كرةٌق طُرحتْ بصوالجةٍ ... فتلّقفها رجلٌ رجلُ
قالوا: وشذت له عروض مجزوءة ذات أضرب ثلاثة مجزوءة، الأول مرفل مذيل كقوله:
دار سُعدى بشجرش عُمان ... قد كفاهاالبِلى المَلَوانْ
الثاني مذيل كفوله:
هذه دارهم أقفرت ... أم زبورٌ محتها الدهور
الثالث مثلها كقوله:
قِفْ على دارهم وابكها ... بين أطلالها والدّمَنْ
ويستعمل فاعلن في هذا البحر على فعلن بإسكان العين في البيت كله كقوله:
مالي مالٌ إلاّ درهم ... أو برذَوني ذاك الأدهمْ
وقد اختلف في الذي صيره إلى (فعلن) فقيل دخله الخبن، ثم أضمر تشبيهًا لثانية حينئذ بثاني السبب الثقيل. وقيل: دخله القطع وجرت العلة فيه مجرى الزحاف، فاستعملت في الحشو ولم تلزم. وقيل: دخله التشعيث فذهبت اللام منه فصار فاعن فنقل إلى (فعلن) .
ويسمى هذا الوزن بقطر الميزاب، وصوت الناقوس، وركض الخيل. وعليه جاء قول الحصري:
ياليلَ الصبّ متى غدُهُ ... أقيامُ الساعة موعدُهُ
رقد السُّمارُ فأرقهُ ... أسفٌ للبين يرددهُ
إلا أنه لم يستعمله في جميع الأجزاء إشعارًا بأن مثل ذلك من قبيل الجائز لا الواجب، وهذه صورة هذه الدائرة: فمن أول الوتد المجموع إلى آخر العلامات بحر المتقارب، ومن أول السبب الخفيف إليه بحر المتدارك.
وسميت هذه الدائرة بدائرة المتفق لاتفاق أجزائها. واعلم أن الخطيب التبريزي سمى الدائرة الثالثة بدائرة المشتبه لاشتباه أجزائها، وسمى الدائرة الرابعة بدائرة المجتلب لكثرة أبحرها، مأخوذ من الجلب وهو الكثرة، وفي نسخة الشريف ما يقتضى ذلك فوقع فيها (خف شاق) بتقديم الشين على اللام، ووقع فيها البيتان اللذان بعد ذلك هكذا:
خَ ثَمِّنْ أبِن زَهر وله فلستِّةٍ ... جَلَتْ حضّ شَمِّرْ بل وفُزنَ لذُووِطا
وطولُ عزيزٍ كمْ بد عبلكُم طَوَوا ... يُعزِّزُ قِسْ تَثمينَ أشرفَ ما تَرَى
قال الشريف: وقول الناظم (قس تثمين أشرف ما ترى) جاء بالقاف رمزًا على الدائرة الخامسة، وهي دائرة المتفق، ثم نص على تثمينها وأتى بالألف رمزًا على (فعولن) لأنه أول جزء، وهو الذي أراد بقوله (أشرف ما ترى) أي هو أول ما ترى من الأجزاء في الترتيب الذي قدم فجعل له الشرف بالتقديم، ولم يأت بعد ذلك بما يدل على شيء من الأجزاء فأفاد أن هذه الدائرة ليس لها إلا شطر واحد مبني من (فعولن) ثماني مرات، وهو شطر المتقارب، انتهى.
وسلك أمين الدين المحلى في ترتيب الدوائر غير هذه الطريقة، وبنى ذلك على أصلين: أحدهما أن ما كان أبسط أو أقرب إلى البساطة فهو أولى بالتقديم مما ليس كذلك، وثانيهما أن أصول التقاعيل أربعة وباقي العشرة فروع، فقدم دائرة (فعولن) لكونه خماسيًا فهو أقرب إلى البساطة من السباعي، ثم ثنى بدائرة (مفاعيلن) لأنه مؤلف من وتد وسببين خفيفين، ثم ثلث بدائرة مفاعلتن المؤلف من وتد وسببين أحدهما ثقيل، ثم قدم دائرة (فعولن مفاعيلن) على دائرة (مستفعلن مستفعلن مفعولات) لتركب الأولى من خماسي وسباعي، والثانية من سباعيين متماثلين وسباعي مخالف لهما، فلما كانت الأولى أقرب إلى البساطة من الثانية قدمت عليها.
فترتيب الدوائر عنده هكذا: دائرة الوتفق، ثم دائرة المجتلب، ثم دائرة المؤتلف، ثم دائرة المختلف، ثم دائرة المشتبه.
1 / 18