140

Dala'il al-I'jaz

دلائل الإعجاز ت الأيوبي

Araştırmacı

ياسين الأيوبي

Yayıncı

المكتبة العصرية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yeri

الدار النموذجية

Türler

ومِنْ أَبْيَن شيءٍ في ذلك: الاستفهامُ بالهمزة. فإنَّ موضعَ الكلام على أَنك إذا قلتَ: (أَفَعلْتَ؟) فبدأتَ بالفعل، كان الشكُّ في الفعل نَفْسِه وكان غَرضُكَ مِن استفهامك، أنْ تَعْلم وُجودَه. وإِذا قلتَ: (أأَنْتَ فعلتَ؟)، فبدأْتَ بالاسم، كان الشكُّ في الفاعل، مَنْ هوَ، وكان التردُّدُ فيه. ومثالُ ذلك أَنَّك تقولُ: (أَبَنَيْتَ الدارَ التي كنتَ على أنْ تَبْنِيهَا؟ أَقُلْتَ الشِّعرَ الذي كان في نفسكَ أن تقولَهُ؟ أفَرَغْتَ من الكتابِ الذي كنتَ تَكتُبُه؟). تبدأ في هذا ونحْوهِ بالفعل، لأنَّ السؤالَ: عنِ الفعلِ نفْسهِ، والشكَّ فيه، لأنَّك في جميع ذلك، متردِّدٌّ في وجود الفعل وانتفائه، مُجوِّزٌ أَنْ يكونَ قد كانَ، وأنْ يكونَ لم يَكُنْ. وتقول: (أأَنْتَ بَنَيْتَ هذهِ الدارَ؟ أأنْتَ قلتَ هذا الشعرَ؟ أأَنتَ كتبْتَ هذا الكتاب؟) فتَبْدأ في ذلك كله بالاسم. ذلك لأنك لم تَشُكَّ في الفعل أنه كانَ. كيفَ، وقد أشرْتَ إلى الدار مَبْنية، والشِّعر مَقُولًا والكتابِ مكتوبًا؟ وإنما شكَكْتَ في الفاعل مَنْ هو. فهذا من الفَرْق لا يَدْفعُه دافعٌ، ولا يَشكُّ فيه شاكٌّ، ولا يَخْفى فسادُ أحدِهما في موضع الآخر. فلو قلتَ: (أأَنْتَ بَنيتَ الدارَ التي كنتَ على أنْ تبنيها؟ أَأَنْتَ قلتَ الشعرَ الذي كان في نفسك أن تَقولَه؟ أأَنْتَ فرغْتَ من الكِتاب الذي كنتَ تكْتُبه؟) خرَجْتَ من كلام الناس. وكذلك لو قلْتَ: (أبَنَيْتَ هذه الدارَ؟ أَقلت هذا الشعرَ؟ أَكتبتَ هذا الكتابَ؟) قلْتَ ما ليس بقولِ ذاك، لِفَساد أنْ تقولَ في الشيء المُشَاهَدِ الذي هو نُصْبُ عينيكَ: أَموجودٌ أم لا؟

1 / 139