============================================================
وذم الله سبحانه وتعالى أحبار اليهود حيث لم يعملوا بعلمهم في قوله عز وجل من قائل: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}(1) .
حكي أن رجلا من كبار المشايخ قدم للامامة؛ فقال: استووا واستقيموا رحمكم الله تعالى، فغشي عليه، فلما أفاق قال: أوه ... ما لي آمر غيري بالاستقامة وأنسى نفسي منها؟؟ .
وبجانبه شخص قائم؟؟ يصلي طول الليل والناس ينظرون؛ فهو لا يصح له أن يرائي بما فعل ذلك الشخص أبدا، ولو أنه ادعى ذلك لكذيه الناس، ومثل ذلك أيضا ما لو استعار ثوبا ليحضر به عرسأ وجميع من حضر العرس يعرفون أن ذلك الثوب لفلان أعارها له فلا يصح له أن يدعيها لنفسه، ولو ادعى كذبه الناس، ولم يحصل له به تجمل، بل كان العري له أولى من لبسه، وكذلك القول في المرائي بعمله يكذبه الله، وملائكته، وجميع العارفين، وتمقته القلوب، قال تعالى: (كبر مقتأ عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) اي لو انكشف حجابكم لرأيتم الله تعالى فاعلا ومقتم نفوسكم عنده - يعني في حضرة شهوده - لادعائها ما ليس لها، لا أن الله تعالى يمقت العبد على وجه نسبة الفعل إلى نفسه، فإنه تعالى قد أضاف الأفعال إلى عباده وما أضافه إليهم لا يصح مقتهم لأجله فافهم.
وبالجملة فمن راءى الناس بأعماله فهو مجنون والسلام.
ولبيان تفصيل هذا وذاك مما ذكرنا ومعرفة خبايا النفس ودقائقها وخبثها وطريق إصلاحها انظر ما ذكره الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى في إحيائه لعلوم الدين، الذي قال فيه العلماء: من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء. انظر فيه كتاب عجائب القلب تجد فيه البب الجاب: (1) سورة البقرة - الآية44 .
198
Sayfa 84