Kopernik Darwin Freud
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Türler
ولكن ثمة مشكلة؛ فالراصد الأرضي لا يرصد انتظام حركة الكواكب مقابل خلفية من النجوم الثابتة. كان ينبغي على بطليموس - على غرار الفلكيين الآخرين من قبله - تفسير اختلافين رئيسيين في حركة الكواكب من منطلق فرضياته الأساسية؛ أولا: مسألة «الدوران غير المنتظم» للكواكب، وثانيا: «الدوران القهقري» لها. تنشأ المشكلة بسبب أن المشاهدات لا تتفق مع الفرضيات البطلمية عن حركات الكواكب. المشكلة الأساسية لعلم الفلك القديم هي بناء نماذج هندسية تؤكد الفرضيات المسبقة وتفسر ظاهريا الحركات الواضحة للكواكب. إنها مشكلة الحفاظ على المظاهر البادية، وليس بناء نماذج واقعية للنظام الشمسي. وعلى غرار أسلافه الإغريقيين، اعتمد بطليموس على النماذج الهندسية لحل هذه المشكلات. حاول بطليموس ملاءمة المشاهدات مع فرضياته التي لا جدال فيها: الحركة الدائرية للأجرام السماوية ونظرية أرسطو للحركة، ولكن بطليموس حسن من فائدة النماذج. ابتكر بعض أسلاف بطليموس - على غرار هيبارخوس (190-125 قبل الميلاد) - أدوات هندسية جديدة للتعامل مع هذه المشكلات، وقد استخدمت «الحركة اللامتراكزة» من أجل حل المشكلة الأولى، واستخدمت «أفلاك التدوير» لحل المشكلة الثانية. وأشار بطليموس في كتابه المجسطي على نحو متكرر إلى أعمال هيبارخوس، عادة بقصد تحسينها، وقدم جهازا هندسيا جديدا (الموازن) للوصول إلى نموذج هندسي أفضل للظواهر البادية. وكان يعالج كل مشكلة على حدة. على سبيل المثال، في تعامله مع الحركة السنوية الظاهرة للشمس حول الأرض، تجاهل الحركة اليومية الظاهرة. وخلافا لنموذج كوبرنيكوس، لا يقدم نموذج بطليموس نظاما تكون فيه الظواهر البادية ناتجة عن عامل مشترك؛ على غرار حركة الأرض حول الشمس.
كانت المشكلة الأولى هي «الدوران غير المنتظم» للكواكب عبر دائرة الأبراج ، بغض النظر عن تأثير الدوران القهقري، كما أوضح كبلر لاحقا، فإن الكواكب لا تدور حول الشمس بسرعة موحدة. فكلما كان الكوكب أقرب إلى الشمس، تحرك على نحو أسرع، وكلما ابتعد عن الشمس كان سيره أكثر بطئا، ولكن لم يستطع الإغريق تقبل أن الدوران غير المنتظم حقيقي. كان يجب أن يكون ظاهريا.
كيف يمكن لحركة دائرية منتظمة أن تفسر حركة غير منتظمة؟ الجواب هو الحركة اللامتراكزة (الشكل
1-3 ).
وفق ذلك النموذج كانت الشمس تتحرك حول الأرض عبر دائرة لا متراكزة بسرعة منتظمة. وتوصف الدائرة بأنها «لا متراكزة» لأن الأرض لا تقبع في مركزها. فبينما تدور الشمس حول مركز الدائرة اللامتراكزة، فإن الأرض تكون بعيدة قليلا عن المركز، والمسافة بين هاتين النقطتين مسئولة عن ظهور الاختلاف في الحركة. وكما يرى من وسط الدائرة اللامتراكزة، يتحرك الكوكب من خلال زوايا متساوية في أزمنة متساوية، ولكن كما يرى من الأرض، هذا الكوكب يتحرك من خلال زوايا مختلفة في أزمنة متساوية. بالنسبة للراصد الأرضي، عندما يكون الكوكب أقرب إلى الأرض، يبدو أنه يتحرك على نحو أسرع.
شكل 1-3: الحركة اللامتراكزة. تفسير الدوران غير المنتظم الظاهر من خلال افتراض الدوران المنتظم. تدور الشمس على نحو منتظم حول نقطة مركز الدائرة اللامتراكزة، ومع ذلك، عند النظر من الأرض، فإن الدوران المنتظم يبدو غير منتظم. في الموقع 1 تظهر الشمس في أبعد نقطة عن الأرض (نقطة الأوج)، بينما في الموقع 2، تظهر في أقرب نقطة لها إلى الأرض (نقطة الحضيض).
المشكلة الثانية هي الحركة الشاذة الواضحة باتجاه الغرب للكواكب بالنسبة للنجوم؛ أو «الدوران القهقري»، المصحوب بتغيير في درجة السطوع. بالنسبة للكواكب الخارجية، تحدث هذه الحركة قرب وقت المواجهة الشمسية عندما يكون الكوكب في مواجهة الشمس في السماء. وبالنسبة للكواكب الداخلية، مثل عطارد والزهرة، فإنها تحدث عند الاقتران السفلي، عندما نراهما قريبين أحدهما من الآخر مع الشمس في السماء. فيبدو أن مسار الكواكب العادي المتجه شرقا قد توقف؛ فلبعض الوقت، يرى الراصدون الكواكب تتجه غربا (شكل
1-4 ).
شكل 1-4: مخطط مبسط لحركة الدوران القهقري الظاهرية لكوكب الزهرة كما ترى عن طريق راصد أرضي. «يحدد» الراصد موضع الزهرة مقابل خلفية النجوم بينما يستعد الكوكب لتجاوز الأرض في مدارها؛ الموقع 1. عندما يتجاوز الزهرة الأرض، يرصد الراصد ظاهرة ثانية: كما هو متوقع، انتقل الزهرة من الغرب إلى الشرق؛ الموقع 2، ولكن في مرحلة لاحقة، تكشف مشاهدة ثالثة عن تقهقر ظاهري وغير طبيعي في مدار كوكب الزهرة نحو الغرب. في نظرية مركزية الشمس، يرجع ذلك إلى الوضع النسبي للأرض بالنسبة للزهرة حول الشمس (انظر زيليك 1988، 40؛ كوبرنيكوس 1543، الكتاب الخامس).
حل ظهور حركة الدوران القهقري باستخدام جهاز أفلاك التدوير الهندسي. تحمل الكواكب على دوائر أصغر حجما (أفلاك التدوير) تتحرك على دوائر أكبر منها (المؤجلات). على الرغم من أن الإغريق رصدوا الدوران القهقري، فإنه كان ظاهريا، وليس حركة حقيقية؛ فالحركة الحقيقية للأجرام السماوية تتطلب حركة دائرية منتظمة. كانت المهمة تتمثل في بناء نماذج متلائمة مع المشاهدات دون انتهاك الفرضيات المسبقة. وضع نموذج للدوران القهقري عن طريق إضافة «مؤجل»، مع بقاء الأرض في المركز، ووجود دائرة صغيرة - فلك التدوير - مركبة على مؤجل (شكل
Bilinmeyen sayfa