دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة
دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة
Türler
والذي تميل إليه النفس أن خبر أبي هريرة ورد في الوضوء للصلاة وليس المراد غسل اليدين، وأنه منسوخ، وأن خبر ابن عباس ناسخ لهذا الحديث.
وذلك لعدة أمور تتبين من مناقشة الأقوال السابقة:
أولًا: قول الطحاوي في المراد بالوضوء:
"يجوز أن يكون هو غسل اليد لا وضوء الصلاة".
قلت: هو مردود بحديث جبير بن محمود عن سلمة بن سلامة بن وقش صاحب رسول الله –ﷺ أنهما دخلا وليمة ... الحديث، وفيه: (ولكني رأيت رسول الله –ﷺ وخرجنا من دعوة دعونا لها رسول الله –ﷺ وهو على وضوء، فأكل ثم توضأ فقلت له: ألم تكن على وضوء يا رسول الله، قال: بلى! ولكن الأمر يحدث وهذا مما حدث) (١) .
فالذي يفهم من هذا الحديث استنكار سلمة –﵁ إعادة الوضوء حيث عهد رسول الله –ﷺ متوضئًا، ولو كان رآه غسل يديه فقط لما استنكر ذلك حيث لا علاقة لوضوئه السابق بغسل يديه، فإن غسل اليدين لتنظيفهما وإزالة الدسم منهما وارد عن رسول الله –ﷺ ومعهود منه أحيانًا (٢)، ولكن سلمة –﵁ سأل عن الوضوء السابق هل انتقض بأكل ما مسته النار حتى دعا ذلك رسول الله –ﷺ لإحداث وضوء آخر.
وهذا الذي فهمه سلمة –﵁ وفهمناه من حديثه فهمه الصحابة رضوان الله عليهم حينما تكلموا عن هذه المسألة، فإن بعض من روى أحاديث ترك الوضوء سواء كانت مرفوعة أم موقوفة نفى الوضوء ولم ينف غسل اليدين والمضمضة، ومن أمثلة ذلك:
١- حديث سويد بن النعمان "أنه خرج مع رسول الله –ﷺ عام خيبر، حتى إذا كان بالصهباء " وهي أدنى خيبر" نزل فصلى العصر، ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق فأمر به فثري، فأكل فأكلنا، ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا ثم صلى ولم يتوضأ". (٣)
(١) الحديث تقدم ص (٣) أخرجه بهذا اللفظ الطحاوي وأصله مخرج في الصحيحين.
1 / 90