Yüksek Himmeler
علو الهمة
Türler
وهذا الإمام الشيخ مؤرخ الإسلام وحافظ الشام عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير -رحمه الله تعالى-، أخذ كتاب الإمام أحمد مرتبا من المحب الصامت، وأضاف إليه أحاديث الكتب الستة، و"معجم الطبراني الكبير"، و"مسند البزار"، و"مسند أبي يعلى الموصلي"، وأجهد نفسه كثيرا، وتعب فيه تعبا عظيما، فجاء لا نظير له في العالم، وأكمله، إلا من بعض مسند أبي هريرة. فإنه مات قبل أن يكمله فإنه عوجل بكف بصره، يقول للذهبي: "لا زلت كتب فيه في الليل، والسراج ينونص، حتى ذهب بصري معه، ولعل الله يقيض من يكمله".
وهاك طرفا من سيرة الإمام الجليل "ابن دقيق العيد" -رحمه الله تعالى- يبين عن علو همته وسهره في طلب العلم:
بعد أن قام بجولته العلمية في الفسطاط والقاهرة والإسكندرية ودمشق والحجاز، وأخذ العلم عن كبار أساتذة عصره، تعمق في المذهبين، مذهب مالك والشافعي، كما تعمق في علوم الحديث والتفسير، وعلم الكلام والنحو والأدب، وأتقن وهو شاب المذهبين اتقانا عظيما، وبلغ به إلى درجة الإفتاء بهما.
قال الإسنوي: حقق المذهبين معا ولذلك مدحه الشيخ ركن الدين بن القويع المالكي بقصيدة يقول من جملتها:
صبا للعلم صبا في صباه ... فأعلي بهمة الصب الصبي
وأتقن والشباب له لباس ... أدلة مالك والشافعي
كان الشيخ تقي الدين -رحمه الله - منقطعا للعلم والعبادة، فكان لا ينام الليل إلا قليلا، فكانت أوقاته معمورة بالدرس والمطالعة والتحصيل، أو الإملاء والتأليف، ورواية الحديث، فإن أراح نفسه من بعض ذلك العناء فلا يرى إلا قائما يصلي في المحراب، أو جالسا يتلو كلام الله، أو ماشيا يتفكر في خلق الله، متدبرا صنعه، مستدلا بذلك على قدرة الله ووحدانيته، فهو منصرف بجسمه وفكره، سواد ليله وبياض نهاره إلى البحث والتدقيق، والاستنباط والتحقيق، أو الصلاة والقيام، وتقديس الله الملك العلام، وأصدق مرآة لحياته قوله:
الجسم يذيبه حقوق الخدمه ... والقلب عذابه علو الهمه
Sayfa 169