تم دفعها نتيجة أخطاء الشركة المنفذة لأعمال المنصة البحرية.
سمو الأمير
الفاسي : «ننوي استثمار أموالنا في مصر. والمال متوفر والحمد لله. وهذا بخلاف ما كان يحدث في الماضي حين كنا نخشى استثمار رءوس أموالنا في مصر خشية التأميم والمصادرة؛ لذلك كنا نعمل في تلك الفترة بالولايات المتحدة وأوروبا فقط.»
رئيس الجمهورية : «ليس عيبا أن يكون في مصر فقراء. ويجب أن نعمل كي يظهر بلدنا بالمظهر الحضاري اللائق به؛ لأننا في حاجة إلى جذب السائحين.»
أمين مساعد جامعة القاهرة ينقل
الجهاز النووي
ببلدوزر ويحاول تكسيره، ثم رش أسمنت في المنطقة لمنع التسرب الإشعاعي.
جريدة الشعب تتهم ... وزير البترول بتمرير تعديل من مجلس الشعب لاتفاقية التنقيب مع شركة فرنسية رغم إنهائها للتعاقد، مما يعطيها الحق في المطالبة بتعويض مقداره 80 مليونا من الدولارات.
قوات
الأمن المركزي
تقتحم قرية ميت عنتر مركز طلخا دقهلية وتطلق الرصاص على الأهالي الذين امتنعوا عن تلبية رغبة ضابط شرطة في دفن مواطن، قتلته سيارة، قبل حضور النيابة.
الجهاز المركزي للمحاسبات يقرر أن هيئة
السكك الحديدية
حملت الدولة خسائر قيمتها 7 ملايين مارك من جراء العقد الذي أبرمته بشروط مجحفة مع شركة هنشل الألمانية لتوريد جرارات.
مدرسون بكلية
هندسة المنصورة
يهدرون ربع مليون جنيه بالتواطؤ مع موظفي شركة كاسيكو.
د. صلاح حشيش، رئيس هيئة الطاقة الذرية: «لا خطر على الإطلاق من حادث
الجهاز النووي ، وهناك مبالغات كثيرة؛ فالجهاز مصمم بحيث لا يحدث تسرب حتى لو ألقى به من طائرة.»
سمو الأمير
الفاسي : «مددنا يد المعونة إلى 24 مدينة أمريكية تعاني العجز والبطالة، وتبرعنا لمستشفى بحوث أطفال الأنابيب في ولاية فرجينيا الأمريكية.»
على طريق الصحوة الكبرى
شركة
أمريكانا
تقدم لكم خدماتها من خلال محلات:
ومبي، دجاج كنتاكي، هارديز، دجاج تكا، فلفلة أمريكانا، أمريكانا كليك، باسكن روبنز.
وزير الصحة المصرية: «عملية عد كرات الدم البيضاء للطلاب الذين تعاملوا مع
الجهاز النووي
أعطت نتائج مطمئنة والحالة مطمئنة للغاية.»
وزير الأوقاف المصري في رفقة سمو الأمير الفاسي
عند رحيله من باب كبار الزوار في مطار القاهرة.
صحف المعارضة تتهم الأمير
الفاسي
بتهريب كمية ضخمة من المجوهرات أثناء سفره من مطار القاهرة.
مديرية الطرق والكباري بالدقهلية تعد خريطة مزورة تؤدي إلى تغيير مسار
طريق شربين طلخا
أمام قرية دبسط بحيث يخترق مساحة مائة فدان زراعية يملكها 150 من المعدمين؛ وذلك لتلافي هدم منزلين.
العلماء المصريون: «
الجهاز النووي
حتى لو كان مغلقا يصدر أشعة جاما باستمرار، وآثاره تظهر بعد سنوات، والتلوث الإشعاعي مؤكد بالنسبة للذين تعاملوا مع المصدر عن قرب؛ أي الطلبة الذي أدوا الامتحانات بالقرب منه، والعمال الذين حاولوا نقله وتكسيره، ورجال الشرطة الذين وقفوا في نفس المنطقة، واللصوص الذين سرقوا رصاص الدرع الواقي.»
ثلاثة شبان؛ أحدهم ابن صاحب مصنع طوب كبير، يختطفون
الطالبة المثالية لمحافظة الفيوم
ويخدرونها، ثم يلتقطون لها صورا عارية ويعتدون عليها.
رمضان جانا وفرحنا به
أسعار خاصة لقضاء يوم الصيام في غرف مكيفة الهواء ومزودة بأحدث أفلام الفيديو.
اختفاء أكبر ونش في مشروع مترو الأنفاق
رئيس شرطة الآداب بالفيوم يحرر واقعة الاعتداء على
الطالبة المثالية
على أنها معاكسة في الطريق العام، ويدعي في المحكمة أنها من الساقطات وتعمل مرشدة لمكتب الآداب.
أحمد أمين فؤاد
رئيس المصرف الإسلامي الدولي
للاستثمار والتنمية: «المذاهب الاقتصادية المختلفة سواء الشرقية منها أو الغربية تتباهى بحرصها على حد «الكفاف» لأفراد مجتمعاتها، وهو الحد الذي يحفظ للإنسان رمقه وحياته. أما الإسلام فيضع لنا كحد أدنى لأفراد المجتمع «الكفاية»، وهو حد «الغنى»؛ أي أن يكفل الحاكم لرعاياه
العمل والمسكن والزوجة والخادم والركوبة .»
سمو الأمير الدكتور
الفاسي : «حصلت على الدكتوراه من كوريا الجنوبية.»
الجهاز المركزي للمحاسبات يقرر أن
هيئة السكك الحديدية
تعاقدت مع شركة جنرال موتورز الأمريكية على توريد خمسة جرارات تسلمتها بعد عدة أشهر وتبين أنها تالفة. كما دفعت الهيئة 300 ألف دولار فوائد تأخير سداد عمولة الارتباط والأقساط والفوائد المستحقة لتأخر البنك المختص في الدفع، وسوت قيمة القرض بمبلغ 95 مليون جنيه وفق سعر الصرف من تاريخ توقيع العقد بدلا من تسويته في تاريخ السحب؛ مما أحدث زيادة قدرها 26 مليون جنيه.
إبراهيم نافع
رئيس تحرير الأهرام يمنع نشر مقال لأحمد بهاء الدين عن ظاهرة الشيخ
الفاسي
والمجوهرات التي سمح له بإخراجها من مطار القاهرة.
انفجار
شبكة المجاري
في شبرا الخيمة بعد أن تسلمها مهندسو المدينة بيوم واحد.
قام معاون
مباحث زفتى
بتعذيبي أنا وزوجتي وضربنا بالكرابيج، ثم عرى زوجتي وأطفأ سيجارته في ثدييها لأني ترددت في دفع 81 جنيها مخالفة أشغال طريق لاثنين من المخبرين؛ سيد محمد فضل الله، صاحب محل تنجيد إفرنجي.
العمل يتوقف في طريق جسر
مصرف المحيط
بالمنيا بعد ظهور شروخ في الجزء الذي تم رصفه بتكلفة 6 ملايين جنيه.
صحفي معروف، وسفير مصر في لندن، ورئيس هيئة ثقافية كبرى، يشهدون في شريط فيديو من إعداد وإخراج الأخير، على كرامات سمو الأمير
الفاسي ، ودوره في نشر الدعوة الإسلامية في العالم.
إحالة المهندس محمد عبد الرحمن موافي عضو مجلس إدارة شركة سيجورات (ق.ع) إلى المحاكمة؛ لأنه طلب 10 في المائة
عمولة
من مقاول قطاع خاص، واستخدم عمال الشركة لبناء عمارته في مدينة نصر ومزرعته الخاصة بالدقهلية، وأقرض معدات الشركة للعمل في مصانع
الشريف
للبلاستيك، وأسند تركيب أعمدة خرسانية بالشركة إلى شركة مقاولات يملكها شقيقه مصطفى موافي.
أحمد أمين فؤاد،
رئيس المصرف الإسلامي الدولي : قد تعجب إذا قلت لك إن موقف الإسلام من الضرائب هو الأخذ بمبدأ «
الضرائب التنازلية
وليست التصاعدية؛ بمعنى أنه كلما زاد الجهد البشري والعمل، قل ما يدفع من ناتج هذا العمل. فأقصى ما يدفع من ضرائب في ظل الإسلام هو ما جاء في شأن الأرباح الاستثنائية التي يرزق بها الله عباده دون جهد بشري أو تدبير أو تخطيط من صاحبها ...»
الإحصائيات الرسمية:
240 ألف أسرة في مصر يزيد متوسط دخلها السنوي على المليون جنيه.
موظفة قديرة في بنك الإسكندرية
تختلس
ربع مليون جنيه.
فرع شركة
إيديال (ق.ع ) بشرق بورسعيد ينتقل من معرض إيجاره السنوي 200 جنيه إلى آخر بإيجار 24 ألفا في السنة.
مقترضون بلا ضمانات يستولون من
البنك
على مائتي مليون جنيه في الشهور الستة الأولى من عام 1985.
أرض معرض
إيديال
السابق في شرق بورسعيد والتي يمتلكها شقيق نائب رئيس الوزراء تباع لمقاول بمليونين من الجنيهات.
اكتشاف 600 طن من الدجاج الفاسد مستورد من ألمانيا الغربية بشهادة صلاحية.
بسم الله الرحمن الرحيم
وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين .
صدق الله العظيم
مجموعة آي سي إنجازات
إنجازات استثمارية ضخمة يتم تحقيقها للاقتصاد المصري في المجالات الزراعية، الأمن الغذائي، صناعة الأخشاب، والسخانات الشمسية؛
مباحثات
لتوريد خط تقطيع أخشاب للشركة الإسلامية لإنتاج الأخشاب
آي سي وود ،
مباحثات
مع كندا لاستيراد ألف رأس لمزارع التسمين،
مباحثات
مع الشركات اليونانية لإنتاج سخان شمسي.
إنجازات
كبرى في المشروع الزراعي؛ أول محصول يظهر
قريبا .
محافظ قنا يفتتح
حمام السباحة الدولي
الذي تكلف مليونين من الجنيهات.
رئيس الجمهورية: «ما تحقق من
إنجازات
على مدى السنوات الماضية هو خير مبشر ل
الإنجاز
المقبل. وهذه هي
الصحوة الكبرى
في أبهى صورها وملامحها.»
تشققات في جدران
حمام السباحة الدولي
بقنا وتفكك البلاط الملصق بسطح الحمام.
عودة الحياة لأجمل وأعظم
نافورة
في العالم وسط النيل الخالد بعد خمسة عشر عاما من توقفها.
مصر للطيران
تدفع 50 مليون دولار لشركة بوينج قبل إتمام التعاقد معها ورغم اعتراض مجلس الدولة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين .
صدق الله العظيم
مجموعة آي سي إنجازات
آي سي سنتر المهندسين يفتتح طابقا خاصا لملابس المحجبات،
وطابقا مستقلا ل
الساونا وحمامات البخار .
إقبال شديد من المواطنين على إيداع أموالهم لدى شركة آي. سي. سنتر إنجازات لتوظيفها.
النيابة الإدارية تتهم
مصطفى كامل مراد
رئيس الشركة الشرقية للأقطان (ق.ع)، وعضو مجلس الشورى بمسئوليته عن مخالفات بمئات الملايين ارتبطت بتأسيسه كل من الشركة الفرعونية للملاحة، والشركة المصرية الأمريكية للنقل والشحن، في الوقت الذي احتفظ فيه برئاسة شركة القطاع العام.
رجل أعمال يمثل أمام النيابة بتهمة تسهيل «دعارة» ابنته.
المسئولون في شركة
سيجورات ، كبرى شركات وزارة الإسكان، يتعمدون عدم تصريف الإنتاج فيرتفع المخزون إلى ما قيمته 30 مليون جنيه، وذلك لصالح شركة منافسة تساهم فيها سيجورات، ويعمل كبار موظفيها في مجلس إدارتها.
القطاع العام يخسر 790 مليون جنيه سنويا في الشركات المختلطة
87 شركة تحقق نسبة عالية من الخسائر تفوق رأس المال، على رأسها شركات كلوريدا، المصرية الكويتية للأحذية، والشركات المملوكة لبنك مصر إيران الذي كان يرأسه فؤاد سلطان وزير السياحة، ومجموعة الشركات المملوكة لعثمان أحمد عثمان.
الجهاز المركزي للمحاسبات يتهم هيئة
السكك الحديدية
بأنها وقعت عقدا مع شركة فرنسية لتوريد قطارات توربينية قيمتها 135 مليون فرنك وافقت فيه على سداد ثلثي القيمة قبل استيراد المعدات. وفي نفس الوقت لم تكن الهيئة قد انتهت من المشروعات اللازمة لتشغيلها في موعدها، فتم تأخير توريد القطارات والتغاضي عن توريد الشركة الفرنسية لمجموعة قطارات وتوربينات تالفة، واختفاء عدد من صناديق الغيار قيمتها 8 ملايين جنيه اعترف بها خبراء الشركة، ورغم ذلك سددت الهيئة قيمة القرض كاملة.
رئيس الجمهورية
في احتفال أول مايو: «حتدينا علاوة يا ريس؟ لا .. استنو .. علاوة إيه؟ .. علينا في الداخل أقساط ديون البنوك وفوائد الديون اللي احنا بنجيبها من بره .. بنجيب هذه القروض عشان نقدر نطور خدماتنا. عشان نقدر ننمي بلدنا .. والدين مش عيب والعالم كله بيقترض، لكن المهم أننا نقدر نسدد قروضنا .. فيه بعض شركات ما زالت بتخسر زي السكة الحديد ..»
الجهاز المركزي للمحاسبات يتهم المسئولين في هيئة
السكك الحديدية
بالمسئولية عن تلف معدات بملايين الجنيهات وردتها شركة فرنسية وتركت في العراء.
شقة العمر بليماسول في قبرص
المعاينة على حساب الشركة بعد التعاقد.
ثلث طلبة الجامعات المصرية يتعاطون «المخدرات» وسن الإدمان انخفض إلى 15 عاما.
الشركة المصرية السعودية للاستثمار والتنمية تقدم جهاز الساونا المنزلي، وجهاز تدليك القدمين
الجماعة الإسلامية
في المنيا تدعو لامتحان إسلام الفيلسوف الفرنسي جارودي بالختان: «إننا لا نرى في هذا الأمر تضحية بل دليلا، ولا نطلبه امتحانا بل برهانا، ولا نقصده إذعانا بل عرفانا، ومعاذ الله أن يخشى العبد عذاب ساعة، إذا كان حقا يخشى عذاب الساعة.»
الأسرة المصرية تنفق بين 50 في المائة و90 في المائة من دخلها على الغذاء فقط بسبب
الغلاء
المتزايد.
أحمد أمين فؤاد رئيس
المصرف الإسلامي الدولي : «بفضل من الله تعالى أولا وأخيرا، استطعنا أن ندفع لأصحاب الودائع الاستثمارية أرباحا عن الثلاثة أشهر الأولى من العام 12,25 في المائة عن الودائع بالجنيه المصري، و13,75 في المائة عن الودائع بالدولار، مع العلم بأن المصرف لا يتعامل بالفوائد أخذا أو عطاء، وإنما يحرص على أن تكون جميع معاملاته خالية تماما من أية شبهة ربوية.»
ثلاثة
مديرين
بشركة القاهرة للمنتجات المعدنية (ق.ع)، يقومون بتكهين ماكينات المصنع صوريا ويبيعونها على أنها خردة، ثم يستولون عليها وينشئون مصنعا في قويسنا بأسماء أقاربهم، ثم يحصلون على نصف مليون جنيه بضمان المصنع الجديد من البنك الوطني والبنك الأهلي بشبين الكوم بالتواطؤ مع المدير المشترك للبنكين.
رئيس مباحث أخميم يشن مع عدد من ضباط
الشرطة
وجنودها حملة تأديب ضد أهالي قرية عرب الحور تؤدي إلى إجهاض إحدى السيدات؛ لأنهم قاوموا محاولات أحد الكبار للاستيلاء على الأرض.
معدات ثمنها مليون وربع مليون جنيه في العراء بشركة الخشب الحبيبي بالمنصورة.
محافظ الشرقية اللواء
أمين ميتكيس
عند توقيع عقد إنشاء أكبر مجمع إسكان إداري في المحافظة، وهو باكورة أعمال المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية، ويرى إلى جواره اللواء أحمد حسن
مساعد وزير الداخلية ومدير أمن الشرقية ، والمهندس عبد المحسن النجار رئيس الشركة الإسلامية الدولية للمقاولات، والأستاذ سمير عرابي رئيس الشركة الإسلامية الدولية للاستثمارات والعقارات.
الجهاز المركزي للمحاسبات يتهم
رئيس هيئة الأوقاف
السابق بالمسئولية عن ضياع
مليارين
من الجنيهات قيمة أملاك الهيئة المغتصبة.
الأسبوع الثالث بنجاح ساحق
السفلة المحترفون
سائقو
السكة الحديد
يضربون لأول مرة منذ ثلاثين عاما مطالبين بزيادة بدل المسافة التي يتقاضاها السائق من 12 مليما إلى 50 مليما للكيلومتر.
رئيس بنك استثماري يتقاضى ألف جنيه يوميا
زوجة رئيس «بنك» تقترض حتى منتصف 1984 مليونا وثلث مليون جنيه وربع مليون دولار.
11 طالبا جامعيا يكونون
عصابة
للسرقة بالإكراه.
الدكتور عبد الباسط أحمد يوسف أخصائي العظام بمستشفى
قوص
العام: «أدوية البلهارسيا والإنكلستوما المخصصة للوحدات الصحية يستولي عليها بعض الأطباء هي والقطن ويبيعونها للصيدليات. كما يستولي أعضاء المجالس المحلية بالقرى على كميات كبيرة من الأدوية والأغذية المخصصة للمستشفى.»
الأمن المركزي يفض اعتصام سائقي السكة الحديد بالهراوات الكهربائية
نائب رئيس
بنك
يجبر البنك على المساهمة في شركته الخاصة للصرافة بعشرة ملايين دولار.
الحكومة تحل رابطة السائقين في هيئة
السكة الحديد
وتقبض على العشرات منهم.
الحكومة تتدخل لإنقاذ شركات الانفتاح الخاسرة
التي يطالب أصحابها بضم ديونها للبنوك إلى رأسمالها.
إجمالي «ديون» شركات القطاع الخاص للبنوك ستة ملايين من الجنيهات.
تقديم 37 عاملا من سائقي القطارات ومساعديهم للمحاكمة
مدير الإدارة الهندسية بمدينة قها: «
الشروخ
الموجودة في بعض العمارات السكنية التي تم توزيعها أخيرا على المواطنين لا تمثل خطرا عليهم.» «مجلس الوزراء»: «إضراب عمال السكة الحديد خروج على القانون والشرعية.
سائق قطار : «الفرامل اليدوية معظمها لا يعمل، والسيمافورات يعلوها الصدأ والأتربة، والمفروض أن تتم عملية حقن للأرض كل فترة بالزلط والبازلت، ويتم تغيير الفلنكات والقضبان المتآكلة، والنتيجة أعطال وحوادث، وأنا مسئول عن أي تأخير أو عطل أو حادثة، إما أموت فيها أو أسجن أو تخصم مني تكلفة العطل من ال 170 جنيها التي أتقاضاها كل شهر شاملة المكافآت والحوافز.»
محكمة القيم: «ماجد ولطفي
استوليا على 799 سيارة مازدا وردت إلى جمرك بورسعيد لحساب
المصرف العربي الدولي
الذي يرأسه الدكتور
مصطفى خليل ، دون أن يسددا قيمتها التي تصل إلى أربعة ملايين دولار.»
محكمة أمن الدولة العليا تحكم ببراءة 37 من سائقي القطارات، ورئيس الجمهورية يلغي حكم البراءة
عمال شركة
إسكو
للغزل والنسيج بشبرا الخيمة يعتصمون مطالبين بتنفيذ الحكم القضائي الصادر لهم في 1984 بحقهم في أيام الإجازات الأسبوعية المدفوعة الأجر.
مليونان ونصف مليون جنيه خسارة في عام واحد في شركة الشمس للإسكان التي يتقاضى كبار العاملين بها ستة آلاف من الجنيهات بدل
حضور مبكر .
رئيس الجمهورية
في افتتاح مؤتمر الحزب الوطني: «القنوات الشرعية ميسرة أمام كل مواطن للتعبير عن رأيه، والقانون يحمي كل ممارسة شرعية.»
قوات
الأمن المركزي
تقتحم مباني شركة «إسكو» للغزل والنسيج أثناء اعتصام العمال، مستخدمة القنابل المسيلة للدموع.
عميد كلية الآداب بجامعة عين شمس
يضع اسمه على كتاب من تأليف زميل له.
التحقيق مع أكثر من 400 عامل من عمال شركة
إسكو
للغزل والنسيج.
طبيب يقرر في إقراره الضريبي أنه ربح
مليون جنيه
في عام واحد.
رفع أسعار المكرونة والمسلي الصناعي والخبز
اعتصام عمال شركة
كفر الدوار
للغزل والنسيج احتجاجا على زيادة الأسعار.
دكتور علي لطفي ، رئيس مجلس الشورى، في لقائه بالقيادات العمالية: «من الضروري تشجيع المصدرين وحل مشاكلهم.»
مظاهرات في
كفر الدوار
تردد: «فينك فينك يا جمال، يا حبيب كل العمال.»
جيهان السادات ، زوجة رئيس الجمهورية السابق: «أتمنى لمصر الرخاء وأن يقدر المواطنون الظروف؛ فنحن بلد فيه كثير من المشاكل المتراكمة، ويجب على المصريين أن ينظروا إلى مصر نظرة خالية من الأنانية.»
مواجهة دامية في كفر الدوار بين الأهالي وجنود الأمن المركزي
تذوقوا واستمتعوا بالمأكولات الألمانية
في سوبر ماركت ألفا، بازار لوكس، بريمادونا، جيزة ستورز.
أهالي وعمال
كفر الدوار
يواجهون قنابل الأمن المركزي المسيلة للدموع بالطوب وأدوات المنزل النحاسية.
دكتور نبيل هاشم، رئيس نادي هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية: «آخر رمق لهذه الأمة قد أجهز عليه عام 1924 عند ضرب
الخلافة ، ومنذ ذلك التاريخ نعيش في غربة عن الإسلام.»
السلطات تقطع المياه والنور عن كفر الدوار.
الأمن المركزي ينجح في فض اعتصام
عمال كفر الدوار بعد استخدام الرصاص
في افتتاح كوبري الطيران الذي تكلف 3 ملايين جنيه
رئيس الجمهورية : سمعت أن هذا الكوبري نشأت عنه مشاكل كثيرة؟
محافظ القاهرة (الفريق يوسف صبري أبو طالب): تم تنظيم هذه المشكلة حتى الآن بنسبة 85 بالمائة.
وزير الدفاع (المشير أبو غزالة): الذي خطط للكوبري هو محافظة القاهرة وليست القوات المسلحة التي قامت بالتنفيذ فقط.
محافظ القاهرة : أمر الإسناد كان إسناد التصميم للقوات المسلحة بمراجعة مكتب استشاري.
الرئيس : ليس لي شأن بالاستشاري، أريد أن أعرف ماذا فعلتم في المشكلة أسفل الكوبري؟
المحافظ : في البداية كانت الناس غير متعودة، والآن لا يحدث اختناق كامل. بالفعل انتظم الميدان وليس به اختناق، أما الحل الكامل فإننا ننتظر حتى تتشكل طبيعة الحركة في الميدان بالكامل.
ابن نقابي بارز شغل منصبا حكوميا كبيرا يهرب إلى خارج البلاد بعد أن استولى على ثمانية ملايين جنيه من أموال
الاتحاد العام للعمال . «وأخذ هؤلاء الضباط يخبرونني بأن أسلوب التعذيب اليوم تطور كتطور العصر، وأن ما سيفعلونه بي سيفقدني عقلي ورجولتي، ولن يمكنني ممارسة الحالة الجنسية بعد ذلك، وأخذوا في استجوابي عن زملائي العمال وأحداث المصنع ومن الذي دبرها، وأخذوا في شتمي، وضربني ضابط على وجهي وهو يصيح: ابعتوا هاتوا مراته الكلب ده واحنا ن... وحنخلي العسكري ي... ون... هو كمان. وجردوني من ملابسي وقيدوني من ذراعي فوق القيد الذي بيدي وطرحوني أرضا على ظهري، ووضعوا كرسيا فوق صدري جلس عليه ضابط ممسكا بجهاز كهربي أخذ يضعه ...»
الدكتور
علي لطفي ، رئيس مجلس الشورى، يطالب العمال بمزيد من التضحيات، ويقول إن زيادة الأجور ستؤدي إلى مزيد من التضخم.
9
حملت ذات - من عبد المجيد بالطبع - بالطريقة المألوفة التي تتبعها غالبية النساء، ولا نقصد بذلك الجوانب التكنيكية أو الإجرائية وحدها. ورحب عبد المجيد بهذا التطور على أملين؛ أن يتمخض عما عجز عن تحقيقه حتى الآن بالدعاء أولا ثم الابتهال بعد ذلك، وأن يؤدي تشغيل المفرخة إلى امتصاص حالة الاستياء المتنامية لدى زوجته، وهو ما تحقق على يد «ماجدة»؛ الاسم الذي أطلقته على ولي العهد.
لم تكن هذه التسمية راجعة إلى عجزها القديم عن التمييز بين «هذا» و«هذه»، وإنما كانت مجرد مناورة لتأمين وصول «أمجد»؛ الاسم الحقيقي لولي العهد الذي اختاره عبد المجيد، معبرا بصيغة التفضيل عما يحدوه من آمال، بمصادقة زوجته التي وجدت في القادم الملكي فرصة لا تعوض لتحقيق هدف أكثر آنية هو تسجيل نقطة في مسيرة الهدم والبناء تتجاوز بكثير ما يمكن أن تحققه السرمكة، أو الكمبشة (نسبة إلى المرحاض الحديث)، أو الكندشة (نسبة إلى جهاز التكييف).
حقق ولي العهد إنجازا آخر هاما وهو بعد رهين الشرنقة الرحمية؛ إذ تمكن من تخفيف حدة المقاطعة التي تتعرض لها أمه في الأرشيف وإزالتها تماما؛ فمع تكورها المتزايد، وخطوها المتباطئ، ارتفعت درجة اهتمام الماكينات بها؛ إذ رأت في حالتها مطية صالحة لأهدافها؛ فقرة معادة عن متاعب الحمل والمضاعفات والمحظورات (المحجبة صاحبة المنكبين)، فقرة دينية عن الصلوات والأدعية المناسبة؛ دعاء النزول من المنزل والدخول إليه، وعند لبس الثوب، وعند الفراغ من الطعام، وعند الركوب، وعند دخول المرحاض وعند الخروج منه، وفي السوق، وبعد البث (صاحبة المكياج الصارخ التي ترقت من حجاب الرأس إلى الحجاب الكامل)، دعم برنامج التغذية المشتركة ببطاطس طازجة تقلى على نار سخان كهربائي في البلكونة (الشامة السوداء)، تأجيل كثير من مهام العمل إلى ما بعد الولادة (الرئيس ذو المخالب).
على أن أهم ما خرجت به ذات من فترة الهدنة التي التزمت بها الماكينات، هو تعرفها على محررة نشطة (ومطلقة في نهاية العقد الثالث من عمرها) تدعى همت نظمي، ترددت على الأرشيف من أجل الإحصاءات الضرورية لمقال عن مخاطر تزايد السكان في مصر، فخرجت بسلسلة مثيرة عن مخاطر تناقصهم.
فقبل ذلك بفترة انضم إلى الأرشيف ساع جديد لخدمة الماكينات المثقلات بالعمل وتلبية احتياجاتها (ابتداء من أكواب الماء والشاي، إلى التخلص من الوارد اليومي من الصحف والمجلات بمجرد وصولها). كان عيد أبو الراس شابا في نهاية العشرينيات، ويبدو في نهاية الأربعينيات بسبب الغضون التي تملأ وجهه، والتي ربما كان مبعثها الساعات الثماني التي ينفقها كل يوم في الطريق من وإلى القرية التي يسكن بها في محافظة المنوفية؛ الأمر الذي أثار شفقة ذات وجعلها تحدب عليه آملة أن يؤدي موقفها منه إلى عدم انضمامه إلى المقاطعة، فشاركته التفكير في مشاكله المتعددة (ومنها ما يعانيه من اضطهاد على يد زوجة أبيه) وكيفية مواجهتها، إلى أن مكنه الحظ من حلها كلها مرة واحدة.
ففي أحد الأيام اشتكى من آلام شديدة ببطنه، فنصحته بالذهاب إلى طبيب الجريدة الذي أحاله إلى مستشفى الصدر بالعباسية، حيث أقام تحت العلاج لمدة شهر، خرج بعدها كما دخل. ونصحته ذات مرة أخرى بأن يتوجه إلى عيادة خاصة، وجمعت له من الماكينات النقود الضرورية لذلك، والتي مكنته من إجراء أشعة كشفت عن وجود جفت شرياني في بطنه طوله عشرون سنتيمترا، من مخلفات عملية استئصال طحال أقدم عليها قبل ثلاثة أشهر في مستشفى أشمون المركزي. وعاد أبو الراس إلى مستشفى الصدر الذي أحاله إلى عيادة ناصر الشاملة بالتأمين الصحي، التي أحالته إلى مستشفى آخر أحاله - بعد جراحة عاجلة - إلى القبر.
نشرت همت نظمي قصة عيد أبو الراس في عدة حلقات، مطالبة بتحديد المسئول عن مصيره، وهي مطالبة لم تسفر عن شيء، بالطبع، سوى وضع أسس الصداقة بينها وبين ذات، نصيرته الأولى، وهي الأسس التي اهتزت، بعد ذلك، عند الترزي.
ففي أحد الأيام أعلن عبد المجيد في رصانة حاول أن يخفي بها انفعاله أنه مسافر في مهمة إلى الصومال، ضمن وفد مكلف بافتتاح فرع للبنك هناك. وفي اليوم التالي شاركت ذات بالنبأ في فقرة البث الصباحي، مع تعديل صغير، أصبح الوفد فيه مؤلفا من شخص واحد، هو عبد المجيد بالطبع. وعند الظهر فاز النبأ بإضافة جديدة تمثل في أن عبد المجيد سيبقى في الصومال لإدارة الفرع الجديد، لكن اللامبالاة التي أبدتها الماكينات إزاء هذه الإضافة دفعت ذات إلى إجراء عملية تصحيح في الصباح التالي جلبت الأثر المنشود؛ إذ التمعت عيون الماكينات في حسد؛ فقد حصل عبد المجيد على عقد للعمل في السعودية.
تصدت ذات في حماس للمهام المترتبة على التطور الجديد، وعلى رأسها إعداد فستان جديد ترتديه عند عودة عبد المجيد من زيارة قصيرة للسعودية لتوقيع العقد. ولما كان الفستان المأمول يحتاج إلى ترزي ماهر، غير حائكة عين شمس، يتمتع بالخيال الذي يمكنه من تصور الكسم الطبيعي للجسم المتكور، ويكون في مستوى جلال المناسبة؛ فقد التجأت ذات إلى الماكينات طلبا للعون، وتطوعت همت لأن تأخذها إلى الترزي الخاص بها.
أتاحت زيارة الترزي لكل منهما أن ترى الأخرى على الطبيعة؛ خطوات همت السريعة (التي تذكرها بصفية القديمة )، وصدرها البارز في تحد، الذي يجلب النظرات الجائعة والكلمات البذيئة والاحتكاكات العفوية، وتعليقاتها الجريئة على الناس والأحداث التي تبلغ درجة الاستفزاز، وإحاطتها بالشوارع والاتجاهات، على عكس ذات، التي تجهل الخريطة، وتتعثر في الحفر والأرصفة، ولا تلفت انتباه أحد، وتتردد قبل كل خطوة، وأمام كل موديل.
فبينما انهمكت همت في قياس جيبة، والاستماع (من الترزي) إلى بث مفصل عن الزبائن وفصولهن، أخذت ذات تقلب حائرة في مجلات البوردا والفوج البالية، التي تمزقت أغلفتها وبعض صفحاتها، إلى أن وقع اختيارها على موديل غريب يشبه الروب الواسع؛ لأنه من قماش مشجر يبعث على البهجة، ثم تذكرت عمرها، فعدلت عنه إلى آخر أبيض بأكمام واسعة، ثم شعرت باليأس لعجزها عن الحسم، فالتجأت إلى همت التي اقترحت عليها موديلين لم يعجباها، وأخيرا تدخل الترزي الخبير قائلا: «خليني أنا أختار لك.» مما أراحها فأسلمت له جسدها خلف ستارة، وبعد أن دون قياساتها على ورقة من الكرتون كانت في الأصل قاعدة لصندوق سجائر، أعطاها لها لتكتب اسمها، فكتبت «مدام»، ثم اختلطت عليها حروف اسم خميس، فشطبتها وكتبت اسمها.
لم تعد ذات إلى الترزي مرة أخرى؛ لأن عبد المجيد لم يذهب إلى أي مكان، كما أن همت انضمت إلى المقاطعة دون سبب مفهوم، وهي نفسها انقطعت عن الأرشيف، بعد أن وصل الحمل إلى نهايته، وانزلق ولي العهد المنتظر في صمت سيحافظ عليه عدة سنوات، اتخذ مكانه خلالها بين أبويه في فراشهما، معطيا بذلك قوة دفع جديدة لسياسة الاعتماد على النفس.
أعطى ولي العهد قوة دفع جديدة لعمليتين أخريين مترابطتين؛ هداية عبد المجيد الذي قاطع الخمر (وأفرغ نصف زجاجة كان يحتفظ بها للمناسبات في المرحاض)، وانتظم في الصلاة، كما انتظم في شراء مؤلفات الشيخ الشعراوي، وفي عدم قراءتها. وعلاقة ذات بجارتها التي لازمتها ملازمة يومية في الأسابيع الصعبة التالية للولادة، استحدثت خلالها برامج بث جديدة لها طابع تنويري: «حنبيع إيديال ونشتري واحدة مستوردة لها بابين وديب فريزر»، «لما كنا جالسين وأنا صغيرة على الأرض حول الطبلية نتغدى»، «لا أجد أية متعة في العملية إياها واقترحت عليه أن يتزوج بأخرى».
لم يفعلها الشنقيطي لأنه لم يكن يملك الوقت الكافي للتفكير في مثل هذه المشروعات؛ بسبب انشغاله بمشروعات من نوع آخر مرتبطة بتجميل حي مصر الجديدة، أول ما يقابل السائح. فبالإضافة إلى تصاريح الهدم (للفيلات والعمارات القديمة المتينة التي لن تنهدم من تلقاء نفسها) والبناء (لناطحات السحاب الزجاجية التي تنهدم من غير تصريح)، خلق الكوبري، الذي أقيم فوق ميدان الجلاء لتسهيل المرور في طريق صلاح سالم السريع، مشاكل جمالية معقدة؛ فبعد الانتهاء من بنائه تبين أنه يعترض طريق أحد خطوط المترو الفرعية، فنقل الخط وجمل مكانه؛ الأمر الذي أخل بالتوازن الجمالي بين مدخل الكوبري ومخرجه، وحلت هذه المشكلة بوضع نموذج مجسم لرمسيس الثاني عند مخرج الكوبري، أحدث خللا جديدا في التوازن، تعددت في شأنه الاقتراحات، ومنها إقامة نموذج مجسم من ساعة سيتيزين، أو تمثال للرئيس الأمريكي عند مدخله؛ وبذلك أتيحت الفرصة لخبراء التخطيط والتجميل كي يدلوا بدلائهم، وللشنقيطي كي يستبدل سيارته المتهالكة بواحدة 131 أحدث عمرا، ولمقاطعي ذات أن ينهوا هدنتهم.
على وجه التحديد، استؤنفت المقاطعة في أعقاب زيارة من ذات وعبد المجيد لابن عمته، في شقة أمه المتواضعة بأحد أزقة السيدة، بمناسبة عودته من التدريس في السعودية. استقبلهما في جلابية سعودية ناصعة البياض، ورصانة واعتداد جديدين عليه، جدة الشارب الكث، والجسم المنتفخ، والخلفية المؤلفة من ورق حائط ملون، وطاقمين؛ واحد مذهب للصالون، والثاني بايركس للشاي.
سعى ابن العمة منذ البداية للانفراد بالبث مغريا ضيفه بسجائر داكنة اللون، أطول من المعتاد، وصندوق من الشكولاتة والبونبون؛ الطعام متوفر (هناك)، كل شيء موجود، والسكن فيلا، والمواصلات سيارة خاصة، طولها عدة أمتار، يطوف بها بعد الظهر كل يوم على زملائه من المصريين ويعود بهم إلى شقته ليلعبوا الورق؛ فليس هناك بديل آخر.
وجدت العمة فرصة للإدلاء بعدة دلاء: «لم يكد يصل من المطار حتى أخرج الكوتشينة وطلب مني أن ألاعبه»، «الله يخليه. أهداني حجة تكلفت ألفي جنيه، فرأيت الكعبة وقبر النبي قبل أن أموت، ورأيت أيضا الطرق الواسعة والكباري الهائلة والنظام والنظافة»، و«تصوروا؟ رخام الحرم النبوي مثلج في عز الحر .. معجزة النبي
صلى الله عليه وسلم ».
لم يتقبل العقل العلمي لابن العمة هذا التفسير، فاعترض قائلا إن هناك أنابيب تبريد أسفل الرخام. وسارعت الأم بتقديم معجزة أخرى من أجل الاحتفاظ بالميكروفون: الحمام الطائر فوق الحرم النبوي كله أبيض اللون ولا يتبرز مطلقا. ورد عليها ابنها بمعجزة من نوع آخر: المصريون هم الوحيدون من العرب الذين يتمتعون بمحبة السعوديين.
ذات التي لا تتميز بسرعة التفكير، كانت ما تزال تفكر في أمر المعجزتين الأوليين، لكن هذا لم يمنعها من التوصل إلى تفسير للمعجزة الجديدة: «بسبب خفة دمهم.» نفاه ابن العمة على الفور وهو يتناول فرشاة ناعمة ويمر بها في رقة شديدة على سطح ريكوردر كبير الحجم، ستريو: «أبدا؛ لأنهم لا يتدخلوا في السياسة ولا يهتموا بحاجة ثانية غير تكوين نفسهم.»
نال الجهاز إعجاب عبد المجيد (وخاصة عندما وضع فيه ابن العمة شريطا أمريكيا من نوع الهشك بشك، فأضاءت في واجهته شاشة خاصة تحركت عليها أضواء حمراء تبعا لتغير طبقة الصوت)، وشغلت هذه المعجزة تفكيره حتى إنه فوجئ عندما قالت له ذات (التي لم تنقطع عن التفكير في معجزة الحمام)، وهما في الطريق يبحثان عن تاكسي يعود بهما إلى مصر الجديدة: «مفيش غير تفسير واحد؛ يكون الحمام عنده إمساك.»
رماها عبد المجيد بإحدى نظراته النارية، ألجمتها دون أن تدرك نوع الخطأ الذي ارتكبته، ولم يمنعها هذا من ارتكاب خطأ جديد عندما توقفت السيارة الخاصة التي تتقدمهما فوق كوبري 6 أكتوبر، وهبطت منها سيدة محجبة عبرت الطريق بسرعة دون أن تعبأ بالسيارات المندفعة وهي تشوح بيديها في انفعال وهياج شديدين؛ فقد تساءلت عما يدفع سيدة محترمة، كما يبدو، لديها أسرة وأطفال وسيارة خاصة، لمثل هذا السلوك، في منتصف الليل؟ وعندما بلغ التاكسي ميدان روكسي كانت قد توصلت إلى تفسير ذكرته في تهور لزوجها: «لازم عاوزة موكيت.»
ذات هي التي كانت تطالب في الأيام الأخيرة بالموكيت، ليس فقط لأن السجادتين المفروشتين في الصالة أصابهما الوهن، وإنما أساسا من أجل موضوع مثير للبث تقتحم به أسوار المقاطعة المضروبة حولها. لكن معارضة عبد المجيد كانت حاسمة تستند لا إلى أسس جغرافية (جونا الحار المترب)، أو حضارية (تراثنا الخاص من السجاد والحصير)، وإنما إلى اعتبارات عملية، تتمثل في كتلة جديدة من النفقات لا تقل عن خمسين جنيها في الشهر من أجل ولي العهد؛ ألبان جافة تعوضه عن جفاف لبن الأم، ودار حضانة تستقبله في الصباح لتتمكن من الذهاب إلى الأرشيف كي تواجه المقاطعة. ومن أجل الهدف الأخير ذهبت إلى مدينة زفتى.
ففي إحدى الأمسيات جاءتها سميحة بعيون دامعة: «بنت أختي.» «ما لها؟» «تعيشي انتي.» «يا خبر! إيه اللي حصل؟» «حادثة.» «هنا؟» «لا. في زفتى.»
حالت مشغوليات الشنقيطي في مشروعات التجميل بينه وبين مرافقة زوجته لأداء واجبات العزاء، فتوجهت إلى جارتها، وقد تبينت فرصة لعرض مواهبها في قيادة السيارات التي تعلمتها حديثا: «متيجي معايا يا مدام ذات؟ حنروح بالعربية.»
رحبت ذات بالذهاب، وخاصة بعد أن لمست رد الفعل في الأرشيف عندما أعلنت السبب لما طلبته من إجازة عارضة؛ فقد تلاشت المقاطعة مرة واحدة، وأقبلت الماكينات عليها؛ إحدى المحجبتين حذرتها من ركوب البيجو السريعة التي حرم استخدامها في بلادها الأصلية وما زالت تودي بحياة الآلاف على الطريق الزراعي، والثانية نبهتها إلى التريلات الضخمة التي تنفصل مقطوراتها عند المنحنيات وتطيح بالسيارات المارة، والشامة السوداء طلبت حمصا من عند السيد البدوي في طنطا، ووجه الأرنب طلبت حصيرا معينا من بنها، بل وظهرت همت لتزودها بالمعلومات: «تعرفي إن زفتى أعلنت الجمهورية في ثورة سنة 1919؟»
هكذا حملت ذات معها جعبة لا بأس بها، وتكفل الطريق الزراعي نفسه بسد الثغرات؛ المباني الأسمنتية فوق الأراضي الزراعية، لافتات الشركات الاستثمارية ذات الأسماء الأجنبية الفكهة، مكتوبة أولا بالحروف العربية ثم بالحروف اللاتينية؛ ميلكي لاند، إسلام بوليه، والكانتالوب، الفاكهة الجديدة التي ولدت ولادة شرعية باسم أجنبي، وأخيرا سميحة نفسها، بتسريحة شعر طازجة، ونظارة شمسية غامقة، وفستان شيك أبرز فضلا عن الفخذين المبهرين، استدارات حديثة في أماكن عدة، مبهجة للناظرين.
ولجتا المدينة من مدخل ضيق تزحمه الورش وعربات الباعة، وتطوعت سميحة في اعتزاز لأن تلعب دور المرشدة السياحية، فانطلقت إلى جوار الخط الحديدي، ثم انحنت يسارا وسط صفوف من سيارات النقل الضخمة ومقطوراتها، وفوق أكوام من القمامة والمخلفات، مرورا بالمعالم الرئيسية؛ مجلس المدينة وخلفه السنترال الحديث، وصاري التليفزيون، والإذاعة، ومحطة الكهرباء، ثم موقف الأوتوبيس والمطافئ، وموقف آخر لعربات السرفيس والحنطور، وبعد ذلك الدوران المؤدي إلى مخرج المدينة أو العودة في الاتجاه المضاد، وسط القمامة والمخلفات مرة أخرى، فوق الأرصفة وتحتها، وأمام الفرن والبقال والجزار والصيدلية المزدهرة بالنتيجة.
تقطيبة الاشمئزاز على وجه ذات (التي لم تر في حياتها من المدن المصرية سوى القاهرة والإسكندرية) دفعت سميحة إلى أن تنحرف بالسيارة يمينا في شارع جانبي ضيق تطل عليه فيلات قديمة، ثم مصنع حديث للغزل ومركز للشرطة، وأخيرا النيل ومن خلفه ميت غمر، لكن النهر العتيد لم يلبث أن اختفى وراء الحقول والمباني، وضاق الطريق الموازي له، وتقدمت السيارة ببطء وسط الماعز والإوز وروث البهائم وأكوام القاذورات وبرك المياه الآسنة، يخطو بينها في ثقة وبراعة رجال ملتحون في جلاليب بيضاء ناصعة، وصنادل جلدية تبرز منها أصابع أقدامهم العارية، وتتدلى المسابح من أيديهم، إلى أن ظهر النيل من جديد، محتجزا جزءا منه قرب الشاطئ فيما يشبه خليجا صغيرا راكد المياه امتلأ بالأطفال المستحمين اللاعبين، ملتقطي البلهارسيا ومتبولي الدماء، إلى جانب النساء والفتيات اللاتي انحنين على أواني الألومنيوم يغسلنها ويدعكنها بالأتربة حتى تلمع كالجديدة، قارنتها ذات في حسرة بأوانيها المعتمة التي لا ينفع معها فيم أو كيم.
اكتفت سميحة بهذا القدر، وانحنت يمينا في أحد الأزقة في اتجاه سرة البلد، ومنه إلى زقاق آخر ثم ثالث، مهتدية فيما يبدو بأصوات نواح وعويل تأتي من بعيد، إلى أن اعترضتها عربة حنطور برك حصانها المنهك فوق الأرض وقد تكالب عليه الذباب، وعدة رجال يحاولون إرغامه على النهوض، فسنحت الفرصة لذات كي ترى الحلاق العجوز، من عهد الحجامة، وهو يستخدم آلة حلاقة كهربائية في رأس زبون، وحفل الذباب حول القدور الزجاجية الملونة بالأحمر والأصفر والأبيض في دكان عصير، ورأس معصوب لامرأة شابة، حسنة الملامح، يطل من فرجة في نافذة مشربية صغيرة، ثم كوم القاذورات والمخلفات المعهود الذي استقرت فوقه امرأة متوسطة العمر، حافية القدمين، تأكل من طعمية وخبز وضعتهما أمامها على الوسخ مباشرة. كما سنحت الفرصة لذات كي ترى عملية وضع على الطبيعة؛ فعندما تحامل الحصان على نفسه أخيرا ونهض، كانت المرأة قد انتهت من طعامها وقامت من مكانها، فقفز فأران صغيران من تحتها.
استأنفت السيارة سيرها، وازدادت أصوات العويل قربا، حتى أشرفت على حارة صغيرة ظهرت الغربان المولولة في نهايتها، مطلة برءوس انعقدت فوقها مناديل سوداء، من شرفة منزل قديم مدهون بلون وردي، اصطفت أمامه بضعة مقاعد للمعزين، وحالت دون الوصول إليه بركة من مياه آسنة تتصاعد منها رائحة نتنة، وتحلق فوقها أسراب من الذباب والناموس، هاجمت السيارة التي تمكنت راكبتاها من إغلاق نوافذها في الوقت المناسب، فحطت على هيكلها الخارجي وغطته تماما، إلى أن عبرت السيارة البركة وتولى الأطفال المحتشدون طرد الذباب لتتمكن القادمتان من مغادرتها.
في الداخل مزيد من العويل إلى جانب البث؛ مواسير المياه والصرف الصحي انفجرت كالعادة في شوارع الجيش وسعد زغلول وفلسطين والبحر، ثم جاءت الأمطار فحولت الشوارع إلى برك ومستنقعات، واقتحمت المياه المختلطة البيوت، وعجزت عاملات مصنع النسيج عن اللحاق بمواعيد العمل، فوقفن في الطريق باكيات، وانشغل الأطفال في إقامة سدود من الطين أمام المنازل، ونزح الماء من داخلها إلى الشوارع، ما عدا جيهان.
فابنة أخت سميحة، التي سميت على اسم سيدة مصر السابقة، والمتفوقة في دراستها (حصلت في الإعدادية على مجموع 95 بالمائة)، أصرت على الذهاب إلى المدرسة، وفي الطريق انزلقت قدماها في الأوحال، فتشبثت بعامود إضاءة، وصعقتها الكهرباء.
ألم يحاول أحد إنقاذها؟
أمسكها المارة ببطانية وجذبوها بعيدا عن العامود وأسرعوا بها إلى المستشفى العام، لكن السر الإلهي كان قد خرج، وأفضى الطبيب إلى الأم بسر من نوع آخر؛ إذا ثبت أنها ماتت في حادث يتعين تشريح جثتها، لكن هذا المصير البشع يمكن تجنبه إذا تحررت لها شهادة وفاة على أساس أنها راحت ضحية هبوط في الدورة الدموية بسبب مرض مزمن. وللأب قال: «يا عم بنتك ماتت وخلاص. قدرها كده. عوضك على الله.»
وافق الأبوان، فهل انتهى الأمر؟ أبدا.
في منتصف الليل استدعوا الأب إلى قسم الشرطة وقالوا له إنهم تألموا لمصابه. طب وبعدين؟ إنهم يعرفون بأمر شهادة الوفاة المزورة، لكنهم سيتغاضون عن ذلك إذا وعد بألا يتكلم.
وعد وأقسم على المصحف.
قال له ضابط الشرطة: «مش كفاية. لازم تساعدنا.»
كيف؟
بأن يحضر شاهدين يقرران مرض ابنته بالقلب من أجل إتمام المحضر: «تأكد أنه لا يوجد إهمال، فماذا يفعل المحافظ والمسئولون عن المرافق والكهرباء في عامود نور وسلك مكشوف وقت المطر؟ نصيبها كده.»
قال الأب: «مش كفاية إني سكت. مطلوب مني كمان شهود؟!»
قال الضابط: «إنت حر، وإلا سنضطر لاستخراج الجثة وتشريحها. ترضى بنتك تتعذب؟»
عادت ذات من زفتى من غير حمص أو حصير، وإنما بكيلوين من الكانتالوب، وقصة جيهان التي تلقاها عبد المجيد بغير مبالاة وهو يلتهم محتويات ثمرة بملعقة صغيرة معلقا: «نصيبها.» فحملت القصة في اليوم التالي إلى الأرشيف.
لم تلق القصة النجاح الذي توقعته ذات؛ فقد اتسعت العيون وارتفعت الحواجب ومصمصت الشفاه، ثم انفض السامر وعاد كل شيء إلى سابقه، فحكت وجه الأرنب عن حريق البتانون الذي وصله رجال المطافئ بعد ساعة ونصف من نشوبه، ثم اكتشفوا أن خراطيمهم مخرومة، وروت صاحبة المنكبين ما جاء في بريد الأسبوع عن الزوجة الثانية الصغيرة التي أصيبت بالعمى عندما دعا عليها أولاد زوجها، وقالت الشامة السوداء إن زوجها يطالبها بالتحجب، ثم انتقل الحديث إلى موعد الخروج ويوم العطلة المحتمل والعلاوة أو المكافأة القادمة وأماكن التصييف في العام القادم، ونصيب كل فرد من المساهمة الإجبارية في سداد ديون مصر، والبلاستيك الذي يلتصق بالزجاج من تلقاء نفسه فيحول الزجاج الأبيض إلى لون الفيميه، والزوجة التي قطعت زوجها بالسكين.
أعادت ذات الحكاية مرة واثنتين، وعندما تأكدت من إحكام المقاطعة وجهت حديثها إلى الرئيس ذي المخالب الذي تصادف وجوده، ورفعت صوتها ليصله عبر الماكينات المنهمكة في البث، فاستمع إليها في اهتمام، وعندما انتهت قال لها دون أن تطرف له عين: «الحمد لله على سلامة البنت.»
هل تيأس ذات؟ أبدا؛ فقد توصلت إلى تكتيك ذكي. لبثت تتحين الفرص، منتبهة للحوارات الدائرة، فإذا ما عرجت على الريف تدخلت بشهادة ذاتية من واقع رحلة الأمس التي لم تكن في الحسبان، وتمت بشكل مفاجئ بسبب ما حدث لجيهان. فإذا لم يعرج الحوار على الريف، فلا بد أن يمر بمنطقة الحوادث؛ انفجارات أنابيب الغاز وسقوط المنازل وحوادث السيارات، أو تكفي إشارة عابرة إلى حانوت ذي اسم أجنبي لتعلق ذات على الظاهرة كما لمستها في الطريق الزراعي المؤدي إلى زفتى. وبالطبع فهناك طرق أقصر هي؛ الصرف الصحي، الصعق بالكهرباء، والكانتالوب.
ما لم تدركه ذات أنها تواجه كتيبة متمرسة وملولة، بالإضافة إلى أنها تجاهلت أهم قواعد البث؛ فالأنباء - مهما بلغت أهميتها أو بشاعتها - تفقد طزاجتها، وبالتالي ضرورتها بمجرد تعرضها للهواء، ولا بد من استبدالها بغيرها في أي بث لاحق.
أتاحت لها زيارة عابرة من منير زاهر تجربة تكتيك أخير؛ فقد جاء المصور البدين ليبث أحدث اكتشافاته؛ جهاز صغير اسمه فيديو سندر، يوضع فوق الفيديو، فينقل إرساله، عن طريق هوائي خاص، إلى أجهزة التليفزيون القريبة، في نفس العمارة والعمارات المجاورة، فارضا على المتلقي ما يشاء صاحب الفيديو من بث. فكرت ذات على الفور فيما يتيحه الجهاز الجديد من مزايا؛ فهو يوفر على الشنقيطي عناء نقل الفيديو إلى شقتهما بعد منتصف الليل، ثم إعادته إلى شقته بعد ذلك، والنتيجة؛ إطالة مدة البث، وتمكين عبد المجيد من الاعتماد على نفسه، وذات من النوم في سلام واطمئنان.
منير الذي لم يكن يعلم شيئا عما يجري في شقة ذات من أحداث بعد منتصف الليل، كان مشغولا بإمكانيات أخرى للجهاز الجديد، يستغل فيها براعته في عمل مونتاج من الأفلام والشرائط، مستعينا بجهازين للفيديو: «تصوروا فيلم من الأفلام إياها (ابتسامة ذات مغزى احمر لها وجه ذات، وجلبت ضحكة ممطوطة من وجه الأرنب، وابتسامة خجلى من الشامة السوداء، وتقطيبة عابسة من المنكبين) تتخلله في الأماكن المهمة لقطة لوزير وهو يقص الشريط في افتتاح مشروع ما، أو لرئيس مجلس الشعب وهو يدق بمطرقته طالبا الهدوء، أو لأحد الملوك العرب في المطار وهو ينحني ليتناول باقة ورد من طفلة، أو لزوجة رئيس الوزراء أثناء زيارة حضانة للأطفال .. والا بلاش .. خدي فيلم لعبد الحليم حافظ وساعة ما يبدأ الغناء أقطع على رئيس الوزراء في خطبة من خطبه المملة .. أقدر أخليه يظهر كأنه يغني. بذمتك مش جنان؟»
فعلا، لكن ذات التي اجتذبتها خيالاته الطفولية، ورغبته في التسرية عن الآخرين، لم تنس لحظة قضيتها الحيوية، فانطلقت تسرد قصة جيهان، مرة أخرى، وإنما من زاوية جديدة بالمرة، هي الواجب المهني.
كان رد فعل منير محبطا: «تفتكري أنا حر في اختيار موضوعاتي؟ ثم إني مجرد مصور ولازم يطلع معي محرر، والأغلب أن رئيس التحرير لن يوافق على موضوع كهذا لأنه صديق لمحافظ الغربية، التي تتبعها زفتى. وهؤلاء المحافظون أمرهم عجب .. الواحد منهم يعتبر أي شكوى من أي شيء في محافظته موجهة ضده شخصيا. إذا كان الموضوع يهمك جربي الصحف الأخرى، أو أقولك، عليك بصحف المعارضة.»
المعارضة؟ هذا هو الجنون بعينه، فإذا كانت صورة عبد الناصر قد نقلتها إلى الأرشيف، فإلى أين يؤدي بها الاتصال بالمعارضة؟
ذاقت عينة ساعة الانصراف؛ فقد رمقتها الماكينات بنظرات غريبة ولم يعبأن بالرد على تحيتها. مضت بخطوات مترددة ووجه مذعور وقد ساورتها شكوك لم تحسمها إلا مدام سهير.
كانت مدام سهير، ساكنة الشقة المفروشة، التي تتميز بملابسها الأنيقة، وشعرها الأشقر (بالطبع) موضع مقاطعة حقيقية من سكان العمارة منذ حادثة الطلاء المخصوص الذي حظي به باب شقتها، وما أعقب ذلك من شرائها لسيارة 127 على الصفر. ذات الطيبة، التي خبرت عذاب المقاطعة، هي الوحيدة التي شذت عن الإجماع، وأقامت معها علاقة ودية، وإن كانت متحفظة؛ لهذا كان من الطبيعي أن تلجأ الأخيرة إليها عندما احتاجت إلى العون.
ففي يوم واحد امتحنت مدام سهير مرتين في عقيدتها، على يد زائرين من العراق. كان أمر الأول سهلا؛ إذ أدركت من اسمه أنه مسيحي، فاعتذرت عن تقديم خدماتها إليه. واشترط الثاني ألا يتلقى هذه الخدمات قبل أن يعقد عليها أولا طبقا للمذهب الشيعي الذي يدين به. ولم تكن مدام سهير، التي اختارت طريق الخدمة العامة هربا من امتحان الشهادة الابتدائية، قد سمعت من قبل بأمر المذهب المذكور، فاستمهلته حتى تفكر في الأمر، وعندما أعياها التفكير قامت بزيارة مفاجئة لذات، وهي تهز في يدها سلسلة ذهبية تتدلى منها مفاتيح ال 127؛ لتستفسر عن المذهب المذكور وطريقته المريبة في الزواج.
كان عبد المجيد هو الذي تولى توعية مدام سهير، فأبدت إعجابها بسعة معلوماته وبشخصيته أيضا، ولم تخف ما تشعر به من حسد لما تتمتع به ذات من جو أسري دافئ، بينما دارت الأخيرة شعورا مماثلا إزاء ما تتمتع به مدام سهير من حرية استقبال الزائرين بالنهار فضلا عن الليل. وتكررت زياراتها إلى أن جاءت النهاية الطبيعية في يوم اعتنى فيه الأستاذ بحلاقة ذقنه وحف شاربه في الصباح، ووجدته ذات في المساء (عندما دفعها هاجس غامض إلى قطع برنامج البث مع سميحة والعودة إلى شقتها) منهمكا في حديث ودود مع مدام سهير، وحدهما تماما؛ لأن الأستاذ أرسل البنتين مع ولي العهد لشراء مصاصة (دون غيرها).
ذات العازفة عن أي حديث ودود مع عبد المجيد، لم تكن تقبل أن يجرى هذا الحديث مع امرأة غيرها؛ لهذا أشارت إلى باب الشقة وطلبت منها ألا تعبر عتبته مرة أخرى لأي سبب.
اهتزت مدام سهير لوقع الإهانة، ففقدت صوابها، وفرشت لذات على السلم ملاءة عريضة ملأتها بأقذع الشتائم، إلى أن فرغ قاموسها دون غلها، وعندئذ تذكرت المذهب الغريب الذي يحلل ما حرمه الآخرون، فأرادت أن تصمها بالشيعية، لكنها كانت تعاني مثل ذات من الحالة التي تختلط فيها المعاني، وتركب فيها الألفاظ فوق بعضها البعض، فاستعصت الكلمة عليها وانتظمت حروفها بصورة أكثر طوعا (لأسباب فسيولوجية لا أيديولوجية) للسانها المعوج: «شيوعية.»
استمعت ذات من خلف باب شقتها المغلق للشتائم المنهالة عليها دون أن تهتم، إلى أن بلغها الاتهام الأيديولوجي، فهبط قلبها - فعلا - بين ساقيها؛ إذ تأكد لها أخيرا ما كانت تساورها بشأنه الشكوك؛ السبب الفعلي للمقاطعة.
10
ثمانية آلاف من جنود «الأمن المركزي» بالقاهرة
يتمردون ويغادرون معسكراتهم صائحين:
الرحمة، الرحمة
الجنود المتمردون يحطمون الواجهات الزجاجية لفندق «جولي فيل»؛ أي القرية الجميلة، المواجه لمعسكرهم في الهرم، وهو أحدث وأفخم فنادق القاهرة، ثم يقتحمونه ويشعلون فيه النيران.
جماعات مجنونة
من جنود الأمن المركزي تنتشر في شوارع الهرم وتعتدي على السيارات الخاصة والأوتوبيسات السياحية وواجهات البازارات والبوتيكات، ثم الملاهي والكباريهات.
الصحف الحكومية : «شائعات مغرضة عن مد فترة تجنيد قوات الشرطة عاما آخر هي التي فجرت موجة العنف والتدمير.»
الشغب يمتد إلى ضواحي المعادي ومدينة نصر وإلى
ست محافظات
أخرى في الوجهين البحري والقبلي.
المتمردون يقتحمون
سجن طرة
ويطلقون سراح المسجونين.
أحزاب المعارضة: «إذا كان لقوات الأمن المركزي أية مطالب فكان يجب التعبير عنها بالطرق المشروعة.»
المسئولون: هناك ملامح مؤامرة منظمة.
جريدة الأخبار الحكومية: «ليس في مصر كلها رأي مكبوت، وليس هناك قيد على أحد حتى ينفجر في وجه السلطة على هذا النحو.»
إبراهيم نافع رئيس جريدة الأهرام:
إنهم يحاولون قتل الغد.
د. أحمد عبد الغفار ، رئيس هيئة المطاحن والصوامع: «الإنسان يحار حقا أمام تصرفات هذه الفئة .. لقد تسببوا في تعطيل طاقات الإنتاج في الوقت الذي تحتاج فيه مصر لساعات عمل لنواجه النقص في الموارد.»
صحيفة
الأهالي
اليسارية: «صحف الحكومة تتهم المعارضة بالمسئولية بسبب ما تتبعه في صحفها من إثارة. والمعروف أن جنود الأمن المركزي لا يقرءون صحف المعارضة ولا صحف الحكومة.»
صحيفة أمريكية : «الأمن المركزي في مصر جيش مواز يتألف من ربع مليون فرد تم انتقاؤهم بعناية من بين الأميين ومن القرى النائية والمتخلفة، وعهد إليهم بحراسة البنوك والسفارات والفنادق الكبرى، فضلا عن فض المظاهرات، وتم تدريبهم بطريقة تجمع بين غسيل المخ والإذلال لتحويلهم إلى أدوات طيعة في أيدي رؤسائهم.»
ضابط بالأمن المركزي : «منذ اليوم الأول لوصول المجند إلى معسكرات التدريب يتعرض للضرب دون سبب من ضباط الصف المسلحين بالأحزمة والهراوات، ثم يبدأ ترويضه لمدة خمسة شهور أو سبعة ، ويتضمن التدريب العسكري توجيه السباب إلى قطعة حجر على أنها أقرب الناس إليه، وذلك للقضاء على أي شعور إنساني إزاء من سيواجههم فيما بعد.»
صحيفة الأحرار اليمينية : «ضباط الأمن المركزي تفننوا في تعذيب جنودهم؛ فلم يكتفوا بعقابهم لأتفه سبب بالضرب والبصق وسب آبائهم وأمهاتهم وإطفاء السجائر في أجسامهم، وإنما اخترعوا لهم وسائل عقاب ذات مسميات عجيبة فيأمرونهم بامتطاء ظهور بعضهم البعض، والجري مسافات طويلة، أو يهتفون بالواحد منهم: اشرب ويسكي؛ ومعناها أن يضع يده على أذنه واليد الأخرى على الأرض، وبطرف أصبعه السبابة يدور ويلف مثل الساقية حتى يحفر حفرة ويشعر بالدوار والإرهاق فيسقط من الإعياء كالسكير.»
جندي أمن مركزي : «نعيش كل عشرين في خيمة لا تتسع لأكثر من ستة أفراد، وننام ورأس كل منا إلى جوار قدم زميله.»
الصحف الحكومية تعترف : «تم إبلاغ الجنود مساء 25 فبراير بأن مدتهم التي تنتهي بعد شهر ستمتد سنة.»
جندي أمن مركزي : «غذاؤنا أرز
بالزلط والحصى، والخضراوات
القذرة، أما اللحوم فلا نراها إلا في الأعياد والمناسبات، ونستحم بالماء البارد دون منظفات، ونقضي حاجتنا في العراء.»
ضحايا الأحداث 150 قتيلا و500 جريح أغلبهم من الجنود
جندي أمن مركزي : «نتقاضى ستة جنيهات في الشهر هي ثمن رغيف خبز مستورد في فندق جولي فيل.»
150 مليون دولار خسائر الفنادق وحدها
جندي أمن مركزي : «أغلبنا من العائلين لأسر تعتمد على دخلنا، وبالتالي فإن تجنيدنا يحرم الأسرة من مكسبنا، أما نحن فننزل من عشرة جنيهات في اليوم إلى عشرين قرشا.»
جندي أمن مركزي : «ألزمونا بالمشاركة في سداد ديون مصر وخصموا من مرتباتنا سبعين قرشا.»
جندي أمن مركزي : «المحظوظ منا هو الذي يلتحق بالخدمة لدى أحد الضباط فيقود له سيارته، أو يرافق أولاده إلى المدارس، أو زوجته إلى السوق، أو يقوم بتنظيف المنزل وإعداد الطعام أو دهان الجدران أو العمل في مزرعة الضابط أو دكانه.»
إجراءات سريعة تتخذها الحكومة لمواجهة الموقف
للجندي ستة أرغفة خبز بدلا من ثلاثة في اليوم وأربعة بطاطين بدلا من اثنتين وإجازة كل شهر بدلا من كل شهرين.
إضافة اللحم إلى وجبات جنود الأمن المركزي
3 آلاف مواطن من الأقاليم
يتجمعون أمام مراكز تدريب الأمن المركزي بالدراسة وشبرا والمعادي وطريق الفيوم بحثا عن مصائر أبنائهم.
عودة الحياة إلى أسواق وسط القاهرة
نجف كريستال للصالون اشتراس نمساوي (كريستال طبيعي)
مطلي بماء الذهب عيار 24، بسعر يبدأ من 660 جنيها للحجم الصغير، بمحلات القطاع العام.
كينج إيجيبت
يقدم دهانات لشقتك ماركة بلابوند، ورقا للحائط، موكيتا، ديكورات للأسقف والأرضيات، والستائر والمطابخ والبلاكار والألومنيوم والكهرباء والسيراميك والصرف الصحي.
قوات
الأمن المركزي
تحاصر قرية غازي مصلح بدكرنس دقهلية وتعتقل خمسين شخصا منهم عمدة القرية، وتقطع عنها المواصلات والكهرباء يوما كاملا، وتقوم باستعراض للقوة في شوارع القرية أسفر عن مقتل المواطن عبد الحميد جعفر.
للشبان من الجنسين: أحدث مجموعة من
النظارات
الطبية والشمسية ماركات ريبان ونينا ريتشي وأسدور.
نيابة مصر الجديدة تحقق مع ملازم أول شرطة من قوات
الأمن المركزي
بتهمة الاعتداء على جاره بالكرباج.
زوروا معرض مودرن أكويبمنت
فيديو ناشيونال، 2 نظام ب 1428 جنيها فقط
11
فيما يبدو، فإن الانطباع الذي تكون لدى ولي العهد عندما تفتحت عيناه على عالمنا لم يكن مشجعا؛ فقد عزف عن تشغيل ماكينة البث، وتمسك بموقفه رغم كل المغريات. وعندما بلغ الثالثة من عمره كان قد عثر على وسائل اتصال بديلة، واكتشف أساسيات علم السيميولوجيا الحديث، وحده دون مساعدة من أحد.
لم يجد عبد المجيد في هذا التطور ما يضير، بل استراح إليه؛ ذلك أنه ألفى نفسه قادرا على استيعاب مبادئ العلم الجديد بسهولة، وأصبح يستمتع بالاتصال بولي عهده عن طريقها، بل ويبتكر قواعد جديدة منها تناسب الحال.
ذات هي التي لم تنتبه إلى نبوغ وليدها المبكر؛ فقد فاتها أن تلحظ علاماته وسط مسيراتها المتعددة. وكانت صفية هي التي دقت جرس الخطر خلال زيارة عابرة (في طريق عودتها من الإسكندرية إلى السعودية عقب إجازة قصيرة)؛ إذ صاحت مستنكرة عندما رأت عبد المجيد وولي عهده منهمكين في حوار صامت بلغة الأصابع والإشارات، انضمت إليه ذات بعد قليل.
بدأت رحلة العلاج على الفور، واستمرت طويلا حتى انتهت في عيادة حديثة بمستشفى الدمرداش خصصت لأمراض البث (التي انتشرت بشكل ملموس في السنوات الأخيرة وعلى رأسها اعوجاج اللسان)، حيث خضع الطفل النابغة إلى برنامج مكثف من عدة جلسات يجري خلالها تدريبه على تشغيل الماكينة.
اصطحب عبد المجيد ولي عهده إلى الجلسة الأولى، ولزم الفراش بمجرد عودته، عندما علم أن دوره في الانتقال إلى أحد فروع البنك في البلدان العربية قد تم تجاوزه لصالح أحد مرءوسيه الذي يحمل شهادة جامعية، وظل طريحه حتى حان موعد الجلسة التالية، فاضطرت ذات إلى القيام بالمهمة بدلا منه.
كان موعد الجلسة في الواحدة بعد الظهر؛ لهذا أرسلت الطفل كالمعتاد إلى الحضانة، وحصلت على إجازة عارضة، ثم انهمكت في ترتيب الشقة، وأعدت صينية مكرونة بالباشميل، وخلال ذلك زودت عبد المجيد، طريح الفراش، بكوب من الشاي امتنع عن شربه لأنه كان من غير ليمون. وعندما انتصف النهار وبدأت تستعد للخروج، انفجر غضب عبد المجيد.
لم يكن الليمون هو السبب وإنما الروج؛ فبعد أن استحمت واستبدلت ملابسها، وقفت أمام المرآة، في مجال رؤيته، وأخذت تمر بأصبع الروج على شفتيها. وهكذا ذكرته، لا بنفيسة أبو حسين، وإنما بمنير زاهر.
ففي مناسبة سابقة، علم عبد المجيد عندما أبدى إعجابه بلون الروج الذي تستخدمه زوجته أن زميلها المصور يشاركه نفس الرأي، وتكررت هذه المناسبة كما تعددت أشكال المشاركة، إلى أن بدأ يشعر بالقلق.
أعلن عبد المجيد فجأة من مرقده بلهجته الحاسمة: «لازم تتحجبي.»
تطلعت إليه - في المرآة - مدهوشة من قوة التليباثي؛ فقد كانت تقلب الفكرة ذاتها في رأسها كوسيلة لنفي التهمة التي جلبها جهل مدام سهير بالمذهب الشيعي، لكنها - كالعادة - كانت مترددة في الجهر بها خوفا من رد الفعل - غير المتوقع دائما، والسلبي في معظم الأحوال - من جانب زوجها.
تكرم عبد المجيد بشيء من التحديد: «على الأقل تغطي راسك.» وكان هذا أيضا هو ما يدور برأسها .
أكملت ذات استعداداتها بحذاء مرتفع الكعب؛ لتستمد من السنتيمترين الإضافيين قدرهما من الثقة بالنفس، وسألته عما إذا كان يحتاج إلى شيء، فشكرها بلهجة ما زالت غاضبة، قائلا إنه سيعتمد على نفسه، وبذلك غادرت المنزل مطمئنة، وخاضت بحرص في الأتربة المكومة فوق ما تبقى من الرصيف، وخلف السيارات المركونة إلى جواره، وأمام دكان تصليح الغسالات الذي رفع لافتة جديدة ملونة تعلن عن «رجبكو برذرز للأدوات الصحية».
كان ولي العهد ينتظرها خلف قضبان نافذة الحضانة، مزاحما بقية الأطفال الذين تعلقوا بقضبانها ليشبعوا شوقهم إلى الحرية. تدافعت الدموع إلى مآقيها وهي تعبر البلاط المكسر إلى باب مغلق فتحته فتاة محجبة، ليكشف عن صالة معتمة باردة، خلت من أي فرش، وتدفق إليها الأطفال لمعاينة الطارق، يحدوهم الأمل في إفراج مبكر، وعلى رأسهم ولي العهد، ناسيا في لهفته حقيبته الصغيرة الحمراء، ولفافة السندوتشات.
لم ينس ولي العهد الشيء الأهم؛ فلم يكد يخطو إلى الشارع حتى قاد أمه المستسلمة في اتجاه الميكروفون الجهوري الذي يدعو إلى الإيمان بالله ونبذ الدنيا، والذي كانت ستقصده على أية حال.
ولجت الدكان الكبير الذي ثبت الميكروفون فوق مدخله، ومرت من أمام رفوف الكتب الدينية وقصص الأنبياء وأقلام الفلوماستر، واللعب المستوردة من هونج كونج، وأغطية الرأس النسائية الإسلامية، والفتاة المحجبة التي تدير آلة حياكة، وأخيرا الكهل الملتحي بطاقية بيضاء مربعة، الذي وقف خلف ماكينة لتصوير الوثائق، عاكفا على تشغيلها وهو يبتسم في وداعة وطيبة مرددا اسم الله، ومصليا على رسوله، ومسلما على النبيين بلغة فصيحة؛ إذ كان يمتحن في إيمانه الذي من علاماته الحلم.
فالزبون الذي عهد إليه بأوراقه ليصورها كان من النوع الذي يبعث به الشيطان عادة لهذا الغرض؛ ولهذا أبدى اعتراضه على درجة نقاء الصورة، بل وطالب باستخدام الورق الخاص بالتصوير بدلا من ورق الكتابة العادي الذي كان يستخدمه الكهل الملتحي. وتجنب الأخير الدخول في جدال حول نوع الورق، معلنا في صوت قوي أن الصورة جيدة لأنها تقرأ دون صعوبة، ونفى مبعوث الشيطان ذلك، فتلفت الكهل حوله بحثا عن نصير، ولم يجد أمامه غير ذات، فمد يده إليها بالورقة قائلا بلغته الفصحى السليمة: «ما رأيك يا أخت؟»
الأخت كانت تجد نوعا من تحقيق الذات في التوفيق بين الرءوس في الحلال، بدءا من القيام بدور الخاطبة إلى لعب دور الحكم؛ لهذا انتهبت الفرصة، وقبل أن تفحص جسم الجريمة قررت أن تقف في صف الجانبين معا، وتهون عليهما الأمر، وتدعوهما إلى كلمة سواء بينهما، لكن الكهل لم يطق معها صبرا، فألقى بالورقة جانبا وهو ينادي في حدة، ضاغطا على مخارج الحروف، فيما خيل لذات أنه النطق الإسلامي: «يا فاطمة.»
برزت من أعماق الدكان فتاة محجبة، تحمل في يدها، ودون أن يطلب أحد منها (كأنها تدربت جيدا على هذا الموقف) رزمة جديدة من الورق تناولها الكهل في عصبية، ووضعها مكان الورق القديم، ثم ضغط زرار التشغيل في عنف.
تحولت الفتاة إلى ذات مستفهمة عن طلبها، وكان ولي العهد قد حدده منذ الوهلة الأولى، في اتباع نموذجي للمثال القومي؛ إذ تسمر أمام رف السيارات حائرا بين أحجامها، وموديلاتها.
النتيجة كانت متوقعة؛ فقد اختار الطفل أغلاها، واشترت ذات أرخصها، وكان لا بد من إلهائه عن البكاء، فعدلت عن تفقد أغطية الرأس، وجذبته من يده إلى أعلى بمجرد أن غادرا الدكان، متظاهرة بأنها تلعب، وكي تجنبه الخوض في القمامة. وكررت القفزة أمام كتلة من الكابلات الكهربائية المنبثقة من جوف الأرض أمام دكان ملابس ذي واجهة زجاجية عريضة تعلوها لافتة تعلن أن المكان مكيف الهواء. اندمج ولي العهد في اللعبة الجديدة فكررها بصورة آلية عند الحاجز الثالث الذي لم يكن من طراز المرتفعات، وإنما عبارة عن حفرة عميقة، استقر في قاعها وسط قليل من المياه.
أدت محاولة انتشال الغريق إلى التواء الكعب الطويل لحذاء ذات، الذي لم يكتمل أسبوع على شرائه. والتجأ الاثنان إلى جوار الحائط ريثما خلعت حذاءها لتتبين مدى الإصابة، وعندما قدرت أنه يستطيع أن يتحمل مشوار المستشفى أخرجت من حقيبة يدها منديلا من الورق، أزالت به آثار المياه والطين من ملابس طفلها، وجرته في حزم إلى محطة الأوتوبيس.
أدركت ذات أن الحظ يحالفها في هذا اليوم، رغم البوادر غير المشجعة، عندما ظهرت سيارة أوتوبيس بعد قليل ، وعندما تصادف وقوفها إلى جوار راكب هبط في المحطة التالية، فاحتلت مكانه على الفور، وهي تتوجه بالشكر الحار إلى راعي البشر أجمعين، متغاضية عن المتاعب الثانوية.
فقد أرادت أن تأخذ ولي العهد فوق حجرها لكنه رفض، وأوضح وجهة نظره باللغة الوحيدة التي يتقنها. واجتذب هذا الشكل النادر من البث اهتمام ماكينة تجلس بين ذات والنافذة، وتحمل فوق ساقيها طفلة صغيرة، فتأملا ولي العهد في إشفاق (السيدة)، واستنكار للمنافسة غير المتوقعة (الطفلة). نقلت الأولى بصرها بين الطفل وأمه وهي تمصمص بشفتيها تعبيرا عن شعورها بالأسى، وإن كانت في الحقيقة تقوم بتسخين الماكينة استعدادا للبث، لكن ذات فوتت عليها الفرصة متظاهرة بالشرود.
لم تقنط الماكينة وتوسلت بالصبر حتى سنحت فرصة أخرى، عندما مالت عليها ذات لتبعد كتفها عن الجسم الصلب الذي أراد أن يندس أسفل إبطها، فلوت شفتها في اشمئزاز من هذا السلوك ومن جنس الرجال عموما، وتابعت مع ذات الرجل المقصود وهو يبتعد باحثا عن ضحية أخرى، ثم يتجه إلى كتف أنثوية ممتلئة برزت من مسند أحد المقاعد بصورة متعمدة، تعلن عن استعدادها وتلهفها. وشرعت الماكينة في البث، لكن ذات كانت قد انشغلت بفك شفرة الأسئلة المتتابعة التي وجهها ولي العهد حول زحام الطلاب أمام الجامعة. وعندما ترك الأوتوبيس ميدان العباسية مندفعا كالسهم في شارع لطفي السيد، غادرت مقعدها وجذبت الطفل أمامها، وشقت طريقها بصعوبة وسط الأجسام المتلاحمة نحو باب النزول، لكن الخروج من الحمام ليس دائما في نفس سهولة الدخول إليه.
وقفت إلى جوار السائق معتمدة على قضيب حديدي، ثبته إلى القوائم المعدنية الأصلية للسيارة؛ ليحميه من الماجما البشرية. كان شابا في نهاية العشرينيات، مهموم الوجه، ذا لحية نامية، عن إهمال لا عن دروشة، يرتدي قميصا وبنطلونا قذرين مجعدين، كأنما قضى ليلته نائما فيهما. وكان يسوق بقدم واحدة ينقلها بين المسرع والكابح، بينما ثنى الأخرى وأسندها، عارية من جوربها، كاشفة عن أصابع متسخة، فوق عامود المقود.
وزعت ذات اهتمامها بين السيطرة على تحركات أمجد، وحماية مؤخرتها من الاحتكاكات العفوية المقصودة (ومنها واحد بالذات بالغ الصلابة أصابها بالارتباك لأنه أوشك أن يهز دعائم موقفها المعادي لهذا اللون من السلوك)، ومتابعة السباق الذي اشترك فيه السائق مع سيارة يابانية حمراء اللون مزوقة برسم السوبرمان ونسر أسود ذي جناحين هائلين يقودها مراهق في ملابس رياضية وتتصاعد منها موسيقى هشك بشك، مرقت بجوار الأوتوبيس كالصاروخ، ثم أجبرها الزحام على التباطؤ حتى لحق بها الأوتوبيس ولاحقها بعد ذلك عندما انساب المرور، مائلا نحوها حتى أجبرها على الابتعاد نحو الرصيف، لكن سائقها كان مصرا على البقاء في المقدمة، فعالجه سائق الأوتوبيس بانحرافات حادة مفاجئة أجبرته على السير بحذاء الرصيف.
أحاطت ذات ولي عهدها بساعديها، متناسية أمر مؤخرتها، مترقبة في هلع النهاية المحتومة، عندما تجاورت السيارتان، ثم انحرف سائق الأوتوبيس بشكل مفاجئ نحو الشاب فأجبره على الصعود فوق الرصيف والمضي فوقه حتى وجد نفسه متجها نحو عامود نور فأوقف سيارته تماما، منسحبا من السباق، بينما واصل الأوتوبيس طريقه بنفس سرعته، بعد أن ألقى سائقها بنظرة خاطفة غير مبالية على السيارة المهزومة في مرآته. وقبل أن تلتقط ذات أنفاسها ظهرت محطة المستشفى على مرمى البصر، فمالت نحوه، مستجمعة كل ما تملك من رقة، قائلة: «المحطة الجاية وحياتك.»
لم يعبأ السائق بها واحتفظ بنفس سرعته، عازما على تقديم عرض قياسي من نوع آخر؛ إذ أوقف السيارة أمام المحطة بحركة مفاجئة، ألقت بالركاب إلى الأمام، فاصطدم الجالسون بظهور المقاعد التي تواجههم، بينما تدحرج الواقفون في اتجاه مقدمة السيارة، وتعرضت مؤخرة ذات لكثير من الأذى قبل أن تتمكن من مغادرة السيارة مع ولي عهدها.
وقفا في منخفض من الأتربة ينتظران أن يخف اندفاع السيارات كي يعبرا الطريق. وطال انتظارهما بينما انضم إليهما زوجان ثم ثلاث سيدات وعددا من التلاميذ. وانتهز الجميع فرصة سانحة خف فيها ضغط السيارات، فاقتربوا من بعضهم البعض، ثم اندفعوا جريا عبر الطريق مثل الدجاج المذعور. وفوجئت ذات بأن الرصيف الذي بلغته ضيق للغاية ويشغله عدد من سيارات المرسيدس المعروضة للبيع، فجعلت الطفل إلى يمينها ومضيا بين السيارات المندفعة، حتى طفا الرصيف الأصلي، فاعتلياه؛ وبذلك أصبح الطريق ممهدا أمام ولي العهد.
فقبل أن تنتبه إلى نواياه كان قد عهد إليها بحقيبته، وانطلق يجري غير عابئ بصيحاتها، مجبرا إياها على أن تخب خلفه بأقصى ما تملك من جهد، مشيرا إليها بأصابعه أنه يعرف الطريق، منحنيا في ممر جانبي، عابرا بركة من مياه المجاري، متجاهلا أول بوابة في سور المستشفى، ومتوقفا أمام البوابة التالية، حتى لحقت به لاهثة الأنفاس.
لكنه كان قد استحق شرف القيادة التي تولاها بكفاءة ساحبا ذات خلفه، وسط الزحام، وبجوار كوم من الحجارة والمخلفات المعتادة لمسيرة الهدم والبناء، وفوق السلم الداخلي لمبنى تكومت القمامة أمامه، واقتعد درجته العليا عجوز في جلباب نظيف، بادي الإعياء، وعبر قاعة كبيرة حفت بجانبيها الغرف ومقاعد الانتظار وزحمها المرضى، وأسفل سلم خشبي اعتلاه عملاق انهمك في دهان السقف دون أن يعبأ بالمارة الذين لم ينتبهوا إلى وجوده وإلى الطلاء المتناثر من فرشاته إلا بعد أن تلوثت ملابسهم، وإلى باحة صغيرة في الطابق الأرضي اصطفت بها مقاعد خشبية مدهونة حديثا بلون أخضر قاتم، تحيط بباب خشبي في نفس اللون، استقبلتهما خلفه عجوز في ملابس التمرجية المغبرة أعلنت أن الطبيبة لم تصل بعد، وعندما سألتها ذات: «وإمتى تيجي؟» ردت متعجبة: «لما تيجي.» ثم وجهت اهتمامها إلى قادم جديد قبل أن تضيف بشيء من التنازل: «اسألي عنها في القسم.»
بدا الطفل متمرسا بكل هذه التطورات؛ إذ استدار على عقبيه، وقاد أمه في الطريق الذي جاءا منه، وأسفل سلم الدهان إياه، حتى غرفة مجاورة لقسم الأورام، كشف الزجاج المبرقش لبابها المغلق عن ضوء فلورسنتي، لكنه لم يستجب لطرقاتهما، فأطرق برأسه إطراقة العارف الخبير، وانطلق كالسهم، وأمه خلفه، إلى الخارج دون أن تستوقفه غير ثلاث ظواهر؛ امرأة في جلباب أسود وشبشب، معصوبة الرأس بمنديل، انتشرت بقعة داكنة اللون حول صدغها الأيمن ورقبتها (قدرت ذات، بخبرة أيام التفعيص، أنها من أثر جرعة زائدة من الكوبالت)، وتمرجية مترهلة الجسم، لونت القذارة كعبي قدميها العاريين البارزين من شبشبها، تدفع في زهق مريضا ممدا فوق نقالة معدنية، فتصطدم رأسه بحافتها المعدنية، صعودا وهبوطا، في حركة إيقاعية، ورجل خمسيني في ملابس أنيقة وعوينات مذهبة، وشعر مصفف في عناية، برز من إحدى الغرف في عجلة وقد هرع خلفه عدد من الشبان ذوي المعاطف البيضاء.
بلغت المسيرة منتهاها في قاعة انتظار ضيقة، تمثل جزءا من طابق مسروق في المبنى المجاور، فارتمت ذات على أحد مقاعدها البلاستيكية، وهي تتنهد في ارتياح ما لبث أن تبدد.
فقد ألفت نفسها في مواجهة سيدة سمراء مكتئبة الوجه، ترتدي فستانا رخيصا، لكن شكلها العام، وأظافر يديها وقدميها المقصوصة في عناية دون طلاء ينطقان باهتمام بالغ النظافة. وكانت تحمل في حجرها طفلا كبير الحجم والسن، معوج الساقين، مبطط الوجه كأنه فطيرة. وإلى جوارها امرأة أخرى قمحية اللون، ذابلة البشرة، تهدل شعرها على كتفيها، وكشفت فتحة صدر فستانها عن منبت ثديين جافين، وبرز من صندلها كعبان فقدا لونهما الطبيعي من زمن، استقرت بينهما طفلة كبيرة الجسم حليقة الرأس، مالت بصدرها فوق الأرض، وزحفت بحوضها نحو كسرة خبز ملقاة بجوار الحائط، فتناولتها ووضعتها في فمها. وعندما أرادت المرأة، في غير حماس، أن تنتزعها من يدها، تشبثت بها، ثم مسحت الأرض بكفها، ولوت جسدها وزحفت مبتعدة بعد أن أدارت وجهها ناحية ذات، التي طالعت ابتسامة بلهاء وعينين غريبتين أشبه ببئرين من غير قرار.
شعرت ذات بابنها يلتصق بها في خوف، متأملا الآخرين في استغراق، وألفت نفسها تتفحصه بأعين الأخريات باحثة عن أوجه القصور لديه، فراودها الشك لحظة في أن عينيه قريبتا الشبه بالعيون المنغولية، الأمر الذي كانت تخشاه طول مدة الحمل، والذي كان محور أول سؤال نطقته بعد الولادة.
انتزعت عينيها بصعوبة من وجه ولي العهد، فالتقتا فوق رأس الطفلة الزاحفة على الأرض بعيني أمها المكتئبتين. عندئذ نهضت فجأة واقفة، وجرت الطفل خلفها إلى الخارج، عائدة أدراجها إلى المبنى الأول، متولية القيادة هذه المرة. مرت من أسفل سلم الطلاء الخشبي، وهبطت إلى الباحة الخضراء، لكنها لم تجد تمرجية «تيجي لما تيجي»، وكان الباب الأخضر مفتوحا، فولجته إلى ردهة تفتح عليها عدة غرف مضاءة، لا أثر بها لأحد، وليس فيها سوى الأوراق والأقلام المتناثرة فوق المكاتب، فيما عدا الغرفة الأخيرة التي وجدت بها طبيبا جالسا إلى مكتبه، يعبث بعدد من مكعبات الأطفال الملونة.
ابتسم لها الطبيب مرحبا وأشار إليها أن تتفضل، فولجت الغرفة مع ابنها، وقدمت بطاقته العلاجية للطبيب، الذي ألقى عليها نظرة سريعة، ثم توجه بالحديث إليه: «اسسمك ايه يييا شششاطر؟»
لم ينبس الشاطر بحرف، بل تطلع إلى الطبيب في جمود منكمشا في حضن أمه، التي أبعدته عنها وهي تبتسم في خجل، وتهيب به أن يتجاوب مع الدكتور، ولكنه تشبث بصمته في عناد، فقرأ هذا من البطاقة: «أأأأأمجد ععععع عبد الممممجيد حححح سن.»
استمعت ذات في صبر للحوار المتقطع (من طرف واحد) ظانة أنه تكنيك متعمد للعلاج، ولم يلبث الشك أن ساورها وهي ترى المجهود الذي يبذله الطبيب في إخراج الكلمات المتقطعة من بين شفتيه، وقطعت الشك باليقين عندما أعلن بعد نصف ساعة: «خخخخخ لاص اننننننهاردده.»
ضبط النفس الذي أبداه ولي العهد في حضرة الطبيب تلاشى بمجرد خروجه إلى الشارع، فسدد أصبعه في تصويب حاذق إلى كشك السجائر والحلوى الذي علقت بنافذته أكياس العصائر المزوقة بصور ملونة للفواكه المختلفة. وفقد أصبعه ثباته عندما اقتربا من الكشك، فتأرجح متذبذبا بين أكياس الشيبسي والكاراتيه والبوزو والشوكو أب والكيمو، لكن ذات كانت حاسمة فأشارت إلى السندوتشات الموجودة في الحقيبة وأعلنت: «عصير وبس.»
تناولت من الأظافر القذرة للبائعة ممصا من البلاستيك، فمسحته في بلوزتها، ثم طهرت طرفيه بلعابها، وثقبت كيس العصير بأحد الطرفين، ثم قدمته له آملة أن يتكفل بإلهائه خلال رحلة العودة، التي اختارت لها، بعد حسابات معقدة، سيارة أجرة.
استمرت الحسابات داخل السيارة؛ فعندما انطلق السائق على مهل وعينه على المارة، آملا في زبون آخر، وأوشك لذلك أن يصطدم بسيارة أخرى توقفت فجأة ليشتري سائقها بضعة أرغفة من الخبز المعروض فوق قفص على قارعة الطريق، أصابها الهلع، فأنقصت الأجر الذي قدرته للسائق في كرم عندما توقف لها، من جنيه ونصف إلى جنيه. وعندما التقط سيدة بدينة وطفلتها، وأجبرها على الجلوس في الخلف إلى جوار ذات وولي عهدها؛ ليبقى المقعد المجاور له خاليا من أجل راكب إضافي، تميزت من الغيظ، وبدأت تزن إمكانية خفض الجنيه إلى نصف جنيه. وعندما لم يفز السائق بالراكب المأمول، رغم تلكئه في ميدان العباسية وأمام الجامعة والمستشفى التخصصي وفي التقاطعات وأمام المؤسسات العسكرية، رق قلبها له، وتصورته مجاهدا في سبيل إطعام سبعة أفواه أو تسعة، فارتدت إلى الجنيه وأخذت تزن إمكانية رفعه إلى الرقم الأصلي الذي قدرته في البداية.
في هذه الأثناء كان ولي العهد قد انتهى من كيس العصير، ومن تأمل المنافسة الوافدة، فطالب بسيارته، وأجبر أمه على استخراجها وفض غلافها الكرتوني، ليكتشف أنها بثلاث عجلات. أوشكت أن تهون عليه الأمر وتزعم أن السيارة من طراز خاص، لولا أن محور العجلة الرابعة كان مطلا برأسه، شاهدا على الطراز الذي تنتمي إليه السيارة، فوعدته بإعادتها إلى البائع واستبدالها بواحدة سليمة، وبهذا أمكنه أن يمارس هوايته في التعرف على الأشياء، متسائلا، بالإشارات: «إيه ده؟» أمام ضريح جمال عبد الناصر، والمدافع المهيبة التي تتصدر المباني العسكرية، والواجهات الحمراء لمحلي «الويمبي» و«كنتاكي فراي تشيكن»، والمطعم الفخم ذي النجوم، واللافتات البارزة من العمارات الجديدة، معلنة بحروف أجنبية عن مكاتب استشارية وتوكيلات أجنبية ومحلات أنتيكات وديكورات، ومستشفى للولادة، وصفوف السيارات الخاصة المنتظرة في غير نظام خروج أولياء العهود من مدارس اللغات الواقعة في الشوارع الجانبية.
تولت ذات الرد على استفسارات ولي عهدها برحابة صدر؛ فلم تلحظ في الوقت المناسب أن السائق، بدلا من أن يتجه إلى ميدان روكسي، قد انحنى يمينا في اتجاه رئاسة الجمهورية ومنطقة الميرغني. توسلت بالصبر بضع لحظات على أمل أنه يقوم بالتفافة قصيرة لسبب ما، وعندما رأته ممعنا في صراط مستقيم تجرأت وسألته في لطف، فقال إنه ذاهب إلى كلية البنات لتوصيل الراكبة الأخرى وولية عهدها. لم تستسلم بسهولة وجادلته في أسس المنطق، ومستشهدة بأقوال من قبيل «ودنك منين يا جحا»، وأولويتها في الركوب وبالتالي في النزول، بينما كان هو مستمرا في طريقه لا يلوي على شيء، حتى تم إيداع الراكبة الممتعضة (بالطبع) وابنتها بسلام في شارع جانبي خلف كلية البنات، وخلال ذلك كانت أجرته المتوقعة قد هبطت من جديد إلى نصف جنيه، ثم ارتفعت إلى الجنيه عندما أسر إليها، وهو يتجه أخيرا إلى الطرف الآخر من مصر الجديدة، أنه يسكن هناك وأنه عائد إلى منزله، وأن خط السير الذي اتبعه هو الخط المنطقي في مثل هذه الظروف. ناولته الجنيه وهي تجذب مصراع الباب، فانخلع في يدها، بينما أمسك هو الورقة البائسة بأطراف أصابعه في استهانة قائلا: «خمسين قرش كمان.»
كانت في مركز ضعيف؛ فهو الذي يملك إطلاق سراحها، وقد فعل بعد أن ناولته الورقة الإضافية التي طلبها، فمال فوق ظهر مقعده وفتح لها الباب من الخارج، دون أن يغفل النظر إلى ساقيها، متلمسا فرصة عند النزول تكشف له عن إحدى عتبات قدس الأقداس المتواري بينهما، ثم أغلق الباب خلفها في عنف، مشيعا إياها بالشتائم الموجهة إلى أبيها وأمها وجنسها كله، بينما اتجهت هي إلى الميكروفون الجهوري الذي كان يدعو إلى الإيمان بالله ونبذ الدنيا، وأضاف الآن، في عويل يقطع نياط القلوب، الاستنكار لأن يكون هناك رئيس يدعى حنا ويحمل إليه كوب الشاي من يدعى محمد. استقبلتها فتاة محجبة لم ترها من قبل، فشرحت لها بغيتها بصوت حرصت على أن يبلغ مسامع الكهل ذي الطاقية البيضاء الذي كان في مكانه المعهود خلف ماكينة التصوير، يتمتم بالآيات والأحاديث المناسبة.
تحولت الفتاة المحجبة إلى الكهل قائلة: «دكتور فتحي، المدام أخذت هذه اللعبة اليوم وفي البيت وجدتها بثلاث عجلات فقط.»
صاح الدكتور فتحي مهتاجا، وقد تخلى نهائيا عن لغة القرآن: «وأنا أعملها إيه؟»
توجهت إليه ذات بالحديث، متوسلة بكل ما تملك من منطق: «المفروض آخذ واحدة تانية بدلها.»
خبط الدكتور فتحي بيده على جهاز التصوير قائلا: «مين قال ده؟ أنا أخدت البضاعة من صاحبها وانتي اشتريتي مني، فأنا مالي؟»
كان قد انتهى من التصوير، فناول الأوراق للزبون وأشار إليه أن يذهب إلى صندوق النقود بجوار المدخل، الذي تجلس خلفه كهلة محجبة، وتبعه متجها إلى الخارج قائلا: «سأذهب للصلاة.»
وقفت ذات حائرة في منتصف الدكان لا تدري ماذا تفعل، بينما اختفت الفتاة المحجبة في الداخل، وانشغلت الكهلة بحساب الزبون، وعندما فرغت منه تحولت إلى فتاة صبوحة الوجه، تغطي رأسها بمنديل أزرق اللون، ولجت الدكان على استحياء واقتربت من الكهلة مستفسرة عن الدكتور فتحي، موضحة بصوت خافت أن زوجها يطالبها بالبقاء في البيت، بينما تريد مواصلة العمل؛ ولهذا تريد أن تعرف حكم الشرع في الأمر.
طمأنتها الكهلة بأن الدكتور سيعود من الصلاة بعد قليل، وتحولت إلى ذات متسائلة في برود: «أي خدمة؟»
فتحت ذات فمها لترد، لكن لسانها امتنع عن الحركة، فاضطرت لإغلاقه بعد لحظة، وانسحبت بهدوء محتفظة بالسيارة ذات العجلات الثلاث، ناهرة ولي العهد في عنف عندما شرع يحرك أصابعه، مما أطلقه في نوبة بكاء حارة من القلب. جرته خلفها إلى السوق الواقع خلف منزلها، فاشترت ليمونا لعبد المجيد، دون أن يخطر لها أنها ستكون المستفيدة الأولى منه؛ لأنها انضمت إلى زوجها في فراش المرض بمجرد دخولها الشقة.
12
شمس الفخامة تشرق من جديد
في اتحاد ملاك قصر رشدي بالإسكندرية
الآن في مصر!
الدكتور
كاريير
يقدم
أجهزة التكييف الحديثة.
توضع على الأرض أو تعلق طبقا للحلول الديكورية
وزير الكهرباء: «الدولة خسرت 400
مليون دولار
في عام واحد بسبب تشغيل بعض المواطنين لأجهزة التكييف.»
جريدة لوموند الفرنسية: «بلغ عدد
السيارات الخاصة
في القاهرة وحدها عام 1985 أكثر من 600 ألف سيارة، تزيد بمعدل أكثر من مائة ألف سيارة سنويا.»
شركة الحديد والصلب المصرية (ق.ع) تبلغ النيابة أنها تعاقدت مع إيطالي يدعى ماكس على توريد حديد زهر وصرفت له 840 ألف جنيه، وعندما فحصت أوراقه تبينت أنها مزورة، ولم يورد شيئا.
9 مواطنين يعتصمون بمبنى مجلس مدينة طوخ ، قليوبية، متهمين أقارب وأنصار
عطية الفيومي ، عضو مجلس الشعب الشهير بالحوت، بالاستيلاء على شقق المساكن الشعبية.
المستشار
مأمون الهضيبي ، من قادة الإخوان المسلمين ، في نادي هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية: «عقيدة الإسلام قوامها الإيمان بالآخرة، فالموت بداية لحياة أخرى هي الحياة الحقيقية، ودولة الإسلام لا هم لها إلا العمل لهذه الدار الأخرى.»
بنك التقوى
المقر الرئيسي: جزر البهاما.
يقوم بكافة الأعمال المصرفية من المشاركة والمرابحة والمضاربة على المعادن الثمينة وتجارة العملة بيعا وشراء. رأس المال50 مليون دولار.
صحيفة إنجليزية: «الإخوان المسلمون في مصر والبلدان العربية هم المؤسسون ل
بنك التقوى
في جزر البهاما، وعلى رأسهم أحمد سيف الإسلام حسن البنا، وصالح أبو رقيق، وصلاح شادي، والدكتور يوسف القرضاوي.»
بعد فوز قوائم الحزب الوطني في الانتخابات بالتزكية،
عطية الفيومي ، أمين الحزب الوطني بالقليوبية، الشهير بالحوت، يقول: «هناك ظاهرة جديدة هذا العام وهي الإقبال الشديد من المواطنين على التقدم للترشيح، وقد تم استبعاد كل من تحوم حوله أية شبهات واعتراضات أمنية خاصة بالشرف والسمعة والنزاهة.»
فضيلة الدكتور
يوسف القرضاوي : «تجربة المصارف الإسلامية تستحق التنويه والتشجيع والتأييد، والناس يشهدون بأعينهم قيام هذه المؤسسات المالية والمصرفية على غير الربا.»
اصطدام طائرة فوكر تابعة لشركة
سينا للطيران
بحائط وعامود إنارة أثناء هبوطها بمطار القاهرة قادمة من الإسكندرية، ومصرع 23 من ركابها بينهم المضيفة أشجان عطية التي نجت من حادث طائرة مالطة. الطائرة المنكوبة سقطت على بعد 500 متر من مدينة الملاهي الملاصقة لسور مطار القاهرة.
اللواء علي خليل رئيس حي الزيتون: «غرق الطفل فرج في بالوعة المجاري المفتوحة قرب القصر الجمهوري بالقبة كان
قضاء وقدرا .»
خلال أسبوعين اثنين انهار محركا طائرتي بوينج 707 تابعتين لشركة
مصر للطيران
أثناء رحلة إلى الخرطوم وأثناء الإقلاع من مطار الكويت، وتعطلت الجامبو بعد رحلة نيويورك، وانهار محرك طائرة الإيرباص المتجهة إلى صنعاء.
رئيس الوزراء ونقيب الأطباء د. ممدوح جبر يقدمان درع النقابة وشهادة تقدير إلى المهندس
محمد فهيم ريان رئيس مصر للطيران
في الاحتفال بيوم الطبيب المصري تقديرا للتعاون المثمر بين الشركة والنقابة .
طبيب يستأصل خطأ
الكلية الوحيدة
لفتاة في العشرين بعد أن أقنعها بضرورة إجراء جراحة عاجلة لاستئصال ورم دهني فوق المبيض الأيمن.
شركة مبيدات فرنسية تحصل على
مليار وربع مليار فرنك فرنسي
من بنك مصري إقليمي، بموافقة المسئولين في وزارة الزراعة وتهرب إلى الخارج.
رئيس الجمهورية يتهم
إحدى شركات الاستثمار
بالتعدي على منتجات شركة من شركات القطاع العام لرخص أسعارها.
مباحث التموين تحرر عدة محاضر ضد
شركة مصرية-فرنسية
لقيامها بسحب إنتاج شركة قها المصرية (ق.ع) من المربى، وإعادة تعبئته وبيعه بضعف السعر.
بعد 9 أشهر من التحقيق في حادث
ونش مترو الأنفاق
المسروق، والذي لم يستدل على مكانه إلى الآن، النيابة تقيد الحادث ضد مجهول.
المستشار
مأمون الهضيبي
نائب الإخوان المسلمين يعلن في مجلس الشعب: «بنك التقوى
عرض تقديم قروض لتحقيق تنمية شاملة بمصر لكن عرضه رفض.»
محافظ القاهرة يوسف صبري أبو طالب يصدر قرارا بالاستيلاء على أرض
شركة الأزياء الحديثة (ق.ع) في شارع 26 يوليو لإدخالها في خطوط إعادة التنظيم بعد أن قامت الشركة بإعدادها للبناء ودكت أساسه.
مستشفى عين شمس التخصصي
يعلن عن حاجته إلى ممرضات فيليبينيات للعمل بمرتب 800 جنيه شهريا يدفع نصفها بالدولار.
أنباء مؤكدة عن موسم جفاف قادم
الأمطار لن تسقط على منابع النيل، ولن يكون هناك فيضان.
البناء يستمر في أرض
شركة الأزياء الحديثة
بشارع 26 يوليو رغم قرار المحافظ بالاستيلاء عليها.
مستشفى عين شمس التخصصي
يخطو نحو الإفلاس؛ التكاليف 142 مليون جنيه نصفها تذهب لتسديد القرض الفرنسي، وصافي الخسائر 6 ملايين جنيه سنويا.
إقامة معرض تجاري خاص باسم
زجمار
فوق الأرض التي استولت عليها محافظة القاهرة من
شركة الأزياء الحديثة (ق.ع) لإدخالها في خطوط التنظيم.
دار نشر أمريكية تتهم
عميد كلية تجارة عين شمس
بنقل أجزاء كاملة من أحد كتبها إلى كتابه المنشور بالعربية.
المستشار
مأمون الهضيبي
في مجلس الشعب: «الاعتقاد في الخلافة شرط من شروط الإيمان بالإسلام.»
إحالة 8 من
كبار موظفي الجمارك
للمحاكمة التأديبية لاشتراكهم في فحص محاضر ضبط كميات ضخمة من البضائع المستوردة لحساب كبار المستوردين، ثم إصدارهم الأمر بحفظ المحاضر، مما أضاع على الدولة حوالي 5 ملايين جنيه.
وزير الري: «فيضان النيل
فوق المتوسط، والمؤشرات تؤكد بعد مصر عن خطر الجفاف.»
العثور على جثة سيدة مغربية عارية في حديقة منزل الملحن
بليغ حمدي .
مدينة
بيتكو
تقدم 1200 وحدة سكنية.
أسرع بحجز شقة لك!
يستغل نوم شقيقه فيذبحه من أجل الحصول على
الشقة .
مصرع 5 وإصابة 30 في
انفجار
خط أنابيب غاز طبيعي في حي المعصرة.
وزير البترول: «أهالي
المعصرة
هم المسئولون لأنهم بنوا فوق الأنابيب.»
أهالي المعصرة : «المباني موجودة من قبل مد الأنابيب.»
إحالة المسئولين
بشركة الخشب الحبيبي (ق.ع) بالمنصورة للمحاكمة بتهمة التسبب في ضياع أربعة ملايين جنيه، وهروب أحدهم إلى أمريكا.
تناقص منسوب المياه في بحيرة السد العالي
سيارة نقل مندفعة فوق
كوبري السيدة عائشة
تصطدم بعدة سيارات وتصرع خمسة أشخاص.
تعليمات جديدة
لوزير الداخلية بمنع مرور سيارات النقل فوق الكباري العلوية.
سيارة نقل تصدم 5 سيارات أسفل
كوبري السيدة عائشة
وتصرع أربعة أشخاص.
استمرار انخفاض مستوى المياه في بحيرة السد
وزير الري: الحالة مطمئنة.
بسم الله الرحمن الرحيم
ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما .
صدق الله العظيم
بيتكو للإنشاء والتعمير (أحمد إبراهيم وشركاه)
تقدم مركز أم كلثوم التجاري بعد أبراج النيل وأبو الفدا وسيدي جابر.
الرقابة الإدارية: «محافظة القاهرة
تعاقدت مع شركة أمريكية وهمية اسمها إخوان مكارثي العالمية لبناء
الجراجات المتعددة الطوابق ، فسحبت أربعة ملايين جنيه من البنوك المصرية، ثم تنازل لها المحافظ عن مليونين آخرين غرامة تأخير ثمانية أشهر في تسليم الجراجات.»
بليغ حمدي
يغادر قاعة المحكمة إلى المطار قبل نصف ساعة من صدور الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في قضية مقتل المغربية سميرة مليان.
الحكم
بإعدام
عاملين وطالب اختطفوا طالبة أثناء وقوفها مع زملائها أمام كازينو.
باقي عشرة أمتار من المياه وتتوقف توربينات السد العالي عن العمل
العميد متقاعد عادل الحيني صاحب شركة العبور لأعمال الرخام: «قدمت بلاغا في قسم شرطة الجيزة ضد المليونير
أحمد إبراهيم
صاحب شركة بيتكو لامتناعه عن سداد 39 ألف جنيه قيمة أعمال تركيب الرخام لبرج أم كلثوم، وفوجئت بمحافظ الجيزة
الدكتور عبد الحميد حسن
يدخل القسم محاولا وقف استدعاء أحمد إبراهيم على أن يحل هو المشكلة، ووعدني شخصيا وأمام الشرطة بأن يرد لي حقوقي.»
عبد الله عبد الباري ، رئيس جريدتي الأهرام ومايو: «الفلاحون والفلاحات يلقون الفوارغ بترعة ترسا التي أسنت وصارت سدا من المخلفات الآدمية والحيوانية، ثم يصرخون ويلومون الحكومة. بالله عليكم ماذا يستطيع
عبد الحميد حسن
محافظ الجيزة مهما حاول أن يفعل مع أناس نامت ضمائرهم نوما عميقا؟»
لجنة قضائية تقوم بتفتيش مسكن
الدكتور عبد الحميد حسن
محافظ الجيزة السابق وتضبط مستندات هامة ومبالغ نقدية كبيرة وكمية من المجوهرات.
كاسيو
تقدم قارئة الطالع الحاسبة.
وزير الري يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء في جميع المساجد لمواجهة الجفاف وعدم سقوط الأمطار فوق منابع النيل.
اكتشاف شيكات بأسماء عدد من كبار المسئولين من أجل إلغاء الحكم الصادر بحبس
بليغ حمدي
في قضية مقتل المغربية سميرة مليان.
توقف بعض أقسام
شركة النصر للكاوتشوك (ق.ع) بتأثير منافسة الشركة المصرية الفرنسية للكاوتشوك.
المدرسون
يطالبون وزير التعليم بحمايتهم من الضرب والإهانة أمام لجان الامتحانات.
انخفاض نشاط شركة
المصاعد (ق.ع) في تركيب المصاعد بنسبة 34 في المائة بعد مساهمتها في شركة استثمارية باسم الشركة العربية للمصاعد.
تقرير حكومي: «40 بالمائة من «المدارس» غير صالحة للاستخدام، ويوجد عجز في المعلمين قدره 50 ألف معلم.»
رئيس الشركة العامة ل
البطاريات (ق.ع) وعضو إدارة شركة «كلورايد» المختلطة: «خسائر الشركة 8 ملايين جنيه في سنة واحدة، وترجع إلى زيادة العمالة ونقص التدريب ورداءة الإنتاج.»
دكتور عبد الباسط أحمد يوسف أخصائي العظام ب
مستشفى قوص
العام: «زجاج غرفة العمليات محطم ولا يوجد بها جهاز وقف النزيف أو أوتوكلاف للتعقيم، وجهاز الأشعة بلا أفلام، ولا توجد أدوات للتطهير والإسعاف، أو مصل، للعقارب، أو للتيتانوس، ولا ثلاجة لحفظ الدم ولا دم.»
اختيار رئيس شركة
الخزف والصيني (ق.ع) لرئاسة شركة استثمارية منافسة مع احتفاظه بمنصبه في الشركة الأولى.
المكتب الاستشاري الذي يملكه الدكتور
رفعت المحجوب
رئيس مجلس الشعب، يحصل على 80 ألف جنيه مقابل الدفاع عن مكتب مقاولات استولى على مليون جنيه من الجمعية التعاونية لبناء المساكن للقانونيين.
تعطل الأفران الجديدة لشركة
الخزف والصيني (ق.ع).
جماعة الجهاد : «قتال الطوائف الممتنعة عن شرع الله في الداخل أهم من قتال اليهود في فلسطين لإرجاع بيت المقدس.»
محافظة أسيوط تنفق
مليون جنيه
من الاعتمادات الاستثمارية على شراء سيارتين؛ إحداهما من طراز مرسيدس؛ لاستخدام كبار مسئولي المحافظة.
مليونير
يعترف بأنه كان عاملا بسيطا منذ ثماني سنوات بمرتب خمسين جنيها، وأصبح الآن يمتلك 12 مليونا من الجنيهات.
جماعة الجهاد : «يجب قتال كل من امتنع عن الصلاة والزكاة أو الصيام أو الحج أو عن الحكم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش والخمر.»
الشركة العامة للصوامع والتخزين
تحصل على عشر شقق بأموال صندوق العاملين، فتجهزها بالمطابخ الفخمة والموكيت والأجهزة الكهربائية، وتوزعها على عشرة من كبار العاملين بها، أغلبهم من لواءات الجيش والشرطة الذين يتقاضون أكثر من ألف جنيه في الشهر بعقود محدودة المدة.
قاتلة مفتشة التموين : «تعرفت على المجني عليها وبدأ زوجي يراقب تحركاتها هي وزوجها ومواعيد خروجهما، وأعددنا سكينا ويد هون، وفي صباح يوم الحادث صعدت إليها عقب انصراف زوجها إلى عمله، وطرقت باب شقتها ففتحت لي. عندئذ تركت الباب مفتوحا، وأثناء قيامها بإعداد الكعك لي أشرت لزوجي بالدخول، وانهلت على رأسها بيد الهون، وعندما حاولت المقاومة انهال عليها زوجي طعنا بالسكين. وهنا ارتفع صوت ابنها قائلا في استعطاف: طنط منى! .. متضربيش ماما إنتي وعمو. وصرخ زوجي في وجهي: اقتليه! فأمسكت بعلبة بيروسول وقمت برش بعض منها على وجهه، وتظاهرت بأني أخنقه، ثم قلت لزوجي إنه مات. وبعد أن قمنا بتقطيع الغوايش الذهب التي ترتديها المجني عليها، فتشنا منزلها وشنطتها فعثرنا على حوالي 200 جنيه، بينما كان زوجي يظن أنها تحتفظ بآلاف الجنيهات في شقتها.»
بعد انتشار تجارة
مياه الشرب
بالقاهرة، رئيس مرفق المياه: «القاهرة لا تعاني من أزمة في مياه الشرب، وهناك مياه تكفي لسد حاجة 2 مليون مواطن زيادة على التعداد الحالي لسكان العاصمة.»
رئيس
هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية
يكلف مدير عام
الجودة
بالهيئة بمسئولية البت في مفاوضات الهيئة الخارجية رغم أنه يدير شركة خاصة تحمل توكيلا من شركة
إريكسون
السويدية، أكبر الموردين الأجانب للهيئة المصرية.
انهيار
عمارة في مصر الجديدة بعد تعليتها يودي بحياة عشرين مواطنا.
الحكومة ترغم المزارعين على دفع 35 جنيها عن كل فدان مشاركة منهم في سداد
ديون مصر .
هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية تقرر استيراد مائة ألف سنترال كامل من شركة
إريكسون
السويدية رغم قيامها بتصنيع هذه الأجهزة محليا.
ثالث
حريق
ضخم خلال شهرين في مصانع كوم إمبو يأتي على كمية كبيرة من السكر الخام المعد للتكرير.
وزير النقل يصدر قرارا بترقية
مدير الجودة
بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية رئيسا لقطاع الشئون الفنية وعضوا بمجلس إدارتها.
وزارة الزراعة تنفي وجود خطر من
الجراد
على البلاد.
273 بلاغا للنيابة خلال عامين تكشف عن اختلاسات بمليون جنيه في
المجمعات الاستهلاكية
التابعة لوزارة التموين.
وزير التموين يصر على استيراد 27 ألف طن
شاي
معبأ بسعر 3450 دولارا للطن، بينما يبلغ سعر الطن السائب 2850 دولارا.
الجراد
يواصل هجومه على جنوب ووسط وشرق مصر، وفرق المكافحة تستغيث.
أكثر من مليوني جنيه طاقة معطلة في شركة مصر ل
الألبان (ق.ع)؛ بسبب زيادة المخزون والحماية الجمركية التي تتمتع بها الألبان المستوردة.
الجراد يلتهم 600 فدان بخمس محافظات
13
برهن ولي العهد على أنه الطفل المعجزة؛ فلم يكتف باستعادة موهبة البث كاملة، وإنما أداره باللغة الإنجليزية مباشرة. وأيا كان الدور الذي لعبه الطبيب إياه في الوصول إلى هذه النتيجة الباهرة، فإن الفضل الأساسي فيها يعود بالتأكيد إلى الظاهرة المعروفة باسم «النفس».
فبناء على نصيحة الماكينات لذات بالشروع في التخطيط لمستقبله من الآن، وحجز الأماكن الضرورية له، ابتداء من مقعد الدراسة إلى شقة الزوجية، وضعت العمامة التي أضافتها إلى إكسسوارها، واصطحبت سميحة في زيارة استكشافية للمدرسة الحكومية القريبة، التي تجمع بين المرحلتين الابتدائية والإعدادية.
لم يسبق لها أن اقتربت من إحدى مدارس البنين؛ ولهذا كانت الزيارة مشحونة بالمفاجآت؛ تلاميذ الفترة المسائية (التي تبدأ في منتصف النهار) ينتظرون أمام الباب، المؤلف من قضبان حديدية يغطيها لوح من الصاج الأسود، جالسين على الرصيف، وحقائبهم ملقاة في التراب، بينما اشتبك أربعة منهم في عراك حام وصاخب، ترددت خلاله أقذع الشتائم، وانتحى خامس جانبا ووقف يتبول إلى جوار سور المدرسة؛ التلميذ الذي أخفى نصف سيجارة مشتعلة خلف ظهره، وفتح الباب لسيدة محجبة، مدرسة في الغالب، تحمل سلة من الخضراوات، أرادت الخروج، فمرقت ذات إلى جوارها داخلة ورفيقتها في أعقابها؛ الناظر المترهل الجسم، في بلوزة رخيصة رمادية اللون، وبنطلون من نفس اللون، وصندل مفتوح من الجلد تبدو منه أصابع قدميه العاريتين، والذي انهمك في توجيه الصفعات إلى ثلاثة تلاميذ تبادلوا اللكمات أثناء الدرس، وقذفوا ظهر المدرس بالكتب، ثم أطلق صيحة يائسة: «يخرب بيوتكو يا ولاد الكلاب!» تكررت عندما ولج الغرفة أربعة تلاميذ ومدرستان يحملون مدرسة شابة شاحبة الوجه: «ما لها؟»
أوضحت إحدى المدرستين: «وقعت في الفصل. جاها نفس.»
فقال وقد تضاعف يأسه: «شوفوا لها كلونيا.»
ثم تحول لذات: «أفندم؟»
وعندما عرف مطلبها قال لها في لهجة أشبه بالبكاء: «المبنى التاني.»
هناك تعرفت على ظاهرة النفس، بعد أن عبرت، وسميحة من خلفها، منفذا ضيقا بين مبنى القسم الإعدادي وسور المدرسة، إلى فناء تناثرت في أنحائه علب السجائر الفارغة والأوراق الممزقة وقشور البرتقال، وعطرته الرائحة المنبعثة من بالوعة صرف مفتوحة، ووصلتا إلى مكتب الناظر، الذي فتنته ركبتا سميحة، فصحبهما إلى أحد الفصول التي ستستقبل ولي العهد بعد سنتين (إن شاء الله)، ودفع بابه دون أن يطرقه، فانفرج عدة سنتيمترات، ثم توقف كأن شيئا حجزه، وهبت خلاله رائحة خانقة أجبرتها على التراجع برأسها، بعد أن رأت أكثر من مائة طفل محشورين في مساحة صغيرة لا تزيد عن غرفة نومها، ضمت أربعة صفوف من المكاتب الخشبية، التي خصص الواحد منها في الأصل لتلميذين متجاورين، فاحتله الآن أربعة وأحيانا خمسة، وجلس الباقون على الأرض بين الصفوف، فوق كتبهم وملابسهم.
امتنعت ذات عن التنفس لتتجنب الرائحة الخانقة، وأطلت برأسها من فرجة الباب باحثة عن المدرس، فاكتشفت ما يمنع الباب من الانفراج؛ صفوف التلاميذ الذين احتلوا الأرض خلفه وأمام السبورة وتحتها.
شعرت ذات، عندما ولجت مكتبها في اليوم التالي، بشيئين؛ صعوبة في التنفس، وتجاهل من جانب الأخريات اللاتي تجمعن حول صاحبة وجه الأرنب تعرض عليهن غطاء إسلاميا للرأس من حرير شفاف أخضر اللون، مزودا بما يشبه العقال السعودي. وعندما حان موعد الانصراف كانت قد تأكدت من عودة المقاطعة بالرغم من العمامة التي وضعتها فوق رأسها. فهل تيأس؟ أبدا.
حصلت على رقم التليفون من إحدى الماكينات المحجبة، ورفعت السماعة ثم أدارت القرص، وقبل أن تتفوه بكلمة جاءها صوت أنثوي رصين: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هنا الجامعة الإسلامية»، هكذا، في نفس واحد دون توقف، ثم طلب منها الصوت أن تنتظر على نغمات موسيقى فيلم «قصة حب» الأمريكي، حتى جاءها صوت آخر أكثر أنثوية ورصانة أقرأها السلام الكامل وقدم إليها المعلومات التي طلبتها. على ضوء هذه المعلومات ذهبت هي وسميحة إلى مبنى حديث بالقرب من نادي الشمس، عبارة عن فيلا من طابقين وسط حديقة حسنة التنسيق، تؤدي إلى باب من الزجاج الفيميه المحاط بإطارات ألوميتال، يفتح على طاولة عريضة تطل عليها كلمة «الاستقبال» بالإنجليزية، من لوحة مضاءة فوق فتاة محجبة بادرت الزائرين بكلمة السر في نفس واحد: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أي خدمة؟»
استمع عبد المجيد إلى تفاصيل الزيارة باهتمام؛ القاعات الواسعة الأنيقة، الرسوم التوضيحية باللغة الإنجليزية، كتاب الصحة والعلوم الملون (الصادر عن شركة يملكها علي لطفي رئيس الوزراء)، وأشرق وجهه عندما تخيل ولي عهده وقد حقق ما عجز هو عنه؛ ونعني بذلك قراءة الكتاب إياه، ثم اصفر واخضر عندما سمع عن الألف جنيه، فضلا عن الملابس والكتب والباص (الأوتوبيس) فورا والآن؛ لأن الطريقة الشرعية للالتحاق بالمرحلة الابتدائية تحتم قضاء ثلاث سنوات تحضيرية في نفس الجامعة.
نظرة التساؤل والترقب في عيني ذات حملته إلى خارج المنزل. بدأ أولا بعم محروس فترحما سويا على أيام السادات التي لم ينل منها عبد المجيد شيئا على عكس محروس: «مكانش يفوت يوم من غير ما أبيع سيارة أو ثلاجة، ثم الشقق المفروشة. كانت الأشيا معدن.» ثم انفرد محروس بالشكوى؛ من الضرائب التي تطالبه بعشرة جنيهات ظلما وجورا؛ ولهذا علق لافتة يعتذر فيها عن استقبال الزبائن، الهدف منها هو تضليل أولاد الأفاعي لأنه ما زال يعمل كالجن. ومن المرض؛ حصوة متشعبة في الكلى وضغط مرتفع، ولإزالة الحصوة لا بد من جراحة تتطلب السيطرة على الضغط، لكن الضغط ناشئ عن الحصوة. ومن الابن وزوجته؛ وجد له عملا وشقة في مدينة العاشر من رمضان، لكن الهانم زوجته لا تريد الحياة هناك، وتصر على الإقامة في شقة الأب، وهنا بيت القصيد؛ فالبنت عينها على الشقة منذ علمت أن عقدها محرر باسم الابن (فعل محروس ذلك تهربا من الضرائب). بيت قصيد آخر: «محتاج لغطا صندوق تواليت من النوع القديم؟ عندي واحد زي الجديد تمام .. اشتريته غلط من زبون ومستعد أبيعه بتمن معقول.»
مرتان وفي الثالثة هرب عبد المجيد إلى الشوارع. بدأ بتلك القريبة من منزله، التي شقت في الخمسينيات وبداية الستينيات؛ لتأوي أقرانه من أبناء القطاع العام (بما فيهم الكريمة من المديرين وكبار العسكريين) في عمارات متشابهة، ضاقت نوافذها وشرفاتها ومداخلها، وطرأ عليها ما طرأ على عمارته من تغيير، فتحطم زجاج مناورها، ونشعت جدرانها، واغبرت واجهاتها، وتكدست مخلفات الأعوام في أركان شرفاتها، فيما عدا الشقق المحظوظة التي فتح الله على أصحابها، فامتدت يد الدهان إلى نوافذها وبلكوناتها، والواجهات المحيطة بها، في حدود دقيقة لا تمتد إلى جيرانها، وقفلت بلكوناتها، أو ظللت بالتندات الإيطالية المخططة والمحبوكة، ودمغت بصناديق التكييف وخراطيمه.
ما كان يمثل أطراف مصر الجديدة في الستينيات، أوشك أن يصبح في وضع المركز في الثمانينيات؛ ولهذا ألفى عبد المجيد نفسه، تبعا للآلية التي تحكم حركة التاريخ، يتدحرج إلى الأطراف الجديدة التي مدت إليها خطوط المترو والأوتوبيس، وشيدت بها المجمعات السكنية الضخمة، على مدى سنوات طويلة من انتظار حاجزيها (بإحدى دول الخليج في أغلب الأحيان) تسلموا في نهايتها جدرانا وأرضيات على العظم ، بتركيبات صحية يتعين استبدالها على الفور، بواسطة نفس المقاول أو السباك، بطبيعة الحال؛ لتترك بعد ذلك مغلقة لحين الحاجة إليها.
منظر الشقق المغلقة في انتظار حاجزيها، أو أولادهم وبناتهم عندما يشبون ويتزوجون، كان كفيلا بدحرجة عبد المجيد، عكس حركة التاريخ، من الأطراف إلى المركز، عبر زوايا مشجرة، مخبأة جيدا بين كتل الأبنية، لن يطول بها العهد قبل أن تلتقطها عيون النسور الحادة؛ لتقيم فوقها أكشاك الأمن الغذائي أو تحولها إلى مقلب زبالة، وفوق أرصفة مكسرة شغلتها السيارات المنتظمة في صفوف، أول وثان وثالث، وكأنما صار لكل مصري ركوبة، عدا عبد المجيد الذي تدحرج إلى عرض الطريق وهو يتأمل الحواف الانسيابية اللامعة، والمؤخرات العريضة المستقرة فوق عجلاتها في ثبات واعتداد، بنفس اللوعة التي يتأمل بها شقق الميرغني الرحبة بشرفاتها الواسعة المظللة بالنباتات والأجهزة، إلى أن يصعد ثانية فوق أرصفة خلت من كل شيء عدا الحراس المسلحين، أمام قصور العروبة وفيلاتها التي تداولتها الأيدي، عبر التحولات، من كريمة إلى أخرى، ثم فيلات الأربعينيات وعماراتها الراسخة، بمداخلها الرحبة (التي انتثرت أمامها زبالة لا يجد أحد الهمة لإزالتها)، وطوابقها القليلة (فيما عدا حالات التعلية)، تخدمها مصاعد بطيئة احتفظت أخشابها بروائح ذلك الزمان، وشرفاتها الواسعة، التي ظهر أثر الزمن على بعضها، في حالة من أخنى عليهم الدهر، أو من ينتظرون في أوروبا وأمريكا حتى تستقر الأحوال، بينما تحول البعض الآخر، على يد الجيل الثاني أو الثالث، بعد تقفيله بالألوميتال والفيميه ودهانه باللون الأبيض الناصع أو البني الداكن، إلى مكاتب بيزنيس، علقت فوقها لافتات مضيئة تعلن عن شركة سياحة، أو استيراد وتصدير، شحن وتفريغ، تنشيط وتنظيم، تنظيف وتحليل، تزيين وتجميل، تدكير وتأثيث، أو مجرد بوتيك، بواجهة زجاجية عريضة، يزينها صندوق الكومبريسور، وخرطومه المعهود، إلى جوار لافتة كتبت بحروف مذهبة، بالخط الكوفي أو الفارسي أو المغربي، خرجت من خطوط إنتاج متوازية، تمتد من مرجانة إلى كهرمانة، أو لورد فإمبراطور، أو باشا حتى أفندينا.
نهاية المطاف الحتمية في سرة المركز، حيث عمارات البارون البلجيكي الذي أسس مصر الجديدة (منافسا زميله الحلواني الذي شيد الأخرى القديمة)، فأعطى مبانيها ذلك الشكل الغريب المميز، الذي يجمع بين طرز مختلفة، يتجاور فيها الروماني مع الإسلامي والهندي ، في نظرة إنسانية شاملة، على طريقة السلاطة، كانت لها مع ذلك جمالية خاصة، تجلت في السقوف العالية، والشرفات الرحبة، والبواكي المسقوفة، والمساحات الخضراء، وزالت بالتدريج، بعد نزوح الأرمن واليونانيين والطليان؛ إذ اكتسحها الطابع القومي، الذي عبرت عنه اللافتة الكبرى المعلقة فوق سرة السرة، الحديقة الصغيرة وسط ميدان روكسي، التي حملت مناشدة مسببة: «حافظوا على نظافة مصر الجديدة لأنها أول ما يقابل السائح»، لقت استجابة واسعة؛ إذ امتلأ الميدان وامتداداته، فضلا عن صناديق الزبالة التي زبلت ما حولها، بدكاكين التنظيف، للنفوس والأموال، حتى فندق هليوبوليس بالاس، الذي تحول بعد تنظيفه إلى مقر لرئاسة الجمهورية.
جولة مرهقة تلقي بعبد المجيد في النهاية فوق أحد مقاعد مقهى الأمفتريون، حيث ظهرت عليه علامات العشق المفاجئ للآيس كريم، لا بأكله، وإنما بالفرجة عليه؛ فالمقهى القديم الذي احتفظ بطابعه اليوناني، وبشرفته الواسعة المرتفعة عن الرصيف بأقدام قليلة، تم تمصيره بماكينة بث عابرة لحاجز الصوت، وصندوق زجاجي مغبش من الوسخ، به أطباق الكفتة والكبدة والمخ والروزبيف، تحف بها عيدان ذابلة من البقدونس، وإناء مخللات، وعمود شاورمة، وثلاجة للسفن أب والكولا، وأخرى للآيس كريم.
هكذا أتيحت لعبد المجيد الفرصة لإشباع الرغبات المدفونة في ثنايا الدماغ منذ أيام سينما أوديون؛ فبعد أن يتدحرج من الأطراف إلى المركز، يجلس ساعة أو اثنتين وهو يتفرج على شاريات الآيس كريم، وأساليبهن المتنوعة في لعقه؛ من تبدأ من القاعدة العريضة متجهة في بطء وتلذذ نحو القمة المدببة، فتطوف حولها باللسان قبل أن تلتهمها مرة واحدة، أو تبدأ من القمة المدببة فتزيلها في لعقة خاطفة، ثم تهبط إلى القاعدة في لحسات متعجلة عصبية، تتخللها انحرافات جانبية لامتصاص ما سال على جوانب الشفاه، والاستمتاع بمذاقه، أو تتجاهل كلا من القاعدة والقمة؛ لتركز على السفوح، فتنحتها في رفق، بلمسات متمهلة من طرف اللسان، تتوخى إطالة أمد الالتذاذ، الذي تتبدى نشوته في العيون .
عندما تبلغ اللوعة بعبد المجيد القمة يقرر الانصراف، فيهبط أولا إلى المبولة، متلمسا في جيبه القروش التي سيدفعهما إلى حارسها، متمنيا ألا يجده، لا عن بخل، وإنما من أجل إحراز انتصار ما أيا كان حجمه، يوازن به ما ينتظره من إحباط، عندما يقف أمام الحوض المعلق في الحائط، ويفك أزرار بنطلونه، مختلسا نظرة سريعة إلى جاره، من أجل مقارنة للأحجام، تؤكد له ظاهرة الانكماش التي تطالعه مرة أخرى في المرآة وهو يغسل يديه في حوض بلا صابونة، متأملا بشرة وجهه وعنقه، والشعر الأبيض الذي ينتشر في رأسه.
يبدأ عبد المجيد رحلة العودة بخطوات متثاقلة، فيتجه إلى الميدان الذي يتلألأ بشعلة من الأضواء على شكل أشجار متفرعة، زرعها الشنقيطي وزملاؤه حول الحديقة الصغيرة ولافتتها الشهيرة، وأمام الأبراج السكنية الجديدة التي خصصت أدوارها الأرضية لأسواق تجارية، فيها البركة، وللطيبين فيها حلال، ثم يستقل المترو ويشرع في صياغة إحدى عنترياته من أجل ذات التي تقبع منتظرة في العش هي وفراخها (ثلاثة خرجوا عليه بالسنج عند القيادة المشتركة، تصوروا، وطلبوا منه أن يعطيهم ما معه، هل يفعل؟ لا وحياتكم، صرخ فيهم وانقض عليهم ففروا هاربين). وبذلك يرتكب خطأ فادحا؛ لأن ذات لم تكن تنتظر.
فبينما كان عبد المجيد يتدحرج، جيئة وذهابا، بين الأطراف والمركز، مستمتعا بالفرجة على الآيس كريم، عاقدا ما شاء من المقارنات غير المجدية، كانت ذات تعمل في صمت، مستعينة بكل ما تملك من مواهب في التدبير والتوفير والاقتراض، حتى تمكنت من وضع ولي العهد في الجامعة الإسلامية.
النتائج كانت متناقضة؛ ازداد عبد المجيد انكماشا وقاطعها، أما المقاطعة الأصلية في الأرشيف فقد تلاشت، وعاد الفراشون يوجهون إليها تحية الصباح، وأقبلت الماكينات عليها، تتابع أنباء الطفل المعجزة الذي، كما أعلنت ذات في زهو، يقول «أورانج» و«أبل» في سلاسة تامة، لكنه يعجز عن التلفظ ب «برتقال» و«تفاح». وجاءت همت ببثها الاستفزازي: «انتو يا غنم، عارفين رؤساكم عايشين ازاي؟» ثم لذات شخصيا (الأجهل وبالتالي أضعف الحلقات): «عارفة رئيس مجلس الإدارة بياخد كام لما يسافر مع رئيس الجمهورية في الخارج؟ ألف دولار في اليوم بدل سفر .. تعرفي بيسافر كام مرة في السنة؟ كل ما الرئيس يروح بلد ياخده معاه .. احسبي بأه .. وغير كده الهدايا اللي في الظرف .. مرة من صدام حسين ومرة من الملك فهد .. وبعدين؛ عربية مرسيدس بسواق .. وكرتونة بيض من التونسي .. بدلة صوف من ستيا .. شقة على البحر من وزير الإسكان، وواحدة على النيل من وزير الميه، وثالثة على الهرم من وزير السياحة.» منير أيضا ظهر ليعرض أحدث اكتشافاته؛ توصيل شاشة التليفزيون بجهاز كمبيوتر.
لم تدرك ذات أهمية الاكتشاف الجديد فتولى منير الشرح سعيدا: «تصوري المذيعة بتقرا نشرة الأخبار أو فقرات من برامج الغد أو السهرة وهي بتقلع هدومها حتة حتة مع كل فقرة لغاية ما تبقى عريانة خالص.»
بحلقت ذات مذهولة وقد نست أن يحمر وجهها (بعد أن تصورت مذيعا لا مذيعة): «إزاي؟»
ضحك منير سعيدا: «بالكمبيوتر. طبعا أنا معرفش شكلها ازاي وهي عريانة، ولابسة إيه. أنا أفترض بس. أغذي الكمبيوتر بأوصافها العامة ومقاساتها بالتقريب؛ الطول والعرض والصدر والهنش، وهو يلاقي أنسب شكل لها تحت الهدوم.»
مقدرة ذات على استيعاب التكنولوجيا كانت محدودة، وبالمثل قدرتها على تصور التطبيقات العلمية لها، فلم تتجاوز تخيل رئيس التحرير، الذي يظهر في التليفزيون كثيرا، وهو يفقد ملابسه أثناء دفاعه عن سياسة الحكومة الاقتصادية، بينما كان منير أوسع خيالا؛ رئيس الوزراء يقترب من منصة تضم كبار المسئولين، وتبدأ ملابسه في السقوط، فما إن يصل إلى رئيس الجمهورية ويمد يده مصافحا حتى يكون قد صار في الكيلوت، وأم كلثوم في قمة انفعالها وقد أوشك منديلها على التمزق، وصباح الثمانينيات بالطبع لا الأربعينيات. الإمكانيات الأخرى، إياها، طافت بذهنها أثناء عودتها إلى المنزل، عندما فكرت في الكيفية التي يمكن أن يستفيد بها عبد المجيد والشنقيطي (وبالتالي هي وسميحة) من الاكتشاف الجديد.
لم تحدث زوجها في الأمر لسببين؛ الأول: هو تجنب إثارة غضبه الذي يشتعل إذا جاء ذكر اسم منير على لسانها، والثاني: أنها لاحظت انكماشا في اهتماماته التليفزيونية في الآونة الأخيرة، منذ بدأت جولاته المسائية، وهو نفس السبب الذي حال بين سميحة ومفاتحة زوجها هي في نفس الأمر؛ فالشنقيطي أيضا كانت له جولاته .
أتيحت للجارين فرصة توحيد الجولات عندما عرض الشنقيطي على عبد المجيد أن يصحبه في زيارة لمكتب أحد معارفه. ماذا يعمل؟ في السوق.
كان المكتب المذكور في عمارة حديثة من عمارات الأطراف، بمدخل من الألوميتال، أشبه بمداخل السوبر ماركت، وغرفة خارجية غصت بمكاتب الموظفين المعدنية، وأخرى داخلية، غلفت جدرانها بالخشب الذي أوشك أن يختفي خلف الآيات القرآنية ودولاب للكتب انفرد المصحف بأحد رفوفه، وأخيرا المكتب الضخم الذي استقر خلفه معرفة الشنقيطي؛ عملاق في جلابية مؤمن، ولحية ناسك، ومسبحة درويش.
لم يلمح عبد المجيد، فوق مكتب الموظفين، أو مكتب رئيسهم، أو على الجدران الخشبية وغير الخشبية، ما يشير إلى طبيعة العمل الذي يمارسه معرفة الشنقيطي في السوق، واكتفى الأخير بإيضاح مقتضب: «إنه رجل يعرف ربنا. إذا كان عندك قرشين أعطهم له يشغلهم لك.» وأجاب عبد المجيد بتنهيدة من الأعماق: «يا ليت.»
بعد أسبوع صحب عبد المجيد الشنقيطي إلى منزل واحد آخر من معارفه، من الذين يعملون في السوق، دون أن يحدد له ما إذا كان يعرف ربنا أو لا يعرفه، مكتفيا - غالبا - بلقب الحاج الذي يسبق اسمه؛ قرشي. ذهبا هذه المرة إلى عمارة حديثة من طراز عمارات الأطراف، أقيمت في المركز، بجوار كلية البنات، وشغل الحاج طابقا كاملا من طوابقها، خصص للمعيشة فيه خمس غرف مفتوحة على بعضها البعض، وبالتالي كانت هناك خمسة أنتريهات من طرز مختلفة، جلسا فيها جميعا.
لم يكن الحاج قرشي موجودا عند وصولهما، فجلسا في الأنتريه الخارجي، حتى خرجت إليهما زوجته الشابة في ملابس ومكياج عصريين وشعر ذهبي، بالطبع، فرحبت بهما، وطلبت منهما أن يتنقلا إلى الأنتريه رقم 2 حيث شربا الشاي في فناجين من البلور المنقوش حملتها صينية مذهبة. ثم اعتذرت عن تأخر زوجها واقترحت عليهما الانتقال إلى الأنتريه رقم 3 لمتابعة المسلسل من تليفزيون وضع فوق جهاز للفيديو، وتناولا عصير البرتقال. وعندما اشتكى عبد المجيد من قوة البث المثلج لجهاز التكييف عالي الكفاءة، قالت السيدة وهي تهم واقفة: «نو بروبلم.» وعرضت عليهما الانتقال إلى الأنتريه رقم 4 حيث يوجد بث تليفزيوني آخر، بالفيديو أيضا، بدرجة تكييف ملائمة، وحيث شربا القهوة، إلى أن وصل الحاج قرشي (وهو رجل خمسيني ضئيل الحجم في قميص وبنطلون، ولحية ومسبحة)، فانتقلوا جميعا، بطبيعة الحال، إلى الأنتريه رقم 5.
جرت هذه التنقلات وسط أعمدة مربعة الشكل، زخرفت جدرانها بحيث تبدو كأنها مكونة من صفوف من قوالب الطوب، ودهنت بلون غريب يشابه لون الحناء، ومدت فوقها صفوف من المرايا في مربعات صغيرة، وقبعت عند قواعدها كلاب من الرخام في ارتفاع قامة الإنسان، وفازات من نفس المادة والحجم، تحيط بها ستائر من القطيفة بألوان الموكيت والأنتريهات، وموائد صغيرة من الرخام، وواحدة كبيرة للسفرة بعشرة مقاعد، وبوفيهات تحمل مجموعة ملفتة من الساعات المختلفة الأحجام والأشكال، تعلوها فوق الجدران لوحات من الكانافاه والآيات القرآنية المكتوبة بماء الذهب، وباختصار؛ سوبر ماركت كبير للأدوات المنزلية.
تولت خادمة فيليبينية بسط مائدة من المزات؛ كميات من الساليزون والبسطرمة واللانشون، وكل أنواع الجبن المعروفة، وخيار صغير لامع القشرة، وسلاطات متنوعة، بالإضافة إلى المكسرات والبرازق والبقلاوة، كل شيء تقريبا ما عدا الخمر؛ لأن الحاج، كما همس الشنقيطي، لا يقربها.
انهمك الشنقيطي في حديث جانبي خافت مع الحاج، فاضطر عبد المجيد إلى مسامرة سيدة الدار، مثنيا على المزات، والمشويات التي تلتها، معتذرا عما قد تكون الزيارة قد سببته من إزعاج. وهزت السيدة رأسها الذهبي مكررة: «نو بروبلم.» أما البروبلم الحقيقية التي تواجهها فتتمثل في الأتت.
لم يفهم عبد المجيد ما تعنيه إلا عندما أضافت: «الأته تيجي كل يوم لشباك المطبخ وتقول ناو فافتح لها.» عندئذ انطلق يحكي لها بحماس معركة القطط التي شارك فيها، مقترحا عليها أن تجرب نفس التكتيكات، لكنها أشاحت بيد سمينة قائلة: «أنا أسيب لها دايما حتة لحم. المشكلة أنها تاكل الأحمر بس وتترك السمين على الأرض.»
في تلك اللحظة لمح عبد المجيد حركة أسفل مائدة السفرة، وتبين طفلا صغيرا يزحف تحتها حاملا في يده كأسا من الآيس كريم في حجم عشرة من التي تهبل في الأمفتريون. أشار إليه أن يقترب، لكنه لم يستجب ، وعلقت أمه: «هوا دايما كده لما يكون عندنا زوار.»
انتهى الحديث الجانبي، فالتفت الحاج لعبد المجيد مرحبا، ثم دخل إلى الموضوع مباشرة.
المطلوب: قرض من البنك مقداره 450 ألف جنيه بضمان 700 طن فول سوداني، والأوراق جاهزة وتتضمن بوليصة تأمين على البضاعة بحوالي 200 ألف جنيه. - ما هي البروبلم؟
همس الشنقيطي: «لا توجد هناك، في الحقيقة، حبة فول سوداني واحدة.» - والعمل؟ - «دورك يا بطل؛ التسهيل والتسليك مقابل 15 في المائة تتقاسمها مع معاون لك أو تأخذها كلها.» - 67 ألف جنيه وكسور.
عبرت مدام الحاج قرشي عن مشاعر عبد المجيد في هذه اللحظة عندما أطلقت صرخة قادمة من أعماق باب الشعرية وأحواش الإمام: «يا لهوي!» معلقة على سلوك طفلها الذي زحف حتى فيشة جهاز التكييف وجذبها في عنف.
لزم عبد المجيد الصمت لسبب بسيط هو أنه عجز عن تحريك لسانه، وأساء الشنقيطي تفسير الأمر، فانطلق في طريق العودة، يروي الحكايات عن قدرات الحاج قرشي، ونفوذه، وعلاقاته بكبار المسئولين.
هكذا سمع عبد المجيد بقصة سيارات الإنقاذ المتعددة الأغراض؛ فقد تقدم الحاج إلى مجلس الحي بعرض توريد السيارة المذكورة بسعر 42 ألف جنيه خفضها إلى 35 ألفا تعاونا منه مع الدولة. وبعد ذلك بأربعة أيام تم فحص العرض بمعرفة لجنة فنية، وفي نفس اليوم طلب المجلس من مساعد الوزير اعتماد 68 ألف جنيه لشراء أجهزة وسيارات إنقاذ مجهزة. تعرف ماذا حدث؟ جاءت الموافقة في نفس اليوم، وشكلت لجنة لعمل ممارسة وزعت عروضها على بعض شركات القطاعين العام والخاص دون أن يرد بها إشارة إلى السيارة المتعددة الأغراض. وفي اليوم المحدد لفحص العروض اجتمعت لجنة الممارسة، وأثبتت بمحاضرها أن أحدا لم يتقدم لتوريد السيارة إياها غير الحاج قرشي. كل شيء قانوني تماما. ثم قررت اللجنة في محاضرها أنها تمكنت من إقناع الحاج بتخفيض ثمن السيارة من 35 ألف إلى 29 ألفا، فضلا عن أن الحاج تعهد بتزويد السيارة بكباشين ثمنهما ثمانية آلاف دولار. جميل؟ لسه، هناك ما هو أجمل.
فالسعر لم يعجب مساعد الوزير، وطلب إعادة الممارسة بمعرفة نفس اللجنة، فماذا كانت النتيجة؟ زيادة السعر بمقدار سبعة آلاف جنيه؛ إذ قبلت اللجنة العرض المقدم من الحاج قرشي على نفس السيارة بمبلغ 42 ألف جنيه. حلو؟ وأعجب السعر الجديد مساعد الوزير فاعتمد قرار اللجنة، وتم استخراج الشيك بالمبلغ.
هل هذا هو كل شيء؟ أبدا وحياتك.
فعند استلام السيارة بواسطة لجنة الفحص تبين أنها مزودة بكباش واحد فقط. هنا أعلن الحاج قرشي أنه لن يستطيع توريد الكباش الثاني، فماذا فعلت اللجنة؟ أبدت سماحة صدر واسعة إذ اعتبرت أن هذا النقص لا يمثل عجزا فنيا يخل بإمكانيات السيارة، وقررت خصم قيمة الكباش من استحقاقات الحاج، ثم أبدت مزيدا من السماحة، فقدرت ثمنه بالجنيه المصري، وتقاضت من الحاج مبلغ 2500 جنيه مصري بدلا من أربعة آلاف دولار، دفعها على الفور.
استخلص الشنقيطي النتائج الضرورية في بلكونته وأمام الزوجتين: «الأمور ماشية كده. على الأقل الحاج قرشي لا يقدم بضاعة تالفة، ولا يهدد حياة أحد. سمعتم طبعا عن حمدي فيات؟ وعن السيارات المصفحة اللي قدمها إلى الحكومة بثمن 90 ألف دولار للواحدة، واللي تبين في أحداث أسيوط أنها لا مصفحة ولا يحزنون، وأن الرصاص يقدر يخترقها لأنه قتل فعلا عدد من ضباط وجنود الشرطة. مين الأفضل؟ الحاج قرشي ولا زميله القاتل؟»
السؤال كان موجها لعبد المجيد، لكن الإجابة صدرت عن ذات: «الحاج قرشي طبعا.»
فرغم أنها لم تسمع بالعرض الذي طرحه الحاج على عبد المجيد، إلا أن إحساسها الداخلي كان دليلها، وقد أنبأها أن الوقت قد حان لتقفيل البلكونة من أجل توفير مكان لمذاكرة ولي العهد، وأن الجدران التي خربتها يداه ويد الزمن تحتاج إلى دهان، وأنه لا بد من الاستعداد من الآن لليوم الذي ستخرج فيه دعاء، وابتهال في أعقابها بإذن الله، دون عودة.
نفس الخواطر كانت تدور بذهن عبد المجيد وهو يقترب من البنك في الصباح بعزيمة ماضية تبخرت بمجرد أن جلس إلى مكتبه وتطلع إلى زملائه ، فقد رأى الجالس في مواجهته يحدق في الأوراق المبسوطة أمامه ساهما، والجالس إلى يمينه يتأمل نقطة على الأرضية وهو يلوك طرف القلم بين أسنانه ، والجالس إلى يساره يتراجع في مقعده إلى الوراء، متحسسا ولاعة ذهبية انضمت أخيرا إلى إكسسواره، ويختلس النظر إلى بقية زملائه فتلتقي عيناه بعيني عبد المجيد الذي ارتعد لأنه شعر بأنهما يفكران في نفس الشيء. كان هذا قمينا بتشجيعه (بالإضافة إلى ما يعرفه ويعرفه الجميع بشأن العمولات التي يتقاضاها المدير عن القروض، والآلاف التي استولى عليها موظفو الإدارة القانونية بطريقة مشروعة، والعلامات التي تظهر على الآخرين كالملابس والسيارات)، إلا أن ما حدث كان العكس؛ فقد شعر أنه مفضوح وانتابه الخوف، فاستغفر الله وانتوى أن يصلي تكفيرا عما كان يخطط له من تدليس، وأن يسعى للعمل في الخارج عن غير طريق البنك، لكن هذا القرار تبخر أيضا بمجرد أن التقى بوفد محافظة سوهاج.
فعندما وصل إلى منزله بعد الظهر وجد عم صادق البواب في كامل ملابسه الرسمية (لبدة الرأس واللفاعة البنية والحذاء ذو الرقبة والجلابية الصوفية السابغة بفتحة الصدر الكاشفة عن صديري من القصب المقلم)، مقتعدا دكته ومن حوله ثلاثة رجال متبايني الأعمار، في ملابس مماثلة، يبدو من هيئتهم ونظراتهم المتسائلة أنهم من بلدياته، وهو ما تأكد عندما قرأهم السلام.
كانت العلاقة قد توثقت بين عبد المجيد والبواب منذ معركة القطط، واكتشف الاثنان عبر الحوارات المتبادلة أن لهما موقفا واحدا رغم التفاوت الاجتماعي بينهما من قضية العقد والأرض؛ فكلاهما يحلم بعقد للعمل في الخليج، وكلاهما مرتبط بالأرض (مدخل العمارة بالنسبة لعم صادق، والمساحة الممتدة بين المركز والأطراف بالنسبة لعبد المجيد) لا يرغب في مفارقتها.
أما ضيوف عم صادق الثلاثة فقد تخلوا، كما تبين من حديثهم، عن الأرض مقابل العقد. كان أحدهم ذاهبا إلى الإمارات، والآخران متجهين إلى العراق، أو على الأقل هذا ما كانوا ينتوونه.
قال الإماراتي لعبد المجيد: «تصور يا بيه، بقالي تلات أيام مستني تصريح العمل. واقف في الشمس، وبنام ع الرصيف، وانضرب بخراطيم الشرطة. دفعت لهم ميت جنيه في البنك، أخذ منها خمسة جنيه عمولة (هنا نظر عم صادق لعبد المجيد نظرة عتاب أجبرته على تخفيض عينيه). لغاية النهارده صارف 800 جنيه على تجهيز الورق، منها مية مصاريف شخصية. والمبلغ ده مستلفه وحياتك.»
فيما بدا أشبه بخطة مدبرة لإحراج عبد المجيد أضاف أحد العراقيين: «أنا طلبوا مني 365 جنيها و18 دولارا. رحت البنك عشان اشتري دولارات، قال معنديش (نظرة لوم من عم صادق). اشتريتها من السوق السودة بتلاتة جنيه ونص للدولار.»
العراقي الثاني كانت عينه على المستقبل، ورغم أنه لم يسبق له السفر إلى بغداد أو إلى أي مكان آخر، فإنه كان مزودا بمعلومات دقيقة عن كل خطوة: «أربع أيام يا بيه نشوف فيها العذاب. ممنوع حد ياخد معاه أكل عشان يشتري من الأوتوبيس. الغدا بسبعة جنيه ونصف عبارة عن عشر حبات لوبيا و16 حبة رز وتلاتة جرام لحمة. وكل شوية يطلبوا منك حاجة. وفي عمان ندفع تاني. واللي ما معهوش يضطر يبيع ساعته أو خاتم ذهب في إيده.»
صعد عبد المجيد السلم في بطء، ومع كل درجة كان يزداد تشبثا بالأرض. وأمام باب الشقة المزركش ببقع الدهان (هي كل ما نالها من مسيرة الهدم والبناء أثناء صعودها وهبوطها)، ذكر نفسه بالوعد الذي قطعه على نفسه في الصباح، بأن يصلي طلبا للمغفرة، وقرر أن يضيف طلبا آخر، طالما أن الله، الغفور الرحيم، هو أيضا الذي يرزق كل دابة من حيث لا تحتسب.
لم يقدر له أن يضع قراره موضع التنفيذ؛ لأن الشيطان كان يتربص له بالمرصاد، فدعاء التي تقضي الوقت عادة متنقلة بين النافذة والمرآة، تمشط شعرها وتعقصه في أشكال غريبة، تركت شعرها وأمسكت بشعر أختها، وبدلا من أن تنكب الأخيرة على دروسها كدأبها، انكبت على سطح المائدة تبكي، بتضامن نشط من جوار ولي العهد، أما أمهم فكانت حائرة بين محاولة فض المعركة، والبطاطس الموضوعة على النار، والغسيل الذي ينتظر الشطف (لأن الغسالة ما زالت نصف أوتوماتيك).
بزعقتين جهوريتين من زعقاته الشهيرة فض عبد المجيد الاشتباك، وعندئذ علم بالسبب، وهو الخلاف على من سيستفيد من البلكونة بعد تقفيلها. هكذا وجد الأرض مزروعة بالألغام.
فعندما اطمأنت ذات على فض الاشتباك وعلى البطاطس المقلية، وفتحت الحنفية على شطاف الغسالة، تحولت إلى زوجها بنظرة متسائلة، مفعمة بالأمل. وأبدى هو من جانبه حصافة وذكاء بالغين، وبعد نظر واستباقا للتطورات، فقد بادرها بالسؤال التقليدي: «أخبار الشغل إيه؟»
لم يأخذ عبد المجيد في البداية حكايات المقاطعة التي تتعرض لها زوجته في الأرشيف، بين الحين والآخر، على محمل الجد، واعتبرها من أوهام النساء، ودليلا إضافيا على أنهن ناقصات عقل ودين، لكن التكرار يعلم الحمار، وهكذا تحولت المقاطعة إلى إحدى حقائق الحياة الثابتة التي يتابعها بصورة روتينية، متسائلا عن تطوراتها، محللا دوافعها، مشاركا في البحث عن وسائل تجنبها، مما أعطاها مكانة عائلية مرموقة؛ إذ أصبحت من أهم وسائل مد الجسور، وكسر الرتابة، فضلا عن المناورة.
تكللت مناورة اليوم بالنجاح، كما تجلى فيما غشي وجه ذات من أسى؛ ففي الآونة الأخيرة تقلصت المساحة التي شغلها ولي العهد في برامج البث الأرشيفية، وانصرف اهتمام الماكينات إلى أمور أخرى، فأرجعت ذات الأمر إلى تهمة الشيوعية المعلقة فوق رأسها. حقا إن هذا الصباح شهد تحسنا ملحوظا في الموقف؛ إذ استمعت إليها الماكينات في اهتمام وهي تتحدث عن الحاج قرشي وطيبته، ومشروع تقفيل البلكونة، لكن من يضمن للحال أن يستمر على هذا المنوال؟
سارع عبد المجيد إلى قطف الثمار الدانية، فألقى بالاقتراح الملائم، مدللا على دهائه: «الحجاب ده مينفعش .. لازملك حجاب كامل.»
دلل عبد المجيد أيضا على فاعلية خطوط التليباثي؛ لأن ذات كانت تدير الفكرة في رأسها منذ بعض الوقت؛ فإذا كانت الماكينات الشرهة لم تقنع برأسها تدليلا على حسن إسلامها، وعمق إيمانها، وصدق تدينها، فلتلق إليها إذن ببقية الجسد.
14
حبس منتجي آيس كريم
دوكسي
لاستخدامهم بندقا فاسدا وطرح منتجات غير صالحة للاستخدام الآدمي.
الأمين العام للأمم المتحدة يذيع تقريرا من 273 صفحة عن منتجات دوائية خطرة متداولة، منها مادة
الأسبستوس
التي تصنع منها شركة مشتركة في مصر مواسير لمياه الشرب .
مرض
الجلد العقدي
يغزو القرى المصرية.
طبيب ألماني: «نصف
الأدوية المصنعة في سويسرا
وتباع إلى دول العالم الثالث ليست مطابقة للمتطلبات الإكلينيكية، بل إن بعضها خطير للغاية، واستخدام بعضها الآخر لا يفيد.»
انتشار وباء
الحمى القلاعية
في الماشية، عن طريق الماشية المستوردة من أستراليا، ولم يتم فحصها أو حجزها بالحجر الصحي لمدة أسبوعين كما ينص القانون.
المسئولون : «لا داعي للقلق.»
السعودية تعيد
أدوية مصرية
مصدرة إليها لتلوثها؛ منها قطرة البيريزولين والهيبارين واللازيكس.
العاملون بالقطاع العام والحكومة في الإسكندرية يرفضون استلام حصصهم من
اللحوم المجمدة
بسبب انبعاث رائحة كريهة منها.
جريدة معارضة: «اللحوم المجمدة
الفاسدة مستوردة بمعرفة جهاز سيادي، ورفضت أجهزة الإشراف الصحي التصريح بدخولها، لكن مسئولا كبيرا ضغط على وزير التموين حتى ألغى المنع بحجة تلافي الخسائر الناجمة عن إعدامها.»
مجموعة من العاملين بشركة ميركو للتبريد (ق.ع) التابعة لوزارة التموين تكتشف وجود كميات ضخمة من
اللحوم المستوردة الفاسدة
في ثلاجة رمادة.
7
تجار
يحتكرون استيراد السلع الغذائية التي تحتاجها وزارة التموين.
تقرير للغرفة التجارية بالقاهرة:
المستوردون
يتلاعبون في شهادات الفحص الخاصة بمستويات جودة السلع، مما يشكك في سلامة تلك الأغذية، ويرمي بظلال حول مواعيد انتهاء صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
ابن أحد كبار المسئولين
يستورد صفقة دواجن، تبين عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي بعد توزيعها على الأسواق، فقامت مباحث وزارة التموين بجمعها من التجار والمجمعات.
إصابة 200 مواطن ب
الالتهاب الكبدي الوبائي
في قرية النجيلة مركز كوم حمادة بحيرة بعد أن شربوا مياها ملوثة بالمجاري.
دكتور حنا بطرس،
المسئول الأول عن الطب الوقائي : «مياه النجيلة نظيفة مائة في المائة.»
اللجنة العليا بوزارة الصحة تقرر تداول
النوفالجين
المحرم عالميا.
صحف المعارضة: 2,5 في المائة من
الألبان
الطازجة المطروحة في الأسواق مصابة بميكروب السل.
المعمل المركزي للمواد الغذائية بوزارة الزراعة يكتشف احتواء 600 عينة غذائية محلية ومستوردة على
سموم فطرية .
مسئول بوزارة الزراعة : «هذه السموم غير ضارة وخطورتها تنحصر في نقل أمراض وأوبئة خارجية إلى البيئة المصرية.»
مجلس محلي محافظة الغربية يعترف بوجود طفيليات جراثيم في
مياه الشرب .
مؤتمر سلامة الغذاء: «
مستوردو الدجاج واللحوم المجمدة
يضعونها في مضادات حيوية ومحاليل مطهرة قبل تصديرها إلى مصر لمنع حدوث أي تحلل أو تواجد بكتيريا؛ مما يسبب فقدان المناعة لمن يتناولها ضد الأمراض التي تعالجها هذه المضادات.»
معمل التحليل الغذائي ببورسعيد يقرر صلاحية رسالة «شطة» للاستهلاك الآدمي بعد تظلم مستوردها من قرار سابق بعدم صلاحيتها.
خصم خمسة أيام من موظفي معمل التحليل الغذائي ببورسعيد، الذين قرروا عدم صلاحية رسالة
الشطة ، ونقلهم خارج المعمل.
معمل التحليل الغذائي ببورسعيد يقرر صلاحية
جبن مطبوخ مستورد
ذي رائحة نفاذة.
جبن مستورد فاسد يقتل 42 تلميذا بالتسمم.
وجبة عشاء بمدينة جامعية تؤدي إلى
تسمم
80 طالبا.
حبس مدير إنتاج
ويمتي
شهرا لاتهامه بعرض مواد غذائية مغشوشة.
اكتشاف لحوم فاسدة في ثلاجة واحدة من أفخم
مطاعم مصر .
ظهور
الكوليرا
في قرية صفط اللبن نتيجة تلوث شبكة مياه الشرب، ونقل 40 مواطنا إلى المستشفى ووفاة 4 منهم.
الإدارة البيطرية بوزارة الصحة تقرر عدم صلاحية 80 طن
لحوم مستوردة
للاستهلاك الآدمي، والوزارة تقرر صلاحيتها بعد غسيلها بالماء والملح.
د. عبد العزيز البسيوجي: «أثبتنا وجود تركيز
المبيد الحشري
السام بنسبة عالية في مياه وخضراوات وأسماك نهر النيل، وأن الأسماك تحتفظ بالمبيدات السامة بعد تجميدها لفترة طويلة.»
مسئول في
معمل الدقي : «جهاز التحليل الكورماتوجرافي الغازي الذي يحدد نسبة السموم بأنسجة اللحوم لا يعمل منذ سنتين.»
مسئول بالإدارة البيطرية بوزارة الصحة: «صلاحية اللحوم الحية في
المجازر
تتحدد بالكشف الظاهري دون تحليل.»
طبيب بيطري: «مزارع القطاع الخاص لتربية الماشية تمنع الأطباء البيطريين من أخذ عينات للتحليل بالقوة والنفوذ، وتستخرج شهادات الصلاحية من المعامل الخاصة؛ مما أدى إلى انتشار مرض
البيروسيلا
عن طريق منتجات أحد مزارع الهرم.»
رئيس قسم الرقابة الصحية بكلية طب بيطري القاهرة: «
اللحوم الحية
تمر بمراحل تلوث عديدة ورهيبة بداية من ذبحها بالمجزر في أوضاع غير صحية، وخاصة بالمجزر اليدوي حيث المجاري في حالة طفح دائم لتهالكها وشدة الضغط عليها، كما أنها تتعرض للتلوث أثناء تجهيزها ونقلها إلى محلات الجزارة في عربات مكشوفة والجلوس عليها بالأقدام ، وبعد ذلك تعرض في الهواء الطلق، ومما يزيد الأمر خطورة رش المبيدات الحشرية عليها لطرد الذباب.»
طبيب مجزر
يعترف: «الجزارون وصبيانهم يتجمعون حول الطبيب أثناء الكشف على المذبوحات؛ مما يجعل الطبيب في حالة توتر وخوف؛ لأن الجزار قد ينفعل إذا قرر الطبيب إعدام ذبيحة غير صالحة.»
أخصائي أغذية: «معظم
اللحوم المفرومة المعبأة
في الأسواق تحتوي على عديد من الميكروبات والمواد الملونة.»
المؤتمر الدولي الأول للطب الشرعي في القاهرة: «مربو
الدجاج
يضيفون حبوب منع الحمل إلى مساقيها كل صباح؛ مما يؤدي إلى امتلاء لحومها بهرمونات أنثوية هي الإستروجين والبروجيسترون؛ وبذلك فإن أكل الدجاج مرتين في الأسبوع يعني شريطين من أشرطة حبوب منع الحمل في الشهر؛ مما يهدد الرجال بفقد الرغبة الجنسية وتضخم الثديين، ويهدد المرأة بأورام سرطانية ويؤثر على نمو الطفل.»
عميد طب الأزهر: «الدم الموجود في
عليقة الدواجن
يسبب الفشل الكلوي وسرطان الدم.»
د. شفيقة ناصر أستاذ الصحة العامة والتغذية بكلية طب القاهرة وعضو مجلس الشورى: «كيف نهدم صناعة قومية بتبريرات فيها افتراء على
الدواجن
التي ذكرت في القرآن الكريم؟ إن كل لحوم الدجاج البيضاء طيبة وصحية مائة في المائة. والعبرة ألا تحتوي العليقة على مبيدات أو مواد ضارة للإنسان أو هرمونات.»
لجنة خبراء وزارة الصحة : «اطمئنوا تماما ... تناول الدجاج لا يسبب بالمرة أية أضرار صحية حتى لو احتوت العليقة على هرمونات - وهذا ممنوع - فإنها لا تترك أي تأثير.»
مصادرة ثلاثة آلاف زجاجة
مياه معدنية
من ماركات مختلفة، بعد أن أثبتت التحاليل الطبية وجود طحالب بها، وأنها غير صالحة للاستخدام الآدمي.
إشارة تليفونية من مكتب رئيس مصلحة الجمارك بالإسكندرية: «أتشرف بالإحاطة بأننا تلقينا كتاب الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات رقم 149/م والذي يشير إلى أن السلطات التركية أصدرت تعليماتها إلى مصانعها بوقف استخدام مادة «د. د. ب» التي تدخل في صناعة المنظفات الصناعية والصابون؛ لما قد تسببه من مخاطر تؤدي إلى الموت. هذا وتقوم بعض الشركات المصرية باستيراد المنظفات من تركيا. كما ورد في الكتاب المشار إليه أن هناك كميات كبيرة من الشاي التركي الملوث بالإشعاع وغيره من المنتجات الزراعية التي يحتمل تسرب كميات منها إلى البلاد. المبلغ: أ. محمود سعيد. مكتب وكيل أول وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.»
وزير الصناعة: «الحكومة توقفت منذ أربعة أعوام عن استيراد مادة ال «د. د. ب» القاتلة التي تستخدم في صناعة الصابون، ولا توجد قطعة واحدة بالأسواق يمكن أن تضر بالصحة، كما أننا لا نستورد الصابون.»
المستشار التجاري المصري بتركيا : «القنصلية المصرية العامة في إسطنبول صدقت منذ شهور على شهادات منشأ خاصة بتصدير منظفات تركية لمصر، منها 1280 كرتونة صابون ماركة دورو.»
مظاهرات من أنصار البيئة في ألمانيا الغربية تعترض قطارا محملا ب
الألبان الملوثة
بالإشعاع معدة للتصدير إلى مصر.
الصحف الألمانية تكشف عن صفقة
ألبان ملوثة
بالإشعاع بيعت لشركة استيراد مصرية يملكها ابن أحد كبار المسئولين مقابل مائة ألف مارك فقط، رغم أن ثمنها الأصلي ثلاثة ملايين مارك، وأكدت الصحف الألمانية أن الصفقة دخلت مصر.
800 طن من
الألبان
المجففة الملوثة تحصل على شهادة صلاحية من ميناء الإسكندرية دون أن يتم فحصها.
مصدر مسئول بمجلس الوزراء:
لا يوجد على أرض مصر أو بداخل موانيها أية ألبان ملوثة بالإشعاع.
بيان من شركة قنجاري «حول ما نشر عن تسرب 12 رسالة غذائية ملوثة بالإشعاع من اللحوم والزبد واللانشون استوردتها الشركة، فإن الشركة تؤكد أن ما نشر يخالف الحقائق التي أعلنتها الجهات الحكومية والمتخصصة في هذا المجال، والتي كشفت عن أنه لا توجد أي رسالة مشعة دخلت البلاد.»
فريق من العلماء المصريين: «اكتشفنا نسبة تلوث إشعاعي كبير في
ياميش رمضان
الذي تم استيراده في الفترة الأخيرة من تركيا واليونان وإيطاليا وفي
السجائر
المستوردة من تركيا و
الشاي
الهندي ماركة كايرو.»
الدكتور دويدار، وزير الصحة : «الأغذية المستوردة لا يتم الإفراج عنها إلا بعد تحليلها والتأكد من خلوها من التلوث الإشعاعي.»
ألمانيا الغربية ترفض إعادة تصدير شحنة
الألبان الملوثة
التي وصلت مصر بحجة أنها لا تملك وسائل إعدام المواد المشعة.
فريق من العلماء المصريين: «في الفترة من يوليو 1986 حتى فبراير 1987 تم الإفراج عن مئات من رسائل الأغذية المستوردة دون أن تخضع للرقابة أو التحليل بسبب قرار لوزير الصحة ب
وقف العمل
بمعامل مراكز البحوث والإشعاع التابعة للوزارة.»
جريدة الشعب: «نيابة الإسكندرية تكتشف خطابا من
وكلاء وزارة الصحة
بالقاهرة في 26 يونيو 1986 موجها إلى هيئة ميناء الإسكندرية يتضمن تعليمات مشددة بوقف فحص أي سلعة أو مواد غذائية ترد إلى مصر من الخارج، وخاصة من الدول الأوروبية.»
تسرب 48 طن علبة
صلصة
ملوثة بالإشعاع واردة من السوق الحرة، وألفي جوال
سمولينا ، و20 ألف كرتونة
مكرونة
يونانية ملوثة بالإشعاع، إلى أسواق بورسعيد.
مفتش رقابة أغذية بوزارة التموين: «نسبة
الرقابة
الفعلية على المصانع لا تتعدى 11 في المائة من المطلوب؛ لأن عدد المفتشين لا يزيد عن مائة وخمسين مفتشا يراقبون ستة آلاف مصنع أغذية في مصر كلها.»
مسئول بمصلحة
الكيمياء : «نحن نفحص 50 ألف عينة كل عام تحتاج لنحو نصف مليون اختبار تجرى أغلبها في القاهرة؛ مما يؤدي إلى طول الإجراءات، وتأخر وصول نتائجها، وبالتالي انتهاء مدة ال 45 يوما التي حددها القانون تسقط التهمة بعدها عن المخالفين.»
د. محمد إبراهيم الشال، عضو النقابة العامة للطب البيطري:
جميع «شهادات الإفراج الجمركي
تخلو من تاريخ الذبح وتاريخ انتهاء الصلاحية، والنتيجة أن الشركات المستوردة تقوم ببيع اللحوم بالكراتين، إذا كانت التواريخ المدونة سارية المفعول. أما إذا قاربت الانتهاء فإن الشركة تقوم بإعادة تعبئتها داخل أكياس تحمل اسمها وتاريخ إعادة التعبئة.»
مفتش رقابة أغذية في وزارة التموين: «هناك اتفاق غير رسمي على ألا تخضع شركات
القطاع العام
لتفتيش رقابة الأغذية.
ابن أحد كبار المسئولين يستورد صفقة
أدوية ودجاج ولحوم مجمدة ملوثة
بالإشعاع، يسجلها محضر رقم 6651 مكافحة الهرم لعام 1987.
التحفظ في زفتى على 1470 جوال
دقيق ملوث
مستورد من اليونان لحساب وزارة التموين، وأفرج عنها في بورسعيد.
رئيس الوزراء يقرر إغلاق مصنع شركة
المهندس
للمكرونة بالإسماعيلية، إحدى شركات الملياردير عثمان أحمد عثمان؛ لاستخدامه خمسة آلاف طن من الدقيق الملوث بالإشعاع الذري.
وزير الإعلام صفوت الشريف: «نتائج التحاليل التي تمت لعدد 120 عينة من مكرونة شركة
المهندس
أثبتت صلاحيتها التامة للاستهلاك.»
مسئول كبير في الدولة، تردد اسم ابنه في صفقة الأغذية الملوثة، يشارك ممولا فلسطينيا يحمل الجنسية المصرية في استيراد صفقة
ألبان ولحوم ودجاج
انتهت مدة صلاحيتها.
مجلة نيوزويك الأمريكية: «
مصر تأكل منذ سنوات دجاجا ملوثا بمادة ب. س. ب. السامة
التي لا يظهر أثرها إلا بعد عشر سنوات، ولا تستطيع المعامل المصرية اكتشافها.»
مواطن يقيم «الدعوى» على وزارة التموين والصناعة والصحة بشأن دخول الأغذية الملوثة للبلاد.
محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار محمد عبد المجيد، نائب رئيس مجلس الدولة، تقضي بعدم قبول الدعوى؛
لأن القوانين المعمول بها في مصر تمنع دخول أية أغذية ملوثة للبلاد.
15
لم يفلح الزمن الذي سجل علاماته على وجه عبد المجيد (ومؤخرته أيضا)، في محو قدرته على إثارة البغتة المقرونة بالهلع لدى زوجته (على الأقل)، كما حدث ذلك الصباح أثناء قيامها أمام مرآة غرفة النوم بتمرين التفعيص اليومي لثدييها، (الذي استأنفته أخيرا بناء على نصيحة طبيب شكت إليه بعض المظاهر الغامضة من قبيل الأوجاع المتنقلة، ونوبات السخونة المفاجئة، واضطراب المواعيد إياها). فبينما هي تضغط بأصبعها تحت الحلمة، بحثا عن حمصة صلبة، رأت عبد المجيد، في المرآة، يقترب منها عاريا، وقد ظهرت على وجهه علامات التركيز الشديد، حتى أصبح خلفها تماما، ثم رفع يديه إلى ثدييه، وأخذ يتحسسهما في رفق وحدب.
ذهبت بها الظنون كل مذهب، ولم تدر إن كانت تسر لما يمكن اعتباره بادرة غزل، أو تنزعج لما قد تتطور إليه الأمور، وتأكدت شكوكها عندما طلب منها أن تمد إليه يد المساعدة. في ماذا؟ هنا كانت المفاجأة: ألم تلحظ أن ثدييه قد امتلآ بعض الشيء، وخف الشعر المحيط بهما؟
فعبد المجيد لم يهتز في حياته لشيء قدر ما اهتز للشائعات المتداولة بشأن مسئولية الدجاج عن فقدان الرغبة الجنسية لدى الرجال، وتضخم أثدائهم. ولم تكن هناك، بعد قرابة عشرين عاما من الزواج، سوى الظاهرة الثانية، كأسهل وحدة للقياس. لكن ذات، للأسف، كانت رغم العشرة الطويلة، أو ربما بسببها، أجهل الناس بجسد زوجها؛ لهذا لم يعد أمامه سوى الانضمام إلى برنامج التفعيص اليومي، والامتناع عن أكل الدجاج. وتحمست ذات للشق الثاني، ليس حرصا على توهج الرغبة الجنسية لديه، وإنما خوفا على مستقبل ولي العهد.
استبعد الدجاج من قائمة الطعام، وتبعته اللحوم الحمراء بناء على طلب عبد المجيد (وبترحيب من ذات بسبب ارتفاع أسعارها)، واعتمدت الأسرة على الأسماك والبيض والألبان إلى أن ظهر الدكتور فريش.
فبعد انتهاء عقد الأمم المتحدة عادت منال وزوجها عادل من جنيف إلى شقة فاخرة تمليك بالمهندسين (وإلى منصب للزوج في أكاديمية البحث العلمي، ومقاعد للأولاد في الجامعة الأمريكية)، ثم أقلتهما دبابة فولفو في إحدى الأمسيات إلى مصر الجديدة، وإلى ذات التي ألفت نفسها أمام سيدة رزينة أنيقة، بملابس حجاب فاخرة (سويسرية)، بدلا من الفتاة الرعناء المغرمة بالزغردة، ورجل ناضج، معتد بنفسه، دكتور بحقيقي، بإكسسوار كامل من الذهب (إطار النظارة ومشبك الكرافت وسوار الساعة وعلاقة القلم، فضلا عن سلسلة الرقبة)، بدلا من الشاب الخجول الذي كان وجهه يحمر إذا ما خاطبه أحد.
كانت زيارة منال وزوجها تثقيفية في معظمها؛ فعندما قدمت ذات إليهما زجاجات الشويبس المثلجة، اعتذر الدكتور عن تناولها، وسأل عما إذا لم يكن لديها برتقال فريش. لم يكن لديها، لكن النتيجة واحدة في الحالتين.
فالدكتور كان من ذلك النوع من البشر الذي وهبه الله ثقافة واسعة، وخبرة عريضة، وذاكرة حديدية، ولسانا عفيا، ورغبة عميقة في أن يشاركه الآخرون معارفه؛ لخيرهم بالطبع؛ أي باختصار كان ماكينة بث من الطراز الأول.
فبعد أن استنكر خيبتنا الممثلة في بلد منتجة للبرتقال، يتناوله أهلها مصنعا؛ أي مجرد مياه أضيفت إليها مواد كيماوية تعطيها اللون والطعم والرائحة، عرج على مظاهر الخيبة الأخرى؛ تلوث النيل والأسماك، أقراص مكافحة الناموس التي تسبب أضرارا فادحة للأطفال بينما يعلن عنها التليفزيون كل يوم، الأدوية المتاحة لكل من دب في الصيدليات بينما هي محرمة في البلاد المتقدمة مثل النوفالجين (الذي يتعاطاه عبد المجيد لصداعه اليومي) وأسبرين الأطفال (الذي تعطيه ذات لولي العهد عند أي شكوى)، والمكسافورم (الذي أخذته لآلام القولون)، والفلدين الذي يشيد التليفزيون بفائدته للروماتزم.
من الأدوية إلى العمالة الزائدة، والحرب العراقية الإيرانية، والمعجزة اليابانية والبيروسترويكا، وبخل السويسريين، وعنصرية الأوروبيين، إلى المواد المضافة مرة أخرى ، عندما اقتحم ولي العهد الصالة ممسكا ببقايا كيس من الشيبس، فأطلق الدكتور صيحة الخطر.
هبت ذات من مكانها مذعورة: «إيه؟ فيه إيه؟»
أعلن الدكتور في تؤدة عن خطورة كيس البطاطس؛ فأجزاء من الغلاف المصنوع من البلاستيك يمكن أن تذوب وتتسرب إلى البطاطس، أو يمتصها زيت القلية. «وتعمل إيه؟»
منال، التي جلست حتى الآن صامتة، لا عن زهد، وإنما عن قلة حيلة، موزعة بين فرحة الانتصار الذي سجلته على ذات من خلال عرض زوجها الساحق الذي ألجم عبد المجيد، وبين الملل من حديث تكرر على سمعها عشرات المرات، هي التي تولت الإجابة: «السرطان والعياذ بالله.»
تسبب تصرف، طبيعي بالتأكيد، بدر عن عبد المجيد في هذه اللحظة، في سقوط ذات في شباك الدكتور وانطلاقها في مسيرة جانبية باءت منها بالخذلان؛ إذ اتجه اهتمامه فجأة لجهاز البث الرئيسي، الذي كان يشارك في الجلسة بالصورة وحدها؛ ليتأمل مجموعة من الشقراوات الفاتنات، يتمايلن في علوقية، معلنات عن أنواع، بالصدفة، من الشيبسي بطعم الخل والكباب والبصل والتفاح، هكذا بصريح العبارة.
هذه اللفتة العفوية من عبد المجيد حملت ذات على أن تتوجه إلى الدكتور في عصبية: «والحل؟»
صب الدكتور جماع ثقافته وخبرته في عبارة موجزة: «الاعتماد على النفس.»
لم يقصد شعارا سياسيا بعينه، ولا ما توارد إلى ذهني عبد المجيد وذات من تقنيات، وإنما كان يشير إلى قلي البطاطس في المنزل، وتناول العصائر فريش، والابتعاد عن المعلبات والأغذية المحفوظة، وكل ما تدخل إليه المواد الكيماوية والملونة بالذات؛ مثل أحمر الشفاه ومعجون الأسنان، والآيس كريم، والشربات، والجيلي والشكولاتة، والبونبون، وباختصار كل حلويات الأطفال.
التصرف الطبيعي والعفوي الثاني الذي بدر عن عبد المجيد في ذلك المساء جرى بعد انصراف الزائرين؛ إذ سارع بتناول قرص من النوفالجين، ساخرا مما أسماه «مبالغات الدكتور فريش».
لم تستجب ذات للاستفزاز؛ إذ أصبحت خبيرة بزوجها، وراضت نفسها على الانتظار إلى الصباح، مستحلبة لذة شريرة، أقرب إلى الشماتة، وهي تتذكر بحلقة عبد المجيد أثناء بث الدكتور، الذي زارها في الليل مرتين، نصحها في الأول بتقسيم المادة، عند إعادة البث في الأرشيف، إلى حلقات، من أجل الاستحواذ على آذان الماكينات عدة أيام، ولم ينبس بكلمة في الثانية؛ إذ لم تكن ثمة حاجة لذلك.
صحت قراءة ذات لردود أفعال زوجها؛ إذ ذكر لها عرضا في الصباح قبل خروجه إلى عمله، أنه سيحضر معه عند العودة كمية من البرتقال؛ كي يتناوله ولي العهد فريش. وفيما بعد لم يبد اعتراضا عندما اختفت الأسماك من قائمة الطعام، وحلت محلها الخضراوات، يتصدرها طبق ضخم من السلاطة. ابتهال وحدها هي التي اعترضت على هذا التحول النباتي، بعد أن اقتنعت أختها الكبرى بفائدته لرشاقتها، وامتنع ولي العهد عن مغريات السوق مقابل الفطائر والعجائن وأطباق الحلوى التي تفننت ذات في إعدادها مستعينة بأرشيفها.
اللقاء التالي بين الأسرتين تم في شقة المهندسين. تفقد عبد المجيد وذات خلاله مظاهر العز، وتناولا الشكولاتة السويسرية غير الملونة، وشربا البرتقال فريش، ثم استمعا إلى الدكتور: الرعاية الاجتماعية في البلاد الاسكندنافية، نفوذ الشركات الدولية العابرة للقارات والمحيطات، مضار التصوير التليفزيوني للأجنة، الصراع الفرنسي الأمريكي في أفريقيا، الخطر الإسرائيلي، الاكتشافات الحديثة في الهندسة الوراثية، المعلومات الصحيحة عن الإيدز، العقل الجمعي للنمل الأبيض، أخطار المبيدات الكيماوية المستخدمة في مكافحة الآفات الحشرية. وتسببت مذيعة فاتنة على شاشة البث التليفزيوني، أوضحت قوة التدمير الثلاثية لمبيد حشري جديد، في بث مستفيض من الدكتور عن الجريمة الوحشية التي تجري أمام الجميع عيني عينك، وعن الكيفية التي تتخلل بها المبيدات أنسجة الخضراوات والفاكهة، وتعسكر في ثناياها؛ لتنتقل بعد ذلك إلى الإنسان عن طريق الفم والمعدة، وتورده موارد التهلكة.
والعمل يا دكتور؟
مقاومة الحشرات والآفات بوسائل أخرى، وحتى يتم ذلك لا بد من الغسيل الجيد للخضراوات والفواكه بالماء والصابون، ثم غليها جيدا بعد ذلك.
انفجرت ثورة البؤساء الذين حرموا من أطعمتهم المألوفة والمفضلة، عندما فوجئوا بطبق من السلاطة يتألف من مواد شبه سائلة تعرضت لدرجة الغليان، وبالمصير نفسه يهدد الجرجير والموز والأورانج. وتزعم الثورة عبد المجيد الذي اعتبر أن ذات قد تجاوزت الخط الأخضر أو الأحمر للمراكز المعنوية في مؤسسة تحمل اسمه.
تراجعت ذات في موضوع السلاطة، فوجد عبد المجيد الشجاعة لأن يشكو من عبء توفير الشيبسي الآمنة يوميا لولي العهد، والمتمثل في رائحة القلية التي تخللت الملابس والملاءات والشعر. وتمكنت ذات من قمع هذه الشكوى في المهد بأن طالبت بتركيب جهاز تهوية في المطبخ، وبالمرة إصلاح بابه الذي تشبع بالرطوبة الناشئة عن تسرب المياه من أرضية الباشمهندس. لكن الهزيمة كانت مآلها في النهاية؛ لأنها عجزت عن مقاومة واحد وعشرين بوصة من البث الملون، وعشرات البوصات الأخرى من الملبسات والمصاصات والممضوغات، في أشكال وألوان مغرية ومتنوعة. وككل التجارب الثورية الرائدة، بدأت النهاية بسقوط رموزها، ثم اكتملت على يد جهاز الدولة.
ففي أحد الأيام، عاد عبد المجيد من البنك منتعشا، وخاطبها في سخرية: «تعرفي دكتور فريش بتاعك بيشتغل إيه الوقت؟»
انقبض صدر ذات كأنما توقعت الإجابة، وسألت: «هو ساب الأكاديمية؟»
قال عبد المجيد منتصرا: «طبعا. فتح مكتب توكيل لأكبر شركة مبيدات في سويسرا.»
كانت تلك هي اللحظة التي بدأت فيها ذات تشكو من آلام قدميها، وتعجز عن تحمل الوقوف فوقهما في المطبخ الساعات الطويلة التي يستلزمها برنامج التغذية الآمنة. وشيئا فشيئا بدأت عزيمتها تفتر (خاصة وقد بدأت الماكينات تسخر من حماسها، ثم انتقلت من السخرية إلى المقاطعة)، فطبقت سياسة الانفتاح بدرجة محسوبة؛ سمحت بدخول بعض المعلبات المستوردة من بلاد محترمة، مبتعدة عن العلب الورقية وغير الملحومة (نصائح الدكتور فريش)، مدققة في تاريخ الإنتاج وتاريخ الصلاحية. هكذا وجدت علبة الزيتون اليوناني طريقها إلى مطبخها.
كانت العلبة تحمل ورقة مطبوعة بتاريخ الإنتاج ومدة الصلاحية التي تنتهي بعد ثلاث سنوات، انقضت منها سنة واحدة. وعندما غسلت العلبة بعناية، كدأبها مع كل ما يوضع فوق الرفوف أو في الثلاجة، تحركت الورقة وظهرت تحتها ورقة أخرى تحمل تاريخا آخر لمدة الصلاحية انقضى من زمن.
نصح عبد المجيد بإعادة العلبة إلى البقال، لكن دعاء طالبت بإبلاغ السلطات. وعندما رد عليها بأن الأمر لا يستحق كل هذا العناء، تشبثت دعاء برأيها، مستشهدة بالحديث الشريف، الذي سمعته أول مرة من عبد المجيد، والذي يدعو المؤمن، في حالة رؤيته لمنكر، أن يغيره بسيفه، وإن لم يستطع فبلسانه، وهو أضعف الإيمان. وهو نفس الرأي الذي سمعته ذات، دون استشهاد، من همت، عندما نقلت القصة كلها إلى الأرشيف.
جاءت همت سعيا وراء تضامن الماكينات في الشكوى ضد رئيس مجلس الإدارة الذي يخطط لإخلاء المبنى الملحق كي يبيعه لشركة استثمارية بمبلغ خيالي (سيحصل لنفسه، بالطبع، على جانب خيالي منه)، ودعمت طلبها بإعلان مبادئ جليل عن مسئوليات المواطن الصالح وواجباته، فضلا عن حقوقه، ومن هذا المنطلق حفزت ذات لأداء واجبها بشأن علبة الزيتون. لم يكتب لها النجاح في القضية الأولى، وحالفها التوفيق في الثانية.
فقد أبدت الماكينات شكوكهن في جدوى أي تحرك ضد رئيس مجلس الإدارة، فضلا عن عواقبه، وانضمت ذات إليهن بالطبع، رغبة في كسب رضائهن، واتعاظا بتجربتها المرة، ودرءا للاتهامات والشبهات، لكنها لم تشأ أن تتعرض لمقاطعة همت، فاستجابت لندائها، وحملت علبة الزيتون في يمينها، وأخذت طريقها (بمفردها لأن سميحة كانت تعاني متاعب الحمل الأول) إلى مكتب الصحة في حماس المواطن الصالح المقبل على أداء واجبه.
كانت هذه الحالة الشعورية هي التي ملأتها بالازدراء وهي ترقب عمال جمع الزبالة من الصناديق المعدنية (التي حصل عليها الحي من المعونة الأمريكية، وتولى الشنقيطي توزيعها على الشوارع)، وهم يثبتونها إلى جوانب الشاحنة الضخمة ليتم تفريغها آليا، فتتناثر محتوياتها في عرض الطريق دون أن يأبهوا للأمر؛ لانشغالهم بفحص حذاء قديم عثروا عليه بين النفايات. وهي نفس الحالة التي دفعتها إلى اللحاق بأحد المارة عندما رأته يسقط على الأرض ساجدا بعد أن ارتطم به لوح خشبي انفلت من عقاله فوق شاحنة صغيرة. ألفت السائق راكعا إلى جوار المصاب يعرض عليه أن ينقله إلى المستشفى، لكنه رفض، وعندما حاولت إقناعه بخطورة إصابته أصر على موقفه قائلا: «فوضت أمري لله .»
شعرت بالأسى لما اعتبرته، طبقا لإعلان المبادئ الهماتي، من عوامل التخلف، وهو إهمال المواطن لحقوقه فضلا عن واجباته، فأسرعت خطاها، مشيعة بنظرات التشفي من السائق؛ لتؤدي واجبها .
كان الموظف الذي استقبلها في مكتب الصحة ملولا من إقبال الناس على أداء واجباتهم، فلم يبد لها ما توقعت من ترحاب، وتطلع إليها في ضيق واستهانة قائلا إنه لا بد من إثبات الحالة، ولما كان زميله المسلح بسلطة الضبط القضائي في إجازة مرضية تعين عليها أن تقوم بذلك في قسم الشرطة.
اتجهت على الفور إلى قسم الشرطة دون أن تفقد حماسها، وتنقلت بين عدة جنود وضابط حتى وصلت إلى أمين شرطة يجلس إلى مكتب صغير، منهمكا في مساعدة ثلاثة رجال على أداء واجبهم.
جلست وعيناها على أمين الشرطة، تنتقل بهما بين لحم عنقه المتين وشعره الأكرت المصفف في عناية، وشاربه الكث المحفوف، وأظافر يديه القذرة، إلى أن انتهى من تدوين أقوال الرجال الثلاثة والحصول على توقيع الضابط عليها، ثم صحبهم إلى الخارج، وعندما عاد كان يمسك في يده بعلبة سجائر مارلبورو، فأشعل واحدة في استغراق، وأخيرا التفت إليها: «أي خدمة؟»
شرحت له الأمر، فتنقلت نظراته متفحصة بين وجهها وصدرها وساعديها، وارتسم تعبير الاستياء والضجر على وجهه: «يا مدام .. عندنا مليون مخالفة اعتداء وسب ونصب، وكل واحدة تحتاج إثبات حالة .. معنديش حد يقوم معاك.»
تساءلت ذات: «يقوم معاي فين؟»
قال: «إلى البقال، فلا بد من التحفظ على بقية العلب والتأكد من أنه هو اللي باعها لك.»
ولما كان لكل عقدة في جهاز الدولة حل، فقد أضاف بعد لحظة: «اسمعي. أعملك محضر إنك حضرت إلى القسم ومعك العلبة وأبلغت الحالة، وهم في الصحة يتولوا الموضوع.»
لم تعترض، فشمر عن ساعديه، فعلا، وكتب سطور المحضر بعدة سجائر، ثم انتقل إلى طاولة أخرى، فسجل موضوعه في دفتر بخط لا يقرأ، وأعطاه رقما، ثم اقتطع طرفا من صحيفة قديمة كتب عليها رقم المحضر وتاريخه، وأعطاها لذات طالبا منها أن تأتي في الغد وتحصل من الباشكاتب على صورة من المحضر تذهب بها إلى الصحة، وهو ما فعلته مع بعض التعديلات.
فقد أكد لها الباشكاتب أن أمين الشرطة هو المسئول عن كتابة صورة المحضر، وأحالها هذا إلى غرفة في بدروم تفوح منه رائحة البول، احتلها ثلاثة موظفين متجهمين، فشرحت مطلبها لأطولهم قامة، لكنه قاطعها قائلا: «الدفتر عند رمسيس»، مشيرا إلى الموظف الذي يواجهه. لم تدر أنها سقطت في فخ الفتنة الطائفية إلا عندما قال رمسيس دون أن ينظر إلى أحد: «الدفتر عند مصطفى.» وفصل الثالث في الأمر بأن أشار عليها أن تعود إلى أمين الشرطة لينجز لها طلبها.
وجدته يكتب محضرا لشخص أنيق، يضع على عينيه نظارة شمسية، جلس لا أمام مكتبه كما فعلت هي، وإنما إلى جواره مباشرة. وتطلع أمين الشرطة إليها في ضيق، ثم طلب منها أن تحضر طابعي شرطة من الطابق الأعلى بجنيهين، ففعلت وقدمتهما إليه، فوضعهما أمامه فوق سطح المكتب. وعندما انتهى من زبونه الأنيق أشعل سيجارة مارلبورو، وأخرج ورقة بيضاء بعناية من ملف به عدة أوراق مجعدة، ثم جذب دفترا رسميا منتفخا، وأخذ يقلب بين صفحاته شاردا حتى عثر على مبتغاه، ثم أمسك القلم وكتب لها، بعد تردد، صورة المحضر وختمها، ثم تناول الطابعين، وبدلا من أن يلصقهما على الورقة، وضعهما بعناية في جيب سترته العلوي.
أخذت الورقة وأسرعت إلى مكتب الصحة مغامرة بسيارة أجرة، فلحقت بالموظف وهو على أهبة الانصراف. بدت عليه أمارات الدهشة، واعترف بأنه لم يتوقع عودتها، ثم أخرج من دولاب خشبي مائل، مغلق المصراعين بقفل، دفترا عريضا بسطه فوق سطح المكتب، وشرع في تسجيل تاريخ المحضر وموضوعه، وإذا به يتوقف فجأة صائحا: «المحضر ده مينفعش. التاريخ غلط.»
انحنت ذات فوق الورقة، فوجدت التاريخ يشير إلى السنة القادمة، فقالت بلهجة رقيقة: «مخدش باله. بسيطة.» وتناولت قلما من فوق المكتب وهمت بتصحيح التاريخ فانقض الموظف على يدها صائحا: «إيه ده يا مدام؟» - «باصلح التاريخ.» - «يا مدام ده يبقى تزوير في أوراق رسمية.» - «أمال نعمل إيه؟» - «لازم محضر تصحيح.»
للحظ دوراته؛ فعلى غير ما توقعت تمكنت من عمل محضر التصحيح على الفور، وبذلك لم يفتها موعد عودة ولي العهد، لكن الحصول على صورة من المحضر كان أمرا آخر، تطلب التردد على مركز الشرطة مرتين، والثالثة قضت على ما تبقى لديها من حماس لأداء الواجب. لمست همت بوادر النكسة في الوقت المناسب، فأعادت الشحن، بل وتطوعت للمشاركة، واتفقت المرأتان على الذهاب سويا، بعد أن تعهدت همت أمام إصرار ذات بأن تخفف من غلوائها واقتحاميتها وتتجنب الاستفزاز، لكنهما لم تتمكنا من ذلك إلا بعد عشرة أيام. كان المحضر الجديد قد انتقل خلالها إلى مكان مألوف؛ هو الأرشيف، حيث وقعتا في براثن الصول عبد اللطيف.
كان عجوزا نحيلا، متخشب الجسم، لا يعرف وجهه الابتسام، يجلس إلى مكتب مرتب، صفت فوقه أكوام من الملفات في نظام صارم، حافظ على تساوي أطرافها، وقسمت إلى مجموعات، ربطت كل واحدة منها بدوبارة، وكان ثمة راديو صغير ربط هو أيضا بدوبارة، يبث آيات الذكر الحكيم.
حكت همت القصة عندما تلعثمت ذات، فطلب منها أن تسجلها على عرضحال تمغة، وأشاح عنها بوجهه إلى النافذة.
غادرتا الغرفة بحثا عن ورقة وتمغة، فوجدتاها لدى جندي كهل، يقف أمام باب المأمور، تقاضى منهما ثمن التمغة مضاعفا. كتبت همت الطلب الذي تتعهد فيه بدفع الرسوم الضرورية وقدمته إلى الصول عبد اللطيف الذي كان مشغولا بخدمة زبون؛ جندي مجند، بعث به ضابطه على ما يبدو، مد يده إلى الصول بجنيه ونصف، فأخذهما وفتح درج مكتبه، وأخرج منه علبة سجائر وباقي الثمن، أعطاهما للجندي بعد أن أغلق الدرج بإحكام، ثم استدار إلى شريكه في الغرفة وهو صول مثله يقاربه سنا وإن فاقه حجما، ومد إليه يده في صمت فأعطاه الآخر نظارة قراءة بذراع واحدة وضعها فوق أنفه، وقرأ ما سطرته همت بترو، ثم تناول القلم وكتب في صدر الطلب العبارة التي نستها همت: «بسم الله الرحمن الرحيم»، بعد أن رماها بنظرة صارمة. وأخيرا خلع النظارة وأعادها إلى زميله، ثم ناولها الورقة قائلا في اقتضاب: «امضيها من لبيب بيه.»
كان موعد باص ولي العهد قد اقترب، وتعين على ذات أن تنصرف، فتطوعت همت لإكمال المسيرة، ومضت إلى غرفة سكرتارية يتقاسمها شابان مستغرقان في قراءة الصحف، طلبا منها أن تنتظر حتى ينتهي البك من اجتماع هام. جلست أمامهما وراقبتهما من طرف عينها وهما يتبادلان التعليق بصوت خافت على إعلانات المساكن، متحسرين على أثمانها الخيالية، بينما يختلسان النظر إلى صدرها، إلى أن انفرج باب الغرفة الداخلية، وبرز منه رجل طويل القامة بالغ الأناقة، خطا إلى الطرقة دون أن يعبأ بإلقاء نظرة عليها أو على السكرتيرين اللذين قفزا واقفين، ولم يعودا إلى مقعديهما إلا بعد أن تلاشى وقع أقدامه تماما.
استأنف الشابان دراسة إعلانات الصحف، ثم خاطبها أحدهما فجأة: «لبيب بيه خرج.»
قالت همت مصعوقة: «هو اللي خرج الوقت؟!»
أطرق برأسه دون مبالاة، ثم أضاف مترفقا: «جربي محمود بيه.»
عندما عثرت على محمود بيه في الطابق الأعلى كان قد نال ترقية؛ لأن الواقفين أمامه كانوا يخاطبونه بمحمود باشا. انضمت إليهم حتى حان دورها، ورفع إليها وجهه المرهق، وقبل أن تنطق دق جرس التليفون، فرفع السماعة وأنصت لحظة، ثم قال: «حاضر يا ستي. أعطيني النمرة والمطلوب.»
دون الباشا شيئا على ورقة، ثم تحول إليها من جديد، فقدمت إليه الورقة وفوجئت به يوقعها بسرعة. استعادتها وهرعت إلى الصول عبد اللطيف فوجدته واقفا إلى جوار النافذة يتطلع إلى الخارج شاردا. استدار إليها فلوحت له بالورقة هاتفة: «مضيتها.»
بوغت العجوز، وتناول منها الورقة فقرأها بعناية، ثم مضى إلى مكتبه وجذب دفترا، ومضى يقلب صفحاته، ويراجع البيانات المسجلة فيه بأصبعه حتى توقف عند إحدى الفقرات، فترك الدفتر، وتناول مجموعة من الملفات المربوطة بدوبارة فاستخرج أحدها، وتفحص محتوياته في أناة قبل أن يهز رأسه قائلا: «مينفعش.»
صعقت: «إيه هو ده اللي مينفعش؟»
أعاد الملف إلى مجموعته وانهمك في ربطها بالدوبارة وهو يقول: «مقدرش أديكي صورة منه.» - «ليه؟» - «اللي عندي محضر التصحيح بس.» - «عظيم. هو ده اللي أنا عايزاه.» - «والمحضر الأصلي؟» - «عندي صورة منه.» - «مافهمتيش. مقدرش أعطيك صورة من محضر التصحيح وحده. لازم تاخدي الاتنين مع بعض.» - «زي بعضه. اديني الاتنين. أهي غرامة وبس.» - «المحضر الأصلي غير موجود.» - «راح فين؟» - «النيابة.» - «وييجي إمتى؟» - «علم الله. وحتى لو جه.» - «قصدك إيه؟» - «مش قلتلك انك لازم تاخدي الاتنين مع بعض؟ لما ييجي المحضر الأول يكون التصحيح راح النيابة.» «ولما ييجي التصحيح من النيابة يكون الأصل ...»
لانت ملامح وجه الصول عبد اللطيف لأول مرة وقد بدأ يستمتع بالموقف: «راح السجلات ..»
اندمجت همت في اللعبة: «ولما ييجي من السجلات يكون التاني راح الأرشيف.»
ثلاثة أماكن تنقلت بينها طوال أسبوع (تجنبت خلاله ماكينات الأرشيف) على أمل الإمساك بالمحضرين في لحظة يلتقيان فيها مصادفة. وتكلل مسعاها أخيرا بالنجاح فعثرت عليهما في السجلات، وأمكنها أن تحصل على الصورة المطلوبة، عن غير الطريق الرسمي، بعد أن دفعت المعلوم، وعندئذ مضت إلى الماكينات ظافرة.
حان دور ذات فحملت المحضر إلى موظف الصحة، الذي تلقاها غير مصدق لعودتها، وأخذ منها التصحيح وراجعه بدقة، ثم قال باختصار: «الديوان العام.»
تساءلت: «يعني إيه؟»
أجاب: «مقدرش أستلمه منك إلا بعد ما يعتمد من الوزارة.»
تضم ترسانة ذات بعض الأسلحة الماضية، فلم تذهب إلى الوزارة أو غيرها، وإنما إلى الأرشيف في موعدها اليومي، وعندما جاءت همت تستفسر عما فعلت، استقبلتها بابتسامة آسرة، وأصرت أن تسقيها كوبا من الشاي أعدته بالطريقة التي تفضلها، ثم استغاثت بشهامتها: «كملي جميلك.»
على قدر ما تتميز به همت من عدوانية، فإنها تضعف أمام أمثال هذه النداءات التي تخاطب، فضلا عن قدراتها الخارقة، فضائلها المتصورة. هكذا أخذت المحضر وانطلقت به إلى الوزارة، حيث أعطاها الموظف المختص موعدا بعد أسبوع، تأخذ فيه ورقتها ممضاة ومختومة. ذهبت في الموعد فوجدته في الغرفة المقابلة لغرفته منحنيا على زميل له يتفرجان على مجموعة من الصور الفوتوغرافية الملونة، بمشاركة زميلة لهما جلست في الوضع المقوس التقليدي لموظفة المكتب المصرية (الذي يسمح لها بالاستسلام للنعاس متى شاءت).
رفع الشاب بصره ولمحها، فعاد يتطلع إلى الصور مشيرا إلى تفصيلة في إحداها. ظلت واقفة تنتظر، فرمقها بنظرة عدائية . قالت: «أنا كنت عندك من أسبوع وقلت لي النهارده.»
أجابها: «استنيني دقيقة في مكتبي.»
انتظرته في غرفة مزدحمة بالمكاتب المتلاصقة التي تناثرت فوقها الملفات، وخلت من موظف واحد، وثبتت عينيها في نقطة على الأرض بين أعقاب السجائر وقصاصات الورق حتى جاء وخاطبها متلطفا: «متقدريش تيجي السبت؟ إنتي عارفة النهارده الخميس، وأنا مسافر الوقت لخطيبتي.»
لاحظت أنه حليق الرأس والذقن، وأن ملابسه المهندمة في ألوان متناسقة من درجات البني، جديدة ونظيفة ومكوية، لكنها قالت في حزم: «إنت قلت النهارده، ثم أنا ساكنة في آخر الدنيا، وسايبة شغلي. حرام. والموضوع مش حياخد منك حاجة. دي ورقة بسيطة.»
أبدى حركة توحي بالحنق، وجلس إلى مكتبه، وبدأ يفتش في ملفاته، ثم قال فجأة كأنما اكتشف شيئا: «ثم إن المراجع اللي لازم يوقع ع الصورة غير موجود.»
التجربة دفعتها إلى المقامرة: «أبدا. أنا شفته الوقت على مكتبه.»
فتح الملف وأخرج محضر التصحيح وعرضحال التمغة الذي طلبت فيه اعتماده، فقرأهما في عناية، ثم أخذ يبحث في الأدراج والمكاتب الأخرى حتى عثر على ورقة بيضاء مزقها إلى نصفين. ولمح زميلا له في الطرقة فصاح به أن يقرضه قلما. ولج الآخر الغرفة، وقدم إليه قلمه فتأمله قائلا: «مش هو ده قلمي اللي أنا أعطيته لك أول امبارح؟»
هز الآخر رأسه: «أبدا. مش هو.»
قال الأول: «لا هو، والأمارة مكتوب عليه إكسترا فاين.»
أكد الآخر: «قلمك أنا رجعته لك. القلم ده أنا أخدته من مراتي ولازم أرجعه لها.»
قال الأول: «قابلني لو خدته مني تاني.»
قال الآخر: «حاخده الوقت.» ومد يده ليأخذ القلم، فحاوره الأول ضاحكا: «نخسر بعض بسبب قلم؟»
قال الآخر: «نخسر بعض ونص.» وأمسكه من ذراعه محاولا ليه.
صاح الأول: «حاسب! حتبوظ هدومي. أنا رايح النهارده لخطيبتي. كان زماني الوقت في السكة لولا المدام. اطمن. حارجعلك القلم.» - «كلام رجالة؟» - «طبعا.»
انصرف صاحب القلم بعد أن اطمأن، وشرع الآخر في الكتابة، لكنه تذكر شيئا فغادر مقعده وهو يرميها بنظرة سخط. بحث في درج أحد المكاتب حتى استخرج ورقة كربون مجعدة. عاد إلى مقعده ووضع الورقة أمامه على سطح المكتب ثم بسطها بكفه وهو حريص ألا يلوث كم قميصه وسترته، ثم دسها بين نصفي الورقة البيضاء ، وقلب كفيه وتأملهما بدقة ليتأكد من عدم تلوثهما، وبحث عن مشبك ثبت به الأوراق الثلاث وشرع يكتب في أناة. وفجأة رفع رأسه إليها قائلا: «إنتي اللي ما حبتيش تستني ليوم السبت.»
هبط قلبها بين قدميها؛ إذ حارت في تفسير عبارته: هل يهددها، أم يبرر التأخير، أم يدبر لها شيئا؟ انتظرت في توجس وهي تتأمل جبهته السمراء المنحنية على القلم، ورفعها فجأة مبتسما عندما ولج زميل له الحجرة، متسائلا: «رأيك إيه؟»
صنع الآخر دائرة بإبهام وسبابة يده اليمنى قائلا: «إيه وان.»
اطمأن الشاب على صور خطيبته أو حسن هندامه، واستأنف الكتابة راضيا، وعندما انتهى قام واقفا، وأزال المشبك، وألقى بالكربون جانبا، ثم حمل الورقتين والملف وأزاح المقعد قائلا: «استنيني هنا لما آخد توقيع المراجع.»
غاب طويلا حتى أيقنت أنه لن يعود، لكنه لم يلبث أن ظهر وخاطبها في لهجة الظافر: «المراجع مش موجود.» وقبل أن تعلق أضاف: «حاسيب الملف والورقة مع زميلي الأستاذ محمود عشان يمضيها من المراجع أول ما ييجي.»
انتقل إلى الغرفة الأخرى وهي خلفه، وأعطى الملف لزميله الذي كان شابا في قميص متسخ وملابس متواضعة وذقن نابتة لم تعرف الموسى منذ عدة أيام، ظل يقلب صفحات مجلة مصورة دون أن يعبأ بها، إلى أن طلبت منه أن يدلها على مكتب المراجع، الأستاذ عبد العليم؛ لتخطره بمجرد حضوره، فصحبها إلى قاعة في نهاية الطرقة وأشار إلى المكتب الذي يستخدمه المراجع، ثم وصفه لها: نحيل يرتدي بليزر أحمر ونظارة سميكة. وأضاف على سبيل الاحتياط: «إن مجاش هنا تلاقيه في غرفة المراجعين الناحية التانية.»
لم تشأ أن تجلس ساكنة، فمضت إلى غرفة المراجعين، ووجدت بها موظفا واحدا، ضخم الجثة، بنظارة سوداء، قال لها إن الأستاذ عبد العليم ذهب يتناول إفطاره وسيعود حالا. سألته في رقة: «إحنا بقينا الظهر. هو راجع حقيقي؟» أجابها: «لازم يرجع . اتفضلي استنيه.»
جلست على مقعد في مدخل الغرفة تتابع المارين في الطرقة؛ رجلا قصير القامة متعجل الخطى، ألقى عليها نظرة عصبية، امرأة طويلة في جيبة وبلوزة سوداوين تحمل ملفا في يدها وتجرجر قدمين في صندل مفتوح أقرب إلى الشبشب، لحقت بها زميلة غرفة الأستاذ محمود هاتفة: «أنيسة، يعني لازم أدور عليكي. ما تسأليش عني من نفسك؟» وقبلتها أنيسة على خدها قائلة: «سألت عليكي والنبي يا منيرة.» ثم شبكت ساعدها في ساعد زميلتها وواصلتا السير والبث.
شعرت بصاحب النظارة السوداء يختلس النظر إلى ساقيها، وابتسمت لنفسها عندما تصورت شعوره إذا ما استدارت ناحيته فاتحة فخذيها. ملت الجلوس بعد لحظات فنهضت واقفة وقامت بجولة تأكدت فيها من أن الأستاذ عبد العليم ليس في القاعة الأخرى، وأنه لا بد وأن يمر من أمام غرفة المراجعين عند عودته من الخارج. عادت إلى الغرفة فلم تجد صاحب النظارة السوداء. استعادت مقعدها وثبتت عينيها على الطرقة، وأذنيها على وقع الأقدام، ثم تنهدت عندما تردد أذان الظهر من مكان قريب في نفس الطابق، وتوافد الموظفون أمامها في طريقهم إلى الصلاة؛ إذ كان المعنى واضحا؛ سيعود الأستاذ عبد العليم من تناول الإفطار ليلحق بالصلاة. حاولت أن تتخيل ما يفعله في هذه اللحظة؛ في دكان ما يشتري شيئا؟ في شركة إيديال يبلغ عن تلف ثلاجة؟ في زيارة لصديق بإحدى المؤسسات القريبة؟ في لقاء مع خطيبته بجروبي، يقومان بعده بجولة للفرجة على أثاث المستقبل؟ مر أمامها رجل تنطبق عليه أوصاف الأستاذ عبد العليم، فضلا عن أنه كان يحمل لفافة لا يصعب تبين محتواها من السندوتشات. نادت عليه فتطلع إليها في ضيق وواصل السير. تبعته إلى القاعة واطمأنت على جلوسه إلى مكتبه، ثم هرعت لإبلاغ الأستاذ محمود. كانت الطرقة المؤدية إلى مكتبه مسدودة بشاب وفتاة محجبة ينقبان في الملفات المكومة على الجانبين. أفسحا لها فولجت الغرفة ووجدت منيرة بمفردها تتصفح إحدى المجلات المصورة. سألتها عن الأستاذ محمود، فأجابت دون أن ترفع رأسها: «مجاش النهارده.»
ردت همت بانفعال: «أنا كنت معاه هنا من ربع ساعة.» رفعت منيرة إليها عينين ضيقتين وسط بشرة ضامرة مليئة ببثور جافة لم يفلح المكياج في إخفائها: «طب دوري عليه.» زفرت همت في قوة وغادرت الغرفة. مرت على الغرف الأخرى فوجدتها خالية، وفجأة لمحته قادما من الناحية الأخرى وملفها في يده. أسرعت نحوه فوجم لرؤيتها وسألها: «جه؟» أطرقت برأسها فتقدمها إلى القاعة.
كان الأستاذ عبد العليم قد انتقل إلى مكتب زميل له، حاملا لفافته، وانضمت إليهما واحدة بعلبة مخللات في يمينها، أغرته بأن يمد أصبعه داخلها بحثا عن قرن من الفلفل فيما يبدو، بينما تقدم منه الأستاذ محمود باسطا الملف قائلا: «معادها النهارده، ومستنية من الصبح. كل حاجة تمام مش ناقص إلا إمضتك.» انتزع الأستاذ عبد العليم أصبعه من علبة المخللات ودعكه في طرف ورقة السندوتشات، ثم تناول الملف بأصبعه الأخرى غير الملوثة، وقرأ محتوياته قبل أن يطلب قلما من زميله، ويضع توقيعه في عناية.
تنهدت همت في ارتياح، وتناول محمود الملف وهو يستدير قائلا: «هانت لم يبق إلا توقيع المراقب العام.» مضى أمامها إلى غرفة مغلقة بقفل، فتوقف قائلا: «مش موجود.» تطلعت إليه في انزعاج فقال: «حنشوف. يمكن بيصلي.» سمعه فراش مار فقال: «لا. خرج.» لم يعبأ به محمود واتجه إلى زنقة الستات، وهي في أعقابه حتى بلغا غرفة فرشت بالحصير واحتشد بها الموظفون راكعين في وضع الصلاة. تأملهم محمود لحظة، ثم قال: «مش هنا. لازم خرج فعلا.» ورق قلبه لها فأضاف: «تعالي نروح للمدير العام.»
وجدا المدير العام يتحدث في التليفون وقد وقفت أنيسة أمامه تحمل الملف إياه. كان كهلا يقترب من الستين، قبيح الوجه، متواضع الملابس. أنهى مكالمته، وقال شيئا لأنيسة فانصرفت على الفور. قدم محمود الملف إليه في أدب قائلا: «كل حاجة كاملة. مش ناقص إلا توقيع المراقب العام لكنه خرج.» قال المدير: «لا. موجود. تلاقيه بيصلي.» قال محمود: «سعادتك فتشنا عليه في المصلى. أكيد نزل.» قال المدير: «لازم يمضي الأول. دور عليه. أنا شفته من دقيقة.» قال محمود: «سعادتك كلهم شافوه وهو خارج ، وأودته مقفولة بالقفل.» فكر المدير برهة، ثم بسط الملف، وتطلع إلى صف التوقيعات المطلوبة؛ المراجع، المراقب العام، المدير العام، وإلى همت، ثم قال في لهجة حاسمة: «مدام فايزة تمضي بداله.»
انتقلا إلى الغرفة المجاورة مباشرة حيث قدم محمود الملف إلى سيدة ممتلئة، بنظارة، وشعر قصير، ألاجرسون، كشف عن بقعة جرداء وسط رأسها، صاحت على الفور: «أنا لا .. الأستاذ صالح هو اللي يمضي.» قال محمود: «وهو فين؟» قالت مدام فايزة: «بيصلي. زمانه جاي.» قالت همت محتجة: «دول بيصلوا من نص ساعة. دي لو كانت صلاة التراويح كان زمانها خلصت.» قال محمود في استياء: «معلهش .. كلها دقايق.» وأضاف عندما خرجا إلى الطرقة: «تفضلي حضرتك استني شوية في مكتبي.» قالت: «لا .. حاستنى هنا.» قال: «لا هنا ولا هناك. الأستاذ صالح وصل.»
أشار إلى كهل مجعد شعر الرأس، يرتدي سويتر من الصوف فوق قميص ملون وشبشب، أي والله شبشب، قادما نحوهم. وفجأة دار إلى اليمين واختفى في طرقة جانبية، فلحقا به. وجداه يتجه إلى باب قذر فوق بركة من المياه. خاطبه محمود: «أستاذ صالح.» لوح بيده قائلا: «دقيقة.» صاحت همت: «أنا لي ساعتين مستنية.» قال محتجا: «يعني ما أدخلش دورة الميه؟!» انفجرت فيه صائحة: «دورة الميه وبعدين صلاة نص ساعة وبعدين دورة الميه تاني .. أمال امتى حتشتغل؟» بهت الجميع وخشيت همت من رد الفعل، فغيرت تكتيكها وقالت في لهجة أقرب إلى الاستعطاف: «إعمل معروف يا أستاذ صالح دي إمضا بس.» شرح له محمود الحكاية، فقال وهو يستدير ليدخل المرحاض: «مش شغلي، دا شغل المراقب العام.» أمسكت همت بذراعه وهو يستعد للقفز فوق بركة المياه: «المراقب العام مش موجود والمدير العام طلب إمضتك.» قال: «مش ممكن.» توسلت إليه أن يصحبهما، فرضخ لها أخيرا.
وقف الثلاثة أمام المدير العام، وتولت همت شرح الموضوع من جديد، فتناول الملف وتأمل محتوياته، ثم ألقى نظرة على المكان المخصص للتوقيعات الثلاثة وقال لمحمود: «شوفوا المراقب العام فين. أنا متأكد إنه هنا.» وضع محمود يده على قلبه قائلا: «والله العظيم خرج .» قال: «وفايزة؟» قال محمود: «رفضت تمضي.» أمسك المدير العام بالقلم واقترب به من المكان الذي يتطلب توقيعه، ووقعت عينه على المكان المخصص لتوقيع المراقب العام، فتراجع بالقلم وعاد يتصفح الملف، وعندئذ اكتشفت همت اختفاء الأستاذ صالح.
دخل أحد الموظفين ومال على المدير العام يحدثه في صوت خافت، فاستمع إليه في اهتمام، ثم بادله الحديث، وقد نسي أمرهم تماما. وعندما انصرف الموظف وقعت عيناه على مكان توقيعه، فاقترب منه بالقلم، وفي اللحظة الأخيرة تراجع. وتعلقت عينا كل من همت ومحمود بالقلم في إقدامه وإحجامه. عبث المدير العام بالقلم بين أصبعين برهة، ثم حزم أمره أخيرا ووقع على الورقة في عجلة، كأنما يخشى أن يغير القلم رأيه.
تنفست همت في ارتياح، ومدت يدها لتأخذ الملف، فسبقها محمود قائلا: «فاضل الختم.» تبعته إلى غرفة مدام فايزة وإلى مكتب في طرفها. توقعت ألا يكون الجالس إلى المكتب هو حامل الختم، أو أن يكون الختم في درج مغلق والمفتاح لم يأت اليوم، أو يكون استخدامه ممنوعا في أيام الخميس، أو فرغ حبره، أو يحتاج إلى تجديد، أو يكون هناك خطأ في الأوراق لم يتبينه أحد حتى الآن، أو ... أو ... ولدهشتها أخرج الموظف الختم وضغطه في الختامة، وبسط ورقة الملف، ثم رفع الختم في الهواء وهبط به فوق الورقة، وقبل أن يلمسها توقف فجأة ووضعه جانبا.
قال وهو يشير إلى مكان توقيع المراقب العام الفارغ: «فين إمضت محيي بيه؟» شرح له محمود الأمر، فهز رأسه في أناة وحكمة: «مش ممكن نختم ورقة بالشكل ده؛ فمعنى كده إنه مكنش موجود، وانتو مترضوش إن زميل لنا ينضر. نستنى لما يرجع.» صاحت همت في هستيرية والدموع تندفع إلى عينيها: «خرج ومش راجع.» تأملها الرجل برهة، ثم ابتسم وقال: «مفيش قدامنا غير حل واحد.»
فتح درج مكتبه وأخرج زجاجة صغيرة من البلاستيك، فنزع سدادتها التي احتوت على ريشة رفيعة ملوثة بمداد أبيض. مر بالريشة فوق كلمة المراقب العام عدة مرات حتى اختفت تماما أسفل طبقة من الطلاء الأبيض، ورفع الورقة إلى فمه، ونفخ فيها حتى جف الطلاء، ثم وضعها جانبا وأعاد السدادة بريشتها إلى العلبة وأغلقها ووضعها في الدرج، وتناول الورقة فتأملها في ضوء النافذة حتى تأكد من جفافها، ثم تناول الختم وضغطه في الختامة، ثم رفعه في الهواء وهبط به فوق المكان الذي طلاه باللون الأبيض، وضغط بقوة، ثم قدم الورقة والملف إلى همت قائلا في ابتسامة عريضة: «كل حاجة الوقت سليمة مية المية.» وهو نفس التعليق الذي سمعته ذات من مراقب الصحة عندما ذهبت إليه بمحضر التصحيح.
16
بسم الله الرحمن الرحيم
أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون .
صدق الله العظيم
الهدى مصر
للاستثمار وتوظيف الأموال.
أحل الله البيع وحرم الربا.
استثمر أموالك حلالا طيبا طاهرا مباركا بإذن الله ب
نظام المشاركة في الأرباح
بعائد 2 في المائة شهريا
تحت حساب الأرباح السنوية.
أعطال مفاجئة في مصنع
أسمنت
أسيوط تستمر عدة أسابيع، وتجبر التجار على الشراء من صوامع الأسمنت المستورد بأسعار عالية.
المكتب القومي لبيع
الأسمنت
المحلي يمتنع عن تسليم حصص التجار.
عضو بمجلس الشعب يتهم الحكومة بتشجيع استيراد
الأسمنت
لحساب خمسة من كبار المستوردين حققوا أرباحا مقدارها 142 مليون جنيه في عام واحد.
عضو بمجلس الشعب: «شركة أسيك التي كلفتها الحكومة بإعداد دراسة جدوى عن حجم إنتاج
الأسمنت
وأوصت بفتح الباب لاستيراده، يرأسها وزير صناعة سابق هو في نفس الوقت رئيس أحد البنوك الخاضعة ل
عثمان أحمد عثمان ، الذي يملك أيضا صومعة فالكون للأسمنت المستورد.»
طارق أبو حسين صاحب شركة
الهدى : «أوظف أموالي في المقاولات ومخزون من السمن والزيت والصلصة والسكر والشاي واستيراد الأسمنت، خاصة وقد أصبح لنا رصيف في ميناء أبو قير وعدة صوامع للتخزين.»
المهندس
عثمان أحمد عثمان
والمحاسب
أشرف السعد
يفتتحان أحد المشروعات الجديدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين .
صدق الله العظيم
مجموعة شركات «الهدى مصر» تتقدم بالشكر لفضيلة الشيخ
محمد متولي الشعراوي
على تكرمه بافتتاح المرحلة الأولى من المبنى الإداري للشركة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وما النصر إلا من عند الله .
صدق الله العظيم
مجموعة
السعد
للاستثمار
جناح نوم بالحمام + غرفتي نوم يتوسطهما حمام ثان + معيشة وصالون وطعام ومطبخ وحمام ثالث وشرفة تطل على الأهرامات في مدينة السعد السكنية. لا تفكر كثيرا فالفرصة أمامك. وها هي نظرية السعد للاستثمار في أبسط صورها؛ إذا كنت تساهم في إحدى شركاتنا بمبلغ 60000 جنيه مثلا، فادفع فقط 6500 جنيه مقدم واستلم فورا شقة فاخرة قيمتها 60000 جنيه، وأرباحك المتوقعة بإذن الله سوف تسدد الأقساط، وفي خلال فترة لا تتجاوز 40 شهرا سيكون رصيدك كما هو 60000 جنيه + الشقة ملكا لك.
حلم يحققه لك الله على أيدينا
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
الريان
للمعاملات المالية في خدمة المستثمر العربي
إنجاز صناعي واقتصادي بكل المقاييس لرفع شعار صنع في مصر.
الريان للمعاملات المالية، والريان للاستثمارات العقارية، والريان لمواد البناء، تقدم:
مدينة الريان للشباب.
شركة الريان للملابس الجاهزة تنتج عشرات الملايين من أجود أنواع الملابس في مصر. شركة الريان للمنظفات الصناعية تقدم: سكاي، كتشن إيد، سويفت، بيو باكت.
بسم الله الرحمن الرحيم
أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين .
صدق الله العظيم
مجموعة شركات
الهدى
مصر.
يتقدم السيد طارق أبو حسين بخالص الشكر والوفاء للسيد الفريق
يوسف عفيفي
محافظ البحر الأحمر، وأحد قادة حرب أكتوبر المجيدة، على تخصيص الأراضي اللازمة لإقامة مدينة سكنية وقرية سياحية ومدينة للألعاب المائية ومطاعم عائمة.
جهاز المحاسبات يتهم
محافظ
منطقة ساحلية بالمسئولية عن إهدار ملايين الجنيهات من أموال الدولة.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أموالكم تستثمر لكم.
مجموعة
السعد
للاستثمار
تقدم مشروعا جديدا كل أسبوع ولمدة 3 شهور. أكبر مخزون في مصر من سيارات شركة النصر 128. أكبر مخزون لقطع غيار سيارات البيجو الأصلية. مصنع ثلاجات زانوسي 12 قدما. سلسلة مطاعم علاء الدين. ومفاجأة العام؛ بوتاجاز الفرن الجديد؛ شواية كباب، باب من الزجاج المقاوم للحرارة، شواية دجاج + فرن كبير يتسع لخروف .
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا بكم ومرحبا في دار «الريان» لرعاية الطفل،
مشرفات ومدرسات أجنبيات، حمامات سباحة، كمبيوتر،
فيديو، معمل لغات.
محافظ الدقهلية
والمحاسب
أشرف السعد
أثناء توقيع عقد شراء السعد ل 38 بالمائة من أسهم شركة الدقهلية للملابس الجاهزة التي يساهم البنك المركزي بربع أسهمها.
تعيين شقيق
محافظ الدقهلية
عضوا بمجلس إدارة شركة
السعد ، وشقيق آخر مديرا لمكتبها في مصر الجديدة.
حديث صريح للحاج محمد أشرف السعد
إننا نركز الآن على تجارة سيارات النقل والركوب. وتجارة السيارات يمكن أن تكسب 60 بالمائة؛ مثلا سيارة الركوب 128، أنا أشتريها من شركة النصر بثمانية آلاف جنيه، وأبيعها بالتقسيط على ثلاث سنوات ب 15 ألفا. يبقى كتير؟ أنا أشتري مثلا 120 سيارة، ومن يشتري مني يدفع 4500 جنيه، فأحصل على 450 ألف جنيه مقدم أقساط، وبهذا المبلغ أشتري 50 سيارة أخرى زيادة، فأكون بذلك اشتريت 170 سيارة بثمن 120 سيارة.
لكن هذا يرفع سعر السيارة بعد دفع أقساطها إلى 12,5 ألف جنيه، فهل هذه الزيادة مع التقسيط حلال شرعا؟
حلال؛ لأن الأصل في الأشياء الحلال، و«أحل الله البيع»، والحرام هو الربا أو الاحتكار.
الصحف الحكومية: السيارة «نصر 128» ارتفع سعرها من 6 آلاف جنيه إلى 17 ألف جنيه.
أشرف سعد : «عمري 32 عاما من أسرة محدودة الدخل في السنبلاوين. ذهبت للعمل في فرنسا وعدت بعد عامين. لم ترق لي عملية غسيل الصحون .. عدت بمدخرات قليلة. قابلت أحد المتدينين الذي هداني إلى الطريق القويم، وعرفت أن في التجارة تسعة أعشار الرزق، فخلعت الملابس الإفرنجية ولبست الجلباب وأطلقت اللحية، وفتحت أول شركة لتوظيف الأموال في أول مايو 1985، وبعد عام كنت قد جمعت 60 مليون جنيه.»
أشرف سعد
يلوح بأصبعه في وجه
أمين ميتكيس
محافظ الشرقية واللواء حسني كاظم مدير أمن الشرقية.
أشرف سعد : «كنت أعمل حتى سنة 1978 في معرض سيارات بمرتب شهري 40 جنيها، ثم تاجرت في الذهب والفضة حتى هداني الله إلى فكرة إنشاء شركة لتوظيف الأموال، فدخلت فيها وأنا معي من 2 إلى 3 مليون جنيه.»
جلسة تجمع بين
أشرف سعد
و
منصور حسن ، وزير الثقافة والإعلام السابق، وصاحب توكيل
لاكتويل
لمواد التجميل، واللواء
أمين ميتكيس
محافظ الشرقية، و
أنيس منصور
الصحفي المعروف، و
كمال حسن علي
رئيس الوزراء السابق، و
ياسين منصور
شيفروليه.
الصحفي
أنيس منصور
يرافق أصحاب شركة
الهلال
لتوظيف الأموال في جولة دعائية بكندا.
الحاج فتحي توفيق عبد الفتاح : «عدت إلى مصر عام 1980 بعد غياب 14 سنة متصلة. بدأت أنا وإخوتي مع عدد قليل من الأصدقاء نجمع البيض في الفجر من المزارع ونوزعه على المحلات. بدأنا بمبلغ بسيط جدا، كل منا على عجلة. وينتهي اليوم وقد ربح كل منا 6 أو 7 جنيهات. مشينا على أساس السماحة تغلب الشطارة، فكنا نكتفي بالقليل. وثق فينا الناس، وبدأت العملية تكبر؛ الدراجة أصبحت موتوسيكل، فسيارة نصف نقل. وكبر عددنا، والمبالغ كبرت، فبحثنا عن أشكال قانونية، ولما تنوعت الأنشطة كونا شركات
الريان .»
نجم سينمائي يتوب عن الفن ويتولى إدارة مشروع «الريان لنشر التراث».
شركة
الريان لنشر التراث
تبرم عقود طباعة ب 65 مليون جنيه مع الصحف الحكومية الثلاث؛
الأهرام (32 مليون جنيه)،
الأخبار (18 مليون جنيه)، و
الجمهورية (15 مليون جنيه).
مجلة ميدل إيست موني: «شركة
الرضا
لتوظيف الأموال خسرت 5 ملايين دولار في بورصة نيويورك.»
صاحب شركة
الهلال
لتوظيف الأموال يهرب إلى الولايات المتحدة بأموال المودعين.
الريان
تشتري أصول
الهلال .
ارتفاع تدريجي في أسعار
الذهب
بأسواق القاهرة.
الحكومة تتخلى عن تسعير
الذرة الصفراء والأعلاف ، وتسمح للقطاع الخاص باستيرادهما.
وزارة الزراعة تعهد إلى شركات توظيف الأموال باستيراد
الأعلاف .
في إعلان بجريدة الأهرام ثمنه 75 ألف جنيه،
السعد
يهنئ الحكومة على قرار فتح الباب أمام القطاع الخاص لاستيراد المواد الغذائية الأساسية مثل الزيت والسكر والأعلاف، واصفا إياه بأنه «من الإنجازات الكبرى لعهد الرئيس مبارك الذي أعطى الجميع حرية القيام بأنشطة نبيلة.»
22 ألف مزرعة دواجن تواجه الإفلاس
60 بالمائة من مزارع الدواجن وصغارها بوجه خاص أغلقت أبوابها.
مليار ونصف مليار جنيه خسائر صناعة الدواجن.
إعدام 20 مليون كتكوت في مطار القاهرة لامتناع أصحابها عن استلامها بسبب قلة الأعلاف وارتفاع أسعارها.
الشريف
لتوظيف الأموال:
من مصر ولخير مصر.
منافذ
الريان
للجزارة تقدم لكم:
لسان مدخن ، كبد مدخن، اللحم الحلال ب 14 جنيها للكيلو.
أحمد توفيق عبد الفتاح (
الريان ): «صحيح أننا نبيع بضعف أسعار السوق، إلا أن اللحم عندنا دلع الدلع، كما أننا نستخدم حملة البكالوريوس كجزارين إلى جانب فخامة ديكوراتنا.»
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أموالكم تستثمر لكم.
قريبا:
مجوهرات السعد
البركة وراء النجاح.
الصحف العالمية: «خسائر بملايين الدولارات تصيب شركات
الريان (500 مليون دولار)، و
السعد
في المضاربات على الذهب والفضة بالأسواق العالمية.»
ابن أحد كبار المسئولين ، وهو من كبار المستوردين، يتوسط لإبرام صفقة تصنيع الفسبا بين شركة
السعد
وهيئة التصنيع.
أنيس منصور : «أعرف من أصحاب شركات توظيف الأموال
أشرف سعد (34 سنة)، وهو بلدياتي .. وهو يريد أن يتوسع وأن يعمل وأن ينتج؛ فالأموال كثيرة جدا، والناس يودعون لديه الأموال بلا قلق ولا خوف، وهو مستعد لأن يكسب الملايين من أجلهم في مشروعات شريفة معروفة معلنة.»
أشرف سعد
مع بعض العاملين لديه؛
أنيس منصور ، اللواء
حسين السماحي
مدير الأمن العام السابق،
محمود الشربيني
شقيق سعد الشربيني محافظ الدقهلية.
نداء إلى السيد رئيس الجمهورية
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين .
صدق الله العظيم
السعد للألومنيوم
70 مليون جنيه قيمة مصانعنا، و48 مليون جنيه قيمة الإنتاج المحلي فقط، ونصدر ب 6 ملايين دولار سنويا. هذه هي الحقيقة كاملة يا سيادة الرئيس، لنفاجأ بعدها بحملة غريبة ومغرضة تتهمنا زورا وبهتانا بوجود مشاكل بيننا وبين البنوك، وأننا حصلنا على تسهيلات منها.»
السيد اللواء
أمين ميتكيس
محافظ الشرقية السابق، ورئيس مجلس إدارة شركة السعد للإسكان، إلى جوار الحاج
أشرف سعد
رئيس مجموعة السعد للاستثمار.
صحف المعارضة: «ابن المشير
أبو غزالة ، وهو طيار سابق، يؤلف مع صاحب
الهدى مصر
شركة لصيانة الطائرات بالاشتراك مع زوج ابنة المشير، ويتوسط في شراء شركة الهدى لشركة نقل جوي، وشراء طائرتين بوينج 727، ويحاول تمرير عمليات الكشف الفني على صلاحية تلك الطائرات رغم تأكيد كافة التقارير أنها لا تصلح للاستخدام.»
طارق أبو حسين
رئيس الهدى مصر: «عملية تحريك المال موهبة لا تتوفر في كل إنسان، إنما اختص بها المولى عز وجل بعض عباده دون الآخرين. ونحن نعطي عائدا كبيرا (24 بالمائة)؛ لأننا نحقق من مشروعاتنا بفضل الله عائدا كبيرا.»
تعيين
أنيس منصور
مستشارا إعلاميا للريان.
أحمد توفيق عبد الفتاح : «استخدمنا
أنيس منصور
مستشارا إعلاميا كي نأخذ حقنا؛ فقد يستغرق استخراج ترخيص ما عدة شهور رغم توافر كل الشروط، ويوفره المسئول في أيام، هذا حقي.»
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
لقاء العمالقة
اندماج مجموعة شركة
الريان
ومجموعة شركة
السعد
في صرح واحد عملاق تحت إدارة واحدة من أجل مصرنا العزيزة.
من أجلكم أصبحنا قلبا واحدا.
السيد
فتحي توفيق عبد الفتاح (43 سنة)، رئيس مجلس إدارة مجموعة السعد والريان للاستثمار والتنمية، والسادة
أشرف سعد (34 سنة)، و
أحمد توفيق عبد الفتاح (44 سنة)، و
محمد توفيق عبد الفتاح (32 سنة)، أعضاء الإدارة يوقعون عقد الاندماج، ومعهم اللواء
أمين ميتكيس
محافظ الشرقية السابق، والمستشار
مصطفى كيرة ، الرئيس السابق لمحكمة النقض ومستشار الشركة.
مزارع
الريان والسعد
للثروة الحيوانية
تقدم لكم بمناسبة شهر رمضان المبارك:
خروف مخلي من العظم للحشو والشواء،
ذبائح ضأن مجهزة بالقطع حسب الكتالوج.
مجلس إدارة الريان يعين
أحمد توفيق عبد الفتاح
رئيسا لمجموعة شركات الريان خلفا لفتحي عبد الفتاح بعد قبول استقالته.
فتحي توفيق عبد الفتاح
يعلن أنه لم يقدم استقالته، ويقول إنه سحب موافقته على الاندماج مع شركة السعد ،واتهم شقيقه «بتعويق الإصلاح والاستقرار الذي اهتز أخيرا».
أشرف سعد : «الاندماج الذي أعلن عنه ليس مقصودا بالمعنى العيني والحرفي لمصطلح الاندماج، وإنه أخطأ في التعبير.»
القلق ينتاب مليون شخص أودعوا أموالهم لدى الشركتين
آلاف المودعين يفترشون شارع الهرم صارخين: «عايزين فلوسنا.»
بيان هام من الأستاذ الدكتور ماهر مهران،
رئيس المجلس القومي للسكان ، إلى أصحاب «الريان»: «في هذه الظروف العصيبة التي نشأت نتيجة إطلاق إشاعات وتضخيم أمور إلى أحجام كاذبة، مع عدم فهم كامل لمبدأ المشاركة في المعاملات التجارية والإسلامية. أود أن أؤكد لكم أن مجموعة كبيرة وأنا منهم، لن نقوم بسحب دولار واحد مما هو مودع لديكم لاستثماره. وأدعو لكم بالتوفيق، والله كفيل بالحاقدين.»
زوجة
فتحي عبد الفتاح
تتقدم ببلاغ إلى شركة مدينة نصر تتهم شقيقي زوجها باختطافه من مستشفى الصحة النفسية الخاصة بالدكتور جمال ماضي أبو العزائم حيث كان يتم علاجه من الإدمان.
بسم الله الرحمن الرحيم
وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال
بيان من فتحي توفيق عبد الفتاح: «أنتهز فرصة حلول الثلث الأخير من رمضان لأطمئنكم جميعا، ولأعلن لكم أن مجلس إدارة الريان كان ولا يزال وسيظل قلبا واحدا ينبض بالحيوية والنشاط لصالح مصرنا العزيزة، إلى أن يشاء من بين أصابعه قلوب العباد. وإني لأرجو كل التوفيق لشقيقي الأصغر أحمد توفيق عبد الفتاح في استكمال مسيرة البذل والعطاء لصالح البلاد والعباد، رئيسا لمجلس إدارة الريان.»
الأشقاء الثلاثة للريان يتوسطهم فتحي عبد الفتاح في مكاتب صحيفة «الأخبار».
شركات الريان تعلن عن مشروعين جديدين ل
مكافحة أمية المصريين
وخدمة السيدات الحوامل (
بارك الله ) ورجال القوات المسلحة.
مصادر حكومية: إيداعات المواطنين لدى الريان بلغت «ثمانية مليارات جنيه» ولدى السعد 3,7 مليارات من الجنيهات.
النيابة:
فتحي عبد الفتاح
كان يتناول مخدر إستندالين الذي يتكلف ألف جنيه يوميا، ودخل مستشفى أبو العزايم للعلاج وفق برنامج يتكلف عشرة آلاف جنيه في الأسبوع.
مجلة البنوك الإسلامية: خسائر مضاربات شركات توظيف الأموال في الذهب والفضة بلغت 1500 مليون دولار.
زوجة فتحي عبد الفتاح تزوره في مستشفى بهمان وتحقنه بالمواد المخدرة التي منع منها، وتقنعه بأن يطلقها طلاقا صوريا بعد أن كتب لها جزءا من ثروته.
صحيفة الوفد: «
زوجة فتحي عبد الفتاح
تتزوج من نقيب شرطة سبق اتهامه في حادث الاعتداء على الفتاة الأمريكية بالمقطم.»
فتحي عبد الفتاح يحاول الانتحار
إصابته بغيبوبة ونقله إلى مستشفى المعادي.
وفاة فتحي عبد الفتاح أثر هبوط في الدورة الدموية نتيجة تعاطي كمية من الحبوب المهدئة.
إلى السيد الدكتور أحمد توفيق عبد الفتاح: «بعد التحية أحيطكم علما بأنني لظروف زواج ابنتي في أشد الحاجة إلى صرف آخر مبلغ بشركتكم، وهو ما تبقى لي من تحويشة العمر، حيث فوجئت بعد إيداعه مباشرة بوقف صرف المنحة الشهرية وقيام الأزمة الأخيرة. وهذا المبلغ لا يزيد عن سبعة آلاف جنيه فقط، ولا يمثل إلا نسبة ضئيلة من المدخرات لديكم، وآمل أن تدفعكم إنسانيتكم ودينكم إلى سرعة موافاتي به لإتمام نفقات زواج ابنتي. أخوكم المودع بالمعاش، حساب رقم 53852.»
شركة الريان تتهم محاميها السابق «فريد الديب»، وهو في نفس الوقت محامي مؤسسة أخبار اليوم ورئيسها موسى صبري، بالتهرب من ضرائب عن ثلاثة ملايين جنيه تقاضاها منها بصفة عمولة تشمل 900 ألف جنيه عن عقد مطابع أخبار اليوم. «الهدى» تعقد اجتماعا عاما لمودعيها
يحضره رئيسها بطائرة هليكوبتر.
مشروع جديد للسعد:
قرية لوزان السعد.
أحفاد الشيخ
متولي الشعراوي
يودعون أموالهم في الريان عنوانا على ثقتهم.
القبض على أحمد توفيق عبد الفتاح والتحفظ على ممتلكاته
مواطن أودع لدى الريان 75 ألف دولار حصيلة عمله بالخارج لمدة 18 سنة يصاب بشلل نصفي عند سماعه النبأ.
الحكومة: «شركات توظيف الأموال خططت لنفسها جيدا بحيث تعطي فائدة تصل إلى 30 بالمائة سنويا في بداية تعاملها مع المودعين، وتثبت هذه الفائدة لمدة ثلاث سنوات حتى يحصل المودع على قيمة ما أودعه بطمأنينة، ويتم استدراج أعداد هائلة أخرى تعطي الشركات من ودائعهم الأرباح الواجبة الدفع للقدامى.»
التحقيقات تكشف أن أغلب المودعين لدى الريان من
القضاة وضباط الشرطة ، أما شركة الهلال التي هرب أصحابها فأغلب المودعين لديها من
أساتذة الجامعات والمهندسين والأطباء .
الشيخ الغزالي
في خطبة العيد التي حضرها ربع مليون مواطن بمسجد مصطفى محمود: «دخول التيار الإسلامي عالم المال أفزع أعداءه، وهبوط مياه النيل هو سخط من الله تعالى على الحكام الذين أصدروا قانونا فيه مساس بشركات توظيف الأموال.»
التحقيقات تكشف أن أحد محامي
الريان
حصل خلال عدة شهور من توليه الوكالة عن شركات الريان على طابق كامل في برج الريان، تقدر قيمته بربع مليون جنيه، وقام بشراء أثاث قيمته 150 ألف جنيه من أحد المحلات بالمهندسين ، وحصل على شقة من الريان بالإسكندرية بلا مقابل، يقدر ثمنها ب 175 ألف جنيه، وسيارة مرسيدس سوداء جديدة مزودة بتليفون خاص، و500 ألف جنيه أتعابا تسلمها نقدا، كما قام باسترداد مبالغ لبعض كبار المودعين بلغت مليوني جنيه مقابل نسبة عشرين بالمائة بلغت عمولته عنها 400 ألف جنيه.
الممثل الكوميدي
عادل إمام
ينفي أنه أودع 7 ملايين جنيه باسم شقيقه لدى الريان، وحاول استردادها مقابل التخلي عن 20٪ بالمائة من قيمتها.
الشيخ
محمد الغزالي
في عموده الأسبوعي بعنوان «هذا ديننا»: «الضرب ما يقبل إلا إذا نشزت المرأة واستكبرت على زوجها واحتقرت رغبته وتركته وكأنه بلا صاحبة.» «أودعت لدى الريان 4500 جنيه هي كل ما أملكه من الدنيا بعد خروجي من الخدمة، ولم أصرف غير عشرة جنيهات فقط.» محروسة سيد عبد الواحد، من أصحاب المعاشات.
حسن الجمل، نائب
الإخوان المسلمين
في مجلس الشعب: «شركات توظيف الأموال تحارب لأنها تعمل باسم الإسلام.»
اكتشاف شركة لتوظيف الأموال يرأسها ثلاثة من الملتحين تبين أنهم مسيحيون.
المفكر الإسلامي الكبير الدكتور عبد الصبور شاهين : «شركات توظيف الأموال هي ظاهرة من الظواهر النبيلة في مصر؛ فهي قامت على أساس تطبيق أبواب الفقه الإسلامي في توظيف الأموال، وقد أبدت من صدق النية وإخلاص القصد والإحساس بالمسئولية الوطنية ما يجعلها رائدة في مجال الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ولقد استطاعت هذه الشركات التي تدار بإخلاص شديد أن تقيم المشروعات التي تحتاجها جماهير الشعب، وأن تساهم في حل مشكلات الأمن الغذائي، وأن تقتحم مجالات كانت من قبل احتكارا بشعا لطوائف مستغلة من التجار.»
توفيق عبد الفتاح ، والد الإخوة الريان: «بدأت حياتي صاحب مسمط. وكان أولادي يعملون في
تجارة العملة ، إلى أن صدر قرار إنشاء السوق المصرفية، فاتجهوا للتجارة في
الذهب . وتم إنشاء جهاز سري بقيادتي داخل الشركة لشراء كميات كبيرة من الذهب وصلت إلى 150 كيلو تم تخزينها في خزائن خاصة بالفيلا التي أمتلكها بالهرم؛ مما أدى إلى قلة المعروض من الذهب في الأسواق وبالتالي ارتفاع سعره.»
البركة وراء النجاح
طارق أبو حسين ، صاحب
الهدى
يعترف بأنه أخذ 175 كيلو ذهب من الريان مقابل أربعة ملايين جنيه أعطاها لهم نقدا لتسديد سلف المودعين في بداية أزمة الشركة.
الزوجة الرابعة لأحمد توفيق عبد الفتاح : «اسمي نجوى إبراهيم سلامة. عمري 29 سنة. محجبة. بكالوريوس تربية الزقازيق 1983. جئت من الزقازيق لأخذ كورس في اللغة الإنجليزية وأقمت عند أقاربي. تعرفت عليه عن طريق أحد أصدقائه. وشاءت أقداري أن أعمل في شركة الريان بالمركز الرئيسي براتب شهري 300 جنيه . وأعجبت به فتزوجته في 1984. ولم أصدق أبدا أنه تزوج قبلي سبع مرات. وكنت المرأة المتعلمة الوحيدة في أسرته. وانقطعت عن العمل بناء على رغبته. وبعد طلاقنا وانقطاع الدخل الشهري عني اضطررت إلى العودة إلى عملي كمدرسة بوزارة التربية والتعليم بمرتب 65 جنيها. وما زلت أقيم في شقة المريوطية التي أثثها لي عام 1984 بمبلغ 23 ألف جنيه، لكن أثاثها أصبح الآن باليا.»
الصحف الحكومية:
محمد توفيق عبد الفتاح
متزوج من ثلاث سيدات، والزوجة الثالثة والأخيرة شابة صغيرة كانت تتدرب في إحدى المحلات العامة، وعلى علاقة بشاب قدمها له للعمل لديه، فأعجب بها وحاول إقامة علاقة معها لكنها لم تستجب له، واشترطت أن يتزوجها مقابل مبلغ كبير من المال، فأعد لها فيلا واشترى لها 11 غرفة أثاث، وكتب الفيلا باسم والدها، وبعد الزواج طالبها صديقها السابق بأن تدفع له 20 بالمائة مما كسبته من هذه الزيجة.
التحقيق يكشف أن الأخوان الريان أعطوا
مائة مليون جنيه
سائلة لثلاثة من كبار تجار المجوهرات في مصر هم: جورج نسيم جرجس، والشقيقان عزيز يعقوب ونسيم يعقوب لتجهيز متجرين بالدقي ومصر الجديدة بأفخم الديكورات وأثمن المجوهرات؛ لاقتحام سوق تجارة الذهب بقوة. وعندما عاين الحاج توفيق المتجرين بعد تجهيزهما اكتشف أن قيمتهما لا تزيد عن عشرين مليون جنيه.
عادل حسين
رئيس تحرير جريدة الشعب الناطقة باسم التحالف الإسلامي: «إن ما يحدث عندنا وحولنا يثير فزعا لدى الماديين وعملاء الحضارة العربية. ونضرب مثلا بموقف الحكومة والدنيويين وكارهي الشريعة من موضوع شركات توظيف الأموال.»
نجم الكرة
محمود الخطيب
ينفي أنه أودع ثلاثة ملايين من الجنيهات لدى الريان.
التحقيق يكشف أن
كافة المشروعات التي أعلنت عنها شركات توظيف الأموال وهمية .
الشيخ متولي الشعراوي : «ليس لي علاقة بشركات توظيف الأموال.»
التحقيق يكشف أن
محمد توفيق عبد الفتاح
أوقع بسيدة مطلقة لا يتجاوز عمرها 26 سنة، وهي ابنة اسم مشهور، وحملت منه فأجهضها لدى صاحب مستشفى خاص ومنحها كيلو ذهب وعين شقيقها، الذي اعتزل عمله مؤخرا بحجة تعارضه مع الإسلام، مديرا لأحد مشروعاته.
الشيخ متولي الشعراوي
لجريدة السياسة الكويتية: «رفضت استخدام السيارات التي تملكها شركة الهدى في تنقلاتي إلى الشركة التي كان يكثر ترددي عليها لتقديم المشورة، واستخدمت السيارات الشخصية المملوكة لأصحابها حتى لا تكون هناك شبهة مساس بأموال المودعين.»
أحمد توفيق عبد الفتاح: «ما تقاضاه المودعون تحت اسم
أرباح
هو من أصل مدخراتهم؛ لأنه لا يعقل أن يحقق أحد هذه النسبة الكبيرة من الربح.»
أصحاب
شركة الشريف : «على المودعين أن يعتبروا الأرباح التي صرفوها مجرد سلف شهرية من أصل ودائعهم.»
مباحث الأموال العامة: «خمسون شخصية هامة من الوزراء وأبنائهم وكبار الصحفيين وعدد من كبار ضباط الجيش والشرطة والقضاء كانوا يتقاضون من الريان أرباحا مائة في المائة على إيداعاتهم في كشوف البركة.»
أحمد توفيق عبد الفتاح في التحقيق: «فتحنا حسابا ل
مسئول كبير
بعشرة آلاف دولار باسم ابنه، وكنا نضيف إلى حسابه ألف دولار كل شهر. وعندما بدأت الأزمة جاءنا يسأل عن رصيده، فوجده 93 ألف جنيه، فطلب سيارة مرسيدس أخذها وأخذ الباقي نقدا.»
صحيفة الوطن الكويتية:
ودائع كبار المسئولين في مصر في شركات التوظيف بلغت 120 مليون دولار.
أحمد توفيق عبد الفتاح في التحقيق: «أعطينا ل
مسئول كبير
كارت أمريكان إكسبريس بعشرة آلاف دولار ليجوب به العالم، وكان ابنه يعمل مستشارا للشركة من منزله مقابل ألف جنيه في الشهر.»
التحقيق يكشف:
مسئولون كبار ورجال دين كانوا يتقاضون مرتبات شهرية من الريان.
التحقيق يكشف: ... وزير داخلية السادات، حصل على ثلاثة ملايين من الجنيهات في عام واحد.
أقوال الريان في التحقيق تتحول إلى
القضية رقم 133 لسنة 1988
مصر الجديدة تحقيق نيابة المكافحة، والمتهم فيها
مسئول كبير في الدولة .
صحف المعارضة: «سحب
القضية رقم 133 لسنة 1988 من رئيس نيابة مصر الجديدة وصدور قرار بحفظها .»
النائب العام ينفي وجود كشوف البركة
أحمد توفيق عبد الفتاح في المحكمة: «
إبراهيم نافع
رئيس جريدة الأهرام اشترى مني كمية من البلاط والأخشاب تبلغ قيمتها مائة ألف جنيه لاستخدامها في منزله بالإسكندرية، وسدد عنها عشرة آلاف جنيه فقط.»
إبراهيم نافع
في بلاغ للنائب العام: «دفعت له 32 ألف جنيه.»
رئيس الوزراء «عاطف صدقي»: «لا يوجد شيء اسمه
كشوف البركة .»
إبراهيم نافع
في جريدة الأهرام: «هناك ظاهرة اجتماعية تنتشر بيننا منذ فترة غير قصيرة وتحتاج في رأيي إلى مواجهة حاسمة وعلاج ناجع؛ هي غرام البعض بتلويث كل إنسان مسئول بالإشاعات التي لا أساس لها من الصحة ولا من المنطق؛ لأنه من غير المعقول أن يكون الأمر هكذا في كل شيء في البلد، وإلا انهار المجتمع من أساسه. وما أقام قاعدته الصناعية، ولا جدد مرافقه وخدماته وأنفق المليارات عليها، ولا اقتحم الصحراء وأقام المدن الجديدة واستصلح الأرض وزرع الأمل ووزع البيوت والمزارع على الشباب؛ لأنه من غير المعقول أن يكون الأمر «هكذا» في شعب تحكمه القيم الدينية، ولأن في مصر قيادة سياسية أسمح لنفسي أن أسميها «متزمتة» في كل ما يتعلق بطهارة اليد والنزاهة، ولأنه يطعن الشخصية المصرية في أهم مقوماتها وهي الأمانة والشرف والخوف من المال الحرام.»
حظر النشر في قضية الريان
مجلة روزاليوسف:
الرئيس مبارك
في لقائه بالصحفيين: «أعرف أن هذه الشركات تعطي بعض المسئولين السابقين نسبة فوائد على إيداعاتهم بما يزيد على 70 بالمائة، وتتدرج هذه النسبة حسب أهمية المسئول.»
مشكلتي مع الزكاة «مشكلتي كما هي مشكلة الملايين، وهي أموال وتحويشة عمري في شركة توظيف أموال، ولكني أحسب أن لدي مشكلة أخرى ألا وهي عادتي في إخراج زكاة المال كل عام. وهذا العام ليس في الإمكان الحصول على رأس المال ولا حتى على قيمة الزكاة لتوزيعها كما هي عادتي كل عام؛ فالأموال لديهم والعائد المصروف لا يكفي مصاريف الحياة لأسرة من خمسة أفراد، ويعلم الله كيف يتم تدبير المال. والمبلغ لديهم ليس صغيرا فهو يتجاوز المائة والعشرين ألفا، يعني زكاته تقرب من ثلاثة آلاف جنيه. فهل أنا مطالب بدفع الزكاة عن هذا المبلغ، أم تسقط عني لحين البت في الأمر؟ أفيدوني وأريحوا ضميري. محمود كمال جاد، المنزلة دقهلية.»
17
تمخض نجاح همت فيما عجزت عن إنجازه ذات، عن ارتفاع أسهم الأولى لدى الماكينات، كما تمخض عن نتيجة أخرى، متوقعة في كافة الأحوال؛ هي مقاطعة الماكينات لذات، التي ردت من جانبها بمقاطعة كل من همت ودعاء، ابنتها، باعتبارهما مسئولتين عن القضية برمتها. وتداعت بقية السلسلة؛ قاطعت دعاء أختها الصغرى لأنها نبهت أمها إلى توافق ظهورها في البلكونة مع ظهور ابن الجيران في البلكونة المقابلة، وقاطعت ابتهال عبد المجيد بسبب انحيازه الدائم إما إلى دعاء أو إلى ولي العهد، وعبد المجيد ذات؛ لأنها دأبت على نسيان الليمون عند إعداد القلقاس أو البامية، وذات سميحة؛ لأنها اقترضت منها مقلاة معدنية من الصلب الذي يصدأ وأعادت بدلا منها مقلاتها الخاصة الأقل جودة، وسميحة ولي العهد عندما اكتشفت أنه يستولي على ألعاب ولية عهدها، فيضع في جيبه ما خف حمله، أو يخفيه في أماكن سرية، ينقله منها عندما تسنح الفرصة. وكان ولي العهد نفسه هو الذي أزال حواجز المقاطعة بين الجارتين، حينما ارتفعت درجة حرارته فجأة، والتقت أيديهما بالضمادات المثلجة فوق جبهته.
كان لقاء الأيدي فاتحة لالتقاء الشفاه؛ ونقصد بذلك إعادة تشغيل قناتي البث، وبأقصى قوة؛ من أجل تغطية الفجوة المعلوماتية التي أحدثتها المقاطعة. هكذا علمت ذات بالتطورات الأخيرة في حياة جارتها، بدءا من إحالة رئيس مجلس حي مصر الجديدة إلى التحقيق بتهمة تلقي الرشوة، وانتهاء بنوبات القيء المتكررة التي تصيبها.
والحاصل أن رئيس مجلس حي مصر الجديدة لم ينتبه إلى ما تتميز به عن غيرها من أحياء القاهرة الكبرى؛ فهي ليست فقط أول ما يقابل السائح ، وإنما أيضا المكان الذي يسكن به ويعمل رئيس الجمهورية؛ ولهذا كان لا بد وأن يلحظ المسئولون التغير الذي طرأ على تضاريس الحي، والارتفاع المفاجئ في منسوب بعض شوارعه، وفي بعض أجزاء الشارع الواحد، وأن يدركوا السر بحكم خبرتهم العريضة في رصف وتعبيد مختلف أنواع المسالك.
هكذا تحركت آلة العدالة اليقظة في وقت غير مناسب على الإطلاق، بالنسبة للشنقيطي؛ إذ كان بسبيله لشراء شقة واسعة من أربع غرف بمدينة نصر، على أثر الانتهاء من تركيب ساعات ضخمة في ميادين مصر الجديدة فوق خوازيق من البلاستيك؛ توطئة لإزالتها (الساعات والخوازيق) واستبدالها بساعات مجسمة من الزهور. وفي اليوم الذي انتهى فيه تركيب الساعات، وقبل أن يتم تشغيلها، استدعي رئيس مجلس الحي للتحقيق في مبنى المحكمة المقابل لمكتبه، وذهب الشنقيطي معه، لا من قبيل التضامن؛ وإنما لأنه كان مطلوبا هو الآخر.
ترتب على هذا الاستدعاء عدد من النتائج الفورية واللاحقة؛ نقل رئيس مجلس الحي إلى حي آخر لا توجد به شوارع، والشنقيطي إلى مكتب آخر لا صلة له بالجمهور (المقاولون، وطلاب التراخيص وملاك الأراضي والعمارات، والباعة الجائلون، والسكان، ومستأجرو الأكشاك، ومستوردو الأدوات الصحية وقطع غيار السيارات، وأصحاب المكاتب الاستشارية وشركات الإعلان والبساتين، ومهندسو الديكور)؛ عدم تشغيل الساعات؛ إذ نسي الجميع أمرها في زحمة هذه التطورات، خاصة وأن أحدا لم يكن بحاجة إليها (لأن الجميع يحملون ساعات دقيقة تمكنهم من عدم المحافظة على الوقت)؛ طيران شقة مدينة نصر، بالطبع، وأخيرا وقوع الشنقيطي في براثن الشيخ سلامة.
يعمل سلامة عبد الغفار في قسم العوائد بمجلس حي مصر الجديدة. ومنذ بضعة شهور أصيبت ابنته الصغيرة التي لم تتجاوز عاما ونصف عام بنزلة معوية، وأعطاها الطبيب محلول الجفاف ومخفضات الحرارة، وفي اليوم التالي تحسنت صحتها وجرت ولعبت، إلا أن أباها لاحظ انتفاخا طفيفا في جسمها فطلب منها أن تستريح، فاستراحت إلى الأبد، ودفنت في نفس اليوم. وقضى سلامة الليل جالسا يحدق في الصندل الذي كانت تلبسه وهي تلعب، والذي انثنت حافته بسبب عادتها في عدم فك رباطه عند خلعه أو لبسه. وعندما بزغ الفجر، سمع صوتا خافتا طفوليا يناديه باسمه مجردا: «سلامة، قوم صلي.» بهت وتلفت حوله وفتش الغرفة دون أن يعثر على مصدر الصوت، فقام من فوره وتوضأ وصلى، وكانت هذه هي البداية.
فبفضل صندل الطفلة الملون أصبح يدعى بالشيخ سلامة؛ من فرط ما أبداه من تقوى وورع تجليا بوضوح في لحيته، ومتابعته للفروض بل وزيادة، وفي قيامه بمهام الدعوة؛ إذ أخذ على عاتقه أن يكسب إلى عالم الحق الذي تراءى له من يستطيع من ضالين تائهين. هكذا التقطت عيناه الحادتان الشنقيطي في اللحظة التي انتقل فيها إلى الغرفة المجاورة، مسبوقا بالفضيحة. وبدأ ينصب شباكه من حوله؛ يقرئه السلام كلما مر من أمام غرفته، ويدعوه إلى مشاركته شراب الحلبة أو القرفة، ثم الصلاة في المصلى الذي أفردت له غرفة مناسبة في موقع استراتيجي إلى جوار دورة المياه.
لم يجد الشنقيطي غضاضة في العلاقة المفروضة عليه، بل رأى فيها فرصة للتنظيف الداخلي والخارجي، لكن الشيخ سلامة لم يكن داعية هينا؛ إذ لاحق الشنقيطي بمهام وتبعات متزايدة؛ صلوات إضافية، وقراءات متعمقة، ولقاءات ليلية، وواجبات منزلية، مما أدى إلى تمرده؛ لأنه كان ملاحقا بمهام أخرى، تتعلق بكسر طوق العزلة عن الجماهير، صاحبة الفضل الأول (كما قال عبد الناصر، عندما كان الشنقيطي في الثانوية). ووقف الشيخ بالمرصاد لمحاولات التهرب من الفرائض المشتركة، وعندما دأب الشنقيطي على الانزواء في أحد المكاتب النائية قبل موعد الآذان بقليل، أخذ يلازمه كظله قبل الموعد بوقت كاف. وبالنتيجة انتقل اهتمام الشنقيطي من التركيز على إيجاد طريقة للتقرب من الجمهور إلى طريقة للإفلات من ملاحقة الشيخ سلامة، وأصبح من المناظر المألوفة في أروقة مبنى مجلس حي مصر الجديدة (الذي زوده رئيسه الجديد بمدخل فخم من الرخام) منظر الشنقيطي وهو يهرول متلفتا خلفه، والشيخ سلامة وهو يمر على الغرف ويتطلع داخلها باحثا عنه.
تركت هذه التطورات آثارها على الحياة الخاصة للشنقيطي؛ اختفت علب الكنتاكي فراي تشيكن، بيتزا هات، بريوش، لابالما، لورد، الإمبراطور، الفارغة من أمام باب الشقة، وبدا الإرهاق على سميحة نتيجة تفاقم واجباتها الزوجية، من الطهي إلى الموضوع إياه؛ فمن الطبيعي أن يلتمس الشنقيطي، إثر مطاردات النهار، شيئا من الطمأنينة والسلوى بين الأحضان الشرعية، ومن الطبيعي أيضا أن يكون، من غير علب الكنتاكي فراي تشيكين والجاتوه، أقل جاذبية من عبد الحليم حافظ وحسين فهمي.
حال شهر رمضان دون استفحال الوضع؛ فإيقاعه التقليدي، بما في ذلك برامج البث الملون الممتدة حتى الفجر، لم يكن يترك للشنقيطي مجالا لالتماس الطمأنينة والسلوى، فضلا عن أنه حل مشكلة التهرب من مطاردة الشيخ سلامة، بالاستسلام له، إكراما للشهر الكريم. أما سميحة فقد وجدت سلواها (هي وذات) في برامج الفوازير التي صممت بطريقة ديمقراطية، تسمح لكل مواطن، مهما بلغ به الجهل والغباء، أن يؤكد لنفسه، ولمن حوله، ما يتمتع به من ثقافة وذكاء. وكان لها، إلى جانب ذلك، سحر خاص في هذا العام تمثل في دعم مالي مقداره ألف وخمسمائة جنيه يوميا لمن يفوز بالحل، مقدمة من شركات توظيف الأموال «البركة وراء النجاح».
انتهى الشهر الكريم بفوازيره ومعاركه، وهزائمه وانتصاراته، فاستأنف الشنقيطي سيرته في الزوغان من الشيخ سلامة، وبالتالي واجهت سميحة إقبالا مضاعفا منه (بعد صيام الشهر)، كما واجهت ذات (إثر فشل وليمتين عجز عبد المجيد عن توفير اللوز والجوز لهما بسبب الارتفاع الصاروخي في أسعار الياميش) إعراضا واضحا من سدنة الأرشيف.
وبينما ذات تبحث عن سبيل لمواجهة الماكينات، قدمت لها سميحة الحل، بشكل عرضي، ذكرها بإطلالتها الأولى على الفخذين المبهرين، مع فارق واحد أو اثنين؛ فالذي طرق بابها مستنجدا لم يكن الشنقيطي، وإنما ولية عهده الصغيرة، المتعثرة في النطق، وما وجدته يسيل من سميحة لم يكن دماء من بين فخذيها، وإنما قيء من بين شفتيها.
حملت ذات القصة إلى ماكينات الأرشيف، فأحدثت الأثر المطلوب على الفور؛ فرغم وفرة معلومات الماكينات، وتجاربها الواسعة في ميدان التخلص من السائل إياه، كانت أول مرة يسمعن فيها عن هذه الطريقة المبتكرة؛ التخلص منه مباشرة عن طرق الفم. وتحولت ماكينات البث إلى ماكينات تلق، تتابع أنباء الطريقة الجديدة، صباح كل سبت، فضلا عن مرة أخرى وسط الأسبوع؛ ذلك أن ولية العهد كانت تدعو ذات، بخبطات واهنة على باب الشقة من يديها الدقيقتين؛ للإشراف على تقيؤ أمها مرتين تقريبا كل أسبوع؛ إحداهما في صباح الجمعة التقليدي بعد أن يخرج الشنقيطي للقاء الشيخ سلامة، المنتظر على باب العمارة؛ كي يخلصه من أحدث ذنوبه، وتسنح الفرصة لزوجته كي تتخلص هي الأخرى من ذنوبها بمعاونة جارتها.
ما جرت الإشارة إليه من قبل بالتلميحات والإشارات، وقلب الشفاه المصبوغة في ازدراء عندما يرد ذكر العملية إياها، صاغته سميحة الآن، من شفاه بيضاء، في كلمات مباشرة: «لا أطيق لمسته.»
في تفسير هذا الموقف لم تجد سميحة، البسيطة، غير التعليل التالي: «قلت له أنا مش شهوانية زيه.» وفي مجال التعليق لم تجد ذات، المجربة، غير العبارات المألوفة في مثل هذا الموقف، وبالتالي فهي لا تقدم ولا تؤخر: «ربنا يهدي» (والمقصود إما أن يهديها لتحمل لمساته، أو يهديه للكف عنها والاعتماد على النفس)، و«إنت محتاجة شوية تغيير» (والمقصود ليس رجلا آخر، وإنما الفسحة وبعض المشتريات، وفي أسوأ الاحتمالات طفل جديد). هذا فيما يتعلق بالاستراتيجية، أما فيما يتعلق بالتكتيك، فليس هناك غير التظاهر بالنوم، وادعاء الصداع والآلام إياها، (التي تأتي للأسف مرة واحدة في الشهر).
تساءلت سميحة وهي تزيح قميص النوم، كاشفة عن معلومة أخرى، فضلا عن الفخذين المبهرين: «ولما ياخدني بالغصب؟»
كانت الكدمات الزرقاء تغطيهما، فلم يتح لذات أن تتملى منهما، ولم تتكرر هذه الفرصة بعد ذلك أبدا، رغم أن التطورات اللاحقة كانت حبلى بالإمكانية.
بعد يومين، بينما كان عبد المجيد يهم بارتقاء الفراش، عقب انتهاء البث الحكومي، دوت صرخة مدوية في سكون الليل، جمدته في مكانه، وأيقظت ذات من النوم لتراه في هذا الوضع؛ ساق مثنية فوق الفراش أسفل قدميها، وأخرى على الأرض. ظنته مقبلا على ما يمكن الآن اعتباره من نزوات الشباب، لولا أن الصرخة تكررت، فانضمت ساقه الأولى إلى زميلتها فوق الأرض، معيدة إليه وقاره، وحملته الاثنتان إلى باب الشقة وزوجته من خلفه. أضاء نور السلم وفتح الباب وأطل برأسه في حذر، لكن العمارة كانت هادئة. وعندما ترددت الصرخة مرة أخرى خرج إلى الطرقة ووضع أصبعه على جرس جاره، ولم يرفعه إلا عندما سمع دورة المفتاح في قفل الباب.
الذي ظهر أمامهما كان شنقيطيا متمالك النفس، غير الآخر الهائج الذي فقد أعصابه منذ قليل وانهال على سميحة بعصا ظهرت فجأة من حيث لا تدري، مما يدل على أن الفكرة لم تكن وليدة اللحظة، وإنما اختمرت منذ بعض الوقت، وربما منذ اللحظة التي عجز فيها عن قراءة الكتاب إياه، ذي الرسوم الفاضحة، الذي ما زال مدسوسا بين أوراقه الخاصة في الرف العلوي من دولاب الملابس. سمح لهما بالدخول وإن رفض الإجابة على أسئلتهما. سميحة هي التي تكلمت مع ذات على انفراد في غرفة النوم، وتوصلتا معا إلى قرار نفذته سميحة بمجرد شروق الشمس؛ إذ غادرت المنزل إلى أبويها في زفتى، اللذين أعاداها، مساء نفس اليوم، صاغرة.
لم تستطع ذات أن تفهم أبوي سميحة، وأمها بالتحديد؛ فالأب الذي يكبر زوجته بعشرين عاما، لم يكن سوى صوت سيدته، التي تكبر ذات بعامين أو ثلاثة، ونشطت مفرختها في سن مبكرة، فأصبح لديها الآن إلى جوار سميحة ولدان، أحدهما تخرج من الجامعة وتزوج، وفتاة تزوجت بعد أن حصلت على شهادة الثانوية.
بإشارات باترة من أصبع لوثها النيكوتين، حدد الأب موقف الأم، في الليسات الأربع؛ ليس في العائلة امرأة تغضب من زوجها، وليس في العائلة امرأة تترك منزل الزوجية، وليس في العائلة امرأة لا تلبي الطلبات إياها، وليس في العائلة امرأة لا تتشرف بأن يضربها زوجها.
فيما بعد، ألقت سميحة الضوء على قيم العائلة؛ فأطفال الابن الأكبر والبنت الأخرى، يقيمون بصفة مستمرة مع الجدين في شقتهما المحدودة المساحة والإمكانيات، وبذلك «ليس» هناك متسع لمزيد.
عادت الأمور إلى سيرتها الأولى؛ أي إلى مرتي قيء تقريبا في الأسبوع، وتدهورت صحة سميحة، وساورتها فكرة الانتحار؛ مما دفع ذات إلى التماس العون الخارجي. ولأنها لم تكن تعرف الشيخ سلامة، وتنفر من الدكتور فتحي، فلم يعد أمامها إلا الحاج عبد السلام.
برز الحاج عبد السلام فجأة في الحي إثر عودته من السعودية بسبب هيئته المميزة؛ لحية طويلة يتخللها البياض، ملابس حريرية على الطراز الباكستاني (قميص حتى الركبة وسروال)، في أطقم من ألوان عدة (الأبيض والرمادي والبني والسماوي والكحلي)، نظارة مذهبة الإطار، صندل جلدي فاخر من طراز صنادل صدر الإسلام، ومصحف في غلاف مخملي مضموم إلى الصدر فوق منطقة القلب مباشرة، ومشية مهرولة إلى المسجد الذي أقامه صاحب عمارة جديدة في طابقها الأرضي ليتخفف من عبئين في وقت واحد؛ الذنوب والضرائب. وتبرع له الحاج عبد السلام بعدة مراوح كهربائية، وبفرش من الموكيت، وحصائر متينة ملونة تبسط فوق أرض الشارع عند اللزوم؛ فحق له أن يؤذن للصلاة ويؤم الناس ويخطب الجمعة ويفتي في شئون العباد.
فكرت فيه لأول مرة عندما ظهرت على دعاء أعراض عدم التركيز من جراء عدم إجراء العملية التقاليدية، وأصبحت تقضي وقتا طويلا منحنية على مكتبها متظاهرة بالقراءة والدرس، وهي تضم فخذيها بقوة، لكنها لم تجد الجرأة على الذهاب إليه إلا عندما أوشكت سميحة على التلف.
استقبلهما الشيخ بعد صلاة المغرب دون أن تبدو عليه علامات الدهشة، كأنما كان في انتظارهما، وبسط لهما جناحي عباءته السعودية المهيبة مرحبا، وقادهما إلى صالون صغير تغطت مقاعده بقماش الكريتون المشجر، وجدرانه بالآيات القرآنية وألفاظ الجلالة فوق قطع من الجوبلان والمخمل والخشب والنحاس والفضة، وموائده الصغيرة بالمباخر السعودية الصغيرة المصنوعة في تايوان، ثم سلط عليهما عينين صقراوين أجبرتهما على خفض العيون في حياء، فأصبحتا في وضع استعداد لتلقي البث المتمثل في آيات من سورة النساء، ألقاها في فصاحة تامة واستمتاع أتم بمواضع معينة أجبرتهما على المزيد من خفض العيون، بل ودفعت بشيء من الحمرة إلى وجه سميحة الشاحب. الرسالة: طاعة الزوج واجبة في كافة الأوضاع؛ جالسة، واقفة، على ظهرها، أو على بطنها. لكن سميحة ركبت رأسها.
ففي ساعة متأخرة من نفس الليلة كان عبد المجيد يهم بالصعود إلى فراشه عندما جمدته صرخة مدوية في مكانه المعهود عند قدمي ذات؛ ساق مثنية أسفل قدميها، وأخرى على الأرض. ترددت الصرخة بنفس القوة فلم يجد بدا من ضم الساقين فوق الأرض، والإسراع إلى باب الشقة وذات في أعقابه .
لم يستجب الشنقيطي لدقات الجرس على الفور كما فعل في المرة السابقة، وتواصلت صرخات سميحة، فتخلى عبد المجيد عن دق الجرس، وأخذ يدق الباب بقبضتيه حتى انفرج أخيرا عن شنقيطي غاضب خاطبه في وقاحة: «عايز إيه؟»
رفض الشنقيطي السماح لذات وعبد المجيد بدخول شقته، لكنه تراجع عندما أمسكت سميحة بسكين المطبخ وهددت بذبح نفسها، عندئذ دارت مفاوضات مضنية تبين خلالها أنه تلقى من الشيخ سلامة نفس الآيات والرسالة التي تلقتها ذات وسميحة من الحاج عبد السلام، وانتهت بالاتفاق على خروج سميحة مرة أخرى.
صمدت سميحة في زفتى يومين، ثم تلفنت لذات في الأرشيف، وتواعدت معها على اللقاء في الهيلتون، أين غيره؟
ارتدت ذات لهذا اللقاء أثمن عمامة من عماماتها، وأحدث تايير لديها، ووضعت قليلا من الروج فوق شفتيها، في محاولة لإخفاء أثر ندبة الشفة العليا، ثم انطلقت خفيفة متوهجة ومضطربة إلى الفندق. انفرجت أبواب الزجاج الفيميه أوتوماتيكيا بمجرد اقترابها، واحتوتها رطوبة التكييف الناعمة. شقت طريقها وسط مجموعة من السياح الأجانب، وتلافت الاصطدام بأحد موظفي الفندق الذي كان يمضي مسرعا، ممتلئا بأهميته، معلنا بحركة جسده وشاربه الكث وبياض بشرته وعينيه الزرقاوين ورأسه الحليق، عن تميزه الاجتماعي الذي انعكس في اعتذار مهذب للغاية: «إكسيوز مي يا أفندم»، ردت عليه في ارتباك: «سوري»، رغم أن داليدا نفسها كانت تلعلع في هذه اللحظة من كل ركن باللغة العربية: «أدينا بندردش .. ورانا إيه.»
اتجهت إلى المشرب، ووقفت حائرة تجيل البصر بين الموائد، ثم جلست بالقرب من سيدتين بدينتين محجبتين كأنما تحتمي بهما، وراقبتهما تحتسيان مشروبا من كأسين كبيرتين امتلأتا بقطع الفواكه، إلى أن جاءها النادل وانحنى أمامها في أدب مترفع، فطلبت كوبا من الشاي، وعندما أجابها في برود: «الشاي والقهوة في الكوفي شوب. هنا لا نقدم سوى سوفت درينك»؛ ارتبكت، وخجلت أن تشير إلى شراب الفواكه في يد جارتيها وتقول: «عايزة من ده»، فطلبت عصير برتقال فريش.
تسارعت دقات قلبها عندما ظهرت سميحة، وأوشكت أن تحتضنها، لكنها اكتفت بقبلات الوجنات، وبالإعراب عن مشاعر الوحشة، قبل أن يبدأ البث، الذي تخللته علبة سجائر أبرزتها سميحة، وقدمت منها واحدة لذات أخذتها في ترحاب. لم لا وقد بدأ التمرد؟
لكن ذات اتخذت موقفا محافظا للغاية عندما أعلنت صديقتها عزمها على طلب الطلاق؛ فهدم الأسر خطيئة لا تغتفر، ثم إن هناك اعتبارات عملية كثيرة، لم تغب عن فطنة سميحة التي ذكرت وهي ترمق إحدى المضيفات بحسرة واضحة، أنها تنوي استئناف الدراسة والبحث عن عمل، ثم أشاحت بيدها في استهانة عندما ذكرتها ذات بولية عهدها، قائلة: «يتكفل بيها.»
أيدت التطورات ما توقعته ذات؛ فصوت سيدته أضاف بندا جديدا إلى بنوده الأربعة: «ليس في عائلتنا شيء اسمه الطلاق»، (وهو نفس ما اكتشفه الشنقيطي بالنسبة لعائلته هو)، والأم هددت بأن تشهد ضد ابنتها أمام المحكمة، وطالبتها بمغادرة المنزل لتجبرها على العودة إلى زوجها، لكن سميحة صمدت للضغوط، وانتقلت إلى منزل عمة لها بالقاهرة، في إحدى حواري شبرا، أدارت منه عدة جولات من المفاوضات الشاقة انتهت باندحارها؛ فقد أقنعها أبواها بتوقيع تنازل عن الشقة ومحتوياتها مقابل الطلاق، وعندما فعلت تنصلا من الالتزام.
شيء لا يصدق من جانب أبوين؟ ليس بالقطع. إذا نحينا صوت سيدته جانبا، والقيم التي يمثلها (الظاهر منها والباطن)، فإن ما يتبادر إلى الذهن، تفسيرا لموقف الأم، هو أنها صاحبة رؤية استراتيجية تتمثل في حماية بيت ابنتها من الانهيار. فإذا ما تخابثنا، ألفينا أنفسنا أمام أحد تعليلين أو كليهما معا؛ أنها لا تريد لابنتها أن تنجح في تحقيق ما عجزت هي عن تحقيقه، و(أو) أنها تحمل عاطفة خاصة للشنقيطي الذي لا يصغرها إلا بسنوات قليلة. التعليلان نفسهما يصلحان لتفسير موقف ذات قبل خدعة التنازل عن الشقة؛ فقد انتقلت بعدها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، معلنة مساندتها لمطلب الطلاق، مما جلب لها اتهاما بالتحريض، وبأنها أساس البلاء والفساد، لكنها لم تعبأ بالاتهامات؛ إذ شعرت من رد الفعل في الأرشيف أنها تبنت قضية عادلة.
بوسعنا أن نتخابث هنا أيضا، كما فعلنا في حالة الأم، ونبحث عن تعليلات لموقف ذات من قبيل أملها في أن تحقق سميحة ما عجزت هي عنه، أو رغبتها في استخلاص الفخذين المبهرين من براثن الوحش، أو العكس؛ تحطيمها بهدم السقف فوقها، أو وجود عاطفة خاصة نحو الشنقيطي (الذي يماثلها سنا تقريبا)، أو ضده؛ رغبة في ردعه (للحيلولة دون انتشار عدوى طريقته في انتزاع حقوقه الزوجية)، أو الانتقام منه (لأنه أقنعها بأن تعطيه مدخراتها التي لم تتجاوز الألف جنيه ليضعها تحت تصرف الحاج قرشي مقابل ربح سنوي يصل إلى ثلاثين بالمائة، ففعلت من وراء ظهر عبد المجيد، ودون أن تأخذ أي إيصال بالمبلغ، لا من الشنقيطي ولا من الحاج؛ لأن الاثنين يعرفان ربهما، ولم تحل هذه المعرفة دون الحاج والتنصل من دفع الربح المأمول، أو إعادة المبلغ الأصلي عندما طالبت به).
بنفس الطريقة يمكن تقصي البواعث التي أدت إلى تورط عبد المجيد، الذي حرص طول عمره أن يظل بمنأى عن المعارك والحروب؛ غيرة من الشنقيطي لنجاحه في علاقاته بالجمهور، أو لاستحواذه على الفخذين المبهرين، أو رغبة خفية في التقرب منهما (الفخذين)، أو محاولة لاستعادة حجمه الطبيعي، بعد الانكماش الذي أصيب به.
فعندما احتاجت سميحة إلى من يساند دعواها أمام القضاء، بأن يشهد على سوء معاملة الشنقيطي لها، رشحت ذات زوجها الذي لم يقبل إلا بعد أن استعطفته سميحة بنفسها، وانضمت إليها دعاء، ففاز من الاثنتين بنظرة إعجاب أدفأت جوانحه المقرورة.
تواجه الخصوم في قاعة المحكمة المواجهة لمجلس الحي، وجلسوا طبقا لمواقعهم الأيديولوجية؛ سميحة ومحاميها، وذات وعبد المجيد إلى اليسار، والشنقيطي ومحاميه ووالدي سميحة إلى اليمين. وبعد طول انتظار تأجلت الجلسة إلى موعد آخر بعد شهرين دون أن يؤدي عبد المجيد واجبه.
لم يقدر لعبد المجيد أن يؤدي هذا الواجب على الإطلاق؛ فعندما حان موعد الجلسة الثانية، لم يكن عاجزا وحسب عن الذهاب، وإنما كان الموقف برمته قد تغير. ولم يقع التغير مرة واحدة، وإنما تم بصورة تدريجية بدأت بالحذاء.
ففي اليوم التالي لجلسة المحكمة الأولى، وعند عودته من السوق في المساء محملا باحتياجات العشاء، وسندوتشات الصباح، من جبن وزيتون وفول مدمس وأرغفة خبز أفرنجي (انتظر نصف ساعة ليفوز بثلاثة منها)، رأى حذاء نسائيا، خاليا بالطبع، ملقى أمام باب جاره. ورغم انهماكه في حساب ما أنفقه وما سينفقه في المستقبل، فإنه استطاع، في الفترة التي استغرقتها ذات لتحرك مؤخرتها وتفتح له الباب، أن يلقي نظرة متأنية على الحذاء أمده باكتشافين؛ الأول: أن الحذاء موضوع بعناية فوق فرشة من المطاط ثبتتها سميحة أمام عتبة بابها لاحتجاز ما يعلق بالأحذية من تراب ووسخ (ودخلت من ساعتها قائمة الطلبات المؤجلة التي تذكره بها ذات كل حين)، والثاني: أنه موضوع بتشكيل غير مألوف يبدو متعمدا؛ فالفردان مقلوبان ومتعامدان على هيئة الصليب.
أدركت ذات، بغريزتها الأنثوية، السر من نظرة واحدة، فقالت بعد أن أصبح عبد المجيد داخل الشقة وأغلقت الباب: «عمايل الأم.»
استفسر عبد المجيد في براءة: «عمايل إيه؟»
زادت في الإيضاح: «شبشبة»؛ فنعل الحذاء في وضع الصليب كفيل بإحباط المكائد ورد الكيد إلى صاحبه.
وبعد أسبوع فتح عبد المجيد باب شقته في الصباح ليخرج إلى عمله ففوجئ بحبل السلة التي تتركها ذات مدلاة في بئر السلم لتقوم بدور مصعد المهمات، ممزقا إلى قطع متساوية لا يتجاوز طول الواحد منها مسطرة الحساب، ومصفوفة بنظام دقيق، لا أمام باب الشنقيطي، وإنما على عتبة بابه هو.
استدار عبد المجيد وأومأ إلى ذات بالاقتراب، وعندما أشبعت عينيها من المشهد أغلق الباب وقال لها في صوت (اكتشف فيما بعد أنه كان هامسا): «دي كمان عمايل الأم؟»
قالت ذات المجربة: «لا. ده الشنقيطي نفسه.»
صدق حدس ذات؛ فالرسالة التي أريد للحبل أن ينقلها، اجتهد الشنقيطي في توصيلها بنفسه في الأيام التالية؛ عندما أدارت دعاء الترانزستور بموسيقى هشك بشك عالية الصوت، ونظم ولي العهد مباراة في الكرة متخذا من الحائط الفاصل بين الشقتين هدفا، وقامت أم وحيد، في موعدها الأسبوعي، بنفض السجاجيد على السلم. فقد أتاحت هذه المناسبات للشنقيطي الفرصة لأن يهاجم، بأعلى صوت، من لا يكتفون بالتدخل في شئون جيرانهم فيلوثون البيئة بالضوضاء والغبار.
لم تكن ذات ممن يفرشون الملاءات على السلالم؛ لهذا وقع عبء مواجهة الاستفزاز على عبد المجيد، الذي أبدى حنكة ودهاء بالغين؛ إذ حرص على تجنب كل ما من شأنه إثارة جاره، وتحاشى حتى أن يستخدم سلم العمارة في المواعيد التي يستخدمه فيها الآخر، مفوتا بذلك كل الفرص عليه، ومجبرا إياه في النهاية على الالتجاء إلى تكتيكات أكثر مباشرة.
ففي إحدى الأمسيات غادر عبد المجيد شقته في رحلة السوق المعهودة (التي يعود منها أحيانا خاوي الوفاض، من المشتريات والنقود على السواء)، وما إن أغلق الباب خلفه وخطا في اتجاه السلم حتى فوجئ بباب الشنقيطي يفتح في حركة سريعة، وبالشنقيطي نفسه أمامه وجها لوجه.
لم تتح له الفرصة كي يقرئ جاره السلا؛ إذ استقرت قبضة الشنقيطي القوية على صدر قميص عبد المجيد، وسحبته بصاحبه إلى داخل الشقة، بينما تولى كعب قدمه إغلاق بابها.
وأسفل ثريا الصالة المكونة من عدة طبقات (والتي اشترتها سميحة من «عمر أفندي» بتوجيه من ذات) تواجه الخصمان؛ الشنقيطي هائجا كالثور، ثائرا على ملوثي البيئة، مقسما بكسر ساقي عبد المجيد إذا ذهب مرة ثانية إلى المحكمة. وعبد المجيد، الذي ما زال صدر قميصه في يد غريمه، منكمشا من الرعب الذي ألجم لسانه.
فرغ قاموس الشنقيطي فانتظر أن يسمع من غريمه تعليقا يتيح له إعادة الشحن، لكن هذا لم ينبس ببنت شفة، مما أتاح للشنقيطي أن يسمع الطرقات التي انهالت على باب الشقة من دعاء وولي العهد، ونداءاتهما الباكية لأبيهما، فلم يجد مفرا من إطلاق سراحه، لكنه قبل أن يفعل استسلم لإغراء الرقبة الدانية، وصفع صاحبها بيد أحسن جمهور مصر الجديدة تسمينها.
عاد عبد المجيد إلى شقته بين منقذيه (دعاء وأمجد)، بينما انطلق الشنقيطي من فوره إلى قسم الشرطة. وأعلن عبد المجيد بمجرد أن أغلقت ذات باب الشقة أنه وجه إلى غريمة صفعة ألصقته بالحائط وشجت رأسه حتى انبثقت منها الدماء، وهو إعلان استقبلته ذات في ريبة، لم تفلح التطورات التالية في التخفيف منها.
فبعد ساعة بالضبط، استدعي عبد المجيد إلى قسم الشرطة ليدلي بأقواله في واقعة اعتدائه على الشنقيطي، المثبتة بتقرير طبي عن إصابات مختلفة في رأسه وعنقه ويديه، فأقر عبد المجيد، في اعتداد، بصحتها. وبعد أسبوع أحضر إليه أحد المحضرين الورقة التالية:
تغاضى عبد المجيد عن الإهمال الذي تجلى في صياغة الإعلان (إغفال عنوانه بالتفصيل، وعدم تحديد طبيعة الجلسة، أو رقم المادة القانونية المعنية، وعدم وضوح التوقيع)، ولزم الفراش على الفور. وفي المساء اكتشفت ذات أن المساحة التي يشغلها من الفراش قد تضاءلت، فأرجعت ذلك إلى أكلة الرنجة التي افترستها هي في الظهر، وأجبرته في اليوم التالي على مغادرة الفراش والالتجاء إلى أحد المحامين الذي هون عليه الأمر، مؤكدا أن أمثال هذه المحاكمات تحدث كل يوم ولا تتمخض عن شيء، ولم يمنعه هذا من المطالبة بمائة جنيه كمصاريف أولية على أن يتم التحدث في الأتعاب فيما بعد، وبهذا برهن على بعد نظره؛ فلأنه نصح عبد المجيد بعدم الحضور في الجلسة المذكورة، ولم يكلف نفسه هو أيضا عناء الحضور، أصدر القاضي حكما بحبس عبد المجيد ثلاثة شهور، وهو الحكم الذي سارع المحامي باستئنافه مقابل مائتي جنيه - مصاريف أولية أيضا - ناصحا عبد المجيد بعدم الحضور مرة أخرى، مؤكدا ثقته في النتيجة، واعدا بإبلاغه إياها في اليوم التالي؛ لأن الأحكام تعلن عادة في نهاية النهار.
وبفضل علاقات الشنقيطي الوثيقة بالأجهزة المحلية، تم إبلاغ عبد المجيد بالحكم في نفس اليوم على يد شرطي طالبه بتسليم نفسه فورا إلى مركز الشرطة لتنفيذ العقوبة التي صادقت عليها محكمة الاستئناف.
18
الرئيس مبارك يحدد معالم مرحلة جديدة تواجه التحديات بالعمل والأمل ويقول:
حققنا مفخرة لشعبنا العظيم
ممثل وكالة التنمية الدولية الأمريكية أمام الكونجرس الأمريكي: «منذ يونيو 1985 دخلت الولايات المتحدة مع الحكومة المصرية في
حوار منتظم
حول السياسات، ويتم التشاور مع كبار المسئولين المصريين مرة كل شهر على الأقل، ويستكمل ذلك مع الوزارات المتخصصة.»
ارتفاع جديد في
أسعار
المواد الأساسية.
إحصاء رسمي: «50 ألف «مدمن» مخدرات في القاهرة وحدها.»
انهيار محصول
القطن
المصري.
د. رفعت المحجوب
بعد انتخابه رئيسا لمجلس الشعب للمرة الثالثة : «مجلس الشعب عقل للتشريع لا يميل مع الهوى والنزوات، لكنه يلتزم بمصالح المجتمع.»
براءة
عبد الخالق المحجوب ، شقيق رئيس مجلس الشعب، و16 آخرين من التهم الموجهة إليهم.
مصر هي مصر
عظيمة برجالها شامخة بقضائها.
محمد سيد عبد المنعم
وأسرته يسجدون لله سبحانه وتعالى شاكرين فضله ونعمته وينحنون بالتقدير لقضاء مصر العظيم على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف ببراءته من التهمة المنسوبة إليه.
الطائرات الإسرائيلية تقصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس
شيمون بيريز: «الطائرات الإسرائيلية تقوم بطلعات فوق
السعودية
بصفة منتظمة منذ ثلاث سنوات.»
اختيار
أنيس منصور
للاشتراك في كتابة التاريخ العسكري الحديث لمصر.
الملياردير السعودي
عدنان خاشوقجي
يرحب بمشروع
مصطفى خليل وشيمون بيريز
لتنمية الشرق الأوسط.
كمال حسن علي ، رئيس الوزراء الأسبق، يشتري مائة فدان حدائق وموالح في المنوفية بمبلغ ثمانية ملايين من الجنيهات.
صحيفة أمريكية:
بنك ... الإسلامي
ساهم في تفاقم المجاعة في غرب السودان لأنه يشتري المحاصيل الزراعية ويقوم بتخزينها.
نجم كرة السلة
مدحت وردة : «حلقت شعري لوجه الله تعالى وبدأت الالتزام فأطلقت اللحية، وسألت علماء كثيرين وقرأت وتأكدت أن عورة الرجل من السرة حتى الركبة، فقررت إطالة الشورت لينسدل حتى ركبتي لأمارس الرياضة دون معصية الله في شيء.»
صحيفة الشعب : «رئيس
بنك مصري-إقليمي
يرفع راتبه السنوي من 40 ألف دولار إلى مائة ألف، ويبدد مليوني دولار من أموال البنك في صورة قروض لشريكه في بنك أرتوك بتكساس.»
بنك
مصري
ذو طابع عربي دولي، يرأسه مسئول كبير سابق، معروف بصلاته الإسرائيلية، يدبر لمدير
بنك إقليمي
ستة ملايين دولار للمضاربة في سوق المال.
أخيرا دخلت مجموعة عطور
بوب
للرجال إلى
المملكة العربية السعودية
د. عبد العزيز حجازي ، عضو مجلس إدارة
بنك فيصل الإسلامي : «البنك يجمع ودائع فرعه في السودان وفرعه في مصر ويرسلها إلى مصارف أوروبا.»
150 مليون جنيه خسائر
شويبس
التي يديرها ابن أخت
عثمان أحمد عثمان .
اتحاد المقاولون العرب: «شركات المقاولات الأجنبية
أخذت من المنطقة العربية 450 مليار دولار.»
الشيخ
محمد متولي الشعراوي
في التليفزيون: «صليت لله شكرا يوم هزمت مصر في 1967.»
مصدر مسئول بوزارة الصناعة المصرية: «القطاع الخاص والاستثماري حصل خلال 12 عاما على تنازلات من الدولة تقدر قيمتها بحوالي 50 مليار جنيه تتمثل في
الإعفاءات الجمركية والضريبية والتسهيلات الائتمانية ، وبالرغم من ذلك بلغت ديونه 4,2 مليار جنيه تعثر في سدادها. كما حصل هذا القطاع من البنوك على قروض بفوائد خاصة بلغت 650 مليون جنيه و750 ألف دولار.»
746 جريمة
اغتصاب وهتك عرض
في خمس سنوات، أغلبها في القاهرة والإسكندرية، وبالنهار وفي مناطق آهلة بالسكان، بل وشديدة الازدحام.
حفظ التحقيق في قضية
مقتل ممثلة الإعلانات الألمانية
وقيده ضد مجهول.
تصدع
عمارة برج الزهراء (17 طابقا) في المهندسين وهي ما زالت تحت التشطيب.
حفظ التحقيق في قضية مقتل المخرج السينمائي
نيازي مصطفى
وقيده ضد مجهول.
سقوط
سقف الصالة المغلقة للألعاب باستاد القاهرة أثناء إنشائها نتيجة انهيار قواعدها الخرسانية.
رئيس الوزراء
علي لطفي
يدعو للتقشف.
23 ألف جنيه ل
ديكور
مكتب المهندس محمد زاهر زايد رئيس هيئة كهرباء الريف.
صحف المعارضة:
د. علي لطفي
رئيس الوزراء يسافر إلى لندن للعلاج على نفقة الدولة في صحبة 11 مرافقا وطبيبين، أقاموا جميعا في فندق جروفز (5 نجوم و150 جنيها إسترلينيا للغرفة في الليلة).
إسرائيل تحفر آبارا عميقة في منطقة النقب لسحب المياه السطحية والجوفية من تحت الأرض المصرية في سيناء.
الشيخ
متولي الشعراوي : «عمل المرأة إهدار لكرامة الرجل.»
محكمة القيم تحمل
وجيه شندي
وزير الاستثمار المسئولية عن ضياع نصف مليون جنيه أعطاها ل
توفيق عبد الحي
عندما كان رئيسا لبنك قناة السويس.
الحكم بالسجن على موظف بمجمع استهلاكي أضاع
أربعين جنيها
من خزينته.
أدوار مخالفة
للقانون فوق أكثر من خمسة آلاف عمارة بالقاهرة.
التحقيق مع أصحاب شركات السياحة في تهريب
مليار دولار
للخارج.
صحيفة الشعب تتهم
كمال حسن علي ، رئيس الوزراء الأسبق، بالاستيلاء على ثلاثين فدانا على البحيرات المرة مقابل 156 ألف جنيه في حين أن ثمنها الحقيقي أكثر من 5 ملايين جنيه.
الشيخ
متولي الشعراوي : «المرأة اضطرت للخروج إلى العمل لأن الرجولة للأسف أصبحت خائرة.»
إسرائيل تطلق قمرا صناعيا باسم أفق-1
يجعلها أول قوة فضائية في الشرق الأوسط.
اتهام
كمال حسن علي
بإصدار قرارات اقتصادية استفاد منها شقيقه في صفقات المرسيدس والاتجار بالعملة.
موظف يتهم طبيبا في مستشفى العقاد الخاصة بمدينة نصر ب
سرقة إحدى كليتيه
أثناء إجرائه عملية جراحية لاستئصال حصوة.
اتهام
د. سامي سليم ، نائب رئيس هيئة البترول، وشقيق حرم
عبد الهادي قنديل
وزير البترول، والمشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي بالهيئة، وشريك أحد أصحاب شركة «دولسي»، في ملكية صيدلية النجاح، بالحصول على عمولات غير مشروعة.
القبض على
ابنة
موظف كبير في وكر لتناول
المخدرات .
مصرع 28 وإصابة 18 عقب
انفصال مقطورة
نقل أسمنت واصطدامها بأوتوبيس كفر الشيخ.
اشتكى المريض من ألم في عينه اليمنى فأجرى له الطبيب الجراحة في العين اليسرى.
يوسف إدريس : «هناك كتاب لا يستطيعون أن يعتمدوا في كسب عيشهم إلا بالاسترزاق من هذا الحاكم والسلطان أو ذاك.»
تفجيرات نووية إسرائيلية في القارة القطبية الجنوبية
صحف المعارضة: «التحقيق مع
كمال حسن علي
يكشف عن علاقات تجارية بينه وبين تاجر السلاح السعودي
عدنان خاشوقجي .»
شركة الائتمان المالي بلندن: «
الاستثمارات العربية
في الخارج تتجاوز 300 مليار دولار.»
صندوق النقد الدولي: «
استثمارات دول الخليج
في الولايات المتحدة وأوروبا 180 مليار دولار.»
17888 قتيلا و90158 جريحا في حوادث «الطرق» بمصر خلال ثلاث سنوات.
المدعي العام الاشتراكي
يعيد، للمرة الثانية، تقدير أموال
عصمت السادات
الخاضعة للحراسة والمطلوب مصادرتها، فتصبح 18 مليونا بدلا من 78 مليونا.
اتهام المدعي العام الاشتراكي السابق ... بتكوين ثروة طائلة من استغلال المنصب الذي شغله ثماني سنوات متصلة بنى خلالها مزرعة دواجن على مساحة 12 فدانا بأبو كبير، شرقية، وقيلا فاخرة.
المدعي الاشتراكي السابق ...، يتهم 25 شخصية سياسية بينهم 7 رؤساء وزراء ووزراء حاليون وسابقون و12 عضوا في مجلس الشعب وعدد من المحافظين الحاليين والسابقين بأنهم استغلوا نفوذهم لإثنائه عن التحقيق في انحرافات شركات توظيف الأموال.
الصحفي
صلاح منتصر : «قبل سنوات غير بعيدة .. كان
الحب
سلعة موجودة في كل بيت، وتقريبا في كل نفس .. لكن الدنيا تغيرت .. وبدلا من شعور الحب أصبحنا نعيش مشاعر الأطماع .. كل واحد منا يطمع فيما لدى غيره ولا يحمد الله على ما في طبقه.»
مليون وأربعون ألف
هارب
من تنفيذ أحكام قضائية.
زكي بدر
وزير الداخلية: «الوزارة غير مسئولة عن تنفيذ الأحكام الجنائية.»
المتهمون في قضية الاعتداء على وزير الداخلية الأسبق
أبو باشا
يعترفون.
الصحف الحكومية: «الشهود تعرفوا على المتهمين، وبصماتهم مطابقة للبصمات التي وجدت في الحادث.»
النائب العام: «المتهمون أبرياء واعترفوا تحت التعذيب
الذي جرى في معهد أمناء الشرطة، وشمل تعليقهم وضربهم بالعصي والكرابيج والخراطيم واستخدام الكهرباء في أجزاء متفرقة من أجسامهم، وخاصة الأعضاء التناسلية، والعبث بفتحة الشرج، والتهديد بإحضار الزوجة أو الأم، أو التهديد بالاعتداء الجنسي.»
النائب مختار نوح في مجلس الشعب: «1000 تقرير طبي خلال عام واحد يثبت وقائع التعذيب.»
زكي بدر وزير الداخلية، في مجلس الشعب:
المعتقلون يقومون بتعذيب أنفسهم للحصول على تعويضات.
الإفلاس
يتهدد أربعة بنوك؛ المهندس (عثمان أحمد عثمان)، والأهرام (حسام أبو الفتوح)، والتجاريين (عبد العزيز حجازي)، والمصرف الإسلامي الدولي للاستثمار.
6 رؤساء مجالس إدارة
في القطاع العام أمام محكمة أمن الدولة العليا لاختلاس وتبديد 20 مليون جنيه.
إخلاء سبيل صالح مصطفى عمار،
رئيس مجلس إدارة شركة تعبئة بيبسي كولا (ق.ع)، بكفالة 50 ألف جنيه دفعها في الحال.
جريدة «الأهرام» عن صور النجاح المصري في أمريكا: «قدم الإخوة الأربعة أولاد
بشرى معوض يوسف
صورة نجاح مشرفة؛ إذ بدءوا من الصفر وشقوا طريقهم في بلاد الغربة. بدءوا بألف دولار، والآن أصبحوا يمتلكون ويعملون في ثروة تقدر بنصف مليار دولار.»
د. محمد صلاح الدين بالدمام: «أنا شخصيا من ضحايا أولاد
بشرى معوض يوسف
في مصر؛ فقد أخذ والدهم من يدي مبلغ عشرة آلاف جنيه مقابل استئجار شقة في إحدى عماراته، وإذا بي أجد العمارة ذات ال 24 شقة مؤجرة لمائة وواحد مستأجر، وأنه سلب أموال هؤلاء الناس بالإضافة إلى أموال من البنوك تقدر ب 16 مليون جنيه، ثم فر إلى أمريكا ليبدأ أبناؤه الأربعة نجاحهم وكفاحهم الشريف المزعوم من دم وعرق الناس في مصر.»
وكالات الأنباء: «ارتياح عام في باكستان لمصرع الديكتاتور
ضياء الحق .»
دوائر المخابرات الأمريكية المركزية : «
مصرع ضياء الحق
صدمة مروعة وخسارة كبيرة ... فقدنا صديقا مخلصا.»
الأزهر الشريف
يؤمن بقضاء الله وينعى إلى الأمة الإسلامية
قائدا من أعظم قادتها المعاصرين:
الرئيس محمد ضياء الحق
أخلص لأمته وصدق في جهاده واعتز بدينه وآثر الحق وعمل بشرع الله.
الإخوان المسلمون
يذكرون للرئيس الباكستاني الراحل عاطفته الإسلامية المتأججة، وتمسكه بآداب الإسلام وأخلاقه وشعائره، ومساندته العظيمة لمجاهدي أفغانستان.
السعودية تقدم للولايات المتحدة وديعة مقدارها 35 مليار دولار بفائدة ثلاثة أرباع في المائة كمصاريف إدارية.
د. زكي نجيب محمود : «أشعر بشرف عظيم إذ منحتني الجامعة الأمريكية بالقاهرة درجة الدكتوراه الفخرية. إني لشاكر وفخور.»
مستشار بمعهد التخطيط الفرنسي:
مصر أصبحت منذ عام 1975 أكبر «سوق
لمنتجات أمريكا الزراعية بعد السعودية، واستفادت أمريكا من تحولات المصريين في الخارج ودخل البترول وقناة السويس والسياحة.»
الرئيس مبارك:
دفعنا 4 مليارات دولار فوائد ديوننا لأمريكا ولم نبدأ في تسديد أصل الدين.
د. محمد محمود الإمام وزير التخطيط الأسبق: «
القروض السوفييتية
كانت طويلة الأجل، والسداد يتم على أقساط متساوية بفائدة 1,5 بالمائة بعد فترة سماح، ولم تتجاوز أعباء خدمة الديون في الستينيات 285 مليون دولار. أما
القروض الأمريكية فكل دولار تقترضه مصر تدفع نصفه خدمة للدين مع بقاء أصل الدين .»
إبراهيم نافع رئيس جريدة الأهرام: «لا معنى في النهاية لهذه الحقيقة المفزعة التي تقول إن مصر سوف تتحمل
فوائد مقدارها عشرة مليارات من الدولارات على دين مقداره أربعة مليارات ونصف مليار
سوى أن مصر وهي الدولة النامية سوف تكون مطالبة بتمويل خزانة الولايات المتحدة أغنى دول العالم بمبلغ عشرة مليارات دولار إضافية فوق قيمة الدين.»
البنك المركزي المصري:
ما يخص كل مصري من الدين العام في سنة 1987 هو 13 ألف جنيه و600 دولار.
إبراهيم نافع رئيس الأهرام: «لسنا نطلب من الولايات المتحدة أكثر من أن تسمح لنا بالاقتراض من جديد بسعر فائدة منخفض
لسداد الدين ذي الفائدة العالية، ونستمر بعد ذلك في سداد الدين الجديد .»
مؤتمر خبراء التنمية في العالم ورجال الدين بواشنطون: «ما يطلق عليه ديون العالم الثالث
قد تم استرداده بالفعل ؛ لأن القوى الاستعمارية استغلت المصادر الطبيعية والمواد الخام والأيدي العاملة في هذه الدول على مدى الأعوام المائة الماضية.»
الصحف الحكومية المصرية تسخر من مطالبة
القذافي
لإيطاليا بالتعويضات عن فترة استعمارها لليبيا.
الصحف الأجنبية:
المال المهرب من مصر في بنوك الخارج يوازي خمسة أضعاف ديونها.
أشرف مروان ، السكرتير السابق لأنور السادات، والذي قدرت ثروته من تجارة الأسلحة بأربعمائة مليون جنيه، يشتري أعدادا هائلة من أسهم متجر هارودز اللندني.
مجلة فورتشون الأمريكية:
سلطان برونوي هو أغنى رجل في العالم (52 مليار دولار)، يليه «الملك فهد خادم الحرمين (18 مليار دولار).»
محطة الإذاعة البريطانية: «
السعودية
مولت صفقة أسلحة أمريكية لإيران عن طريق
إسرائيل
بنصف مليار دولار استخدمت أرباحها في تمويل عمليات سرية إسرائيلية ودعم
الكونترا
في نيكاراجوا.»
الأمم المتحدة: «الحرب الإيرانية العراقية
تكلفت 450 مليار دولار (دون حساب مئات الألوف الذين قتلوا وشوهوا وأصيبوا عضويا ونفسيا ومعنويا)، ولو وزع هذا المبلغ على سكان الدولتين لنال
كل طفل وكل رجل وكل امرأة نصف مليون دولار
على الأقل.»
الفلسطينيون
في الأراضي المحتلة يشكلون لجانا من الشباب تنظم العمل التطوعي في رصف الشوارع وتحسين قنوات الصرف، وتدعو إلى تخفيض المهور، ومناشدة الأطباء القيام بمعاينات مجانية، وتطارد تجار المخدرات ولاعبي القمار، وتحول بين قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي ودخول المخيمات.
ضابط شرطة في ملابس مدنية يطلق النار على سائق أجرة من قرية
الكوم الأحمر (25 ألف نسمة) بأوسيم، جيزة، إثر مشاجرة على أسبقية المرور، فيعتدي الأهالي على الضابط.
30 ألفا من قوات الأمن المركزي تدهم قرية
الكوم الأحمر
وتحطم منازلهم وتنهب محتوياتها، وتعتدي على أهالي القرية بالكرابيج، وتجبر أعدادا منهم على الطواف في طرقاتها بالملابس الداخلية، ثم تقتاد نحو ألف من سكانها إلى معسكرات الأمن المركزي حيث استمر ضربهم بالعصي والكرابيج.
النيابة ترفض استلام بلاغات أهالي قرية
الكوم الأحمر
حول اعتداء قوات الأمن المركزي عليهم بحجة أنها تشكل بلاغا جماعيا.
النيابة ترفض استلام بلاغات فردية من أهالي قرية
الكوم الأحمر
دون إبداء الأسباب.
إمام مسجد النور بمدينة ملوي : «النصارى أفسد وأضل عقيدة من عبدة الأصنام.»
الشيخ
متولي الشعراوي
في التليفزيون: «لم أقرأ كتابا غير القرآن منذ أربعين عاما.»
أثناء محاكمة طبيبين مصريين شقيقين يتجسسان لحساب المخابرات الأمريكية، ويدرسان إمكانية تجميع الطلاب المسيحيين في جماعات مناظرة للجماعات الإسلامية، أم الطبيبين تقاطع النيابة قائلة:
قل ما تشاء ... أمريكا تسمع على الهواء.
غش
جماعي
في امتحان الثانوية بمدرسة أبو تشت.
الطلبة
يجمعون مبالغ طائلة ويوزعونها على المسئولين والمراقبين لتنظيم عملية الغش.
عودة العمالقة
شركة
السعد
للاستثمارات العقارية الخاضعة لأحكام القانون الجديد لتلقي الأموال تعطيك فرصة العمر؛ ادفع فقط الربع والباقي على عشر سنوات، وحقق حلم حياتك واستلم فورا شقة من 105 إلى 221م + أثاث متكامل + تكييف هواء + سيارة 128 أو 127. ولمودعي شركات
السعد
امتياز خاص؛ ادفع 10 بالمائة فقط والباقي مهما بلغت قيمته يخصم من الرصيد.
أب يشعل النار في زوجته وأطفاله لعجزه عن تدبير المصروفات المدرسية.
مواطن يطلب من برنامج تليفزيوني المساعدة في علاجه فيتطوع لذلك مستشفى خاص بمصر الجديدة، ويتم إدخاله غرفة العمليات مباشرة دون إجراء التحاليل الضرورية ليكتشف بعد ذلك سرقة
إحدى كليتيه .
في حفل عيد ميلاد أميرة عربية تكلف نصف مليون دولار، تقاضت الممثلة
شيريهان
150 ألف دولار (بمعدل ثلاثة آلاف دولار للرقص في الدقيقة).
يقتل طفليه ويشوه جثتيهما انتقاما من مطلقته.
د. نعيم أبو طالب
محافظ الإسكندرية الأسبق و
رئيس مجلس إدارة
بنك المهندس، أحد بنوك
عثمان أحمد عثمان ، يفتتح معرضا للأعمال الفنية.
تعيين ابن وزير الإعلام في شركات المليونير
حسام أبو الفتوح
بمرتب كبير.
ضم الصحفي
مصطفى أمين
لمجمع اللغة العربية، المعروف باسم مجمع الخالدين.
جريدة الشعب: «المليونير السعودي الشيخ
صالح كامل ، صاحب شركات الإنتاج التليفزيوني والطبي والألبان والدواجن، والذي بدأ حياته الاقتصادية بشركة لتنظيف مدينة مكة، ثم بدأ نشاطه في مصر بالتبرع بنصف مليون دولار لجمعية الوفاء والأمل التي أنشأتها
جيهان السادات ، يسعى للسيطرة على 80 بالمائة من رأس مال مشروع استديوهات التليفزيون المصري الجديدة.»
بيان مقتضب على الصفحة الأولى لجريدة الأهرام عن حادث غامض تعرض له المليونير
حسام أبو الفتوح
والممثلة
شيريهان
التي أصيبت بإصابات جسيمة في عمودها الفقري.
ابن مسئول عسكري كبير
يحدث أزمة في سوق الألومنيوم بسبب قيامه بتصدير خردته؛ مما اضطر المصانع إلى الاستيراد وتوقف بعضها.
جريدة الشعب: «المليونير السعودي الشيخ
صالح كامل
يصر على أن تشترك زوجته الممثلة صفاء أبو السعود في بداية الاحتفال التليفزيوني بذكرى حرب أكتوبر الذي تكلف 3 ملايين جنيه.»
إبراهيم نافع: «
نحن والولايات المتحدة
أصدقاء نؤدي دورا هاما في استقرار منطقة بالغة الحساسية.»
التعاون الاقتصادي المصري الأمريكي يؤتي ثماره.
إنكوجم
الإنتاج المصري الأمريكي الجديد من الشركة العالمية للبان والحلويات.
المهندس رشدي عفيفي رئيس شركتي
بسكو مصر (ق.ع) و
إنكوجم
مع السيد ج. ويليامز رئيس شركة وارنر لامبرت الأمريكية للحلويات.
خسائر ضخمة في شركة
بسكو مصر (ق.ع) للحلويات.
مجلة فورتشن (
الثروة أو الحظ ) الأمريكية عن بعض رجال الأعمال المصريين: «بدأ صعودهم في الأيام الأولى لسياسة الانفتاح الساداتية؛ فبفضل أعطال غامضة في مصانع القطاع العام المنتجة للسجائر الشعبية، استطاعوا أن يغزوا السوق بالسجائر الأجنبية، ثم انتقلوا إلى الحصول على رخص إنتاجها محليا هي وبعض السلع العالمية الرائجة مثل أدوات التجميل.»
بنك تشيس مانهاتن الأمريكي
ينسحب من مشاركة البنك الأهلي المصري ويبيع له حصته بمبلغ 35 مليون دولار، وقيمتها الأصلية 4,9 ملايين دولار فقط، حول عنها أرباحا أكثر من 20 مليون دولار في ثمانية أعوام.
بنك أوف أمريكا
ينسحب من مشاركة بنك مصر أمريكا الدولي بعد أن باع حصته للجانب المصري بحوالي 15 مليون دولار، رغم أن رأس المال الأمريكي المدفوع لم يتجاوز 2,6 ملايين دولار، حول عنها أرباحا مقدارها عشرة ملايين دولار خلال عشر سنوات.
ردا على اتهام خاشوقجي بمساعدة دكتاتور الفليبين المخلوع في تهريب أمواله، الدفاع عنه أمام المحاكم الأمريكية: «خاشوقجي قدم لشركتي لوكهيد وبوينج صفقات بمليارات الدولارات
في الشرق الأوسط وأنقذ لوكهيد من الإفلاس.»
سائق
شاحنة إسرائيلية
في قطاع غزة يقتل عامدا أربعة من الفلسطينيين.
إضراب عام في الأراضي المحتلة
يشترك فيه مليونان من الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان.
صبية فلسطينيون يقذفون الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح بالحجارة، وهو المشهد اليومي في
الانتفاضة
المستمرة التي تشهدها الأراضي المحتلة.
فيتو أمريكي
في مجلس الأمن ضد قرار يلزم إسرائيل بتطبيق اتفاقية جنيف.
مساعد وزير الخارجية الأمريكي أمام الكونجرس: «مجلس التعاون العسكري
القائم في القاهرة يبحث مشاكل إعادة تشكيل العسكرية المصرية وهو يناقش ويتابع يوميا كيف تتم إعادة تشكيل وتوجيه الجيش المصري وجهة جديدة.»
الشرطة
تفرض حظر التجول في مدينة المطرية، دقهلية، وتعتقل 180 شخصا في أعقاب مظاهرات احتجاج على مصرع أحد الصيادين خلال مطاردة الشرطة له.
نقابة المحامين : «عمليات الاختطاف واحتجاز الرهائن التي تقوم بها وزارة الداخلية شملت 400 شخصا بينهم شيوخ وسيدات، واثنان اختفيا تماما هما المجندان بالقوات المسلحة: زكريا سيد بكرال، وثروت عبد الفتاح جبر.»
جلسة عاصفة بمجلس الشعب
وزير الداخلي،
زكي بدر ، يهاجم المعارضة الوفدية كاشفا تسجيلات لزعمائها، و
رفعت المحجوب ، رئيس المجلس، يشجعه صارخا: «على نفسها جنت براقش.»
نائب وفدي يصفع وزير الداخلية
فيوجه السباب إلى النواب مستخدما ألفاظا سوقية نابية.
اتهام
وزير الداخلية
بالاستيلاء على خمسة آلاف فدان من أراضي الصيادين المستصلحة.
شكر وعهد
شركة السلام للمقاولات والتجارة التي تقوم بتنفيذ مشروع صيانة شبكة مياه الشرب بمحافظة كفر الشيخ وتمديد خطوط جديدة، تتقدم بالشكر للسيد المهندس
نبيل حلاوة
المحافظ، والسيد اللواء مدير الأمن والسادة رؤساء المجالس المحلية والشعبية وجميع القيادات الوطنية.
اتهام زوجة أحد المحافظين بتقاضي أربعة ملايين جنيه إتاوة من أولياء أمور التلاميذ بمدرسة لغات بالقاهرة أثناء توليها نظارتها.
تصدع كوبري بلبيس
انهيار أجزاء من جسم
كوبري المنيا
العلوي أطول الكباري على النيل بعد 3 سنوات من إنشائه الذي استغرق عشر سنوات وتكلف عشرة ملايين من الجنيهات.
انهيار جزء من
كوبري كفر الدوار .
رئيس الوزراء، د. عاطف صدقي، يصدر قرارا بتغيير
الإجازة الأسبوعية
يترتب عليه أن يصبح جدول الإجازات الأسبوعية في مصر كالآتي؛ المدارس الحكومية
الجمعة ، مدارس الراهبات
الجمعة والأحد ، مدارس اللغات
الخميس والجمعة ، بعض الوزارات والمصالح الحكومية
الخميس والجمعة ، بعض الوزارات والبنوك
الجمعة والسبت .
من التيار الإسلامي إلى شعب مصر : «لا يمكن أن يتحقق إصلاح وأجهزة الإعلام على حالها، ومصانع الخمر الحكومية تواصل إنتاجها لأم الخبائث.»
جامعة المنصورة تمنح الدكتوراه الشرفية ل
الشيخ الشعراوي .
زواج الدكتور الأمير الشيخ ...
الفاسي
من الممثلة المعروفة
شريهان .
عاهرة هندية
في جريدة
الديلي ميل
الإنجليزية: «قدموني إلى
عدنان خاشوقجي
بعد أن فشلت في دخول مسابقة جمال العالم سنة 1982، وبعد أن نمت معه في ضيعته المسماة
البركة
في إسبانيا، أصبحت من فريق النساء اللاتي يستخدمهن في عملياته التجارية، وآخر هذه العمليات عندما أرسلوني بالطائرة من جنيف إلى الرياض لأكون في خدمة إحدى الشخصيات الذي كان مفتاحا لصفقات سلاح وتكنولوجيا، وقد قضيت الليل معه وعدت في اليوم التالي إلى جنيف.»
اتهام
خاشوقجي
بالوساطة في رشوة من شركة نورثروب الأمريكية للسلاح قدمت إلى جنرالين أمريكيين وشخصية سعودية.
تقرير ل
البنك الدولي : «تعاون مصر عسكريا مع الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة يمكن أن يكون أساسا طيبا لتخفيض عبء أزمة الديون.»
تقرير للأمم المتحدة: «البلدان التي استجابت لنصائح الدول الدائنة والمؤسسات المالية مثل صندوق النقد الدولي اكتشفت في النهاية عدمية جهودها؛
فلا هي استطاعت تسديد ديونها، ولا هي تمكنت من زيادة معدل نموها، بل وأصبحت معرضة لمزيد من التقهقر .»
المحللون: «توجهات قيادة
الانتفاضة الفلسطينية
في الأراضي المحتلة تقدم نموذجا جديدا للانعتاق من نمط الحياة الغربي، والمجتمع الاستهلاكي يبدأ بالاستغناء عن منتجات الاحتلال والاقتصاد في النفقات وترشيد الاقتصاد المنزلي وتوسيع نطاق الزراعة الشعبية.»
ممثل وكالة التنمية الدولية أمام الكونجرس الأمريكي:
أحرزنا «تقدما
في التعاون مع الحكومة المصرية فزادت أسعار الكهرباء بنسبة 60 بالمائة عام 1985، والجازولين 30 بالمائة مرتين، واتفقتا على زيادة رسوم المياه والصرف الصحي بنسبة مائة في المائة عام 1990.»
نيويورك تايمز: «الصادرات الأمريكية لمصر بلغت 2,6 مليارات دولار مقابل 396 مليون دولار حجم الصادرات المصرية عام 1990.»
حرم مسئول كبير تفتتح وحدة ل
الفحص بالرنين المغناطيسي
ثمنها أربعة ملايين ونصف مليون دولار، قدمتها هيئة التنمية الدولية الأمريكية بصفة منحة تخصم من المساعدات الأمريكية، ووصفها أساتذة كلية الطب المصريون بأنها قديمة ولها عيوب عديدة منها التأثر بالضجيج الخارجي.
قوات الأمن تهاجم مسجد آدم في
حي عين شمس
وتشتبك مع عناصر من تنظيم
الجهاد ، فيسقط قتيلان ويجرح عشرات المواطنين. «
عمري 16 عاما وتلميذة في الصف الثالث الثانوي . اقتحموا علينا المنزل عقب مقتل ضابط الشرطة في أحداث عين شمس؛ بحثا عن زوج أختي، وحطموا كل شيء في الشقة وأمرونا بالنزول معهم ونحن بملابس النوم، وقالوا لأمي: بنتك دي ست ولا بنت. قالت لهم: بنت. قالوا لها: ستخرج من هنا امرأة. صرخت أمي بهستيرية قائلة: حرام. مش معقول. وعلقوني من يدي بالساعات وهم يضربوني بالكرابيج.»
قوات الأمن المركزي تقتحم زنازين خمسين متهما في قضية شيوعية، وتعتدي عليهم بالضرب بالعصي الكهربائية.
سرقت سيارته وفشل في العثور عليها، ثم رآها تسير في الشارع بلوحات مزورة ويقودها
ضابط شرطة .
اكتشاف
شبكة دعارة
يديرها نقيب شرطة.
زوجة عالم الإلكترونيات المصري المنتحر
سعيد سيد بدير : «زوجي لم ينتحر وسبق أن استغاث بالرئيس مبارك من محاولات اغتياله على يد الموساد.»
مساعد وكيل وزارة الخارجية الأمريكية:
هناك برنامج يتكلف «175 مليون دولار
لتوثيق الروابط بين المؤسسة العسكرية في مصر وأمريكا.»
أشرف مروان وأبو غزالة وعثمان أحمد عثمان
على رأس كشف باثني عشر مليارديرا في مصر.
المشير أبو غزالة يوقع مع وزير الدفاع الأمريكي في واشنطون
مذكرة التفاهم
المصري الأمريكي، التي تلتزم فيها مصر بالخطط العسكرية الأمريكية إزاء التهديدات التي تتعرض لها دول المنطقة، مقابل تعهد الولايات المتحدة بإمداد مصر بالأسلحة الحديثة والخبرات اللازمة للإنتاج الحربي بشرط عدم الإخلال بالتوازن الاستراتيجي بين مصر ودول المنطقة.
واحد من الرءوس الحربية النووية ذات القوة التدميرية الفائقة التي تملك إسرائيل العشرات منها بالإضافة إلى مائة قنبلة نووية.
أنيس منصور : «نحن نسيء الظن بإسرائيل.»
وكالة الأنباء الفرنسية: «الانتفاضة الفلسطينية
نجحت، رغم القمع الوحشي، في إلغاء السيطرة اليومية للسلطات الإسرائيلية من خلال مجموعة من النشاطات منها الامتناع عن دفع الضرائب، والاستقالات من الأجهزة المدنية، والتعليم الشعبي في البيوت، وتخفيض أصحاب العقارات لإيجاراتهم، والأطباء لرسوم معايناتهم.»
أنيس منصور : «ما يجري من مقاومة بالأراضي المحتلة يتم تحت تهديد من منظمة التحرير الفلسطينية.»
جريدة مايو لسان الحزب الوطني الحاكم، التي أسسها السادات ويرأسها عبد الله عبد الباري وأنيس منصور:
فضيلة «الشيخ الشعراوي
يهدي جنا كافرا إلى الإسلام».
الشرطة
تقتحم جامعة عين شمس وتعتقل طلابا تظاهروا ضد القمع الإسرائيلي للانتفاضة الفلسطينية.
وزير الداخلية
زكي بدر يحرض رجال الأمن على قتل
المتطرفين
بإطلاق النار عليهم عند اعتقالهم.
الشرطة
تقتل
المتهمين بالشروع في قتل أحد الضباط، أثناء القبض عليهم.
جريدة الشعب تتهم
وزير الداخلية
بالاستيلاء على 500 فدان من أراضي الفلاحين في قرية قلابشو، دقهلية، وعلى 4 شقق بمحافظة المنيا، و4 بمدينة نصر والمهندسين، وفيلا بمراقيا، وأخرى بالمعمورة، وثالثة بجليم بالإسكندرية، ورابعة بالإسماعيلية، وخامسة ببورسعيد، ومساحات من أراضي فايد وأبو سلطان بطريق الإسماعيلية الصحراوي.
فلسطينية تصارع جنديا إسرائيليا مدججا بالسلاح لتخلص ابنها الصغير من بين يديه، بينما زميلتها العجوز ترشق جنود الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة.
أحد كبار أمراء العائلة الحاكمة في الكويت يقوم بتخدير المغني الشعبي المصري
عدوية
في أحد فنادق القاهرة، ويمزق له جزءا حساسا من جسده، ثم يتمكن من مغادرة البلاد.
15 ألف عامل بمصنع
الحديد والصلب
يعتصمون داخل المصنع من أجل مطالبهم مواصلين العمل وحماية الآلات.
وزير الداخلية زكي بدر يقود ستة آلاف من جنود الأمن المركزي في عملية اقتحام لمصنع
الحديد والصلب
في الفجر باستخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص البلاستيكي.
ضابط أمن مركزي يوجه ضربة من حذائه أثناء اقتحام مصنع الحديد والصلب، إلى خصية العامل
عبد الحي محمد سيد
المسئول عن غرفة التحكم الرئيسية بالمصنع عندما رفض مغادرة مكانه، ثم يطلق عليه عدة رصاصات.
وزير الداخلية : «العامل المتوفى مات بالسكتة القلبية.»
تقرير الطبيب الشرعي
د. كمال السعدني : «عبد الحي محمد سيد لقي مصرعه نتيجة تهتك بالرئة اليسرى والقلب ونزيف بالجهاز التناسلي نتيجة عيار ناري.»
وزير الداخلية : «الإمام الشافعي قال إنه يجوز للحاكم أن يقتل ثلث السكان في سبيل أن يحيا الثلثان في أمان.»
خبراء التغذية: «
زيت الشلجم
الذي وزعته الحكومة على المواطنين يستخدم في تشحيم السيارات ولا يصلح للاستهلاك الآدمي.»
د. عاطف صدقي رئيس الوزراء: «الحكومة مجتمعة هي التي اتخذت القرار الخاص بالموافقة على استخدام
زيت الشلجم
كغذاء للإنسان بالرغم من أن بعض العلماء في مصر أعلنوا خطورة استخدامه.»
جريدة مايو: «فضيلة
الشيخ الشعراوي
يقهر عفريتا احتل جسد أحد الشبان.»
آن الأوان أن نتحدث لغة هذا العصر «بإنتاج حقيقي سوف تعلو مكانة مصر»، «مصطفى البليدي» (أحد أبناء مصر).
لانكوم، كارشيال، جوفال، رانجلر، جي لا روش، ستيفانل، فان هاوزن .. كل هذا صنع في مصر على يد مجموعة شركات البليدي.
قارئة الطالع الحاسبة من
كاسيو
تنبئك فورا بطالعك وتوافقك مع الآخرين في الصحة والحظ والحب.
بعد أن أوقفت الحكومة استيراد
السيراميك ، حقق مصنع سيراميك يشترك في ملكيته
د. علي لطفي
رئيس مجلسي الوزراء والشورى السابق أرباحا هائلة في سنة واحدة تفوق رأس المال المقدر بخمسة عشر مليونا من الجنيهات.
بارفيكو مصر
إحدى شركات المجموعة الدولية للاستثمارات (محمد حسن شتا) تتقدم للسيد الرئيس محمد حسني مبارك
بوافر الشكر على تشجيعه الكبير والمستمر للصناعة المصرية؛ صابون الغسالات سماش، أومو، قاتل الحشرات بيف باف، صابون واليت ميست، معجون أسنان سيجنال وكلوز أب، عطور بويزون وكاريرا ومكسيم، جلوسي للشعر، ريكسونا للعرق ... كل هذا صنع في مصر.
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي .
صدق الله العظيم
مصطفى البليدي
بكل الحزن والألم ينعي الزميل والصديق والأخ وأحد معالم الصناعة المصرية المغفور له المهندس يحيى أحمد الشرقاوي
رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للدخان (ق.ع).
اتهام
د. ماهر مهران ، رئيس أقسام النساء والولادة بمستشفى جامعة القاهرة، رئيس المجلس القومي للسكان، العضو البارز بالحزب الوطني الحاكم، رئيس مجلس إدارة جمعية أسرة المستقبل، التي تمولها هيئة المعونة الأمريكية، بتبديد مئات الألوف من أموال الجمعية.
ظهور
شروخ
في تغليف أنابيب خط تطوير شبكة أبو الغراديق للغاز الطبيعي بوادي حوف غرب القاهرة.
مصطفى البليدي، مجموعة شركات البليدي، بارفيكو (محمد عبد المحسن شتا)، المجموعة الدولية للاستثمارات آي. ج. آي (محمد عبد المحسن شتا) بنك القاهرة، شركة النساجون الشرقيون، نورا تريدنج، ميدي تريدنج ينعون
المرحوم الحاج محمد التونسي
والد الأستاذ مدحت التونسي رئيس إدارة شركة ياسمينا
لمستحضرات التجميل والعطور وشركة ياسمينا للتسويق.
القاهرة فوق بركان
الخبراء: «شبكة أنابيب الغاز الطبيعي عالي الضغط في مدينة القاهرة مهددة بالانفجار؛ لأن توزيع الكربون في خام البولي إثيلين المستورد من شركة أمريكية غير متجانس؛ مما يجعل الخام معرضا للتحلل بالأشعة فوق البنفسجية وللتشقق.»
إدارة المرور: «60 ألف سيارة مرسيدس من أحدث طراز تجري في الجمهورية بالإضافة إلى 20 ألف واحدة من الطراز المعروف بالزلموكة، ويتراوح سعر الواحدة منها بين مائة ألف ومائة وثمانين ألفا من الجنيهات.»
وزير الصحة: «
الكوليرا
عادت إلى مصر في السبعينيات واصطلحنا على تسميتها بأمراض الصيف.»
تقرير الأمن العام: 5500
حريق
بمصر في عام واحد بسبب الجرد السنوي والإهمال وغياب الأمن الصناعي والماس الكهربائي.
الصحف الحكومية: «متأخرات أعباء الديون المصرية في عامين بلغت 6
مليارات دولار .»
إبراهيم نافع: «
ديون مصر العسكرية
تتزايد سنويا بسبب فوائدها المركبة، وسوف تقفز إلى حوالي «21 مليار دولار حتى عام 2006»، وهو نهاية مدة القرض. ومن أغرب شروط هذا القرض عدم قبول سداده قبل الموعد المحدد وهو عام 2006، وأنه حتى لو أرادت مصر سداده قبل الموعد المحدد فإن عليها أن تسدد فورا مبلغ 21 مليار دولار، وهو حجم الدين في نهاية المدة.»
تقرير للبنك الوطني السويسري: «
الودائع المصرية
في بنوك أوروبا وأمريكا تتراوح بين 80 مليارا و100 مليار دولار.»
جريدة الأهالي: «
عبد الهادي قنديل
وزير البترول يمتلك جزيرة في اليونان، وثروته تجاوزت 200 مليون دولار.»
تقرير حكومي مصري: «رصيد بعض المسئولين الحاليين والسابقين من
عمولات القروض الأجنبية
تجاوز 6 مليارات دولار تم إيداعها في بنوك سويسرا والولايات المتحدة.»
د. عاطف صدقي رئيس الوزراء:
نحن حكومة ولسنا عصابة.
19
ألف المصريون المحدثون تأريخ أيامهم بالتقويم الثوري (قبل 1952 وبعدها)، قبل أن ينتقلوا إلى التقويم الرئاسي للثالوث الذي تعاقب على الحكم بعد الثورة (عبد الناصر، السادات، مبارك)، أما ذات فكان لها تقويم خاص يعتمد الثالوث الأموي الذي تعاقب أفراده على خدمتها؛ أم أفكار، أم عاطف، أم وحيد.
وليس معنى هذا أنها لم تتلق معونة في أعمال المنزل من غيرهن؛ فعلى خلاف الوضع بالنسبة لمن خدموا الشعب في مجموعه، فأخلصوا له الولاء، ولم يتغيبوا يوما واحدا عن موقع عملهم، وبالتالي لم يقدموا أي مبرر لأحد غيرهم كي يزاحمهم في خدمة الشعب؛ فإن الثالوث الأموي الذي يمتد نشاطه على مدى عقدين من حياة ذات، كان موزع الولاء، يخدم لصالح جهات متعددة، وهي حقيقة وضعت في الاعتبار منذ البداية؛ إذ حصلت كل جهة على يوم معلوم. لكن الأمور لم تسر على هذا المنوال بالضبط؛ فأحيانا ما كانت بعض الجهات تجور على الأيام المخصصة لجهات غيرها، وأحيانا كانت أمور أخرى - شخصية تماما - تتسبب في انقطاع الانتظام في الخدمة. وهنا وجه الاختلاف الرئيسي بين خدمة الشعب في مجموعه، وخدمة أحد أفراده على حدة؛ فالتعاقد في الحالة الأولى أبدي، لا ينتهي إلا بانتقال الخادم نفسه إلى الأمجاد السماوية، أما في الحالة الثانية فيكفي قليل من الملل، ذلك القرين السيئ للحياة الحديثة؛ كي تختفي أم أفكار دون إنذار عدة شهور، أو خلاف بسيط حول أسبقية المطبخ على الحمام عند التنظيف، لتغضب أم عاطف وتتغيب إلى الأبد، أو سهرة بث شائقة تستيقظ أم وحيد بعدها متأخرة لتجد نفسها وسط فيلم من أفلامها، فتتخلف عن موعدها أسبوعا أو أسبوعين.
وفي هذه الحالات تتعاون ماكينات البث، في العمارة والأرشيف، على ملء المكان الشاغر، ولو لمرة واحدة، فتظهر سناء، التلميذة الخجولة النظيفة التي تعمل في هدوء وكفاءة، ولا تتورع عن مد يدها في جيب بنطلون عبد المجيد وتجريده مما به من فكة، وشريفة القصيرة البطيئة الحركة المغرمة بالملاعق والشوك، وسيدة القوية العفية، برائحتها المنفرة، والبراغيث التي تتركها وراءها وتتواصل مكافحتها حتى موعدها التالي، وهناء المغرمة بالأدوية، وعطيات الشغوفة بالطعام، وصباح المتعلقة بالبث والغناء، وأم نظارة التي تحمل مفهوما عصريا للنظافة يعتمد، كما في الأدب الحديث، على الاقتصاد والاقتصار.
هذه النماذج العابرة كانت تنجح في شيء واحد، هو تأكيد الفضائل المثلى للثالوث الرئيسي (وهي ميزة لم يحظ بها الثالوث الرئاسي)، وبخاصة أم أفكار، التي تعتبر الرائدة في هذا المجال، والتي ارتبط اسمها بخروج ذات إلى العمل، وتدحرجها إلى الأرشيف، وبالدعاء والابتهال، ومقشة الأرز والخيشة، والزعافة المكونة من شرائط الملابس القديمة، وبمؤخرة عبد المجيد في قمة ازدهارها. أم أفكار؛ أولى الأمهات، صاحبة العجيزة الضخمة، والرأس المصبوغة بالحناء، والعيون الكليلة المكحولة بكثافة، والملابس النظيفة يتوجها الملس الأسود الناعم، والخطوات البطيئة بقدمين مدهونتين بالحناء يصلصل فيهما خلخال فضي، المتعففة عن مد اليد إلى الأدراج المفتوحة، والتي تعيد على الفور كل ما تعثر عليه من حلقان ذهبية أو نقود فضية أو ورقية، والتي تتمتع بجلال فريد يجبر الجميع على احترامها، ويعطيها الحق في بعض التجاوزات، عندما تتحدث عن أقران ذات (أو ذات نفسها من وراء ظهرها) بالاسم مجردا دون «ست» (لم تتقبل أبدا لقب المدام ولم تلحق بلقب الحاجة)، وعندما تتهاوى جالسة في حضرة ذات أو عبد المجيد فوق مقاعد الأنتريه متذرعة بالتعب والروماتيزم، مثيرة موجات من القلق في صدري السيدة والسيد، سبق أن أثارهما رائد الثالوث الرئاسي، بشأن الخريطة الاجتماعية التي تعرضت على يديه لهجوم شرس أوقع الخلط والارتباك بين مكوناتها، ثم تزيله عندما يحين موعد طعام الغذاء؛ إذ تقتعد الأرض وتضعه أمامها على البلاط، ثم تقبل عليه في رضا وقناعة، الأمر الذي ضاعف شعبيتها في العمارة والعمارات المجاورة، وعمارات أخرى متناثرة في أحياء الزيتون والقبة ومصر الجديدة ومنشية البكري، حيث يتوزع أقارب ومعارف سكان العمارات المذكورة آنفا. فالعبارة المألوفة التي كانت تصادفها أثناء صعودها وهبوطها سلالم هذه العمارات هي: «يا ترى يا أم أفكار معندكيش يوم فاضي؟» فتستجيب على الفور بدافعين؛ قوة حس التضامن الاجتماعي لديها، وإيمانها بأهمية الدور الذي تلعبه في حياة هؤلاء الأفندية والأفنديات - زوجاتهم - الذين يملئون الدنيا ضجيجا بسياراتهم وأجهزتهم وولائمهم ومدارس أولادهم، روحاتهم وغدواتهم، ثم يعجزون عن أهم وأبسط شيء وهو تنظيف منازلهم، فيكادون يركعون أمامها متوسلين لكي تهبهم مما أعطاها الله: يوم واحد بس يا أم أفكار. أما الدافع الثاني فهو الملل.
فعلى عكس ما هو شائع عن هذا الشعور، وعن ارتباطه بالثراء والثقافة، كانت أم أفكار تتعرض لنوبات دورية منه؛ فبعد عدة أسابيع من التردد على ذات يكون البث المتبادل قد وصل إلى طريق مسدود. ماذا يتبقى إذن؟ نقل كراسي القش من البلكونة إلى الصالة بعد تنفيضها، وكنس الأتربة بمقشة الأرز، ثم جمعها في جاروف حديدي متآكل، لتفرغ في صفيحة الجبن القديمة المستخدمة للقمامة، بعد أن يكون الهواء قد أطار معظمها ووزعه في جميع الأنحاء. ملء جردل المسح بالمياه وإضافة الجاز أو الفنيك إليه، والعودة إلى البلكونة لمسح أرضها وتركها تجف بمساعدة الشمس، فالانتقال إلى غرفة النوم وطي سجادتها وحملها بصعوبة عبر باب الغرفة والطرقة حتى باب الشقة، في ظل النداءات الملهوفة المتكررة من ذات: «حاسبي يا أم أفكار، خلي بالك، على مهلك»، ثم إخراجها من الشقة ووضعها على سياج السلم، وتنفيضها بمعاونة ذات، ثم العودة إلى غرفة النوم لنزع ملاءة السرير في عناية (تسمح بتبين ما قد يكون بها، أو لا يكون، من آثار تلقي ضوءا على الحياة السرية لذات)، وإلقائها في السلة المخصصة للغسيل، وخبط المرتبة بالمنفضة البوص، ثم طيها وخبطها مرة أخرى، ثم إزالة العوارض الخشبية، وإخراج الحقائب والصناديق المدسوسة أسفل السرير وتنفيضها، ثم تنفيض النافذة وسطح الدولاب (حيث توجد مروحة كهربائية وحقيبة سفر وحذاء عبد المجيد الخاص بالمناسبات، وكيس ألعاب قديمة لدعاء وسمكة قرش محنطة) وتحته، وفوق الشوفنيرة وتحتها (حيث أحذية ذات)، والكومودينو وتحته، ثم المرور بزعافة القماش على الأركان والسقف، وكنس الأرض، وإزالة آثار أكواب الشاي من فوق زجاج الشوفنيرة بخرقة مبللة، ومسح قوائم السرير وواجهة الدولاب بخرقة جافة، ودعك زجاج النافذة بأوراق الصحف، وأخيرا تغيير مياه جردل المسح وملؤه من الحمام مع الشكوى من قلة المياه، وإضافة الجاز أو الفنيك إليه، وحمله إلى الغرفة ووضع الخيشة به ومسح الغرفة بانحناءة من النصف الأعلى ترفع النصف الأسفل، الضخم، في الهواء.
ويتكرر المنوال في الغرفة الأخرى المخصصة للبنتين، ثم الصالة، وبعد استراحة قصيرة يتخللها كوب شاي ومزيد من البث، يأتي دور المطبخ؛ الأواني المكومة في حوض الغسيل، والتي يحتاج بعضها للدعك بالسلك والفيم، ودعك الحوض نفسه بالفيم، هو والحنفية ثم البوتاجاز؛ الصاج الخارجي والشبكات الحديدية التي يتم غليها مع الشعلات بعد إضافة قليل من الخل، وهنا يكون التعب قد استولى على أم أفكار، فتترك الأرفف والأركان لذات، وتنتقل إلى الحمام.
دائما نفس النظام، وبعد عدة مرات نفس الكلام، وعندئذ تبدأ أم أفكار في الإنصات إلى نداءات السلم: «معندكيش يوم زيادة يا أم أفكار؟» «عندي»؛ فهي تملك من الأيام ما يكفي الجميع؛ إذ تعطي يوم ذات لعيشة، ويوم عيشة لفتحية، ويوم فتحية لوداد، ووداد لمهجة، هكذا حتى تدور الدائرة بعد شهر أو شهرين عندما تلتقي بذات صدفة على السلم: «إزيك يا أم أفكار .. كده متسأليش عليا؟» ثم: «يا ترى عندك يوم فاضي؟» وبالأريحية التي تتميز بها الأم العتيدة: «يا سلام يا ست ذات .. عندي ..» فتعطي يوم مهجة لوداد، ويوم وداد لفتحية، وفتحية لعيشة، وعيشة لذات، وتعود أم أفكار كي تملأ الفجوة المعلوماتية التي أحدثها الانقطاع، ويتكرر المنوال إلى أن ملته، فانقطعت نهائيا عن العمل.
هكذا أفسح الطريق لأم عاطف، القصيرة الضامرة المتربة، بقدمين مليئتين بالشقوق والجروف، داخل فردتي شبشب غير متجانستين؛ لأنهما مشحوذتان من مكانين مختلفين، وعيون شبه مغمضة بهدف تحسين الرؤية، وبشرة سمراء/صفراء ذابلة، مليئة بالتجاعيد، وعمر بين الأربعين والسبعين، ومشية مسرعة مائلة - حسب مصلحتها - ناحية اليمين، وملابس وسخة مشحونة بالبراغيث، وصليب موشوم بالأخضر فوق باطن رسغها، وكيس أدوية ملازم يضم الإنتوسيد للدوسنتاريا، والفلاجيل لبكتيريا المعدة والجهاز البولي لا التناسلي، والأندروميد للضغط، والأسبرين للصداع وبقية العلل.
بعد تنظيفها، بتمكينها من أخذ حمام كامل، وإجبارها على كشط قدميها، ونقع ملابسها في المياه، تجلت فضائلها؛ طهارة يد حقيقية، وحس اجتماعي مرهف، بمكانها الطبيعي فوق البلاط، وسماحة نفس لا تتعفف عن فتات الخبز وبقايا الطبيخ، أو حبة بطاطس وبرتقالة، وكل ما يمكن أن تقدمه إلى عاطف، حبة عينها المصاب بالصرع. عاطفتان أخريان في حياتها؛ البيت الذي تبنيه طوبة طوبة في قريتها بملوي، وتجمع مستلزماته من المنازل التي تتردد عليها في القاهرة، وأمها. ومن أجل الاثنتين كانت تقضي في القرية أسبوعا من كل شهر، وهو ترتيب ملائم أتاح لذات أن تستعين بها مرتين في الشهر بدلا من أربع، وبذلك توفر لصالح مشروعات الهدم والبناء والحاج قرشي 12 جنيها، ثم 16، ثم 20 وفقا للارتفاع المتلاحق في أسعار الأمهات. ولسوء الحظ فإن هذا الترتيب لم يعمر طويلا؛ إذ تحطم فوق صخرتين؛ الأدوية والشريط.
كانت أهم قطعة في ديكور الصالة، بالإضافة إلى مائدة السفرة، بوفيه خطط له أن يقوم بالدور الذي تلعبه واجهات العرض في البوتيكات؛ إذ أودعت خلف واجهته الزجاجية الفضيات التي انضم إليها طاقم البايركس، ووضعت فوق اللوح الزجاجي السميك الذي تغطي سطحه فازة ثمينة من الخزف استقرت بها وردتان من البلاستيك. جرى هذا التخطيط قبل الليلة الباكية، ولم تلبث الأحداث والتقلبات، التي عكرت لون الورد ولوثت أوراقه، أن فرضت استخدامات أكثر عملية لسطح البوفيه، فتسللت إليه الأدوية التكتيكية (المرتبطة بفترات علاج محددة)، ولحقت بها الأدوية الاستراتيجية؛ للسعال والصداع والزكام والإنفلونزا والإسهال والإمساك والقيء والنزيف والدوخة والهضم والمغص والضغط المرتفع والضغط المنخفض والالتهابات الجلدية، والكسور والجروح والحروق، بالإضافة إلى المسكنات والمهدئات والمنومات والمقويات والمطهرات. وبدت الفازة قادرة على أن تأوي في ظل الورود المشرئبة من عنقها مواد استراتيجية أخرى؛ زجاجة كولونيا، بنسا للشعر، قلادات دعاء، زجاجة بارفان أجنبية، ساعة منبه يابانية، فرشاة للملابس، وأخريين للشعر، شراب كولون قديما، جزءا من حزام بال من جلد الثعبان، مشطا، توكة للشعر، صدفة بحرية، أجندة فاخرة مغلفة بالجلد من مطبوعات البنك الدعائية، مشمعا طبيا، سلسلة مفاتيح خشبية، سلسلة أخرى معدنية، فيلتر معدنيا للحنفية لم يتم بعد تركيبه، بكرا للف الشعر، محقنة بلاستيكية، تمثالا خشبيا صغيرا لنمر، ملعقة خشبية ملونة، ترمومترا طبيا، نصف مسطرة حساب بلاستيكية، نصف شريط قديما من حبوب منع الحمل، بكرة خيط، مجموعة من إبر الخياطة في أحجام مختلفة، مقياسا متريا من المشمع، مبسما للسجائر (من مخلفات محاولة عبد المجيد للإقلاع عن التدخين)، مطفأة للسجاير، قلم رصاص، قفلا حديديا صغيرا، علبة فازلين، مقصا، علبة شامبو للشعر ، جزءا من تمثال مكسور من الجص لإله الشعر أبولو، طبقا خشبيا صغيرا يحتوي على موسى وسلسلة معدنية ومجموعة مفاتيح، علبة مبيد رشاش للذباب والناموس، وأخرى للصراصير، حجارة بطارية، فرد جورب، بضع شرائط موسيقية، فاتحة الكتاب الكريم محفورة على لوحة نحاسية، مشعلا كهربائيا تنقصه البطارية، وأشياء أخرى.
كان من الطبيعي أن يصبح تنفيض محتويات سطح البوفيه من الأتربة وإعادة تنظيمها على أساس تصنيف ما من الواجبات الرئيسية للأمهات. ولم يأخذ هذا الترتيب في اعتباره ارتفاع ضغط الدم لدى أم عاطف، وما يتبع ذلك من ضيق صدر ونفاد صبر وحماقة.
والحاصل أن أم عاطف لاحظت قلة محتويات كثير من علب الأدوية المستعملة وزجاجاتها، فقررت تسهيل مهمة تنفيضها وإعادة تنظيمها بعملية تجميع مبتكرة على أساس التصنيف العلمي لطبيعة المادة؛ أفرغت علب الفيتامينات والمسكنات والمنومات والمسهلات وكل أنواع الحبوب والكبسولات في علبتين، وحالفها الحظ بالعثور على زجاجة كبيرة اتسعت لأدوية السعال وفاتحات الشهية والمطهرات وغيرها من السوائل، لكنها وقفت عاجزة أمام أنابيب المراهم والدهانات. وقبل أن تتوصل لحل، اكتشفت ذات ما حدث.
بذلت ذات مجهودا خارقا في السيطرة على انفعالاتها كي لا تفقد أم عاطف، ومع ذلك كان رد فعلها كافيا لإثارة حنق الأم المخلصة، التي وإن قبلت مكرهة وجهة نظر ذات بشأن خلط السوائل، لم تتمكن من استيعابها فيما يتعلق بالحبوب (التي ما زال من الممكن، في رأيها، التمييز بينها على أساس ألوانها وأحجامها)، فانتابتها الريب والظنون، وتصورت أن وراء الأكمة ما وراءها، وهو تصور تكفلت الأحداث اللاحقة بتأكيده.
ففي أحد الأيام أحضرت أم عاطف معها شريطا من التراتيل الدينية، التمست تشغيله في مسجلة دعاء. لم تجد ذات في الأمر ما يضير؛ فهي رغم تحجبها لم تكن من المتعصبين الذين يحرمون التعامل مع العدو التاريخي ، كما كانت هناك حاجة لكسب ود الأم المؤمنة؛ لأن سوق الأمهات المحلي كان يشكو الندرة في أعقاب ازدهار سوقهن العربي. لكن أم عاطف كانت تشكو، كأغلب المصريين، من ضعف السمع، ولهذا علت صوت المسجلة، وزادتها علوا عندما انتقلت إلى الحمام، وبذلك لم يعد هناك مفر من الصدام.
فذات لم تكن تتحمل الأصوات المرتفعة (إما لأنها تذكرها بالزحف الظافر لماكينات الأرشيف، أو بعبد المجيد الذي ازداد سمعه وهنا في السنوات الأخيرة، فدأب على تعلية البث، مما يدفعها للقيام بمناورات معقدة من أجل خفضه أو إغلاق الجهاز الذي ناضلت من أجل الحصول عليه وزيادة عدد بوصاته)؛ ولهذا طلبت من أم عاطف خفض صوت المسجلة، وعندما تظاهرت الأم بأنها لم تسمع، قامت هي نفسها بخفضه، وصححت الأم الوضع خفية، بل زادته، فاضطرت ذات إلى الإعراب عن رغبتها مرة أخرى، بالقول ثم بالفعل، وهنا انتابت الشكوك أم عاطف في أن الأمر لا يتعلق بالأذن وإنما بالفتنة، الطائفية بالطبع.
هل كانت ذات بريئة تماما؟ من يعلم؟ فيجب ألا ننسى أنها، رغم سلامة طويتها وترفعها عن صغائر التعصب، سبق أن قدمت القربان المسيحي على مذبح الماكينات. صحيح أنها اكتشفت بعد ذلك أن خطيئتها ترتبط بقضايا أكثر تعقيدا مثل انقسام العالم إلى معسكرين، والمجتمع إلى طبقات، والاتجاهات إلى يمين ويسار، والمذاهب إلى سنة وشيعة، إلا أننا لا نستبعد أن تكون قد خشيت من وصول صوت التراتيل الكنسية إلى سكان العمارة، أو على الأقل ارتابت في أهداف أم عاطف ودوافعها؛ محاولة اكتساب ثواب ما على حسابها، أو هدايتها إلى الدين (القويم). في كافة الأحوال كان الموقف محملا بعناصر الانفجار، ولم يكن يتطلب غير الشعلة الملائمة، التي تكفلت بها بعد حين موعظة الشيخ كشك.
فقد اختارت أم عاطف أن تأتي لذات يوم الأحد بدلا من يوم الجمعة، بعد أن تمر على الكنيسة في الصباح الباكر لتنظفها وتأخذ نصيبها من الزكاة، ورحبت ذات بذلك الترتيب لأنه يتيح لها مبررا للتهرب من رؤية الماكينات (بالاعتذار عن الذهاب مرة، والانصراف مبكرا مرة أخرى). وفي أول مرة أحضرت الأم معها شريطا جديدا، وبحثت عن المسجلة فلم تجده؛ لأن ذات أخفته عن عمد. واضطرت أم عاطف أن تطرق الموضوع مباشرة: «والمجيد يا ست شارية الكاسيت ده من حر مالي .. دفعت فيه تلاتة جنيه للقسيس.»
رق قلب ذات للأم التي تضحي بثلث أجرها اليومي من أجل غذاء الروح، فأخرجت لها الجهاز، وجلست الأم إلى جواره على الأرض وأنصتت في اهتمام للموعظة التي ألقاها صوت رخيم.
لكنها لم تنصت طويلا؛ فموعظة الجنيهات الثلاثة كانت تشغل نصف أحد وجهي الشريط، أما النصف الآخر، والوجه الثاني، فكانا خاليين من أي صوت.
رغم بعض الشكوك، قدرت الأم أن الموعظة، التي لم تفهم كلمة واحدة منها في واقع الأمر، ذات أهمية خاصة تستوجب حجمها وثمنها. لكن ذات لم تترك الأمر يمر بلا تعليق؛ فقد وجدت فيه فرصة للشماتة: «أبونا ضحك عليكي .. وانت اتجننتي .. حد يدفع تلاتة جنيه في الشيخ كشك.» فلأنها لم تكن تعرف اسم القس الذي لم تكن الأم أيضا تعرفه؛ فقد أطلقت عليه اسم صاحب الشريط الذي كان يلعلع في نفس اللحظة من ميكروفون حانوت الدكتور فتحي.
لم تستجب أم عاطف للاستفزاز، وواصلت العمل في صمت وهي تتدبر الأمر، ولم يلبث الشك أن ساورها في أنها ضحية احتيال ما. ولأن إيمانها كان راسخا لا تزعزعه الأحداث، اتجه غضبها، كما يحدث عادة في هذه الأمور، إلى ذات، واعتبرت ما حدث جزءا من تلك الحرب الأبدية المستعرة بين أبناء الطائفتين؛ وبذلك تهيأت المرأتان للنهاية المحتومة التي جاءت في نفس اليوم؛ فبدلا من أن تختم عملها بالحمام كعادتها، شاءت أن تنتهي بالمطبخ، ولم تحتمل اعتراض ذات فجذبت كيس أدويتها، وغادرت الشقة من غير كلمة، وإلى غير رجعة. وأصبح المسرح جاهزا لاستقبال أم وحيد وأفلامها.
جاءت أم وحيد في لحظة استنفدت فيها المساحة الكاوتشوك أغراضها، وحلت محلها الخيوط القطنية المجدولة على هيئة فرشاة تغمس في جردل مخصوص مزود بعصارة جانبية، وهو ابتكار بدا مألوفا لديها؛ ولهذا لم تترك شكا منذ البداية في موقعها من الخارطة الاجتماعية؛ فقد جلست على الفور في المقعد المواجه لذات دون أن يدعوها أحد، وأخرجت علبة سجائر كليوباترا، فأشعلت منها واحدة، وقبل أن تنهيها أشعلت واحدة ثانية من طرف الأولى. كانت امرأة أربعينية ممتلئة، مليحة الوجه ، حادة الذكاء، مقبلة على العمل، واسعة الثقافة بالرغم من أميتها (بفضل القنوات المتعددة للبث). لم يكن لها شأن بالمتغيرات الدولية، ولا بالنظام العالمي قديمه وجديده، ولا بصراع الصقور والحمائم في إسرائيل، أو بمن يحوز أكبر عدد من أوراق الكوتشينة، لكنها كانت تعرف مضار الإكثار من استخدام المضادات الحيوية، وطريقة انتقال عدوى مرض الإيدز، وما يحدثه مرض الاكتئاب في الإنسان، وفوائد الجرجير والخس، وأسعار الدولار والإسترليني في الأسواق المصرفية، وأهمية سلخ الدجاج لتقليل نسبة التأثر بالهرمونات المضافة إلى غذائه، وفخ شركات توظيف الأموال، وسر الأعمال الإنشائية المستمرة دون توقف في مطار القاهرة منذ إنشائه، وأسباب طلاق حسين فهمي من ميرفت أمين، وما حدث بالضبط لعدوية على يد الأمير الكويتي، ومصدر الأموال التي ينفق منها الشيخ الشعراوي عن سعة.
هيئ لذات أنها عثرت أخيرا على الشغالة المثالية، إلى أن بدأت الأفلام. تغيبت أم وحيد عن موعدها الأسبوعي، وعندما جاءت في الأسبوع التالي اعتذرت بأن أمين، أصغر أبنائها، الذي يكبر أمجد بسنتين أو ثلاث، تعرض لأزمة صحية حادة، وازرق لونه، فأخذته إلى المستشفى الذي يتبعه الأب بحكم عمله في مباحث السكة الحديد، حيث قضوا ببقائه لملاحظة صمامات القلب.
في المرة الثانية كان السبب ابن الجارة، الطالب في معهد مهني؛ فقد أصيب بضربة شمس، وأعطاه المستشفى الحكومي حقنة نوفالجين؛ فتورمت ساقه، وعند الفجر بدأ يحتضر، ومات بعد ساعتين.
تعرفت ذات على أفراد أسرة أم وحيد من خلال الأفلام: «كده يا أم وحيد متجيش .. أخدتلك إجازة مخصوص واستنيتك.» «معلهش يا حاجة. قسمة ونصيب.» «إيه اللي حصل؟» «وحيد.» «ما له؟» «اتحجز في القسم يومين.» «عمل إيه؟» «ولا حاجة.»
فعلا؛ فهو سائق ترام، وبسبب تحايل المقاولين على سمك الدكة الخرسانية للقضبان، تنكسر وينقلب الترام، ويحتجز السائق في مركز الشرطة إلى أن ترسل المؤسسة، على مهلها، من يسدد العقوبة المالية المقررة، والتي تخصم بعد ذلك من راتبه.
المرة التالية: «أسامة يا حاجة.» «أسامة مين؟» «ابني. أخو وحيد.» «ما له؟» «صحيت الصبح لقيته أخد الحلل كلها وباعها.» «ليه؟» «عايز فلوس.» «هو ما بيشتغلش؟» «لا. قاعد من الشغل.» «يقوم يعمل كده؟» «أصله مدمن يا حاجة.» «مدمن إيه؟ خمرة؟» «لا. بعيد عنك برشام.» - «وحيد يا حاجة.» - «ما له؟» - «كنت بازوره في السجن.» -«يا خبر. إيه اللي حصل؟» - «حادثة. عيل جه ينط في التروماي وهو ماشي قام وقع تحت العجل.» - «طب وابنك ما له؟» - «ما هو السواق يبقى المسئول.» - «يا حرام.» - «عملتله أكل وخدت صباح ورحنا له.» - «صباح مين؟» - «حبيبته.» - «الله! هو مش متجوز؟» - «أيوه. بس بيحب دي.»
تضرب ذات كفا بكف؛ فمن سمع عن سائق ترام يحب؟ - «وبتعمل إيه ست صباح دي؟» - «بتشتغل زي في البيوت، مالهاش حد وعشان كده قاعدة معانا.» - «ومراته؟» - «عند أهلها.»
أمضى وحيد ستة شهور في السجن، وكان خروجه إيذانا بفيلم جديد: - «الواد قام على أخوه بالسكينة.» - «مين؟ .. آني واحد؟» - «أسامة.» - «قام على مين؟» - «على وحيد.» - «ليه؟» - «عشان صباح.» - «ما لها؟» - «أصل لما وحيد دخل السجن، أسامة حبها.» - «وده وقته. مش يشوف شغل الأول.» - «القصد. والمضروبة كمان حبته.» - «طيب ذنبه إيه بقى وحيد عشان يتهجم عليه؟» - «أصلها كانت لا مؤاخذة نايمة معاه.» - «مع مين؟ أسامة؟» - «لا. وحيد.»
في الإجابة عن تساؤل ذات المنطقي عما يحول دون الفصل بين الأطراف المتجامعة، قدمت أم وحيد سببا يتعلق بالجغرافيا؛ فالقبيلة كلها تعيش في غرفة واحدة تضم بالإضافة إلى أماكن النوم، ركنا للبث، وآخر للطهي، وثالثا لتناول الطعام.
لم يكن للأب بطبيعة الحال دور في هذه الأفلام؛ لأنه يعمل طوال النهار ولا يعود إلى الاستوديو إلا في الليل؛ لهذا كان ظهوره المفاجئ في دور رئيسي حدثا مثيرا. «والمصحف كنت جايالك. وأنا في السكة شيء إلهي خلاني أرجع البيت. لقيت الراجل رجع من الشغل واحنا لسه قبل الضهر.» - «كان تعبان ولا حاجة؟» - «أبدا. جاي عشان صباح.» - «صباح؟» - «أيوه. كانت لوحدها.» - «هو حبها؟» - «حبه حنش.» - «يا شيخه! تلاقيكي ظالماه.» - «أبدا. البنت نفسها قالتلي من أسبوعين إنه حاطط عينه عليها.» - «مش يمكن تكون بتضحك عليكي؟» - «لا مش ممكن. أنا اللي مربياها.»
بعد ساعتين، عندما انتهت من الغرفتين، وجلست تستريح مع الشاي والسيجارة، قبل أن تنتقل إلى المطبخ والحمام، بدأت تنظر إلى سلوك زوجها نظرة موضوعية: «العملية هي السبب. من ساعة ما شلت الرحم، وأنا مبطيقش ريحته ولا أطيقه يلمسني.»
موضوع مثير للبث، ليس فقط لأن ذات جربت هذه المشاعر دون جراحة، وإنما أيضا لأن الجراحة نفسها أصبحت محتملة؛ فبعد نوبات من النزيف والألم صاحب الدورة إياها، أسلمت نفسها لجولة تفعيص جديدة لتعلم أن في أحشائها ليمونة لم تلبث أن صارت برتقالة، وأن الحيلولة بينها وبين أن تصبح بطيخة يتطلب جراحة قد تطيح بالجهاز الداخلي كله.
بعد أسبوعين أحضرت أم وحيد معها غادة الكاميليا لمعاونتها على الانتهاء بسرعة من أجل اللحاق بأحد أفلامها، كما قالت، ولإبعادها عن خطر مجزرة محتملة، كما أضافت بعد قليل، فأتاحت لذات أن تشبع فضولها وترى بعينها النجمة الأولى في أفلام أم وحيد.
ألفت نفسها أمام عمود طويل من العظام، يعلوه وجه جامد النظرات، بالغ الشحوب، لكن صباح تكشفت عن شغالة ماهرة، تعمل بطريقة منظمة، وبدرجة عالية من الكفاءة، لدرجة أنها أقدمت من تلقاء نفسها، ودون أن يطلب ذلك منها، على تنظيف المصابيح الكهربائية؛ مما أوحى لذات بتاريخ في الخدمة القائمة على أسس علمية، وأفسح لها مكانا في عواطفها الطيبة، فبدأت تتصورها ضحية للذئاب، بعد أن تصورتها على هيئة الذئبة نفسها، وبذلك بدأت انزلاقها، دون وعي، إلى أحد أفلام أم وحيد.
على أن الظروف كلها كانت مهيأة لهذه النهاية؛ فقد أحدث غياب عبد المجيد لتأدية واجبه فراغا عزفت سميحة عن ملئه؛ ذلك أنه تزامن مع تطور دراماتيكي في حياة الشنقيطي الذي وجد ملاذا من الشيخ سلامة في غرفة الرئيس الجديد لمجلس الحي، وهي غرفة واسعة تغص بأصحاب النفوذ وطالبي الخدمات، فتمكن من استعادة صلاته الجماهيرية والحصول، في خبطة واحدة، على شقة مدينة نصر الموعودة، وتمكنت سميحة من إزالة الغشاوة عن عينيها، فتراجعت عن طلب الطلاق، وعادت إلى بيتها وزوجها، بل وتبينت الصديق من العدو، فعندما التقت بذات على السلم، وأقبلت عليها الأخيرة تبارك لها عودتها إلى الوعي، أشاحت سميحة بوجهها وواصلت الصعود في تجهم، معلنة عن تطور دراماتيكي آخر، في حياة ذات هذه المرة، هو اقتراب المقاطعة من باب شقتها.
ولأن ذات أخفت كل هذه التطورات عن ماكينات الأرشيف، أصبحت أم وحيد الإنسان الوحيد، فعلا، الذي تستطيع مبادلته البث في الموضوعين الأساسيين اللذين يشغلان فكرها طول الوقت (بالإضافة إلى تطورات البرتقالة)؛ سر تصرف سميحة ومصير عبد المجيد. وكانت أم وحيد قد التقطت القصة من على سلم العمارة، أثناء التوسلات المعهودة، التي استجابت لها، هي وصباح، بأريحية، ثم فاتحت ذات، مهونة عليها الأمر، مؤكدة أن السجن ما زال للجدعان، فسألتها ذات: «إنت دخلتيه يا أم وحيد؟» وأجابت المرأة بابتسامة رثاء - لذات بالطبع: «يوه .. ياما.»
بالمقابل أتاحت لها أم وحيد فرصة الإطلال على عالمين؛ عالم غريب يتمتع بحرية ممارسة الحب وارتكاب الجرائم، لا يعرف الخوف أو الجبن، ولا المقاطعة، وعالم العمارة نفسها.
فعن طريق أم وحيد علمت ذات أن موظف الزراعة الذي أصبح يركب المرسيدس، أصيب بنوبة قلبية بعد ضياع مدخراته في الريان، وأن زوجته تحجبت بعد ذلك مباشرة (إما من أجل شفاء زوجها، أو التماسا لعودة أمواله، أو لحماية نفسها من الفتنة في الظروف الجديدة). وأن زوجة ضابط الشرطة التي اشتهرت بمشيتها العسكرية، انتقلت إليها العدوى كاملة فصارت تضرب خادمتها بكعب البندقية، وتكوي جسمها بالنار. وأن ضابط شرطة شاب في العمارة المواجهة طلب يد ابنة ضابط الجيش، فكان الرد أنها تستحق أميرا، فقرر أن يصبح أميرا لإحدى الجماعات الإسلامية وقتل زميلا له ودخل السجن. وأن مهندس الديكور يرتدي باروكة، وشقته مكدسة بالديكورات، وزوجته لا تستحم إلا في الأعياد، وابنهما استقر في الثانوية لا يريد مفارقتها ويهوى تخريم عجلات سيارتهما. وأن مدرس الكويت تزوج فتاة صغيرة من أقارب زوجته عايدة، وأن الست فادية تتجنب استخدام المدفأة الكهربائية على سبيل الاقتصاد، وتستعين بدلا منها بموقد الكيروسين القديم، ومع ذلك اشترت لابنها آلة أورج بألف جنيه عندما نجح في الثانوية. وأن الحاج فهمي يدلل زوجته الثانية الشمطاء بدرية بصيغة المذكر واصفا إياها بالعلوقية، وأن زوجة عم محروس المشلولة أصبحت حبيسة غرفة نومها بسبب اضطهاد زوجة ابنها لها، حتى إنها نقلت أدوات المطبخ إليها. وأن موظف المجمعات الاستهلاكية نقل إلى وظيفة أخرى فلم يعد قادرا على إصلاح سيارته المركونة أمام العمارة، وأن أولاده ضجوا من أكل الفول والبصارة، وأن أمهم تفرض عليهم، عند الأكل، أن يتجنبوا حمل الطعام على جناحي اللقمة ويقتصروا على لمسه بها. وأن الشبح الأسود الذي احتل الشقة المفروشة مكان مدام سهير من الإنس وليس من الجان.
والذي أثار اللبس بين الصنفين هو ولي العهد عندما عاد مرة مفزوعا من الخارج وقد أنطقته الصدمة باللغة العربية فصاح: «ماما .. عفريت.» استعانت ذات بالبسملة والتعويذة حتى جاءت أم وحيد بالخبر اليقين؛ الشقة المفروشة أجرت لمنقبين، أو على الأصح لملتح ومنقبة. أما العفاريت الحقيقية فقد ظهرت، فعلا، بعد قليل.
فقد دفع صاحب العمارة للشنقيطي عشرة آلاف من الجنيهات مقابل الشقة عندما انتقل إلى مدينة نصر، وحولها إلى مفروشة على الفور، فحصل بذلك على إيجار شهري يزيد خمسين ضعفا على الجنيهات الثمانية التي كان يأخذها من الشنقيطي. وفتح هذا التطور شهيته، فأبلغ السكان على لسان عم صادق استعداده لأن يدفع نفس المبلغ لكل من يفكر في ترك شقته، لكن السكان أعلنوا لعم صادق تمسكهم بشققهم حتى الموت. ولم يمض أسبوع حتى اندلعت النيران أمام أبواب الشقق وعلى السلم، ثم انطفأت على الفور من تلقاء نفسها. وبعد يومين استيقظ السكان في الفجر على أصوات عويل صادرة من المناور وبئر السلم، وشكا قاطنو الطابق الأخير من دبدبة أقدام غامضة فوق رءوسهم في نفس الموعد. وتلاحقت الظواهر؛ تعرض التيار الكهربائي لانقطاعات مفاجئة في أوقات الذروة (السابعة صباحا والثالثة بعد الظهر والعاشرة ليلا )، وطارت الملابس المغسولة من فوق حبال البلكونات. أرجع الجميع كل هذا إلى تدبير العفاريت، ووجه الحاج عبد السلام نداء إلى السكان عن طريق عم صادق يدعوهم فيه إلى التكفير عن ذنوبهم وإقامة صلاة الجماعة في المسجد. أم وحيد وحدها هي التي هزت رأسها هزة العارف الخبير وقالت لذات: «العفاريت متعملش كده.»
انبرت العفاريت على الفور لتأكيد وجودها؛ فبينما كانت صباح تقوم بتنفيض سجاد مدرس الكويت في بلكونة شقته، سمعت دبدبة غريبة خلفها، وعندما التفتت خلفها رأت زوجة المدرس في مدخل الحجرة تحدق في ذهول إلى ثلاث قطع لامعة من البونبون استقرت على الأرض في منتصف المسافة بين المرأتين، لم تلبث أن تلاشت مرة واحدة.
قالت صباح لذات: «رجعت البلكونة عشان أكمل تنفيض. السجادة كانت مركونة على السور، نص جوه والنص التاني بره. بصيت لقيتها بتتحرك لوحدها زي ميكون حد بيشدها من بره. جرينا أنا والست عايدة نمسك فيها، لكن اللي بيشد كان أجمد منا فوقعت في الشارع.»
تذكرت الست عايدة ظواهر مماثلة وهي تروي ما حدث للحاج عبد السلام طالبة منه النصح والعون؛ اختفاء الفواكه الغالية الثمن (مثل التفاح) من الثلاجة، اختفاء الأطفال من أمامها وظهورهم في غرفة أخرى، تحرك لعبهم (وهي لعب غالية تعمل بالريموت كنترول) من تلقاء نفسها في اتجاه الشقة. وهدأ الحاج من روعها، ثم أمرها بأن توقد ثلاث شمعات وتحرق البخور، وتضع طبقا من الحلوى للعفاريت.
صدعت الست عايدة بأوامر الحاج، فأحرقت البخور، وأوقدت الشموع، وجلست أمام طبق الحلوى، لتفاجأ بعد قليل بثلاث قطع من البونبون مكان الطبق الذي اختفى. وتكرر الأمر إلى أن جاءت النهاية من جهة أخرى؛ فقد انفصل زوجها عن زوجته الصغيرة وعاد إليها، وهنا انقطع ظهور العفاريت عندها، وانتقلت إلى موظف الزراعة البسيط فاستولت على ذهب زوجته، ثم تحولت إلى ذات.
فأثناء بحثها عن لعبة تلهي بها ولي العهد، اكتشفت اختفاء محتويات صندوق الكرتون الذي يضم كل لعبه، والذي وضع فوق الدولاب بعيدا عن متناول يده. ولعب الفأر في عبها ففتشت أحد أدراج الشفنيرة، حيث تحتفظ ببعض الخواتم والأسورة الذهبية، ووجدتها قد اختفت هي الأخرى. وما إن أفضت باكتشافها إلى أم وحيد (التي ظهرت في موعدها بملابس جديدة وأعلنت في زهو أنها اشترت أحدث جهاز للبث، وأكثره عددا في البوصات ، بألفين من الجنيهات) حتى خبطت على صدرها وهتفت: «العفاريت!»
رافقت أم وحيد ذات في زيارة عاجلة للحاج عبد السلام الذي أطرق برأسه طويلا، ثم قال: «لا بد أن نعقد لهم جلسة لنعرف من هم وماذا يريدون.»
عقدت الجلسة في شقة ذات، وتحت مظلة الشرطة ممثلة في زوجة الضابط التي جاءت في صحبة الست عايدة، وفي حضور أم وحيد وصباح. تحلق الجميع حول الحاج الذي أحرق البخور وملأ عدة أوراق بالدوائر والمثلثات وهو يتمتم بعبارات غامضة، ثم أعلن: «إنهم أطفال من الجن لا يريدون أكثر من اللعب مع أمجد. حطي لهم بخور وشمع وحلويات.»
استفسرت ذات: «حلويات من أي نوع؟ شامية أم مغربية؟»
أجاب الحاج بما اشتهر عنه من اقتضاب: «لا شرقية ولا غربية.»
وعلى باب الشقة التفت إليها قائلا: «ولا تنسي الأرز باللبن. الجن يحبه.»
لم تقرب العفاريت شيئا مما بسط لهم، واستمرت ظواهر الاختفاء؛ الملاعق، محتويات حصالة النقود الخاصة بولي العهد، ملابس دعاء وابتهال الداخلية، وأخيرا مفرش البوفيه الذي عاد بعد اختفائه بلحظات.
فقد أزاحته مرة جانبا لتزيل الأتربة من فوق سطح البوفيه، ثم أعادته مكانه، في الوسط تماما، وانحنت لتأتي بالفازة التي توضع فوقه، وعندما اعتدلت وهي تتنهد فوجئت باختفائه وظهوره عند الحافة البعيدة لسطح البوفيه.
استعاذت بالله من الشيطان الرجيم، وجذبت المفرش إلى مكانه الأصلي، وهمت بوضع الفازة فوقه، وإذا به يختفي ويعود إلى حافة البوفيه. هنا لم تجد مفرا من الالتجاء مرة أخرى للحاج عبد السلام.
التي ذهبت تبحث عن طريقة للتخلص من العفاريت عادت بوصفة لإحضار المزيد منهم؛ فقد أعطاها الحاج حجابا وعزيمة تقرأ عددا معينا من المرات؛ ليحضر خدمها، وتطلب منهم الحيلولة دون تعرض العفاريت لها.
سألته: «هل يمكن أن أطلب منهم شيئا آخر؟»
فهم الحاج عبد السلام ما تعنيه على الفور، أو ظن أنه فهم: «طبعا. يمكنك أن تطلبي منهم تخليص الأستاذ عبد المجيد من السجن، لكن هذا يحتاج إلى مزيد من التحضير وإثبات النية الحسنة، ولن تكفي الشموع والبخور لذلك.»
لم يكن تخليص عبد المجيد هو ما عنته ذات في مبدأ الأمر؛ إذ كانت ما تزال تفكر في اللحاق بمسيرة الهدم والبناء، لكنها لم تجد بأسا من مجاراة الحاج الطيب. ماذا يقترح؟ أجاب بعد إطراقة طويلة: «هدية جليلة. مبرد مياه كهربائي للمسجد، أو جزء من ثمنه.»
تخلت ذات عن فكرة تخليص عبد المجيد من سجنه، وقررت التركيز على التخلص من العفاريت، فصامت أربعة أيام قرأت خلالها سورة الإخلاص ألف مرة في اليوم، وسورة يس مرة واحدة هي وسورة الدخان. وفي مساء اليوم الرابع اغتسلت وارتدت ثيابا نظيفة، وأغلقت باب الشقة جيدا، ثم طلبت من دعاء وابتهال أن يشاركاها الفراش، واحتوت ولي العهد بين أحضانها، وتناولت المصحف فقرأت منه الآيات التي عينها الحاج وهي ترتجف من الخوف، ثم أخذت تردد: «أجب يا شراهيل، بارك الله فيك وعليك، أجب بحق الله العظيم، الوحا الوحا، العجل العجل، الساعة الساعة»، حتى غلبها النعاس.
لم يحضر شراهيل أو غيره. عبد المجيد هو الذي جاء بعد أن قضى مدته، وبعد أن تخلصت ذات من العفاريت بطريقتها الخاصة.
فهي ليست ساذجة كما قد يتبادر إلى الذهن؛ أن يتحرك المفرش ويختفي، أو تدب الحياة في لعب الأطفال من تلقاء نفسها، وتقع السجادة من فوق السور، كلها أمور يمكن استيعابها لأنها توحي بكائنات ساذجة لا ترمي إلا إلى قليل من المزاح والتسلية (فلا بد أن الحياة في مملكة الجان مملة للغاية)، أما اختفاء النقود والملابس الداخلية والمشغولات الذهبية فشيء آخر؛ فما حاجة العفاريت إلى هذه الأشياء الدنيوية؟
كانت المواجهة التي جرت بين ذات وأم وحيد هادئة وعقلانية بصورة لم تتوقعها؛ فقد بسطت أم وحيد وجهة نظرها وهي تشعل السيجارة من السيجارة: لماذا لا يحق لها أن تستمتع بالحياة مثل الآخرين؟ ولماذا لا يكون لديها أجهزة كالتي لدى موظف الزراعة البسيط؟ أرادت ذات أن تعلق فأوقفتها الأم بمنتهى الهدوء: «متقوليش إنها من عرق جبينه .. مفيش حاجة بتستخبى.» حجة أخرى مقنعة في جعبة الأم: لو كانت دخلت المدرسة وتعلمت لكانت الآن دكتورة مثل الأخريات اللاتي لا يفضلنها في شيء سوى أن الفرصة أتيحت لهن بالصدفة.
منطق أفحم ذات الطيبة فلم تملك سوى معاتبة الأم على أن ثورتها التصحيحية جرفت في طريقها الكيلوتات والحصالة والذهب. هنا اعترفت الأم بوقوع أخطاء في الحساب والتقدير، ووعدت بمزيد من التصحيح.
توقفت العفاريت عن زيارة ذات في وقت مناسب أتاح لها أن تستعد لاستقبال عبد المجيد، الذي حان موعد خروجه، وهو ما فعلته بمشاعر ملتبسة؛ فمن ناحية تكفل غيابه بإراحتها من عدة أشياء؛ وجهه الغاضب المستعد دائما للانفجار، دخان سيجارة قبل النوم، والدخان الآخر الذي ينطلق من مؤخرته أثناءه، والعملية إياها. ومن ناحية أخرى، افتقدت وجوده من أجل السيطرة على دعاء التي أصبحت ترد بوقاحة على كل كلمة توجه إليها (رغم أنها تحجبت بعد أن فشلت في تحسين صورتها بتسريحة شعر مناسبة)، وعلى ابتهال التي بدأت تعاني من ركوب الكلمات فوق بعضها البعض، وعلى ولي العهد الذي تجاوز المدى في استكشاف السبل المؤدية إلى المجد، وعلى النتوء إياه الذي كاد يوردها موارد التهلكة.
فأثناء زيارة عابرة من منير زاهر للأرشيف، سألته وهي تتأمل الخيوط البيضاء التي تسللت إلى ما تبقى من شعر فوق رأسه، عن السبب الحقيقي وراء عزوفه عن الزواج، فنظر إليها طويلا، ثم قال: «صحيح ما تعرفيش؟»
زلزلت نظرته كيانها، وأجرت الدماء وغيرها في عروقها، ودفعتها إلى استقباله بالليل عدة مرات، وانتظار مروره بالنهار كل لحظة، وإلى الصراخ في البنتين إذا ما قطعتا البث أثناء غناء عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة، وإلى تحمل عناء دهان الشعر بالعفص لإزالة ما تخلله من بياض، والذهاب إلى الكوافير، والبحث عن غطاء مناسب للرأس، لا يكشف ما يتعين ستره، ولا يخفي ما يحسن كشفه، ثم الاعتزال بالحمام مدة كافية لإزالة الشعر من الأماكن إياها، طبقا للتقليد القومي الخاص بطقوس استقبال العائدين والغرباء على السواء.
هذه العزلة نفسها كانت تنويرية وبالتالي محبطة؛ فقد أتاحت لها أن تدرس بدقة ما طرأ على جسدها من تغيرات، وتجلت النتيجة في اليوم التالي؛ إذ تغير مسلك الماكينات إزاءها، معلنا عن موجة جديدة من المقاطعة، شارك فيها حتى منير زاهر، ودفعتها إلى مراجعة النفس، وتبني الحل النهائي الذي سيطهرها من ذنبها، كما يقدم للماكينات الدليل القاطع الماحق على صدق إيمانها وبعدها عن زمرة البلاشفة؛ الحج إلى بيت الله.
هكذا كانت قادرة على استقبال عبد المجيد بخطط محددة للمستقبل ومشاعر غير مجزأة ولا موزعة، على عكسه تماما؛ إذ بدا منطويا على قدر كبير من المشاعر الملتبسة، فضلا عما أصاب حجمه من تضاؤل تجلى عندما ركع يصلي، وعندما أويا إلى الفراش وانزوى بجوار الحائط، وتفاقم عندما استعدت لأداء واجبها، فالتبست مشاعرها هي الأخرى؛ إذ شعرت في البداية بشيء من الارتياح، انقلب إلى إحباط عندما استدار وأعطاها ظهره.
إلى جانب الخطط الاستراتيجية في جعبة ذات، كانت هناك خطط قصيرة المدى، منها احتفال مؤجل بعيد ميلاد ولي العهد، يتضمن احتفاء مضمرا بعودة أبيه، أقبلت على إعداده في حماس تعوض به ما شعرت به من إحباط. وجهت الدعوات، واستشارت الماكينات في أنسب الطورطات، حتى وقع اختيارها على طورطة الشكولاتة المثلجة أو الشكولا آيس كما صحح لها عبد المجيد. وفي اليوم المحدد أعدت السندوتشات والفطائر المحشوة والدجاج المشوي، ثم وضعت أمامها الوصفة الكاملة للطورطة (التي حصلت عليها من أرشيف مجلة «حواء») وبدأت العمل.
سواء كانت العفاريت بما جبلت عليه من شغف بالدعابات السمجة هي المسئولة عما بدر من ذات من خلط في المقادير والأوقات، أو كان الأمر راجعا إلى ما ينتابها أحيانا من تردد ونسيان؛ فإن العجينة البنية اللون التي أودعت الفريزر لم تكتسب الشكل والطعم المستهدفين. وأوشكت الصانعة أن تنفجر باكية، لولا أن النجدة جاءت على يد الدكتور فريش في صورة طورطة ضخمة، أخليت لها مائدة المطبخ؛ لأن طولها لم يكن يقل عن ربع متر، وبالمثل عرضها، كما كان ارتفاعها يتجاوز العشرة سنتيمترات، تتوجها طبقة من الشكولاتة البيضاء أثارت امتعاض ذات لأنها تبدو كالكريمة بينما الأكثر قيمة، على حد قول عبد المجيد، أن يكون الدريسنج «شكولا» حقيقية، بنية اللون.
توافد المدعوون ، وتجمع الأولاد والبنات في غرفة البنتين، وسرعان ما تصاعدت منها موسيقى الهشك بشك، وشرائط التاكسي (الأساتوك والمنجة)، بينما استقر الكبار في الصالة واشتبكوا في بث حاول الدكتور فريش السيطرة عليه مسلحا بمعلوماته وطورطته: الجراح الشهير الذي تقاضى ألفي جنيه لاستئصال حمل خارج الرحم من سيدة عقيمة، والكيميائي المعروف الذي شاهد عاملا بسيطا يتحدث، أثناء غيبوبة روحية، بلغة إنجليزية راقية عن أمور علمية معقدة بعد أن تلبسته روح أستاذ جامعي من أكسفورد، والشريط المتداول سرا في الكويت ويتحدث فيه شبان يرتدون ملابس النساء ويضعون المساحيق على وجوههم وشفاههم ويصبغون أظافرهم ويكحلون عيونهم، والمصري الذي أجبر على التطوع في الجيش العراقي فأسره الإيرانيون وربطوه من يديه إلى سيارة متحركة حتى انفصل ذراعاه عن جسده، والعراقي الذي ساعدته المخابرات البعثية على الانتحار بعد أن شهد اغتصاب زوجته وأخته وأمه على أيدي أفرادها، والفلسطينيون الذين يعانون الأمرين على يد مغتصبي أراضيهم الإسرائيليين وأبناء جلدتهم العرب، ثم الموضوعات التقليدية؛ فضائح الحكام، وشروط البنك الدولي، وارتفاع الأسعار، وتوظيف الأموال (الذي كان الدكتور فريش نفسه من ضحاياه)، وضعف الإنتاج، وتردي التعليم، وهجرة الفلاحين، وفوضى المرور، والمخدرات ... إلخ.
تابعت ذات البث بذهن مشتت، استعاد قوة تركيزه عندما روت منال نبأ الحذاء الذي اشتراه لها الدكتور فريش في علبة أنيقة من الشامواه بأربعمائة جنيه. لم تكن هذه سوى بداية، تلتها الست عايدة بولاعة من الذهب الخالص (ماركة ديبون ومزودة برقم الشاسيه) أهدتها لزوجها في عيد ميلاده (بعد خلاصه من الفتاة الصغيرة بالطبع)، ثم هناء بسيارة مازدا كافأت بها ولي عهدها عندما نجح في الثانوية (اشتراها زوجها بثمن بخس من السفارة الأمريكية التي يعمل في حراستها منذ خرج من الجيش إثر فشل علاجه من شظية أصيب بها من صاروخ أمريكي في حرب أكتوبر)، ولم تتخلف مظلة الشرطة عن الركب بمرتبة مياه لا يقل ثمنها عن سبعة آلاف جنيه. عند هذا الحد لم تتحمل ذات مزيدا من الإصغاء، وقامت قبل أن تدلي ابنة خالتها عفاف بدلوها، ومضت إلى المطبخ لتبسط المائدة ، وتعد المسرح للعفاريت في الوقت نفسه.
أحضر الدكتور فريش معه، إلى جانب الطورطة، كلبة صغيرة بيضاء اللون وخجولة من نوع الجريفون، انزوت أسفل مقعد صاحبها تتأمل الجالسين وأفواههم المتحركة من عينيها الذكيتين اللتين اختفيتا أسفل خصلات شعرها الكثيف، إلى أن اضطرت إلى مغادرة مكانها مدفوعة بحاجة لا تقاوم، فتشممت أحذية الجالسين وأرجل مقاعد السفرة وعتبة باب الشقة، ثم اتجهت إلى المطبخ في اللحظة التي عادت فيها ذات منه تحمل طبقا كبيرا مليئا بالفطائر المحشوة.
وضعت ذات طبق الفطائر على السفرة وكرت إلى المطبخ لإحضار المزيد من الأطباق، وإذا بها تجد بوسي قد فعلتها بسخاء شديد أسفل المائدة التي تحمل طورطة الدكتور. واختارت العفاريت هذه اللحظة نفسها لتفعلها هي أيضا.
فبينما ذات تتأمل في اشمئزاز فعلة بوسي التي اتخذت شكل ثعبان صغير ملتف على نفسه، أو كتلة من الكريمة مضغوطة من منفاخ الحلوى، إذا بها تختفي في غمضة عين، لتظهر فوق سطح الطورطة الفخيمة، تبسطها أيد خفية حتى تغطيه تماما، وتكسو لونه الفاتح بلونها البني، لون «الدريسنج» الذي تفضله ذات.
ترنحت ذات فاستندت إلى الحائط وأغمضت عينيها، ثم فتحتهما في حذر. ويبدو أن خطر الإغماء التي تعرضت له قد ألان قلوب العفاريت؛ لأنهم أعادوا كل شيء إلى حاله؛ الطورطة إلى لونها الأصلي، و«الدريسنج» إلى أرضية المطبخ.
لكن ذات لم تعد إلى ما كانت عليه؛ فعندما أطفئوا النور وأشعلوا شمع الطورطة توقعت أن تراها في كسائها الداكن، وطلت تحدق فيها متحفزة وهي تردد مع الآخرين: «هابي بيرثداي تو يو. هابي بيرثداي تو أمجد.» وبعد ذلك لم تتمكن من تذوق الطورطة. وعندما رأتهم يلتهمون أنصبتهم في شراهة أسرعت إلى المرحاض لتتقيأ، وعفت نفسها عن بقية الطعام الذي خططت له أن يفي باحتياجات يومين على الأقل، فعرجت عند عودتها من الأرشيف في اليوم التالي على كشك الأسماك الذي أقامته إحدى شركات القطاع العام على ناصية الشارع.
استقبلتها فتاة منهمكة في غسل الأرض بخرطوم ماء، ويبدو أنها كانت تحمل مفهوما أرضيا وحسب عن النظافة ؛ لأنها باشرت إعداد السمك دون أن تغسل يديها. أرادت ذات أن تستوقفها لكنها لم تجد القوة على الكلام، فتابعتها في استسلام وهي تقلب السمك في الدقيق، ثم تلقي به في زيت القلية. وخلال ذلك اجتذبتها رنجة معدة في أكياس محكمة من البلاستيك، تحمل تاريخ الإنتاج والصلاحية، ويقل ثمنها عن السوق بفارق كبير؛ عن المجمع الاستهلاكي بجنيه، وعن البقال بثلاثة، والسوبر ماركت بخمسة وسبعة. اشترت نصف كيلو، وأكملت الوليمة ببصل أخضر وليمون من بائعة تحمل على صدرها رضيعا تعلقت يداه القذرتان بثديها الضامر، وتتلفت حولها خوفا من ملاحقة مندوبي الشنقيطي لحمولتها أو نقودها.
مضت بزادها تحت الشمس الحارقة، إلى أن بلغت البائع الصعيدي الذي كان ينادي على بضاعة من العنب في سبتين من الخوص فوق ظهر حمار. تمهلت أمامه فخاطبها في إغراء: «اتنين كيلو؟» وأجابته في حزم: «لا. كيلو واحد.»
ابتعدت عنه خطوات لتحتمي بالظل، وراقبته وهو يصنع قرطاسا من ورق الصحف ويتناول عنقودا من العنب في رفق وحدب، فيودعه القرطاس وهو يردد اسم الله. تحرك الحمار قليلا إلى الأمام، فتبعه صاحبه وهو يهشه ليلزم مكانه، ورفعت ذات عينيها إلى النوافذ المغلقة أو المواربة، والملابس المنشورة فوق الحبال، وقد وضعت كل قطعة في عناية إلى جوار الأخرى وثبتت بمشبكين خاصين، وأكوام الأثاث البالي في أركان الشرفات، وستائر القماش خلف القضبان الحديدية لأسوارها، أو واجهات الألوميتال والفيميه فوقها. هكذا أتيحت لها الفرصة كي تطل على صباها.
ففي إحدى الشرفات المدهونة حديثا، خرجت امرأة شابة في رداء بيتي من قماش مشجر بلا أكمام، غطت رأسها بمنديل أوحى انبعاجه بما يخفي من شعر ملفوف حول البكر.
تطلعت المرأة إلى بداية الشارع، ثم أسندت مرفقيها إلى السور، وتأملت السيارات المركونة بجوار الرصيف بنظرات شاردة، وهي تدعك شفتيها الواحدة بالأخرى لتوزع الروج فوقهما توزيعا متكافئا، فرأت ذات نفسها منذ عشرين عاما؛ الكنس والمسح وتعريض الفرش للشمس، فإظلام الغرف ورشها بالمبيدات، ثم حمام كامل على رواق، يعقبه تجفيف الشعر ولفه بالبكر وتغطيته بالمنديل، فتواليت بسيط؛ الكحل والماسكرا ، وقليل من الأحمر للخدين، وروج ثقيل فوق الشفتين، نصائح مجلة «حواء» بالكامل، وأخيرا الانتظار الممل حتى يعود بطل العروبة من كفاحه.
وضع البائع قرطاس العنب فوق كفة الميزان اليدوي، ورفعه في الهواء وهو يضغط بجانب كفه خفية على الناحية التي تتدلى منها كفة القرطاس، لتكشف عن زيادة في الوزن. ثم أطبق أجزاء الميزان في صلصلة معلنا اختتام الصفقة، وناولها القرطاس فأعطته الثمن، واستأنفت السير حتى عمارتها.
احتوتها ظلمة ملطفة احتمى بها خمسة جنود في عنفوان الشباب، استندوا إلى الجدران في اكتئاب ينتظرون أوامر زوجات سادتهم الضباط ليحضروا من السوق القريب قليلا من الملح، أو حزمة من البصل الأخضر، أو علبة من الصلصة. ارتقت السلم على مهل، مارة بآثار مسيرة الهدم والبناء أمام شقة مهندس الديكور، وبالعمل الحقيقي في شقة ضابط الجيش، تقوم به مجموعة من الجنود تحت إشراف ابنته الصغيرة التي ارتدت ملابس الحجاب رغم أنها لم تتجاوز التاسعة من عمرها بعد.
بلغت باب شقتها وهي تلهث، ففتحته ودخلت، وأغلقته خلفها. وضعت حملها فوق الثلاجة وارتمت على أقرب مقعد وهي تتخلص من حذائها وتبسط قدميها أمامها متنهدة في ارتياح، مستمتعة بالسكون الذي لن يلبث أن يتلاشى عندما يتوافد باقي أفراد الأسرة، واحدا بعد الآخر. ولم يدم شعورها بالارتياح طويلا؛ إذ تذكرت حوض المطبخ.
كان مكدسا بمخلفات الإفطار فضلا عن عشاء الأمس. فكرت أن تتركه لابنتيها، ثم رق قلبها عندما تصورتهما عند عودتهما، شاحبتين من الإرهاق، فملأت حلة إلى منتصفها بالمياه ووضعتها على النار (لأنها ما زالت محرومة من سخان للمياه فوق حنفية الحوض)، وأضافت إليها مسحوق الصابون، وعندئذ شعرت باضطراب مألوف في أحشائها فهرعت إلى الحمام، لكن نقطة الدماء التي طالعتها في قعر الكيلوت لم تكن كافية لتأكيد أو نفي ما ذكره طبيب مجلة «حواء» حول أعراض نهاية الموضوع إياه (وهي نهاية تبعث على الترحيب والذعر في آن واحد).
عادت إلى المطبخ فوضعت الأكواب الزجاجية في المياه الساخنة، ودعكتها بليفة من البلاستيك ثم أخرجتها، وصفتها على رخامة الحوض وانتقلت إلى الأطباق والحلل. وعاودها شعور الارتياح، رغم الألم الذي انتشر أسفل ظهرها عندما ظهر أمامها قاع الحوض أخيرا، فجمعت النفايات المترسبة فيه وألقتها في صندوق القمامة، ثم نظفته جيدا، واستمتعت لحظة ببياضه الناصع قبل أن تنقل إليه الأكواب والحلل المغطاة بالصابون، ثم أسالت المياه وبدأت الشطف (وهي عملية كان من الممكن اختصارها لو كان لديها حوض الصلب الذي يصدأ).
كافأت نفسها عندما انتهت بكوب من الشاي احتسته في الصالة، ثم عادت إلى المطبخ وفكت لفافة السمك، فألفتها تحتوي على قطعتين كبيرتين؛ إحداهما رأس بارز العظام، والثانية طرف عظمي من الذيل. تلمست فيهما جوانب تؤكل فلم تجد، فوضعتهما جانبا (وهي تتدبر أمر تقديمهما لقطط السلم) بعد أن لامت نفسها على أنها لم تفحص محتويات اللفافة قبل أن تغادر الكشك، وتحولت إلى الرنجة.
شقت إحدى العبوات البلاستيكية بالسكين، وانتزعت السمكة المجففة، ففوجئت بها تتفتت في يدها. جردتها من قشرتها في عناية، واستخرجت شوكتها الداخلية، فبانت أحشاؤها المهترئة. التقطت جزءا منها بفمها ومضغته فوجدته لاذعا. انتزعت سمكة أخرى من غلافها وشقت بطنها فألفتها بنفس التهرؤ والمذاق الذي يشبه مذاق الخل. وهي نفس النتيجة التي حصلت عليها من السمكتين الباقيتين.
التقطت الأغلفة البلاستيكية وتأملت البطاقات الصغيرة التي تحمل تاريخ الإنتاج والصلاحية. كان الأول يشير إلى نفس الشهر، والثاني للعام كله. لم يكن من العسير تخيل ما حدث؛ فسدت الرنجة فنقعوها في الخل لإخفاء التغير في طعمها ووضعوها في عبوات جديدة؛ ولهذا السبب عرضت للبيع بسعر مخفض.
انحنت على الحوض وهي تتنهد في يأس. ماذا تفعل الآن؟ تذهب إلى الكشك تحت الشمس اللاسعة وتحاول استرجاع نقودها؟ وإذا رفضوا تذهب إلى المكتب إياه لأداء واجبها ومنه إلى مركز الشرطة، فالتصحيح وهمت والماكينات التي ستسخر منها ثم تقاطعها. تصورت تعليق أمين الشرطة: «سمكة فاسدة؟ يبقى متكليهاش.» معه حق؛ فالموضوع تافه، شديد التفاهة. شعرت بالدموع تتجمع في عينيها، فألقت بالسمك والرنجة في صفيحة القمامة، وتحاملت على نفسها، فغادرت المطبخ واتجهت بخطوات متثاقلة إلى المبكى؛ المرحاض.
Bilinmeyen sayfa