دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Yayıncı
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Yayın Yeri
توزيع
Türler
فِي قَوْلِهِ: إِذَا دَعَاكُمْ، مُتَوَفِّرٌ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ لِمَكَانِ عِصْمَتِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [٥٣ \ ٣ - ٤] .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ آيَةَ: إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ، مُبَيِّنَةٌ أَنَّهُ لَا طَاعَةَ إِلَّا لِمَنْ يَدْعُو إِلَى مَا يُرْضِي اللَّهَ، وَأَنَّ الْآيَاتِ الْأُخَرَ بَيَّنَتْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَا يَدْعُو أَبَدًا إِلَّا إِلَى ذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِكُفَّارِ مَكَّةَ أَمَانَيْنَ يَدْفَعُ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ بِسَبَبِهِمَا:
أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ ﷺ فِيهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُهْلِكْ أُمَّةً وَنَبِيُّهُمْ فِيهِمْ.
وَالثَّانِي: اسْتِغْفَارُهُمُ اللَّهَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [٨]، يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.
وَالْجَوَابُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ نَقَلَهُ عَنْ قَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ، وَابْنِ زَيْدٍ أَنَّ الْأَمَانَيْنَ مُنْتَفِيَانِ، فَالنَّبِيُّ ﷺ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ مُهَاجِرًا وَاسْتِغْفَارُهُمْ مَعْدُومٌ لِإِصْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ.
فَجُمْلَةُ الْحَالِ أُرِيدَ بِهَا أَنَّ الْعَذَابَ لَا يَنْزِلُ بِهِمْ فِي حَالَةِ اسْتِغْفَارِهِمْ لَوِ اسْتَغْفَرُوا وَلَا فِي حَالَةِ وُجُودِ نَبِيِّهِمْ فِيهِمْ، لَكِنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَلَمْ يَسْتَغْفِرُوا لِكُفْرِهِمْ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ لِعَامِلِهَا وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا، فَالِاسْتِغْفَارُ مَثَلًا قَيْدٌ فِي نَفْيِ الْعَذَابِ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا بِالْقَيْدِ، فَتَقْرِيرُ الْمَعْنَى: وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ لَوِ اسْتَغْفَرُوا، وَبَعْدَ انْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ عَذَّبَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، يَوْمَ بَدْرٍ كَمَا يُشِيرُ
إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ [٣٢ \ ٢١] .
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: «يَسْتَغْفِرُونَ» اسْتِغْفَارُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ
1 / 104