دعائم التمكين
دعائم التمكين
Yayıncı
الجامعة الإسلامية
Baskı Numarası
العدد المائة وعشرة-السنة الثانية والثلاثون
Yayın Yılı
١٤٢٠هـ/٢٠٠٠م
Yayın Yeri
المدينة المنورة
Türler
المبحث الأول: في حالة العرب قبل مبعث الرسول ﷺ
المبحث الأول: في حالة العرب قبل مبعث الرسول ﷺ
...
المبحث الأول: في حالة العرب قبل مبعث الرسول ﷺ:
كانت العرب، والناس جميعًا - إلاَّ القليل - عند مبعث الرسول ﷺ في جاهليَّةٍ جهلاء، وضلالةٍ عمياء، انتشرت فيهم عبادة الأوثان، وعكفوا على القبور، ودعوا غير الله تعالى. فاضطربت أحوالهم السياسية والاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية، وكثرت الحروب، وثارت لأتفه الأسباب، وتفكَّكت الأُسَر، وعمَّت الرذيلة، وقلَّت الفضيلة.
ولم يكن هناك نظام يحكم بين الناس إلاَّ النظام القبلي القائم على التعصب للقبيلة. فبعثَ اللهُ تعالى رسوله محمَّدًا ﷺ بالدين الحقِّ، والتوحيد الخالص، مُبَشِّرًا مَنْ أطاعه بالجنة، ومُحَذِّرًا مَنْ عصاه بالنار. فاستجاب لدعوته الرجل، والرجلان، وبعض النساء، والصبيان، مِمَّن كتب الله لهم الفوز والفلاح١.
وعارضَ دعوته كثيرٌ مِمَّن كُتِبَت عليه الشقاوة، فوقف في طريق الدعوة التي جاء بها الرسول ﷺ من عند ربه، وأخذ يثير حولها الشكوك والأوهام، ويؤذي الذين دخلوا في دين الله بشتى أنواع العذاب، فَقُتِلَ بعض من آمن، ظلمًا وعدوانًا، وضُيِّقَ على بعضهم الآخر، حتى اضطروا إلى ترك أهلهم وأموالهم وبلدهم، وفرُّوا بدينهم الذي هو أغلى شيء يملكونه. وكانت الحكمة تقضي بألاَّ يعرض هؤلاء النفر أنفسهم للهلاك، فلم يؤمروا بالجهاد في بادئ الأمر، وإنَّما أُمِرُوا بالصبر والتحمُّل حتى قوي أمر المسلمين، وكانت لهم شوكة ودولة تحميهم، وتصد العدو عنهم٢. وحينئذٍ شُرِعَ الجهاد لإعلاء كلمة الله -تعالى-، والدفع عن المستضعفين٣.
_________
١ الدعوة في عهد الملك عبد العزيز ١/٣٥-٥١، وظلال القرآن ١٧/٦٠٠- ٦٠١.
٢ البحر المحيط ١/٣٧٣.
٣ التيسير في أحاديث التفسير ٤/١٧٧.
1 / 26