وأصله من العقِّ وهو الشقّ والقطع، يقال عقَّ الولد والده يَعُقُّه عَقًا وعُقوقًا ومَعَقّةً: إذا شقّ عصا طاعته، وعقَّ والديه: قطعهما ولم يصل رحمَه منهما وقد يُعَمُّ بلفظ العقوق جميعُ الرحم، والولد عاق، والجمع عَققةٌ، مثل كفرة.
فمن قولهم في العقوق: العقوق ثُكلُ من لا يَثْكَلُ. . . . . . . . . الثكل الموت والهلاك، وأكثر ما يستعمل في فقدان الرجل والمرأة ولدهما، يعنون أن من ابتلي بولدٍ عاقٍّ فكأنه ثكله وقال بعضهم لابن له عاقٍّ: أنت كالإصبع الزائدة، إن تُركت شانت وإن قُطعت آذت. . . وقيل لأعرابي كيف ابنك؟ - وكان عاقًا - فقال: عذابٌ رَعِفَ به الدهرُ، فليتني قد أودعته القبر، فإنه بلاءٌ لا يقاومه الصبر، وفائدة لا يجب فيها الشكر قوله رَعِفَ به الدهرُ: يريد تقدم به الدهر وعجل.
وأورد أبو العباس المبرّد في الكامل هذه الأبيات لامرأة يقال لها أمُّ ثواب الهزّانية، في ابنها - وكان لها عاقًا - وقد اختارها أبو تمام في حماسته:
رَبَّيْتُهُ وهُوَ مِثْلُ الفَرْخِ أَعْظَمُهُ ... أُمُّ الطَّعَامِ تَرَى في ريشِه زَغَبَا
حَتَّى إذا آضَ كالفُحّالِ شَذَّبَهُ ... أبَّارُهُ ونَفَى عَنْ مَتْنِهِ الكَرَبا
أَنْشَا يُخَرِّقُ أثْوابي ويَضْربُني ... أبَعْدَ سِتِّينَ عِنْدِي يَبْتغي الأدبا
إنِّي لأُبْصِرُ في تَرْجِيلِ لِمَّتِهِ ... وخَطِّ لِحْيَتِهِ في وَجْهِهِ عَجَبَا
قالَتْ لهُ عِرْسُهُ يَوْمًا لِتُسْمِعَني ... رِفْقًا فإنَّ لنا في أُمِّنا أرَبا
ولوْ رَأتْنيَ في نارٍ مُسَعَّرَةٍ ... مِنَ الجحِيم لزَادَتْ فَوْقَهَا حَطَبَا
هذه أبيات من شعر الفطرة، تصف في دِقّةٍ حالَ الابن العاقّ يكون ضَلْعُه وهَواه مع زَوْجه على أمِّه، وكذلك تصف ذلك العداء القديمَ بين الكَنَّةِ
1 / 19