دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة
دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة
Türler
وما ذهب إليه الجمهور من أن النوم ليس بحدث على الإطلاق، ولا ينكر كون النوم حدثا على الإطلاق هو الذي تدل على صحته الأحاديث، فإن من قال بأن النوم حدثًا مطلقًا لم يجب عن حديث أنس بن مالك ﵁ وكذا حديث ابن عباس ﵁ وهما حديثان صحيحان صريحان في عدم نقض النوم للوضوء فإذا قيد النوم بنوم غير الممكن أمكن الجمع بين الأحاديث، وجعل النوم حدثًا لغير الممكن، وأما من تمكن من جلسته ولم يضطجع فإنه لا يخرج من الحدث، ومن نام نومًا يسيرًا فإنه يبعد أن لا يشعر بخروج الحدث، كما أن الجمهور خصوا رسول الله ﷺ بعدم نقض نومه لوضوئه، جمعًا بين الأحاديث، فمن لم يخص الرسول ﷺ بذلك فلا جواب له عن حديث ابن عباس، وهو حديث صحيح متفق عليه.
وأما من قال بأن النوم ليس بحدث مطلقًا فلا جواب له عن حديث صفوان ﵁، وما احتجوا به من عدم ذكر النوم في الآية وفي حديث أبي هريرة فهو ليس بحجة، وذلك أنه ليس من الضرورة أن تذكر جميع النواقض في الآية، وكذا جميع النواقض في الحديث.
فالآية لم يذكر فيها الريح، ومع ذلك عد الريح حدثًا، ولم يحتج أحد بعدم وروده في الآية على أنه ليس بحدث، ثم هذا الحديث ورد على سبب وحادثة. ورد في رواية أخرى عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: " إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحًا بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" (١) .
فكما أن الريح لم تذكر في الآية وذكرت في هذا الحديث وعدت حدثًا؛ فكذا النوم لم يذكر في الآية وذكر في حديث صفوان فيعد حدثًا.
ثم إنه لا يصار إلى الترجيح مع إمكان الجمع وقد أمكن بما تقدم.
والله أعلم.
المبحث الرابع:
التسمية قبل الوضوء
وفي باب الوضوء يختلف الفقهاء في التسمية قبل الوضوء هل هي واجبة أم لا؟ وهل يصح الوضوء بدونها أم لا؟
(١) أخرجه الترمذي (١/١٠٩) .
1 / 107