29

Cutting Ties to Reflect on the Servitude of the Creatures

قطع العلائق للتفكر في عبودية الخلائق

Yayıncı

مركز تأصيل علوم التنزيل للبحوث العلمية والدراسات القرآنية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٤٣ هـ

Yayın Yeri

القاهرة - مصر

Türler

٥ - وأن العبادة التي هي التوحيد، هي عبودية الاختيار، التي لا يُوفق لها إلا من اصطفاه الله تعالى من عباده المؤمنين. ٦ - وأن التكليف بالعبودية لا ينفك عن العبد أبدًا حتى الممات. وقال الله تعالى لنبيه ﷺ: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: ٩٩]، واليقين هو الموت. قال ابن القيم ﵀-: «قال الله تعالى لرسوله ﷺ: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: ٩٩]، وقال أهل النار: (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) [المدثر: ٤ - ٤٧]، وفي الصحيح في قصة عثمان بن مظعون ﵁ أن النبي ﷺ قال: «أما عثمان فقد جاءه اليقين من ربه» (^١) أي: الموت وما فيه، فلا ينفك العبد من العبودية ما دام في دار التكليف، ومن زعم أنه يصل إلى مقام يسقط عنه فيه التعبد فهو زنديق كافر بالله ورسوله، وإنما وصل لمقام الكفر بالله والانسلاخ من دينه، بل كلما تمكن العبد في منازل العبودية كانت عبوديته أعظم، والواجب عليه منها أكبر وأكثر من الواجب على من دونه، ولهذا كان الواجب على رسول الله ﷺ بل على جميع الرسل أعظم من الواجب على أممهم، والواجب على أولي العزم أعظم من الواجب على من دونهم، والواجب على أولي العلم أعظم من الواجب على من دونهم، وكل أحد بحسب مرتبته» (^٢). وكلام ابن القيم حول معنى اليقين يبين حقيقة العبودية التي لا تنفك عن العبد أبدًا، ومن يُسَمُّوا أنفسهم بأهل الوجد من المتصوفة ونحوهم، يدّعي رؤوسهم أنهم من شدة عبادتهم قد رُفِعَ عنهم التكليفُ. ثم عرج ﵀ على مقام العبودية وأن العبد كلما تمكن في منازل العبودية كانت عبوديته أعظم، وكلما ارتفع قدر العبد علمًا ومنزلة ومكانة، كانت عبوديته أعظم وآكد، كعبودية المرسلين وعبودية أولي العزم منهم، وعبودية ورثة الأنبياء من العلماء الربانيين.

(^١) وأصل الحديث رواه البخاري (١٢٤٣). (^٢) مدارج السالكين (١/ ١٠٣ - ١٠٤).

1 / 27