لمن يشاكلُه بمعنى الأمر. والإذنُ: العلمُ. قال تعالى: ﴿تنزَّلُ الملائكةُ والروحُ فيها بإذن ربِّهم﴾ [القدر: ٤] أي بعلمهِ أو بأمرهِ. ويوافقُه: ﴿وما نَتنزَّلُ إلا بأمرِ ربِّك﴾ [مريم: ٦٤] وقولُه: ﴿وما كانَ لنفسٍ أنْ تُؤمنَ إلا بإذنِ اللهِ﴾ [يونس: ١٠٠] ﴿وما هُم بضارِّينَ بهِ مِن أحدٍ إلا بإذنِ اللهِ﴾ [البقرة: ١٠٢]، كلُّه بمعنى علمِه.
وقال الهَرويُّ في: ﴿أنْ تموتَ إلا بإذنِ اللهِ﴾ [آل عمران: ١٥٤] أي بتوقيتهِ، وفيه نظرٌ. وقولُه: ﴿فاذَنوا بحربٍ منَ الله﴾ [البقرة: ٢٧٩] أي فاعلموا. يقالُ: أذِنَ يأذَنُ إذنًا أي علمَ. وقُرئَ: ﴿فآذِنوا﴾ بمعنى أعلِموا مَن وراءَكم. وقولُه: ﴿آذَنَّاكَ ما منَّا مِن شهيد﴾ [فصلت: ٤٧] أي بشدَّةِ الدَّهَش، وإلا فهم يَعلمون أنه عالمٌ بذلك. وقولُه: ﴿فقُل آذَنْتكم على سَواء﴾ [الأنبياء: ١٠٩] أي أعلمتُكم بما ينزلُ عليَّ من الوحْيِ لتَسْتووا في الإيمانِ به. وقيلَ: لِتَسْتووا في العلم بذلك، فلم أعلمْ لأحدٍ بنبأٍ أخفيتُه على غيرِهِ. وقيلَ: المعنى على بيانِ: أنا إياكم حربٌ لا سِلمٌ، كقوله: ﴿إليهم على سَواءٍ﴾ [الأنفال: ٥٨]. وقيلَ: هو جارٍ هنا مَجرى الإنذارِ، أي: أنذركُم مُستوِينَ في ذلك لم أطوِهِ عن أحدٍ منكم. وأنشدَ قولَ ابن حِلِّزَةَ: [من الخفيف:
٤٣ - آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسماءُ ... رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّواءُ
وعليه قولُه: ﴿فاذَنوا بحربٍ﴾ [البقرة: ٢٧٩] وقلوُه: وأذانٌ منَ الله﴾ [التوبة: ٣] أي إعلامٌ وإنذارٌ. يقالُ: آذَنَ يُؤذِن إيذانًا وأَذانًا وأَذينًا. قال جرير: [من الكامل]
٤٤ - هل تَملكونَ من المشاعرِ مَشْعرًا ... أو تَشْهدون من الأَذانِ أَذينا
ويروى: لدَى الأذانِ.
1 / 79