Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Türler
قرئ بالباء والثاء «1» من الكثرة، أي وافر من الفحش والمخاصمة والعداوة بسببهما (ومنافع للناس) من اللذة واستمرار الطعام وكسب المال بالتجارة في الخمر ونيل المال بلا تعب في الميسر وانتفاع الفقراء بلحم الجزور، روي في صفة الميسر: أنهم كانوا يشترون جزورا في الجاهلية وينحرونها ويجزؤنها عشرة أجزاء ثم يضربون سهامهم بالقدح، يعني يعين كل واحد سهمه بقدح موسوم به، ويتركون قدحا بلا نصيب موسوما باسم رجل، ويجعلون جميع الأقداح في خريطة، ويضعونها على يد عدل، ثم يدخل يده فيخرج باسم رجل قدحا منها، فمن خرج سهمه أولا يأخذ نصيبه من اللحم، ولا يكون من الثمن عليه شيء ومن خرج قدحه بلا نصيب كان عليه ثمن الجزور، ولا شيء له من اللحم، ويطعمونها الفقراء وهم لا يطعمون منها، ويفتخرون بذلك «2»، والمراد من الميسر هنا جميع القمار، فتركهما بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركهما كثير منهم، وقالوا: نأخذ منفعتهما ونترك إثمهما، ثم نزلت آية «لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى» «3» حين قرأ بعضهم «أعبد ما تعبدون» «4» في الصلوة بترك «لا» في «لا أعبد»، فترك الخمر بعض الناس، وشربها بعضهم في غير أوقات الصلوة حتى نزلت آية «يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر» «5» إلى آخرها حين شرب قوم في دعوة عتاب بن مالك، فلما سكروا افتخروا وتناشدوا وتهاجوا فضرب بعضهم رأس بعض بلحيي بعير فشجه موضحة فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر رضي الله عنه: «اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا»، فلما نزلت الآية إلى قوله «فهل أنتم منتهون» «6» قال عمر: انتهينا يا رب، فصار شربها حراما عليهم حتى قال البعض: ما حرم علينا شيء أشد من الخمر، وهي ما غلا واشتد وقذف الزبد بلا طبخ النار من عصير العنب يحد شاربها ويفسق ويكفر مستحلها بالإجماع، وأصل الخمر الستر، لأنها تستر العقول، قيل: كل ما أسكر من كل شراب حرام قليله وكثيره عند أكثر الفقهاء، منهم الشافعي رحمه الله، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا يحرم إلا المتخذ من عصير العنب والرطب ونقيع الزبيب والتمر والقدر المسكر من كل شراب حالة الشرب «7»، قال النبي عليه السلام: «من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة» «8»، والميسر مفعل من اليسر ضد العسر، وهو قمار العرب، سمي به لأن الإنسان يأخذ مال الرجل بيسر وسهولة من غير تعب، قال علي رضي الله عنه: «النرد والشطرنج ميسر» «9»، ويشير به إلى أنهما حرام، وعن النبي عليه السلام: «إياكم وهاتين اللعبتين المشؤمتين فانهما من ميسر العجم» «10» (وإثمهما) أي عقاب الإثم في تناولهما بعد التحريم (أكبر) أي أعظم (من نفعهما) قبل التحريم، وهو الالتذاذ بشرب الخمر والقمار والطرب فيهما وغيرهما مما ذكر (ويسئلونك ما ذا ينفقون) أي أي شيء يتصدقون من الأموال (قل العفو) بالنصب أي ينفقون العفو، أي الفضل عن قدر الحاجة لنفسه وعياله، فكانوا يكتسبون وينفقون الفاضل عن الحاجة في عهد النبي عليه السلام، ثم نسخ بآية الزكوة «11»، وقرئ بالرفع «12» على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي المنفق العفو (كذلك) أي مثل هذا التبيين (يبين الله لكم الآيات) من الأمر والنهي (لعلكم تتفكرون [219]) فتسعون فيما هو صلاحكم.
Sayfa 108