296

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Türler

لأسلمنا «1»، فهم النبي عليه السلام أن يفعل ذلك رجاء حسن إسلامهم، فنهى الله عن طردهم تكريما لهم «2»، ثم وصفهم بالإخلاص في العمل بقوله (يريدون) بعملهم (وجهه) أي ذاته تعالى لا شيئا آخر منه، وهو نصب على الحال من ضمير «يدعون»، ثم تكلموا في دينهم وطعنوا في إخلاصهم عند النبي عليه السلام فنزل «3» (ما عليك من حسابهم من شيء) مبتدأ، و«من» زائدة و«عليك» خبره، و«من حسابهم» بيان له، أي حسابهم عليهم لازم لهم لا يتعداهم إليك إن كان في باطنهم أمر غير مرضي (وما من حسابك عليهم من شيء) أي وحسابك عليك لا يتعداك إليهم، والجملتان بمنزلة جملة واحدة في قصد معنى واحد، وهو لا يؤاخذ كل منكما بحساب صاحبه كقوله «ولا تزر وازرة وزر أخرى» «4»، يعني لا يلزمك الا اعتبار الظاهر وسيرة الاتقياء «5» وإن كان لهم باطن غير مرضي، قوله (فتطردهم) نصب في جواب النفي، أي لا تكلف أمرهم فتطردهم من مجلسك (فتكون من الظالمين) [52] إن طردتهم من مجلسك.

[سورة الأنعام (6): آية 53]

وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين (53)

ثم قال تعالى (وكذلك) أي ومثل «6» ذلك الاختبار «7» (فتنا) أي اختبرنا (بعضهم) أي بعض الناس (ببعض) يعني ابتلينا الغني بالفقير والشريف بالوضيع، فاذا رأى الأغنياء الفقراء أو الشرفاء «8» الوضعاء سبقوهم بالإيمان امتنعوا أن يؤمنوا تكبرا ، أي خذلناهم بالافتنان (ليقولوا) أي المشركون احتقارا بهم (أهؤلاء من الله عليهم من بيننا) أي أنعمهم الله بالإسلام دوننا، وفضلهم علينا ولو كان الإيمان خيرا ما سبقونا إليه، ثم قال مستفهما تقريرا (أليس الله بأعلم بالشاكرين) [53] أي بمن يعرف الله ويشكر نعمته منكم من غيرهم، وأعمل «أعلم» في «بالشاكرين»، لأنه ظرف ولا يعمل أفعل التفضيل في المفعول الصريح.

[سورة الأنعام (6): آية 54]

وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم (54)

قوله (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا) وهم الضعفة من المسلمين، نزل إكراما لهم «9»، أي إذا أتاك المقرون بالقرآن العاملون به (فقل سلام عليكم) أي ابتدئهم «10» بالسلام إكراما لهم وتطييبا لقلوبهم وبشرهم بقولك لهم (كتب ربكم) أي أوجب (على نفسه الرحمة) لكم بقبول توبتكم وعذركم (أنه) بفتح «أن» بدلا من «الرحمة»، وبكسرها «11» استئناف، فكأن سائلا قال ما الرحمة؟ فقيل إنه، أي إن الشأن (من عمل منكم سوءا) أي ذنبا (بجهالة) أي جاهلا بتحريمه أو جاهلا بجلالة ربه لإيثاره المعصية على طاعته (ثم تاب) أي رجع إليه (من بعده) أي بعد عمله «12» المعصية (وأصلح) أي أخلص العمل تائبا (فأنه) بالفتح على أنه مع ما بعده «13» مبتدأ وخبره محذوف، تقديره «14»: فله أنه، وبالكسر «15» استئنافا، أي إن الله (غفور) بالتجاوز عن ذنبه (رحيم) [54]

Sayfa 17