183

İcazın Delilleri

دلائل الإعجاز

Araştırmacı

محمود محمد شاكر أبو فهر

Yayıncı

مطبعة المدني بالقاهرة

Baskı Numarası

الثالثة ١٤١٣هـ

Yayın Yılı

١٩٩٢م

Yayın Yeri

دار المدني بجدة

وذاك أنَّ مِنْ حِذْق الشاعرِ أَنْ يُوقِعَ المعنى في نَفْس السامعِ إيقاعًا يَمنعُه به مِنْ أنْ يتوَهَّم في بدءِ الأمر شيئًا غيرَ المرادِ، ثم ينصرفُ إلى المرادِ، ومعلومٌ أنه لو أظْهَر المفعولَ فقال: "وسَوْرة أيامٍ حززنَ اللَّحَم إلى العظم"، لجاز أن يقعَ في وَهْم السامع إلى أنْ يجيءَ إلى قولِه: "إلى العظم"، أنَّ، هذا الحزَّ كان في بعضِ اللحم دُونَ كلِّه، وأنه قطَعَ ما يَلي الجِلْدَ ولم يَنْتَهِ إلى ما يلي العظم. فلما كان كذلك، وترك ذِكْر "اللحم" وأَسْقَطَه من اللفظ، ليُبْرِئَ السامعَ من هذا الوهمِ، ويَجعلَهُ بحيثُ يَقعُ المعنى منه في أَنْفِ الفَهْمِ١، ويَتصوَّرُ في نفسه من أولِ الأمْر أنَّ الحزَّ مضى في اللحمِ حتى لم يَردَّه إلاَّ العْظمُ.
أفيكونُ دليلٌ أوضحَ من هذا وأَبْيَنَ وأجْلى في صحة ما ذكرتُ لك، مِنْ أنك قد ترى ترك أفْصَحَ من الذكْرِ، والامتناعَ من أن يَبْرزَ اللفظ من الضمير، أحسن للتصوير؟

١ "ألف كل شيء"، أوله.

1 / 172