Göğün Çağrıcısı: Bilal bin Rebah - Resulün Müezzini
داعي السماء: بلال بن رباح «مؤذن الرسول»
Türler
وما زالت العقائد أكرم على ضمير الإنسان من هذه المساومات التي تلازم الأسواق وتعرض في صفقات البيع والشراء، وما زال قلق النفس هو الباعث لها وطمأنينة النفس هي البغية منها، وتهون في سبيلها بعد ذلك مطالب العيش وراحة الأجساد.
وآية ذلك أنه لم يؤمن إنسان قط لغنيمة تخصه ولا تعم سواه.
إنه ليساوم في سوق التجارة على الغنيمة التي تخصه دون غيره، ولكنه إذا آمن بعقيدة من العقائد التي تتناول الحياة والموت فلا بد من غاية تعمه وتعم غيره على السواء، ولا بد من الأمل العام الذي يتخطى مصالح الفرد ومساومات الآحاد.
وبلال حين آمن بالإسلام قد آمن حقا بالدين الذي ينصف العبيد، ولكنه قد آمن به على السنة التي ترضي الكرامة الإنسانية لا على سنة المساومة والمصافقة، أو هو قد آمن به إنسانا كما آمن به السادة الأحرار القادرون على شراء العبيد والإماء.
وأقل ما يقال في تعليل إسلامه: إنه إعجاب نفس طيبة بنفس عظيمة، وإنه إيثار للخير الكبير على الخير الصغير، وإنه استقامة طبع تهتدي إلى الصراط المستقيم، وإنه شوق إلى الحق الذي يريح النفوس وليس بشوق إلى الرفاهة التي تريح الأجساد.
ومما لا شك فيه أن إرضاء الكرامة بالمساواة بين جميع المسلمين، كان أحب إلى أولئك العبيد والإماء من كل راحة يرجونها بعد الدخول في الدين الجديد، أيا ما كانت الثقة بتحقيق ذلك الرجاء. في أجل قريب أو بعيد.
وقد غبرت القرون على وصايا الإسلام بالرقيق، وعمل بها من المسلمين من عمل وخالفها من خالف، واحتال عليها من احتال، على عهد الناس بجميع الأوامر أو النواهي التي تشرعها العقائد والأديان.
ولكنها، سواء روعيت أو خولفت، قد كانت كسبا عمليا له أثر من النفع الواقع في تاريخ بني الإنسان، وقد بقي لها هذا الأثر إلى أن بطل الأسر وبطل الرق بشتى ذرائعه ودواعيه، وارتفعت للحرية الفردية والحرية القومية صيحة لم ترتفع لها قط في زمن من الأزمان.
فبعد وصايا الإسلام بألف ومائتي عام، وفي العصر الذي راحت فيه أوروبا تنكر الرق وراح فيه اليونان يطلبون الاستقلال نزل بمصر فوج من الأسرى اليونان يزيدون على خمسة آلاف وخمسمائة، ووزعهم الولاة على بيوت السراة وذوي الثراء في القاهرة والإسكندرية، تم عقد الصلح وقضت شروطه برد الأسرى إلى بلادهم وإعتاق من بيع منهم بمال الحكومة المصرية لا بمال الأسير أو بمال ذويه، فآثروا البقاء جميعا في البيوت التي نزلوا بها نزول العبيد، ولم يقبل منهم العتق غير أربعمائة أو دون ذاك، كما جاء في بيان المندوب الإنجليزي الذي نيط به تنفيذ تلك الشروط.
ومهما يقل القائلون في تعليل ذلك الإيثار، فالأمر الذي لا ينكر في هذا المقام ولا ينسى أن أولئك الجند الأوروبيين الذين أسروا وهم يعلنون قضية الاستقلال، ما كانوا ليحمدوا البقاء عند سادتهم المسلمين لو كانت وصايا الإسلام بالأرقاء قد ذهبت ذهاب الكلام في الهواء.
Bilinmeyen sayfa