27

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Yayıncı

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Yayın Yeri

توزيع

Türler

وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ فَرْضَ الْقِصَاصِ وَإِلْزَامَهُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَعْفُ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ أَوْ بَعْضُهُمْ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ الْآيَةَ [١٧ \ ٣٣] . قَوْلُهُ تَعَالَى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ تُعَارِضُ آيَاتِ الْمَوَارِيثِ بِضَمِيمَةِ بَيَانِ النَّبِيِّ ﷺ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِينَ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ آيَةَ الْوَصِيَّةِ هَذِهِ مَنْسُوخَةٌ بِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بَيَانٌ لِلنَّاسِخِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ لَا مَنْسُوخَةٌ، وَانْتَصَرَ لِهَذَا الْقَوْلِ ابْنُ حَزْمٍ غَايَةَ الِانْتِصَارِ؟ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ فَهِيَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، فَالْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ لَا وَصِيَّةَ لَهُمْ، بِدَلِيلِ آيَاتِ الْمَوَارِيثِ وَالْحَدِيثِ، وَأَمَّا الْوَالِدَانِ اللَّذَانِ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا كَالرَّقِيقَيْنِ، وَالْأَقَارِبِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ فَتَجِبُ لَهُمُ الْوَصِيَّةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَكِنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ خِلَافُهُ. وَحَكَى الْعَبَّادِيُّ فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، مَعَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا بِعَدَمِ النَّسْخِ. قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: التَّحْقِيقُ أَنَّ النَّسْخَ وَاقِعٌ فِيهَا يَقِينًا فِي الْبَعْضِ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ الْوَارِثَيْنِ وَالْأَقَارِبِ الْوَارِثِينَ رُفِعَ حُكْمُهَا بَعْدَ تُقَرُّرِهِ إِجْمَاعًا، وَذَلِكَ نَسْخٌ فِي الْبَعْضِ لَا تَخْصِيصٌ، لِأَنَّ التَّخْصِيصَ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ الدَّلِيلَ، أَمَّا رَفْعُ حُكْمٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ فَهُوَ نَسْخٌ لَا تَخْصِيصٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ تَخْصِيصَ بَعْضِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ نَسْخٌ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ صَاحِبِ مَرَاقِي السُّعُودِ: وَإِنْ أَتَى مَا خُصَّ بَعْدَ الْعَمَلِ ... نُسِخَ وَالْغَيْرُ مُخَصِّصًا جَلَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

1 / 29