أما أهل الخمار فكانوا قد رفعوا شكواهم إلى أولي الأمر ، فأرسل لهم الكردينال ده بوليون بمائتي دينار، فعادوا عن الشكوى مقررين بأنهم تسرعوا فيها وقد علموا بعد أن صاحبهم مات بالسكتة موتا فجائيا.
وأزال هذا الإقرار ما كان في صدر الملك من الفارس؛ إذ ظنه صدقا، وبذلك تمكن الفارس أن يعود إلى باريس بعد أن قضى سنتين يجوب البلاد ترويحا للنفس وسعيا وراء اللذات.
وهكذا تمت سيرة «آل جنج». وطالما تناولتها أيدي المؤلفين فكتبتها قصصا للناس أو عرضتها في المسارح على المتفرجين، لكنها اقتصرت فيها على حياة المركيزة سليلة آل روسان، فأراد إسكندر دوماس أن يتمها فضم إليها سيرة أفراد هذه الأسرة وولدي المركيزة، فتمت بذلك قصتهم وفيها عبرة للناس.
الضحية الثانية
بياتريس سنسي
تمهيد تاريخي
إذا قضى السائح من التجول في روما غرضه، فزار كنائسها الفخيمة، ومعاهدها القديمة، وميادينها الفسيحة، لا يلبث أن يهزه الشوق إلى زيارة ضواحيها؛ حيث يمتع النفس بالنسيم العليل الذي لا يتمتع به سكان المدينة، ويسرح النواظر في حدائقها النضرة تحت ظلال الأشجار وعلى ضفاف الأنهار، فيقصد ضاحية فيها تدعى بامفيلي، فيسير فيها تحت أشجار الصفصاف إلى أن يصل إلى طريق جميل ينتهي إلى يانيكول، فيجد في وسط ذلك الطريق عينا تدعى عين بولين ذات ماء كاللجين أقيمت عليها قبة؛ فصارت كالسبيل يقصده للارتواء ابن السبيل.
ويجد السائح بعد العين على هذا الطريق كنيسة للقديس بطرس يشرف منها على المدينة؛ لارتفاع موقعها، وبجوارها معبد صغير أقيم على الطرازين الإغريقي القديم والمسيحي الحديث، فيلجه فيجد في المصلى الأيمن منه صورة للمسيح عليه السلام من نقش «ديلبيوميو»، وفي المصلى الأيسر صورته عليه السلام وهو في قبره. ثم يسير به الدليل إلى صدر المعبد وفيه المذبح، فإذا دقق السائح البصر رأى في أسفل الدرج قطعة من الرخام مرسوما عليها الصليب، وفوقه كلمة
Orate
مكتوبة باللاتينية، فتحت هذا الحجر قبر «بياتريس سنسي» صاحبة القصة التي نرويها، وقد مرت عليها الأحقاب ولا يزال لها في صفحات التاريخ أثر لا يغيره الزمان. •••
Bilinmeyen sayfa