112

بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة

Yayıncı

مكتبة الآداب

Baskı Numarası

السابعة عشر

Türler

متضمنا لضميره صرفه ذلك الضمير إليه ثانيا؛ فيكتسي الحكم قوة١. ومما يدل على أن التقديم٢ يفيد التأكيد أن هذا الضرب من الكلام يجيء فيما سبق فيه إنكار من منكر؛ نحو أن يقول الرجل: "ليس لي علم بالذي تقول" فتقول: "أنت تعلم أن الأمر على ما أقول"، وعليه قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ٧٨]؛ لأن الكاذب -لا سيما في الدين- لا يعترف بأنه كاذب، فيمتنع أن يعترف بالعلم بأنه كاذب. وفيما اعترض فيه شك: نحو أن تقول للرجل: "كأنك لا تعلم ما صنع فلان؟ " فيقول: "أنا أعلم". وفي تكذيب مُدّعٍ: كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ [المائدة: ٦١] فإن قولهم "آمنا" دعوى منهم أنهم لم يخرجوا بالكفر كما دخلوا به. وفيما يقتضي الدليل أن لا يكون: كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ [النحل: ٢٠] فإن مقتضى الدليل أن لا يكون ما يُتخذ إلها مخلوقا. وفيما يستغرب: كقولك: "ألا تعجب من فلان؟ يدعي العظيم وهو يَعْيَا باليسير". وفي الوعد والضمان: كقولك للرجل: "أنا أكفيك، أنا أقوم بهذا الأمر"؛ لأن من شأن من تَعِدُه وتضمن له أن يعترضه الشك في إنجاز الوعد والوفاء بالضمان، فهو من أحوج شيء إلى التأكيد.

١ علله عبد القاهر بأن تقديم المسند إليه ينبّه السامع لقصده بالحديث قبل ذكره تحقيقا وتأكيدا له. ٢ أي: في هذا القسم، وبهذا يكون له مقام في الكلام يباين مقام القسم الأول؛ لأن المقصود منه التخصيص لا التأكيد كما سبق.

1 / 114