أشخاص الرواية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
أشخاص الرواية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
Bilinmeyen sayfa
الفصل الرابع
الفصل الخامس
عطيل
عطيل
تأليف
ويليام شكسبير
ترجمة
خليل مطران
مقدمة
بقلم خليل مطران
Bilinmeyen sayfa
رغب إلي جورج أفندي أبيض صاحب الفرقة المعروفة الآن باسمه، في ترجمة هذه القصة، فترددت زمنا، ثم أتيح لي أن رأيته يمثل تجربة من «أديب» فأعجبني إتقانه وإتقان بعض أعوانه واستخرت الله في نقل عطيل إلى لغتنا الشريفة.
فلأذكر أولا ما دعاني إلى اختيار اسم عطيل ردا على بعض المعترضين.
كان عطيل في زعم القصاص الذي نقل عنه شكسبير أصل هذه الحكاية، بدويا مغربيا جلا إلى البندقية وخدم في جيشها حتى أصبح قائده الأكبر، وعقيده في الملمات.
1
والمغاربة يومئذ خليط من العرب والبربر المستعربة. فأما أن يكون قد دعي منذ مولده باسم إفرنجي فغير محتمل، وأما أن يكون قد دعي باسم عربي حرفته العجمة، فهو الأصح عقلا. فإذا رددنا أوتلو إلى لسانه الأصلي، فالذي يستخرج من حروفه أحد اثنين: عطاء الله أو عطيل. فأما عطاء الله فلم أتوصل إلى تحقيق أن مغربيا واحدا سمي به ولهذا ضربت عنه صفحا، وأما عطيل فقد اعتقدت أنه الأخلق بالاختيار لسببين: أحدهما أنه شبه بما جرت به عادة العرب على تسمية الزنوج به من ألفاظ التحبب أمثال مسعود ومسرور وزيتون ومرجان للذكور، وخيزران وضياء للجواري. ومعلوم أن عطيلا تصغير تحبب لصفة عطل بمعنى عاطل أو خلو من الحلية، فتسمية أحد الزنوج به إنما هي محاكاة صحيحة لاصطلاح العرب. وثانيهما لأن «عطيل» بضم ورفع آخره مع تخفيف التنوين أقرب إلى أوتلو من كل اسم سواه.
بقي في هذا الصدد أن أقول مرورا للذين تمنوا لو أبقيت اسم أوتلو كما أورده المؤلف، إنني لم أوافقهم على هذا لأنني كرهت أن أثبت في العربية اسما من أسمائها على الرطانة
2
التي حرفته إليها العجمة لغير ما سبب سوى الشهرة التي اكتسبها على تلك الصورة، في حين أنه لا يتعذر إكسابه مثلها وهو مردود إلى أصله التقديري أو التحقيقي من غير أن نسوم مسامعنا جراحة تحريفه. ذلك أوحى إلي اليقين أنه خير وأولى.
بعد هذا التفسير الذي تقاضتني إياه بعض الصحف، ونفر من الأصدقاء، أرجع إلى الرواية، ولي فيها مبحثان موجزان، من جهة الأصل، ومن جهة التعريب. •••
أما من جهة الأصل فأقول إن واضع هذه القصة إنما هو نابغة الأدهار في فنه وأعني به شكسبير. وضعها لإظهار الغيرة وتأثيرها في الرجل بأقوى وأصدق ما دل عليه الاختبار من أمرها، ولذلك اختار عاشقا إفريقيا بدوي الفطرة، ليكون وثاب الشعور عنيفه، عسكري المهنة، ليكون سريع التصديق والانخداع، مكتهلا أي في أول الانحدار من سن الأربعين، ليكون أشد في التعشق كما هي شيمة أمثاله ممن يسطو عليهم الحب بعد انقضاء الشباب، وليكون أيضا في الحالة التي يتهم فيها الإنسان نفسه بفقدان أكثر الخلال التي يقضيها الغرام ولا سيما حينما يكون المستهام أسود البشرة من أحلاس
Bilinmeyen sayfa
3
الحروب، والمستهام بها بيضاء منعمة من قوم فسدة الأخلاق مترفين.
ذلك هو الغرض الأساسي العام الذي رمى إليه شكسبير فأصاب به دقائق الحقائق إصابة كانت في جملة ما جمل أكابر المفكرين وأعاظم الكتبة على الشهادة له بأنه أخبر خبير بخفايا القلوب، وأمهر كشاف لخباياها.
ثم إنه أدار حول هذا المحور غرضين ثانيين: أحدهما إثبات أن العفة لا تنتفي من مدينة مهما فسقت بل قد تزداد تمكنا من نفس المرأة المتحصنة بمقدار ما تندر العفة بين جيرتها وفي عشيرتها والثاني تبين الاحتيال ونهاية ما يبلغه من نفس رجل ذكي مطماع خسيس أصم الضمير، مستبيح كل محرم، مستهين كل منكر في سبيل غايته.
كيف صرف شكسبير قريحته العجيبة في ألوف الجزئيات التي تؤدي إلى تصوير الغرض الكلي والغرضين الملحقين به؟ ذلك ما يقف عليه القارئ أول وهلة من مطالعته للقصة فإنه يشعر قليلا قليلا أن الأسماء تمحى ويستبدل بها أشخاص مقومون في أصلح تقويم لكل منهم. ويدخل متدرجا من الوهم في الحقيقة فيرى وهو يسمع ويسمع وهو شاهد مشاهد مما ألفه في الحياة لا يرده إلى كونه قارئا سوى انتهائه إلى دفة الكتاب.
ومن جهة هذا التصوير الأخاذ الذي يصور به شكسبير الحقيقة رأى بعض جهابذة النقاد أن ذلك الأستاذ العظيم يبالغ فيه مبالغة قد يجاوز معها الحدود التي يرسمها الفن. صدقوا ولكن هل كانت عبقرية هذا الرجل لتحد بحدود، وهل مثل العقل الذي رزقه كان مما يقيد بقيود؟
الشاعر الذي افتتن «فكتور هوجو» بغرابة شعره، وجد عند فراسته وطلاقته وقوة تمثيله للمعنويات بالحسيات. مبدأ المذهب الحر الذي ذهب إليه فيما بعد هو وأضرابه وأصبح سنة الكتاب في العالمين.
الكاتب المنقب المتعمق في مظاهر الخلائق ومضمراتها مع قدرة على المحاكاة ومهارة في الاختيار وبراعة في التأليف وسلطة على اللفظ يستدني به أبعد المعاني ويقيد أوابد الوجدانات الذي أعجب به المؤرخ الفيلسوف «تاين» وناهيك بألوف المعجبين غيره من قبله ومن بعده.
الأديب الذي تترجم مكتوباته على وفرتها إلى كل لغات الدنيا، وفي بعض اللغات كالفرنسوية تكثر تلك الترجمات وتتنوع ويجيز أحاسنها المجمع الأدبي الأكبر كما أجيزت ترجمة «مونتيجو» و«ليتورنور» وغيرهما فتطلع الأمم المختلفة الألسنة والأجناس والأذواق والملل والنحل على مكتوباته سواء في أصلها أو في غير أصلها، وتقرها في أعلى منزلة عندها لجمعها المذهب والمطرب إلى المفكه والمفيد والمبكي والمضحك إلى الزاجر والمؤنس.
أهذا الذي يطلب منه أن يكون أسير اصطلاح وعبد لفظة ورقيق أوضاع سبق الاتفاق عليها. خرج شكسبير عن ذلك الطوق ونعما فعل. ولو أبقاه في عنقه لما اشرأب صعدا إلى مناجاة أجرام السماء، ولا أطاق الإكباب إلى أبعد أغوار الأسرار في الطبائع البشرية.
Bilinmeyen sayfa
من ذلك المنجم العظيم نجمت «عطيل» وهي إحدى آيات مستخرجاته، ولما كنت أعهده فيها من نادر المزايا وجدت من كلفي بها معوانا على معاناة تعريبها. •••
فأما من جهة التعريب فأقول إن في نفس شكسبير شيئا عربيا بلا منازعة وهو أبين فيها مما بان في نفس فكتور هوجو. أقرأ لغتنا أم نقلت إليه عنها بعض المترجمات الصحية؟ لا أعلم. ولكن بينه وبيننا من وجوه متعددة مشاكلة محيرة، فإن عنده مثل ما عندنا جرأة على الاستعارة وذهابا بضروبها في كل مذهب، وله مثل ما لنا كلف بالتنقل الوثبي من غير تمهيد ولا استئذان يدفعك من القصد وشيكا وعليك أن تتمهل في فكرك وتجد الرابطة، وبه مثل ما بنا من الهيام في المبالغة التي لا يقبلها من الكاتبين ولا يعقلها من القارئين إلا الذين في تصورهم حدة وجماح كما يكون عادة عند الشرقيين وخصوصا عند العرب.
وعلى الجملة ففي كل ما يكتبه شكسبير شيء من روح البداوة قوامه الرجوع الدائم إلى الفطرة الحرة.
تناولت الرواية لأعربها وكأنني أنوي ردها إلى أصلها كما رددت عطيل، وقبل أن أشرع فيها تفكرت في الأسلوب الذي أختاره لها.
أهو ذلك الأسلوب المخرق الذي تشف الفصاحة فيه عن رقع العامية؟ لا وألفا لا.
فتالله لو ملكت تلك العامية لقتلتها بلا أسف ولم أكن بقتلي إياها إلا منقما لمجد فوق كل مجد، نزلت من هيكله الذهبي الخالص الرنان منزلة الرجلين الخزفيتين القذرتين فهو فوقها متداع وبهما مشوه، منتقما لأمة كسرت العامية وحدتها وكانت عليها أكبر معوان للتصاريف التي مزقتها في الشرق والغرب كل ممزق، منتقما للفصاحة نفسها وأية فصاحة في خشارة
4
لا تصيب فيها تبر الأصل إلا وقد تلوث بذريرات لا تحصى من أوضار
5
الرطانات بأنواعها.
Bilinmeyen sayfa
بعدا لهذا الأسلوب إذن! ولنختر غيره. أتؤثر الأسلوب الجزل المتين القديم؟
لا ولا! لأن الروايات إنما تكتب ليفهمها القوم ويستفيدوا منها مغزى بجانب التفكهة. أفنعكس عليهم تلك السنة الشريفة التي سنها النبي القرشي بقوله: أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم.
بعد هذا وذاك لم يبق إلا الأسلوب الوسط وهو الذي تكون بمقتضاه الألفاظ كلها فصيحة لكن سهلة، وتفكك الجمل تفكيكا يقرب مدلولاتها من الأفهام بمحاكاته لفنون المحادثات المستجدة من غير أن يفوتنا الالتفاف في ذلك التفكيك إلى أشتات ما صنع أدباء العرب من مثله لدواعي حال مخصوصة وإن لم يألفه جمهور الكتاب الاحتفاليين.
هذا هو الأسلوب الذي آثرته وأرجو أن أكون قد وفقت فيه بعض التوفيق، فتجتمع معه لهذه القصة مزيتان: إحداهما أنها تكون عربية فصيحة لولا الأعلام ولولا تشقيق الكلم على ترتيب المخاطبة بين الفرنجة قديما وحديثا والثانية أنها تمثل أقوال شكسبير حرفا بحرف ولفظة بلفظة مع مراعاة انطباق كل منها على الاصطلاح الديني أو الاجتماعي الذي لها عند القوم الممثلين فيصح أن تكون هذه التجربة مثالا للتعريب يحتذيه طلبة المدارس.
أشخاص الرواية
دوج البندقية.
برابنسيو:
أحد الأعيان.
أعيان آخرون.
غراتيانو:
Bilinmeyen sayfa
أخو برابنسيو.
عطيل:
مغربي شريف قائد جيوش في خدمة البندقية.
كاسيو:
ملازمه.
ياجو:
حامل علمه.
ردريجو:
وجيه بندقي.
منتانو:
Bilinmeyen sayfa
سالف عطيل في ولاية قبرص.
مضحك وخادم لعطيل.
مناد.
ديدمونه:
بنت برابنسيو قرينة عطيل.
إميليا:
زوجة ياجو.
بينكا:
خليلة كاسيو.
ضباط ووجهاء ورسل وموسيقيون وملاحون وخدم إلخ ... •••
Bilinmeyen sayfa
المشهد الأول يجري في البندقية وسائر المشاهد في مرفأ من مرافئ قبرص.
الفصل الأول
المشهد الأول
في البندقية - طريق (يدخل ردريجو وياجو)
ردريجو :
كفى. كفى. لا تخاطبني عنه بعد الآن. أنا آسف جدا لأنك تنسمت
1
خبر هذه المسألة يا ياجو. وأنت أنت الذي بددت ما شئته من مالي وصرفت يديك في نقودي كأنها من حر مالك.
ياجو :
العجب أنك لا تريد أن تصغي إلى كلامي ولعمري لو أنني فكرت مرة في خديعتك لكان لك أن تمقتني كل المقت.
Bilinmeyen sayfa
ردريجو :
قلت لي إنك حانق على هذا الرجل.
ياجو :
إذا لم يكن ذلك حقا فلا كانت لي كرامة عندك. ثلاثة من كبراء المدينة سعوا وتوسلوا إليه ليجعلني ملازما له. وبحق الرجولة إنني لأعرف قيمة نفسي وأعرف أنني كفء لتلك المنزلة. أما هو فإنه لم يصغ إلا إلى مشورة كبريائه وإيعاز ما سبق على وهمه فتخلص من إجابة سؤلي بعبارات منفوخة مشحونة بالألفاظ الحربية ختمها بقوله للموصين بي: «لقد اخترت ملازمي.»
ومن هو ذلك الضابط؟ الله الله ... هو حساب ماهر ... يدعى ميشيل كاسيو ... رجل فيورنتي. فتى ذهبت بلبه النساء الحسان ولم يسير قط كتيبة في معترك ولا يعرف من تدبير واقعة أكثر مما تعرف الفتاة العانس اللهم إلا من جهة العلم النظري المستظهر من الكتب وهو علم يحسنه القساوسة كإحسانه إياه فجملة معرفته العسكرية ثرثرة محض بلا عمل. ذلك يا سيدي هو الذي وقع عليه اختيار القائد بصرف النظر عما أبليته أنا من البلاء الحسن في رودس وفي قبرس وفي أمصار أخرى مسيحية ووثنية. يسومني
2
قبيح الصبر على هذا التأخير ويقدم علي من فوق رأسي ذلك المدون الرقام الكاتب الصيرفي يتخذه ملازما له وأنا - حمدا لله وسرورا بهذا اللقب - أبقى حامل علم لسيادته المربية.
ردريجو :
تالله لو كنت مكانك لأصبحت جلاده.
ياجو :
Bilinmeyen sayfa
داء لا دواء وهو من آفات الخدمة. الرقي ينال بالوصاة والصداقة لا بالسبق الزمني الذي كان ينبغي بمقتضاه أن يجعل كل ثان خلفا للأول. بعد هذا يا سيدي أعمل رأيك فيما إذا كان يسعني أن أحب ذلك المربي.
ردريجو :
لو نالني منه ما نالك لما تبعته.
ياجو :
حلما يا سيدي وهدوء بال. إنما أتبعه لأنتقم منه. لا نستطيع جميعنا أن نكون سادة ولا طاقة لجميع السادة أن يجدوا خدما أمناء. إنك لتلفي
3
بين أولئك الخدم غير واحد من البله الخانعين ذوي الركب اللينة يعجبهم رقهم الثقيل فيفنون أعمارهم على شاكلة الحمير التي ترهق بالأحمال حتى إذا بلغوا من السن عتيا طردوا بضرب السياط طرد المجرمين. غير أنه يوجد أيضا بين الخدم أناس غير أولئك يظهرون بكل مظاهر الطاعة ويستعيرون كل أشكال الرعاية لكنهم يصونون ضمائرهم لخدمة أنفسهم، ومع ما يبدونه من الامتثال لولاتهم يوجهون مساعيهم لقضاء مآربهم حتى إذا وشوا ملابسهم بالذهب حبسوا تكرماتهم على ما اكتسبوه من رفعة القدر. أمثال هؤلاء لهم بعض النفوس وأجهر أنني واحد منهم. بل أزيدك يا سيدي تصريحا عن حقيقة لا تقل عن حقيقة كونك ردريجو وهي أنني لو كنت المغربي ما أردت أن أكون ياجو فإذا اتبعته فإنما إياي أتبع ويشهد الله أنني لا أوقره. ولا أطيعه. غير أنني أداجيه بالتوقير والطاعة توسلا بهما إلى أغراضي، هذه خطتي وهي الكتمان فإذا جاء زمان باح فيه ظاهري للرجل ببعض ما في باطني لم ألبث أن أضع قلبي على ردن قميصي
4
لتنقره الحدآت
5
Bilinmeyen sayfa
الخواطف. أنا غير ما يرى مني.
ردريجو :
إنني لأستعظم على ذلك الأسود الوبري ما يقع إليه من السعد الذي لا يدانيه سعد فيما لو حصل على تلك الغانية أو حظي بقربها.
ياجو :
ناد أبوها. أيقظه من نومه. ناوئ ذلك المغربي. دس السم في هناءته. اجهر باسمه في الأسواق. استشط على الفتاة بذبابه ومهما تكن سعادته هي السعادة بحقيقتها فأدركه بالوخز والمضايقة حتى يمتقع في عينيه لونها الزاهي ولو قليلا.
ردريجو :
هذا بيت أبيها. سأناديه صادعا.
ياجو :
افعل واجعل نداءك رهيبا مستطيلا مع حزن كما يكون في ظلام الليل وأمن الراقدين صوت الذي يستكشف النار في مدينة كثيرة الأهلين.
ردريجو :
Bilinmeyen sayfa
يا هو. يا من هنا. برابنسيو. سنيور برابنسيو.
ياجو :
استيقظ. يا هو. برابنسيو. اللصوص اللصوص. ارقب بيتك. بنتك. أكياسك. اللصوص اللصوص.
برابنسيو :
ما الموجب لمناداتي بهذا الصخب المرعب؟ ما الخبر؟
ردريجو :
هل كل أهل بيتك في البيت يا سيدي؟
ياجو :
هل أبوابك مقفلة بإحكام؟
برابنسيو :
Bilinmeyen sayfa
لم هذا السؤال؟
ياجو :
السؤال يا سيدي لأنك سرقت. سرق منك شرفك. إلبس رداءك. إن قلبك قد كسر وإن شطرة روحك قد فقدت. أنا أكلمك وفي هذه الساعة بل في هذه الدقيقة فحل عجوز أسود يغشى نعجتك البيضاء. انهض انهض. أيقظ على قرع الجرس أهل المدينة النائمين وإلا استولدك الشيطان حفيدا.
انهض انهض. إني حذرتك.
برابنسيو :
ما هذا الهذيان؟ أمجانين أنتم؟
ردريجو :
يا سيدي الجليل أتعرف صوتي؟
برابنسيو :
لا. من أنت؟
Bilinmeyen sayfa
ردريجو :
أنا ردريجو ...
برابنسيو :
لا أهلا ولا مرحبا. لقد طالما حذرتك من ارتياد أبوابي وأبلغتك بصراحة أن ابنتي ليست لك، والآن بعد أن ملأت جوفك وأفرغت فيه ما لا يسع من الكؤوس حتى أصابك المس جئت بهذه الفكرة السيئة توقظني من نومي مرتعدا.
ردريجو :
مولاي. مولاي. مولاي.
برابنسيو :
لكن ثق أن في خلقي وفي مجدي ما يمكنني منك فتندم.
ردريجو :
تلطف يا سيدي الرحيم.
Bilinmeyen sayfa
برابنسيو :
ما تلك السرقة التي تذكرها لي؟ نحن في البندقية ومنزلي ليس بعض الأهراء في الخلاء.
ردريجو :
يا عظيم الوقار برابنسيو، لقد جئتك بقلب صاف، وضمير لا كيد فيه.
ياجو :
أنت سيدي من الذين لا يخدمون الله لو نهاهم الشيطان عن خدمته. ألأننا جئنا نسدي إليك معروفا وأنك ظننتنا أهل بغي تدع ابنتك يغشاها جواد من البربر؟ لتلدن لك حفداء يصهلون في وجهك وليكونن لك أبنا عم من الخيل وأقرباء من المهارى.
برابنسيو :
أنت من أيها الدعي
6
الضحكة؟
Bilinmeyen sayfa
ياجو :
أنا يا سيدي رجل جاء ليقول لك إن ابنتك والمغربي الآن متكونان في شكل حيوان ذي ظهرين.
برابنسيو :
أنت سافل.
ياجو :
وأنت. عضو في مجلس الأعيان.
برابنسيو :
سيكون لك معي شأن. عرفتك يا ردريجو.
ردريجو :
الشأن الذي تريده يا سيدي. لكن أبتهل إليك أن تنبئني: أبمشيئتك وبمقتضى حكمتك كما يكاد يثبت ذلك. خرجت كريمتك الجميلة في هذا الهزيع الآخر من الليل إذ الناس نيام وإذ لا يزيد حارسها ولا ينقص عن أحد الفقراء الذين يخدمون الجمهور من ملاحة الزوارق لتستسلم بين ذراعي مربي كثيف؟ فإن كان ذلك بعلم منك وسماح فقد أسأنا إليك وجرؤنا عليك وإلا فكأنني بك تهيننا ولا ذنب لنا. ولا تظن أنني تناسيت مقتضيات الكرامة إلى حد أن أستنزلك من مقامك العالي لمثل هذه الممازحة بل أعيد عليك أن ابنتك - إذا كنت لم تأذنها - قد ارتكبت خطأ جسيما بمنحها يدها وجمالها وعقلها وثروتها لأجنبي شريد بدوي موطنه هذا البلد وله من كل أفق سواه موطن. بادر لتتبين الهدى. فإذا كانت ابنتك في غرفتها أو في البيت فادفعني إلى عدل القضاء ليعاقبني على خدعتي إياك كما فعلت.
Bilinmeyen sayfa
برابنسيو :
اقدحوا الأزندة. يا رجالي. هاتوا لي مشعلا. استيقظوا يا أتباعي. استيقظوا كلكم. هذا الحادث لا يختلف كثيرا عما رأيته في حلمي. يا لخوفي مما سألاقيه. أنيروا يا رجالي أنيروا. (ينصرف عن النافذة)
ياجو :
أستودعك الله، لأنه ليس من العقل ولا من المصلحة أن أبقى فأتخذ شاهدا على المغربي الذي بيده منصبي، خصوصا مع علمي أن الحكومة مهما يسؤها منه هذا الخطأ فلا تستغني بلا خطر على البلاد عن خدمة هذا الرجل ولهذا عقدت له لواء الحرب الناشبة الآن في قبرس ولو بحثت عن غيره ما وجدت لها خيرا منه، فضرورات معيشتي قاضية علي مع كرهي إياه أكثر من كرهي لعذاب السعير أن أظهر له الولاء. على أنها علائم لا شيء فيها غير الظاهر. فإذا أردت أن تجد الرجل فوجه إلى المعقل الذي فيه الضباط من استيقظ من القوم للبحث عنها وسأكون هناك بجانبه. إلى الملتقى. (يدخل برابنسيو وخدم معهم مشاعل)
برابنسيو :
صدقتني النبأ وإن الخطب لجلل فلم يبق لي إلا تجرع الصاب
7
بعد الهوان في القليل الباقي من أيامي. قل لي يا ردريجو أين رأيتها؟ ويلها من فتاة شقية! أمع المغربي؟ من يجرؤ بعد هذا أن يكون والدا؟ كيف علمت أنها هي؟ واحر قلباه! خدعتني من وراء التصور. ماذا قالت لك هاتوا مشاعل أخر. أيقظوا كل أقاربي. هل تزوجا؟ أتظن أنهما تزوجا؟
ردريجو :
ذلك ما أظنه.
Bilinmeyen sayfa
برابنسيو :
يا للعجب! كيف خرجت؟ يا لخيانة الدم! أيها الآباء لا تأمنوا بعد الآن نفوس بناتكم على ما يبدين من الطهارة. ألا توجد ضروب من السحر تغش بها الشبيبة وتستدرج العفة؟ ألم تقرأ شيئا في هذا المعنى يا ردريجو؟
ردريجو :
بلى يا سيدي!
برابنسيو :
أيقظوا أخي. لماذا لم أرض بك قرينا لها. اذهبوا بعضكم من جهة وبعضكم من جهة أخرى، أتعرف أين نستطيع أن نظفر بهما؟
ردريجو :
أظن أنني أكشفهما إذا صحبتني ومعك حرس أمنا.
برابنسيو :
أرشدني أرشدك الله. سأدعو الناس من كل منزل وأمري مطاع عند الأكثرين. تقلدوا أسلحتكم. أيقظوا بعض الشباط المنوط بهم السهر. هلم يا ردريجو وسأعرف لك هذه المنة.
Bilinmeyen sayfa
المشهد الثاني
في البندقية - طريق أخرى (يدخل عطيل وياجو وخدم بمشاعل)
ياجو :
لقد تعودت القتل في الحروب ولكنني ما زلت أخشى تحميل ضميري إزهاق روح عن عمد وتعوزني في بعض الأحيان مثل هذه الاستباحة لخدمة نفسي، على أنني عزمت تسع مرار أو عشر مرار على إيلاج نصلتي في ذلك الشيخ هنا تحت الأضلاع ولكن ...
عطيل :
كان خيرا أن تجري الأمور كما هي الآن.
ياجو :
والخير ما جرى. غير أن الرجل ثرثر ما شاء وطعن طعنا مستفزا في حق عليائكم بحيث إنني على قلة تقواي لم أكد أطيق الصبر على ما يقول. لكن ألا يتفضل مولاي ويخبرني هل تم القران؟ إن ذلك الشيخ الذي لقبه الشعب بالكريم محبوب حبا جما وله في المجلس صوت أقوى مرتين من صوت الدوج ففي وسعه أن يضطرك إلى الطلاق أو أن يحول دون مرامك بكل المكايد والمشاكسات التي يستمد أسبابها من القانون بما له من المقدرة والبأس.
عطيل :
ليفعل ما يشاؤه حنقه. إن جلائل الخدم التي خدمت بها هذه البلاد لأبلغ في الشفاعة لي من شكاياته في الإضرار بي ... وسيعلم القوم مني - عندما يبيح الشرف الافتخار - أني سليل بيت من البيوت المالكة وأن أعمالي تقف موقفها العالي بجانب أعتى المناصب التي يبلغها بالتوفيق أمثالي. واعلم يا ياجو أنني لولا شغفي بديدمونه التي سحرت لبي لما رضيت بكنوز البحار بدلا من حريتي وبداوتي اللتين لا يحدهما حد ثابت ولا تحصرهما دائرة ضائقة. انظر انظر. ما تلك الأنوار القادمة نحونا من هناك؟
Bilinmeyen sayfa