Şeklin İşareti: Biçimsel Estetik Üzerine Bir Çalışma ve Sanat Kitabı Üzerine Bir Okuma
دلالة الشكل: دراسة في الإستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن
Türler
أليس هذا قريبا مما يقوله الشكليون من أن الإدراك الإستطيقي النقي يجب أن ينصب على الشكل وحده، وأن الانفعال الإستطيقي شيء لا يقدر على إحداثه إلا الشكل الدال، وأن إهدار الانتباه كله في العناصر التمثيلية والموضوع المصور والمعاني الفكري المنفصلة يفوت علينا الانفعال الإستطيقي ولا يجلب لنا غير الانفعالات العادية للحياة؟ (1) يظل الموضوع خارج القصيدة
ربما يستدعي هذا الحديث إلى ذاكرتنا قول الناقد الكبير أ. س. برادلي
A. C. Bradley «يظل الموضوع خارج القصيدة » ... فالموضوع الذي تدور حوله القصيدة لا يعدو كونه مادة نيئة تخرج بطبيعتها عن نطاق الجمال بمعناه الدقيق، الموضوع ليس هو القصيدة، والموضوع لا يضمن القصيدة، إنما القصيدة هي الموضوع إذ يتحد بالشكل، وليس ما يمنع أن تكتب قصائد عظيمة في موضوعات مسفة، ولنا في ديوان الحسن بن هانئ (أبي نواس) شواهد لا تحصى على ذلك، فقد كتب هذا الشاعر الفذ قصائد غاية في الجودة تدور حول موضوعات غاية في الوضاعة! وتأويل ذلك أن «التمثيل» يتحول في هذه القصائد إلى «تعبير»؛ بحيث ينصرف انتباهنا تماما عن الموضوع، وربما نسيناه كليا؛ إذ يمطرنا ابن هاني بأشكاله الدالة التي تعبر عن انفعاله أدق تعبير وأقومه، وترمي بنا في وجد إستطيقي مؤكد، إننا هنا بإزاء «رموز حقيقية» و«صواب إستطيقي» يغمرنا بانفعال الفن ولا يغمرنا بانفعالات الحياة، ها هنا يتحول اللهو في مصهر الفن إلى جد (كأنما لامس حجر الفلاسفة) وها هنا يتحول العهر في مطهر الفن إلى قداسة.
في عام 1865 قدم مانيه إلى صالون باريس لوحته الشهيرة «أوليمبيا»، وهي تمثل فتاة متجردة قد استلقت على فراشها، وقد ظهرت خلفها زنجية تحمل طاقة هائلة من الورود، وبالطرف الأقصى من الفراش قط أسود صغير قد استبد به الذعر، أضفى مانيه على هذه الفتاة طابع الاستهتار وعلى نظراتها طابع الدعوة الصريحة إلى الفجور والتخلي عن أي وازع من الحياء والطهر، مما أحنق عامة الجمهور وأثار غضبهم، غير أن العديد من نقاد الفن وجدوا في «الأوليمبيا» عملا عظيما، وقال عنها إميل زولا بحق إنها أعظم ما أنتج مانيه؛ ذلك أنها تضع تحت أبصارنا جسدا رقيقا يثير في نفوسنا مشاعر الهيبة والجلال، وكأننا بإزاء جسد روحي قد تطهر من أدرانه فاستحال إلى شيء قدسي له كرامة الموضوع السحري الذي لا يمس، إنه «الفن» وقد أحال نموذجه المفضل فكتورين ميران، على حد قول م. فلورنسون، «إلى صنم أو كاهنة أو مومياء، فهذه اليد السحرية التي تباعدت أصابعها فوق أعلى الساق، وذلك الرباط الأسود الذي يحيط بالرقبة فيفصلها عن باقي أجزاء الجسم، وتلك النظرة الفاحصة التي تحدق في المجهول بكل ثبات واتزان، وذلك البياض الناصع الذي يكسو جسد الغانية، كل هذا يضفي على الأوليمبيا حالة مجيدة من الطهارة والروحانية.»
4
وليس ما يمنع، من الجهة الأخرى، أن يصنع فن هابط حول موضوعات سامية، وأن تكتب قصائد تافهة في موضوعات جليلة؛ ومن أمثلة ذلك ما كان يكتب لثوار الجزائر إبان التحرير، فقد دبجت مئات القصائد في هذا الغرض العظيم، كتبت بشعور صادق وانفعال مشبوب، غير أنها، ببساطة، قصائد تافهة؛ لأنها لم تجد الشكل الدال ولم تتحول إلى «رموز حقيقية»، لقد أمدتنا بمعاني الحياة وانفعالات الحياة، ولكنها لم تمدنا بالشكل الدال ولم تبث فينا انفعالا إستطيقيا وما كان لها أن تفعل، وقد صدق الشاعر نزار قباني حين قال عن هذه القصائد «وددت لو لم تصل هذه المخلوقات الشوهاء إلى ثوار الجزائر فإنهم بدونها بألف خير»، وصفوة القول أن طبيعة ما يتمثل في العمل الفني وقيمته تختلفان تماما عما هما عليه خارج نطاق الفن. (2) يبقى الموضوع خارج القصيدة
وهنا أيضا يلتقي بل وبرادلي على صعيد واحد، وإن كان بل يتحدث في فن التصوير على وجه الخصوص: «على كل فنان أن يختار «مشكلته» الخاصة، وله أن يستمدها من حيثما شاء ما دام قادرا على أن يجعل منها البؤرة لتلك الانفعالات الفنية التي شرع في التعبير عنها، والحافز لتلك الطاقات التي سيحتاج إلى التعبير عنها، وما يجب علينا أن نتذكره هو أن «المشكلة» (موضوع اللوحة في حالة فن التصوير بصفة عامة) أمر غير ذي بال في حد ذاته. إنها لا تعدو أن تكون إحدى وسائل الفنان للتعبير أو الإبداع، وفي أي حالة خاصة قد تكون إحدى المشكلات خيرا من الأخرى كوسيلة، تماما مثلما أن قماشة لوحة أو صنفا من الألوان قد يكون أفضل من غيره، فذاك أمر يتوقف على مزاج الفنان وقد لا ننازعه فيه، ليس «للمشكلة» قيمة بالنسبة لنا، أما بالنسبة للفنان «فالمشكلة» هي الاختبار العامل «للصواب» المطلق: هي المقياس الذي يقيس ضغط البار. إن الفنان يذكي ناره ليجعل المقبض الصغير يدور، وهو يعرف أن آلته لن تتحرك حتى يجعل المؤشر يبلغ العلامة، إنه يتقدم تدريجيا إليها وبواسطتها، غير أنها لا تدير المحرك.»
5 (3) الشعر التجريدي
وقد بلغ التجريد عند أحد الشعراء مبلغا جعل الناقد د. علي أحمد سعيد (أدونيس) يقول فيه: إن شعره «يحيد عن الموضوع، بالمعنى الذي اصطلح عليه، أو لنقل إن «المعنى» وفقا للمصطلح الشائع، ليس بالنسبة إليه شيئا تفصح عنه اللغة، شيئا ماديا موجودا لذاته خارجها، ليست اللغة، بتعبير آخر، وسيلة لنقل شيء منفصل عنها قائم في الطبيعة أو العالم الخارجي ... إنما المعنى في شعره محايث
6
Bilinmeyen sayfa