212

İcazın Delilleri

دلائل الإعجاز

Soruşturmacı

محمود محمد شاكر أبو فهر

Yayıncı

مطبعة المدني بالقاهرة

Baskı Numarası

الثالثة ١٤١٣هـ

Yayın Yılı

١٩٩٢م

Yayın Yeri

دار المدني بجدة

فالقولُ في ذلك: إنَّ الجملةَ في هذا النحوِ، وإن كان المخاطَبُ لا يَعْلَمها لعينِ مَنْ أشرتَ إليه، فإنه لا بدَّ مِن أن يكونَ قد عَلِمها على الجملة وحُدِّثَ بها. فإنك على كلِّ حالٍ لا تقولُ: "هذا الذي قدِمَ رسولًا"، لمن لم يَعْلم أنَّ رسولًا قَدِم ولم يبلغْه ذلك في جملةٍ ولا تفصيل وكذا لا تقولُ: "هذا الذي كان عندك أمسِ"، لمن قد نسيَ أنه كان عندَه إنسانٌ وذهَبَ عن وَهْمه، وإِنما تَقولُه لمن ذاك على ذكرٍ منه، إلاَّ أنه رأى رجلًا يُقْبل مِن بعيدٍ، فلا يعلم أنه ذاك، ويظنه إنسانًا عيره.
٢٢٥ - وعلى الجملة، فكلُّ عاقلٍ يَعلم بَوْنَ ما بينَ الخبرِ بالجملة مع "الذي" وبينَها معَ غيرِ "الذي"، فليس مِنْ أَحَدٍ به طِرْقٌ إلاَّ وهو لا يَشكُّ أنْ ليس المعنى في قولك١: "هذا الذي قدم رسولًا"٢، كالمعنى إذا قلتَ: "هذا قدِمَ رسولا مِن الحضرة" ولا "الذي يَسْكُن في محلَّةِ كذا"، كقولك: "هذا يَسكنُ محلةَ كذا"، وليس ذاك إلاَّ أنك في قولك: "هذا قَدِم رسولًا من الحضرة" مبتدئ خبَرًا بأَمرٍ لم يَبْلْغِ السامعَ ولم يبلَّغْهُ ولم يَعلَمْه أصلًا وفي قولكَ: "هذا الذي قدِم رسولا"، مُعْلِمٌ في أمرٍ قد بلَغَه أن هذا صاحبه٣، فلم يحل إذن منَ الذي بدأنا به في أمْر الجملة مع "الذي"، من أن ينبغي أن تكونَ جملةً قد سبَقَ مِن السامعِ عِلْمٌ بها فاعرْفه، فإِنَّه من المسائلِ التي مَن جَهلهَا جَهِلَ كثيرًا من المعاني، ودخلَ عليه الغلطُ في كثيرٍ منَ الأمور، والله الموفِّق للصواب.

١ "به طرق"، بكسر فسكون: أي قوة، وأصل "الطرق"، السمن والشحم.
٢ في المطبوعة و"س" هنا: " ..... رسولًا من الحضرة"، و"الحضرة يعني حضرة الخلافة.
٣ "معلم في امر"، أي مخبر.

1 / 201