فأجابه الملك بمنتهى العظمة : نعم سنحضرها، وإن كنت لا تستحق مثل هذه المودة منا.
ثم ارفضت الحفلة، وانصرف الملك بخاصته.
ومضى العروسان وبعض المدعوين إلى قصر مونمورانسي، فلم يكن يشغل القوم غير حديث العروسين، وما لقوه من نفرة الملك منهما، وغضبه عليهما.
فكانوا يتسابقون إلى سؤال سانت ليك عن السبب في غضب الملك على ما هو مشهور فيه من صداقته والميل إليه.
فكان يجيبهم بالكلام المبهم ويطمئن امرأته وحميه بقدر ما يسمح له المقام.
وأقام المدعوون ينتظرون قدوم الملك وسواه من كبار المدعوين، كملك النافار وامرأته، والدوق دانجو شقيق الملك، وكاترين والدته، وغيرهم من رؤساء فرنسا.
أما ملك النافار، فقد كان ذهب إلى بيران مع امرأته للنظر في شأن حزب الهوكينوت الذي كان يرأسه، فلم يعد مطمع في حضوره، وأما الدوق دانجو فإنه كان من طباعه أن يتأخر عن الجميع في مثل هذه الحفلات، ولكنه يرسل رجالا أشداء كان بينهم وبين رجال الملك إحن وعدوان، فلا يمر يوم حتى يكون بين الفريقين معركة يلتحم فيها القتال فتسفر عن جريح، أو يستباح فيها قتيل.
وأما كاترين فإنها كانت قد بلغت ما تشتهيه من بلوغ ولدها إلى العرش، فكانت تحقق باسمه أمانيها، وتتلاعب في الشئون السياسية فتقضي منها أوطارها على ما تشاء، وهي تتظاهر بانقطاعها عن العالم والانصراف إلى العبادة والتزهد.
لذلك لم يكن سانت ليك يطمع في حضورها، فلم يبق بين أولئك العظام غير الملك، الذي لم يكن يشغله شاغل عن مثل هذه الولائم والحفلات لفرط شغفه بالرقص، فكان صاحب الحفلة واثقا من حضوره، لا سيما وقد سبق إليه وعده بذلك على ما تقدم.
وفيما هو جازع، وقد أخذ الجميع يقنطون من حضوره، إذ علا الصياح في جوانب القصر، وارتفعت أصوات الضحك من جميع الحضور، فتسارعوا إلى معرفة السبب في هذا الضحك، فرأوا شيكو نديم الملك لابسا لباس الملك وتاجه، وهو يتهادى في مشيته مقلدا الملك في جميع حركاته، ويمد يده إلى السيدات كي يقبلنها.
Bilinmeyen sayfa