وَهَذِه حَال أَقوام عَاهَدُوا ثمَّ نكثوا قَدِيما وحديثا فِي هَذِه الْغَزْوَة
فَإِن فِي الْعَام الْمَاضِي وَفِي هَذَا الْعَام فِي أول الْأَمر كَانَ من أَصْنَاف النَّاس من عَاهَدَ على أَن يُقَاتل وَلَا يفر ثمَّ فر مُنْهَزِمًا لما اشْتَدَّ الْأَمر
ثمَّ قَالَ الله تَعَالَى ﴿قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم من الْمَوْت أَو الْقَتْل وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا﴾ فَأخْبر الله أَن الْفِرَار لَا ينفع لَا من الْمَوْت وَلَا من الْقَتْل فالفرار من الْمَوْت كالفرار من الطَّاعُون
وَلذَلِك قَالَ النَّبِي ﷺ إِذا وَقع بِأَرْض وَأَنْتُم بهَا فَلَا تخْرجُوا فِرَارًا مِنْهُ والفرار من الْقَتْل كالفرار من الْجِهَاد
وحرف لن يَنْفِي الْفِعْل فِي الزَّمن الْمُسْتَقْبل وَالْفِعْل نكرَة والنكرة فِي سِيَاق النَّفْي تعم جَمِيع أفرادها
فَاقْتضى ذَلِك أَن الْفِرَار من الْمَوْت أَو الْقَتْل لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَة أبدا وَهَذَا خبر الله الصَّادِق فَمن اعْتقد أَن ذَلِك يَنْفَعهُ فقد كذب الله فِي خَبره