Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Türler
ونزل في شأن المنافقين أو المشركين «1» (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) أي ما بسط لهم من الأموال التي هي متاع الحيوة الدنيا، والمزين هو الله بأن خذلهم وأحبوها أو الشيطان بأن حسنها في أعينهم بوساوسه (ويسخرون من الذين آمنوا) أي من فقراء المؤمنين كعبد الله بن مسعود وعمار وصهيب وخبيب وبلال (والذين اتقوا) من الشرك والنفاق وأطاعوا الله (فوقهم) في الجنة والحجة في الدنيا وهؤلاء الكفار في النار (يوم القيامة) وفي هذه الآية إيذان بأن الكافر لا يسعد بكثرة الدنيا عند الله، وإن المؤمن «2» لا يسعد عنده إلا بالتقوى لذكره بعد ذكر الإيمان (والله يرزق من يشاء بغير حساب) [212] أي يعطي رزقا كثيرا في الآخرة أو في الدنيا بحيث لا يعرف حسابه أو يرزق الكثير في الدنيا، ولا يحاسب عليه في الآخرة أو يرزق من يشاء وليس أحد يحاسب منه بما يرزقه، لأنه المالك المطلق وقيل: يرزقه بغير حسبانه «3»، أي من حيث لا يحتسب.
[سورة البقرة (2): آية 213]
كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (213)
(كان الناس أمة واحدة) فيه إيماء للمؤمنين على الثبات والصبر مع الذين اختلفوا في الحق من المشركين، وأهل الكتاب باخباره تعالى أن بني آدم كانوا عند أخذ الميثاق عليهم مسلمين أو من آدم إلى نوح، أي كان الناس وهم عشرة قرون على دين واحد وعلى ملة واحدة من الحق، ثم تفرقوا واختلفوا (فبعث الله النبيين مبشرين) بالثواب لمن يؤمن ويطيع (ومنذرين) بالعقاب لمن يكفر ويعصي، وهما حالان من النبيين (وأنزل معهم الكتاب) أي الكتب، يعني أنزل مع كل نبي كتاب (بالحق) أي ملتبسا بالصدق، حال من الكتاب (ليحكم) أي الله أو النبي الذي معه الكتاب أو الكتاب (بين الناس فيما اختلفوا فيه) أي في دين الإسلام (وما اختلف فيه) أي في الحق أو في الكتاب (إلا الذين أوتوه) أي أعطوا الكتاب المنزل (من بعد ما جاءتهم البينات) أي الحجج الواضحات على صدق الكتاب، و«من» متعلق ب «ما اختلف» (بغيا) أو حسدا وظلما (بينهم) أو بين المختلفين بتكذيب بعض بعضا وكتمان صفة محمد وحكم الحق للحسد على حطام الدنيا ورياستها وقلة الإنصاف منهم (فهدى) أي وفق (الله الذين آمنوا لما) أي إلى الذي «4» (اختلفوا فيه من الحق) وهو بيان لما اختلفوا فيه، قوله (بإذنه) متعلق ب «هدى»، أي بارادته ورحمته حتى أبصروا الحق بنور التوفيق من الباطل (والله يهدي) أي يرشد (من يشاء) هدايته (إلى صراط مستقيم) [213] أي إلى دين الإسلام الذي اختلفوا فيه بعد الاتفاق.
[سورة البقرة (2): آية 214]
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب (214)
قوله (أم حسبتم) نزل لما أصاب المسلمين جهد في غزوة أحد «5» أو في حفر الخندق «6»، «أم» فيه منقطعة والهمزة فيه لإنكار الحسبان، واستبعاده، أي أظننتم (أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم) أي والحال لم يجئكم (مثل الذين خلوا) أي صفة الذين مضوا (من قبلكم) من النبيين والأمم، وأصل «لما» لم، ضم إليها ما ليفيد معنى التوقع، أي إتيان ذلك المثل متوقع منتظر لكم، والجملة الآتية مبنية لحالهم ومثلهم، كأن قائلا يقول كيف كان مثلهم؟ فقيل: استئنافا «7» (مستهم البأساء والضراء) أي أصابتهم الشدة والفقر أو البلاد والأمراض (وزلزلوا) زلزالا شديدا، أي حركوا وأزعجوا بأنواع البلايا إزعاجا شديدا لم يبق لهم به صبر (حتى يقول الرسول) برفع
Sayfa 105