Müslüman Devlet Geriye Doğru
الدولة المسلمة للخلف در
Türler
يباح الاجتهاد التشريعي فيما لم ينزل به شرع سماوي شريطة أن تظل التشريعات محكومة بإطار الحلال والحرام الشرعي الإسلامي؛ أي إن المساحة التي تركها الله لعباده حرة مطلقة تمت مصادرتها لصالح المجتهدين من الفقهاء.
كل هذا التل المختل قاله سيادة الدكتور في فقرة واحدة، دون أن يشعر بأي مشاكل مع نفسه ولا مع ما يكتبه ولا مع ما سطره بذات الموضوع من هنيهات. لنعود من حيث بدأنا، لنبدأ مشوارنا في الوجود مرة أخرى مع فتنة كبرى جديدة، كسنة معلومة مكررة في تاريخنا.
ما كل هذه الرغبة الجامحة المثيرة التي تكاد تكون من الغرائز اللحوحة، في تحكيم الإسلام في كل شأن؟
لنفرض جدلا أن كل ما طلبه الدكتور وهو يطور الإسلام قد تم وحدث وتحقق إرضاء للسماء والتصاقا بها ، فهل ستأخذ السماء بما قد شرعنا وفق تلك المطالب؟ ماذا سيكون موقف السماء عند الاختلاف في الفتاوى التشريعية إزاء الموقف الواحد، وهو الشأن المعلوم في مشايخنا؟ هل سترى ذلك رحمة؟ أم يجب لإقرار التشريع أن تقوم السماء بوضع عقوبات مناسبة للمستجد من فتاوى، فيدخل الله المدخن جهنم مثلا وكذلك غير المحجبة؟ لأن من سيشرع هنا هم البشر أولا ثم يقوم الإله بدور المنفذ. لقد اختلف الأزهر ودار الإفتاء وهم في نفس الزمان والمكان والظروف، فما بالك بحجم الاختلافات الهائلة بين المذاهب والفرق، وبين أبناء المذهب الواحد باختلاف ظروفهم وبيئاتهم وشكل نظامهم السياسي ومستواهم المعرفي ... هل ستتابع السماء هذه الاختلافات والتعديلات أولا بأول؟ ثم ألن يربك السماء تضارب تشريعات فقهائنا؟ وتراها ستقف إلى جانب أي فتوى؟ وأي عقوبات ستستخدمها دعما للفتوى؟
بينما كان التليفزيون حلال في مصر بفتوى المفتي والأزاهرة، كان محرما في السعودية بفتوى أخرى، فهل سيحاسب الله المخالف السعودي، في حين أنه لن يحاسب المصري؟ أم تراه سيأخذ بفتوى من الاثنين دون أن نعلم نحن بهذا الاختيار؟ فلم يعد هناك وحي يقول أو يخبرنا بقرارات السماء.
إذا كان اختلاف الفقهاء رحمة، فبأي الإفتاءات سوف تلتزم السماء عند حساب خلق الله؛ لأن السماء لن تفعل فعلنا، فتحكم بفقهين مختلفين، وتكيل بمكيالين. واحتراما للسماء التي لم تحدثنا في مقدسها عن الدولة وقوانينها، وحتى لا نربكها معنا، يجب أن تظل السياسة شأنا، والدين شأنا آخر.
انظر أخانا الدكتور وهو يقول: «إن لهذا الإنسان سلطة الاجتهاد فيما لم ينزل به شرع سماوي، شريطة أن تظل السلطة التشريعية محكومة بإطار الحلال والحرام الشرعي؛ أي محكومة بإطار فلسفة الإسلام في التشريع.» صياغة العبارة تمت في قالب وشكل قاعدة تشريعية، على نمط المواد الدستورية المنظمة للدولة. ومثل هذه القاعدة التي يضعها الدكتور تشكل خطورة مصيرية، قاعدة تحول البشر إلى عبيد، وتسلبهم حرية وهبها الله لهم. إن إلقاء الكلام دون تبصر يجعلنا نتساءل: من أي حديث أو أي آية أو أي رأي للخلفاء الراشدين أتى الدكتور بقاعدته تلك؟ فإما أن تكون صادق الإيمان وتسلم أن الله لم يترك شيئا إلا وأبلغنا به من خلال نبيه الأمين، ولم يترك نقصا في دينه، وإما أن يكون للقاعدة التي تطرحها أصل في دين المسلمين، أو أن تكون حتى ترجمة أو تأويلا لآية لم يذكرها لنا، لأنها غير موجودة.
أم تراهم يرون المسلمين أقل كرامة، وأدنى فهما من بقية البشر بين العالمين، ليتولى أمرهم اليوم رجال الدين؟! ليحدثونا في السياسة بالحلال والحرام الذي لا مجال له في ميدان السياسة، فميدانها مصالح البلاد والعباد بما هو صواب أو خطأ، والفرق بينهما سحيق. إن الخطأ والصواب لا يعاقب الإله عليه؛ فإن أخطأ الطالب في حل مسألة في الامتحان فإن الله لن يدخله النار، وإذا أخطأ الصاروخ سطح القمر لن يدخل علماء ناسا جهنم. الله لا شأن له بالسياسة والصواب والخطأ، هذا شغل الإنسان.
وبعد، فما ناقشناه هنا هو من الخطاب الإسلامي المعاصر المتحصن بالحرية وبالشريعة الإسلامية وبالديمقراطية وبالله، وبدور أعطاه لنفسه ليختار لنا ما يناسبنا حسب شرعنا، ها هو كما رأيتم ... وكما قال أحد فلاسفتهم الجدد، الذين يكتبون لنخبتهم!
ولله الأمر من قبل ومن بعد ...!
Bilinmeyen sayfa