إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ورد تلغراف من القاهرة أن جريدة ألستاندرد نشرت ما يفيد أن السجون ضاقت بالمسجونين حتى اضطرت الحكومة (المصرية أو الإنجليزية) إلى إطلاق ألف ومائتين منهم من أرباب الجنايات الخفيفة، وسبب هذه البلبلة عدم قدرة المجالس على محاكمة جميع المتهمين! لهذا تذوب المقل بكاء وتتفتت الأكباد حزنا.
ورد من سواكن إلى ألستاندرد
أن المنشور الذي نشره هفت الأميرال الثاني بتعيين جعالة لمن يأتي برأس عثمان دجمة وصل إلى مشايخ عرب ثمانية، فأحرقوه؛ علامة على رفضه وعدم قبوله.
برلين في 18 مارس
أن جريدة البوست، وهي جريدة لها علاقات مع السفارات في برلين، من فكرها أن استعفاء توفيق باشا وهو قريب الوقوع يفتح للدول الأوروبية بابا لإعادة المراقبة المشتركة في مصر؛ لأن إنجلترا لم تنجح كل النجاح في مأموريتها لإقرار الراحة في تلك البلاد.
باريس في 27 مارس
اشتدت خطوب المسائل المصرية، واشتبهت مناهجها، وعظمت أخطارها، والتبست وجوهها على ذوي الشئون وأرباب المصالح فيها، حتى على السياسيين من رجال حكومة إنجلترا. كل يتصور غاية ويطلب حظا يناله منها وقد شد رحاله للوصول إليه، ولكن ضل أعلام الجادة وتاه في مجاهيل، وليل المشكلات مظلم وديجورها مدلهم، وتعاكست مذاهب السالكين، هذا يشرق والآخر يغرب، وكل في وحشة يطلب المعين ويخاف العادي، وكلما فرح لنبأ رمى بسهمه من الجزع لا يدري أصاب خصما أو قتل منجدا.
إن دولة عظيمة كان لها من القوة ما اعترف به دول العالم أجمع، ولها من الحقوق في مصر ما لا ينازعها فيه أحد، ترى رجالها اليوم يهتزون لدهدهة الرعود الإنجليزية ، وإن كان سحابها جهاما، ويفزعون من هزيم تلك الأصوات فيحارون ماذا يفعلون ، وريما يأتون ما لا يريدون.
ادعت دولة واسعة المطامع أنها نائبة عنهم في إصلاح الأقطار المصرية وإنقاذها من الاختلال، فتبوأتها بقواها العسكرية وأخذت بزمام الأحكام فيها، تعزل وتولي، وتعطي وتمنع، وتعاهد وتنقض، وتنقص من أطرافها ما أرادت، وتحل بعساكرها من بقاعها ما شاءت، وأصحاب الملك الشرعي شاخصة أبصارهم، مشرئبة رقابهم، يبصرون ما لا يسر لهم خاطرا، ولا يشرح لها صدرا، مع خفقان في القلب واضطراب في الفؤاد، والتهاب في الأحشاء؛ فزعا من سوء العاقبة.
يحسون بما تقتضيه مواقع الأقطار، والنسب بين بلد وما يجاوره من البلدان، وما يلزم لحمايتها من وسائل الدفاع، فيحكمون بأنه إن دامت الحال على ما يرون، أصبحت الأقطار السورية والحجازية واليمنية، على خطر عظيم في زمن قريب أو بعيد، وأن تاريخ مصر من عهد الفراعنة إلى الآن ينادي عليهم نداء الناصح، بل ينفث فيهم نفثات الحق، بل يزعجهم إزعاج الحاكم القاهر بأن المحافظة على مصر، من أهم واجباتهم، إن لم يكن لذاتها فلما يتسلط عليه موقعها من الأقطار.
Bilinmeyen sayfa