Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Türler
وعظ (من ربه) وزجر بالنهي عن الربوا (فانتهى) أي فسمع النهي وامتنع عنه (فله ما سلف) أي له ما مضى من ذنبه فلا يؤاخذ به «1»، وجعل ملكا له، لأن الحجة لم تقم عليه قبل النهي، ولم يعلم بحرمة الربوا (وأمره إلى الله) أي بعد ذلك شأنه مفوض إلى الله فيما يأمره وينهاه، لأنه عبده ليس له شيء من أمر نفسك (ومن عاد) إلى الربوا «2» مستحلا بعد النهي كما استحل قبله (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) [275] كالكفار، فمن تاب منهم فلا بد له من أن يرد الفضل ولا يكون له ما سلف، لأن حرمة الربوا ظهرت بين المسلمين فلم يبق له عذر أصلا، روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربوا وموكله وكاتبه وشاهديه «3»، وعنه عليه السلام: «الربوا بضع وسبعون بابا، أدناها كاتيان الرجل أمه» «4»، يعني كالزنا بأمه.
[سورة البقرة (2): آية 276]
يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم (276)
(يمحق الله الربا) أي يذهب بركته وينقصه ويهلك المال الذي يدخل فيه، ولا يقبل منه «5» فعل خير، وأصل المحق النقص (ويربي الصدقات) أي يزيدها ويبارك فيها في الدنيا، ويضاعف الثواب بها في الآخرة، قال عليه السلام: «ما نقصت زكوة من مال قط» «6» (والله لا يحب كل كفار) أي جاحد بتحريم الربوا (أثيم) [276] أي فاجر بأكله وفعله، وفيه تغليظ لحال الربوا وتهديد لأهله.
[سورة البقرة (2): آية 277]
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (277)
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) أي الطاعات (وأقاموا الصلاة) أي الصلوات الخمس بمواقيتها «7» وأركانها وآدابها (وآتوا الزكاة) أي الصدقة المفروضة (لهم أجرهم عند ربهم) أي ثواب أعمالهم من غير نقص (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [277] وفيه ترغيب لأهل الإيمان في الأعمال الحسنة وتزهيد عن الأعمال السيئة.
[سورة البقرة (2): آية 278]
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين (278)
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) أي اخشوه ولا تعصوه فيما نهاكم عن أمر الربوا وغيره (وذروا) أي اتركوا (ما بقي من الربا) أي من الزيادة الباقية بعد أخذكم ما شرطتم على الناس من الربوا، فلا تطلبوا بها (إن كنتم مؤمنين) [278] أي إن صح إيمانكم وتصديقكم بتحريم الربوا، لأن امتثال الأمر دليل على صحة الإيمان أو إن كنتم كاملي «8» الإيمان أو «إن» بمعنى إذ.
[سورة البقرة (2): الآيات 279 الى 280]
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (279) وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون (280)
ثم هددهم بقوله (فإن لم تفعلوا) أي إن لم تتركوا الزيادة ولم تقروا بتحريم الربوا (فأذنوا) بسكون الهمزة «9» وفتح الذال من أذن بمعنى علم، أي فاعلموا بفتح الهمزة الممدودة «10» وكسر الذال «11» من الإيذان بمعنى الإعلام،
Sayfa 135