208

Critiquing the Foundations of the Rationalists

نقض أصول العقلانيين

Yayıncı

دار علوم السنة

Türler

الوجه التاسع والثلاثون: أنا نعلم بالاضطرار من دين النبي ﷺ، ودين أمته المؤمنين به، بطلان لوازم هذا القول، وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم، بل نعلم باضطرار أن من دينه أن لوازم هذا القول من أعظم الكفر والإلحاد، وذلك لأن لازم هذه المقالة وحقيقتها ومضمونها: أن الرسول ﷺ لا يكون فيما أخبر به عن الله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر: لا علم ولا هدى، ولا كتاب منير، فلا يستفاد منه علمٌ بذلك، ولا هدى يعرف به الحق من الباطل، ولا يكون الرسول قد هدى الناس ولا بلّغهم بلاغًا بينًا، ولا أخرجهم من الظلمات إلى النور، ولا هداهم إلى صراط العزيز الحميد. ومعلوم أن كثيرًا من خطاب القرآن، بل أكثره، متعلق بهذا الباب، فإن الخطاب العلمي في القرآن أشرف من الخطاب العملي قدرًا وصفة. فإذا كان هذا الخطاب لا يستفيدون منه معرفةً، ولم يبيّن لهم الرسول مراده ومقصوده بهذا الخطاب، بل إنما يرجع أحدهم في معرفة الأمور التي ذكرها ووصفها وأخبرهم عنها، إلى مجرد رأيه وذوقه، فإن وافق خبر الرسول ما عنده صدّق بمفهوم ذلك ومقتضاه، وإلا أعرض عنه، كما يعرض المسلم عن الإسرائيليات المنقولة عن أهل الكتاب – كان هذا مما يعلم فساده بالاضطرار من دين الرسول. وهذا يعلمه كل من علم ما دعا إليه الرسول ﷺ، سواء كان مؤمنًا أو كافرًا، فإن كل من بلغته دعوة الرسول، وعرف ما كان يدعو إليه، علم أنه لم يكن يدعو الناس إلى أن يعتقدوا فيه هذه العقيدة. فالمقصود أنه يعلم بالاضطرار أن هؤلاء مناقضون لدعوة الرسول، وأن هذا يعرفه كل من عرف حال الرسول من مؤمن وكافر، ولوازم هذا القول أنواع كثيرة من الكفر والإلحاد.

5 / 22