[إِنكارهم كلامَ النفس]
ومنها أنهم أنكروا كلامَ النفس الذي أثبته الأشعريّةُ بناءً منهم على أنّ فائدةَ الكلام أمرُ الخلقِ ونهيُهم، وهو سبحانه مستغنٍ عنه بأن يخلق فيهم علومًا ضروريّةً بما يستدعيه منهم من فِعلٍ أو كفً. وإِذا كان مستغنيًا عن الكلام بذلك، فإثباتُه مع الاستغناء عنه عبثٌ، وهو قبيحٌ عقلًا.
[قولهم: "يقبح من الله ما يقبح منّا"]
ومنها قولهم، "إِنَ الله سبحانه يَقبُح منه ما يَقبُح منّا" حتى قالوا: "إنّ العبد موجِدٌ لأفعاله مستقلُّ بها خالقٌ لها، وإِلاّ لكان عقابه عليها ظلمًا؛ وهو قبيحٌ عقلًا". ولهذه مزيد بيان في آخر الكتاب، إن شاء الله تعالى.
[إيجابهم رعاية مصالح الخلق على الله]
ومنها أنهم قالوا: "يجب على الله رعايةُ مصالحِ خَلقِه واللطفُ والثوابُ لهم". والبغداديّون منهم خاصًّة يوجبون العقابَ، ويوجبون الأصلحَ في الدنيا. هذا نقل المحصّل. وقال ابن بَرهان: "اتّفقت المعتزلةُ على وجوب صلاح العباد على الله سبحانه؛ إِلاّ إنّ البغداديّين منهم قالوا: يجب ذلك في الدنيا والآخرة. والبصريّون قالوا: يجب عليه حفظُ خصالهم الدينيّة دون النيويّة". وقد سبق بطلانُ هذه القاعد عليهم، وبيانُ ما التزموه فيها من الأمر الشنيع. وعندنا، لا يجب على الله سبحانه شيءٌ، بل هو الموجب لما شاء، وإِنّ ما أوَلى من خيرٍ، ففَضلٌ؛ وما ابتَلى به من شر، فعَدلٌ.
[أفعال الله معلّلةٌ بالأغراض عندهم؛ إِذ فِعلٌ بلا غرضٍ قبيحٌ عقلًا. فلذلك قالوا: "علّة حُسنِ تكليف العباد تعريضُهم لاستحقاق النِعَم والثواب؛ إِذ
1 / 97