إِنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وَكَعْ ... بَتَنَا فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكْ [(٢٣٧)]
يَقُولُ، أَيُّ شَيْءٍ مَا بَدَا لَكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ بِنَا [(٢٣٨)] .
ثُمَّ إِنَّ مُقَدَّمَاتِ أَبْرَهَةَ أَصَابَتْ نَعَمًا لِقُرَيْشٍ، فَأَصَابَتْ فِيهَا مِائَتَيْ بَعِيرٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ خَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَوْمِ، وَكَانَ حَاجِبُ [(٢٣٩)] أَبْرَهَةَ رَجُلًا مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ، وَكَانَتْ لَهُ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعْرِفَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ:
حَاجَتِي أَنْ تَسْتَأْذِنَ لِي عَلَى الْمَلِكِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ حَاجِبُهُ، فَقَالَ: لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ، جَاءَكَ سَيِّدُ قُرَيْشٍ الَّذِي يُطْعِمُ إِنْسَهَا فِي السَّهْلِ، وَوَحْشَهَا [(٢٤٠)] فِي الْجَبَلِ. فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ. وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ رَجُلًا جَسِيمًا جَمِيلًا، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَنْ رَآهُ أَبُو يَكْسُومَ [(٢٤١)] أَعْظَمَهُ أَنْ يُجْلِسَهُ تَحْتَهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَجْلِسَ [(٢٤٢)] مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَنَزَلَ مِنْ سَرِيرِهِ، فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ، وَأَجْلَسَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: حَاجَتِي مِائَتَا بَعِيرٍ أَصَابَتْهَا لِي مُقَدَّمَتُكَ. فَقَالَ أَبُو يَكْسُومَ: وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُكَ فَأَعْجَبْتَنِي، ثُمَّ تَكَلَّمْتَ فَزَهِدْتُ فِيكَ. فَقَالَ لَهُ: وَلِمَ أَيُّهَا الْمَلِكُ؟ قَالَ: لِأَنِّي جِئْتُ إِلَى بَيْتٍ هُوَ مَنَعَتُكُمْ مِنَ الْعَرَبِ، وَفَضْلُكُمْ فِي النَّاسِ، وَشَرَفُكُمْ عَلَيْهِمْ، وَدِينُكُمُ الَّذِي تَعْبُدُونَ، فَجِئْتُ لِأَكْسِرَهُ، وَأُصِيبَتْ لَكَ مِائَتَا بَعِيرٍ، فَسَأَلْتُكَ عَنْ حَاجَتِكَ، فَكَلَّمْتَنِي في إبلك،
[(٢٣٧)] اضطرب بيت الشعر في (ح) و(هـ)، وأثبتناه من (ص) .
[(٢٣٨)] معنى «أمر ما بدا لك» ما هنا زائدة، مؤكدة، أو موصولة، أي: الذي بدا لك من المصلحة في تركهم.
[(٢٣٩)] في (ح): «صاحب» .
[(٢٤٠)] في (ح): «ووحوشها» .
[(٢٤١)] في (ح): «كيسوم» .
[(٢٤٢)] في (هـ): «ويجلسه» .