Şam'da Emevi Devleti
الدولة الأموية في الشام
Türler
وكان عمرو بن سعيد رجلا معجبا بنفسه متهاونا في أمره مغترا بأعدائه، فساعد ذلك عبد الملك على كيده والتدبير عليه.
3
صمم عبد الملك على اغتيال عمرو بن سعيد بن العاص، فأدنى مجلسه وقربه وأحسن إليه، ولم يرد له أمرا فارتاح هذا لسياسته، فدعاه مرة إلى قصره فقدم آمنا مطمئنا، فغدر به وذبحه عبد الملك بيده ذبح النعاج، ولما قدمت فئة من أنصاره لتثأر له رمى عبد الملك ببدر الأموال إليها مع رأس القتيل فاهتموا بجمعها والتقاطها، فكان للأصفر الرنان التأثير الكبير على نفوسهم حتى أنهم لم يحفلوا بالرأس، وقد وصف لنا الطبري والدينوري هذا الحادث وصفا دقيقا، فقال الأول: «بعث عبد الملك إلى عمرو أن ائتني ... ومضى في مائة رجل من مواليه، وقد بعث عبد الملك إلى بني مروان فاجتمعوا عنده، فلما بلغ عبد الملك أنه بالباب أمر أن يحبس من كان معه وأذن له، فدخل ولم تزل أصحابه يحبسون عند كل باب حتى دخل عمرو قاعة الدار وما معه إلا وصيف له، فرمى عمرو ببصره نحو عبد الملك فإذا حوله بنو مروان ... فلما رأى جماعتهم أحس بالشر ... ثم أمر بالأبواب فغلقت، ودخل عمرو فرحب به عبد الملك وقال: ها هنا يا أبا أمية يرحمك الله، فأجلسه معه على السرير وجعل يحدثه طويلا، ثم قال: يا غلام خذ السيف عنه، فقال عمرو: إنا لله يا أمير المؤمنين، فقال عبد الملك: أوتطمع أن تجلس معي متقلدا سيفك، فأخذ السيف عنه ... أمر عبد الملك بعمرو فصرع وجلس على صدره فذبحه ... وانتفض عبد الملك رعدة فحمل عبد الملك عن صدره فوضع على سريره.»
4
وقال الثاني: «... وأحس أصحاب عمرو بذلك وهم بالباب فتنادوا، فأخذ عبد الملك خمسمائة صرة قد هيئت وجعل في كل صرة ألف درهم، فأمر بها فأصعدت إلى أعلى القصر، فألقيت إلى أصحاب عمرو مع رأس عمرو، فترك أصحابه الرأس ملقى وأخذوا المال وتفرقوا ... ثم أخذ عبد الملك من أصحاب عمرو ومواليه خمسين رجلا فضرب أعناقهم وهرب الباقون فلحقوا بعبد الله بن الزبير.»
5
لم نفكر البتة أن يقوم عبد الملك بذاته ويصرع عمرو بن سعيد، ولكن هي سياسة الشدة والرهبة، فلا تبقي على أحد يقف في سبيلها، وقد اعترف عبد الملك بذلك فصرح لأبناء عمرو بن سعيد حين قدموا عليه بقوله: «إن أباكم خيرني بين أن يقتلني أو أقتله، فاخترت قتله على قتلي، وأما أنتم فما أرغبني فيكم وأوصلني لقرابتكم وأرعاني لحقكم.»
6 (2-2) القضاء على الحركة الزبيرية في العراق والحجاز
صفت الأحوال لعبد الملك في الشام واستقرت له الأمور بعد مقتل عمرو بن سعيد وإعماله السيف في أتباعه، فوجه وجهه نحو العراق المضطرب بنيران الفتن والفوضى، وكان مصعب واليا عليه لأخيه عبد الله بن الزبير، فبذل جهده في تهدئة الثورات وإرضاء الزعماء، ولكن كان الخرق قد اتسع فأصبح العراق مقرا لمختلف الشيع السياسية المتضاربة في آرائها ومبادئها، فتمكنت الأزارقة من بث دعوتها في البصرة، ورتع أنصار المختار وفلول التوابين في الكوفة والمدائن، وقام الأمويون يسعون لاستجلاب أحزاب تؤيدهم؛ ولذلك كان حكم العراق على مصعب أمرا عسيرا، وقد أراد عبد الملك أن يضرب مصعبا ضربة قاسية، وأن يستفيد من الاضطراب السائد في بلاد الرافدين، فجهز جيشا قويا وسار به نحو العراق وناجز مصعبا في معركة «دير الجاثليق» على الدجيل، ففاز عليه وقتله واحتز رأسه سنة 71ه/690م.
وإنا لنعتقد أن عبد الملك فاز على مصعب وقضى على الحركة الزبيرية في العراق للأسباب الآتية:
Bilinmeyen sayfa