İskenderiye Vuruşu
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Türler
ولا ريب أن مجال القيل والقال هنا متسع لأصحاب الحكمة الخالدة: حكمة ماذا يجري لو كان؟ وماذا يجري لو لم يكن؟ وماذا تصنع حين ينتهي كل صنيع؟
فقد قيل يومئذ، ولا يزال يقال إلى اليوم: إن معارضة «عرابي» في تسليم القلاع هي التي جرت إلى الاحتلال، مع أن تسليم القلاع هو الاحتلال بعينه مقبولا برضى الجميع من غير مقاومة ولا اعتراض.
وقد استمر «عرابي» يقاوم بما عنده من وسائل المقاومة إلى ما بعد ضرب الإسكندرية في الحادي عشر من شهر يوليو، ولم يكن نجاحه في صد الجيش الإنجليزي ميئوسا منه، بل كان على نقيض ذلك أملا راجحا لولا الأوامر التي صدرت بمساعدة الجيش الإنجليزي، ولولا خيانة المأجورين على هداية ذلك الجيش في دروب الصحراء، ولولا إعلان السلطان عصيان «عرابي» بإلحاح من الإنجليز.
فمن شاء أن يلوم الرجل فليلمه؛ لأنه طلب الإصلاح وتعرض للانتقام، أو فليلمه لأنه رفض الدسائس والذرائع المختلفة من الدول الأجنبية، وليقم الدليل القاطع على أن الخير كل الخير في اجتناب ذلك الملام.
إنما يلام «عرابي» في اعتقادنا؛ لأنه ضعف في منفاه واستسلم لإغراء المحتلين الذين أطمعوه في العفو، ثم أرسلوا إليه من يسأله عن إلغاء السخرة وتنظيم الإدارة وإصلاح الأرض، فحمد الله لأنه أراد شيئا حققه الزمن. ولكن الرجل الذي أفضى بذلك الحديث كان شيخا فانيا خابت آماله في أبناء قومه فلم يكفهم ما أصابه من أجلهم حتى جبهوه بوصمة الخيانة وهو براء منها. ولم يكن سعي الإنجليز في العفو عنه إلا لأنهم يستندون إلى فساد الحكم للبقاء في البلاد، فليس في وسعهم أمام العالم المتمدن أن يقضوا بالإعدام على رجل ضاق ذرعا بالفساد وتمرد عليه، ولئن حق عليه اللوم بعد هذا لأحق منه باللوم من فتحوا الصدور للاحتلال وتقبلوه بالترحيب.
الخديو توفيق
استهل الخديو «توفيق» ولايته بعهد كتبه إلى رئيس مجلس الوزراء «شريف باشا»، قال فيه: «... إني عظيم الميل إلى بلادي ، شديد الرغبة في تحقيق آمال الأمة التي أظهرت السرور بولايتي وفي إخراجها من هذه الحال السيئة، ومع هذه العواطف فإني عازم عزما أكيدا على بذل الجهد وصرف الهمة إلى التماس أحسن الوسائل لإزالة هذا الاختلاف المفسد لكثير من المصالح ...»
وقال في الأمر الآخر: «إن الحكومة الخديوية يلزم أن تكون شورية ونظارها مسئولين، فإنني اتخذت هذه القاعدة للحكومة مسلكا لا أتحول عنه، فعلينا تأييد شورى النواب وتوسيع قوانينها لكي يكون لها الاقتداء في تنقيح القوانين وتصحيح الموازين ...»
الخديو توفيق.
صدر هذا الأمر في الثالث من شهر يوليو سنة 1879، وفي الخامس منه - أي بعد يومين - فض مجلس شورى النواب، واستقالت وزارة «شريف باشا»، فألف الخديو الوزارة برئاسته، وأشير عليه باستدعاء «رياض باشا» من إنجلترا فاستدعاه، ووكل إليه تأليف الوزارة فألفها، ولم يذكر فيها شيئا عن المجلس والنظم النيابية. وبقيت الحياة النيابية معطلة إلى أوائل سنة 1881، ولم يعمل أحد على التمهيد لإعادتها إلا بعد أن أذاع «عرابي» منشوره الذي قال فيه: «اعلموا يا معاشر الوطنيين، أن أولادكم المنتظمين في سلك الجهادية قد اتكلوا على الباري سبحانه وتعالى وعزموا على منع كل ما من شأنه الإجحاف بحقوقكم، وذلك لا يتم إلا بسقوط وزارة رياض باشا، وتشكيل مجلس النواب ليحصل الوطن على الحرية المبتغاة.»
Bilinmeyen sayfa