Dadaizm ve Sürrealizm: Çok Kısa Bir Giriş
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Türler
ولكن، لم الإشارة إلى «الرأفة»؟ في دراسة الأيقونات المسيحية التقليدية تمثل «الرأفة» صورة للسيدة مريم العذراء، وهي تحمل المسيح الميت بين ذراعيها، ولكن يبدو هنا أن لدينا شكلا من «الرأفة» المعكوسة التي يظهر فيها أب، بدلا من الأم، يحمل ابنه. واستنادا إلى الكثير من الأدلة، وأبرزها شاربه، يجوز في واقع الأمر تحديد هوية «الأب» الموجود بالصورة على اعتبار أنه فيليب، والد إرنست نفسه. ذات مرة في طفولة إرنست، رسم فيليب الأب - الذي كان معلما كاثوليكيا تقيا جدا ورساما هاويا - ابنه على هيئة المسيح في مهده، ويمكننا استنادا إلى هذه الواقعة افتراض أن الشخص الذي يمسك به يمثل ماكس إرنست/المسيح؛ وبالنظر إلى منطق الرأفة المعكوس، تستدعي صورة فيليب بشكل تجديفي الإله الأب؛ وبالنظر إلى أن الابن قد تحجر، حيث رسم وجهه وكفاه باللون الرمادي، فالمعنى الضمني ينم عن أن الأب أحال ابنه إلى حجر.
كل ذلك يوحي بقوة بأن إرنست أخذ الآليات الأساسية «لأبحاث الأحلام» الفرويدية - لا سيما عمليتي «الإزاحة» و«التكثيف» اللتين يتم بموجبهما ترميز رغبات ومخاوف الحالم في «المحتوى الواضح» للحلم - كوسيلة يستطيع بواسطتها أن يمد نفسه بسيرة نفسية عجيبة، جامعا عناصر من سيرته الذاتية وجوانب من الأيقونات المسيحية معا. ويبدو أن نقطته المرجعية الكلية هي حجر الزاوية لرواية فرويد للتجربة الجنسية الطفولية، ألا وهي عقدة أوديب، المستندة إلى الخيال اللاواعي للطفل الذكر المتعلق بمنافسته لأبيه على حب الأم، والعقاب العنيف (المؤدي إلى الإخصاء) الذي يترتب على ذلك؛ ولذا «فالمحتوى الكامن» للوحة يمكن تفسيره على أن الوالد انتقم من الابن لانتهاكه الممثل في زنا المحارم. وبالطبع، لم يكن إرنست بصدد إعادة بناء واحد من أحلامه الخاصة، بل كان بصدد إنتاج شكل من أشكال التحليل الذاتي.
ولكن يجب أن نتوخى الحذر من الوصول على عجل إلى تفسير محدود؛ فتفسير لوحة «الرأفة» لا يقل صعوبة عن التعامل مع «عقدة أوديب معكوسة» التي قد تنطوي على تعلق مثلي الجنس بدائي بالأب، وفي لوحات إرنست خلال تلك الفترة، مثل «لن نعرف شيئا عن هؤلاء الرجال»، عمل المزيد من النقاط المرجعية المستترة مثل الخيمياء بشكل معارض للتحليل النفساني. وعلى الرغم من أن مؤرخي الفن بذلوا جهودا ليجدوا أفكارا فرويدية مثل «الخارق للطبيعة» متفشية داخل السريالية، فلربما كان فنان مثل إرنست أكثر سخرية بكثير حيال الفرويدية مما توحي به المخططات التأويلية الجادة. لا شك أن فرويدية إرنست كانت سابقة بالنسبة إلى السرياليين الآخرين، ولكنهم نادرا ما التزموا التزاما حرفيا بفرويد، ربما باستثناء دالي. إن الترجمة الفرنسية الصادرة عام 1930 لكتاب «النكات وعلاقتها باللاوعي» للمحلل النفساني، ربما وجدت لنفسها، على سبيل المثال، صدى في ولع السرياليين خلال تلك الفترة بالكوميديا السوداء، ولكن في عام 1928 كان لويس أراجون يسخر صراحة من شهرة فرويد في فرنسا، زاعما في «أطروحة عن الأسلوب» أن الرواية الرومانسية «بول وفرجينيا»، الصادرة في القرن التاسع عشر، «يمكن قبولها جوازا باعتبارها كتابا جديدا مذهلا في يومنا هذا، على شرط أن تدلي فرجينيا بالقليل من التعليقات عن الموز، وأن يخلع بول بغير عمد منه ضرسا بين الحين والآخر.» كان فرويد بدوره مشككا في السريالية؛ فعندما طلب إليه بريتون عام 1937 المساهمة في تجميعة لروايات بعض الأحلام، رفض؛ استنادا إلى أن النسخ المباشر للحلم من دون تداعيات المريض لا مغزى له بالنسبة إلى فرويد. كما كانت الاهتمامات الشعرية للسرياليين مختلفة تماما عن المشاغل الفعلية للتحليل النفساني.
ثمة سؤال أكثر شمولا يتعلق بالمكانة الكلية للاوعي بوصفه نموذجا للسرياليين، وهو: بم يشي اللاوعي عن الطبيعة البشرية إجمالا؟ إن فكرة اللاوعي تفترض مسبقا أن الإنسان محكوم ب «آخر» باطني، وإلى حد ما، أضفى السرياليون على هذه الفكرة طابعا رومانسيا ممثلا في ذات داخلية تيهية وربما متضاربة. بحسب التقليد الرومانسي، قام السرياليون بتأسيس جماعة للجنون؛ إذ كان بريتون جامعا نهما لأعمال الفنانين المضطربين عقليا أمثال جوزيف كريبين وهيكتور هيبولي، وعزز إرنست مجددا من السريالية البصرية؛ إذ جلب نسخة من كتاب هانز برينزورن «فنية المرضى العقليين» إلى باريس عام 1922 كهدية لصديقه بول إيلوار. وفي عام 1930، في نص مشترك تحت عنوان «الممتلكات»، حاول بريتون وإيلوار محاكاة حالات الذهان. ولكن السرياليين لم يحسنوا التكيف مع الجنون عندما اقتربوا منه أكثر من اللازم؛ فلم يفعل أحد سوى القليل لمساعدة ناديا، ملهمة رواية بريتون الأولى، بعد أن استسلمت للجنون الذي أسرت أماراته «الشعرية» المبكرة الكاتب. وبالمثل، يبدو أن بريتون فقد رباطة جأشه بسبب حالة أنطونين أرتو ؛ فهذا الشاعر اللاذع والمنظر اللاحق ل «مسرح القسوة» لفترة وجيزة، تولى مسئولية «مكتب الأبحاث السريالية» القصير الأجل عام 1925، لكنه هو وبريتون تشاجرا؛ حيث أمسى واضحا أن مفهوم أرتو وبريتون للثورة مختلفان اختلافا عميقا؛ فبالنسبة إلى بريتون، كانت الثورة في جوهرها موقفا فكريا، أما بالنسبة إلى أرتو، فقد كانت تتطلب استسلاما عميقا ومفجعا للجنون، وعندما أمسى مجنونا في نهاية المطاف، لم يساعده بريتون إلا قليلا.
على الرغم من أنه قد ثبت أن السرياليين ليسوا أهلا لمخاطر الانغماس الفعلي في اللاوعي، فقد كان ارتباطهم النظري باللاوعي يعني أنهم كانوا في موقف مناسب يؤهلهم لإجراء تشريح للعادات والأعراف البرجوازية، لا سيما ما يتعلق بالجنسانية. وسيعنينا المدى الذي استطاعوا به التغلب على فرضياتهم البرجوازية الخاصة بينما نتابع نقاشنا، ولكن سنضطر على الأرجح إلى الاتفاق مع أنصار الدادائية في التأكيد على أن تكيفا اجتماعيا من نوع خاص يستتر حتما وراء فهم بريتون للاوعي. لقد كان اللاوعي باعتباره مكانا تتحقق فيه الرغبات - في طباق جدلي مع أوجه قصور الوجود اليومي - بالنسبة إلى بريتون؛ دربا يفضي إلى تجربة حياتية متغيرة نوعيا. وفي الوقت نفسه، شعر بريتون بأن الحياة اليومية ينبغي أن تتغير استنادا إلى نموذج ماركسي. ومن وجهة نظر كثير من الدادائيين، فإن إيمانه بوجود عقد جدلي جديد بين الوعي واللاوعي، يرسخ بفعل فلسفة إنسانية شكوكية نوعا ما. وعلى النقيض من ذلك، دعمت الدادائية توجهات الفلسفة اللاإنسانية.
النزعة اللاإنسانية
من بين الفكر المحورية للدادائية في برلين ونيويورك فكرة الإنسان بوصفه آلة؛ فلما شعر الفنانون الدادائيون بأن البشرية ألقت نفسها بشكل حاسم في أحضان الميكنة، طوروا في كلتا المدينتين أيقونات شديدة التعقيد والرقي ل «المتحولات الميكانيكية»، وهي أشكال هجينة تجمع بين الإنسان والآلة. وفي برلين، وتحديدا في مايو عام 1920، أنتج جورج جروتس لوحته داوم تتزوج ... (شكل
2-9 )، التي أومأت إلى زواجه الحديث. وإذ صور جروتس عروسه الجديدة داوم (وهو الاسم الذي استحدثه بعد أن عكس لقبها «مود» بالألمانية) جهة اليسار من اللوحة، ورسم نفسه جهة اليمين على شكل إنسان آلي، ارتقت لوحة جروتس، بحسب فيلاند هيرتسفيلده، إلى هجوم على الزواج بوصفه مؤسسة برجوازية؛ فالزواج بحسب هيرتسفيلده «يحيل الرجل دائما وأبدا إلى مكون ثابت من مكوناته ، وترس صغير داخل نظام أكبر من العجلات والتروس»، بحيث إن الرجل، «يتعاطى مهام أخرى رصينة ودقيقة جدا وتقتضي براعة شديدة»، بينما تتحرر المرأة ويطلق لها العنان. يجوز القول بأن هذا الحكم متداخل مع فكرة معاداة المرأة، لكنه ينم عن مدى فهم الدادائيين للميكنة باعتبارها متفشية في كل شيء. ومن اللافت للنظر أن أيقنة الزواج كانت متفشية في الدادائية؛ ففي عام 1919، أنتجت دادائية برلينية أخرى تدعى هانا هوخ لوحة طبعت فيها رؤية أنثوية للفكرة نفسها؛ حيث رسمت زوجين مكبلين بأدوات حديثة (شكل
3-4 ). وفي نيويورك آنذاك، كان مارسيل دوشامب يعكف بكد واجتهاد على بيانه الحاسم عن اقتران الإنسان والآلة، ممثلا في لوحته «عروس جردها عزابها من ثيابها». وكما ذكرنا آنفا، فإن هذا العمل الفني المعقد الذي تم تنفيذه على الزجاج، يضع «عروسا» طافية بالأعلى قبالة «عزابها» المكبلين بالأرض بالأسفل، والعروس وأزواجها على حد سواء مرسومون على هيئة آلات. وعلى غرار تفسير هيرتسفيلده لجروتس، تحتفظ العروس لنفسها ببعض الاستقلال، بينما ينظر إلى العزاب باعتبارهم قشورا استمنائية.
أيا كانت المواقف من مؤسسة الزواج الواردة هنا، فمن الواضح أن الحب العاطفي، في عمل دوشامب تحديدا، يختزل في هيئة عملية ميكانيكية؛ فالجسد البشري يتخذ وضعية آلة ليس لها أي علاقة طبيعية بالروح أو العقل. على أحد المستويات، يمكننا أن نرى شبح الفيلسوف الفرنسي ديكارت يقبع وراء كل ذلك؛ إن الازدواجية الديكارتية التي شكلت المقدمة الفلسفية الأساسية للمنهج العلمي الحديث أكدت على أن العقل، كمادة تفكير، متحرر من الجسد؛ مما دعا البعض - أمثال لامتري - إلى النظر إلى الجسد بوصفه آلية محضة. يحتمل إذن أن الدادائيين كانوا متمسكين بوجهة النظر الديكارتية، ولو أنها كانت ممزوجة بمسحة من السخرية اللاذعة؛ على سبيل المثال: أنتج فرانسيس بيكابيا، حليف دادائية نيويورك المنسوبة لدوشامب، بعض الأعمال الفنية كردود أفعال ساخرة جدا تجاه الجنسانية، وعلى رأسها «صورة فتاة أمريكية صغيرة في حالة عري» عام 1915 (شكل
Bilinmeyen sayfa