Dadaizm ve Sürrealizm: Çok Kısa Bir Giriş
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Türler
الفصل السادس
إعادة النظر إلى الدادائية والسريالية
إن الحياة الآخرة للدادائية والسريالية موضوع مستقل بذاته، ولا يمكننا إلا أن نعرج عليه بشكل منهجي موجز هنا؛ فقد تأثر الفن والأدب والأفكار عموما، وكذا الإعلانات والأفلام والتلفزيون، بالحركتين لدرجة أن المرء قد ينتهي به الأمر إلى كتابة تاريخ لثقافة ما بعد عام 1945.
فيما يتعلق بالفن، يمكن القول إن الدادائية كان لها الأثر الأوسع بعد الحرب، وهي الحقيقة التي تنطوي على مفارقة بالنظر إلى ميول الدادائية المناوئة للفن. بالنسبة إلى كثير من الفنانين الأوروبيين والأمريكان المعاصرين لفترة الخمسينيات والستينيات، مثلت تفضيلات الدادائية والأعمال الفنية الجاهزة لدوشامب تحديا جذريا لماهية الفن المحتملة؛ ومن المفارقة أن الأمر انتهى بهم عادة إلى توسعة نطاق حدود الفن نتيجة لذلك. وثمة نزعة أمريكية مهمة اشتهرت في الخمسينيات، شارك فيها الفنانان جاسبر جونز وروبرت روشنبرج والموسيقي التجريبي جون كيج، أطلق عليها بصورة عابرة «الدادائية الجديدة»، ويزعم أن الأعمال التي تم إنتاجها آنذاك كانت تتسم بالقليل من حدة مناوأة البرجوازية المميزة للدادائية. ويتسم عمل روشنبرج التركيبي «سرير» عام 1955 - الذي يتكون من سرير مرفوع، وسادته وغطاؤه ملطخان ويقطران طلاء - بسمة صدامية؛ نظرا للطريقة التي ينكر بها الفنان الوظيفة الطبيعية لمكون عمله، لكن منتجات الدادائية الجديدة سرعان ما أمست أيقونات لأفق فني جديد. وتتمثل هذه العملية في عمل جونز «البرونز المطلي» عام 1960، الذي يتكون من قالبين مستخلصين من علب جعة مثبتة على قاعدة تمثال؛ وهذا أساسا قلب لفكرة العمل الفني الجاهز رجوعا إلى أصول الفن، ولم تكن تخفى مضامينه على دوشامب الهرم الذي علق محبطا في الستينيات بأنه ألقى بأعماله الفنية الجاهزة في وجه العامة في خطوة مرادها التحدي، ليكتشف فجأة إعجاب الناس بها لما تتمتع به من سمات جمالية.
إذا أمكن النظر جزئيا إلى أعمال جونز وروشنبرج باعتبارها تقديرات استقرائية دقيقة من فكرة الأعمال الفنية الجاهزة، فقد كانت تنويعات أخرى على لمحة دوشامب شائعة في الخمسينيات والستينيات؛ تراوحت تلك التنويعات ما بين أمثلة على «الواقعية الجديدة» في فرنسا، وأبرز ممارسيها إيف كلاين ودانيال شبوري وأرمان، والتنويعات الأمريكية للفن الشعبي، لا سيما أعمال آندي وارهول التي استغلت فيها شعارات منتجات مثل كوكاكولا بأقل قدر من التعديل، فمثلت بذلك موضوعا «لعمل فني جاهز». وبحلول أواخر الستينيات والسبعينيات، تحولت شروط استقبال دوشامب لمصلحة منهجه المفاهيمي تجاه الفن والذي بموجبه، استنادا إلى الدفاع الزائف عن «النافورة» الوارد في دورية «الأعمى»، «لا أهمية لمعرفة ما إذا كان السيد مات قد صنع النافورة بيديه أم لا. فقد اختارها.» كان الإنتاج الفعلي للأغراض الفنية آنذاك محل شك واسع النطاق، ووثقت النصوص أو الصور الفوتوغرافية نطاقا واسعا من المقترحات المفاهيمية لفنانين أمثال دوجلاس هوبلر وروبرت باري. ولكن، من المهم أن ندرك - في هذه الحالة وفي حالات أخرى كثيرة - أن الإرث الدوشامبي نادرا ما تجاوز مسألة «التعيين»؛ ويراد بذلك اعتبار أي شيء شكلا من أشكال الفن إذا أقر الفنان ذلك. ونمت مجموعة متنوعة من الاهتمامات الفكرية والفلسفية لدى الفن المفاهيمي، تجاوزت دوشامب بكثير. في الوقت نفسه، أمست الدادائية عموما سابقة مهمة لنزعات مثل «حركة الفلوكسوس» (التي بلغت ذروتها في الفترة بين عامي 1962 و1965)، وجوانب عدة من الفن الأدائي. ويمكن التأكيد أيضا على أن البنية الكاملة لطليعية الستينيات، بروحها الدولية وتعويلها على نشر منشورات عابرة رخيصة الإنتاج، مدينة بالفضل لنموذج الدادائية.
كانت تبعات الدادائية على جماليات فترة ما بعد الحرب مباشرة أكثر حسما من تبعات السريالية. باعتراف الجميع، كان الجانب التجريدي-البدائي أو «العفوي» للفن السريالي - كما في الأعمال الفنية لماسون أو ميرو - مهما بشكل عميق لبعض التعبيريين التجريديين في أمريكا في الفترة ما بين منتصف الأربعينيات وأواخرها، لا سيما أرشيل جوركي وجاكسون بولوك. ولكن، بعد هذه المرحلة المحورية، من الصعب أن نستشف أفضالا للسريالية على الفن التقليدي للخمسينيات والستينيات والسبعينيات. وهناك استثناءات كبيرة داخل الفن الشعبي، كالتجاورات المضللة للصور المتشظية لجيمس روزنكيست، و«التماثيل اللينة» لكلايس أولدنبرج التي تخضع فيها أشكال مألوفة مثل مفاتيح الإضاءة أو أطقم الطبول إلى تحولات مقوسة بشكل جنسي من الجامد إلى اللين. ولكن إرث الحركة عادة ما استمر في أعمال الحالمين الغريبي الأطوار، لا في أعمال المبتكرين البارزين. في الوقت نفسه، استقر رأي بعض الأفراد البارزين، أمثال المثال الفرنسي المولد لويس بورجوا، على بناء أجسام منفصلة من أعمال تستكشف أفكارا مثل الجنسانية بدلا من المشكلات الجمالية المرادفة للحداثة المتأخرة. وبينما بليت الركائز الرسمية للفن الحداثي خلال الثمانينيات والتسعينيات، استقلت السريالية بنفسها باعتبارها رائدة لوعي ما بعد الحداثة. في عام 1986، تجرأ المؤرخ الفني هال فوستر إذ قال: «إن قسما كبيرا من النقد والفن المعاصر، وقسما كبيرا من النظرية والممارسة المتعلقة بحاضرنا ما بعد الحداثي، يعد بشكل جزئي في جوهره نظرية وممارسة ل «السريالية».» وهو التعليق المرتبط بإحساسه بالعودة إلى لحظات سابقة من الطليعية في الفن أواخر القرن العشرين، استنادا إلى نموذج فرويد ل «عودة المكبوت».
ويبدو أن ملاحظة فوستر ثبتت صحتها بفعل صعود نجم فنانين أمريكيين أمثال روبرت جوبر أو ماثيو بارني - في فترة أكثر حداثة - ممن بدا واضحا أنهم يسترجعون الغلو الباروكي للأيقنة السريالية؛ حيث استخدموا صورها المجازية الوضيعة أو الجسمانية الفتيشية للتعبير عن مخاوف معاصرة بشأن موضوعات كالإيدز، في حالة جوبر، أو لإحياء أسطورة ما، كما في حال بارني. يتكون عمل جوبر المسمى «من دون عنوان» عام 1991، من قالب شمعي للنصف السفلي من جسم رجل يرتدي سروالا تحتيا وجوربا وحذاء خفيفا، وعندما عرض هذا العمل في المعارض، وضع ووجهه لأسفل على الأرض، وبطنه ملاصق للجدار تماما بحيث يبدو الشكل وكأنه يختفي عبر الجدار. وما يثير الاضطراب بقدر أكبر أن ثمة سلسلة من فتحات الصرف مقحمة في ردفي ورجلي ذاك الشكل؛ وبذلك يستخدم جوبر أدوات سريالية للتصريح ببيان مجازي معقد يتعلق بالجنسانية الذكورية والمرض والأخلاق، تردد صداه، إبان الفترة التي صنع فيها هذا العمل الفني، بقوة في القلق الشائع من فيروس الإيدز. في الوقت نفسه، قدم التقليد السريالي لفنانة أمريكية أخرى تدعى سيندي شيرمان، وسيلة مباشرة بقدر أكبر لشن هجوم على التحصين الأخلاقي للحكومة الأمريكية في مواجهة أعمال كتلك التي قدمها جوبر. وإذ استندت إلى «دمى» هانز بيلمر، أنتجت شيرمان سلسلة من الصور الفوتوغرافية عام 1992، التي تم فيها ترتيب دمى طبية واضحة التفاصيل وأعضاؤها الجنسية معروضة بشكل بارز. وبالنظر إلى أن الحكومة الأمريكية آنذاك كانت تحاول تقويض استخدام الصور الجنسية الصريحة، كانت بادرة شيرمان مستفزة.
وفي بريطانيا، أصبحت القضايا المتعلقة بالسريالية شائعة الوجود في الفن المعاصر، ولو أن أساسها المنطقي التوجيهي أقل جلاء ووضوحا؛ فافتنان السريالية بالأنظمة التصنيفية يمكن العثور عليه مثلا في أعمال سوزان هيلر، التي أنتجت عملا في منتصف السبعينيات تحت عنوان «مهدى إلى الفنانين المجهولين»، جمعت فيه أكثر من 200 بطاقة بريدية ذات خلفيات ساحلية نقشت عليها عبارة «بحر هائج»، وفيها تلاطمت الأمواج على الساحل البريطاني. صار هذا العمل أشبه بمسح أنثروبولوجي زائف للتمثيلات الشعبية لعرق منعزل في جزيرة. وتميل كورنيليا باركر، التي رشحت لنيل جائزة تيرنر الرفيعة عام 1997، بقدر أكبر إلى الافتنان السريالي بتقليد «خزائن الفضول»؛ ولذا نجد أن عملها «شقوق في أسطوانة كانت تنتمي لهتلر» عام 1996، يدعو المشاهد إلى الحملقة في صورة فوتوغرافية مقربة لسطح أسطوانة تعمل منذ فترة طويلة، وكأن بعض بقايا الدوافع السوداء لصاحبها يجوز إدراكها في شقوقها. يحيي فنانون آخرون اهتمام السرياليين بالتجاور المتنافر؛ فيتألف عمل الفنان الاسكتلندي دوجلاس جوردون «بين الظلمة والنور» (تيمنا بويليام بليك) عام 1997 من فيلمين، وهما «أنشودة بيرناديت» و«طارد الأرواح»، يعرضان في الوقت نفسه على جانبي شاشة شفافة، بحيث يقام حوار بين الفيلمين اللذين يناقشان الخير والشر على الترتيب. ويجوز القول بأن هذه الأعمال تتحالف مع الجانب الشعري «الأكثر رقة» للسريالية، ومع ذلك فقد أنتج بعض الفنانين المرتبطين دوليا بقوة بظاهرة الفنانين البريطانيين الشباب المزعومة؛ أعمالا تضارع في حدتها الصارمة أعمال فنانين أمريكيين أمثال جوبر. وتعتبر سارة لوكاس السالف مناقشة أعمالها في بداية هذا الكتاب حالة تثبت ذلك.
إذا نظرنا إلى العمل الفوتوغرافي للوكاس المسمى «ترجل عن فرسك واحتس لبنك» عام 1994، من حيث علاقته بواحدة من نقاطه المرجعية العامة، ألا وهي لوحة «الاغتصاب» (1934) للفنان السريالي رينيه ماجريت؛ فسيمكننا أن نرى أن عملها يمثل رؤية أنثوية بشكل عنيف لصورة ماجريت الكارهة للنساء بشكل استبطاني. تستحث لوكاس السريالية التي اضمحلت عبر استيعاب السوق لها. وقد استعاضت عن علامات الذكورة الرجولية برموز طفولية (قوارير حليب وكعك مساعد على الهضم)، وبذلك فهي تختلق التقاء بين نطاق ثقافي «رفيع» سبق أن انتمت إليه السريالية، ونطاق دارج لثقافة الشارع، حيث تتنازع باستمرار قضايا الهوية الذكورية والأنثوية.
بالنسبة إلى سارة لوكاس، تعتبر الأدوات السريالية ببساطة جزءا من انتشار الثقافة الجماهيرية، وعلى الرغم من أنها تشارك السرياليين اهتمامهم بالجنسانية، نجد أن السريالية يشار إليها كمرجع في سياق تكثيف ثقافة السلعة خلال القرن الماضي، وذلك إلى حد كبير عبر الإعلانات، بالقدر نفسه الذي يشار به إلى أي شيء آخر. وحقيقة الأمر أن هذا التوجه الساخر أو التنقيحي أساسا يكمن وراء الكثير من الأعمال التي عكفت على مناقشتها؛ ففنانون كثر قد تعاملوا مع السريالية كنقطة انطلاق لاستكشافاتهم لسياسات الهوية، ولكن قليلا هم الذين يدعمون السريالية قلبا وقالبا. وبالنسبة إلى كثيرين، أمست السريالية متماهية بسهولة جدا مع صور على ملصقات لفنانين أمثال دالي وماجريت، وانتشارها الشعبي طمس قيمتها الكامنة تقريبا.
Bilinmeyen sayfa