Felsefeye Davet: Kayıp Bir Aristoteles Kitabı
دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو
Türler
7 (ب105-107).
هل أراد المعلم الأول أن ينفرنا من حياتنا العادية المشغولة بالنهم إلى الثروة والغنى والشهرة وغيرها من الخيرات الظاهرية الخادعة لنحقق العلو فوقها على جناح التفلسف، أم غلبته تجربته أو قراءاته فانساق إلى هذه الصور الأليمة؟ مهما يكن الجواب فإن الكلمات الختامية هي أبلغ دفاع يمكن تصوره عن الفلسفة؛ فليس ثمة شيء إلهي في الإنسان إلا شيء واحد يستحق وحده عناء الجهد، ذلك هو العقل والتبصر الحكيم (أو التفلسف)، وإن حياة تخلو من التأمل لهي حياة تخلو من كل قيمة ولا تليق بإنسان (ب108-110).
متى وضع أرسطو هذا الكتاب؟ أهو من كتابات الشباب «المنشورة» أم من مؤلفات الرجولة «المستورة»؟ ألدينا أي دليل على زمن التأليف أم لا نملك إلا الترجيح؟ هل كان عند تأليفه تلميذا مخلصا لأفلاطون أم استطاع أن يتحرر من سطوته وبدأ يفكر لنفسه ويعلي بناء مذهبه؟ أكان شابا لا يزال أم رجلا يرفل في إهاب الرجولة الناضجة؟
أسئلة يبدو أننا لن نعثر في شأنها على اليقين، أقصى ما نملكه أن نعرض آراء العلماء وهي لا تزال إلى اليوم تتأرجح على حافة الرأي والترجيح والتخمين. •••
كان الرأي بين معظم الباحثين منذ ألف العالم الألماني «ييجر» كتابه المشهور عن أرسطو وتطوره الفكري سنة 1923 - أن أرسطو ظل طوال الفترة التي قضاها طالبا ومعلما في الأكاديمية الأفلاطونية وقاربت العشرين عاما - ظل طوال هذه الفترة وحتى موت أفلاطون تلميذا مخلصا لأستاذه، تأثر به في كل ما كتب في ذلك الحين، وشارك في نشر أفكاره وتعاليمه - غير أن كل ما كتبه أثناء حياته في الأكاديمية قد ضاع، لم يبق من أشعاره ومحاورات شبابه سوى بضع شذرات متفرقة من أهمها ما بقي من «أويديموس» و«عن الفلسفة». وهذه المحاورة التي نتحدث عنها الآن: «بروتريبتيقوس»،
8
وقد زعم «ييجر» أن الكتاب الأخير كان بمثابة برنامج دراسي للأكاديمية، ودعوة إلى المثل الأعلى الذي بشر به أفلاطون وحث على السير على طريقه. ومع ذلك فإن «البروتريبتيقوس» يسجل التحول الذي أصاب نفوس الجيل الجديد من شباب الأكاديمية وغير من نظرتهم إلى الحياة العقلية. لقد حرص أفلاطون على تحقيق المثل الفلسفي الأعلى في الحياة، ولكنه أراد بفلسفته كلها أن يصلح الواقع وينقذه من الفساد، وينقل إلى ظلام الحياة العملية قبسا من نور المثل والحقائق الخالدة. أما الجيل الشاب فوجد قيمة الحياة في تأمل الباطن، في بهجة الرؤية والنظر الخالص، بهذا تحولت مثل الإصلاح السياسي والأخلاقي عند أفلاطون إلى التأمل العقلي المتشرب بالروح الدينية. ولقد أكد «ييجر» أن أرسطو كان يقف في هذا الكتاب على أرض ميتافيزيقية مختلفة عما نجده في كتاباته التعليمية المتأخرة، وأن الأفكار الأساسية فيه أفكار أفلاطونية تحمل طابع معلمه الكبير، سواء في لغتها أو موضوعاتها، بل إن الكتاب يردد في زعمه نظرية المثل ويذكر رأي أفلاطون المتأخر في أنها أعداد، ويقتبس منهج أفلاطون في عرض الأخلاق على طريقة أصحاب الهندسة. وكل هذا يؤكد في رأيه أن أرسطو ظل في هذا الكتاب وفي سائر محاوراته الضائعة وفيا لأفلاطون، وأنه لم يصبح «أرسططاليا» إلا بعد أن مات أستاذه ومر في حياته بأزمة باطنية حادة.
بيد أن النظرة إلى فلسفة أرسطو قد تغيرت بعد إعلان «ييجر» عن هذه الآراء، وأثبت بعض العلماء - ومنهم الأستاذ «انجمار ديرنج» الذي ألف كتابا ضخما عن تفكير أرسطو ونشر النص الذي نعتمد عليه وحققه - أن هذه الآراء التي ذهب إليها «ييجر» لا تستند إلى كتابات أرسطو ولا إلى التراث القديم من مؤلفات المؤرخين وكتاب السير، أضف إلى هذا أن لغة أرسطو ومصطلحاته الأساسية لم تكد تتغير منذ أن كتب «الطوبيقا» أو المواضع الجدلية التي ثبت أنها تسبق الكتاب الذي بين أيدينا بحوالي عشر سنوات،
9
والأهم من هذا كله أنهم قدموا الأدلة اللغوية والموضوعية على أن «البروتريبتيقوس» ليس من كتابات الشباب لأرسطو، وأنه كان قد قضى عند كتابته أكثر من خمسة عشر عاما في البحث والتعليم في الأكاديمية، وأن الكتاب نفسه قد وضع حوالي سنة 350-351ق.م، أي عندما كان أرسطو في الرابعة والثلاثين أو الخامسة والثلاثين من عمره وفي أوج تفكيره ونشاطه العقلي، وفي نفس الوقت الذي كتب فيه أفلاطون رسالته السابعة.
Bilinmeyen sayfa