الحزم والسياسة الرشيدة وضبطِ النفس أن تسترسل مع ما يُشبه الهوى. . . يعني أن عمرَ أفضلُ مني، رضي الله عن الجميع. . .
ومما يروى في معنى حث الأقارب على التعاون: أن أكثمَ بنَ صيفيٍّ حكيمَ العرب دعا أولاده عند موته، فاستدعى بضِمامةٍ من السهام أي حزمة منها، لغة في الإضمامة وتقدم إلى كل واحد أن يكسرها، فلم يقدر واحد على كسرها، ثم بددها وتقدم إليهم أن يكسروها، فاستسهلوا كسرها، فقال: كونوا مجتمعين، ليعجز من ناوأكم أي عاداكم عن كسركم، لعجزكم. . . وقال الشاعر في هذا المعنى:
إنَّ القِدَاحَ إذا اجتمعْنَ فرَامَها ... بالكْسرِ ذو حَرْدٍ وبَطْشٍ أَيِّد
عَزَّتْ فلَمْ تُكْسَرْ، وإن هِيَ بُدِّدَتْ ... فالوَهْنُ والتكْسِيرُ لِلمُتَبَدِّدِ
وقال آخر في هذا المعنى:
إذا ما أرادَ اللهُ ذُلَّ قبيلةٍ ... رَمَاها بتشتيتِ الهوى والتَّخاذلِ
وهذا كما يقال في الأقارب يقال في كل جماعة بينهم لحمة تجمعهم، من وطن وغير وطن ومما يروى: أن رجلًا من العرب قتل ابن أخيه، فدفع إلى أخيه ليقتاد منه فلما أهوى بالسيف أرعدت يداه، فألقى السيف من يده وعفا عنه، وقال: - والبيتان في الحماسة -:
1 / 38