يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (١)، وقال الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٢) وقال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (٣) وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (٤).
والفقهُ أخصُّ من العلم؛ لأنه ضربٌ منه؛ وهو العلمُ بالأحكامِ الشرعيةِ العملية المستنبطة من أدلتها التفصيلية؛ أي هو العلم بقصد مراد الشارع في الكتاب والسُّنة وما اسْتُمِدَّ منهما أو تفرع على أُصولهما. والعلم بقصد مراد الشارع هو الفهم للمراد الشرعي ووجه الإرادة في تنفيذ العمل بقصده وجوبًا أو ندبًا أو كراهةً أو حرمةً أو إباحةً. وهذا الفهمُ في كثير من المسائل يحتاج إلى العالم المستنبط؛ والمجتهد المتفكر؛ أو المقلد النابه؛ لهذا بيَّنت السُّنَّةُ القدرات الفردية في التعامل مع النصوص الشرعية وخَصَّتْهَا في منظومة التربية الجماعية؛ عن أبي موسى الأشعرى ﵁؛ قال: قال رسول الله ﷺ: [إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا؛ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ. وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعُوْا. وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى؛ إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِيْنِ اللهِ وَنَفَعَهُ اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ] (٥).
وفضلُ التَّفَقُّهِ في دِين اللهِ والتَّثَقُّفِ بثقافتهِ؛ منهُ فرضُ عَيْنٍ، وفرضُ كِفَايَةٍ.
فالعلمُ بما يلزم المسلمَ في حياته وتنظيم شؤونه الجماعية ولا يسعُهُ جهله، فرض عينٍ.
فعلى المسلم المكلف أن يتعلم من أمور الدين أسسًا وأصولًا وفروعًا ما يلزمه لسلامة
_________
(١) النحل / ٧٦.
(٢) الزمر / ٩.
(٣) طه / ١١٤.
(٤) المجادلة / ١١.
(٥) رواه البخاري في الصحيح: كتاب العلم: باب فضل من عَلِمَ وعَلَّمَ: الحديث (٧٩).
ومسلم في الصحيح: كتاب الفضائل: باب بيان مثل ما بعث النبي ﷺ من الهدى والعلم: الحديث (١٥/ ٢٢٨٢) واللفظ له.
1 / 8