135

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Türler

أي بكتاب منه تعالى، وقيل: المراد من «كلمة» «1» عيسى عليه السلام «2»، أي بكلمة كائنة من الله بأن قال له «كن» من غير أب، فكان كما قال، فوقع عليه اسم الكلمة (وسيدا) على قومه، يعني يفوقهم في الشرف بأنه «3» لم يرتكب سيئة قط (وحصورا) أي بليغ المنع من شهوة النساء، وقد تزوج «4» مع ذلك ليكون أغض لبصره «5»، قيل:

إنه مر وهو طفل بصبيان يلعبون فدعوه إلى اللعب، فقال: ما خلقت للعب «6» (ونبيا من الصالحين) [39] أي ناشئا من الأنبياء، لأنه كان من أصلاب الأنبياء.

[سورة آل عمران (3): آية 40]

قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء (40)

(قال) زكريا عند نداء الملائكة إياه وبشارتهم له بالولد بالاستفهام تعجبا وسرورا من حيث العادة (رب أنى يكون) أي كيف يحصل (لي غلام وقد بلغني) أي نالني (الكبر) أي كبر السن العالية فأضعفني (وامرأتي عاقر) أي عقيم لا تلد، وكان زكريا ابن تسع وتسعين، وامرأته بنت ثماني وتسعين (قال) أي الله (كذلك) أي كما قلت إنه قد بلغك الكبر وامرأتك عاقر لا تلد (الله يفعل ما يشاء) [40] من خلق الولد بين الهرمين وغيره لا اعتراض عليه أو معنى «كذلك» مثل ذلك الفعل، وهو خلق الولد بين الشيخ الفاني والعاقر، الله يفعل ما يشاء أو معناه «كذلك الله» مبتدأ وخبر، أي هذه الصفة الله، وقوله «يفعل ما يشاء» بيان له.

[سورة آل عمران (3): آية 41]

قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار (41)

(قال رب اجعل لي آية) أي علامة يعلم بها لي وقت حمل زوجتي لأزيد في الشكر والعبادة (قال آيتك) أي علامة حمل امرأتك (ألا تكلم الناس) أي تمتنع عن كلامهم وأنت صحيح وتذكر الله وتسبح وتعبد «7» قضاء لشكر تلك النعمة العظيمة التي طلبت الآية من أجله «8» (ثلاثة أيام إلا رمزا) أي إشارة بيد أو رأس أو عين، وسمي الرمز كلاما لأنه يؤدي ما يؤديه الكلام، ويفهم ما يفهم من الكلام، فلذا جاز الاستثناء المتصل منه، قيل: كانت إشارته بالإصبع المسبحة «9»، ولم يكن الامتناع من الكلام عقوبة له، بل كان كرامة له ومعجزة دالة على إجابة دعائه في ظهور الحبل، ودفعا لوسوسة الشيطان حيث صور له، وقال: إن النداء البشارة لك ليس من الله، وإنما هو من الشيطان، ونصب «رمزا» على الحال من الفاعل والمفعول معا، أي إلا مترامزين كما يكلم الناس الأخرس بالإشارة، ثم أمره تعالى بذكر ربه لعدم منعه عن ذكر الله، فقال (واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي) وهو من زوال الشمس إلى غروبها (والإبكار) [41] مصدر، والمراد طلوع الفجر الثاني إلى الضحى، أي سبحه في وقتيهما، وقيل: في الليل والنهار «10».

[سورة آل عمران (3): آية 42]

وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين (42)

(وإذ قالت الملائكة) عطف على قوله «إذ قالت امرأة عمران»، أي اذكر وقت قولهم، يعني جبرائيل، جمع تعظيما «11» (يا مريم إن الله اصطفاك) أي اختارك أولا حين تقبلك من أمك (وطهرك) من الذنوب والحيض والنفاس ومسيس الرجال (واصطفاك) أي اختارك آخرا بأن وهب لك عيسى بلا أب دون أحد من النساء، يعني فضلك (على نساء العالمين) [42] أي على عالمي زمانها أو على جميع النساء لولادة عيسى من غير مسيس

Sayfa 154