Consultation in Islamic Law
الشورى في الشريعة الإسلامية
Türler
أضف إلى ذلك أنه قد يتعلق موضوع الشورى في مجلس التشريع بأمر فني بحت أو بأمر يتطلب موضوعه خبرة خاصة لا يصلح لعامة الناس إبداء الرأي فيه وإنما يرجع فيه إلى أهل الإختصاص من العلماء فيكون الأخذ بنظام التمثيل النيأبي ضرورة لا مناص من الأخذ بها من أجل تحقيق المصلحة العامة وتمثيل الأمة عن طريق نوابها للمشاركة في اتخاذ القرار وإقامة فريضة الشورى التي أمر الله بها.
وسيجد المتتبع للهدي النبوي أساسًا ومستندًا لنظام التمثيل النيأبي من سنة محمد ﵌، فقد أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى بسنده أن رسول الله ﵌ بعد أن ضرب على يده وبايعه سبعون رجلًا من الأنصار قال: (إن موسى أخذ من بني إسرائيل اثني عشر نقيبًا، فلا يجدن منكم أحد في نفسه أن يؤخذ غيره فإنما يختار لي جبريل، فلما تخيرهم قال للنقباء: أنتم كفلاء على غيركم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي. قالوا: نعم) (١)، والحديث واضح الدلالة في أن الرسول ﵌ قد سن فكرة اثني عشر رجلًا ليكونوا (نوابًا) عن قومهم وكفلاء عليهم.
وسبق أن أوردنا قصة استشارته ﵌ لأصحابه في غزوة بدر فقام المقداد بن عمر البهراني فقال: والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك حتى تنتهي إليه. ثم قال رسول الله ﵌ -وإنما يريد الأنصار- (أشيروا عليّ أيها الناس، فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار كأنك يا رسول الله تريدنا. قال: أجل. قال: فامض يا نبي الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل واحد. فقال رسول الله ﵌: سيروا على بركة الله فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين) (٢)، وفي ذلك تقرير لنيابة سعد وتمثيله للأنصار فقد ناب سعد بن معاذ ﵁ عن الأنصار جميعًا.
_________
(١) - الطبقات الكبرى تأليف محمد بن سعد بن منيع الزهري (توفي ٢٣٠هـ) دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان ج١ / ص١٠٧.
(٢) - ابن سعد في الطبقات الكبرى ج٢ - ص ٢٥٥.
1 / 55