وأما الأقوال الثلاثة فعلى القول الثالث منها الذي هو المشهور بين الجمهور، يكون مؤلفها رجلا مجهولا، فإنه لم نقف في كلام أحد ممن ألف في تراجم الحنفية للطف الله النسفي خبرا ولا أثرا، والمجهول يكون تأليفه مما لا يعتمد عليه إلا أن يوافق الكتب المعتبرة، وعلى القول الأول والثاني، وإن كان مؤلفها من المعتبرين، فإن ابن كمال باشا وابن حمزة من أجلة عصرهما، وكملة دهرهما كما بسطناه في ((الفوائد البهية))(1) إلا أن جمعها بين الرطب واليابس يشهد بعدم اعتبارها، فكثيرا ما يكون المؤلف معتبرا في نفسه، ومؤلفه غير معتبر؛ لعدم التزامه فيه التنقيد والتنقيح، وجمعه فيه كل رطب ويابس من غير تدقيق وتوضيح.
والذي ينادي بأعلى النداء على أنها رسالة غير معتبر، وأن مؤلفها لا يخلو إما أن يكون ممن لا ممارسة له بالمسائل، ولا علم له بالدلائل، وإما أن يكون لم يلتزم فيها التحقيق والتنقيح، وإن كان في نفسه من أرباب الترجيح، مطالعة هذه الرسالة من أولها إلى آخرها، والاطلاع على مسائلها الشاذة، وأحكامه الفاذة، فإن فيها مسائل مخالفة لظاهر الرواية، مباينة للكتب المعتبرة، ألا ترى إلى أنه:
عرف الواجب في مفتح ((رسالته))(2) بما ثبت بدليل فيه شبهة، وذكر أن حكمه حكم الفرض، عملا لا اعتقادا، ثم ذكر في الباب الثاني المنعقد لبيان واجبات الصلاة من جملة الواجبات لفظ التكبير للتحريم(3)، وهذا مخالف لأكثر الكتب المعتبرة، فإنهم صرحوا بأجمعهم أن لفظ التكبير للتحريمة سنة لا واجب ولا شرط.
Sayfa 54